
ماذا يقدم "شات جي بي تي إيجنت" الجديد؟
كشفت شركة "أوبن إيه آي" مؤخرا عن ميزة جديدة ضمن "شات جي بي تي" وأطلقت عليها "شات جي بي تي إيجينت" (ChatGPT Agent)، في إشارة للحاق الشركة بركب عملاء الذكاء الاصطناعي الذي كان الصيحة الأحدث في هذا القطاع.
وتأتي مع الميزة الجديدة مجموعة من الاستخدامات المتنوعة والمختلفة التي تتيح لروبوت "شات جي بي تي" وظائف أكثر من مجرد الإجابة عن التساؤلات التي ترد من المستخدمين، فعبر هذه الميزة يتحول الروبوت بشكل كامل إلى عميل ذكاء اصطناعي قادر على تنفيذ الوظائف المعقدة بدقة كبيرة.
ويوضح ياش كومار وإيزا فولفورد -رئيس المنتج ورئيس الأبحاث في "شات جي بي تي إيجنت" على التوالي- في مقابلتهم مع موقع "ذا فيرج" التقني أن الشركة بنت نموذج ذكاء اصطناعي جديدا، خصيصا للعمل مع "شات جي بي تي إيجنت"، وهو ما يمنحه قدرات تتفوق على نماذج الشركة السابقة.
وأضافوا أن الأداة الجديدة لديها القدرة على تصفح تقويم المستخدم وبريده الإلكتروني، ثم تقديم ملخص لأهم الأحداث التي ينتظرها المستخدم اليوم والأشياء التي يحتاج الى الإجابة عنها بشكل سريع، فضلا عن التسوق نيابة عن المستخدم وبناء العروض التقديمية.
ورغم أن هذه الجوانب جميعا تبدو مثل الأعمال المعتادة من عملاء الذكاء الاصطناعي، فإن المختلف في "شات جي بي تي إيجنت" هو أنك تستطيع القيام بكل هذه الأشياء من خلال أداة واحدة فقط، فضلا عن استغلال قوة نماذج "جي بي تي" الخاصة بالشركة.
ولكن ما الفرق بين "شات جي بي تي إيجنت" وبقية نماذج الذكاء الاصطناعي وعملائه؟
العمل كمساعد حقيقي
يحاول عملاء الذكاء الاصطناعي منذ ظهورهم للمرة الأولى تأدية الوظائف بشكل مقارب للمساعد البشري، ويعد هذا هو الهدف الرئيسي لهم.
ولكن في الحقيقية لا ينجح جميع عملاء الذكاء الاصطناعي في هذا الأمر، ويظهر هذا بوضوح عند الوصول إلى النتائج النهائية التي أحيانا ما تكون خطأ أو غير قابلة للاستخدام، فضلا عن مواجهة بعض التحديات في الوصول إلى بعض المواقع والخدمات.
ولكن "شات جي بي تي إيجنت" يتجنب هذا الخطأ بشكل كبير، ويعمل مثل موظف بشري موجود لخدمتك ومساعدتك، وذلك بفضل القدرات الجديدة التي أضافتها الشركة فيه.
إذ يأتي النموذج مع أكثر من أداة مبنية بداخله لتيسير عمله، بدءا من متصفح الإنترنت المماثل لمتصفحات الإنترنت المعتادة وحتى المتصفح النصي فقط الذي يستخدم في حال كان المطلوب لا يحتاج للصور أو مقاطع الفيديو ومحرر النصوص وأداة اختبار الأكواد البرمجية.
ويستطيع النموذج التنقل بين هذه الأدوات الثلاث بحرية تامة حسبما تتطلب منه المهمة، فإذا طلبت منه كتابة كود برمجي تجده يستخدم واجهة الأوامر بدلا من المتصفح، وإذا طلبت منه كتابة نص أو رسالة يستخدم المتصفح النصي وهكذا.
كما يتخطى النموذج مرحلة توليد الأفكار إلى تنفيذها بالآلية التي تختارها، فإذا طلبت منه تجهيز خطة لعطلة في إسبانيا، فإن النموذج يستخدم المتصفح للبحث عن أفضل رحلات الطيران في الوقت الذي تحدده، ثم أفضل أسعار الفنادق في الوقت ذاته، وأخيرا يضع خطة للمزارات السياحية بناء على موقع الفندق والتوقيت الذي تكون موجودا فيه.
وتظهر هذه المهارة تحديدا عند طلب تجهيز خطة لتناول الطعام أو جدول طعام أسبوعي مع تجهيز الموارد اللازمة له، فتجد النموذج يقوم بتجهيز الخطة بناء على تفضيلاتك، ثم يقوم بتجهيز قائمة المواد المطلوبة، وأخيرا يمكنه طلب هذه المواد لك إذا كنت ترغب في ذلك.
ويستطيع النموذج الجديد الوصول إلى أي نوع من أنواع المحتوى وأي موقع موجود على الإنترنت، وذلك لأن المتصفح الموجود بداخله هو أقرب إلى متصفح حقيقي يمكنه ضغط الأزرار ورؤية الصور والضغط عليها وحتى تحميل الملفات وتنظيمها.
إيقاف النموذج في أي مرحلة
أضافت "أوبن إيه آي" في نموذج "شات جي بي تي إيجنت" أداة جديدة تدعى وضع المراقبة، وهي تتيح لك مراقبة النموذج وهو يعمل في الوقت المباشر بشكل يتخطى النماذج الأخرى.
ويضم هذا الوضع عدة جوانب مختلفة، بدءا من إجبار المستخدم على البقاء في الصفحات التي تضم معلومات حساسة ويعمل بها "شات جي بي تي إيجنت" حتى ينتهي من عمله، وإلا فإن الوظيفة تنتهي، وحتى وضع المراقبة لمنع النموذج من تسريب البيانات أو إعطاء أجوبة خاطئة.
ويوفر وضع المراقبة إمكانية تحكم كاملة في نموذج "شات جي بي تي إيجنت"، إذ تستطيع بكل سهولة إيقاف النموذج في أي مرحلة من المراحل التي يتصرف بها، وذلك إما لتصحيح خطوة خطأ قام بها أو حتى لإضافة خطوة إضافية.
الوصول إلى الخدمات كافة
ويضم النموذج أيضا ميزة جديدة تدعى "الموصلات" (Connectors)، وهي تتيح لـ"شات جي بي تي إيجنت" الاتصال بالخدمات الخارجية التي تقوم باستخدامها دون طلب كلمة المرور أو اسم المستخدم.
إذ يتم تثبيت الموصلات في الأداة الخارجية وربطها بحساب "شات جي بي تي إيجنت" من أجل البدء في وظائف النموذج وتنفيذ الطلبات الموجهة إليه بشكل سريع وسلس.
ويقوم النموذج بتأدية الوظائف داخل هذه الخدمة بشكل مستمر كأن المستخدم نفسه موجود، ويتضمن هذا بناء العروض التقديمية أو صفحات الميزانية وغيرها من الوظائف المتنوعة.
كما أن الأدوات المتاحة بداخله تساعده على أداء أغلب الوظائف المطلوبة منه على نحو سهل وسلس كأن المستخدم يقوم بها بنفسه في حاسوبه، فضلا عن قدرته على التعامل مع البيانات الضخمة التي تتضمن عددا كبيرا من المدخلات.
متى يتوافر "شات جي بي تي إيجنت"؟
أوضح تقرير "ذا فيرج" أن الأداة بدأت بالفعل في الوصول التدريجي لمستخدمي خدمات "شات جي بي تي" المدفوعة، مع توقعات بوصولها أيضا إلى مستخدمي الشركات والمؤسسات التعليمية لاحقا هذا العام، ولم تحدد الشركة بعد موعد صدورها للمنطقة الأوروبية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 16 دقائق
- الديار
أي دور للذكاء الاصطناعي كأداة حيويّة لدعم الصحة النفسيّة الرقميّة ؟
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب في ظل الانتشار المتسارع للتقنيات الرقمية واعتماد المجتمعات المتزايد على الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب الحياة، برزت حاجة ملحة لفهم تأثير هذه الوسائل في الصحة النفسية للمستخدمين. من أبرز التحديات التي تواجه هذا المجال ظاهرة "الإرهاق النفسي الرقمي" والقلق الناتج من الاستخدام المكثف للتكنولوجيا، والتي غالبا ما تبقى خفية وغير ملحوظة لدى الأفراد أنفسهم. هنا يطرح الذكاء الاصطناعي إمكانيات جديدة لرصد هذه المؤشرات النفسية بشكل غير مباشر، من خلال تحليل أنماط التفاعل الرقمية وسلوك المستخدمين، دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر أو اختبار نفسي تقليدي. ومع ذلك، يبقى السؤال المهم حول مدى قدرة هذه الابتكارات على تقديم دعم فعلي وذكي للصحة النفسية الرقمية، مع الحفاظ على خصوصية الأفراد وتجنّب خلق اعتماد مفرط على الأنظمة الذكية، مما قد يؤدي إلى آثار نفسية سلبية على المدى الطويل. إلى جانب ذلك، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الفئات الأكثر هشاشة، مثل الأشخاص ذوي الاحتياجات الذهنية، كالمصابين بالتوحد أو متلازمة داون، الذين يتطلبون حلولاً مصممة بعناية تراعي اختلافاتهم الإدراكية والسلوكية. وبالاستناد الى كل ما ذكر بشأن الانتفاع من هذه المنهجيات، لا يمكن إغفال التحديات التي تواجه المجتمعات في الدول النامية، حيث قد تؤدي تحيزات الخوارزميات إلى تفاقم الفجوات الاجتماعية والنفسية، ما يستدعي دراسة متأنية لكيفية تصميم واستخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة عادلة ومسؤولة تلبي المتطلبات النفسية لهذه الفئات دون الإضرار بها. في جميع الأحوال، تهدف هذه الرؤية الموضوعية إلى استكشاف قدرات الذكاء الاصطناعي في دعم الصحة النفسية الرقمية، مع تحليل نقدي للتحديات الأخلاقية والنفسية المصاحبة، لتقديم إطار عمل يوازن بين الفوائد التقنية وضرورة الحفاظ على الكرامة والخصوصية النفسية للمستخدمين. AI لن يكون انساناً! في السياق الطبي النفسي، تقول الاختصاصية النفسانية والاجتماعية غنوة يونس لـ "الديار": "أؤمن بأن الذكاء الاصطناعي، إذا استُخدم بشكل صحيح، يمكن أن يكون أداة داعمة للرفاه النفسي، خاصة للفئات الهشّة، ليس لأنه يحل محل الإنسان، بل لأنه يساندنا ويسهل علينا الفهم، ويخلق مساحات جديدة من الدعم التي قد نكون محرومين منها أو غير قادرين على الوصول إليها كخدمات نفسية مدفوعة الثمن". الصحة الرقمية باتت ضرورة! وتشير إلى أن "الأشخاص الذين يعانون من ضغط أو توتر ناتج من الاستخدام اليومي للتقنية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون بمثابة مرآة لا تحكم، بل تراقب. فهو يلاحظ تغييرات بسيطة لكنها مهمة، مثل ساعات الاستخدام، طبيعة المحتوى، وتغير المزاج المرتبط باستعمال الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي. وعندما يُصمم بشكل واعٍ، يمكن أن ينبه الشخص بلغة واضحة غير اتهامية، ويقترح استراحات، تمارين تنفس، أو حتى يخبره بأشياء يحبها، تماما مثل الساعة الذكية التي نرتديها والتي تذكرنا بضرورة القيام بالمشي، أو أن وقت النوم قد حان، أو أنه يجب علينا شرب الماء". رصد نفسي ذكي! وتكشف لـ "الديار" أنه "بالنسبة لذوي التوحد أو متلازمة داون، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث نقلة نوعية إذا تم تطويره من خلال فهم عميق لتجارب هؤلاء الأشخاص، وليس من خلال فرض أنماط جاهزة. بمعنى أنه لا يوجد حل سحري أو قاعدة واحدة تُطبّق على فئة موحدة، إذ يجب مراعاة فردانية كل شخص، وحالته، وتاريخه، وما يمر به. وبالتالي يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يتعلم من ردات الفعل، مثل النبرة، وتعابير الوجه، والإيقاع الذي يرتاحون إليه، ليخلق بيئة تفاعلية تشبه الحديث مع شخص يفهمهم. يمكنه أن يقدم دعماً نفسياً إلى حد ما، مع التحفظ على أنه لا يمكن أن يكون بديلاً للمعالج النفسي الذي يتبادل مع الشخص التعاطف والتواصل العميق. من هنا، يساعد الذكاء الاصطناعي على التعبير عن النفس أو تطوير مهارات التواصل، لكن الأهم أن يكون قريباً من الفرد ولا يعتمد على قاعدة واحدة لجميع الحالات". العدالة الرقمية في الذكاء الاصطناعي وتؤكد أن "في المجتمعات الضعيفة في الدول النامية، يبدأ التحدي الأخلاقي الأعمق، إذ إنه إذا لم يكن هناك وعي كافٍ، قد تكرّس التكنولوجيا نفسها تحيّزات أو تخلق فجوات أكبر. وهذا يدعونا للتركيز كثيرا على العدالة الرقمية، ويجب أن تُبنى كل خوارزمية على معايير إنسانية تراعي كل شخص كفرد، لا كرقم أو نموذج. المجتمعات الهشّة بحاجة إلى ذكاء اصطناعي يعمل من اجل خدمتهم، وليس على حسابهم. وهنا يأتي دور الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين ليكونوا جزءا من عملية التصميم، وليس التقنيين فقط، وليحقق توازناً بين الذكاء الاصطناعي والذكاء الإنساني الذي يراعي معايير وفردانية كل فرد". وتشير في ختام حديثها الى نقطة أخيرة تراها أساسية: "أهم جانب نفسي وأخلاقي يجب أن ننتبه إليه هو ألا نسمح لهذه التكنولوجيا أن تنزع من الإنسان حريته أو خصوصيته. حتى وإن أصبح الذكاء الاصطناعي أداة ذكية جدا، علينا دائما أن نسأل: هل يساعدني على سماع صوتي؟ أم أنه يفرض عليّ طريقة جديدة للعيش لا تشبهني ولا تعبر عما أريده؟". ختاماً لا بد من الإشارة الى انه في ظل التقدم المتسارع للذكاء الاصطناعي، تبرز الصحة النفسية الرقمية كأحد المجالات التي تحمل وعودا كبيرة وفرصا حقيقية، خصوصا في خدمة الفئات الهشّة والمحرومة من الدعم التقليدي. إلا أن هذا التقدم لا يمكن أن يكون فعالًا أو آمنا ما لم يُرافق بوعي إنساني عميق، وتدخل مهني من الاختصاصيين النفسيين والاجتماعيين في مراحل التصميم والتطبيق. لذاـ قد يكون الذكاء الاصطناعي مرآة حساسة تلتقط التغيرات النفسية الخفية، أو أداة تفاعلية تراعي الفروق الفردية، لكنه لا يجب أن يتحوّل إلى سلطة ناعمة تفرض نمطًا واحدا للعيش، أو تنتزع من الأفراد حريتهم وخصوصيتهم. على المستوى الإنساني، إن مستقبل الصحة النفسية الرقمية لا يكمن فقط في قدرة الخوارزميات على التعلّم، بل في قدرتنا نحن على تسخير هذه التقنية بذكاء إنساني، يضمن العدالة، ويصون الكرامة، ويمنح الأفراد فرصة ليُصغوا إلى ذواتهم لا أن يُعاد تشكيلهم بصمت.


النهار
منذ 6 ساعات
- النهار
مراكز بيانات محلية... بنماذج أجنبية: وهم السيادة في عصر الذكاء الاصطناعي
يشهد الذكاء الاصطناعي نمواً متسارعاً في دول المنطقة، حيث أصبح جزءاً أساسياً من التحول الرقمي في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص. من تحليل البيانات الأمنية إلى تسريع الإجراءات القانونية، باتت النماذج الذكية جزءاً من البنية التحتية الحديثة. ومع ذلك، فإن الاعتماد المتزايد على نماذج الذكاء الاصطناعي السحابية، حتى عندما تُستضاف محلياً في مراكز بيانات داخل الدولة، يطرح مخاطر حقيقية على السيادة الرقمية والأمن الوطني. يعتقد البعض بأن استضافة نماذج الذكاء الاصطناعي في داخل الدولة تضمن الأمان والتحكم، لكن الواقع مختلف. فحتى مع وجود الخوادم في الداخل، تبقى الشركات الأجنبية هي من تطوّر وتتحكّم بالنموذج، والتحديثات، ومفاتيح الوصول. القوانين التي تخضع لها هذه الشركات –وأبرزها قانون CLOUD Act الأميركي– تسمح للسلطات الأميركية بالوصول إلى بيانات المستخدمين حتى لو كانت مخزّنة خارج الولايات المتحدة، طالما أن الشركة التي تديرها أميركية أو تابعة لشركة أميركية. هذا يعني، على سبيل المثال، أن بيانات وزارة أو هيئة حكومية في إحدى دول المنطقة تستخدم نموذجاً من "مايكرسوفوت: أو "أوبن إيه آي" (المملوكة جزئياً لمايكروسوفت) يمكن –من الناحية القانونية– أن تُطلب بموجب أمر قضائي أميركي دون علم الدولة المالكة للبيانات، ومن دون قدرتها على الاعتراض. وقد سبق لهذا القانون أن أثار جدلاً واسعاً، كما حصل في قضية شركة "مايكروسوفت" عندما طُلب إليها تسليم بيانات مخزّنة في خوادم إيرلندية. رغم المقاومة الأوليّة، فإن القانون أقرّ لاحقاً بأن الشركات ملزمة بالتعاون. وهذا يوضح أنه حتى استضافة البيانات محلياً لا تحميها من الوصول الأجنبي، طالما أن السيطرة البرمجية بيد طرف خارجي. الأخطر من ذلك أن البيانات التي تدخل إلى هذه النماذج قد تُستخدم لاحقاً في تدريبها أو تحليلها، حتى إن تم ذلك بشكل غير مباشر أو مجمّع. هذا يعني أن وثائق حكومية، ملفات أمنية، أو بيانات صحية قد تساهم في تحسين نموذج لا تملكه الدولة، من دون وجود أيّ ضمانات فعليّة حول كيفيّة استخدامها لاحقاً. كذلك، فإن النماذج الغربية لا تعكس بالضرورة القِيَم الثقافية أو الأخلاقية أو القانونية في دول المنطقة. فقد تصدر عنها استجابات تتعارض مع الدين أو التقاليد أو الأنظمة القضائية المحلية. هذا يجعل استخدامها في مجالات مثل التعليم، القضاء، أو الإعلام محفوفاً بالمخاطر، ويحتاج إلى مراقبة شديدة وتكييف محليّ حقيقي. من الناحية الاقتصادية، يؤدي الاعتماد على هذه النماذج إلى ما يُعرف بـ "الارتباط القسري" أو vendor lock-in، حيث تصبح المؤسسات عاجزة عن التحول إلى بدائل محلية أو مفتوحة المصدر، بسبب ارتباطها الكامل ببنية تحتية مغلقة لا يمكن فكها أو نقلها بسهولة. والأسوأ أن هذا الاعتماد لا يولّد خبرات محلية، بل يُبقي الابتكار التقني بأيدٍ خارجية. الحل لا يكون فقط في بناء مراكز بيانات محلية، بل في امتلاك النماذج نفسها، وفهم منطقها الداخلي، والتحكم الكامل بكيفيّة عملها وتحديثها. وهذا يتطلّب استثمارات وطنية في نماذج مفتوحة المصدر، وبناء قدرات بحثية محلية، وإنشاء هيئات تنظيمية متخصصة في الذكاء الاصطناعي تضع السياسات المناسبة لحماية الخصوصية والسيادة في آن واحد. إذا أرادت دول المنطقة أن تواصل ريادتها في التحول الرقمي، فعليها ألا تكتفي بالوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي، بل يجب أن تسعى لامتلاكها وتوجيهها بما يخدم مصالحها الوطنية وقيمها المجتمعية. السيادة الرقمية لا تتحقق بمجرد تخزين البيانات داخل الحدود، بل تبدأ عندما تتحكم الدولة بالتكنولوجيا التي تُشغّل تلك البيانات.


النهار
منذ 13 ساعات
- النهار
ملخصات الذكاء الاصطناعي تقلّص جمهور المواقع الإخبارية بشكل غير مسبوق
حذّرت شركات الأخبار من "تأثير مدمّر" على جمهورها عبر الإنترنت مع استبدال نتائج البحث بملخّصات يقدّمها الذكاء الاصطناعي، وذلك بعد أن كشفت دراسة جديدة أنها قد تتسبب في انخفاض يصل إلى 80% في عدد النقرات. وبحسب ما أوردته صحيفة "الغارديان"، فإن ميزة Google AI Overviews، التي تعرض للمستخدمين ملخصات نصية مباشرة، تمنحهم المعلومات المطلوبة من دون الحاجة إلى زيارة المواقع الأصلية، تؤدي إلى تراجع كبير في حركة المرور القادمة من محركات البحث. وأظهرت تحليلات شركة Authoritas أن المواقع التي تتصدر نتائج البحث قد تفقد نحو 79% من زوارها إذا ظهرت روابطها أسفل هذه الملخصات، فيما أصبحت روابط يوتيوب أكثر بروزًا من السابق. كذلك بينت دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث أن المستخدمين ينقرون على رابط أسفل ملخص الذكاء الاصطناعي مرة واحدة فقط من بين كل 100 عملية بحث. وأكد ناشرون في المملكة المتحدة بالفعل هذا التأثير، إذ أشار موقع MailOnline إلى تراجع نسب النقرات بأكثر من 50% في بعض الحالات. وقدمت هذه النتائج ضمن شكوى قانونية إلى هيئة المنافسة والأسواق البريطانية من قبل منظمات تدعو إلى حماية الإعلام المستقل، محذّرة من أن استمرار هذا الوضع قد يهدد مستقبل الصحافة عالية الجودة.