
حج 2025.. ارتفاع في التكاليف وتحديات مختلفة
يشهد موسم حج هذا العام تحولات اقتصادية لافتة، سواء على صعيد الأفراد أو الدول الإسلامية، وسط سعي واضح من السلطات لتخفيف الأعباء المالية على الحجاج، وتوسيع نطاق الوصول عبر برامج دفع مرنة، في وقت لا تزال فيه التكلفة الإجمالية تشكل عائقا أمام ملايين المسلمين.
وتكلفة أداء الحج في عام 2025 تتراوح بين 4 آلاف و20 ألف دولار، وذلك وفقًا لـ:
نوع الخدمة المقدمة.
مدة الإقامة.
وتُعد هذه الأرقام مرتفعة نسبيًا مقارنةً بقدرة شرائح واسعة من المسلمين، ما دفع حكومات مثل باكستان والسعودية إلى إدخال نظم تقسيط للمدفوعات بهدف التيسير.
تقسيط تكلفة الحج
وفي سابقة مهمة، تبنّت باكستان برنامجًا يسمح للحجاج بدفع رسومهم على ثلاث دفعات. وصرّح المواطن الباكستاني زهير أحمد لصحيفة إيكونوميك تايمز قائلًا: "قدّمت طلب الحج في ديسمبر/كانون الأول، وسددت دفعة مقدمة، ثم دفعت المتبقي في فبراير/شباط. لولا هذا البرنامج، ما استطعت أداء الفريضة إطلاقًا".
السعودية بدورها طبقت نظامًا مشابهًا على الحجاج المحليين:
إعلان
هذه الخطوات تشير إلى رغبة في فتح باب الحج لعدد أكبر من الراغبين، دون التضحية بالقدرة الاقتصادية.
ضغط التكاليف يقلل الإقبال
ورغم تخصيص 127 ألف تأشيرة حج لبنغلاديش هذا العام، إلا أن البلاد لم تتمكن من ملء الحصة، وفقًا لتصريح فريد أحمد مجمدر، الأمين العام لاتحاد وكالات الحج البنغالية، والذي أشار إلى أن السبب الرئيسي هو ارتفاع التكاليف وعدم قدرة المواطنين على تغطيتها، حتى مع الحوافز الحكومية.
وتعاني دول إسلامية أخرى، مثل إندونيسيا، من قوائم انتظار طويلة تجاوزت 5.4 مليون شخص، بينما فرضت الهند قيودًا على من أدوا الحج مسبقًا عبر لجنة الحج الوطنية، في محاولة لإتاحة الفرصة لعدد أكبر من المواطنين.
سوق الحج والبعد الاقتصادي
وبحسب "إيكونوميك تايمز"، يُمثّل موسم الحج أحد أبرز المواسم الاقتصادية الموسمية في السعودية والعالم الإسلامي عمومًا. ويُدر الحج، حسب تقديرات مستقلة، مليارات الدولارات سنويًا من الخدمات المباشرة وغير المباشرة مثل:
إلا أن هذه السوق تواجه هذا العام ضغطًا مزدوجًا: ارتفاع التكاليف التشغيلية، وتراجع القدرة الشرائية للحجاج في ظل التضخم العالمي وتدهور العملات في عدة دول إسلامية.
أبعاد تنظيمية
وفي أبريل/نيسان 2025، أوقفت السعودية إصدار التأشيرات قصيرة المدى لـ14 دولة. وقد برّرت السلطات هذا الإجراء بالرغبة في تنظيم الحركة وتقليص أعداد الحجاج غير المسجلين، الذين لا يمكنهم الوصول إلى المرافق الأساسية مثل أماكن الإقامة المكيّفة.
وكانت وزارة الداخلية السعودية قد أعلنت في مايو/أيار أن دخول مكة دون تأشيرة حج نظامية سيعرّض المخالفين لغرامة تصل إلى 20 ألف ريال سعودي (حوالي 5330 دولار).
وأكدت الوزارة أن نسبة كبيرة من وفيات الحج في العام الماضي كانت بين من دخلوا مكة بطرق غير نظامية، دون تسجيل رسمي، وبالتالي لم يتمكنوا من الاستفادة من البنى التحتية الصحية واللوجستية.
تحديات مناخية
من ناحية أخرى، تشكل الظروف المناخية القاسية تهديدًا مباشرًا على صحة الحجاج وكفاءة البنية التحتية. وقد سُجّل العام الماضي أكثر من1300 حالة وفاة بسبب الحرارة التي تجاوزت 47 درجة مئوية، بينما تتراوح الحرارة هذا العام بين 41 و44 درجة منذ بداية يونيو/حزيران.
وهذه الظروف تُجبر السلطات على الاستثمار في تجهيزات إضافية، مثل توزيع مجموعات طبية توعوية، وتحديث شبكات الإسعاف، وهو ما يحمّل الاقتصاد المحلي تكاليف إضافية لتأمين السلامة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
براكين بالي.. تجربة سياحية فريدة في قلب حزام النار
تُعد جزيرة بالي الإندونيسية واحدة من أكثر الوجهات السياحية جذبا في العالم، حيث تتنوع معالمها بين الشواطئ الخلابة، والمعابد التاريخية، والبراكين النشطة. وتُعتبر سياحة البراكين من أبرز الأنشطة التي تجذب الزوار، خاصة مع وجود بركانين نشطين هما جبل أغونغ وجبل باتور، اللذان يقدمان تجربة فريدة لمحبي المغامرة والاستكشاف. وفي هذا المشهد الجيولوجي العنيف، تحتل جزيرة بالي موقعا خاصا، وتجربة نادرة في حضرة القمم البركانية المشتعلة. وبالرغم من كل التحذيرات، فإن جاذبية المكان لم تتراجع، بل على العكس تحولت أخبار ثوران البراكين إلى مغناطيس يجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم. ويرتفع بركان أغونغ إلى أكثر من 3 آلاف متر فوق سطح البحر، ويُعتبر أعلى قمة في بالي، كما يُقدّس السكان المحليون هذا الجبل، ويُعتقدون أنه مقر الآلهة. وعلى سفوح أغونغ، تُشاهد جداول مياه حرارية، وحفر الوحل المتصاعد منها البخار، وألوان الكبريت الزاهية التي ترسم مشهدا سرياليا من الأصفر والبرتقالي حول الفوهات. جبل باتور وهناك أيضا بركان جبل باتور، الأصغر من أغونغ لكنه لا يقل سحرا عنه، ويقع في منطقة كينتاماني الجبلية، حيث يقيم مئات السائحين طوال الليل على منحدراته بانتظار شروق الشمس من فوق الحافة البركانية، في مشهد يصفه كثيرون بأنه "موسيقى الضوء في حضن الرماد". ويعد البركان الأخير نشيطا منذ مدة طويلة وكان آخر ثوران له في العام 2000، ورغم هذه المخاطر لا تزال رحلات تسلق الجبل تنظم يوميا، حيث يمكن الوصول إلى قمته في غضون ساعتين فقط. ويتوافد السائحون ليلا ضمن جولات منظمة، مجهزين بمصابيح الرأس، لبلوغ القمة مع أول ضوء. وتُوفر الجولات إلى براكين أغونغ وباتور فرصة لاستكشاف المناظر الطبيعية الخلابة، والتعرف على الثقافة المحلية، والاستمتاع بتجربة لا تُنسى. كما يُوفر البركان إطلالة خلابة على بحيرة باتور، ويُعتبر من الأماكن المثالية لمشاهدة شروق الشمس. ومع تكرار الثورانات البركانية، تعززت شهرة بالي كوجهة لعشاق الطبيعة المتطرفة، وجذب ذلك نوعا خاصا من أولئك الذين لا يبحثون عن الراحة فحسب، بل عن الإثارة والقصص التي يمكن أن تُروى بعد العودة. وتضم إندونيسيا أكثر من 130 بركانا نشطا، وتُعد جزءا من "حزام النار"، وهو قوس جغرافي يطوق المحيط الهادي، ويشهد باستمرار تصادم الصفائح التكتونية، مما يؤدي إلى هزات أرضية وثوران براكين بشكل متكرر. ورغم هذا السحر، تتخذ السلطات الإندونيسية إجراءات صارمة عند وقوع أي نشاط بركاني، حيث يتم توسيع مناطق الاستبعاد حول البراكين، ويُطلب من السكان والزوار مغادرتها فورا. وفي حالات الثوران الكبيرة تُغلق المطارات القريبة، كما حدث مرارا في مطار بالي الدولي، ويُطلب من السياح التسجيل لدى قنصلياتهم. ولا تعد سياحة البراكين مجرد صور على منصات التواصل، بل تجربة وجودية عميقة، كما يصفها بعض محبي هذا النوع من الرحلات، فهي تعرّي هشاشة الإنسان أمام قوى الطبيعة، وتمنحه فرصة نادرة لرؤية الأرض في لحظة خلق دائم. وما بين خوف الكارثة ودهشة المشهد، تبقى براكين بالي أحد أبرز أسباب الجذب، خاصة لهواة التصوير، ومحبي الجغرافيا والمستكشفين، بل وحتى أولئك الذين يبحثون عن لحظة تأمل صافية في مواجهة دخان الفوهة.


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
الحجاج يبدؤون رمي الجمرات في أول أيام عيد الأضحى
بدأ حجاج بيت الله الحرام صباح اليوم الجمعة أداء شعائر يوم النحر، وتوجهوا إلى مشعر مِنى لرمي جمرة العقبة الكبرى، وذلك بعد قضاء جزء من الليل في مُزدَلِفة أو المبيت بها حتى صباح اليوم، اقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. ويتواصل رمي الجمرات خلال أيام التشريق الثلاثة، وبإمكان الحجاج بعد رمي جمرة العقبة الكبرى التوجه في أي وقت إلى المسجد الحرام لأداء طواف الإفاضة، وهو آخر أركان الحج. ومنذ فجر أول أيام عيد الأضحى، شرع أكثر من 1.6 مليون حاج في رمي 7 حصيات على كل من الجمرات الثلاث التي ترمز إلى الشيطان في وادي منى، الواقع في مشارف مدينة مكة المكرمة. وتحيي هذه الشعيرة ذكرى رجم نبي الله إبراهيم -عليه السلام- للشيطان في المواضع الثلاثة التي يُعتقد أنه حاول فيها ثنيه عن تنفيذ أمر الله بالتضحية بابنه إسماعيل عليه السلام. وكان الحجاج قد وقفوا أمس الخميس على جبل عرفات في الركن الأعظم للحج وسط درجات حرارة مرتفعة دفعت السلطات السعودية إلى دعوتهم جميعا للبقاء في الخيام خلال ساعات النهار الأشد حرا. وبعيد الغروب، توجه الحجاج إلى مشعر مزدلفة الذي يتوسط عرفات ومِنى، للاستراحة والمبيت هناك استعدادا ليوم النحر وهو يوم العيد (اليوم الجمعة) وبدؤوا جمع بعض الحصى التي يستخدمونها في رمي جمرة العقبة. إجراءات تنظيمية وشهد موسم الحج هذا العام تنفيذ سلسلة من الإجراءات للحد من آثار الحرارة الشديدة، إلى جانب حملة واسعة ضد الحجاج غير النظاميين، مما أدى إلى تراجع كثافة الحشود. وكشف محمد العبد العالي مساعد وزير الصحة للخدمات الصحية السعودي، أمس الخميس، أن الفرق الطبية في موسم حج هذا العام لم ترصد حتى اللحظة تفشي أي أمراض أو أوبئة بين الحجاج. وأضاف المسؤول السعودي "نواجه عددا محدودا من حالات الأمراض المرتبطة بالحرارة هذا العام، وهذا دليل على فعالية كافة الإجراءات التنظيمية وكذلك الإجراءات الوقائية". وطورت السلطات البنى التحتية وحشدت آلاف الموظفين الإضافيين، واعتمدت على ترسانة تكنولوجية متقدّمة تساعد على إدارة الحشود بشكل أفضل.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
قلوب واجفة وأكف مرفوعة.. مشاهد من يوم عرفة
مكة المكرمة ـ مع إشراقة شمس يوم التاسع من ذي الحجة، تدفقت جموع الحجيج إلى صعيد عرفات ، متوشحين البياض، ومرددين التلبية وقلوبهم خاشعة، وألسنتهم تلهج بالدعاء في أعظم يوم في أيام الدنيا. منذ ساعات الصباح الأولى، اكتسى جبل عرفات ومحيطه بحشود الحجاج الذين انتشروا في كل الأرجاء، بين من اتخذ ظلال الأشجار وخيام الحملات مكانا للدعاء، ومن اعتلوا الجبل أو افترشوا الأرض يرفعون أكفهم إلى السماء، مستحضرين ذنوبهم وأمانيهم وآمالهم، في موقف تتجلى فيه المساواة بين البشر، لا فرق بين غني وفقير، أو عربي وعجمي إلا بالتقوى. دموع ومناجاة على سفح الجبل، وقفت الحاجة فاطمة من المغرب وقد اغرورقت عيناها بالدموع، وقالت للجزيرة نت "كنت أظن أنني سأبكي يوم أرى الكعبة، لكن اليوم قلبي يكاد ينفطر من رهبة هذا المكان.. أشعر أني بين يدي الله". وأضافت أن أكثر دعواتها كانت أن يغفر الله لها ولأهلها، وأن يرفع الظلم عن المظلومين في كل مكان. أما الحاج محمد من السودان فكان جالسا على صخرة في منتصف الجبل، يردد بصوت خافت دعاء مأثورا عن النبي صلى الله عليم وسلم، ثم يجهش بالبكاء. قال لنا "في هذا المكان نُبعث، وهنا نسأل الله العفو والرحمة.. دعوت لأولادي وأهلي وللسودان أن يحقن الله دمه ويرفع عنه الكرب". أجواء روحانية مميزة مع ارتفاع درجات الحرارة، كانت رياح خفيفة تنعش الأجواء بين الفينة والأخرى وكأنها رسائل رحمة من السماء، في حين انتشرت فرق المتطوعين والإسعاف لتقديم المياه والمساعدات الطبية، وحرص رجال الأمن على تنظيم الحشود وتوجيههم بسلاسة نحو أماكن الوقوف والخروج. إعلان رائحة المسك والعطور كانت تعبق في الأجواء، حيث عمد كثير من الحجاج إلى رش خيامهم وثيابهم، بينما علا صوت المآذن بالتكبير والدعاء، وامتزج بصدى التلبية القادمة من الحناجر المتنوعة في لغاتها والموحدة في مقصدها "لبيك اللهم لبيك". وفي خيمتها القريبة من جبل الرحمة، قالت الحاجة رنا من فلسطين إنها خصّت دعاءها هذا العام لأهل غزة، ورفعت كفيها باكية وهي تقول "دعوت الله أن يرحم الشهداء، وأن يُنقذ الأطفال.. والله إن القلب ليتفطر ولا نملك إلا الدعاء". أما الحاج عبد الله من إندونيسيا فقال "لم أتصور أن أقف على جبل عرفات يوما، وقد دعوت الله أن يبلغني الحج عن والدتي المريضة، وأن يعمّ السلام العالم الإسلامي". وأضاف أن التنظيم ساعده كثيرا على أداء نسكه رغم كبر سنه. منصة المناسك ولأول مرة، بثت بعض الحملات عبر تقنيات الواقع الافتراضي مشاهد مباشرة من عرفات لعائلات الحجاج حول العالم، مما أضفى بعدا وجدانيا فريدا، خاصة لأولئك الذين لم يتمكنوا من الحج. وقدّم بعض الدعاة كلمات توجيهية من على المنصات المنتشرة على صعيد عرفات، مذكرين الحجاج بفضل هذا اليوم وأهمية الإكثار من الدعاء، خصوصا عند الزوال، حيث تتوجه القلوب بكاملها إلى الله، في لحظة لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر. ومع غروب الشمس، تهيأت الجموع للنفرة إلى مزدلفة بهدوء وتنظيم على وقع الدعاء والتكبير. وبينما كانت الشمس تغيب خلف الأفق، كان الحجاج يودعون عرفات بقلوب ممتلئة بالرجاء بأن يكونوا من الذين غُفر لهم وعُتقوا من النار. في هذا اليوم، تبدو الدنيا كلها وقد اجتمعت في مكان واحد، وقد نسيت مشاغلها ومظاهرها، لتقف أمام الله بقلوب خاشعة، تسأله المغفرة والقبول. مشهد يعكس عظمة الشعيرة، وعمق الإيمان، وصدق التوجه في يوم عرفة.