
رحل في صمت يليق بالعارفين.. اليوم ذكرى وفاة إمام الدعاة الشيخ الشعراوي
الشعراوي الذي في 15 أبريل 1911 بقرية دقادوس التابعة لمحافظة الدقهلية، حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة ثم التحق بالأزهر الشريف ودرس علوم اللغة والفقه والشريعة، حتى حصل على شهادة العالمية في اللغة العربية (معادلة للدكتوراه) مع إجازة التدريس عام 1943.
ويروي د.محمد جامع صديق الشعراوي تفاصيل ميلاده قائلا: " رأى والد (الشعراوي) في منامه "كتكوتا" يقف على منبر المسجد يخطب ويفسر، وقد فسرت رؤياه آنذاك بأن ابنه سيكون له شأن عظيم وسيصعد المنبر أمام الناس كلها "..مضيفا أن والد الامام الراحل لم يكن عالما أزهريا لكنه امتلك بصيرة نافذة ورؤية عميقة نحو مستقبل ابنه، ورغم أن الشعراوي الصغير لم يكن متحمسا في البداية للالتحاق بالأزهر، أصر والده على إرساله إلى رحابه مدفوعا بإيمان راسخ بأن العلم هو أعظم إرث يمكن أن يورثه الأب لابنه.
وعن نشأة الشعراوي في بيئة محبة للثقافة والعلوم، يقول الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف - في أحد لقاءاته- إن والد الشعراوي أصر إصرارا بالغا على حفظه لكتاب الله، وقد أتم حفظه كاملا في عامه العاشر.
وكان يقول له: "لو حفظت قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي، فلك عندي خمسة قروش عن كل قصيدة " -والتي كانت تُنشر في كبرى الجرائد المصرية في ذلك الوقت -..موضحا أن والده كان صاحب بصيرة، ورجلا صالحا، وقد صمم أن يمضي به في طريق العلم، بالرغم من رغبة الشعراوي في مشاركة والده الزراعة.
ومنذ صغره كان يحب الشيخ الشعراوي اللغة العربية وأجاد استخدامها مما أهله ليكون أحد أبرز المفسرين في العالم العربي، ولم يكمن سر تأثيره في علمه وحده بل في أسلوبه الفريد ؛ فقد تحدث إلى الناس بلغتهم وضرب الأمثال من واقعهم وربط الآيات بالحياة اليومية.
وتقلد إمام الدعاة خلال حياته العملية العديد من المناصب، وقد بدأ مسيرته عقب تخرجه مدرسا في معاهد الأزهر، ثم انتقل إلى المملكة العربية السعودية عام 1950 في بعثة تدريسية ليعمل استاذا بالشريعة في جامعة أم القرى بمكة، وهناك ازدادت شهرته، وأقبل الطلاب من مختلف الجنسيات على حلقاته العلمية، ثم عين في القاهرة مديرا لمكتب شيخ الأزهر الشريف الشيخ حسن مأمون عام 1964، ورئيسا لبعثة الأزهر في الجزائر عام 1966، وحين عاد تم تعيينه مديرا لأوقاف محافظة الغربية،ثم وكيلا للأزهر، وعاد ثانية إلى السعودية حيث قام بالتدريس (استاذا زائرا) بجامعة الملك عبد العزيز عام 1970.
وفي نوفمبر 1976 تولى العالم الجليل منصب وزير الأوقاف وشؤون الأزهر ضمن التشكيل الحكومي بمصر، وكان أول من أصدر قرارا وزاريا بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو (بنك فيصل)، ثم عين عضوا بمجمع البحوث الإسلامية، وفي عام 1980 اختير عضوا بمجلس الشورى بجمهورية مصر العربية، وعرضت عليه مشيخة الأزهر وعدة مناصب في العديد من الدول الإسلامية لكنه رفض وقرر التفرغ للدعوة الإسلامية.
وكان إمام الدعاة الوحيد من خارج السعودية الذي ألقى خطبة يوم عرفة عام 1976، حيث استهل خطبته الشهيرة وسط ملايين الحجاج، ثم انطلق في الحديث عن أفضال يوم وقفة عرفات وصيامه لدى المسلمين، كما ألقى خطبا في أكبر منابر العالم، من بينها خطبة الجمعة في المسجد الملحق بمبنى الأمم المتحدة بنيويورك.
وبرز الشعراوي داعية إسلاميا عام 1973 عندما قدمه التلفزيون المصري في برنامج "نور على نور" للأستاذ أحمد فراج، وقد ظل الضيف الدائم فيه، مفسرا للقرآن الكريم على مدى عشر سنوات، كما عرفه الناس من خلال برنامجه الشهير "خواطر الشعراوي"، الذي بدأ في السبعينات واستمر لعقود، يفسر فيه آيات القرآن الكريم بأسلوب بسيط وبليغ يمزج بين الفهم العميق والعقلية الواعية وبين الدين والحياة ليقترب من الناس ويخاطب قلوبهم.
وحصل الامام الشعراوي على العديد من الجوائز والتكريمات أبرزها: وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1976، وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1983، وسام الجمهورية وجائزة الدولة التقديرية عام 1988، والدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعتي المنصورة والمنوفية، واختارته جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم كشخصية العام الإسلامية في دورتها الأولى عام 1998.
وترك عشرات الكتب الدينية التي تناولت التفسير، والسيرة، والعقيدة، أبرزها "الاسراء والمعراج "، "الفتاوى"، "معجزة القرآن "،"الطريق إلى الله"، و"على مائدة الفكر الإسلامي"، و"الإسلام والفكر المعاصر"، و"الشورى والتشريع في الإسلام " و" الاسلام والمرأة"، كما جمعت حلقات خواطره في مجلدات تعد من أشهر ما كتب في التفسير المعاصر.
وفي 17 يونيو 1998، رحل الشيخ بهدوء في منزله، بعد أن نطق الشهادتين، تاركا وراءه جنازة مهيبة خرجت من قريته دقادوس، شارك فيها الآلاف من محبيه، وبحسب رواية ابنه رفض الشيخ العلاج في أيامه الأخيرة قائلا: "دي أيام ربنا كتبها، والأعمار بيد الله"، وقد كتب على قبره وصيته (هذا مقام العبد الفقير إلى الله محمد متولي الشعراوي).
وسيبقى الشيخ محمد متولي الشعراوي رمزا من رموز النور والفكر والعلم في العالم الإسلامي رغم رحيله، رجل لم يعش لنفسه بل عاش لله وترك وراءه علما لا يحصى وأثرا حاضرا في كل بيت وكلمات لا تزال تسكن القلوب، وبينما يتغير الزمن وتختلف الأجيال، تبقى "خواطر الشعراوي" نبراسا يهدي القلوب ويروِي الأرواح.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فيتو
منذ ساعة واحدة
- فيتو
ماذا قال عيسى عليه السلام في المهد ليبرئ أمه مريم؟ الشعراوي يوضح (فيديو)
تناول الشيخ محمد متولي الشعراوي في خواطره عن سورة مريم، ما قاله نبي الله عيسى في المهد لكي يبرئ أمه مريم. سورة مريم الآية 31 قال تعالى: «وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا». سورة مريم الآية 31 تفسير الشيخ الشعراوي للآية 31 من سورة مريم قال الشيخ محمد متولي الشعراوي: أي: وشرَّع لي أيضًا ما دُمْت حيًا. وقد قال عيسى عليه السلام في المهد هذه الكلمات ليبرِّئ أمه الصِّدِّيقة، ذلك أنهم اتهموها في أعزِّ شيء لديْها. ماذا قال عيسى عليه السلام في المهد ليبرئ أمه مريم؟ وأضاف الشيخ الشعراوي: ولذلك لم يكُنْ ليُجدي أيّ كلام منها، وإنقاذًا لها أبلغها الحق عن طريق جبريل أو عيسى عليهما السلام أن تقول: {إِنِّي نَذَرْتُ للرحمن صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ اليوم إِنسِيًّا} [مريم: 26]. معلومات عن الشيخ محمد متولي الشعراوي نشأ الشيخ الشعراوي في بيئة ريفية بسيطة، إذ ولد بقرية دقادوس، مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بجمهورية مصر العربية، في 15 أبريل عام 1911م، وأتم حفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره، وحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية عام 1923م، ودخل المعهد الثانوي الأزهري، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظى بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق. مؤلفاته وقد حفظ الشيخ الشعراوي علمه وكتب له البقاء لعديد الأجيال في عدة مؤلفات علمية منها: 'معجزة القرآن - الأدلة المادية على وجود الله - أنت تسأل والإسلام يجيب - الإسلام والفكر المعاصر - قضايا العصر - أسئلة حرجة وأجوبة صريحة'. وفاة إمام الدعاة وبعد عمر مديد في رحاب الدعوة الإسلامية المستنيرة والسمحة، وفي خدمة الإسلام والمسلمين، توفي الشيخ الشعراوي عن عمر يناهز السابعة والثمانين، في 22 صفر 1419هـ، الموافق 17 يونيو 1998م. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


مصراوي
منذ ساعة واحدة
- مصراوي
هل يمكن رؤية الله في الدنيا أو المنام؟.. الشيخ أحمد خليل يجيب
أكد الشيخ أحمد خليل، من علماء الأزهر الشريف، أن رؤية الله عز وجل في الدنيا مستحيلة بنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، مشددًا على أن أعين البشر وقدراتهم لا يمكن أن تحتمل إدراك عظمة وجلال الله سبحانه وتعالى في هذه الحياة. وأوضح خليل، في فيديو له على قناته على اليوتيوب، أن سيدنا موسى عليه السلام، رغم مكانته العظيمة وكونه كليم الله، طلب من ربه الرؤية فقال: {رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ}، فجاءه الجواب الإلهي الحاسم: {لَن تَرَانِي}، وعندما تجلى الله للجبل جعله دكا، فانهار الجبل أمام التجلي الإلهي، فكيف بالبشر الضعيف أن يتحمل ذلك؟! وأشار إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم حينما سُئل بعد رحلة الإسراء والمعراج: "هل رأيت ربك يا رسول الله؟"، قال: "نورٌ أنى أراه"، أي أن النور الإلهي غلب كل شيء، مما يؤكد استحالة الرؤية. أما عن رؤية الله في الآخرة، فأكد الشيخ خليل أنها أعظم نعيم وأعلى درجات التكريم للمؤمنين في الجنة، مستشهدًا بقول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، موضحًا أن الله يكشف الحجاب عن وجهه الكريم في الجنة، فينظر إليه المؤمنون، ولا يُعطى أهل الجنة نعيمًا أعظم من هذه اللحظة. وأكد على أن هذه المسألة محسومة شرعًا ولا يجوز لأحد أن يدعي رؤية الله في الدنيا، داعيًا إلى التزود بالإيمان والعمل الصالح لنيل هذا الفضل العظيم في الآخرة.


الجمهورية
منذ 2 ساعات
- الجمهورية
وكيل الأزهر يعقد اجتماعًا مع اللجنة العلمية لأعمال الرواق الأزهري
ناقش الاجتماع العديد من المحاور المهمة، كان أبرزها كيفية تطوير المقررات الدراسية في السلم التعليمي الخاص برواق العلوم الشرعية و العربية ، كما تم التطرق إلى أهمية الكتب التراث ية، حيث تم التأكيد على ضرورة تحقيق التوازن بين الأصالة والمعاصرة. وخلال الاجتماع تم الاتفاق على تشكيل خمسة لجان فرعية متخصصة في مجالات العقيدة والفقه والتفسير وعلوم الحديث ولجنة اللغة العربية ، وستعمل هذه اللجان على تطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات الدارسين ومتطلبات البحث العلمي، وتضمين القضايا الفقهية والفكرية المعاصرة. وخلال الاجتماع، نقل الدكتور الضويني تحيات فضيلة الإمام الأكبر ، مؤكدًا دعمه لمثل هذه المبادرات، موضحًا: "أن الأزهر الشريف يسعى دائمًا إلى تقديم أفضل ما لديه من علوم ومعارف، ونسعى من خلال هذه اللجان إلى تطوير المناهج بما يتناسب مع القيم الإسلامية والمبادئ العلمية الحديثة، وتحقيق رسالة الأزهر التي تحمل لواء الوسطية و الاعتدال على وجهها الصحيح، مؤصلةً ومؤسسةً على المنهج الوسطي الذي يقوم على فهم صحيح لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لافتًا إلى إن الرواق الأزهر ي يمثل تجربة هامة وفريدة تلبي احتياجات الدارسين ومختلف فئات المجتمع"، كما شدد وكيل الأزهر على ضرورة انتهاء اللجنة من عملها في أسرع وقت، وذلك تمهيدًا لتضمين هذه المقررات في مطبوعات الأزهر الشريف. يُذكر أن الرواق الأزهر ي أحد أهم المشروعات التي وجه فضيلة الإمام الأكبر بإعادة إحيائها لتخدم قطاعًا عريضًا من الجمهور من مختلف الفئات وتسعى إلى نشر العلوم الشرعية و العربية ، وتعزيز ثقافة حفظ القرآن الكريم وتدبر تعاليمه، وتعكس التوجه العام للأزهر الشريف في تحقيق التوازن بين التراث والمعاصرة، ومن خلال هذه الجهود، يسعى الأزهر إلى تعزيز مكانته كمنارة للعلم ومصدر للإلهام في العالم الإسلامي. Previous Next