logo
شاهد- كيف تغير نظارات ميتا الذكية حياة المكفوفين

شاهد- كيف تغير نظارات ميتا الذكية حياة المكفوفين

الجزيرةمنذ 5 أيام

يشهد العالم في السنوات الأخيرة تطورات كبيرة في مجال التكنولوجيا المساعدة، حيث تسهم الابتكارات الحديثة في تحسين حياة الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة.
ومن بين هذه الابتكارات الحديثة، تبرز نظارة "راي بان" (Ray Ban) الذكية الجديدة من " ميتا" (Meta) التي صنعتها بالتعاون مع عملاق النظارات الإيطالي "إيسيلور لوكسوتيكا" (EssilorLuxottica).
وتأتي هذه النظارة مزودة بكاميرا وميكروفونات ومساعد ذكاء اصطناعي قادر على تحديد الأشياء والإجابة عن الأسئلة، وتجمع بين تقنيات الواقع المعزز والذكاء الاصطناعي من أجل السماح للأفراد بالتفاعل مع العالم من حولهم.
وتوفر نظارة "راي بان" حلولًا متطورة تساعد المستخدمين في التنقل، والتعرف على الأشياء، وقراءة النصوص، وحتى التفاعل مع الأفراد والمجتمع بسهولة أكبر.
كيف تساعد نظارة "راي بان" الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة؟
بالرغم من أن "ميتا" لم تصمم نظارتها خصوصًا للأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن مجموعة متنامية من هؤلاء المستخدمين ينظرون إلى هذه الأجهزة على أنها أداة تحسن حياتهم أكثر من كونها منتجًا لعشاق التكنولوجيا.
إعلان
وتعتمد "راي بان" الذكية على مزيج من تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز، مما يمنحها القدرة على التعرف على البيئة المحيطة، وتحليل المعلومات البصرية، وتحويلها إلى بيانات صوتية مفيدة للأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتشمل هذه التقنيات التعرف على الأشياء والأشخاص، والمساعد الصوتي المدعوم بالذكاء الاصطناعي، والتحكم بالأوامر الصوتية، والتعرف على النصوص وتحويلها إلى صوت، والخرائط والتوجيه الصوتي الذكي.
وتستخدم "راي بان" كاميرا مع تقنيات الرؤية الحاسوبية لتحديد الأشياء والأشخاص المحيطين بالمستخدم وتمييزهم.
وتستطيع هذه النظارة أن تصف مشهدًا في حديقة، مثل "هناك شجرة كبيرة على اليمين، وطفل يلعب بالكرة على اليسار، ومجموعة من الناس يجلسون على مقاعد في المنتصف".
ويتيح الذكاء الاصطناعي في النظارة تقديم وصف صوتي للأماكن، والتعرف على النصوص، والإجابة عن استفسارات المستخدم.
وتصف النظارة المشاهد التي يراها المستخدم، مثل الأشخاص والأشياء والأماكن، مما يسمح له بتكوين صورة ذهنية عن محيطه.
في حين يتيح التحكم بالأوامر الصوتية للمستخدم التفاعل مع النظارة دون الحاجة إلى استخدام اليدين، مما يسهل عليه التنقل بحرية.
وتستطيع "راي بان" قراءة اللافتات، والقوائم، والوثائق بصوت عالٍ للمستخدمين. كما أنها تساعد المستخدم في التنقل عبر الإرشادات الصوتية بناءً على البيئة المحيطة به.
ويساعد الجمع بين الذكاء الاصطناعي وتقنيات الواقع المعزز الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة على التحرك بأمان في الأماكن العامة.
وتستطيع هذه النظارة الذكية أن تخبر المستخدم بوجود "سلم أمامك مكون من 3 درجات" أو "هناك كرسي على بعد مترين على اليسار".
وتنبه "راي بان" المستخدم إلى العوائق القريبة، وتتعرف على إشارات المرور، وترشده عبر الأوامر الصوتية.
كما أنها تمكّن من التعرف على وجوه الأشخاص المتكرر تفاعلهم مع المستخدم، وإخباره بأسمائهم عند الاقتراب منهم، مما يسهل التفاعل الاجتماعي ويساعد في تعزيز الشعور بالاستقلالية.
وعلى سبيل المثال، تخبر "راي بان" المستخدم بأن "محمد" يقترب منه، أو أن "سارة" تقف على بعد عدة أمتار.
وفي المتاجر، يمكن لهذه النظارة قراءة أسماء المنتجات، وتحديد الأسعار، وحتى تقديم معلومات عن العروض والتخفيضات، مما يسمح للمستخدمين باتخاذ قرارات الشراء دون الحاجة إلى مساعدة الآخرين.
وباستخدام تقنيات "التعرف الضوئي على الحروف" (أو سي آر OCR) يمكن للنظارة قراءة الكتب، والصحف، والقوائم، والفواتير، وتحويلها إلى صوت، مما يتيح للأشخاص الوصول إلى المعلومات المكتوبة بسهولة.
وسواء كان ذلك في إعداد وجبة، أو معرفة لون الملابس، أو البحث عن عنصر مفقود في المنزل، يمكن لـ"راي بان" توفير إرشادات صوتية دقيقة تساعد المستخدم في تنفيذ المهام اليومية بفاعلية.
الواقع المعزز يحسن الإدراك البصري
تعتمد نظارة "راي بان" الجديدة على تقنيات الواقع المعزز التي تتيح للمستخدمين فهم البيئة المحيطة من خلال الصوت والاهتزازات.
وتستطيع هذه النظارة تقديم معلومات فورية عن الأشياء المحيطة بالمستخدم، مثل الأثاث، والشوارع، واللافتات، وحتى الأشخاص. كما أنها قادرة على تمييز الألوان، وقراءة النصوص المكتوبة، وتوفير توجيهات تنقل دقيقة للمستخدمين.
ويعتمد الواقع المعزز على دمج البيانات الرقمية مع المشهد الحقيقي الذي يراه المستخدم.
وفي حالة نظارة "راي بان" فإنها تستخدم كاميرات مدمجة ومستشعرات لمراقبة البيئة المحيطة، وعرض معلومات مسموعة حول الأشياء التي تحيط بالمستخدم.
وعلى سبيل المثال، عند توجيه النظارة نحو شارع مزدحم، فإنها تستطيع تقديم معلومات عن إشارات المرور، وعدد الأشخاص من حولها، واتجاهات السير المناسبة.
ويمنح الواقع المعزز الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة إحساسًا أعمق بالبيئة المحيطة، مما يساعدهم في الاستقلالية.
وبدلًا من الاعتماد على الآخرين لتوضيح ما حولهم، يمكنهم الاستفادة من هذه النظارة للحصول على بيانات مباشرة وفورية، مما يجعلهم يعتمدون على أنفسهم في الحياة اليومية.
تحليل البيئة المحيطة بالذكاء الاصطناعي
يدمج الذكاء الاصطناعي في هذه النظارة بين قدرات الرؤية الحاسوبية والتعرف على الأصوات، وذلك لتحليل البيئة المحيطة بالمستخدم وتقديم إرشادات واضحة.
ومن خلال الكاميرات والميكروفونات المدمجة، تستطيع النظارة التعرف على وجوه الأشخاص، وتحديد الأشياء وتمييزها، وقراءة النصوص المكتوبة وتحويلها إلى صوت منطوق.
وتساعد هذه الإمكانيات الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة في المهام اليومية، مثل التسوق والتنقل والتفاعل الاجتماعي.
وتستطيع نظارة "راي بان" التعرف على الوجوه، مما يساعد المستخدم في تحديد الأشخاص الذين يتفاعل معهم.
وتفحص النظارة البيئة المحيطة وتقدم معلومات سمعية عنها. كما يستطيع المستخدم إصدار أوامر صوتية، مثل "اقرأ لي هذه اللافتة" أو "أين الباب؟" ليحصل على إجابة فورية.
وتدعم النظارة ترجمة اللافتات والنصوص إلى لغات مختلفة لمساعدة المستخدمين في البيئات الدولية.
كما أنها تدعم التفاعل مع التطبيقات المساعدة، مثل تطبيق "بي ماي آيز" (Be My Eyes) الذي يربط المستخدمين بمتطوعين لمساعدتهم عبر الفيديو المباشر.
وتقرأ هذه النظارة أثناء التسوق المعلومات الموجودة على عبوات المنتجات، وتستطيع في المطاعم قراءة القوائم وتقديم اقتراحات بناءً على تفضيلات المستخدم.
كما أنها قادرة أثناء السفر على تقديم إرشادات حول الاتجاهات وأسماء الشوارع وحتى أوقات المواصلات.
التحديات والقيود
في البداية، واجهت نظارة "ميتا" صعوبة في جذب المستخدمين، لكن شعبيتها ازدادت منذ ذلك الحين. وبالرغم من المزايا العديدة، هناك بعض المشكلات التي تواجهها، مثل التحديات التقنية والاقتصادية والاجتماعية.
وتواجه النظارة صعوبة في التعرف على بعض الأشياء أو النصوص في ظروف الإضاءة المنخفضة، وتستغرق بعض عمليات التحليل وقتًا أطول، مما يؤثر في تجربة المستخدم.
ويثير استخدام الكاميرا والميكروفون بشكل مستمر في الأماكن العامة مخاوف حول الخصوصية والأمان الرقمي. كما تحتاج النظارة إلى تقليل استهلاك الطاقة لزيادة عمر البطارية وجعلها أكثر عملية للاستخدام اليومي.
ولكن، مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي وتقنيات الواقع المعزز، فمن المتوقع أن تتحسن وظائف هذه النظارة لتصبح أكثر دقة وفعالية.
وقد تشمل التحسينات المستقبلية ميزات أكثر تطورًا، مثل التفاعل بالأوامر الدماغية، والتكامل مع الأجهزة الذكية الأخرى لتحسين تجربة المستخدم.
هذا إلى جانب تطوير الذكاء الاصطناعي ليكون أكثر دقة في التعرف على الأشياء والنصوص، وتحسين التصميم ليكون أكثر راحة وسهولة في الاستخدام اليومي، وإدخال ميزات متقدمة، مثل الإحساس بالمسافات عبر الاهتزازات.
وفي الختام، تمثل نظارة "راي بان" خطوة كبيرة نحو تحسين استقلالية الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث توفر لهم أدوات مبتكرة تساعدهم في التفاعل مع العالم بطريقة أكثر سلاسة.
ومع تطور التكنولوجيا، تواصل هذه الأجهزة إحداث تغييرات إيجابية في حياة الملايين حول العالم. ومع استمرار الابتكارات، قد نشهد في المستقبل أجهزة أكثر تطورًا قادرة على تغيير حياة الأفراد بشكل جذري.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"أوبن إيه آي" تعتزم دعم الإمارات في تطوير أحد أكبر مراكز البيانات بالعالم
"أوبن إيه آي" تعتزم دعم الإمارات في تطوير أحد أكبر مراكز البيانات بالعالم

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

"أوبن إيه آي" تعتزم دعم الإمارات في تطوير أحد أكبر مراكز البيانات بالعالم

تخطط شركة " أوبن إيه آي" لإنشاء مركز بيانات ضخم في أبو ظبي عاصمة الإمارات العربية المتحدة بقدرة 5 غيغاوات، الذي قد يصبح أكبر مركز بيانات عالميا، وفقا لتقرير نشره موقع رويترز. ومن المتوقع أن يغطي مركز البيانات الجديد في أبو ظبي مساحة هائلة تصل إلى 16 كيلومترا مربعا، ويستهلك طاقة تعادل 5 مفاعلات نووية، مما يجعله أكبر بكثير من أي بنية تحتية للذكاء الاصطناعي سبق أن أعلنت عنها "أوبن إيه آي" أو أي شركة ذكاء اصطناعي أخرى. يُذكر أن هذا المشروع سيتم بالشراكة مع "جي 42" (G42) -وهي شركة تكنولوجيا ضخمة مقرها أبو ظبي- ويأتي كجزء من مشروع "ستارغيت" (Stargate) الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في يناير/كانون الثاني الماضي. ويهدف هذا المشروع إلى إنشاء مراكز بيانات ضخمة حول العالم، بحيث تكون مزودة بأقوى الشرائح الإلكترونية لدعم تطوير الذكاء الاصطناعي بالشراكة مع "سوفت بانك" (SoftBank) و"أوراكل" (Oracle). وبينما يُتوقع أن تبلغ قدرة أول مركز "ستارغيت" في الولايات المتحدة نحو 1.2 غيغاوات، فإن المركز في أبو ظبي سيتجاوز ذلك بأكثر من 4 أضعاف، إذ إن هذا المشروع يأتي في إطار تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة والإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو تعاون يمتد لعدة سنوات وأثار قلق بعض المشرعين الأميركيين. وتعود علاقة "أوبن إيه آي" مع الإمارات إلى عام 2023 من خلال شركة "جي 42" التي كان هدفها تسريع تبني الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط، وقد أشاد الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" سام ألتمان بالإمارات العربية المتحدة، قائلا إنها كانت تتحدث عن الذكاء الاصطناعي قبل أن يصبح شائعا. ومن جهة أخرى، وكما هو الحال في كثير من مشاريع الذكاء الاصطناعي فإن هذه العلاقات معقدة، فشركة "جي 42" يرأسها الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني في الإمارات والشقيق الأصغر لحاكم البلاد، وقد أثارت علاقتها بـ "أوبن إيه آي" مخاوف في الولايات المتحدة عام 2023، بسبب ارتباطات سابقة بشركات صينية مدرجة على القائمة السوداء، مثل " هواوي" ومعهد بكين للجينوم. ومع ضغوط متزايدة من المشرعين الأميركيين، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة "جي 42" في بداية 2024 أن الشركة غيرت إستراتيجيتها وتخلت عن استثماراتها في الصين وأغلقت حضورها هناك بالكامل، وفي وقت لاحق أعلنت مايكروسوفت -أحد كبار المستثمرين في "أوبن إيه آي"- عن استثمار بقيمة 1.5 مليار دولار في "جي 42″، كما انضم رئيسها براد سميث إلى مجلس إدارة الشركة مما عزز التعاون بين الجانبين.

الدردشة مع "شات جي بي تي".. دعم نفسي من رفيق افتراضي
الدردشة مع "شات جي بي تي".. دعم نفسي من رفيق افتراضي

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • الجزيرة

الدردشة مع "شات جي بي تي".. دعم نفسي من رفيق افتراضي

في عالم يزداد فيه الشعور بالوحدة، يقترح مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا"، حلا قد يبدو غريبا للبعض وهو بناء صداقات مع الذكاء الاصطناعي. ففي لقاء بودكاست أخير، أشار زوكربيرغ إلى أن "الشخص الأميركي في المتوسط لديه أقل من 3 أصدقاء، بينما يحتاج فعليا إلى ما يقرب من 15 صديقا، معتبرا أن الذكاء الاصطناعي قد يسهم في سد هذه الفجوة الاجتماعية، خاصة مع تطور تقنيات التخصيص". ورغم تأكيده أن الذكاء الاصطناعي لا يهدف إلى استبدال الأصدقاء الحقيقيين، فإن اقتراحه بإمكانية استخدامه كصديقة أو حتى كمعالج نفسي أثار جدلا واسعا، حيث وصفه البعض بأنه "بعيد عن الواقع" أو حتى "ديستوبي" (ينذر بمستقبل كئيب). فالروابط الإنسانية، كما يرى الكثيرون، ليست مجرد تفاعل كلامي يمكن محاكاته برمجيا. ومع ذلك، تظل مشكلة الوحدة حقيقية وتزداد تفاقما، خصوصا بين المراهقين. ووفقا لدراسة أجراها مركز "غالوب" في عام 2023، يشعر نحو واحد من كل 4 أشخاص حول العالم بالوحدة بدرجة كبيرة أو متوسطة، أي ما يقرب من مليار شخص. ولعل هذا ما يدفع البعض للبحث عن بدائل جديدة، ولو كانت رقمية. الذكاء الاصطناعي كـ"رفيق رقمي" على منصات مثل تيك توك، تتزايد المقاطع التي تظهر استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل "شات جي بي تي" (ChatGPT)، في التعامل مع الأزمات العاطفية. ففي أحد المقاطع، تطلب امرأة من الأداة مساعدتها في صياغة رسالة لزوجها تعبر فيها عن مشاعر الإهمال من دون أن تبدو غاضبة. في مقطع آخر، تروّج إحدى صانعات المحتوى لاستخدام الذكاء الاصطناعي كبديل أرخص للعلاج النفسي، معتبرة أنه "أداة متاحة لمن لا يستطيعون تحمّل تكاليف المعالجين الباهظة". هذا الاتجاه لا يقتصر على الترفيه، بل امتد ليشمل تطبيقات متخصصة. تطبيق "ريبليكا" (Replika) يقدم تجربة "رفيق عاطفي" قائم على الذكاء الاصطناعي من خلال محادثات مصممة لمحاكاة الدعم النفسي والشعوري، بينما تركز تطبيقات مثل "بيرد" (Paired) و"لاستينغ" (Lasting) على دعم الأزواج من خلال تمارين واختبارات لتحسين التواصل. أما "ووبوت" (Woebot)، فيقدم محتوى قائما على مبادئ "العلاج المعرفي السلوكي" (CBT)، لمساعدة المستخدمين في التعامل مع التوتر والمشكلات اليومية. ما الذي يجعل الذكاء الاصطناعي جذابا؟ بحسب الدكتورة جودي هو، المتخصصة في علم النفس العصبي السريري، فإن جاذبية هذه الأدوات تكمن في قدرتها على تقديم دعم فوري وسري، من دون أحكام أو تكاليف مالية باهظة. وتضيف لموقع هاف بوست الأميركي "العديد من الأشخاص يشعرون براحة أكبر في التفاعل مع الذكاء الاصطناعي لأنه لا يصدر أحكاما، ولا يحتاج إلى مواعيد، ولا يحملهم عبئا نفسيا". وتشير "هو" إلى أن هذه الأدوات تمثل ملاذا للأشخاص الذين يعانون من وصمة العلاج النفسي، أو لأولئك الذين يعيشون في بيئات تفتقر إلى مختصين نفسيين. ومن منظور تقني بحت، فإن الذكاء الاصطناعي قد يلعب دور "المستجيب الأولي" في التعامل مع الأزمات اليومية أو مشاعر الوحدة العابرة. هل يمكن أن يكون بديلا حقيقيا للعلاج؟ رغم بعض النتائج الإيجابية، مثل تلك التي كشفت عنها دراسة حديثة للباحث ستيفانو بونتوني من كلية وارتون، والتي وجدت أن التفاعل مع رفيق ذكي يمكن أن يقلل الشعور بالوحدة بنسبة تصل إلى 20%، فإن الخبراء يحذرون من الاعتماد المفرط على هذه الأدوات. وتحذر دكتورة "هو" من أن الذكاء الاصطناعي قد يُبسّط مشكلات معقدة، كالصدمات النفسية أو الخيانة أو الغضب المكبوت، عبر إجابات جاهزة لا تراعي الخصوصية العاطفية لكل حالة. في حين تشير كامنيا بوجواني، المتخصصة في التكنولوجيا العاطفية، إلى أن "الذكاء الاصطناعي لا يمتلك القدرة على قراءة مشاعر الإنسان بعمق، ولا يمكنه تقديم تعاطف حقيقي أو المساعدة في حالات الانتحار أو الاضطرابات النفسية الحادة". وتضيف: "الاعتماد المفرط على هذه الأدوات قد يؤدي إلى عزلة اجتماعية، أو إلى بناء علاقات غير صحية مع أدوات رقمية تعتبر بديلا للعلاقات الإنسانية". بعيدا عن الجوانب النفسية، هناك أيضا خطر كبير يتعلق بخصوصية البيانات. فخلافا للمعالجين النفسيين الملزمين بقوانين مثل "إتش آي بي إيه إيه" (HIPAA)، فإن أدوات الذكاء الاصطناعي لا تخضع لنفس الرقابة القانونية. ويحذر كريستوفر كوفمان، أستاذ مساعد في جامعة كاليفورنيا الجنوبية، من أن النماذج اللغوية قد تتعلم من تفاعلات المستخدم من دون علمه، مما يضع البيانات في "منطقة رمادية قانونيا وأخلاقيا". والذكاء الاصطناعي قد يشكل أداة مساعدة لمن لا يستطيع الوصول للعلاج التقليدي أو يحتاج إلى دعم فوري، لكنه لا يمكن أن يحل محل العلاقة الإنسانية أو العمق العلاجي الذي يقدمه متخصص بشري. وتبقى العلاقات العاطفية والنفسية جزءا من التجربة الإنسانية المعقدة، وهي تجربة يصعب اختزالها في خوارزميات، مهما تطورت.

من الهند إلى العالم.. كيف غيرت زوهو مفهوم البرمجيات السحابية؟
من الهند إلى العالم.. كيف غيرت زوهو مفهوم البرمجيات السحابية؟

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • الجزيرة

من الهند إلى العالم.. كيف غيرت زوهو مفهوم البرمجيات السحابية؟

لا شك في أن الحلم التقليدي لمجال ريادة الأعمال هو اختراع فكرة مشروع ناشئ والحصول على التمويل من شركات رأس المال الاستثمارية. ويكتمل الحلم مع نمو الشركة الناشئة بسرعة ووصول قيمتها السوقية إلى أكثر من مليار دولار وطرح أسهمها للاكتتاب العام وسط ضجة إعلامية كبيرة. ولكن ماذا لو كانت هناك طريقة أخرى لتأسيس شركة بقيمة مليار دولار دون الحاجة إلى استثمار خارجي، أو إنفاق مبالغ طائلة على المبيعات والتسويق، أو الضغط للنمو بشكل سريع. هذا ما فعلته "زوهو" (Zoho) التي خالفت تقاليد وادي السيليكون محققة نجاحا باهرا في عالم يهيمن فيه عمالقة التقنية على مشهد البرمجيات. وبرزت "زوهو" بصفتها واحدة من قصص النجاح التقنية التي انطلقت من الهند لتغزو العالم، حيث نجحت في شق طريقها بقطاع البرمجيات السحابية. رحلة تأسيس غير تقليدية تأسست "زوهو" في عام 1996 على يد "سريدهار فيمبو" (Sridhar Vembu) وفريقه، الذي رأى فرصة لسد الفجوة بين حلول البرمجيات المعقدة والمكلفة، واحتياجات الشركات النامية التي تبحث عن أدوات بسيطة. وفي سنواتها الأولى، كانت الشركة تعمل تحت اسم "أدفنت نت" (AdventNet)، وتركز على تطوير برامج إدارة الشبكات. ومرت الشركة بأوقات عصيبة بين عامي 2001 و2004، إذ انفجرت في عام 2003 فقاعة الدوت كوم وأطاحت بالأسواق الأساسية للشركة، التي تضمنت بائعي الاتصالات، وشركات، مثل " نوكيا" و"موتورولا" و"سيسكو" وغيرها. وأصبح من الضروري للشركة البحث عن أسواق بديلة وتوسيع نطاق منتجاتها، والتركيز على سوق الشركات الصغيرة والمتوسطة. وبحلول عام 2005، كانت الشركة جاهزة مع أول منتجاتها من حزمة "أوفيس" (Office)، "زوهو رايتر" (Zoho Writer) و "زوهو سي آر إم" (Zoho CRM). وتبع ذلك إطلاق "زوهو شيت" (Zoho Sheet) و"زوهو كريتور" (Zoho Creator) و"زوهو شو" (Zoho Show) و"زوهو بروجكتس" (Zoho Projects) في عام 2006. ومنذ ذلك الحين، واصلت "زوهو" توسيع نطاق منتجاتها عاما بعد عام. وفي عام 2009، أعادت "أدفنت نت" تشكيل هويتها بشكل جذري وتحولت إلى "زوهو" بعد أن طورت مجموعة برامجها المكتبية عبر الإنترنت "أوفيس سويت" (Office Suite). إستراتيجية النمو بدون مستثمرين ينظر إلى التمويل الاستثماري بصفته عنصرا حاسما للنمو في عالم الشركات الناشئة، ولكن "زوهو" اختارت طريقا مختلفا، حيث قررت الاعتماد كليا على إيراداتها الذاتية منذ البداية. ولم تحصل الشركة على أي تمويل خارجي منذ تأسيسها، مما منحها حرية كاملة في اتخاذ القرارات الإستراتيجية دون ضغوط من المستثمرين أو سعي دائم لتحقيق أرباح قصيرة الأجل. وسمحت هذه الاستقلالية للشركة بالتركيز على بناء المنتجات الطويلة الأمد، وتحقيق النمو التدريجي، الأمر الذي عزز ثقة العملاء حول العالم. واستطاعت "زوهو" في ظرف سنوات قليلة أن تتحول إلى شركة عالمية تخدم أكثر من 100 مليون مستخدم. وفي البداية، ركزت "زوهو" حصريا على الشركات الصغيرة والمتوسطة، ولكنها انتقلت إلى السوق المتوسطة وحتى الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة. وأدركت الشركة أن المستقبل يتجه نحو "البرمجيات كخدمة" (SaaS)، مما جعلها تتبنى هذا النموذج، وهو القرار الذي شكل نقطة التحول الكبرى في مسيرتها، وبدأت تبني مجموعة أدواتها السحابية. واعتمدت "زوهو" على نموذج "البرمجيات كخدمة"، حيث قدمت تطبيقاتها مقابل اشتراك شهري. وقد ساهم هذا النموذج في توفير برامج أعمال عالية الجودة بأسعار معقولة، ولا سيما للشركات الصغيرة والمتوسطة. منظومة متكاملة تستمد "زوهو" قوتها من قدرتها على تقديم مجموعة متكاملة من التطبيقات السحابية التي تغطي جميع احتياجات الشركات بدءا من إدارة علاقات العملاء، ومرورا بأدوات الإنتاجية، ووصولا إلى أنظمة المحاسبة. كما وفرت الشركة أدوات التواصل والتعاون، بالإضافة إلى حلول الموارد البشرية. وتحت مظلة "زوهو"، تستطيع الشركات استخدام أكثر من 55 تطبيقا سحابيا لإدارة كل شيء. ويتيح هذا الأمر تكاملا عميقا ويقلل من التعقيد الناتج عن استخدام برامج متعددة من شركات مختلفة، وتعد هذه نقطة تفوق واضحة مقارنة بمنافسيها الذين غالبا ما يقدمون حلولا مجزأة أو تفتقر إلى التكامل. ولعبت سياسة التسعير دورا محوريا في نجاح "زوهو"، فقد قدمت الشركة خططا مجانية أو منخفضة التكلفة مقارنة بمنافسيها، مما جذب الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تبحث عن حلول ميسورة التكلفة. وبالإضافة إلى ذلك، ركزت "زوهو" على سهولة الاستخدام والتكامل بين تطبيقاتها، مما سهل على العملاء تبني تقنياتها دون الحاجة إلى تدريب مكثف. نموذج غير تقليدي للتوسع على عكس المألوف في عالم التقنية، اختارت "زوهو" بناء جزء كبير من عملياتها الهندسية خارج المراكز التقنية الكبرى. ونقل "سريدهار فيمبو" مقر الشركة إلى قرية صغيرة في ولاية "تاميل نادو" (Tamil Nadu)، وأطلق سياسة التوسع الريفي التي تهدف إلى تأسيس مراكز تطوير برمجيات في القرى الهندية. ودربت الشركة شباب القرى على البرمجة وتطوير البرمجيات ووظفتهم، ومنح هذا النموذج غير المركزي الشركة القدرة على الوصول إلى مواهب جديدة، وخفض التكاليف التشغيلية. وتفخر "زوهو" اليوم بأن عددا كبيرا من مطوريها جاؤوا من خلفيات غير تقنية. وفي عام 2005، أسست الشركة "جامعة زوهو" (Zoho University) بصفتها تجربة لتوفير بديل للتعليم الجامعي التقليدي. ويحصل الشباب من خلال هذه التجربة على تدريب لمدة عامين في البرمجة واللغة الإنجليزية ومهارات العمل، وثم يجري تعيينهم رسميا كمطورين أو محللي بيانات. وحلت "جامعة زوهو" مشكلة المواهب التي واجهت الشركة، حيث سمحت لآلاف الأشخاص من المناطق الريفية في الهند بالانطلاق في مسارات مهنية تكنولوجية. وبعد مرور 15 عاما، توسعت الجامعة لتصبح "مدارس زوهو للتعلم" (Zoho Schools of Learning)، حيث تدرس كل شيء، بداية من التصميم إلى التسويق والتطوير. ويعمل لدى الشركة حاليا أكثر من 18 ألف موظف، وقدمت خدماتها في أكثر من 150 بلدا، ولديها 16 مركز بيانات حول العالم، مع أكثر من 120 مليون مستخدم، وأكثر من 55 منتجا. ما الذي يميز "زوهو" عن "مايكروسوفت" و"غوغل"؟ رغم أن "زوهو" لا تتمتع بحجم " مايكروسوفت" أو انتشار " غوغل"، فإنها استطاعت كسب شريحة واسعة من الشركات الباحثة عن بدائل مرنة. وتميل الحلول المقدمة من "مايكروسوفت" و"غوغل" إلى الشمولية وتعقيد الاستخدام وارتفاع التكلفة، في حين تقدم "زوهو" تجربة أكثر تخصيصا وأسعارا تنافسية. كما تركز الشركة بشكل كبير على خصوصية البيانات، وقد عزز هذا التوجه مصداقيتها لدى الشركات المهتمة بحماية البيانات والخصوصية. وتفتخر الشركة بأنها لا تعرض الإعلانات، ولا تبيع بيانات مستخدميها، ولا تدمج خدماتها مع أدوات تتبع تجارية، على عكس بعض منافسيها. ونتيجة لذلك، أصبحت خيارا مفضلا للشركات المهتمة بالخصوصية، وخصوصا في أوروبا بعد تطبيق قانون "اللائحة العامة لحماية البيانات" "جي دي بي آر" (GDPR). إعلان ولم تنس "زوهو" أهمية دعم اللغات المحلية، مما ساعدها على الانتشار في أسواق ناشئة كانت تعاني من نقص في الحلول المخصصة. وتستثمر "زوهو" بكثافة في التقنيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي، حيث أطلقت "زيا" (Zia)، وهو المساعد الذكي الذي يتكامل مع تطبيقاتها المختلفة لتحليل البيانات واقتراح القرارات الذكية. كما توسع نطاق عملها في قطاع التعليم عبر مبادرات، مثل "مدارس زوهو". وبالإضافة إلى ذلك، تعزز بنيتها التحتية السحابية العالمية من خلال افتتاح مراكز بيانات جديدة في مناطق استراتيجية. في الختام، تعد رحلة "زوهو"، من شركة ناشئة متواضعة إلى شركة عالمية رائدة في مجال برمجيات المؤسسات، خير دليل على رؤيتها وابتكارها ومرونتها، وتقدم نموذجا ملهما لشركات التقنية الناشئة، وخصوصا في العالم النامي. ومن خلال التزامها بمبادئها وتطورها المستمر لتلبية احتياجات عملائها، وضعت الشركة معيارا جديدا في قطاع البرمجيات. ومع استمرارها في النمو والابتكار، تظل "زوهو" لاعبا رئيسيا في رسم مستقبل تكنولوجيا المؤسسات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store