
فرض الرسوم على مشاهير السوشال ميديا في العراق: قرار بلا مقابل؟
في خطوة أثارت جدلًا واسعًا، أعلنت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية فرض رسوم سنوية على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، تتفاوت قيمتها بحسب عدد المتابعين. فبينما يدافع البعض عن هذه الخطوة باعتبارها وسيلة لتنظيم سوق المحتوى الرقمي، يرى آخرون أنها مجرد وسيلة جديدة لجباية الأموال دون تقديم خدمات أو بنية تحتية تدعم صُنّاع المحتوى. فهل هذا القرار عادل؟ وهل توفّر الحكومة بيئة مناسبة لصُنّاع المحتوى مقابل هذه الرسوم؟
وفقًا للائحة التي أعلنتها هيئة الإعلام، سيتوجب على المؤثرين وصُنّاع المحتوى في العراق دفع رسوم سنوية تتراوح بين 250,000 دينار عراقي (لمن يملك 100,000 إلى 500,000 متابع) وتصل إلى 1,000,000 دينار عراقي (لمن يملك أكثر من 5 ملايين متابع). الهدف المُعلن لهذا القرار هو تنظيم العمل الإعلامي على الإنترنت، وضمان امتثال المؤثرين للمعايير القانونية، وربما فرض مزيد من الرقابة على المحتوى المنشور.
لكن عند النظر بعمق في هذا القرار، يظهر أن الحكومة العراقية تطالب المؤثرين بالدفع دون أن تقدّم في المقابل أي خدمات تُسهّل عملهم. فمن المعروف أن صُنّاع المحتوى في العراق يواجهون تحديات كبرى، أبرزها ضعف البنية التحتية للإنترنت، نقص المساحات الإبداعية، غياب الدعم التقني، وصعوبة الوصول إلى أدوات إنتاج متطورة. فكيف يُطلب منهم دفع رسوم دون توفير أساسيات تساعدهم على تقديم محتوى بجودة عالية؟
في العديد من الدول، يتم فرض ضرائب أو رسوم على المؤثرين، ولكن في المقابل، تُوفّر هذه الحكومات بيئة تساعدهم على النجاح. على سبيل المثال:
1. الصين
• في الصين، هناك دعم هائل لصُنّاع المحتوى، حيث توفر الحكومة مساحات إبداعية واستوديوهات مجهزة بمعدات احترافية، إضافة إلى تسهيلات مالية عبر تطبيقات الدفع الإلكتروني مثل WeChat Pay وAlipay، مما يمكّن المؤثرين من جني الأرباح بسهولة من متابعيهم دون عوائق.
• كما أن الإنترنت في الصين يتمتع بسرعات فائقة وأسعار معقولة، ما يجعل عملية إنشاء المحتوى أكثر كفاءة وسلاسة.
2. الإمارات العربية المتحدة
• في الإمارات، يتم تشجيع المؤثرين على تسجيل أعمالهم ضمن إطار قانوني مقابل الحصول على رُخصة صانع محتوى، والتي تتيح لهم مزايا مثل تخفيضات على الخدمات التقنية، وتسهيلات مصرفية، وإمكانية استخدام مساحات تصوير احترافية بأسعار مدعومة.
• كما توجد شركات حكومية وخاصة تقدّم تدريبات وورش عمل مجانية للمؤثرين حول كيفية تحسين محتواهم وزيادة مداخيلهم.
3. الولايات المتحدة
• في الولايات المتحدة، يتم دعم صُنّاع المحتوى عبر قوانين تحمي حقوقهم المالية، بالإضافة إلى بنية تحتية قوية تشمل سرعة إنترنت فائقة وخدمات سحابية متطورة تتيح لهم تخزين محتواهم وإدارته بسهولة.
• كما تتعاون منصات التواصل الاجتماعي مع الحكومة في تقديم موارد تعليمية وأدوات تحليلية تساعد المؤثرين على فهم جمهورهم وتحقيق أرباح مستدامة.
بالمقارنة مع هذه الدول، نجد أن العراق يفرض رسومًا على صُنّاع المحتوى دون أن يقدّم لهم أي دعم حقيقي. فلو كانت الحكومة توفر إنترنت سريع، مساحات إبداعية، أو خدمات تقنية تساعد على تحسين جودة الإنتاج، لكان فرض الرسوم أمرًا مبررًا. لكن في الوضع الحالي، يبدو القرار أشبه بـ عبء مالي إضافي دون أي مقابل ملموس.
كما أن فرض هذه الرسوم قد يُجبر العديد من صُنّاع المحتوى على الانتقال إلى دول أخرى حيث تتوافر بيئة أكثر دعمًا، مما سيؤدي إلى هجرة رقمية للمواهب العراقية بدلًا من تطوير صناعة المحتوى المحلي.
بدلًا من فرض ضرائب دون مقابل، على الحكومة أن:
1. تحسّن خدمات الإنترنت، فضعف السرعة وارتفاع التكلفة يشكلان عائقًا كبيرًا أمام صُنّاع المحتوى.
2.توفر مساحات تصوير وإنتاج بأسعار مدعومة، تمامًا كما تفعل الإمارات والصين.
3. تدعم صُنّاع المحتوى عبر دورات تدريبية مجانية لمساعدتهم على تطوير مهاراتهم وزيادة أرباحهم.
4. تمنح تسهيلات مالية مثل قروض صغيرة أو إعفاءات ضريبية للمؤثرين الجدد.
قرار فرض الرسوم على صُنّاع المحتوى في العراق قد يبدو وكأنه خطوة لتنظيم المجال الرقمي، لكنه في الواقع مجرد إجراء جبائي آخر دون مقابل واضح. إذا كانت الحكومة تريد حقًا تطوير بيئة صناعة المحتوى، فعليها أن تتعلم من تجارب الدول الأخرى التي تفرض رسومًا ولكنها تقدم بالمقابل خدمات تجعل حياة المؤثرين أسهل، لا أصعب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 2 ساعات
- شفق نيوز
"يقرأ ويكتب ويُفتح بالسكين".. "رقي" بمواصفات مميزة يصل كركوك
شفق نيوز/ شهدت محافظة كركوك، يوم الجمعة، دخول عشرات الشاحنات المحملة بـ"رقي العظيم"، أحد أشهر وأجود أنواع الرقي في العراقن قادمة من منطقة العظيم شمال محافظة ديالى، في موسم سنوي يشهد إقبالاً كبيراً من التجار والمواطنين على حد سواء. وقال ناطق كامل، أحد العاملين في تسويق الرقي، لوكالة شفق نيوز، إن "رقي العظيم دخل مرحلة ذروته هذا الأسبوع، حيث توجهت عشرات المركبات المحمّلة به نحو الأسواق المركزية في المحافظات". وأضاف ضاحكاً: "الرقي هذا العام (يُقرأ ويُكتب ويُفتح بالسكين)!"، في تعبير شعبي شائع يدل على كبر حجم الثمار، ونضجها التام، وسهولة التحقق من جودتها. وبيّن كامل، أن "موسم هذا العام يتميز بكميات إنتاج وفيرة تفوق المواسم السابقة، إلى جانب الطعم الحلو والمميز الذي يشتهر به رقي العظيم، ما يجعله من أكثر الأنواع طلباً في الأسواق العراقية". وفي السياق، قال وسام العزاوي، أحد مسوّقي الرقي، إن "المئات من أصحاب السيارات متوقفون حالياً في طوابير طويلة بانتظار تصريف بضاعتهم في الأسواق، خصوصاً مع دخول كميات كبيرة من الرقي من العظيم إلى محافظة كركوك". وأوضح العزاوي، لوكالة شفق نيوز، أن "هذا الرقي يُنقل بشكل مباشر من الحقول بسيارات غير مخصصة للنقل التجاري، وغالباً ما يكون خارج إطار التسويق المنظم، ما يؤدي إلى ازدحام في الأسواق وضغط على الأسعار". وأشار إلى أن "سعر الشاحنة الواحدة المحمّلة بالرقي يتراوح حالياً بين 100 إلى 200 دولار فقط، بينما يُباع الكيلو غرام الواحد في الأسواق بسعر 500 دينار عراقي". من جانبه، يبين عبدالله علي، أحد باعة الرقي في السوق، لوكالة شفق نيوز، إن "رقي العظيم يُقرأ ويُكتب من شدة حلاوته وجودته، ولا يُفتح إلا بالسكين، لأنه متماسك ومليء بالعصارة"، مضيفاً أن "الطلب على الرقي في موسمه يرتفع بشكل كبير، خصوصاً مع بداية موجات الحر، حيث يقبل عليه الناس بكثافة لما يوفره من انتعاش وسعر مناسب مقارنة بالفواكه الأخرى". وأضاف علي أن "رقي العظيم يُعدّ اسماً معروفاً في أغلب الأسواق، وغالباً ما يُطلب بالاسم، وهو ما يجعلنا نعمل ساعات طويلة لتلبية الطلبات المتزايدة يومياً". ويُعدّ "رقي العظيم" من المحاصيل الزراعية الأساسية التي يعتمد عليها مزارعو المنطقة اقتصادياً، حيث يتم نقله بكميات كبيرة إلى مختلف المحافظات، خاصة مع حلول فصل الصيف وازدياد الطلب عليه.


وكالة أنباء براثا
منذ 6 ساعات
- وكالة أنباء براثا
وزارة العدل: براءة ذمة مصرفية عند شراء العقارات
باشرت وزارة العدل تطبيق إجراء تنظيمي جديد في دوائر التسجيل العقاري، يُلزم المراجع بتقديم براءة ذمة مصرفية في حال تجاوزت قيمة العقار المراد شراؤه، الـ 100 مليون دينار عراقي، إذ أوضح مدير قسم الإعلام في وزارة العدل، مراد الساعدي، أن الإجراء الجديد والذي تم بالتنسيق مع البنك المركزي، يهدف إلى التحقق من مصادر الأموال المستخدمة في صفقات الشراء، بما ينسجم مع القوانين الوطنية والدولية الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأكد حرص وزارته على أن تكون دوائرها، لاسيما التسجيل العقاري، جزءاً فاعلاً في جهود الدولة الرامية إلى تعزيز الشفافية ومنع تمرير الأموال المشبوهة عبر السوق العقارية، مشدداً على إسهام الخطوة في تنظيم السوق وتشجيع الاستثمار المشروع، بما يضمن بيئة اقتصادية سليمة وآمنة. الساعدي نبه إلى أن هذا الإجراء، لا يمسُّ حقوق المواطنين، بل يُعدُّ إجراءً رقابياً احترازياً لضمان سلامة التعاملات المالية، لافتاً إلى عمل وزارته الحثيث لتسهيل الإجراءات الإدارية للمستفيدين بالتوازي مع هذه الخطوات التنظيمية. فيما توقع، أن يُسهم هذا التنظيم في تقليل الفجوات التي قد تُستغل في تمرير الأموال غير المشروعة، كما أنه سيُسهم أيضاً في تعزيز مكانة البلاد، ضمن المؤشرات الدولية الخاصة بمكافحة الفساد والشفافية المالية.


الأنباء العراقية
منذ 7 ساعات
- الأنباء العراقية
بنسبة 98%..مديرية ماء كركوك تعلن قرب افتتاح مشروع ماء تازة
كركرك - واع - مهدي الربحاوي أعلنت مديرية ماء كركوك، اليوم الجمعة، عن قرب إنجاز مشروع ماء تازة بطاقة 2000 م³/ساعة، فيما أكدت استئناف العمل بمشروع ماء شرق الحويجة ليغطي أكثر من 32 قرية. ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام وقال مدير ماء كركوك عباس اسماعيل مردان لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "مراحل إنجاز مشروع ماء تازة المركزي بطاقة إنتاجية تبلغ 2000م³/ساعة بلغت نسبة الإنجاز الحالية إلى (98%)، وهو أحد المشاريع المهمة، حيث يسهم في تغذية مركز ناحية تازة والقرى المجاورة لها التي تعاني من شح المياه الصالحة للشرب"، مؤكداً أن "العمل يسير بوتيرة متصاعدة من أجل افتتاحه في الموعد المحدد له". وأضاف أن "هذا المشروع يُعد من المشاريع الستراتيجية التي ستسهم في تحسين الخدمات المقدمة لأهالي ناحية تازة والقرى والمناطق المجاورة"، مبيناً أن "المشروع ينفذ من قبل شركة إيرانية وتحت إشراف مباشر من قبل مديرية ماء محافظة كركوك، وبتكلفة إجمالية تصل إلى (33,930,000,000)دينار عراقي، وبمدة تنفيذ تبلغ (450) يوماً". وتابع أن "نسبة الإنجاز الحالية وصلت إلى (98%)، ومن المؤمل افتتاح المشروع ليحقق نقلة نوعية في واقع الخدمات المائية المقدمة للمواطنين، لاسيما مناطق جنوب كركوك" مشيراً إلى "استئناف العمل في مشروع ماء شرق الحويجة والذي سيعمل على إيصال الماء الصالح للشرب إلى أكثر من 32 قرية".