logo
كيف تحوّلت جمجمة كرتونية إلى رمز للتحدّي في إندونيسيا؟

كيف تحوّلت جمجمة كرتونية إلى رمز للتحدّي في إندونيسيا؟

الوسطمنذ يوم واحد
BBC
ظهرت أعلام من أنمي "ون بيس" في أنحاء إندونيسيا كشكل من أشكال الاحتجاج على تزايد مركزية الحكومة.
في مسلسل الأنمي، أو الرسوم المتحركة اليابانية، الشهير "ون بيس"، يرفع قراصنة مشاكسون أعلاماً سوداء تحمل جمجمة تعتمر قبعة قش، في مسعاهم لمواجهة نظام قمعي والنضال من أجل الحرية.
لكن في يوليو/تموز، بدأت هذه الرموز بالظهور في أنحاء إندونيسيا – عند مداخل البيوت، وعلى ظهر السيارات، وعلى الجدران.
بالنسبة لكثيرين، جاءت هذه الخطوة كرد على دعوة الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو المواطنين إلى رفع علم البلاد الأحمر والأبيض قبيل عيد الاستقلال في 17 أغسطس/آب.
بعض الإندونيسيين اختاروا بدلاً من ذلك رفع أعلام القراصنة، المعروفة باسم "جولي روجر" الاسم التقليدي لعلم القراصنة الأسود الذي يحمل جمجمة وعظمتين متقاطعتين، كرمز لسخطهم، منتقدين ما يقولون إنه تزايد في مركزية الحكم بقيادة برابوو.
غير أن هذه الحركة لم تلقَ استحسان الجميع. إذ انتقد نائب رئيس مجلس النواب الإندونيسي في الأسبوع الماضي رفع هذه الأعلام، واصفاً ذلك بأنه "محاولة لشق صف الأمة". بينما ذهب مشرع آخر إلى حد وصفها بالخيانة.
نُشر "ون بيس" لأول مرة عام 1997 كـ مانغا، -القصص المصوّرة اليابانية-، من تأليف إييتشيرو أودا، ويُعد من أشهر الأعمال الفنية في العالم. وبيعت منه أكثر من 520 مليون نسخة، فيما تجاوز عدد حلقات المسلسل التلفزيوني 1,100 حلقة.
وللمسلسل قاعدة جماهيرية واسعة ومخلصة في إندونيسيا، إذ تحظى الأنمي اليابانية بشعبية كبيرة.
وكما يرفع القراصنة في المسلسل، بقيادة مونكي دي. لوفي (وهو شخصية خيالية وبطل "ون بيس"، ويقود طاقم القراصنة)، أعلام "جولي روجر" كرمز للحرية في مواجهة حكومتهم، يقول بعض الإندونيسيين إن رفعهم لهذه الأعلام هو "رمز لحبنا لهذا الوطن، رغم أننا لا نتفق كلياً مع سياساته".
وقال علي مولانا، من سكان مدينة جايابورا في إقليم بابوا، إن الأنمي يعكس الظلم وانعدام المساواة الذي يعيشه كثير من الإندونيسيين.
وأضاف لبي بي سي "رغم أن البلاد مستقلة رسمياً، إلا أن كثيراً منا لم يختبر الحرية الحقيقية في حياته اليومية".
وبالنسبة له ولغيره، كان قرار رفع العلم رداً مباشراً على خطاب للرئيس برابوو في أواخر يوليو/تموز.
وقال برابوو في خطابه: "ارفعوا العلم الأحمر والأبيض حيثما كنتم. الأحمر يرمز إلى الدماء التي أُريقت من أجل استقلالنا، والأبيض يرمز إلى نقاء أرواحنا".
وقال ديندي كريستانتو، صاحب متجر "ويك ويك" للملابس في جاوة الوسطى، إنه تلقى "آلاف الطلبات" لهذه الأعلام بعد خطاب الرئيس.
وأضاف لصحيفة "جاكرتا بوست"، وهي صحيفة إندونيسية تصدر باللغة الإنجليزية: "منذ نهاية يوليو/تموز، بدأت أتلقى مئات الطلبات يومياً من مختلف أنحاء إندونيسيا".
لكن بعض كبار المسؤولين أبدوا انزعاجهم من الأمر.
وصف نائب رئيس مجلس النواب، سوفمي داسكو أحمد، المعروف على نطاق واسع بأنه الذراع اليمنى لبرابوو، الحركة بأنها "محاولة منسّقة لشق صف الأمة".
وقال الأسبوع الماضي: "علينا جميعاً مقاومة مثل هذه الأفعال".
أما فيرمان سوباجيو، النائب عن حزب غولكار، وهو من أحزاب يمين الوسط ، فيرى أن رفع هذه الأعلام قد يُعد خيانة.
لكن يوم الثلاثاء، قال وزير شؤون الدولة براسيتيو هادي إن الرئيس "لا يعارض" رفع الأعلام كنوع من "التعبير الإبداعي".
وجاء في بيان صادر عن مكتبه: "لكن لا ينبغي استخدام ذلك للطعن في أهمية العلم الأحمر والأبيض أو التقليل من شأنه. ويجب ألا توضع الأعلام جنباً إلى جنب بطريقة توحي بالمقارنة أو تثير الخلاف".
ولا توجد في إندونيسيا قوانين تقيّد عرض الأعلام الخيالية، لكن القانون ينص على أنه إذا رُفعت إلى جانب العلم الوطني الأحمر والأبيض، يجب أن يكون العلم الوطني مرفوعاً في موضع أعلى.
وقالت الشرطة في العاصمة جاكرتا إنها "تراقب استخدام الأعلام والرموز غير الوطنية التي لا تنسجم مع روح الوطنية، بما في ذلك الأعلام ذات الطابع القرصاني أو الخيالي".
"تهديد للأمن القومي"
EPA
في فبراير/شباط، خرج آلاف الإندونيسيين إلى الشوارع للاحتجاج على تخفيضات الميزانية والتغييرات التشريعية التي تسمح للجيش بدور أكبر في الحكومة.
تواجه الديمقراطية الإندونيسية، وهي ثالث أكبر ديمقراطية في العالم، تحديات متزايدة في السنوات الأخيرة.
وتولى الرئيس السابق جوكو ويدودو السلطة باعتباره ديمقراطياً واعداً، لكنه فقد بعضاً من بريقه في أواخر ولايته الثانية، حين أعاد العمل بعقوبة الإعدام بحق تجار المخدرات، وعيّن الجنرال السابق المثير للجدل برابوو وزيراً للدفاع.
وتصاعد غضب الشارع منذ أن تولّى برابوو الرئاسة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ففي فبراير/شباط، خرج الآلاف إلى الشوارع احتجاجاً على تخفيضات في الميزانية وتعديلات تشريعية تسمح للجيش بلعب دور أكبر في الحكومة.
وجاء في منشور على إنستغرام حظي بانتشار واسع: "الأعلام الحمراء والبيضاء باتت مقدسة أكثر من أن نرفعها الآن".
ورغم انتقادات بعض المشرعين لرفع أعلام "جولي روجر"، فإن آخرين يرون أنها شكل مقبول من التعبير الشعبي.
وقال نائب وزير الداخلية، بيما آريا سوغيارطو، إن هذه الأعلام تمثّل وسيلة للناس لـ"للتعبير عن تطلعاتهم".
وأضاف: "مثل هذا الشكل من التعبير ظاهرة طبيعية في ظل الديمقراطية".
أما ديدي يفري سيتوروس، من حزب النضال الديمقراطي المعارض، فقال: "هذا النوع من الأفعال الرمزية أفضل من احتجاجات الشوارع التي قد تتحول إلى العنف".
وبفضل الشعبية الواسعة لـ"ون بيس" بين مختلف الفئات العمرية في إندونيسيا، فإن الأعلام توفر وسيلة لـ"رفع الوعي حول القضايا السياسية بطريقة مختلفة وفريدة"، حسبما قال دومينيك نيكي فاهريزال، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
وبالنسبة لبعض الإندونيسيين، فإن الرد الملتبس من الحكومة على أعلام "جولي روجر" يعكس قوة هذا الرمز.
وكتب فرحان رزق الله على منصة "ميديوم"، وهي منصة نشر إلكترونية عالمية للمقالات والمدونات: "من خلال تعاملهم مع علم كرتوني كتهديد للأمن القومي، أضفوا شرعية من حيث لا يدرون على مبررات الاحتجاج برمّتها".
وأضاف: "أظهروا أن حلم مونكي دي. لوفي، ذاك الطموح البسيط والثابت للحرية، هو الشيء الوحيد الذي يخشونه حقاً".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كيف تحوّلت جمجمة كرتونية إلى رمز للتحدّي في إندونيسيا؟
كيف تحوّلت جمجمة كرتونية إلى رمز للتحدّي في إندونيسيا؟

الوسط

timeمنذ يوم واحد

  • الوسط

كيف تحوّلت جمجمة كرتونية إلى رمز للتحدّي في إندونيسيا؟

BBC ظهرت أعلام من أنمي "ون بيس" في أنحاء إندونيسيا كشكل من أشكال الاحتجاج على تزايد مركزية الحكومة. في مسلسل الأنمي، أو الرسوم المتحركة اليابانية، الشهير "ون بيس"، يرفع قراصنة مشاكسون أعلاماً سوداء تحمل جمجمة تعتمر قبعة قش، في مسعاهم لمواجهة نظام قمعي والنضال من أجل الحرية. لكن في يوليو/تموز، بدأت هذه الرموز بالظهور في أنحاء إندونيسيا – عند مداخل البيوت، وعلى ظهر السيارات، وعلى الجدران. بالنسبة لكثيرين، جاءت هذه الخطوة كرد على دعوة الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو المواطنين إلى رفع علم البلاد الأحمر والأبيض قبيل عيد الاستقلال في 17 أغسطس/آب. بعض الإندونيسيين اختاروا بدلاً من ذلك رفع أعلام القراصنة، المعروفة باسم "جولي روجر" الاسم التقليدي لعلم القراصنة الأسود الذي يحمل جمجمة وعظمتين متقاطعتين، كرمز لسخطهم، منتقدين ما يقولون إنه تزايد في مركزية الحكم بقيادة برابوو. غير أن هذه الحركة لم تلقَ استحسان الجميع. إذ انتقد نائب رئيس مجلس النواب الإندونيسي في الأسبوع الماضي رفع هذه الأعلام، واصفاً ذلك بأنه "محاولة لشق صف الأمة". بينما ذهب مشرع آخر إلى حد وصفها بالخيانة. نُشر "ون بيس" لأول مرة عام 1997 كـ مانغا، -القصص المصوّرة اليابانية-، من تأليف إييتشيرو أودا، ويُعد من أشهر الأعمال الفنية في العالم. وبيعت منه أكثر من 520 مليون نسخة، فيما تجاوز عدد حلقات المسلسل التلفزيوني 1,100 حلقة. وللمسلسل قاعدة جماهيرية واسعة ومخلصة في إندونيسيا، إذ تحظى الأنمي اليابانية بشعبية كبيرة. وكما يرفع القراصنة في المسلسل، بقيادة مونكي دي. لوفي (وهو شخصية خيالية وبطل "ون بيس"، ويقود طاقم القراصنة)، أعلام "جولي روجر" كرمز للحرية في مواجهة حكومتهم، يقول بعض الإندونيسيين إن رفعهم لهذه الأعلام هو "رمز لحبنا لهذا الوطن، رغم أننا لا نتفق كلياً مع سياساته". وقال علي مولانا، من سكان مدينة جايابورا في إقليم بابوا، إن الأنمي يعكس الظلم وانعدام المساواة الذي يعيشه كثير من الإندونيسيين. وأضاف لبي بي سي "رغم أن البلاد مستقلة رسمياً، إلا أن كثيراً منا لم يختبر الحرية الحقيقية في حياته اليومية". وبالنسبة له ولغيره، كان قرار رفع العلم رداً مباشراً على خطاب للرئيس برابوو في أواخر يوليو/تموز. وقال برابوو في خطابه: "ارفعوا العلم الأحمر والأبيض حيثما كنتم. الأحمر يرمز إلى الدماء التي أُريقت من أجل استقلالنا، والأبيض يرمز إلى نقاء أرواحنا". وقال ديندي كريستانتو، صاحب متجر "ويك ويك" للملابس في جاوة الوسطى، إنه تلقى "آلاف الطلبات" لهذه الأعلام بعد خطاب الرئيس. وأضاف لصحيفة "جاكرتا بوست"، وهي صحيفة إندونيسية تصدر باللغة الإنجليزية: "منذ نهاية يوليو/تموز، بدأت أتلقى مئات الطلبات يومياً من مختلف أنحاء إندونيسيا". لكن بعض كبار المسؤولين أبدوا انزعاجهم من الأمر. وصف نائب رئيس مجلس النواب، سوفمي داسكو أحمد، المعروف على نطاق واسع بأنه الذراع اليمنى لبرابوو، الحركة بأنها "محاولة منسّقة لشق صف الأمة". وقال الأسبوع الماضي: "علينا جميعاً مقاومة مثل هذه الأفعال". أما فيرمان سوباجيو، النائب عن حزب غولكار، وهو من أحزاب يمين الوسط ، فيرى أن رفع هذه الأعلام قد يُعد خيانة. لكن يوم الثلاثاء، قال وزير شؤون الدولة براسيتيو هادي إن الرئيس "لا يعارض" رفع الأعلام كنوع من "التعبير الإبداعي". وجاء في بيان صادر عن مكتبه: "لكن لا ينبغي استخدام ذلك للطعن في أهمية العلم الأحمر والأبيض أو التقليل من شأنه. ويجب ألا توضع الأعلام جنباً إلى جنب بطريقة توحي بالمقارنة أو تثير الخلاف". ولا توجد في إندونيسيا قوانين تقيّد عرض الأعلام الخيالية، لكن القانون ينص على أنه إذا رُفعت إلى جانب العلم الوطني الأحمر والأبيض، يجب أن يكون العلم الوطني مرفوعاً في موضع أعلى. وقالت الشرطة في العاصمة جاكرتا إنها "تراقب استخدام الأعلام والرموز غير الوطنية التي لا تنسجم مع روح الوطنية، بما في ذلك الأعلام ذات الطابع القرصاني أو الخيالي". "تهديد للأمن القومي" EPA في فبراير/شباط، خرج آلاف الإندونيسيين إلى الشوارع للاحتجاج على تخفيضات الميزانية والتغييرات التشريعية التي تسمح للجيش بدور أكبر في الحكومة. تواجه الديمقراطية الإندونيسية، وهي ثالث أكبر ديمقراطية في العالم، تحديات متزايدة في السنوات الأخيرة. وتولى الرئيس السابق جوكو ويدودو السلطة باعتباره ديمقراطياً واعداً، لكنه فقد بعضاً من بريقه في أواخر ولايته الثانية، حين أعاد العمل بعقوبة الإعدام بحق تجار المخدرات، وعيّن الجنرال السابق المثير للجدل برابوو وزيراً للدفاع. وتصاعد غضب الشارع منذ أن تولّى برابوو الرئاسة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ففي فبراير/شباط، خرج الآلاف إلى الشوارع احتجاجاً على تخفيضات في الميزانية وتعديلات تشريعية تسمح للجيش بلعب دور أكبر في الحكومة. وجاء في منشور على إنستغرام حظي بانتشار واسع: "الأعلام الحمراء والبيضاء باتت مقدسة أكثر من أن نرفعها الآن". ورغم انتقادات بعض المشرعين لرفع أعلام "جولي روجر"، فإن آخرين يرون أنها شكل مقبول من التعبير الشعبي. وقال نائب وزير الداخلية، بيما آريا سوغيارطو، إن هذه الأعلام تمثّل وسيلة للناس لـ"للتعبير عن تطلعاتهم". وأضاف: "مثل هذا الشكل من التعبير ظاهرة طبيعية في ظل الديمقراطية". أما ديدي يفري سيتوروس، من حزب النضال الديمقراطي المعارض، فقال: "هذا النوع من الأفعال الرمزية أفضل من احتجاجات الشوارع التي قد تتحول إلى العنف". وبفضل الشعبية الواسعة لـ"ون بيس" بين مختلف الفئات العمرية في إندونيسيا، فإن الأعلام توفر وسيلة لـ"رفع الوعي حول القضايا السياسية بطريقة مختلفة وفريدة"، حسبما قال دومينيك نيكي فاهريزال، الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية. وبالنسبة لبعض الإندونيسيين، فإن الرد الملتبس من الحكومة على أعلام "جولي روجر" يعكس قوة هذا الرمز. وكتب فرحان رزق الله على منصة "ميديوم"، وهي منصة نشر إلكترونية عالمية للمقالات والمدونات: "من خلال تعاملهم مع علم كرتوني كتهديد للأمن القومي، أضفوا شرعية من حيث لا يدرون على مبررات الاحتجاج برمّتها". وأضاف: "أظهروا أن حلم مونكي دي. لوفي، ذاك الطموح البسيط والثابت للحرية، هو الشيء الوحيد الذي يخشونه حقاً".

بعد إعلان تركي آل الشيخ الاعتماد الكامل على السعوديين والخليجيين، هل مصر "خارج موسم الرياض"؟
بعد إعلان تركي آل الشيخ الاعتماد الكامل على السعوديين والخليجيين، هل مصر "خارج موسم الرياض"؟

الوسط

timeمنذ 4 أيام

  • الوسط

بعد إعلان تركي آل الشيخ الاعتماد الكامل على السعوديين والخليجيين، هل مصر "خارج موسم الرياض"؟

Getty Images أعلن تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية، الاعتماد بشكل شبه كامل على طاقم موسيقي سعودي وخليجي، في الحفلات الغنائية بموسم الرياض. الصيغة التي كتب بها آل الشيخ منشوره على مواقع التواصل، أعطت انطباعاً باستبعاد المصريين من الموسم، لا سيما بعد أن نص على الاستعانة بالمسرح السوري، دون ذكر للمسرح المصري، الأشهر في المنطقة العربية. وجاء في منشور وتغريدة على فيسبوك وإكس قوله: "في موسم الرياض القادم، اعتماد كامل تقريباً على العازفين والموسيقيين السعوديين والخليجيين في الحفلات الغنائية". وأضاف المستشار في الديوان الملكي أن موسم الرياض سيشهد اعتماداً "شبه كامل" على المسرحيات السعودية والخليجية، مشيراً إلى الاستعانة أو "التطعيم بمسرحيات سورية وعالمية". وتباينت ردود الفعل على مواقع التواصل في مصر، فالبعض رأى في ذلك تجاهلاً للفنانين المصريين الذين لطالما أثروا المجال الفني في الدول العربية عامة، وفي الخليج خاصة. واستنتجت بعض الصفحات والمواقع المصرية أن "مصر خارج موسم الرياض" هذا العام. وتساءل البعض: هل عدم وجود الفن المصري ونجومه في الفعاليات السعودية يضر بالفن المصري أم يضر بالفعاليات السعودية؟ مشيراً إلى أن النجوم المصريين هم أصحاب "الجماهيرية الأكبر في العالم العربي". في حين رآى آخرون أن هذه الخطوة تندرج تحت بند "سعودة" مختلف المجالات، أي تحويل العاملين فيها من الجنسيات الأخرى إلى الجنسية السعودية، وهي عملية هيمنت على بعض المجالات الأكاديمية منذ سنوات عدة. وشكك بعض المصريين في نجاح موسم الرياض بدون الحضور المصري، متحدّين هيئة الترفيه ألّا تستخدم الألحان والأغاني واللهجة المصرية، في إشارة إلى صعوبة تحقق ذلك. وكان قرار هيئة الترفيه فرصة استعاد فيها بعض رواد موقع التواصل موقف الفنان المصري محمد سلّام الذي رفض منذ عامين الذهاب إلى موسم الرياض، تضامناً مع حرب غزة؛ حيث رأى أنه لا يمكن للفنان أن يَضحك ويُضحك الجمهور، وعلى حدود بلده أناسٌ يُقتلون. في المقابل، كانت هناك بعض ردود الفعل المصرية التي ثمّنت الخطوة ورأتها مهارة من الفنانين السعوديين الذين استفادوا من التجربة المصرية سريعاً واستطاعوا الاعتماد على أنفسهم وتقديم ما يخص ثقافتهم. وكتب إسلام لطفي "أحب جداً يكون فيه فنانين سعوديين بجد يعبروا عن ثقافتهم المحلية"، واستحسنت هند مختار الخطوة السعودية قائلة إن الرياض تبدأ تجربة الاعتماد على نفسها بعد أن جلبت إليها الخبرات، مضيفة أن "المُجنسين" ممن اكتسبوا الجنسية السعودية، سيكون لهم دور مساعد في هذا المجال. واستنكر المخرج المصري أمير رمسيس الغضب الواسع إزاء هذا القرار، قائلاً إن من حق أي دولة تنمية فنانيها والاعتماد عليهم، متسائلاً "ماذا ينقصنا لفعل الشيء ذاته؟ لماذا نتواكل على الآخر لنقدم ما لدينا؟". ورغم أن بعض التعليقات أشارت إلى أن هذه الخطوة ذات دلالة على خلاف ما بين مصر والسعودية، إلا أن المحلل السياسي السعودي الدكتور محمد الحربي، رفض وجود أزمة سياسية بين البلدين. وأكد الحربي في حديث لبي بي سي أن إعلان آل الشيخ جاء في إطار "الإضافة وتوسع المشروع [الفني] فقط لا غير؛ لأن المسرح المصري أصلاً موجود وبكثافة وعقود ممتدة".

الوشم في حياة نساء عربيات: من طقوس قديمة إلى لغة حديثة للحرية
الوشم في حياة نساء عربيات: من طقوس قديمة إلى لغة حديثة للحرية

الوسط

time٢٥-٠٧-٢٠٢٥

  • الوسط

الوشم في حياة نساء عربيات: من طقوس قديمة إلى لغة حديثة للحرية

عندما قررت رنا، فور تخرجها من الجامعة، أن تترك بلدتها الصغيرة في إحدى محافظات دلتا النيل وتنتقل إلى القاهرة بحثاً عن فرصة عمل، واجهت عاصفة من الرفض. والدها، تحديداً، رأى في خطوتها تحدياً مباشراً، ليس فقط للتقاليد التي نشأت فيها العائلة، بل له هو شخصياً، كأب ورب للأسرة. وبعد عام واحد، كانت رنا قد بدأت حياتها الجديدة في العاصمة، واستقلت مادياً ومعنوياً. لم تخبر أحداً حين توجهت إلى أحد استوديوهات الوشم في وسط البلد. اختارت كلمة واحدة فقط، نُقشت بخط عربي دقيق على معصمها الأيسر: "حرية". جذور تاريخية عميقة لكن رنا لم تكن الوحيدة التي خطّت على جسدها كلمات تؤكد هويتها وما يمثل ذاتها، فللوشم جذور عميقة في الهوية العربية. "كلما نظرتُ إلى المرآة، أتذكر جدتي"، بهذه الكلمات تصف فاطمة، وهي سيدة أمازيغية من جبال الأطلس، العلاقة العاطفية التي تربطها بالوشم الذي يزيّن ذقنها منذ طفولتها. قالت لنا "هذا الوشم نقشته لي قريبة لنا، وكانت جدتي هي من اختارته. كانت تقول لي إنه يحميني من العين، ويزين وجهي كما تفعل الأقراط." لطالما شكّل الوشم في مجتمعات الأمازيغ والبدو وسيلة للتعبير عن الهوية والانتماء، وطقس عبور اجتماعياً وجسدياَ. وتشير الباحثة خديجة زيني في دراسة نشرتها في دورية دراسات شمال أفريقيا إلى أن "الوشم لم يكن مجرد زينة، بل جزءاً من نظام رمزي يُظهر موقع المرأة داخل الجماعة... كما كانت العلامات والرموز المستخدمة في الوشم أداة لحفظ الذاكرة، والتعبير عن المعتقدات، والدفاع عن الجسد من قوى الشر." Reuters طالما كان الوشم أسلوباً للتعبيرعن الهوية لدى مجتمعات الأمازيغ وفي المجتمعات البدوية في سيناء، مثلاً كانت النساء يشمن الشفة والخدود وأطراف الأيدي، في ممارسات تتجاوز الزينة إلى ما يُشبه العلامات الطقسية. ووفقاً لما دوّنه عدد من الرحالة والباحثين الأوروبيين في أواخر القرن التاسع عشر، من بينهم جورج شتايندورف، فإن "نساء سيناء كن مغرمات بالوشم، يشمن الشفة والخدود وظهر اليدين حتى المرفق، في ممارسات تجمع بين الزينة والرمز الطقسي." لكن هذه التقاليد لم تسلم من التحول. إذ ساهمت النظرة الدينية الرافضة للوشم، المستندة إلى تفسيرات فقهية تعتمد تفسيرات لحديث "لعن الله الواشمة والمستوشمة"، في تراجعه داخل هذه المجتمعات. وبمرور الوقت، خفتت مظاهره، خاصةً مع التوسع الحضري وتصاعد الخطاب الديني المحافظ. عودة بصيغة جديدة واليوم، تعود الممارسات المرتبطة بالوشم في شكل جديد، لا كتعبير جماعي قبلي، بل كفعل فردي خاص. وشمٌ لا يختار له المجتمع مكانه ولا رمزه، بل تختاره المرأة لتعلن عبره عن حريتها، ذاكرتها، أو حتى جرحها الذي اختارت أن يُرى. تقول علياء فضالي، وهي فنانة وشم مصرية، لبي بي سي: "الناس بحاجة إلى أن تفهم أن الوشم ليس مجرد رسمة على الجسم... لكنه طاقة تشجع وتداوي". بدأت علياء رحلتها مع الوشم وهي في سن المراهقة، برسم تجريبي على يديها وعلى جلد ثمار الموز. ومع الوقت، تحوّلت هوايتها إلى استوديو محترف. أما نانسي قمح، وهي فنانة وشم لبنانية، فتقول لبي بي سي إنها وجدت نفسها في هذا الفن: "كنت أحب الرسم، وأحب التصميم والإبداع... شعرت إن الوشم هو أكثر شيء يعبر عني." بدأت نانسي مسيرتها داخل صالون نسائي صغير تتعدد فيه الأنشطة التجميلية للنساء. بدأت عملها في الخارج، ثم عادت إلى بلدها لبنان، حيث قررت أن يكون الوشم هو عملها الوحيد، وأصرت على أن تكرس وقتها وجهدها للتميز فيه وتقول نانسي إنها واجهت في البداية تشكيكاً في قدراتها لمجرد كونها امرأة. وقالت "الناس يعتقدون أن الرجل لمجرد أنه رجل سيكون أكثر دقة عند العمل في تنفيذ وشم يبقى على الجسم طوال العمر". غير أن ذلك لم يحبطها أو يثنيها عن عزمها، بل أنها الآن أصبحت ترسم الرشوم على أجساد الرجال والنساء على حد سواء. الحبر والندبة: الوشم بوصفه فعلاً علاجياً تتعدد دوافع النساء للحصول على وشم، لكن دوافع التشافي تتكرر بكثافة. تقول دينا، وهي فنانة وشم لبنانية، تخصص جهودها لوشم النساء فقط، لبي بي سي: "أنا لا أشعر أنني أرسم لهن وشماً فقط. أثناء جلسة الوشم أسعر أنني في جلسة علاج لمن أدق لها الوشم." وتضيف أن ألم الوشم الخفيف غالباً ما يكون دافعًا للبوح: "تشعر المرأة أنها ترتاح مع وخزات الوشم الخفيفة، تشعر أن الشيء السلبي المؤلم يخرج من جسمها ويحل محله شيء جميل." وتقول علياء: "الكثير من الناس تدق الوشم لتغطية آثار عمليات جراحية أو حوادث. الوشم يجعلهم يستعيدوا الثقة في أجسامهم ويرتدوا ما يرتاحون له من الثياب". وتروي علياء عن سيدة كانت تخفي ذراعها بسبب آثار حريق، لكنها بعد الوشم استطاعت أن تكشف عن ذراعيها دون خجل. دينا أيضاً تؤكد هذا البعد العلاجي، وتستحضر حالات نساء متعافيات من السرطان، قمن بوشم مناطق في الجسد غيّرتها الجراحة أو المرض. ومن أبرز القصص التي تمثل هذه الحالة، قصة عفاف، وهي امرأة اختارت أن تضع على جسدها عبارة واحدة: "أنا بطلة حياتي". قالت عفاف لبي بي سي عن وشمها الذي رسمته نانسي قمح: "هل تعلمين عند مشاهدة فيلم، كثيرا ما نشاهد بطلاً ينقذ الموقف والآخرين. أنا أشعر أنني هذه البطلة، أنا أنقذت نفسي. أنا تصالحت مع ذاتي وأنقذتها، وأحقق لها أحلامها". رموز القوة: من الفينيق إلى اللوتس بين السر والعلن تختلف علاقة النساء بوشومهن؛ فبعضهن يحتفظ بها سراً، والبعض الآخر يفخر بها علناً. تقول نانسي إن النساء المحجبات كنّ من أوائل زبوناتها، لأنهن يبحثن عن فنانة وشم تفهم خصوصيتهن. تقول "أحياناً لا ترغب الفتاة المحجبة خاصة أن تعرف أسرتها أنها رسمت وشماً. أنا أحترم رغبتها ونختار موضعاً للوشم بعيد عن الأنظار". أما علياء، فتقول إن النساء أصبحن اليوم أكثر رغبة في إظهار وشومهن، لا إخفائها. وتضيف: "الآن أصبحت أرى الناس، سواء كانوا رجالاً أو نساء، خاصة النساء، يفخرون بإبداء الوشم ويتباهون به." قصص تترك أثراً ما بعد الحبر تقول علياء: "الوشوم هدية مني لنفسي... كل وشم على جسمي يقويني ويذكرني برسالة مني لنفسي." وتضيف أن الوشم" ليس مجرد رسم على الجسد للزينة. الوشم طاقة تمنحك القوة، طاقة تقول لك إنك قادر على النهوض والمواصلة. الوشم رسالة لا تعرف كيف توصلها للناس، وتستخدم ما خُط ورُسم على جسدك لإيصالها." وفي المجمل، يبدو أن الوشم أصبح لدى قطاع من النساء العربيات أداة لبناء علاقة جديدة مع الجسد، علاقة فيها تصالح مع الألم والندوب، وفيها تأكيد على الحضور والاختيار. لا تزال بعض المجتمعات تنظر للوشم بريبة أو رفض، لكن الأصوات التي تسعى لإعادة تعريفه كفعل فردي، جمالي، وعلاجي، باتت أعلى وأكثر تأثيراً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store