
ميثاق الأمم المتحدة تعرض للانتهاك مرارا خلال 80 عاما
وقعت 80 دولة ميثاق الأمم المتحدة خلال الـ26 من يونيو (حزيران) 1945، أملاً في إنقاذ "الأجيال المقبلة من ويلات الحرب"، لكن هذه الوثيقة التي أرست قواعد العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، انتهكت مراراً خلال العقود الثمانية الماضية.
وشدد الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش هذا الأسبوع على أن الميثاق "هو أكثر من حبر وورق، هو وعد بالسلام والكرامة والتعاون بين الأمم".
في خضم الحرب العالمية الثانية، وقع الحلفاء اعتباراً من عام 1941 مجموعة من الاتفاقات التي وضعت المعالم التأسيسية للأمم المتحدة، لكن صياغة الميثاق تمت خلال مؤتمر مدينة سان فرانسيسكو الأميركية خلال الـ25 والـ26 من أبريل (نيسان) 1945، ووقعته الدول الـ50 المشاركة.
وبعد مصادقة الصين وفرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وغالبية الدول الأخرى، أصبحت الأمم المتحدة واقعاً خلال الـ24 من أكتوبر (تشرين الأول) 1945 مع 51 دولة مؤسسة، وباتت الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
يتألف الميثاق من 19 فصلاً و111 مادة ترسم "مقاصد الهيئة ومبادئها" والأسس الحاكمة للعلاقات الدولية، مثل حل المنازعات سلمياً والسيادة المساواة بين الدول، والتعاون في المجال الإنساني واحترام حقوق الإنسان.
وفي حال حدوث تهديد للسلام العالمي، يمنح الفصل السابع مجلس الأمن الدولي صلاحية فرض عقوبات واتخاذ إجراءات، وصولاً إلى حق استخدام القوة العسكرية.
ويحدد الميثاق دور الهيئات الرئيسة للأمم المتحدة، خصوصاً مجلس الأمن حيث تحظى الدول الخمس بحق النقض (فيتو)، والجمعية العامة والأمانة العامة إضافة إلى محكمة العدل الدولية.
ويمكن لكل دولة توافق على مبادئ الميثاق أن تنضم إلى الأمم المتحدة، لكن يمكن لأي من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن أن يحول دون ذلك، ويبلغ عدد الدول الأعضاء حالياً 193.
ويعد تعديل الميثاق أمراً بالغ الصعوبة، إذ يحتاج إلى مصادقة ثلثي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بمن فيهم الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على مدى الأعوام الـ80 الماضية تعرض الميثاق لانتهاكات متعددة، لكن يندر أن يجمع الأطراف على اعتبار أي تصرف انتهاكاً للميثاق، إذ غالباً ما يخضع ذلك لتباينات يحكمها التاريخ والعلاقات الدبلوماسية والتفسيرات المختلفة للنص التأسيسي.
وغالباً ما تفتح مواد ميثاق الأمم المتحدة المجال أمام حجج متناقضة مثل حق الشعوب في تقرير المصير، مقابل عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، أو حتى "الدفاع المشروع" في مواجهة "أعمال العدوان".
وفي أحدث الأمثلة، اتهمت إيران مدعومة من الصين، الولايات المتحدة بانتهاك الميثاق عبر قصف منشآتها النووية أواخر الأسبوع الماضي، بينما تذرعت واشنطن بـ"الحق الجماعي في الدفاع المشترك بما يتلاءم مع الميثاق".
وتعد غيسو نيا من المجلس الأطلسي (أتلانتيك كاونسل) للأبحاث أن المجتمع الدولي لم يكترث عملياً لـ"أعمال العدوان"، أكان في ما يتعلق بالحرب الروسية داخل أوكرانيا عام 2022، أو الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وترى أن دولاً أخرى باتت تستند إلى هذا "الإفلات من العقاب" لتبرير أفعالها.
وفي ما يتعلق بالدفاع المشروع الذي يتطلب تقديم أدلة على "هجوم وشيك"، عدت نيا أن هذه النقطة تبقى "إحدى المسائل الأكثر جدلية في الميثاق".
ودان الأمين العام للأمم المتحدة وجمعيتها العامة الحرب الروسية في أوكرانيا باعتبارها انتهاكاً لميثاق المنظمة الدولية، لكن مجلس الأمن حيث تحظى موسكو بحق الفيتو، لم يقم بذلك، وكان الأمين العام السابق كوفي أنان عدَّ أن غزو العراق "غير مشروع".
وفي حين تتيح المادة السادسة فصل دول من عضوية الأمم المتحدة في حال انتهكت مبادئ الميثاق، لم يحصل ذلك قط، لكن خلال عام 1974، عُلقت مشاركة جنوب أفريقيا في الجمعية العامة بسبب انتهاكاتها المتواصلة للميثاق من خلال نظام الفصل العنصري.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 3 ساعات
- Independent عربية
لغط حول اليورانيوم الإيراني: هيغسيث لا علم له وترمب ينفي نقل أي شيء
سادت حالة من الغموض واللغط حول اليورانيوم الإيراني، ففي حين قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث أنه لا علم لديه بأي معلومات استخباراتية تفيد بأن طهران نقلت يورانيوم عالي التخصيب قبل القصف، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه لم يتم نقل أي شيء قبل تنفيذ الضربات الأميركية، بينما ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" اليوم الخميس أن دولا أوروبية تعتقد أن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب لا يزال سليما إلى حد كبير. وأضافت الصحيفة، نقلا عن مصدرين مطلعين على تقييمات أولية للمخابرات، أن العواصم الأوروبية تعتقد أن مخزون إيران البالغ 408 كيلوجرامات من اليورانيوم المخصب بما يقارب مستويات الأسلحة لم يكن مُركزا في فوردو، أحد موقعيها الرئيسين للتخصيب، وقت الهجوم الأميركي. قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث اليوم الخميس إنه لم ترد إليه معلومات استخبارات عن أن إيران نقلت أياً من مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب لحمايته من الضربات الأميركية التي استهدفت البرنامج النووي الإيراني مطلع الأسبوع. وأضاف "لم يرد إلى في إطار معلومات الاستخبارات التي اطلعت عليها ما يفيد بأن أشياء لم تكن في المكان المفترض وجودها فيه، سواء تم نقلها أم لا". وقال عديد من الخبراء بعد الهجمات إن إيران ربما نقلت مخزونا من اليورانيوم عالي التخصيب القريب من الدرجة اللازمة لصنع أسلحة من منشأة فوردو قبل الهجوم عليها صباح الأحد، وربما تخفيه مع مكونات نووية أخرى في مواقع غير معروفة لإسرائيل والولايات المتحدة ومفتشي الأمم المتحدة. وأظهرت صور أقمار اصطناعية من شركة ماكسار تكنولوجيز "نشاطاً غير معتاد" في فوردو يومي الخميس والجمعة ووجود عدد كبير من المركبات تنتظر أمام مدخل المنشأة. وقال مصدر إيراني كبير لـ"رويترز" يوم الأحد إن معظم اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المئة، الذي يقارب الدرجة اللازمة لصنع الأسلحة، نقل إلى موقع لم يكشف عنه قبل الهجوم الأميركي. وجاءت تعليقات هيغسيث التي نفى فيها تلك المزاعم في مؤتمر صحافي اتهم خلاله وسائل الإعلام بالتقليل من نجاح الهجمات الأميركية على البرنامج النووي الإيراني، وذلك عقب تقييم مبدئي مسرب من وكالة استخبارات الدفاع الأميركية يشير إلى أن الهجمات قد تعطل إيران بضعة أشهر فقط. وقال هيغسيث إن ذلك التقييم غير موثوق، وأشار إلى تصريحات مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جون راتكليف، قائلاً إن معلومات الاستخبارات تظهر أن البرنامج النووي الإيراني تضرر بشدة جراء الضربات الأميركية وأن إعادة تشييده ستستغرق سنوات. واعتبر المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي اليوم الخميس أن الولايات المتحدة "لم تحقق أي إنجاز" في الضربات التي شنّتها على إيران خلال الحرب بينها وبين إسرائيل. خامنئي يهنئ الإيرانيين قال خامنئي في رسالة متلفزة نشرتها وسائل الإعلام الرسمية إن الولايات المتحدة "دخلت في الحرب مباشرة لأنها شعرت بأن الكيان الصهيوني سيُمحق بالكامل ما لم تتدخل. تدخلت لإنقاذه ولم تحقّق أيّ إنجاز". أضاف أن طهران "وجّهت صفعة قاسية" إلى واشنطن. وأشاد المرشد بـ"انتصار" إيران في الحرب مع إسرائيل، وذلك بعد يومين من إعلان وقف لإطلاق النار إثر مواجهة استمرت 12 يوماً. وقال خامنئي في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية (إرنا) "لا بد من تقديم تهانٍ عدة للشعب الايراني العظيم: الأولى، التهنئة بمناسبة الانتصار على الكيان الصهيوني الزائف". واعتبر خامنئي أن إسرائيل "سُحِقت تقريبا" جراء الضربات الصاروخية الإيرانية خلال الحرب بين البلدين. وقال إن "الكيان الصهيوني قد انهار وسُحق تقريباً تحت ضرباتنا". وقال المرشد "هاجموا منشآتنا النووية، وهو أمر يستدعي الملاحقة الجنائية في المحاكم الدولية، لكنهم لم يقوموا بأي أمر كبير". وأضاف بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يصرّ على أنه "دمّر" برنامج طهران النووي "بالغ في روايته للأحداث بشكل غير عادي وتكشّف بأنه كان مضطراً لهذه المبالغة. كل من سمع كلامه أدرك بأن هناك حقيقة أخرى وراء هذه الكلمات". وأكد أن إيران "لن تستلم قط" للولايات المتحدة، وأوضح "قال الرئيس الأميركي في أحد تصريحاته أن على إيران أن تستلم. تستلم! هذه لم تعد مسألة تخصيب (اليورانيوم) أو القطاع النووي، بل تتعلّق باستسلام إيران"، مضيفاً أن الاستسلام "لن يحدث قط. لن يحدث قط". في المقابل قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الخميس إنه سيواصل العمل مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب "لهزيمة أعدائنا المشتركين، وتحرير رهائننا، وتوسيع دائرة السلام بسرعة". نشر نتنياهو هذا في رسالة أرفقها بصورة له مع ترمب يمسكان بأيدي بعضهما البعض، وذلك بعد وقت قصير من إلقاء الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي أول خطاب له منذ موافقة إيران وإسرائيل على وقف إطلاق النار. موسكو تعارض تعليق إيران تعاونها مع الوكالة الدولية أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم الخميس أن موسكو تعارض تعليق إيران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعدما صوت مجلس الشورى الإيراني لمصلحة ذلك. وقال لافروف في مؤتمر صحافي في موسكو "نحن مهتمون بمواصلة التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية ليكون من الممكن للجميع احترام تصريحات إيران المتكررة بأنها لا ولن تملك خططاً لتطوير سلاح نووي". بعد حرب استمرت 12 يوماً مع إسرائيل، تعرضت خلالها مواقع نووية إيرانية لضربات إسرائيلية وأميركية، صوت مجلس الشورى الإيراني أمس الأربعاء لمصلحة تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ولكي يدخل النص الذي تم التصويت عليه حيز التنفيذ، فإنه لا يزال يحتاج إلى موافقة مجلس صيانة الدستور، وهو الهيئة المخولة مراجعة التشريعات. في الأيام الأخيرة، استنكر المسؤولون الإيرانيون غياب "الإدانة" من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية للهجمات الإسرائيلية والأميركية على المنشآت النووية. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن التعاون مع الوكالة "سيتأثر بالتأكيد". وقوبل قرار طهران بانتقادات شديدة من المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي الذي قال إن التعاون "واجب قانوني" وليس "خدمة" من إيران. تشتبه الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، وإسرائيل في أن إيران تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية، وتنفي طهران هذه الاتهامات، وتدافع مثل موسكو عن حقها في برنامج نووي مخصص للأغراض المدنية. وتوجد روسيا، من خلال وكالتها النووية "روساتوم"، بمئات المتخصصين في محطة بوشهر للطاقة النووية في جنوب غربي إيران. في سياق آخر قالت شركة ميرسك الدنماركية للشحن اليوم إنها استأنفت استقبال شحنات البضائع المستوردة بميناء حيفا الإسرائيلي اعتباراً من الـ25 من يونيو حزيران الجاري، مضيفة أنها تتوقع استئناف الصادرات من الموقع فور التأكد من انخفاض مستوى الخطر الأمني. يسعى الإيرانيون والإسرائيليون إلى استئناف حياتهم الطبيعية بعدما استمرت أعنف مواجهة على الإطلاق بين الخصمين 12 يوماً قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ أول من أمس الثلاثاء. وكانت ميرسك قد قالت الجمعة الماضي إنها منعت رسو السفن بصورة موقتة بميناء حيفا في ظل الصراع الإسرائيلي-الإيراني.


Independent عربية
منذ 4 ساعات
- Independent عربية
روسيا تنتظر قوات إضافية من كوريا الشمالية وتنتقد إمداد أوكرانيا بالأسلحة
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن نظيره الأميركي دونالد ترمب أبلغه بأنه سيحضر أية محادثات سلام محتملة بين أوكرانيا وروسيا في تركيا، إذا وافق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على المشاركة أيضاً. وفي رحلة العودة من قمة حلف شمال الأطلسي، حيث التقى ترمب للمرة الأولى منذ عودته إلى البيت الأبيض، قال أردوغان إنه أبلغ الرئيس الأميركي بأن أنقرة تتطلع لجمع الزعيمين الروسي والأوكراني داخل تركيا لإجراء محادثات سلام. ونقل مكتب أردوغان عنه القول للصحافيين اليوم الخميس "قال (ترمب) إذا جاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إسطنبول أو أنقرة لإيجاد حل، فسأحضر أنا أيضاً". دعم كوري شمالي سترسل كوريا الشمالية مزيداً من القوات إلى روسيا لمساعدتها في حربها ضد أوكرانيا، ربما في موعد أقربه يوليو (تموز) المقبل، بحسب ما قال نائب كوري جنوبي اليوم مستنداً إلى معلومات من وكالة الاستخبارات في سيول. وتأتي هذه التأكيدات بعد أسبوع على تصريح لرئيس مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو، قال فيه إن كوريا الشمالية سترسل عسكريين وخبراء متفجرات للمساعدة في إعادة بناء منطقة كورسك الروسية، وذلك خلال زيارة له إلى بيونغ يانغ. وقال النائب لي سيونغ كوين بعد إحاطة من وكالة الاستخبارات إن "كوريا الشمالية تواصل إرسال قوات وتزويد روسيا بالأسلحة، ونرى أن دعمها لعب دوراً مهماً في جهود موسكو لاستعادة كورسك". وأضاف "بعد إرسال 11 ألف جندي خلال أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، أعلنت روسيا بالفعل عن نشر ثان لـ4000 جندي و6000 جندي إضافي من قوات البناء للمساعدة في إعادة بناء كورسك". وبحسب تقييمات جهاز الاستخبارات الوطني، فإن النشر الجديد للقوات "قد يتم في موعد أقربه يوليو أو أغسطس (آب)" المقبلين. والدليل على ذلك أنه خلال عمليات النشر السابقة زار شويغو بيونغ يانغ قبل ذلك بشهر تقريباً وفق لي، إضافة إلى "تقارير حديثة تفيد بأن كوريا الشمالية بدأت في اختيار أفراد لإرسالهم"، معتبراً أن تلك "مؤشرات إلى أن الاستعدادات جارية بالفعل". أصبحت كوريا الشمالية أحد الحلفاء الرئيسين لروسيا خلال حربها في أوكرانيا المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، إذ أرسلت آلاف الجنود وحاويات محملة بالأسلحة لمساعدة الكرملين في إخراج القوات الأوكرانية من كورسك. وأضاف لي "يعتقد أن كوريا الشمالية زودت روسيا بما يقدر بعدة ملايين من قذائف المدفعية، إلى جانب صواريخ وأنظمة صواريخ بعيدة المدى نقلت على متن سفن وطائرات عسكرية". وقعت روسيا وكوريا الشمالية اتفاقاً عسكرياً العام الماضي يتضمن بنداً للدفاع المشترك، وذلك خلال زيارة نادرة للزعيم الروسي فلاديمير بوتين إلى كوريا الشمالية المسلحة نووياً. وقتل نحو 600 جندي كوري شمالي وجرح الآلاف في المعارك إلى جانب روسيا، وفق ما قال لي نقلاً عن جهاز الاستخبارات الكوري الجنوبي. وأكدت بيونغ يانغ خلال أبريل (نيسان) للمرة الأولى أنها نشرت قوات لدعم حرب روسيا في أوكرانيا، واعترفت بمقتل جنودها في المعارك. وأفادت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية أن الزعيم كيم جونغ أون أكد خططاً لمزيد من التعاون، لكنها لم تقدم أية تفاصيل. نقلت وكالة "إنترفاكس" للأنباء عن وزير الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف القول اليوم الخميس إن إمداد أوروبا لأوكرانيا بالأسلحة والمرتزقة يزيد من التهديدات التي تزعزع استقرار القارة. ونقلت الوكالة عن بيلوسوف قوله إن "محاولات إطالة أمد الأعمال العسكرية عن طريق إمداد أوكرانيا بالأسلحة والمرتزقة تزيد من خطر الاضطرابات بما في ذلك في أوروبا نفسها". غارات مبتادلة ميدانياً أدت غارات جوية روسية إلى مقتل شخص وإصابة آخرَين في منطقة خيرسون بجنوب أوكرانيا، وفق ما أعلنت السلطات المحلية صباح الخميس، بينما ذكرت وزارة الدفاع الروسية اليوم الخميس أن وحدات الدفاع الجوي دمرت 50 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل بينها ثلاثة في أجواء موسكو. وأفاد حاكم خيرسون أوليكساندر بروكودين على تلغرام بأن غارة روسية قتلت شخصاً في قرية تافريسكي. وأوضحت الإدارة العسكرية الإقليمية أن "قنابل موجّهة أصابت مبنى سكنياً" ما أدى إلى إصابة شخص آخر يبلغ 34 عاماً كان موجوداً في شقته. وفي منطقة كورابيلني، أسفرت غارات روسية ليل الأربعاء- الخميس، عن إصابة امرأة في السبعينات من العمر وفق ما ذكرت بلدية خيرسون على تلغرام. وتتعرض المدن الأوكرانية لقصف روسي بشكل يومي فيما تتقدم القوات الروسية ميدانياً منذ أسابيع في منطقة سومي (شمال شرق أوكرانيا). روسيا تتصدى لهجوم أوكراني في الموازاة، ذكرت وزارة الدفاع الروسية اليوم الخميس أن وحدات الدفاع الجوي دمرت 50 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل. وقالت الوزارة عبر تطبيق تيليغرام إن ما يقرب من نصف المسيرات تم إسقاطها فوق منطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا والبقية فوق عدة مناطق روسية بما في ذلك ثلاث مسيرات في أجواء منطقة موسكو. ونقلت وكالات أنباء عن هيئة مراقبة الطيران الروسية (روسافياتسيا) قولها إن مطار فنوكوفو الدولي في موسكو أوقف الرحلات المغادرة والقادمة لتجنب الأخطار، وفرضت قيود لبعض الوقت في مطارات واقعة على نهر الفولجا. وأفاد حاكم منطقة فورونيغ الحدودية في وقت سابق بأن أكثر من 40 طائرة مسيرة دمرت على مدار أمس، وأعلن حاكم منطقة بريانسك الواقعة على الحدود أيضاً تدمير سبع مسيرات. وذكرت وزارة الدفاع، في تقرير صدر في وقت سابق من المساء، أنه جرى تدمير 18 طائرة مسيرة خلال ثلاث ساعات في مناطق عدة تمتد عبر وسط روسيا وجنوبها. توقف المحادثات أما على الصعيد الدبلوماسي، فما زالت المحادثات متوقفة رغم الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وتطالب موسكو كييف بالتنازل عن أربع مناطق هي خيرسون ودونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها في العام 2014، وهي مطالب تعتبرها أوكرانيا غير مقبولة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) من ناحية أخرى، وقعت أوكرانيا ومجلس أوروبا المعني بحقوق الإنسان أمس الأربعاء اتفاقاً يشكل حجر الأساس لإنشاء محكمة خاصة تهدف إلى محاكمة كبار المسؤولين الروس بتهمة ارتكاب جريمة العدوان على أوكرانيا. ووقع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأمين العام لمجلس أوروبا آلان بيرسيه الاتفاق بمقر المجلس، في مدينة ستراسبورغ الفرنسية. وقال زيلينسكي خلال مراسم التوقيع "هذه خطوة بالغة الأهمية حقاً، يجب أن يعرف كل مجرم حرب أن العدالة ستتحقق وهذا يشمل روسيا، نحن الآن نعزز العمل القانوني بطريقة جادة". وأضاف "ما زال الطريق طويلاً أمامنا، واتفاق اليوم ليس إلا البداية. علينا اتخاذ خطوات حقيقية حتى ينجح، وسيتطلب الأمر تعاوناً سياسياً وقانونياً وثيقاً للتأكد من أن كل مجرم حرب روسي سيواجه العدالة، بما في ذلك (الرئيس فلاديمير) بوتين". طالبت أوكرانيا بإنشاء مثل هذه المحكمة منذ الهجوم الروسي في فبراير (شباط) 2022، متهمة القوات الروسية بارتكاب آلاف من جرائم الحرب، كما تعتزم محاكمة الروس على شن الحرب. ووافق مجلس أوروبا المكون من 46 عضواً، الذي تأسس في أعقاب الحرب العالمية الثانية لدعم حقوق الإنسان وسيادة القانون، على المحكمة في مايو (أيار)، قائلاً إن الهدف منها هو أن تكون مكملة للمحكمة الجنائية الدولية وتسد الثغرات القانونية في الملاحقات القضائية. وكانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرة اعتقال في حق بوتين، تتهمه بترحيل مئات الأطفال من أوكرانيا بصورة غير قانونية.


Independent عربية
منذ 6 ساعات
- Independent عربية
الفيلسوف الروسي كوجيف اختبر الشيوعية واستعاد الإيمان
يلقي الكتابان الصادران حديثاً في باريس عن منشورات "غاليمار" "صوفيا I، الفلسفة والظاهراتية" (544 صفحة) لألكسندر كوجيف من إعداد وترجمة رامبير نيكولا، و"وعي ستالين، كوجيف والفلسفة الروسية" لرامبير نيكولا أيضاً (222 صفحة)، ضوءاً جديداً على شخصية المفكر الفذ ذي الأصل الروسي والهوية الفرنسية ألكسندر كوجيف، واسمه الحقيقي كوجيفينيكوف الذي كان حضوره لافتاً في المشهد الفكري الفرنسي خلال القرن الـ20. وارتبط اسم هذا الفيلسوف المولود في موسكو لعائلة برجوازية ارتباطاً وثيقاً باسم الفيلسوف الألماني هيغل من خلال الدروس التي ألقاها في "المدرسة التطبيقية للدراسات العليا" في باريس والتي قدمت تفسيراً لكتاب هيغل "فينومينولوجيا الروح"، ترك أثراً بالغاً في الفكر الفلسفي الفرنسي، ولا سيما في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. كان كوجيف مؤمناً بالشيوعية، لكنه استشعر الأحداث الرهيبة التي ستشهدها بلاده، فغادرها إلى هايدلبرغ في ألمانيا عام 1918 لمتابعة دراساته العليا وكتابة أطروحته تحت إشراف كارل ياسبرز (1883-1969) في فكر فلاديمير سولوفييف الذي انشغل بثنائية حرية الإنسان ومعرفة الله المطلقة، وهما موضوعان سيبقيان حاضرين بقوة في مساره الفكري. كتاب "صوفيا 1" (دار غالميار) بعد حصوله على شهادة الدكتوراه، توجه الروسي الشاب إلى باريس لدراسة الفيزياء والرياضيات الحديثة ولمتابعة المحاضرات الفلسفية التي كان يلقيها أساتذة مرموقون من أمثال ألكسندر كويري، وهو روسي مثله ترك بلاده بعد انتصار الثورة البلشفية، وقد ربطت بين الرجلين علاقة صداقة كانت منطلق كوجيف إلى التعرف إلى نخبة من المفكرين والكتاب والشعراء والرسامين الفرنسيين، وإلى إعطاء محاضراته الشهيرة حول فلسفة هيغل التي كان يلقيها كل يوم اثنين أمام جمع من المعجبين الذين كانوا يخرجون من محاضراته مفتونين بسعة معرفته وقدرته على إيصال أفكاره بأسلوب رشيق ولغة بيّنة واضحة. في باريس، عاش كوجيف بداية حياة مترفة، معتمداً على ريع ممتلكاته وبيع لوحات قريبه، الرسام التجريدي الشهير فاسيلي كاندينسكي. لكن عام 1929، انهار كل شيء بسبب الأزمة الاقتصادية الكبرى، فجاءت دروسه حول كتاب هيغل "فينومينولوجيا الروح" الصادر عام 1807، بمثابة خشبة خلاص. ونشرت هذه الدروس عام 1947 تحت عنوان "مقدمة في قراءة هيغل" وتعد من أشهر مؤلفاته، علماً أن ريمون كونو هو من صاغ الجزء الأكبر منها بناء على ملاحظات مأخوذة من الحلقات الدراسية، إلى جانب بعض النصوص التي كتبها كوجيف بنفسه. فداخل قاعة صغيرة تقع في شارع أولم، بدأ كوجيف يلقي هذه الدروس على صفوة من كبار مثقفي فرنسا كريمون آرون وجاك لاكان وجورج باتاي وريمون كونو وجان هيبوليت وموريس ميرلو بونتي وهنري كوربان وميشال لييريس وغيرهم من الأسماء اللامعة في الفضاء الفكري الفرنسي، مما منحه مكانة استثنائية في تعريف الفرنسيين بفلسفة هيغل. مسرى حياة كتاب "وعي ستالين" (دار غاليمار) أذهلت هذه الدروس المشهد الفكري الفرنسي في ثلاثينيات القرن الـ20، لكن شخصية معطيها ظلت مجهولة ومثيرة للجدل. لكن من يذهب أبعد من هذه الصورة الظاهرة، ومن يتتبع خفايا مسرى حياة هذا الفيلسوف، يعلم أن كوجيف لم يكُن مجرد شارح لهيغل، بل كان أيضاً شيوعياً متحمساً، بلغ به الولاء أن عمل لمصلحة الاستخبارات السوفياتية، مطلقاً على نفسه، من دون مواربة، لقب "وعي ستالين". ففي نص ضائع وغير مكتمل، أعيد اكتشافه أخيراً، كتبه كوجيف بحماسة عالية بين عامي 1940 و1941، أي خلال الفترة التي يعتقد بأنه أصبح فيها عنصراً مهماً في جهاز الاستخبارات السوفياتي، وهو النص الذي شكل مادة كتاب "صوفياI " المحرر والمترجم إلى اللغة الفرنسية من قبل رامبير نيكولا، يكتشف القارئ وجهاً آخر لهذا الفيلسوف، لا يمت بصلة مباشرة إلى شهرته كمفسر لفلسفة هيغل. كتب كوجيف هذا النص بعد عامين من "التهديدات الكبرى" التي نظمها ستالين والتي أودت بحياة 750 ألف شخص، وبعدما كان الاتحاد السوفياتي وقع مع ألمانيا النازية اتفاقاً جعله حليفاً لها. ويبدو أن كوجيف الذي تبنى كل هذه الأحداث، باعتباره "ستالينياً صارماً"، نادى بضرورة مشاركة الفيلسوف "بفاعلية في العمل الهادف إلى تحقيق المجتمع الشيوعي"، على ما نقرأ في "صوفيا I"، ذلك أن البشرية، برأيه، مدعوة في نهاية المطاف إلى بناء تضامن كوني، "لا بد من بلوغه عبر الفولاذ"، أي، بحسب المعنى الضمني، عبر "إبادة الأجيال المحافظة السابقة". في هذا النص، يوجه كوجيف تحيته الصريحة إلى جوزيف ستالين "الأب الصغير للشعوب" وإلى الأمة السوفياتية، كاشفاً عن بعد عقائدي لطالما ظل خفياً في سيرته وفكره. ولعل رامبير نيكولا من خلال إبرازه هذا الجانب المجهول من فكر كوجيف، يظهر لنا أيضاً أن هذا الفيلسوف الذي عرف بإلحاده الراديكالي، كان في حقيقة الأمر غارقاً في ينابيع الفلسفة الدينية الروسية، ولا سيما في فلسفة فلاديمير سولوفييف (1853–1900) الذي كرس له كوجيف أطروحة الدكتوراه. مشروع فلسفي كوجيف في فترة الشباب (موقع فلاسفة روس) والأهم من ذلك، يظهر لنا هذا النص أن كوجيف لم يكُن يقرأ هيغل قراءة فلسفية فحسب، بل ألبس تفسيره لبُنيان هيغل طابعاً سياسياً ودعائياً صارخاً حين وضعه تحت راية "الماركسية-اللينينية-الستالينية". ويبدو، في هذا السياق، أن مشروعه الفلسفي كان عبارة عن محاولة فلسفية لتبرير وجود الاتحاد السوفياتي عبر تثبيت موقع روسيا الإمبراطورية ضمن مسار التاريخ الكوني في مواجهة الغرب ونظامه الديمقراطي الليبرالي البرجوازي. في الكتاب الأول، أي "صوفيا I، الفلسفة والظاهراتية" الذي صمم كمدخل لعمل ضخم، يقدم كوجيف تعريفه للفلسفة، عارضاً منهجه ومحدداً غايته، وهي الإسهام في إرساء أفضل نظام سياسي ممكن في روسيا السوفياتية التي قدّر لها برأيه إنجاز هذه المهمة الكبرى. في قلب هذا النص غير المنجز، يكمن مشروع كوجيف الفكري، وهو عبارة عن محاولة فلسفية سياسية تهدف إلى الجمع بين تراث المثالية الألمانية و"المهمة التاريخية" لروسيا السوفياتية. إنه بمعنى ما قراءة للـ"هيغلية" تفضي إلى الستالينية، وبحث صوفي عن نهاية التاريخ في رحم الأيديولوجيا. إلى جانب الكشف عن هذا البعد شبه المجهول في فكر ألكسندر كوجيف، ولا سيما تدربه، على نحو مفاجئ، ضمن تقليد الفلسفة الدينية الروسية، يسعى رامبير نيكولا إلى إعادة الاعتبار لفكر كوجيف الذي كان أسطورة في زمانه، وهو اليوم مجهول نسبياً، من خلال دراسة فلسفية وترجمة غير مسبوقة لنصه هذا الموضوع باللغة الروسية إلى اللغة الفرنسية. أما كتابه الثاني، "وعي ستالين، كوجيف والفلسفة الروسية"، فهو عبارة عن شروحات وتعليقات على نص كوجيف الموسوم "صوفيا"، وضمنه يستعيد نيكولا السؤال الذي طرحه كوجيف وقبله سولوفييف عام 1877 في كتابه "المبادئ الفلسفية للمعرفة الكاملة"، "ماذا سيحدث في روسيا غداً؟"، ساعياً من خلاله إلى إعادة اكتشاف "الكلمة" التي ينبغي لروسيا أن تطلقها اليوم في وجه العالم كي تغيره. "ضمير روسيا" يقول لنا لامبير نيكولا إن الثورة البلشفية التي قامت في الفترة الزمنية الفاصلة بين حياة سولوفييف وكوجيف والتي انعطفت بالقرن الـ20 نحو مسار مختلف، سبقتها مرحلة أسس فيها سولوفييف نظاماً فلسفياً كان وراء إطلاق الناس عليه لقب "ضمير روسيا". هذه الروسيا التي ورثها كوجيف والتي أسقطها في الوقت عينه باسم السوفياتية، جعلته يطلق هو أيضاً على نفسه لقب "ضمير ستالين"، أي "ضمير الاتحاد السوفياتي". وتشكل هذه المواجهة بين الفلسفة الدينية الروسية التي أسسها سولوفييف والفلسفة الإلحادية السوفياتية التي بناها كوجيف، لبّ هذا الكتاب الذي نكتشف فيه فكر كوجيف وقد أعيد دمجه في ثقافة بلده الأم، ولا سيما الفلسفة الروسية التي قامت بدور حاسم في مصير أمة تغلي بالتجارب الفنية والسياسية والفكرية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) و في هذه الدراسة يستكشف رامبير نيكولا أيضاً فكر كوجيف الذي لا تزال أفكاره، على رغم تعقيدها، تلامس بحسبه راهنيتنا، مسلطاً الضوء ليس فقط على الجانب الستاليني المتحمس من فكره وعلى شخصيته الغامضة والذي يُعتقد بأنه عمل لفترة كعميل مزدوج لمصلحة الحكومة السوفياتية، بل أيضاً، ومن خلاله، على مجمل تاريخ الفلسفة الروسية وعلاقتها بالأسئلة الوجودية والموت والعمل السياسي، داعياً إلى عدم رفض هذا التقليد الفلسفي كلية، على رغم تناقضاته، بل إلى إدخاله مجدداً في النقاش الفلسفي المعاصر، طارحاً السؤال عن إمكان هذا الفكر الآتي من روسيا أن يساعدنا، اليوم، في فهم الحاضر وتعقيداته. إذاً، من خلال فكر الفيلسوفين فلاديمير سولوفييف وألكسندر كوجيف، يعود بنا رامبير نيكولا لتلك اللغة المتوهجة والملهمة التي اتسم بها فلاسفة روسيا الإمبراطورية المتأخرة، وللغة الروسية المعاصرة، لغة المثقفين الذين يشاركون، هم أيضاً، بحماسة في إعادة الاعتبار لـ"الإنجازات الكبرى" لوطنهم التي يسعى إلى توصيفها في كتابه "وعي ستالين". ويظهر كتاب "صوفيا I" الذي يشكل المرحلة الأولى من مشروع أوسع لم يكتمل، البعد العملي الملموس لهذه النظرية، إذ تتطابق فيه النهاية الفلسفية للتاريخ مع سياسة ستالين. وفي هذا الجزء من نصه، يعرّف كوجيف الفلسفة بأنها علم الغايات النهائية للإنسانية، جاعلاً من الشيوعية السوفياتية أفقاً لهذا التحقق. أما عنوان الكتاب الثاني "وعي ستالين، كوجيف والفلسفة الروسية"، المستوحى من كوجيف نفسه، فيقدم لنا قراءة عميقة لمخطوطة "صوفيا I"، يتتبع فيها رامبير نيكولا أثر الفلسفة الدينية عند فلاديمير سولوفييف التي شكلت خلفية فكرية لكوجيف الشيوعي، مبيناً لنا أنه بين سولوفيوف الذي رأى في روسيا "ضمير العالم"، وكوجيف الذي أراد أن يكون "ضمير ستالين"، تتقاطع رؤيتان متناقضتان للعالم والإنسان والسلطة. إن كتابي "صوفيا I ، الفلسفة والظاهراتية" و"وعي ستالين، كوجيف والفلسفة الروسية" يسلطان الضوء إذاً على مفكر لم يعُد يُقرأ اليوم إلا من خلال صدى محاضراته الشهيرة حول كتاب هيغل "فينومينولوجيا الروح"، ولعلهما يعيدان الاعتبار للجانب الروسي والسياسي والديني في فكره. وهذا بالضبط ما أراده لامبير نيكولا في إعداده وترجمته وشرحه لنص كوجيف ومشروعه الفلسفي وهويته كـ"ضمير ستالين"، المتأرجح بين إرث سولوفييف الديني والـ"يوتوبيا" الشيوعية الحديثة بوصفها بداية جديدة ومرحلة نهائية في العقل والتاريخ، متطلعاً إلى فهم أثر هذا الفكر في التاريخ المعاصر، ومساءلة موقعه من جدلية الفكر والسلطة والحلم والواقع.