
دراسة تربط بين تغير المناخ وتطور بعض الديناصورات في العصر الطباشيري
كشفت دراسة جديدة، شارك فيها باحثون من جامعات متعددة، عن تفاصيل محورية في تطوّر مجموعة من الديناصورات آكلة اللحوم بعد ذروة الحرارة العالمية التي شهدها كوكب الأرض قبل نحو 92 مليون سنة.
وذكرت الدراسة المنشورة في دورية "الجمعية الملكية للعلوم" (Royal Society Open Science) أن موجة التغير المناخي التي أعقبت ما يُعرف بـ"الذروة الحرارية للعصر الطباشيري" أدّت إلى انقراض عدد من المفترسات الضخمة، ما أفسح المجال لصعود مجموعتين جديدتين من الديناصورات العملاقة من نوع "التيرانوصورات" في نصف الكرة الشمالي، و"الميجارابتورات" في النصف الجنوبي.
وكانت الذروة الحرارية للعصر الطباشيري إحدى أشد فترات الاحترار المناخي التي شهدها كوكب الأرض في تاريخه الجيولوجي، وحدثت في منتصف العصر الطباشيري.
وخلال هذه الحقبة، ارتفعت درجات الحرارة العالمية إلى مستويات قياسية، ما أدى إلى ذوبان الجليد القطبي (إن وُجد آنذاك)، وارتفاع منسوب البحار بشكل هائل، حيث غمرت المحيطات أجزاء واسعة من القارات، مما حوّل بعض المناطق إلى بيئات بحرية ضحلة وغنية بالحياة، وفق الدراسة.
وأثّرت تلك الظروف المناخية المتطرفة في توزيع الكائنات الحية وتطورها بشكل كبير، فازدهرت الحياة البحرية وتنوعت الشعب المرجانية والكائنات المجهرية، في المقابل شهدت البيئات البرية تغيّرات واسعة النطاق في الغطاء النباتي وطبيعة المناخ، حيث سادت بيئات دافئة ورطبة أو موسمية وشبه قاحلة، بحسب المنطقة.
ورغم أن تلك الذروة الحرارية أطلقت موجة من التنوّع البيولوجي في بعض النظم البيئية، إلا أنها تسببت في المقابل بضغط بيئي هائل على الكائنات البرية، وأدت إلى انقراض واسع بين عدد من المفترسات الضخمة مثل "الكركردونتوصورات"، الأمر الذي أفسح المجال لصعود مجموعات أخرى تكيفت مع التغيرات المناخية اللاحقة.
ويُعد هذا الحدث بمثابة مثال على العلاقة الوثيقة بين تغيّر المناخ العالمي وتحولات الحياة على الأرض، وهو ما يجعله محل اهتمام دائم لعلماء الأحافير والمناخ على حد سواء.
التيرانوصورات والميجارابتورات
وتُعد "التيرانوصورات"، من أبرز الديناصورات المفترسة التي عاشت في نهاية العصر الطباشيري في نصف الكرة الشمالي، وتحديداً في منطقة لاراميديا، وهي الجزء الغربي من قارة أميركا الشمالية القديمة.
وتَميَّز هذا الكائن بجسم ضخم وصل وزنه إلى 9 أطنان، وفكٍّ قوي أتاح له سحق عظام فرائسه، ما جعله يتربع على قمة السلسلة الغذائية آنذاك.
أما "الميجارابتورات"، فهي فصيلة غامضة من الديناصورات اللاحمة التي ظهرت خلال العصر الطباشيري وامتازت ببنية جسدية مميزة تجمع بين الرشاقة والضخامة، إذ امتلكت رؤوساً نحيلة نسبياً وأذرعاً طويلة تنتهي بمخالب قاتلة يصل طولها إلى 35 سم، على عكس أقربائها من "التيرانوصورات" التي اعتمدت على قوة الفك.
وأظهرت الدراسة أيضاً أن ديناصور "تي ريكس" أشهر ديناصورات الشمال، لم ينشأ في أميركا الشمالية كما كان يُعتقد، بل هاجر أسلافه من آسيا عبر جسر بري يربط سيبيريا بألاسكا، قبل أن يتطوّر في موطنه الجديد.
الذروة الحرارية للعصر الطباشيري
شهدت فترة الذروة الحرارية للعصر الطباشيري، قبل نحو 92 مليون سنة، ارتفاعاً شديداً في درجات الحرارة العالمية، تبعها انخفاض حاد في الحرارة، ما مَثَّل نقطة تحوّل بيئية كبيرة.
وفي تلك الفترة، انقرضت ديناصورات كانت تهيمن على اليابسة، مثل "الكاركارودونتوصوريدات" وهي مجموعة من الـ"ألوصورات" الضخمة ذات الأسنان الشبيهة بأسماك القرش، والتي كانت المفترسات العليا في عدة قارات.
و"الألوصورات" فصيلة من الديناصورات "الثيروبودية" آكلة اللحوم التي عاشت خلال العصر الجوراسي المتأخر، وتُعد من أبرز المفترسات في تلك الفترة، وكانت تمتاز بجسم ضخم، ورأس كبير مزوّد بأسنان حادة، وذراعين قويين بثلاثة أصابع مجهزة بمخالب.
ورغم أن "الألوصورات" سبقت "التيرانوصورات" بوقت طويل، فإنها غالباً ما توصف بأنها "النسخة الأقدم" من المفترسات الضخمة، إذ لعبت دوراً مماثلاً في النظام البيئي من حيث التهام الديناصورات العاشبة مثل "الصربودات" و"الستيجوصورات".
ومع نهاية العصر الجوراسي، بدأت "الألوصورات" في الانقراض تدريجياً، لتحل محلها مفترسات أكبر وأكثر تطوراً مثل "الكركردونتوصورات" و"التيرانوصورات" في العصر الطباشيري.
وأحدث هذا الانقراض فراغاً بيئياً على قمة الهرم الغذائي، ما أفسح المجال لصعود مجموعات جديدة من الديناصورات آكلة اللحوم، أبرزها "التيرانوصورات" و"الميجارابتورات".
وفي أميركا الجنوبية وأجزاء من "إفريقيا، وأستراليا"، برزت "الميجارابتورات". كما شاركت التيتانوصورات في هذه المنظومة البيئية، وهي من آخر السوروبودات العملاقة التي سادت الأرض.
وتطورت هذه المجموعة بداية في آسيا قبل نحو 120 مليون سنة، وانتشرت عبر أوروبا وصولاً إلى جوندوانا، وهي القسم الجنوبي من قارة عظيمة بدائية كانت توجد في الحقبة الجيولوجية الوسطى، حيث طوّرت صفات فريدة جعلتها مفترسات مهيمنة.
ويُعتقد أنها كانت تعتمد على مخالبها القاتلة بدلاً من العضلات الفكية الضخمة، ربما بسبب اختلاف الفرائس في بيئتها مثل صغار "الصوروبودات"، على عكس "التيرانوصور" الذي اصطاد أنواعاً مثل "ترايسيراتوبس" و"إدمونتوصور" في الشمال.
ويبدو أن الانخفاض التدريجي في درجات الحرارة بعد ذروة العصر الطباشيري شكّل عاملاً أساسياً في تطوّر "التيرانوصورات" و"الميجارابتورات" إلى أحجام عملاقة.
وبحسب الدراسة، كان هذان الفرعان من الديناصورات أكثر قدرة على التكيف مع المناخ البارد نسبياً، ربما بسبب صفات فيسيولوجية مثل الريش الذي وُجد في بعض أسلافهم، أو كونهم أكثر "دموية دافئة" من غيرهم.
ورغم عدم العثور على أحافير لـ"الميجارابتورات" في أوروبا أو إفريقيا حتى الآن، إلا أن النماذج التطورية تشير إلى أنها كانت موجودة هناك، ولكن ربما في بيئات لم تحفظ أحافيرها، أو لم يتم التنقيب فيها بالشكل الكافي بعد.
"مشهد بيئي متباين"
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة، ماورو أرنشياجا رولاندو، الباحث في المتحف الأرجنتيني لعلوم الطبيعة، إنه ومع انفصال قارات جوندوانا تدريجياً، تطورت هذه المفترسات بطرق أكثر تخصصاً، مستجيبة لتغير البيئات والأقاليم، مضيفاً أنه "في أماكن مثل أستراليا وباتاجونيا، أصبحت الميجارابتورات مفترسات عليا لا يُنافسها أحد".
وأشارت الدراسة إلى أن المشهد البيئي قبل نهاية العصر الطباشيري لم يكن موحداً. ففي الشمال، سادت بيئة معتدلة ورطبة نسبياً، بينما بقيت أجزاء كبيرة من الجنوب موسمية وشبه قاحلة وقد ساعدت هذه الفروق المناخية والجيولوجية في تنويع الديناصورات الأرضية، وأدت إلى مسارات تطورية موازية لكنها مختلفة.
وفي حين طوّرت "التيرانوصورات" عضلات فكية وقدرة على سحق العظام، اختارت "الميجارابتورات" طريقاً أكثر خفة ورشاقة، متمثلاً في مخالبها ودقتها.
ومع انقراض "الكاركارودونتوصورات"، بدأت فترة جديدة سيطر فيها عمالقة جدد. وبين بيئات تتبدل، وقارات تتباعد، ومناخ يتحوّل، وجدت الديناصورات عبر "الابتكار التطوري" طريقها إلى القمة من جديد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرجل
منذ 3 ساعات
- الرجل
ابتكار عدسات لاصقة للرؤية الليلية تعمل حتى مع إغلاق العينين!
طور العلماء عدسات لاصقة تتيح للأشخاص الرؤية في الظلام، وتعمل بشكل أفضل حتى عند إغلاق العينين.على عكس نظارات الرؤية الليلية التي تحتاج إلى مصدر طاقة، لا تتطلب هذه العدسات اللاصقة أي مصدر طاقة، وتمكن مرتديها من إدراك نطاق من موجات الأشعة تحت الحمراء. ويقول الباحثون إنها قد تمنح الناس "رؤية فائقة". قال البروفيسور تيان شو، من جامعة العلوم والتكنولوجيا في الصين: "بحثنا يفتح آفاقاً للأجهزة القابلة للارتداء غير الجراحية، وهناك العديد من التطبيقات المحتملة على الفور". وأضاف: "مثلاً، يمكن استخدام ضوء الأشعة تحت الحمراء المتقطع لنقل المعلومات في مجالات الأمن والإنقاذ والتشفير ومكافحة التزوير". يستطيع الإنسان رؤية مجموعة من الموجات الضوئية ضمن الطيف المرئي، الذي يتراوح من حوالي 380 إلى 700 نانومتر. تعتمد تقنية العدسات اللاصقة على جزيئات نانوية تمتص ضوءاً غير مرئي لنا وتحوله إلى أطوال موجية يمكن رؤيتها. تسمح هذه الجزيئات النانوية بالكشف عن ضوء الأشعة تحت الحمراء القريب، الذي يمتد من 800 إلى 1600 نانومتر، وهو خارج نطاق الرؤية البشرية الطبيعية. سبق للفريق أن أثبت أن هذه الجزيئات النانوية تمكن الفئران من الرؤية بالأشعة تحت الحمراء بعد حقنها في الشبكية، لكنهم سعوا إلى تصميم خيار أقل تدخلاً عن طريق دمج الجزيئات النانوية مع بوليمرات مرنة غير سامة تُستخدم في العدسات اللاصقة الناعمة التقليدية. أظهرت التجارب أن العدسات اللاصقة سمحت للبشر برصد إشارات ضوئية متقطعة تشبه شفرة مورس في الظلام الدامس. بل إن الرؤية تحسنت أكثر عند إغلاق العينين، حيث يمنع إغلاق العينين التداخل من الضوء ضمن الطيف المرئي. أكد البروفيسور شو: "الأمر واضح تماماً، بدون العدسات، لا يرى الشخص شيئاً، لكن عند ارتدائها يمكنه رؤية تذبذب ضوء الأشعة تحت الحمراء بوضوح". وأوضح أن الأشعة تحت الحمراء القريبة تخترق جفن العين بشكل أفضل من الضوء المرئي، ما يقلل من التداخل ويعزز قدرة الإدراك مع إغلاق العينين. كما تم تعديل العدسات بحيث تستطيع الجزيئات النانوية تلوين أطوال موجات الأشعة تحت الحمراء المختلفة، فمثلاً تم تحويل طول موجة 980 نانومتر إلى ضوء أزرق، و808 نانومتر إلى أخضر، و1532 نانومتر إلى أحمر، ما سمح للمستخدمين برؤية تفاصيل أكثر. وقد تساعد هذه التقنية مستقبلاً الأشخاص المصابين بعمى الألوان على إدراك ألوان كانوا عاجزين عن رؤيتها. وأشار البروفيسور شو إلى أن تحويل الضوء الأحمر إلى ضوء أخضر مرئي يمكن أن يجعل "غير المرئي مرئياً" بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من عمى الألوان. وأظهرت الاختبارات أن العدسات مرنة ومريحة، وتمكن المشاركين من الكشف عن أطوال موجية غير مرئية للبشر عادة. حالياً، تستطيع العدسات الكشف فقط عن الأشعة تحت الحمراء المنبعثة من مصدر ضوئي LED، ويعمل الباحثون على زيادة حساسية الجزيئات النانوية لاكتشاف مستويات أدنى من الأشعة تحت الحمراء. قال البروفيسور شو: "في المستقبل، بالتعاون مع علماء المواد وخبراء البصريات، نأمل في تطوير عدسة لاصقة بدقة مكانية أعلى وحساسية أكبر". آلية عمل العدسات الطبية - المصدر dailymail. وفي تقريرهم المنشور في مجلة Cell، أكد الفريق أن "الضوء يلعب دوراً أساسياً في نقل كمية كبيرة من المعلومات الخارجية التي تساعد الكائنات الحية على فهم العالم"، مشيرين إلى أن الثدييات لا تدرك سوى جزء صغير من الطيف الكهرومغناطيسي المعروف بالضوء المرئي، في حين أن أكثر من نصف طاقة الإشعاع الشمسي يأتي على شكل أشعة تحت حمراء غير مرئية. وخلص الباحثون إلى أنهم نجحوا في ابتكار عدسات لاصقة قابلة للارتداء تكشف الأشعة تحت الحمراء القريبة، ويمتاز تصميمها بالمرونة والتوافق الحيوي، مع إمكانية التمييز بدقة بين إشارات الأشعة تحت الحمراء المشابهة لشفرة مورس، وكذلك التعرف على صور نمطية ضمن هذا الطيف، ولفتوا إلى أن الرؤية بالأشعة تحت الحمراء تتحسن عند إغلاق العينين مقارنة بالرؤية العادية.


العربية
منذ 4 ساعات
- العربية
يزيد المد والجزر.. "الحضيض القمري" حدث فلكي يزين السماء خلال أيام
تشهد السماء بعد غد الاثنين، ظاهرة فلكية مميزة تُعرف باسم الحضيض القمري، وفيها يصل القمر إلى أقرب نقطة له من الأرض، ويظهر في طور الهلال ما يجعل تأثيره على المد والجزر أكبر من المعتاد. من جانبه، كشف الدكتور أشرف تادرس، أستاذ الفلك بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن القمر بتواجده في منطقة الحضيض بمداره حول الأرض وعلى الرغم مع كونه هلالا ضعيفا، إلا أنه سيكون عملاقا "سوبر"، على حد وصفه. وأوضح تادرس أن الحضيض هي المنطقة القريبة نسبيا إلى الأرض، حيث تبلغ المسافة بينهما حوالي 359 ألف كلم، لافتًا إلى أن منطقة الحضيض تتغير من شهر لآخر ولا يعتبر القمر "سوبر" أو عملاقا إلا إذا كانت مسافته من الأرض أثناء الحضيض أقل من 360 ألف كلم، وهو الشرط الذي ينطبق على وضع القمر يوم الاثنين المقبل. ولفت أستاذ الفلك بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، إلى أن ظاهرة المد والجزر تزيد شدتها قليلا أثناء وجود القمر في منطقة الحضيض. ظاهرة المد والجزر وعن أسباب حدوث ظاهرة المد والجزر قال أستاذ الفلك، إن الجاذبية بين الأرض والقمر هي القوة الرئيسية المسببة للمد والجزر، حيث يجذب القمر مياه البحار والمحيطات نحوه، ما يخلق انتفاخا في المياه على الجانب المواجه للقمر، وأيضا على الجانب المقابل له من الجهة الأخرى، أما الجزر فيكون على الجانبين العموديين، وبسبب دوران الأرض تشهد المناطق الساحلية مدين وجزرين كل يوم. وأضاف تادرس أن المد قد يزيد بشكل ملحوظ عندما يكون القمر في مرحلتي المحاق والبدر، حيث يكون القمر في نفس اتجاه الشمس في حالة المحاق، أو عندما يكون القمر في الجهة المقابلة للشمس، موضحًا أنه في حالة البدر أيضًا، يزيد المد بشكل ملحوظ عندما يكون القمر في منطقة الحضيض أي في المنطقة القريبة من الأرض. وأردف: "بالمثل يقل المد بشكل ملحوظ عندما يكون القمر في مرحلة التربيع الأول والثاني، أي عندما يكون القمر بزاوية 90 درجة مع الشمس، كما يقل المد بشكل ملحوظ أيضا عندما يكون القمر في منطقة الأوج أي في المنطقة البعيدة عن الأرض". وأكد خبير الفلك أن ظاهرة المد والجزر دليل قوي على كروية الأرض، لأن حدوث المد والمد المقابل له على سطح الكرة الأرضية، والذي ينتج عنه حدوث الجزر والجزر المقابل بشكل عمودي لا يمكن حدوثه مع الأرض المسطحة أبدا.


الشرق الأوسط
منذ 20 ساعات
- الشرق الأوسط
الأرصاد السعودية تستشرف الحالة المناخية في المملكة لـ100 عام مقبلة
تتحرّك السعودية بخطى واثقة نحو تكامل ديني وبيئي وإنساني غير مسبوق، إذ كشف الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد، الدكتور أيمن بن سالم غلام، عن رؤية مستقبلية لدى المركز تمتد لـ100 عام، تستشرف أحوال المناخ في المملكة، ولا سيما في المناطق المرتبطة بشعيرة الحج، مثل مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة والمشاعر المقدّسة. أحد أهم القطاعات في نقل الحالة المناخية (المركز) وأوضح غلام، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أنّ السنوات المقبلة ستشهد تغيّراً تدريجياً في درجات الحرارة خلال موسم الحج، مشيراً إلى أنّ الحرارة ستكون مرتفعة، لكنها أقل حدّة مقارنةً بما يشهده الموسم الحالي. هذا التغيّر المناخي المتوقَّع لا يأتي عشوائياً، وإنما يستند إلى دراسات علمية وميدانية متخصّصة. وعن إمكان الاستفادة من سُحب الطائف لدعم مناخ مكة والمشاعر المقدّسة، كشف غلام عن دراسة فريق بحثي متكامل لتحرّكات السُّحب بشكل طبيعي من الطائف إلى مكة، وبحثه في إمكان تعزيز الهطول المطري ليستفيد منه مناخ مكة والمشاعر المقدّسة. وأكد الرئيس التنفيذي أنّ هذا التوجُّه لا يعني بالضرورة أن يتزامن التدخُّل المناخي مع موسم الحج تحديداً، وإنما يرتبط بظروف ومعايير معيّنة قد تنطبق على موسم الحج أو على مواسم أخرى خارجه، كاشفاً عن أنّ برنامج الاستمطار يضم حالياً 4 طائرات حديثة، إضافة إلى طائرة بحوث سيجري تسلمها قريباً، وهي الأولى من نوعها على مستوى العالم العربي. الرئيس التنفيذي خلال إلقاء كلمته في الورشة (المركز) أما فيما يتعلق بتغطية مكة المكرّمة بمحطّات الرصد، فأوضح غلام أنّ مكة والمشاعر المقدّسة والمدينة المنوّرة قد وصلت فيها نسبة التغطية الجغرافية إلى مائة في المائة، سواء عبر محطّات رصد ثابتة أو متنقّلة، إضافة إلى رادارات ثابتة ومتحرّكة، ومحطّات لقياس طبقات الأجواء العليا، وكذلك الأقمار الاصطناعية التي تتابع وتُراقب جميع أجواء المملكة، بما فيها المشاعر المقدّسة، مما يعني أنّ التغطية بلغت ذروتها. جاء حديث الدكتور غلام عقب انتهاء «ورشة عمل الأثر المناخي» في نسختها الثانية، التي عُقدت في مقر المركز بجدة، بمشاركة ممثلي 48 جهة حكومية وميدانية معنيّة بأعمال موسم الحج، وذلك في إطار تعزيز التنسيق المشترك والجاهزية لموسم حج 1446 هجرياً. وأكد، خلال كلمته في افتتاح الورشة، أهمية الاستعداد المُبكر لموسم الحج، مشيراً إلى أنّ المركز كثَّف جهوده هذا العام بدعم منظومة الرصد في منطقتَي مكة المكرّمة والمدينة المنوّرة والمشاعر المقدّسة، وتوفير خدمات أرصادية دقيقة تُساهم في سلامة ضيوف الرحمن، لافتاً، مرةً أخرى، إلى أنّ تغطية أجواء المشاعر بلغت مائة في المائة من خلال محطّات الرصد والرادارات والتقنيات الحديثة، المدعومة بفرق ميدانية متخصّصة. وتضمّنت الورشة عروضاً متخصّصة شملت استعراض التوقّعات المناخية المتوقَّعة في المشاعر المقدّسة، ونتائج دراسة الإجهاد الحراري لحج العام الماضي، إضافة إلى جهود مركز التغيُّر المناخي في بناء نظرة استشرافية لمواسم الحج حتى عام 1471 هجرياً، ودور برنامج استمطار السُّحب في دعم البيئة المناخية في المناطق المستهدفة. كما تناولت الجاهزية التشغيلية لشبكة الرصد وأنظمة الطوارئ، وآليات مواجهة الظواهر الجوّية الحادّة، إلى جانب استعراض المنصّة الرقمية للمركز، ونظام التنبّؤ بالسيول المفاجئة، والخدمات المقدَّمة للجهات الحكومية والقطاع الخاص. حضور من مختلف القطاعات لورشة العمل (المركز) وتخلّل الورشة أيضاً عرض للإطار الإعلامي والتوعوي الذي ينفّذه المركز خلال موسم الحج، ويشمل أكثر من 14 خدمة معلوماتية وتوعوية موجَّهة لحجاج بيت الله الحرام، مع التأكيد على أهمية توحيد الرسائل الإعلامية والاعتماد على المركز بكونه مصدراً رسمياً للمعلومات المناخية. ويأتي انعقاد الورشة في إطار جهود المركز الوطني للأرصاد لدعم منظومة الحج بمعلومات مناخية دقيقة، وتحقيق أعلى درجات التكامل بين الجهات ذات العلاقة، بما يضمن موسماً آمناً ومستقراً لضيوف الرحمن، ويواكب أهداف رؤية المملكة 2030.