logo
النرويج وآيسلندا: خطة إسرائيل لإخلاء غزة "تهجير قسري غير قانوني"

النرويج وآيسلندا: خطة إسرائيل لإخلاء غزة "تهجير قسري غير قانوني"

الجزيرة٠٨-٠٥-٢٠٢٥

قال وزيرا خارجية النرويج وآيسلندا -اليوم الخميس- إن خطط إسرائيل لإجلاء الفلسطينيين من قطاع غزة تصل إلى حد التهجير القسري غير القانوني، وستؤدي إلى مزيد من العنف وتقوض الجهود المبذولة لإقامة دولة فلسطينية.
والبلدان ضمن مجموعة من دول أوروبا الغربية، تضم أيضا أيرلندا وإسبانيا وسلوفينيا ولوكسمبورغ، نددت -أمس الأربعاء- بخطط إسرائيل لتكثيف عملياتها العسكرية في غزة في إطار ما تقول إنه مساع للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وطالبت الدول الأوروبية الستة -أمس الأربعاء- برفع الحصار فورا عن قطاع غزة، وجددت دعمها الثابت لحل الدولتين، ونددت بخطة إسرائيل لتوسيع نطاق عملياتها العسكرية والسيطرة على غزة، وأعربت عن معارضتها "بشدّة لأي تغيير سكاني أو في أراضي" القطاع، مؤكدة أن ذلك سيشكّل "انتهاكا للقانون الدولي".
والأربعاء، اعتبرت منظمة العفو الدولية (أمنستي) أن أي مساع إسرائيلية لترحيل الفلسطينيين قسرا من قطاع غزة بمثابة "جريمة حرب".
وقالت المنظمة -في بيان لها- إن "على إسرائيل التخلي فورا عن أي خطط للضم والترحيل الجماعي القسري للفلسطينيين في غزة". وأشارت إلى أن إسرائيل مستمرة في ارتكاب أفعال إبادة جماعية في غزة، مؤكدة أن "أي نقل قسري للفلسطينيين (في القطاع) سيعد جريمة حرب".
وشددت على أن الحكومة الإسرائيلية تستخدم قضية الأسرى "ذريعة لتبرير جرائمها وانتهاكاتها" ضد الفلسطينيين في غزة.
ووافق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي هذا الأسبوع على خطة قد تشمل السيطرة على القطاع بأكمله، والذي يقطنه 2.3 مليون شخص، بالإضافة إلى التحكم في مرور المساعدات التي منعت إسرائيل دخولها إلى غزة منذ مارس/آذار الماضي.
وذكرت رويترز -أمس الأربعاء- أن الولايات المتحدة وإسرائيل ناقشتا إمكانية أن تقود واشنطن إدارة مؤقتة في غزة بعد الحرب، إذ أشارت مصادر إلى إدارة أميركا للعراق بعد عام 2003 كنموذج محتمل.
والثلاثاء، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن "غزة ستكون مدمرة بالكامل" بعد انتهاء الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس منذ أكثر من عام ونصف العام، مضيفا أن سكان غزة سيبدؤون "بالمغادرة بأعداد كبيرة نحو دولة ثالثة" بعد أن يتم نقلهم إلى جنوب القطاع.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

اقتراح أوروبي بتخفيف قيود إعادة طالبي اللجوء
اقتراح أوروبي بتخفيف قيود إعادة طالبي اللجوء

الجزيرة

timeمنذ 22 دقائق

  • الجزيرة

اقتراح أوروبي بتخفيف قيود إعادة طالبي اللجوء

اقترحت المفوضية الأوروبية ، اليوم الثلاثاء، تخفيف قيودها بشأن إعادة طالبي اللجوء، استجابة لدعوات متكررة من الدول الأعضاء لتشديد سياستها المتعلقة بالهجرة. وينص القانون الأوروبي حاليا على أنه يمكن إعادة طالبي اللجوء إلى بلدان لم يأتوا منها، لكنها مصنفة "آمنة" بالنسبة للبلدان الأوروبية المعنية، في حين يتطلب الاقتراح الجديد حتى يدخل حيز التنفيذ، حصوله على موافقة البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء. ومع ذلك، يجب أن يكون هناك "رابط" كافٍ بين الشخص المعني والبلد الثالث، إذ يجب أن يكون أحد أفراد الأسرة مقيما هناك، أو أن يكون طالب اللجوء -مثلا- قد عمل سابقا في هذا البلد، في حين يقترح الاتحاد الأوروبي حاليا إلغاء شرط "الرابط" هذا، ما من شأنه تسريع عملية الإرجاع. وتثير هذه القضية قلق منظمات غير حكومية ترى أن الإجراء المقترح غير ذي جدوى، إذ تحذر من أنه في حال إرسال طالبي اللجوء إلى بلد ليس لديهم ارتباط به، فإنهم قد يحاولون العودة إلى أوروبا مجددا. وحذرت سارة تشاندر من "مبادرة إكينوكس للعدالة العرقية"، في بيان، من أن " الاتحاد الأوروبي يشوه مفهوم "الأمان" ليناسب أهدافه القمعية"، فيما وصفت جوزفين سولانكي من معهد "ترانسناشونال" هذا المفهوم بأنه "خيال سياسي". وترى هذه المنظمات أن الحكومات الأوروبية ستتعرض هي الأخرى للابتزاز من جانب هذه الدول، التي قد تضع جملة مطالب سياسية ومالية في مقابل استقبال طالبي اللجوء هؤلاء. وترفض المفوضية هذه الانتقادات، مؤكدة أن الهدف الرئيسي من هذا الاقتراح هو تسريع معالجة طلبات اللجوء، وأن البلدان التي ستتم إعادتهم إليها تحترم الحقوق الأساسية. وتتعرض بروكسل لضغوط من الدول الأعضاء لتشديد سياستها المتعلقة بالهجرة، في ظل صعود اليمين بأنحاء القارة. وتتخذ المفوضية الأوروبية خُطا سريعة في هذا الشأن، إذ كشفت في منتصف مارس/آذار الماضي عن تدابير أولية لتسريع عملية طرد المهاجرين غير النظاميين. وكانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت إطارا قانونيا لإنشاء مراكز للمهاجرين خارج حدودها، أُطلق عليها اسم "مراكز العودة". وتأتي الدعوات إلى فرض سياسة أكثر صرامة بشأن الهجرة في الاتحاد الأوروبي، في وقت انخفض عدد المهاجرين غير النظاميين عبر حدود الاتحاد بشكل كبير. وفي العام 2024، وصل عدد هؤلاء إلى أدنى مستوى له منذ عام 2021، عندما كانت تدفقات الهجرة لا تزال ضعيفة بسبب جائحة كورونا، وفق بيانات الوكالة الأوروبية "فرونتكس"، ووكالة الصحافة الفرنسية.

ترامب يقترح الفاتيكان لاستضافة مفاوضات روسيا وأوكرانيا
ترامب يقترح الفاتيكان لاستضافة مفاوضات روسيا وأوكرانيا

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

ترامب يقترح الفاتيكان لاستضافة مفاوضات روسيا وأوكرانيا

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، اليوم الثلاثاء، إنه لا مكان أفضل من الفاتيكان لاستضافة المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، وفي حين دعا الاتحاد الأوروبي واشنطن إلى فرض عقوبات على روسيا إن لم توافق على وقف إطلاق النار، اتهمت ألمانيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمراوغة في محادثات السلام بشأن أوكرانيا. وقال ترامب في تغريدة على منصته الإعلامية "تروث سوشال" إن "الفاتيكان، ممثلا بالبابا، صرّح بأنه سيكون مهتما جدا باستضافة المفاوضات". وأضاف ترامب أنه أبلغ بذلك كلا من رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس فنلندا ألكسندر ستوب. وأشار إلى أنه أجرى اتصالا جيدا مع بوتين وسيرى كيف ستسير الأمور. من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن الرئيس ترامب يحاول إنهاء حرب دموية باهظة الثمن بين أوكرانيا وروسيا، لا يمكن لأي من الجانبين الفوز بها. وكان ترامب أعلن، أمس الاثنين، أن روسيا وأوكرانيا "ستباشران فورا مفاوضات بشأن وقف لإطلاق النار"، بعد مكالمته مع بوتين الذي لم يوافق بعدُ على وقف الأعمال القتالية بلا شروط، كما تطالب به واشنطن وكييف. الموقف الأوروبي في غضون ذلك، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إن الاتحاد يأمل في أن تتخذ الولايات المتحدة"إجراء قويا" في حال استمرّت روسيا في رفض وقف إطلاق النار بأوكرانيا. وتحدثت كالاس قبيل بدء اجتماع لوزراء الدفاع في الاتحاد الأوروبي ببروكسل قائلة إن " الولايات المتحدة توعدت بحصول تبعات إذا لم تقبل روسيا وقفا غير مشروط لإطلاق النار، ونحن نريد أن نرى إذن هذه التبعات". وقد تعهّدت واشنطن بـ"إجراء قوي" في حال استمرّت روسيا برفض وقف غير مشروط لإطلاق النار، حسب ما قالت كالاس، مذكّرة بأن أوكرانيا قبلت بهذه الهدنة، وأضافت هذا ما "نريد رؤيته من جانب كلّ الأطراف التي قالت إنها ستتحرّك بناء على مقتضى الحال". ومن جهته، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته، اليوم الثلاثاء، إن مشاركة الإدارة الأميركية في جهود تحقيق السلام بأوكرانيا "أمر إيجابي للغاية"، لكن يتعيّن استشارة الأوروبيين وأوكرانيا أيضا. وبدوره، اتهم وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس الرئيس الروسي بالمراوغة في محادثات السلام بشأن أوكرانيا ، داعيا إلى فرض عقوبات جديدة على موسكو في مجال الطاقة. وقال بيستوريوس على هامش اجتماع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل، اليوم الثلاثاء، إن المحادثة الهاتفية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين أكدت مرة أخرى أن روسيا لا تزال غير مستعدة لتقديم تنازلات، مضيفا أن بوتين يتحدث فقط عن وقف إطلاق النار وفقا لشروطه، والتي تشمل تخلي أوكرانيا عن الانضمام لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتنازلها عن الأراضي المحتلة، وغيرها من الأمور. وقال بيستوريوس "يبدو أن بوتين لا يزال يلعب على الوقت"، مضيفا أنه ليس من المتوقع التوصل إلى وقف إطلاق النار في ظل ظروف مقبولة للآخرين، مشيرا إلى أن الهجمات الروسية الأخيرة بطائرات مسيرة تتحدث أيضا بلغة واضحة "لغة أكثر وضوحا من الكلام الفارغ الذي سمعناه حتى الآن". ونتيجة للتطورات الأخيرة، يعتقد بيستوريوس أنه يتعيّن على الاتحاد الأوروبي أن يواصل توسيع دعمه العسكري لأوكرانيا وممارسة مزيد من الضغوط من خلال العقوبات، داعيا إلى توسيع التعاون مع صناعة الأسلحة الأوكرانية. وفيما يتعلّق بالعقوبات، قال بيستوريوس إن "الوسيلة الأكثر فعالية للعقوبات هي قطع تدفق الأموال بشكل أكبر"، مشيرا على وجه التحديد إلى "تدفق الأموال من مبيعات الطاقة"، مؤكدا ضرورة مواصلة العمل على ذلك.

رسالة غارقة في الدماء من أميركا
رسالة غارقة في الدماء من أميركا

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

رسالة غارقة في الدماء من أميركا

الإبادة الجماعية في غزة ليست أمرًا غريبًا. إنها توضح شيئًا أساسيًا عن الطبيعة البشرية، وهو نذير مرعب للمكان الذي يتجه إليه العالم. يبعد معبر رفح الحدودي إلى غزة، حوالي 200 ميل عن مكاني الحالي في القاهرة. ترقد في الرمال القاحلة لشمال سيناء بمصر نحو 2000 شاحنة، محملة بأكياس الطحين، وخزانات المياه، والطعام المعلّب، والإمدادات الطبية، والأغطية البلاستيكية، والوقود. تقف هذه الشاحنات خاملة تحت الشمس الحارقة. على بعد أميال قليلة في غزة، يُذبح عشرات الرجال والنساء والأطفال يوميًا بالرصاص والقنابل، والغارات الصاروخية، وقذائف الدبابات، والأمراض المعدية، وذلك السلاح الأقدم في الحصار: المجاعة. واحد من كل خمسة أشخاص يواجه خطر المجاعة بعد ما يقرب من ثلاثة أشهر من الحصار الإسرائيلي على الغذاء والمساعدات الإنسانية. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي أطلق هجومًا جديدًا يقتل أكثر من 100 شخص يوميًا، أعلن أن لا شيء سيعيق هذه "الضربة النهائية" التي أطلق عليها اسم "عربات جدعون". وقال إنّه "لا يوجد أي سبيل" لوقف الحرب، حتى لو أُعيد الرهائن الإسرائيليون المتبقون. وأضاف: "إسرائيل تدمر المزيد والمزيد من المنازل" في غزة. والفلسطينيون "ليس لديهم مكان يعودون إليه". وفي اجتماع مغلق تم تسريبه مع مشرعين، قال نتنياهو: "النتيجة الحتمية الوحيدة ستكون رغبة الغزيين في الهجرة خارج قطاع غزة. لكن مشكلتنا الرئيسية تكمن في إيجاد دول تقبلهم". لقد تحوّل الشريط الحدودي البالغ طوله تسعة أميال بين مصر وغزة إلى خط فاصل بين الجنوب العالمي والشمال العالمي، خط يقسم بين عالم عنف صناعي وحشي، وصراع يائس يخوضه من تخلّت عنهم الأمم الأغنى. يمثل هذا الخط نهاية عالم تُحترم فيه القوانين الإنسانية، والاتفاقيات التي تحمي المدنيين، وأبسط الحقوق الأساسية. لقد دخلنا كابوس هوبزي (نسبة إلى توماس هوبز)، حيث يسحق الأقوياء الضعفاء، ولا يُستبعد فيه أي فظاعة، حتى الإبادة الجماعية، حيث تعود العرقية البيضاء في الشمال العالمي إلى وحشية استعمارية منفلتة من كل قيد، تكرس قرونًا من النهب والاستغلال. إننا نعود زاحفين إلى أصولنا، الأصول التي لم تغادرنا قط، بل اختبأت خلف وعود جوفاء عن الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان. النازيون هم كبش الفداء المريح لتراثنا الأوروبي والأميركي المشترك من المجازر الجماعية، كما لو أن الإبادات الجماعية التي نفذناها في الأميركتين وأفريقيا والهند لم تحدث قط، مجرد هوامش غير مهمة في تاريخنا الجماعي. في الواقع، الإبادة الجماعية هي عملة الهيمنة الغربية. بين عامي 1490 و1890، كانت الاستعمارية الأوروبية، بما في ذلك أعمال الإبادة الجماعية، مسؤولة عن مقتل ما يصل إلى 100 مليون من السكان الأصليين، وفقًا للمؤرخ ديفيد إي. ستانارد. ومنذ عام 1950، وقعت قرابة عشرين إبادة جماعية، بما في ذلك في بنغلاديش، وكمبوديا، ورواندا. الإبادة الجماعية في غزة ليست استثناء، بل هي جزء من نمط متكرر. إنها نذير لإبادات جماعية قادمة، خاصة مع انهيار المناخ واضطرار مئات الملايين إلى الهرب من الجفاف والحرائق والفيضانات، وتراجع المحاصيل، وانهيار الدول والموت الجماعي. إنها رسالة غارقة في الدماء منّا إلى بقية العالم: لدينا كل شيء، وإذا حاولتم أخذه منا، فسوف نقتلكم. غزة تدفن كذبة التقدم البشري، وتدحض الأسطورة القائلة إننا نتطور أخلاقيًا. وحدها الأدوات تتغير. حيث كنا نضرب الضحايا حتى الموت، أو نمزقهم بالسيوف، نحن اليوم نُسقط قنابل تزن 2000 رطل على مخيمات اللاجئين، نرشّ العائلات بالرصاص من طائرات مسيّرة عسكرية، أو نسحقهم بقذائف الدبابات والمدفعية الثقيلة والصواريخ. الاشتراكي في القرن التاسع عشر لويس أوغست بلانكي، على عكس معظم معاصريه، رفض الفكرة المحورية لدى هيغل وماركس بأن التاريخ البشري يسير في خط تصاعدي نحو المساواة والأخلاق الأعلى. حذّر من أن هذه "الإيجابية الساذجة" تُستخدم من قبل الظالمين لسحق المظلومين. وقال بلانكي: "جميع فظائع المنتصر، وسلسلة هجماته الطويلة، تتحوّل ببرود إلى تطور دائم وحتمي، كما لو كان تطورًا طبيعيًا. لكن تسلسل الأمور البشريّة ليس حتميًا كالعالم الطبيعي. يمكن تغييره في أي لحظة". وحذّر من أن التقدم العلمي والتكنولوجي، بدل أن يكون دليلًا على التقدم، يمكن أن يتحوّل إلى "سلاح رهيب في يد رأس المال ضد العمل والفكر". وكتب: "الإنسانية لا تقف في مكانها أبدًا. إما أن تتقدم أو تتراجع. إذا تقدمت، تتجه نحو المساواة. وإذا تراجعت، فإنها تمرّ بكل مراحل الامتياز حتى تصل إلى العبودية، الكلمة الأخيرة في حق الملكية". وأضاف: "لست من أولئك الذين يزعمون أن التقدم أمر مفروغ منه، أو أن البشرية لا يمكن أن تتراجع". يُعرف التاريخ الإنساني بفترات طويلة من الجفاف الثقافي والقمع الوحشي. سقوط الإمبراطورية الرومانية أدّى إلى بؤس وقمع في أوروبا خلال العصور المظلمة، من القرن السادس إلى القرن الثالث عشر. ضاعت المعرفة التقنية، بما في ذلك كيفية بناء وصيانة القنوات المائية. قاد الفقر الثقافي والفكري إلى فقدان جماعي للذاكرة. طُمست أفكار العلماء والفنانين القدماء. ولم تبدأ النهضة إلا في القرن الرابع عشر، وكانت إلى حد كبير بفضل ازدهار الثقافة الإسلامية التي، عبر ترجمة أرسطو للغة العربية وسواها، حفظت حكمة الماضي من الزوال. كان بلانكي يعرف ارتدادات التاريخ المأساوية. شارك في سلسلة من الانتفاضات الفرنسية، منها محاولة تمرد مسلح في مايو/ أيار 1839، وانتفاضة 1848، وكومونة باريس – الانتفاضة الاشتراكية التي سيطرت على العاصمة الفرنسية من 18 مارس/ آذار إلى 28 مايو/ أيار 1871. حاول العمّال في مدن مثل مارسيليا وليون تنظيم كومونات مشابهة، لكنها فشلت قبل أن تُسحق كومونة باريس عسكريًا. نحن ندخل عصرًا مظلمًا جديدًا. لكن هذا العصر المظلم يستخدم أدوات العصر الحديث من مراقبة جماعية، وتعرّف على الوجوه، وذكاء اصطناعي، وطائرات بدون طيار، وشرطة مُعسكرة، وحرمان من الإجراءات القانونية، واعتداء على الحريات المدنية، ليفرض حكمًا تعسفيًا، وحروبًا لا تتوقف- ولا أمان- وفوضى، ورعبًا، وهي السمات المشتركة للعصور المظلمة. الثقة في خرافة "التقدم الإنساني" لإنقاذنا تعني الخضوع للقوة الاستبدادية. وحدها المقاومة – من خلال الحشد الجماهيري، وتعطيل ممارسة السلطة، خاصة في وجه الإبادة الجماعية – قادرة على إنقاذنا. تطلق حملات القتل الجماعي الصفات الوحشية الكامنة في كل البشر. فالمجتمع المنظم، بقوانينه وآدابه وشرطته وسجونه وتنظيماته، هي أدوات قسرية تحاصر هذه الوحشية الكامنة. لكن إذا أزيلت هذه العوائق، يصبح الإنسان- كما نرى مع الإسرائيليين في غزة- حيوانًا قاتلًا مفترسًا، يفرح بنشوة الدمار، حتى لو شمل النساء والأطفال. ليت هذا مجرد افتراض. لكنه ليس كذلك. هذا ما شهدته في كل حرب غطيتها. نادرون من يكونون بمنأى عنه. الملك البلجيكي ليوبولد، في أواخر القرن التاسع عشر، احتل الكونغو باسم "التحضر" و"مكافحة العبودية"، لكنه نهب البلاد، متسببًا بموت نحو 10 ملايين كونغولي نتيجة الأمراض والمجاعة والقتل. جوزيف كونراد التقط هذا التناقض بين ما نحن عليه وما نزعم أننا عليه، في روايته "قلب الظلام" وقصته "موقع للتقدم". في "موقع للتقدم"، يروي قصة تاجرين أوروبيين، كايرتس وكارلييه، أُرسلا إلى الكونغو. يدّعيان أنهما في أفريقيا لنشر الحضارة الأوروبية. لكن الملل، والروتين الخانق، والأهم غياب أي ضوابط خارجية، يحوّلهما إلى وحوش. يتاجران بالعبيد مقابل العاج ويتشاجران على الطعام والمؤن القليلة. في النهاية، يقتل كايرتس رفيقه الأعزل كارلييه. كتب كونراد عن كايرتس وكارلييه: "كانا شخصين تافهين وعاجزين تمامًا، لا تستقيم حياتهما إلا بفضل التنظيم العالي لحشود المجتمعات المتحضرة. قليلون من يدركون أن حياتهم، وجوهر شخصيتهم، وقدراتهم وجرأتهم، ليست سوى تعبير عن إيمانهم بأمان محيطهم. الشجاعة، والاتزان، والثقة؛ المشاعر والمبادئ؛ كل فكرة كبيرة أو تافهة لا تنتمي للفرد، بل للحشد: الحشد الذي يؤمن أعمى بقوة مؤسساته وأخلاقه، بسلطة شرطته ورأيه العام. لكن التماس مع الوحشية الصافية، والطبيعة البدائية والإنسان البدائي، يزرع اضطرابًا عميقًا ومفاجئًا في القلب. فمع شعور المرء بأنه وحيد في نوعه، ومع إدراكه وحدة أفكاره ومشاعره، ومع نفي المألوف الذي يمنحه الأمان، يبرز حضور غير المعتاد -المجهول والخطير- باقتحام يربك الخيال ويختبر أعصاب المتحضّر، أكان ساذجًا أم حكيمًا". لقد فجّرت الإبادة الجماعية في غزة كل الأقنعة التي نخدع بها أنفسنا ونحاول بها خداع الآخرين. تسخر من كل قيمة ندّعي التمسك بها، بما في ذلك حرية التعبير. إنها شهادة على نفاقنا وقسوتنا وعنصريتنا. لا يمكننا، بعد تقديمنا مليارات الدولارات من الأسلحة، واضطهادنا من يعترضون على الإبادة الجماعية، أن نواصل إطلاق مزاعم أخلاقية يمكن أخذها على محمل الجد. من الآن فصاعدًا، ستكون لغتنا هي لغة العنف، ولغة الإبادة، وعواء الوحشية في هذا العصر المظلم الجديد، عصر تجوب فيه الأرض قوة مطلقة، وطمع لا حدود له، وهمجية لا رادع لها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store