
ما وراء اجتماع ترامب مع زعماء خمس دول إفريقية
تشهد العاصمة الأمريكية واشنطن، في الفترة من 9 إلى 11 يوليو الجاري، انعقاد أول قمة إفريقية تحت رعاية الرئيس دونالد ترامب، والتي بدأت أمس، 9 يوليو، وتستمر حتى 11 يوليو، بمشاركة رؤساء الغابون، غينيا-بيساو، ليبيريا، موريتانيا، والسنغال.
وتؤكد هذه القمة تزايد الاهتمام الأمريكي بالقارة السمراء في ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة، وتمثل محاولة لاستعادة مكانة واشنطن الاستراتيجية بعد تراجع نسبي في حضورها الدبلوماسي.
ويرى محللون أن الإدارة الجمهورية تراهن من خلالها على العودة بقوة للمشهد الإفريقي، خاصة في ظل المنافسة المتصاعدة مع روسيا والصين على الموارد والتحالفات. كما تأتي القمة في أعقاب نجاح واشنطن وساطتها في التوصل لاتفاق سلام بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
️ تأرجح الدور الأمريكي عبر الإدارات
تأرجح دور الولايات المتحدة الأمريكية في القارة الإفريقية مع تعاقب الإدارات المختلفة؛ فبينما تختلف السياسات التفصيلية باختلاف الرؤساء، تبقى هناك ثوابت تفرضها المصالح الاستراتيجية الأمريكية باعتبارها قوة كبرى تسعى للحفاظ على نفوذها في منطقة غنية بالموارد والفرص.
قبل وصول الرئيس باراك أوباما إلى السلطة، ركزت إدارات مثل كلينتون وبوش الابن على قضايا الأمن والمصالح الاستراتيجية؛ حيث أطلق بوش الابن برنامجًا لمكافحة الإيدز وأسّس قيادة «أفريكوم» لتعزيز التعاون الأمني.
أما إدارة أوباما (2009–2017)، فقد أعطت دفعة قوية للعلاقات مع إفريقيا عبر مبادرات تنموية كبرى لدعم الطاقة والتجارة، إلى جانب دعم الديمقراطية والحكم الرشيد.
مع ولاية ترامب الأولى (2017–2021)، تقلصت المساعدات التنموية التقليدية، وتركزت السياسة الأمريكية على التنافس مع الصين وروسيا. ثم جاءت إدارة بايدن (2021–2025) محاولةً إعادة بناء الثقة عبر قمم وشراكات جديدة تركز على الشباب والديمقراطية.
أما إدارة ترامب الحالية (2025)، فتُظهر ميلاً واضحًا لعقد صفقات تجارية مباشرة، مع اهتمام محدود بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان.
ترامب بين الصفقة القصيرة والشراكة الطويلة
لقاء ترامب مع رؤساء الدول الخمس يأتي في محاولة لإعادة ترتيب أوراق النفوذ الأمريكي.
ترامب، المعروف بأسلوبه المباشر والواقعي، يسعى لعقد صفقات سريعة تخدم مصالح واشنطن أولًا، بدلًا من الالتزامات التنموية طويلة الأمد.
أهدافه تتنوع بين مواجهة التمدد الصيني، تقليص نفوذ روسيا، توقيع صفقات في مجالات الطاقة والمعادن، وتعزيز التعاون الأمني ضد الإرهاب والهجرة غير النظامية.
ومن المتوقع أن يستدعي ترامب لاحقًا المزيد من القادة الأفارقة لإبرام صفقات مماثلة.
لكن هذا النهج الذي يُشبه «عقلية الصفقة» قد يحقق مكاسب فورية، دون بناء الثقة طويلة الأمد التي تبحث عنها الدول الإفريقية، خاصة في ظل أسلوب ترامب الشخصي الحاد الذي أوقعه أحيانًا في مواقف محرجة مع بعض الزعماء.
التحدي الصيني والروسي في القارة
في ظل المنافسة الحادة مع الصين التي عززت حضورها عبر سياسة ناعمة وبناء علاقات مع الشعوب الأفريقية، بالإضافة إلى روسيا التي تستند إلى تاريخها في الاتحاد السوفييتي وعادت بدعم اقتصادي وعسكري، تواجه واشنطن ضغوطًا متزايدة لتعديل استراتيجيتها.
كما أن رغبة العديد من الأفارقة في التعامل مع الصين وروسيا تجعل مهمة واشنطن أصعب.
التوازن الصعب: الابتزاز والدبلوماسية
تتبنى إدارة ترامب أسلوبًا مباشرًا وفجًا في تعاملها، يعتمد أحيانًا على ممارسة ضغوط قد تبدو كابتزاز لتحقيق مكاسب فورية.
ورغم هذا النهج الحاد، تلعب الإدارة دورًا مهمًا في احتواء الصراعات الداخلية والإقليمية عبر وساطات محدودة ودعم اتفاقات سلام، إدراكًا منها بأن استمرار النزاعات يضر بمصالحها الاستراتيجية.
هذا التناقض يعكس محاولتها الموازنة بين أسلوب الضغط المباشر والحاجة إلى استقرار سياسي يخدم مصالحها.
رهان صعب لمستقبل الشراكات
وبينما تعود واشنطن إلى إفريقيا مع ترامب، فإن نجاح هذه العودة مرهون بقدرتها على التحول من الصفقات القصيرة الأمد إلى شراكات حقيقية تراعي أولويات القارة، وهو رهان صعب في ضوء شخصية ترامب وأسلوبه الذي يُعلي مصالح واشنطن قبل كل شيء.
يبقى السؤال: هل ينجح هذا النهج وحده؟ نجاح سياسة ترامب يعتمد على تقديم ما يفوق عروض بكين وموسكو، في وقت تدرك فيه الدول الإفريقية تنوع خياراتها ولم تعد ترى في أمريكا الخيار الوحيد.
لقاء ترامب مع زعماء الدول الخمس قد يمثل بداية عودة أمريكية محتملة، لكن نجاحها مرهون ببناء شراكات متوازنة تحترم مصالح القارة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 9 ساعات
- الوسط
إدارة ترامب تدافع عن سياسات العنف في توقيف المهاجرين غير القانونيين
دافعت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الأحد، عن استخدام أساليب عنيفة في توقيف للمهاجرين غير القانونيين على أيدي عناصر فدراليين ملثمين ومسلحين، بعد أيام من حكم لقاضية فدرالية جاء فيه أن التوقيفات تجري «على أساس العرق فقط». وفي هذا السياق، شرح مسؤول الحدود توم هومان ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم وجهة نظر الإدارة في البرامج الحوارية الأحد، غداة وفاة عامل مزرعة في كاليفورنيا بعد إصابته في عملية دهم لمزرعة قانونية للقنب، بحسب ما نقلته وكالة «فرانس برس». وأمرت القاضية مامي إيووسي مينساه فريمبونغ بوقف «الدوريات المتجولة» التي تستهدف المهاجرين غير المسجلين في لوس أنجليس، قائلة إن «عرق الشخص أو لغته أو مكان عمله لا يشكل مبررًا كافيًا». وقال هومان في برنامج «حال الاتحاد» على «سي إن إن» إن «الوصف الجسدي لا يمكن أن يكون السبب الوحيد لاحتجاز شخص ما واستجوابه» بل يعتمد الأمر على «مجموعة واسعة من العوامل»، لكنه أقر بأن المظهر كان أحد هذه العوامل، وقال إن هناك في بعض الأحيان «توقيفات جانبية» لأشخاص أبرياء في عمليات دهم مستهدفة. وأوضح أن الإدارة ستلتزم قرار القاضية لكنها ستستأنفه، بينما وصفت نويم قرار القاضية بأنه «سخيف» وانتقدت طبيعته «السياسية». وأضافت الوزيرة في برنامج «فوكس نيوز صنداي»، «نبني عملياتنا وتحقيقاتنا دائما على أبحاث في القضايا، وعلى معلومات بشأن الأفراد الذين نستهدفهم لأنهم مجرمون». ترامب ينفذ وعوده بترحيل المهاجرين غير القانونيين وتعهد ترامب خلال حملته الانتخابية ترحيل ملايين المهاجرين غير القانونيين، واتخذ منذ توليه الرئاسة عددًا من الإجراءات التي تهدف إلى تسريع عمليات الترحيل والحد من عبور الحدود. وباعتبارها «مدينة ملاذا» تضم مئات الآلاف من المهاجرين، أصبحت لوس أنجليس في مرمى نيران إدارة ترامب منذ عودته إلى السلطة. وبعدما أثارت عمليات الدهم التي شنتها إدارة الهجرة والجمارك (آيس) احتجاجات الشهر الماضي، أرسل ترامب الحرس الوطني ومشاة البحرية لاحتواء الاضطرابات. واعتبر حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي غافين نيوسوم أن تلك القوات ليست ضرورية للتعامل مع الاحتجاجات السلمية في معظمها، لكن جهوده القانونية لسحبها باءت بالفشل حتى الآن. والخميس، دهم عناصر من إدارة الهجرة والجمارك مزرعة قنب في مقاطعة فينتورا قرب لوس أنجليس، وأوقفت نحو 200 مهاجر، ما أدى إلى صدامات، وسقط أحد العمال أثناء مطاردته، وتوفي السبت متأثرًا بإصاباته.


الوسط
منذ 12 ساعات
- الوسط
محللون: المفاوضات التجارية انعكاس لصورة ترامب كـ«صانع صفقات»
يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض لتحقيق طموحه المزمن بإعادة ترتيب التجارة الأميركية مع العالم؛ حيث بدأ كـ«صانع صفقات»، بتطبيق استراتيجية متشددة تقوم على فرض رسوم جمركية عقابية توقعت إدارته أن تؤدي إلى انتزاع «تسعين صفقة في تسعين يومًا»، غير أن كل ما حققه إلى الآن هو اتفاقان، بالإضافة إلى خفض التصعيد في الحرب التجارية مع الصين من خلال اتفاق موقت، وفق محللين. وحدد ترامب بالأساس لعشرات الشركاء والخصوم التجاريين على السواء وبينها الاتحاد الأوروبي والهند واليابان، مهلة تسعين يومًا حتى التاسع من يوليو للتوصل إلى اتفاق قبل دخول الرسوم الجمركية المشددة حيز التنفيذ، لكن قبل أيام من ذلك الاستحقاق، مدد ترامب المهلة حتى الأول من أغسطس، بحسب وكالة «فرانس برس». وكان ذلك ثاني تمديد منذ أن أعلن عن الرسوم الإضافية في أبريل، ما أعاد طرح «نظرية تاكو»، وهي مفردة لقيت انتشارًا في أوساط أسواق الأسهم الأميركية خلال الآونة الأخيرة، تختصر بالأحرف الأولى عبارة «ترامب دائمًا يتراجع». وتشير «نظرية تاكو» التي أطلقتها جريدة «فايننشال تايمز» البريطانية، الى أن الرئيس الجمهوري غالبًا ما يتراجع عن السياسات التي يقرها بنفسه، ما إن تنعكس اضطرابات في أسواق الأسهم. وأثار لقب «تاكو» غضب ترامب الذي أكد الثلاثاء أن الاستحقاق كان محددًا بالأساس في الأول من أغسطس، وأعلن خلال اجتماع للوزراء «لم أدخل أي تغيير، بل ربما توضيح»، وكتب «ندعوكم إلى المشاركة في اقتصاد الولايات المتحدة الاستثنائي، السوق الأولى في العالم بفارق كبير». وبعث بحوالي عشرين رسالة هذا الأسبوع ولا سيما إلى الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك والبرازيل، يعلن فيها دخول الرسوم الجمركية المشددة حيز التنفيذ على منتجاتها التي تستوردها الولايات المتحدة. ورأت الباحثة في السياسة التجارية في مجلس العلاقات الدولية إينو ماناك، أن هذه الرسائل «هي أسلوب ترامب للتصدي لهذه التسمية». وقالت للوكالة الفرنسية، «يريد أن يظهر أنه لا يماطل بشأن الاستحقاق، بل إنه جاد بهذا الصدد»، مضيفة «لا شك أنه محبط لعدم رؤية سيل من الصفقات المتواردة». موقع معقد سياسيًا وأوضح المستشار في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وليام راينش أن التحول في خطابه من «لن تكون هناك تكلفة، الدول الأخرى ستدفع الثمن» إلى «سيكون هناك تكلفة على المدى القريب إنما مكاسب على المدى البعيد»، وضعه في موقع أكثر تعقيدًا سياسيًا». ولطالما أكد ترامب أن الدول الأخرى ستدفع ثمن سياسته الجمركية، في حين أن الشركات الأميركية هي التي تتكبد الفاتورة في الواقع. وقال المسؤول التجاري الأميركي السابق راينش «في ذهن الرأي العام، الرسوم مؤلمة، لكن الاتفاقات ستكون مكسبًا». وحذر من أنه في حال عدم التوصل إلى صفقات، فقد يستخلص الأميركيون أن سياسة ترامب غير مجدية وسيعتبرون استراتيجيته فاشلة. اهتمامات الناخبين مختلفة ويعتقد المحللون أن مؤيدي ترامب لن يعيروا اهتمامًا للمحادثات التجارية ما لم تؤد الرسوم الجمركية إلى زيادة التضخم. وقالت مسؤولة الاستراتيجية في شركة «مينرفا تكنولوجي فيوتشرز» إميلي بنسون إن «السياسة التجارية ليست في طليعة اهتمامات الناخب العادي». وبرأيها، فإن تركيز إدارة ترامب على تعزيز قطاع التصنيع الأميركي وإعادة تنشيط الصناعات الدفاعية يشير إلى أنها مستعدة لتحمل التبعات السياسية لهذه القرارات من أجل تحقيق أهدافها. غير أن هذا يتطلب من الإدارة موازنة دقيقة وصعبة، فمن المرجح بنظر ماناك أن يبدي الناخبون اهتمامًا أكبر في حال نفذ ترامب تهديداته بفرض رسوم جمركية مشددة في مطلع أغسطس. وقالت «قد نرى أيضا رد فعل سلبيًا من السوق، لن يمر دون أن يترك أثرًا».


الوسط
منذ 13 ساعات
- الوسط
«أكسيوس»: بوتين يبلغ ترامب وإيران بقبول اتفاق نووي لا يتيح تخصيب اليورانيوم.. وطهران تنفي
زعمت مصادر لموقع «أكسيوس»، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ نظيره الأميركي دونالد ترامب ومسؤولين إيرانيين أنه «يؤيد فكرة إبرام اتفاق نووي لا تستطيع طهران بموجبه تخصيب اليورانيوم». وفي المقابل، نفت وكالة تسنيم الإيرانية هذه التصريحات، ونقلت عن «مصدر مطلع» لم تسمه، قوله إن بوتين لم يبعث أي رسالة إلى طهران بهذا الشأن، بحسب ما أشارت وكالة «رويترز». عراقجي: على الولايات المتحدة تقديم ضمانات قبل العودة إلى المفاوضات ومن جانبه، شدد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على حق طهران في تخصيب اليورانيوم في أي اتفاق محتمل لتأطير برنامجها النووي، قائلًا في تصريحات السبت: لن نقبل بأي اتفاق لا يتضمن الحق في تخصيب اليورانيوم، وهذا الحق هو خط أحمر بالنسبة إلى إيران. وتستند في ذلك إلى أنها من الدول التي وقعت معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وخلال لقائه سفراء ورؤساء البعثات الأجنبية، قال الوزير الإيراني إنه على الولايات المتحدة تقديم ضمانات لبلاده قبل العودة إلى المفاوضات حول برنامج طهران النووي، مضيفًا «نأمل أن تعود الأطراف الغربية إلى العقلانية والتزام الدبلوماسية فلا حل سوى المفاوضات».