
"أكسيوس": ترامب محبط من حرب غزة.. ويضغط على نتنياهو لإنهائها
أفاد موقع "أكسيوس" الأميركي، اليوم الثلاثاء، بأنّ الرئيس الأميركي، دونالد ترامب يشعر بإحباط متزايد من استمرار الحرب في قطاع غزة.
وبحسب مصادر في البيت الأبيض، طلب ترامب من مساعديه إيصال رسالة إلى رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو مفادها: "يريدها أن تنتهي" (الحرب على غزة).
وعلى الرغم من ذلك، نفى مسؤولون أميركيون وإسرائيليون أن يكون ترامب قد هدّد "بالتخلّي" عن "إسرائيل"، لكنّهم أقرّوا بوجود اختلافات سياسية متنامية بين إدارة ترامب، التي تسعى إلى إنهاء الحرب وإعادة الأسرى، وبين حكومة نتنياهو التي تمضي في تصعيد العمليات العسكرية.
وقال أحد كبار مسؤولي البيت الأبيض إنّ "الرئيس محبط بشأن ما يحدث في غزة. يريد أن تنتهي الحرب، يريد إعادة الأسرى الإسرائيليين، دخول المساعدات، والبدء في إعادة إعمار غزّة".
وادّعى المسؤول أنّ الوضع الإنساني ولا سيما صور المجاعة ومعاناة الأطفال أثار استياءً شخصياً لدى ترامب، بحسب ما نقله التقرير، ما دفعه إلى الضغط على "إسرائيل" لفتح المعابر أمام المساعدات.
يُشار إلى أنّ حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة ارتفعت إلى 53,475، والجرحى إلى 121,398، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، من جرّاء حرب الإبادة المتواصلة، في حصيلة غير نهائية. اليوم 18:26
اليوم 16:57
ويقود المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف جهود التهدئة من خلال محادثات مباشرة مع نتنياهو ومستشاره رون ديرمر، كما يجري اتصالات مع قيادة حماس عبر قناة خلفيّة سهّلها رجل الأعمال الفلسطيني الأميركي بشارة بحبح.
ومع ذلك، لم تسفر المفاوضات حتى الآن عن أيّ تقدّم ملموس في ملف صفقة الأسرى، ووقف إطلاق النار.
في وقتٍ تُكثّف فيه الإدارة الأميركية ضغطها الدبلوماسي، تستمر العملية العسكرية الإسرائيلية في استهداف معظم مناطق قطاع غزّة، مع السعي إلى ترحيل سكان القطاع إلى ما تسمّيه "إسرائيل" بـ"الـمنطقة الإنسانية"، وفق الموقع الأميركي.
هذه التطوّرات دفعت نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس إلى إلغاء زيارة كانت مقرّرة إلى "إسرائيل"، في خطوةٍ تعكس عدم رضى واشنطن عن السياسات الحالية لحكومة نتنياهو.
وأصدرت كلّ من المملكة المتحدة وفرنسا وكندا بياناً موحّداً هدّدت فيه باتخاذ إجراءات ضد "إسرائيل" في حال استمرار الحرب ومنع دخول المساعدات.
وقالت في بيان "لن نقف مكتوفي الأيدي بينما تواصل حكومة نتنياهو هذه الإجراءات الفظيعة".
في المقابل، هاجم نتنياهو القادة الغربيين، متهماً إياهم بـ"منح جائزة للإبادة الجماعية في 7 أكتوبر".
وأعلنت الحكومة البريطانية تعليق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة مع "إسرائيل"، وفرضت عقوبات على مستوطنين، واستدعت السفير الإسرائيلي في لندن.
وأشار "أكسيوس" إلى أنّه ونتيجة الضغوط، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي، الأحد الماضي، على استئناف دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزّة. ودخلت، أمس الاثنين، 9 شاحنات مساعدات إلى غزة وصفت الأمم المتحدة عددها بأنّها "نقطة في بحر ما هو مطلوب".
لكنّ البيت الأبيض أكّد أنّ هذه الخطوة غير كافية، محذراً من أنّ آلاف الأطفال يواجهون خطر المجاعة، بحسب تحذيرات الأمم المتحدة.
ويرى الرئيس ترامب أنّ الحرب في غزّة تُعيق رؤيته السياسية للمنطقة، وفقاً لأحد المسؤولين فإنّ "الرئيس يرى فرصة حقيقية للسلام والازدهار، لكنّه يعتبر الحرب في غزّة آخر العقبات".
ووصف مسؤول آخر، الحرب بأنها "إلهاء عن الملفات الاستراتيجية التي يعمل عليها ترامب"، ما دفعه إلى التحرّك بشكل منفرد لتأمين إطلاق الأسير الأميركي الإسرائيلي عيدان ألكسندر من دون انتظار اتفاق أوسع مع "تل أبيب".
وقال المبعوث الأميركي لشؤون الأسرى، آدم بوهلر لقناة "فوكس نيوز" الأميركية إنّ الرئيس قد يتحدّث بقوّة، لكنّه "لن يتخلّى عن إسرائيل.. فدعمه حديديّ".
وأكّدت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، أنّ ترامب أبلغ حماس بوضوح أنّه يريد إطلاق جميع الأسرى، ويرغب في رؤية نهاية قريبة للنزاع في قطاع غزّة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
منذ 33 دقائق
- سيدر نيوز
بعد مرور عام، لا تزال التساؤلات قائمة حول حادث تحطم طائرة الرئيس الإيراني
صعد إبراهيم رئيسي سريعاً في هيكل السلطة في إيران، لكن رئاسته انتهت فجأةً، بحادث تحطم مروحية، لم يُسهم تفسيره الرسمي – المتعلق بالطقس – في تهدئة أمة غارقة في الشكوك. في 19 مايو/أيار 2024، توفي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية في محافظة أذربيجان الشرقية، بالقرب من الحدود مع أذربيجان. كما قُتل في الحادث أيضا وزير الخارجية آنذاك، حسين أمير عبد اللهيان، وعدد من كبار المسؤولين. بعد عام، لا يزال التفسير الرسمي – أن سوء الأحوال الجوية تسبب في اصطدام الطائرة بجبل – موضع تساؤل واسع النطاق داخل إيران، حيث يسود انعدام ثقة الجمهور في روايات الحكومة. أصدر الجيش الإيراني ثلاثة تقارير تستبعد التخريب أو الاغتيال. وأشار أحدثها إلى تراكم الضباب المتصاعد كسبب. مع ذلك، صرّح رئيس الأركان السابق في عهد رئيسي بأن الطقس كان صافيا، ويشير منتقدون إلى احتمال وجود أعطال فنية بالطائرة. بينما حاولت الدولة إغلاق القضية، تزايدت التكهنات العامة. ولم تؤدِّ الصور المحدودة والضبابية لحطام الطائرة إلا إلى تأجيج الشكوك. شكوك داخلية ورحلة مثيرة للجدل جاء الحادث بعد تغيير في خطط سفر رئيسي. ووفقاً لـ مجتبى موسوي، الذي ترأس شقيقه فريق أمن رئيسي وتوفي في الحادث، فإن الرحلة إلى حدود أذربيجان لم تكن الوجهة الأصلية – وقد عارضتها وحدة الأمن بشدة. وقال إنه تم تقديم خطاب رسمي يعترض على الزيارة. رفض الجيش هذه التعليقات ووصفها بأنها محاولة 'لزرع الشك'، لكن هذه الرواية اكتسبت زخماً، لا سيما في ظل التوترات الإقليمية واجتماع رئيسي مع الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، قبل وقت قصير من الحادث. شائعات التصفية السياسية ألمح سياسيون متشددون علناً إلى أن رئيسي ربما يكون قد قُتل عمداً. ادعى عضو البرلمان، حامد رسايي، أنه 'أقُصي' لإزالة عقبة داخلية أمام التطورات الإقليمية. وذهب نائب آخر، وهو كامران غضنفري، إلى أبعد من ذلك، مدعياً وجود عملية مشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل وأذربيجان أسفرت عن مقتله – دون تقديم أدلة. تتزامن هذه الادعاءات مع أحداث إقليمية، بما في ذلك مقتل قادة من حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني على يد إسرائيل. وقد نفى المسؤولون الإسرائيليون أي تورط في الحادث. في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع تظهر امرأة، عُرِّفت بأنها والدة رئيسي، في حالة من الضيق الشديد، وهي تقول: 'أياً كان من قتلك، أرجو من الله أن يُقتل'. لم يتسن التحقق من صحة الفيديو بشكل مستقل، ولكنه انتشر على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي. غموض حول موقع التحطم كانت التقارير الإعلامية الإيرانية الأولية متناقضة. قال البعض إن رئيسي واصل رحلته براً، ووصف آخرون الحادث بأنه 'هبوط اضطراري'. وسرعان ما تحول السرد إلى حادث تحطم مميت، وبدأت حملة وطنية للدعاء. كان رئيسي على متن إحدى ثلاث طائرات هليكوبتر تحلّق في دوائر. أدلى المسؤولون بتصريحات متضاربة حول ترتيبات الموكب. استغرق تحديد موقع الحطام أكثر من 16 ساعة، على الرغم من مزاعم بأن أحد الركاب رد على اتصال عبر هاتف محمول بعد الحادث. أعلنت تركيا أن إحدى طائراتها المسيرة حددت الموقع، لكن بي بي سي الخدمة الفارسية وجدت أن الإحداثيات التي تمت مشاركتها غير دقيقة. بدلاً من ذلك، كانت مجموعة من سائقي الدراجات النارية عبر الطرق الوعرة أول من وصل إلى الموقع، وهي حقيقة لم تعترف بها وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية. جثث محترقة، وأمتعة غير محترقة أظهرت الصور المنشورة جثثاً متفحمة، إلا أن بعض المتعلقات والأمتعة بدت سليمة نسبياً. زعم أحد المشاركين في التأبين، وهو مؤيد للحكومة، أن جثمان رئيسي كان محترقاً بشدة لدرجة أنه تم إجراء 'التيمم' للكفن، بدلاً من الغسل التقليدي. وبحسب ما ورد، لم يُسمح لزوجة الرئيس ووالدته برؤية الجثمان. صرح بعض المسؤولين لاحقاً بأنه لم يتم العثور على أجزاء من جثمان رئيسي، ما زاد من شكوك الرأي العام. إرث من انعدام الثقة لا يمكن فصل الشكوك المحيطة بوفاة رئيسي عن تاريخ إيران الطويل من السرية. من إسقاط طائرة أوكرانية عام 2020، إلى وفاة الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة، إلى عقود سابقة من الاغتيالات السياسية، شهد الإيرانيون مراراً وتكراراً روايات رسمية لم تحل ألغاز تلك الأحداث. حتى لو كان حادث التحطم عرضياً بحتاً، فإن سجل الدولة أدى إلى عدم تصديق رواية الأجهزة الأمنية من قِبل مواطنيها. صعود رئيسي وأفوله السياسي كان رئيسي، رجل الدين ورئيس السلطة القضائية السابق، يُنظر إليه في السابق على أنه 'خليفة محتمل' للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. بدعم من النخبة المحافظة في إيران، انتُخب عام 2021، مع وعوده بالإصلاح الاقتصادي والاستقرار السياسي. لكن رئاسته واجهت صعوبات. ارتفع التضخم بشكل حاد، وتعثرت دبلوماسيته الدولية، وأدت الاحتجاجات التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني إلى إضعاف إدارته بشكل أكبر. ووصف محللون من مختلف الأطياف السياسية حكومته بأنها غير فعالة. بحلول عام 2024، كان مستقبل رئيسي السياسي غامضاً. لقد أنهى موته فجأةً مشروعاً سعى إلى بناء جيل جديد من القيادة 'الشبابية والثورية'. على الرغم من جهود الدولة لتصوير رئيسي على أنه 'شهيد'، إلا أن ظروف وفاته زادت من سخرية الرأي العام. وبعد مرور عام على الحادث، لا تزال فكرة أن الرئيس الإيراني اختفى في سحابة، بالنسبة لكثير من الإيرانيين، غير معقولة لدرجة يصعب تقبلها. مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
بتكلفة 175 مليار دولار.. ترامب يعلن عن مشروع القبة الذهبية لحماية أمريكا
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عزمه إصدار قرار لبناء منظومة دفاع صاروخي جديدة تحت اسم "القبة الذهبية"، مؤكداً أن المشروع يأتي ضمن وعوده الانتخابية لتعزيز قدرات الدفاع الجوي للولايات المتحدة. وقال ترامب في تصريحات صحفية إن القبة الذهبية ستكون "أقوى منظومة دفاعية في العالم"، وستوفر حماية شبه كاملة من مختلف أنواع الصواريخ، بما فيها الصواريخ الفرط صوتية. وأوضح ترامب أن المشروع سيستغرق نحو ثلاث سنوات، وتُقدّر تكلفته الأولية بـ175 مليار دولار، مضيفاً أن الولايات المتحدة ساعدت سابقاً إسرائيل في بناء "القبة الحديدية"، وأنها ستبني الآن نسختها الخاصة لكن بقدرات أعلى. ويُنظر إلى هذا الإعلان كجزء من توجه ترامب لدعم الصناعات الدفاعية الأمريكية، في ظل تزايد التهديدات العالمية وتطور تكنولوجيا الصواريخ. ونقل موقع "بوليتيكو" عن مصادر مطلعة أن ترامب سيخصص مبدئياً 25 مليار دولار لبدء تنفيذ المشروع، وهو مبلغ أُدرج ضمن مسودة مشروع قانون الميزانية الذي لم يحصل بعد على موافقة الكونجرس. وأشار الموقع إلى أن مكتب الميزانية بالكونجرس يقدّر الكلفة الكلية للمشروع بنحو 500 مليار دولار على مدى عشرين عاماً. ومن المتوقع أن يُعلن ترامب القرار رسمياً في البيت الأبيض بحضور وزير الدفاع بيت هيجسيث، مع تعيين الجنرال مايكل جيتلين من قوة الفضاء الأمريكية رئيساً للبرنامج. وتلقى المشروع دعماً من بعض الجمهوريين الذين اقترحوا تمويلاً أولياً ضمن حزمة دفاعية أوسع، إلا أن المشروع يواجه معارضة من الديمقراطيين الذين أعربوا عن قلقهم بشأن فعاليته وتكلفته الباهظة.

المدن
منذ 2 ساعات
- المدن
إعادة تكوين المشهد السياسي في المشرق العربي: التوازن المفقود!
"إن توازن القوى هو أساس السلام" تسبّب هجوم حركة "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأوّل 2023 بتراجع النفوذ الإيراني في المشرق العربي: بشكل تام في سوريا، ونسبيًا في لبنان، وإلى حدّ أقل في العراق البلد المشرقي الذي يقع على حدود إيران ويشكل البوابة الشرقية للعالم العربي عليها. دول ثلاث عاشت عقودًا من الهشاشة السياسية والاقتصادية كما الأمنية وفي بُناها الاجتماعية منذ مطلع الألفية الثالثة، هشاشة أصابت نسيج العراق الاجتماعي واقتصاده وأمنه ووحدة أهله عند اجتياح الأميركيين له عام 2003، حيث توزع النفوذ عمليًا هناك بين الأميركي والإيراني، تبعه لبنان منذ وبعد اغتيال رفيق الحريري عام 2005 وانسحاب الجيش السوري منه ما عزّز من نفوذ "حزب الله" المرتبط أيديولوجيًا في إيران، فسوريا بعد انطلاق الثورة فيها عام 2011 واستعانة النظام بـ"حزب الله" أولًا لقمع الثورة فيها فالحرس الثوري وإيران ثانيًا، حتى طلب التدخل الروسي من قبل إيران ما عزّز من نفوذ وحضور طهران في ذاك البلد بشكل مؤثر جدًا. خط الأحداث منذ السابع من أكتوبر 2023 ضَرَبَ المعادلة الآنفة منذ قرر الحشد الشعبي العراقي مبكرًا فك الاشتباك مع الولايات المتحدة الأميركية وتاليًا إسرائيل، بعد اغتيالات جرت لقيادات فيه ما نأى بالعراق عن أحداث غزة وما يجري فيها، إلى اغتيال رئيس المكتب السياسي لحكة "حماس" إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران يوم تنصيب الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وضرب القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، ثمّ عملية "البايجر" في لبنان واغتيال السيّدَيْن حسن نصر الله وهاشم صفي الدين إلى سقوط نظام الأسد في سوريا ووقف النار في لبنان الذي توقف من جانب واحد عمليًا هو جانب "حزب الله" في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل بعمليات الضرب والقصف والقتل دون رادع. لقد اختلّ التوازن منذ ما بعد تلك الأحداث لغير مصلحة ايران ونفوذها، ومالت الكفة بشكل كبير إلى مصلحة إسرائيل التي لم تكن يومًا منذ تأسيسها عامل استقرار في المشرق العربي، ولم تستطع يومًا فرض استقرار ما، إلا مع سوريا في ظل حكم آل الأسد منذ اتفاق فك الاشتباك عام 1974، غير أن حافظ الأسد، ورغم عدم حصول أي خرق لوقف النار بين بلاده وإسرائيل انطلاقًا من الأراضي السورية ظلّ يستخدم ساحات أخرى لمشاغلتها سواء في الجولان المحتل أو فلسطين وإلى حد أكبر بكثير في لبنان منذ اندلاع الحروب المتعددة فيه منذ العام 1976. التنافس الإقليمي حول المشرق في المشرق، وبعد السابع من أكتوبر 2023، تتنافس قوّتان إقليميتان حسب الظاهر على ترسيخ مكاسبهما: إسرائيل وتركيا. فيما تسعى إيران لتخفيف خسائرها من جهة وتحصين جبهتها الداخلية تخوفًا من عدم وصول المفاوضات الأميركية - الإيرانية إلى مخرجات مريحة، واستعدادًا للتصدي لضربات محتملة للمرافق النووية الإيرانية ما يدفع المنطقة إلى حافة نزاعات دموية، على الأرجح بالغة الخطورة على دول الخليج أولًا، وعلى المشرق العربي ثانيًا، وعلى أمن العالم كله ثالثًا، صراعات قد تحيي تدفقات الهجرة، أو إعادة تفعيل الإرهاب، أو ضرب طرق التجارة البحرية والبرية في آن. فإيران ولو أنها وهنت، لكنّها لم تفقد قدراتها بعد على استخدام العديد من الوسائل لإعادة تحريك مجاميع قوى موزعة في دول المنطقة كلها، تحركٌ قد يؤدي إلى اندلاع أعمال عنف سياسية وطائفية داخلية في الدول المشرقية الثلاث نتيجة فشل المفاوضات أو نتيجة ضربة عسكرية لإيران بشكل أو بآخر. وفي حال نجاح تلك المفاوضات قد تعمد إيران على استعادة المبادرة وتحين الفرصة لاستعادة الحضور والنفوذ بطريقة ما. توصيف المشهد في العراق، بعد القمة العربية التي عقدت هناك يوم السبت الواقع فيه 17 أيار/مايو يبدو أن خيار العرب بالانخراط بات أكثر وضوحًا هناك، وكذلك انخراط العراق في محيطه العربي بات أصرح، لكن الواضح أيضًا أن نفوذ إيران لا زال على قدر عالٍ من القوة ولا زال الحكم هناك يقيم لها وزنًا كبيرًا في آلية اتخاذ القرارات وفي مراعاة مزاج القوى الموالية لها في العراق. وفي سوريا يبدو أن قرار دعم أحمد الشرع ونظامه بات خيارًا وحيداً حاليًا لأسباب عديدة أولها أن هذا النظام بات واقعًا، وأحد لا يريد عودة هذا البلد إلى الفوضى، وأحد لا يريد تقسيم سوريا، وثانيها أن نجاح الشرع في إبعاد النفوذ الايراني يعتبر نقطة حُسْن سلوك له عربيًا وغربيًا، وثالثها أنّ إسرائيل، حليفة أميركا، بعد سقوط الأسد، شنت ضربات على مخازن الأسلحة وأهداف أخرى داخل سوريا، وسعت إلى توسيع سيطرتها الإقليمية على أجزاء من البلاد، معارضةً التوغلات التركية هناك، في محاولة لإظهار امتلاكها اليد العليا هناك ما دفع الشرع لاجراء مفاوضات مرحب بها أميركيًا و"إبراهيميًا" معها بواسطة تركيا في أذربيجان وبواسطة الإمارات في أبو ظبي. وفي لبنان وبعد انتخاب الرئيس جوزيف عون وتأليف الرئيس نواف سلام حكومته، اتضح أنّ التفويض الدولي الذي يحوزان عليه يختص بتجريد "حزب الله" والفصائل الفلسطينية من سلاحهم كما وضرورة الدخول في إصلاحات سياسية، ومالية، وقضائية، واضحة. في الوقت الذي تحتفظ إسرائيل فيه بموقع مهيمن وتواصل قصف البلاد، في انتهاك صريح لكن مسنود لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر/تشرين الثاني 2024. من يملأ فراغ المشهد ويعيد التوازن؟ شهدت كلّ من سوريا ولبنان موجة من الانخراط العربي، تقودها المملكة العربية السعودية، بعد انفتاح مماثل وسابق على العراق الذي لعب دورًا اساسيًا في الوساطة بين المملكة وإيران وأمّن منصة حوار خلال أعوام 2022 و2023 إلى جانب عُمان، وصولًا لعقد اجتماع بكّين في آذار/ مارس 2023 بين إيران والمملكة واتفاقهما على إعادة العلاقات السياسية والديبلوماسية بين البلدين، إلى سعيهما لتبريد النزاعات الإقليمية وأبرزها وأهمها بالنسبة للمملكة نزاع اليمن. وقد تكون السعودية إحدى أبرز الدول القادرة على صياغة توازن ما بالتعاون الأكيد مع تركيا كما حصل في سوريا، ومن خلال التواصل المباشر مع إيران كما حصل حول العراق خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، ومن خلال إيجاد سبل للتعاون والتنافس في آنٍ واحد مع القوى الإقليمية تلك ومن خلال بناء شراكات شاملة. ويُعد العمل المشترك بين تركيا والسعودية، وهما الأكثر التزامًا باستقرار المشرق من غيرهما من القوى الإقليمية، عنصرًا أساسيًا في هذا المسعى كما ويعتبر تحييد إيران وعقد شراكات معها عاملًا مهمًا لصياغة توازن مع إسرائيل الدولة الـمحتلة لأرض والفاتكة باهلها والعاملة على تعزيز الفصل العنصري فيها والتي تعتقد أنها حققت انتصارًا نهائيًا في صراع ليس لنهايته أفق مهما تعدّدت الجولات أو النهايات الافتراضية.