
ترامب ونيتانياهو.. خلاف البائع والمشترى
الخلاف بين ترامب ونيتانياهو لم يعد سرا لكنه يبدو غريبا ومثيرا للدهشة ليس فقط لأن الصداقة بينهما وطيدة والتعاون وثيق، ولكن أيضا لأن القواسم المشتركة فى شخصيتهما وتوجهاتهما كثيرة؛ كلاهما فى داخله منطقة معتمة تسكنها الغطرسة والقسوة والنوازع العنصرية، وكلاهما لا يكترث سوى بمصلحته فقط.
على أرض الواقع اظهر الرجلان دائما أقصى درجات الاستهانة والتجاهل والرفض لكل الحقوق القانونية والشرعية والإنسانية للشعب الفلسطيني. وهما يجاهران برغبتيهما فى تنفيذ جريمة التطهير العرقى فى غزة بطرد سكانها، فى انتهاك صارخ للقانون الدولى الذى يتواطآن على خرقه وازدراء رموزه ومؤسساته وفى مقدمتها المحكمة الجنائية الدولية التى أمرت بالقبض على نيتانياهو كمجرم حرب، فى حين تعمد صديقه الأمريكى أن يكون أول ضيف أجنبى يستقبله بالبيت الأبيض بعد تنصيبه، بل فرض عقوبات على المحكمة وليس على المتهم.
هدايا ترامب الاستراتيجية لإسرائيل كثيرة وتاريخية بكل المقاييس وقد قدمها فى ولايته الأولى التى شهدت اعترافه بالقدس عاصمة لها، ونقل سفارة بلاده إليها والتراجع عن حل الدولتين، والاعتراف بشرعية المستوطنات، والاعتراف بضم الجولان. ومنذ عودته للحكم استأنف مسيرة العطاء مفتتحا عهده بإعلان خطته لطرد سكان غزة، ثم أعاد تزويد إسرائيل بالقنابل التى تزن ألفى رطل التى أوقف بايدن تصديرها إليها. ترامب باعتراف نيتانياهو هو أكبر صديق لإسرائيل. لذا يحتاج الخلاف بينهما إلى تفسير. ولكن قبل ذلك من المهم تحديد طبيعة المشكلة على نحو دقيق، وهى بوضوح تام خلاف بين ترامب ونيتانياهو، وليس بين الولايات المتحدة وإسرائيل. ليست هذه هى المرة الأولى التى ينشب فيها خلاف علنى بين الجانبين. حدث ذلك كثيرا لكن لم يتحول قط إلى صدع أو قطيعة بينهما. حديث زواجهما الكاثوليكى الذى لا طلاق فيه معاد ومكرر وهو توصيف دقيق للعلاقة بينهما. أى خلاف نشب أو سينشب يتعلق فقط بالآليات والوسائل وليس بالأهداف ولا يمس أو يهدد العلاقات الوطيدة بينهما. والخلاف الحالى لا يعنى أن أمريكا ستتخلى عن إسرائيل. وحتى مطالبتها بوقف الحرب (طالما لم تحسمها)، غير مقرون بأى تهديد أو عقوبات لإجبارها على ذلك. قتل الفلسطينيين لا يزعج ترامب لكن الحرب تعرقل مشاريعه لذا يريد وقفها.
تجلت مظاهر الأزمة فى قرارات اتخذها ترامب وصدمت نيتانياهو الذى علم ببعضها من وسائل الإعلام. فى مقدمتها الهدنة مع الحوثيين لوقف هجماتهم على القوات الأمريكية فقط دون وقف استهداف إسرائيل. قبل ذلك وبعده كانت صدمته كبيرة بالكشف عن المفاوضات مع إيران حول اتفاق نووى جديد. تلقى نيتانياهو صفعة أخرى بنجاح ترامب فى تحرير الجندى الأمريكى المحتجز لدى حماس بعد مفاوضات مباشرة معها ودون أن تشمل الصفقة الأسرى الإسرائيليين.
وخلال جولته الخليجية الأخيرة التى لم تشمل زيارة إسرائيل، وجه لكمة عنيفة وليس مجرد صفعة جديدة إلى نيتانياهو باستقباله الرئيس السورى وإعلانه رفع العقوبات عن بلاده وهو ما يفسد خطط إسرائيل بتحويل سوريا لدولة ضعيفة ممزقة منبوذة. خلال نفس الجولة لم يبد ترامب اهتماما كبيرا بتسويق الصفقات الإبراهيمية ولم يجعل ذلك شرطا لتقديم ضمانات أمنية إلى السعودية. وترك لها حرية اختيار التوقيت الذى يناسبها للتطبيع.
لا يمكن اعتبار كل ذلك مصادفة. ترامب تجاهل نيتانياهو بالفعل بل أهانه وتعمد تهميشه فلماذا فعل ذلك؟ من وجهة نظر الباحث الأمريكى ريتشارد هاس الرئيس الفخرى لمجلس العلاقات الخارجية، فإن ما فعله يعكس حقيقة بسيطة هى أن «أمريكا أولا» لا تعنى «نيتانياهو أولا»، وأن ما يحدث مع رئيس حكومتها ليس غريبا ولا جديدا بالنسبة لمواقف ترامب الذى يتعامل مع إسرائيل بنفس القدر من عدم الاكتراث الذى يبديه تجاه الحلفاء الآخرين.
لكن لصحيفة تليجراف البريطانية تفسيرا آخر فهى ترى أن سبب الخلاف أعمق من أسلوب ترامب فى اتخاذ القرارات أو تجاهله التشاور مع إسرائيل، بل أعمق من حرب غزة نفسها. وفى تقرير بعنوان «لماذا أدار ترامب ظهره إلى نيتانياهو؟» قالت الصحيفة إن السبب الحقيقى للخلاف هو إصرار ترامب على إبرام اتفاق مع إيران وهو ما يعتبره نيتانياهو كارثة حقيقية وتهديدا وجوديا.
الأزمات الداخلية الخانقة حول نيتانياهو وفشله فى تحيق النصر الموعود على حماس وتحرير الأسرى وعجزه عن طرح رؤية واضحة لخططه تمثل جانبا آخر فى تفسير الخلاف بينهما وهو ما ترصده الكاتبة الإسرائيلية مايراف زونسزين الباحثة فى «مجموعة الأزمات الدولية» والتى ترى أن صبر ترامب تجاه نيتانياهو قد نفد ولا يجد فائدة تُرجى من التعامل معه.
فى تقرير نشرته الأسبوع الماضى بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أشارت الباحثة إلى شخصية ترامب كرجل أعمال لا يهتم ولا يفهم سوى فى لغة المال والصفقات، ولا يشغل نفسه كثيرا أو قليلا بالتعقيدات السياسية. وهو يدير سياسته الخارجية على هذا الأساس. فى هذا الإطار جاءت جولته الأخيرة فى الخليج التى كرسها لحصد الأرباح دون إبداء اهتمام حقيقى بالقضايا السياسية العالقة. وفى حديث الصفقات والتريليونات تتراجع أهمية نيتانياهو بل إسرائيل نفسها بالنسبة لترامب. وليس سرا أن جزءا أساسيا من دوافعه للاتفاق مع إيران هو رغبته فى فتح أسواقها الضخمة أمام الشركات الأمريكية.
تؤكد الباحثة أن نيتانياهو فشل فى كل شيء باستثناء التشبث بالسلطة عبر مواصلة الحرب حتى لا ينهار ائتلافه الحاكم وهو ما يعنى أنه قاب قوسين أو أدنى من دخول السجن إذا أدين بتهم الفساد التى يحاكم بشأنها حاليا. تضيف أخيرا ان تجارة نيتانياهو أصبحت كاسدة. فلم تعد بضاعته التى يسعى إلى تسويقها منذ أكتوبر 2023 وهى القضاء على حماس تغرى أحدا. اكتشف ترامب أخيرا أنه ليس هناك ما يمكن شراؤه من نيتانياهو. لماذا يمول حربا أبدية ولماذا يتورط معه فى حروب جديدة؟. وبما أنه لا مجال لصفقات رابحة معه فلينتظر شريكا آخر بدلا من هذا البائع الفاشل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة نيوز
منذ ساعة واحدة
- وكالة نيوز
5/24: CBS Weekend News
ترامب يسلم خطاب البدء لخريجي ويست بوينت ؛ يشتهر مافريكس في كاليفورنيا ، وهو يشتهر بأمواجها ، كن أول من يعرف احصل على إشعارات المتصفح للأخبار العاجلة والأحداث الحية والتقارير الحصرية. ليس الآن تشغيل


وكالة نيوز
منذ ساعة واحدة
- وكالة نيوز
الجیش الإسرائیلی یدفع بجمیع الویته للمشاة والمدرعات إلى غزة- الأخبار الشرق الأوسط
وأفادت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية أن جيش هذا الكيان أدخل جميع فرق المشاة والمدرعات في إطار توسيع العمليات الأرضية إلى قطاع غزة. وأضافت الهيئة أن الجيش يواصل توسيع نطاق إرسال قواته القتالية إلى غزة، حيث كانت فرقة المظليين آخر مجموعة دخلت القطاع خلال الـ24 ساعة الماضية لتكون تحت قيادة الفرقة 98 استعداداً لهجوم على خان يونس. وبحسب هذه الوسيلة الإعلامية الصهيونية، فإن جميع فرق المشاة والمدرعات التابعة لجيش هذا الكيان بما فيها جولاني، جفعاتي، ناحال، كفير، المظليين، فرقة الكوماندوز، الفرقة 7، الفرقة 188، الفرقة 401، بالإضافة إلى عدة فرق من جنود الاحتياط، موجودة الآن داخل قطاع غزة. وأكدت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية أن العمليات في هذه المرحلة تركز على محورين رئيسيين هما شمال قطاع غزة ومنطقة خان يونس. وقد قررت حكومة نتنياهو بدلاً من توقيع اتفاق تبادل الأسرى شن عملية برية واسعة النطاق باسم 'عربات جدعون' في غزة تهدف إلى تحرير الأسرى وتدمير حماس، وهي عملية واجهت معارضة واسعة من المجتمع الدولي وحتى من بعض الأحزاب الصهيونية. من جانبهم، انتقد أهالي الأسرى الصهاينة سياسات حكومة نتنياهو مؤكدين أنه يجب تسمية العملية العسكرية في غزة بـ'عربات الموت' لأنها ستؤدي فقط إلى قتل الأسرى. /انتهى/


وكالة نيوز
منذ ساعة واحدة
- وكالة نيوز
يتعهد الاتحاد الأوروبي بالدفاع عن المصالح بعد تهديد ترامب بنسبة 50 في المائة من التعريفة الجمركية
يقول مسؤول الاتحاد الأوروبي إن الصفقة التجارية 'يجب أن تسترشد بالاحترام المتبادل ، وليس التهديدات' بعد أن يقول الرئيس الأمريكي أن المحادثات مع الكتلة 'لا تذهب إلى أي مكان'. قال الاتحاد الأوروبي إنه سيدافع عن مصالحه بعد أن هدد رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب بفرض أ تعريفة بنسبة 50 في المائة على جميع البضائع من الكتلة 27 عضو. وقال ماروس سيفكوفيتش المسؤول التجاري الأعلى للاتحاد الأوروبي ، في منشور عن X ، إنه تحدث يوم الجمعة مع الممثل التجاري الأمريكي Jamieson Greer ووزير التجارة هوارد لوتنيك حول هذه القضية. وقال: 'إن الاتحاد الأوروبي يعمل بشكل كامل ، ملتزم بتأمين صفقة تعمل لكليهما' ، مضيفًا أن لجنة الاتحاد الأوروبي لا تزال مستعدة للعمل بحسن نية من أجل اتفاق. 'تجارة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لا مثيل لها ويجب أن تسترشد بالاحترام المتبادل ، وليس التهديدات. نحن على استعداد للدفاع عن مصالحنا.' نشر ترامب على منصته الاجتماعية في الحقيقة أنه 'يوصي' بواجب ضخم بنسبة 50 في المائة على الاتحاد الأوروبي ابتداءً من 1 يونيو لأن المحادثات معهم 'لا تذهب إلى أي مكان'. متحدثًا لاحقًا في مكتب البيضاوي ، أكد الرئيس الجمهوري أنه لا يسعى إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي ولكنه قد يؤخر التعريفات إذا قامت المزيد من الشركات الأوروبية باستثمارات كبيرة في الولايات المتحدة. 'أنا لا أبحث عن صفقة' ، قال ترامب للصحفيين. 'لقد وضعنا الصفقة. إنها بنسبة 50 في المائة.' حذر الزعماء الأوروبيون من أن التعريفات سوف تؤذي كلا الجانبين. وقالت وزيرة الاقتصاد الألماني كاثرينا رايش إنه يجب القيام بكل شيء 'لضمان وصول المفوضية الأوروبية إلى حل مفاوضات مع الولايات المتحدة' بينما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران مارتين إن الكتلة تفضل إلغاء التصعيد ولكنها 'مستعدة للرد'. إذا تم تنفيذها ، فإن التعريفات تعني أن الاتحاد الأوروبي سيحصل على ضرائب استيراد أعلى على مئات المليارات من البضائع المصدرة مقارنة بالصين ، والتي هل قطعت التعريفة الجمركية في وقت سابق من هذا الشهر للسماح بمزيد من المفاوضات بين واشنطن العاصمة وبكين. في أوائل شهر أبريل ، أعلن ترامب عن تعريفة بنسبة 20 في المائة على معظم سلع الاتحاد الأوروبي ، لكنها خفضت إلى 10 في المائة حتى 8 يوليو لإتاحة الوقت لمزيد من المفاوضات. اشتكى ترامب من أن الأطر القائمة 'غير عادلة' للشركات الأمريكية حيث تبيع الكتلة الأوروبية المزيد من السلع على حليفها أكثر مما تشتريه. حذر ترامب يوم الجمعة أيضًا من أن شركة Apple العملاقة للتكنولوجيا الأمريكية يمكن أن تصل إلى ضريبة استيراد بنسبة 25 في المائة على جميع أجهزة iPhone التي لم يتم تصنيعها ولكن تم بيعها في الولايات المتحدة. تعاملت إعلاناته عبر الإنترنت إلى ضربة أخرى لأسواق الأسهم في الولايات المتحدة وفي الاتحاد الأوروبي ، حيث انخفض مؤشر S&P 500 بنحو 0.8 في المائة ومؤشر STOXX 600 Pan-European حوالي 1.2 في المائة.