
لغط حول اليورانيوم الإيراني: هيغسيث لا علم له وترمب ينفي نقل أي شيء
سادت حالة من الغموض واللغط حول اليورانيوم الإيراني، ففي حين قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث أنه لا علم لديه بأي معلومات استخباراتية تفيد بأن طهران نقلت يورانيوم عالي التخصيب قبل القصف، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه لم يتم نقل أي شيء قبل تنفيذ الضربات الأميركية، بينما ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" اليوم الخميس أن دولا أوروبية تعتقد أن مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب لا يزال سليما إلى حد كبير.
وأضافت الصحيفة، نقلا عن مصدرين مطلعين على تقييمات أولية للمخابرات، أن العواصم الأوروبية تعتقد أن مخزون إيران البالغ 408 كيلوجرامات من اليورانيوم المخصب بما يقارب مستويات الأسلحة لم يكن مُركزا في فوردو، أحد موقعيها الرئيسين للتخصيب، وقت الهجوم الأميركي.
قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث اليوم الخميس إنه لم ترد إليه معلومات استخبارات عن أن إيران نقلت أياً من مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب لحمايته من الضربات الأميركية التي استهدفت البرنامج النووي الإيراني مطلع الأسبوع.
وأضاف "لم يرد إلى في إطار معلومات الاستخبارات التي اطلعت عليها ما يفيد بأن أشياء لم تكن في المكان المفترض وجودها فيه، سواء تم نقلها أم لا".
وقال عديد من الخبراء بعد الهجمات إن إيران ربما نقلت مخزونا من اليورانيوم عالي التخصيب القريب من الدرجة اللازمة لصنع أسلحة من منشأة فوردو قبل الهجوم عليها صباح الأحد، وربما تخفيه مع مكونات نووية أخرى في مواقع غير معروفة لإسرائيل والولايات المتحدة ومفتشي الأمم المتحدة.
وأظهرت صور أقمار اصطناعية من شركة ماكسار تكنولوجيز "نشاطاً غير معتاد" في فوردو يومي الخميس والجمعة ووجود عدد كبير من المركبات تنتظر أمام مدخل المنشأة. وقال مصدر إيراني كبير لـ"رويترز" يوم الأحد إن معظم اليورانيوم عالي التخصيب بنسبة 60 في المئة، الذي يقارب الدرجة اللازمة لصنع الأسلحة، نقل إلى موقع لم يكشف عنه قبل الهجوم الأميركي.
وجاءت تعليقات هيغسيث التي نفى فيها تلك المزاعم في مؤتمر صحافي اتهم خلاله وسائل الإعلام بالتقليل من نجاح الهجمات الأميركية على البرنامج النووي الإيراني، وذلك عقب تقييم مبدئي مسرب من وكالة استخبارات الدفاع الأميركية يشير إلى أن الهجمات قد تعطل إيران بضعة أشهر فقط.
وقال هيغسيث إن ذلك التقييم غير موثوق، وأشار إلى تصريحات مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية جون راتكليف، قائلاً إن معلومات الاستخبارات تظهر أن البرنامج النووي الإيراني تضرر بشدة جراء الضربات الأميركية وأن إعادة تشييده ستستغرق سنوات.
واعتبر المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي اليوم الخميس أن الولايات المتحدة "لم تحقق أي إنجاز" في الضربات التي شنّتها على إيران خلال الحرب بينها وبين إسرائيل.
خامنئي يهنئ الإيرانيين
قال خامنئي في رسالة متلفزة نشرتها وسائل الإعلام الرسمية إن الولايات المتحدة "دخلت في الحرب مباشرة لأنها شعرت بأن الكيان الصهيوني سيُمحق بالكامل ما لم تتدخل. تدخلت لإنقاذه ولم تحقّق أيّ إنجاز". أضاف أن طهران "وجّهت صفعة قاسية" إلى واشنطن.
وأشاد المرشد بـ"انتصار" إيران في الحرب مع إسرائيل، وذلك بعد يومين من إعلان وقف لإطلاق النار إثر مواجهة استمرت 12 يوماً.
وقال خامنئي في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية (إرنا) "لا بد من تقديم تهانٍ عدة للشعب الايراني العظيم: الأولى، التهنئة بمناسبة الانتصار على الكيان الصهيوني الزائف".
واعتبر خامنئي أن إسرائيل "سُحِقت تقريبا" جراء الضربات الصاروخية الإيرانية خلال الحرب بين البلدين. وقال إن "الكيان الصهيوني قد انهار وسُحق تقريباً تحت ضرباتنا".
وقال المرشد "هاجموا منشآتنا النووية، وهو أمر يستدعي الملاحقة الجنائية في المحاكم الدولية، لكنهم لم يقوموا بأي أمر كبير".
وأضاف بأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي يصرّ على أنه "دمّر" برنامج طهران النووي "بالغ في روايته للأحداث بشكل غير عادي وتكشّف بأنه كان مضطراً لهذه المبالغة. كل من سمع كلامه أدرك بأن هناك حقيقة أخرى وراء هذه الكلمات".
وأكد أن إيران "لن تستلم قط" للولايات المتحدة، وأوضح "قال الرئيس الأميركي في أحد تصريحاته أن على إيران أن تستلم. تستلم! هذه لم تعد مسألة تخصيب (اليورانيوم) أو القطاع النووي، بل تتعلّق باستسلام إيران"، مضيفاً أن الاستسلام "لن يحدث قط. لن يحدث قط".
في المقابل قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الخميس إنه سيواصل العمل مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب "لهزيمة أعدائنا المشتركين، وتحرير رهائننا، وتوسيع دائرة السلام بسرعة".
نشر نتنياهو هذا في رسالة أرفقها بصورة له مع ترمب يمسكان بأيدي بعضهما البعض، وذلك بعد وقت قصير من إلقاء الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي أول خطاب له منذ موافقة إيران وإسرائيل على وقف إطلاق النار.
موسكو تعارض تعليق إيران تعاونها مع الوكالة الدولية
أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم الخميس أن موسكو تعارض تعليق إيران تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعدما صوت مجلس الشورى الإيراني لمصلحة ذلك.
وقال لافروف في مؤتمر صحافي في موسكو "نحن مهتمون بمواصلة التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية ليكون من الممكن للجميع احترام تصريحات إيران المتكررة بأنها لا ولن تملك خططاً لتطوير سلاح نووي".
بعد حرب استمرت 12 يوماً مع إسرائيل، تعرضت خلالها مواقع نووية إيرانية لضربات إسرائيلية وأميركية، صوت مجلس الشورى الإيراني أمس الأربعاء لمصلحة تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولكي يدخل النص الذي تم التصويت عليه حيز التنفيذ، فإنه لا يزال يحتاج إلى موافقة مجلس صيانة الدستور، وهو الهيئة المخولة مراجعة التشريعات.
في الأيام الأخيرة، استنكر المسؤولون الإيرانيون غياب "الإدانة" من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية للهجمات الإسرائيلية والأميركية على المنشآت النووية.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن التعاون مع الوكالة "سيتأثر بالتأكيد".
وقوبل قرار طهران بانتقادات شديدة من المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي الذي قال إن التعاون "واجب قانوني" وليس "خدمة" من إيران.
تشتبه الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، وإسرائيل في أن إيران تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية، وتنفي طهران هذه الاتهامات، وتدافع مثل موسكو عن حقها في برنامج نووي مخصص للأغراض المدنية.
وتوجد روسيا، من خلال وكالتها النووية "روساتوم"، بمئات المتخصصين في محطة بوشهر للطاقة النووية في جنوب غربي إيران.
في سياق آخر قالت شركة ميرسك الدنماركية للشحن اليوم إنها استأنفت استقبال شحنات البضائع المستوردة بميناء حيفا الإسرائيلي اعتباراً من الـ25 من يونيو حزيران الجاري، مضيفة أنها تتوقع استئناف الصادرات من الموقع فور التأكد من انخفاض مستوى الخطر الأمني.
يسعى الإيرانيون والإسرائيليون إلى استئناف حياتهم الطبيعية بعدما استمرت أعنف مواجهة على الإطلاق بين الخصمين 12 يوماً قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ أول من أمس الثلاثاء.
وكانت ميرسك قد قالت الجمعة الماضي إنها منعت رسو السفن بصورة موقتة بميناء حيفا في ظل الصراع الإسرائيلي-الإيراني.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المرصد
منذ ساعة واحدة
- المرصد
حفظ ماء الوجه.. أول رد من البيت الأبيض على تصريحات خامنئي بشأن توجيه إيران صفعة قوية لأميركا
حفظ ماء الوجه.. أول رد من البيت الأبيض على تصريحات خامنئي بشأن توجيه إيران صفعة قوية لأميركا صحيفة المرصد-وكالات: اتهم البيت الأبيض، المرشد الإيراني علي خامنئي بمحاولة "حفظ ماء وجهه" عقب تقليله من تأثير الضربات العسكرية التي وجهتها الولايات المتحدة إلى منشآت نووية إيرانية. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، في تصريحات إعلامية أعقبت أول ظهور علني للمرشد الإيراني منذ الضربات: "شاهدنا فيديو آية الله، وعندما يكون لديك نظام شمولي، عليك أن تحافظ على ماء الوجه". وكان خامنئي قد ظهر في خطاب متلفز يوم الخميس، أكد خلاله أن الولايات المتحدة "لم تحقق أي إنجاز" من هجماتها على إيران خلال الصراع العسكري الدائر بينها وبين إسرائيل، مشيرًا إلى أن بلاده وجهت "صفعة على وجه أميركا".


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
رغم إنكار ترمب... الضربات الأميركية عززت سعي إيران إلى السلاح النووي
دخل العالم في نظام فوضوي جديد، فالنظام القائم على القواعد، الذي شكل أساس العلاقات الدولية وأسهم في نشوء إسرائيل الحديثة ومنع وقوع كارثة نووية خلال مرحلة "الحرب الباردة"، تلاشى أخيراً. في الواقع، بدأت أسس النظام بالانهيار مع الغزو غير الشرعي للعراق الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003، وهو ما مهد الطريق لاحقاً للحرب الاستعمارية التي تشنها روسيا على جارتها أوكرانيا، وصولاً إلى الهجمات التي تنفذها إسرائيل اليوم ضد إيران، بدعم أميركي مباشر، شمل استخدام قنابل خارقة للتحصينات وطائرات شبح. الهدف الإسرائيلي المعلن، وهو إنهاء البرنامج النووي الإيراني، لم يدعم بأية أدلة دامغة تثبت أن إيران كانت تشكل تهديداً وشيكاً. كما تظهر تقارير استخبارية أميركية مسربة أن ضربات ترمب في عطلة نهاية الأسبوع، بدلاً من أن "تدمر" المنشأة النووية الإيرانية في فوردو، قد تكون أخرت الطموحات النووية الإيرانية لبضعة أشهر فقط. ووصف الرئيس الأميركي تلك التسريبات بأنها "أخبار كاذبة"، لكن صور الأقمار الاصطناعية كانت أثارت بالفعل شكوكاً في شأن فعالية العملية. والمفارقة أن الدول التي دأب الغرب على تصنيفها ضمن "الدول المارقة" - وفي مقدمها إيران، وكوريا الشمالية، وأحياناً كوبا، وربما اليمن أو إريتريا يوماً ما - ستخلص اليوم إلى نتيجة واحدة: إنها بحاجة إلى امتلاك سلاح نووي، وبسرعة. بدأ تمزيق النظام الدولي بدأ في أوائل العقد الأول من القرن الـ21 مع ظهور مبدأ "الضربة الاستباقية"، وهو مبدأ كانت إسرائيل هي المبادرة الأولى إلى تطبيقه من خلال ما سمي "القتل المستهدف" لأشخاص يزعم أنهم إرهابيون يشكلون تهديداً وشيكاً لها. أعلنت إسرائيل أنها قصفت مواقع لـ"الحرس الثوري الإيراني" في طهران وسجن إيفين سيئ السمعة في المدينة، في الـ23 من يونيو (حزيران)، مكثفة هجماتها بعد يوم من الضربة التي وجهتها الولايات المتحدة إلى المنشآت النووية للجمهورية الإسلامية (مقاطع مصورة التقطت من مدنيين) وقد تبنى الغرب هذا النهج بعد أحداث الـ11 من سبتمبر (أيلول)، وشمل ذلك عمليات قتل خارج نطاق القضاء نفذتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحلفاؤهما حول العالم - وغالباً ما استهدفت مواطنين من دولهم، ودائماً من دون محاكمة. وكان يقضى على من يشتبه بأنهم إرهابيون، غالباً باستخدام طائرات مسيرة، مما أسفر في كثير من الأحيان عن مقتل مدنيين أبرياء معهم. عامي أيالون - وهو أدميرال إسرائيلي سابق – كان مسؤولاً عن جمع المعلومات الاستخبارية عن الأشخاص المستهدفين، وغالباً ما شارك في إعداد قوائم المستهدفين بالاغتيال. وفي عام 2012، كشف فيلم وثائقي بعنوان "حراس البوابة" The Gatekeepers، شارك فيه إلى جانب أيالون خمسة رؤساء سابقين لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، عن مدى خطورة هذا المفهوم. يذكر أيالون: "هناك مفهوم يعرف بـ'تفاهة الشر'. فعندما تبدأ بتنفيذ هذه العمليات على نطاق واسع، ويموت 200 أو 300 شخص نتيجة لما يسمى بـ'الاغتيالات المستهدفة'، تتحول العملية فجأة إلى ما يشبه خط الإنتاج المتكرر. وتبدأ في مساءلة نفسك بدرجة أقل فأقل عن متى ينبغي التوقف". لكن الضربات الاستباقية التي نفذتها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران خلال الأيام الـ12 الماضية، لم تدفع طهران إلى التراجع عن هدفها المتمثل في إزالة الدولة اليهودية من الشرق الأوسط. كما أن إيران كانت على علم بأن الولايات المتحدة قد تستهدف مخزونها من اليورانيوم المخصب، الذي جرت معالجته باستخدام أجهزة طرد مركزي ليصل إلى نسبة نقاء تبلغ 60 في المئة. واستناداً إلى صحيفة "نيويورك تايمز" التي نسبت إلى مسؤولين إسرائيليين قولهم إن 400 كيلوغرام من هذا اليورانيوم - الذي يمكن نظرياً تخصيبه إلى درجة نقاء 90 في المئة صالحة لصنع أسلحة نووية – كانت نقلت إلى مخابئ آمنة، وذلك قبل الضربات الأميركية على منشأة فوردو النووية الإيرانية. وتتفق "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" التابعة للأمم المتحدة والمسؤولة عن مراقبة الأنشطة النووية، مع هذا التقييم. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في المقابل قال ضابط عسكري إسرائيلي رفيع المستوى لـ"اندبندنت"، إن "الإيرانيين ليسوا أغبياء، فقد أمضوا أعواماً وهم يخططون لهذا الاحتمال، ولا يوجد سبب واحد يمنعهم من نقل اليورانيوم، المسألة لم تكن تحتاج إلى أكثر من شاحنتين فقط". تجدر الإشارة إلى أنه غالباً ما تكون وسائل التمويه البسيطة فعالة للغاية في إخفاء الأسلحة النووية. وفي هذا الإطار، تعتقد وكالات استخبارات غربية أن باكستان تخفي رؤوسها النووية في مكان واضح للعيان، وذلك من خلال نقلها على متن شاحنات مموهة بألوان زاهية، باعتبارها شاحنات عادية لنقل البضائع. في الوقت نفسه، يسود اعتقاد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية، على رغم أنها ترفض تأكيد ذلك. كما أن حلفاءها - بمن فيهم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة - يتجنبون كلياً التطرق إلى ما إذا كانت هذه الأسلحة موجودة بالفعل، وقد سمح هذا الغموض لإسرائيل بالبقاء خارج جميع الاتفاقات والمحادثات الدولية المتعلقة بمنع انتشار الأسلحة النووية. مبنى "هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية" المتضرر بشدة بعد استهدافه قبل أيام قليلة بغارة إسرائيلية، في طهران، في الـ19 من يونيو (حزيران) 2025 (أ ف ب / غيتي) الآن، باتت إيران تعتقد بأن لديها جميع الحوافز التي تدفعها إلى المضي قدماً في تطوير سلاح نووي خاص بها، لحماية نفسها من الهجمات التقليدية التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل لمنعها من امتلاك هذا السلاح، ولإسقاط نظامها الحاكم. كما أن الولايات المتحدة أسهمت، بطرق أخرى في تقويض النظام العالمي التقليدي. ففي شهر فبراير (شباط) من هذه السنة، انتهكت واشنطن قواعد القانون الدولي، بفرضها عقوبات على "المحكمة الجنائية الدولية"، بعد إصدار المحكمة مذكرات توقيف في حق قادة إسرائيليين، بتهم ارتكاب جرائم حرب مزعومة في قطاع غزة. إدارة ترمب رأت أن "المحكمة أساءت استخدام سلطتها بإصدار مذكرات اعتقال، لا أساس لها، في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت". ويمكن القول إن الدعم المستمر من الولايات المتحدة لإسرائيل خلال قصفها لغزة - الذي أسفر، بحسب مسؤولين فلسطينيين، عن مقتل ما لا يقل عن 50 ألف شخص - في تحد واضح لإدانة الأمم المتحدة، قد أسهم بصورة أكبر في تقويض فكرة النظام الدولي القائم على القواعد. كذلك، إن درس أوكرانيا لن يغيب عن بال إيران أو كوريا الشمالية أو أية دولة أخرى تفكر في التسلح النووي. فعندما انهار الاتحاد السوفياتي في عام 1991، ورثت أوكرانيا ترسانة نووية ضخمة، تضم نحو 1900 رأس حربي استراتيجي، و176 صاروخاً باليستياً عابراً للقارات، و44 قاذفة استراتيجية. مما جعلها تمتلك ثالث أكبر ترسانة نووية في العالم آنذاك. إلا أن أوكرانيا وقعت على "معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية" في عام 1994، وبحلول عام 1996، كانت أعادت جميع الرؤوس النووية التي كانت في حوزتها إلى روسيا. وبعد 18 عاماً، غزت روسيا أوكرانيا، وفي عام 2022، شنت هجوماً شاملاً بهدف إطاحة حكومتها المؤيدة لأوروبا، التي انتخبت ديمقراطياً في العام الذي سبق. الآن، وبعدما مزق الغرب مبادئ القانون الدولي من خلال حروبه غير القانونية، يبرز استنتاج واحد واقعي وهو: لو كانت لدى إيران أسلحة نووية، أو لو كانت لدى أوكرانيا "القنبلة النووية"، لما تجرأ أحد على غزوهما أو مهاجمتهما. في النتيجة، قد يقلل الرئيس ترمب من شأن الأزمة المتصاعدة بقوله إن إسرائيل وإيران "لا تعلمان بحق الجحيم ما تفعلانه"، لكن كلا الجانبين استخلصا الدرس القائل إنه في هذا ظل النظام الجديد الذي تحكمه الفوضى، لا ينجو إلا الخطرون.


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
تأثير الهجمات الإسرائيلية في إيران
بعد إعلان ترمب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بعد 12 يوماً من المواجهات التي اندلعت بينهما منذ 13 يونيو (حزيران) الجاري، من السابق لأونه تحديد الفائز والخاسر في تلك المواجهات، سواء من واشنطن أو إسرائيل أو إيران. لكن يمكن تحديد بعض التداعيات الواضحة في الأجل القصير على إيران، ومن ذلك التداعيات على علاقة قدرات طهران النووية والصاروخية وخططها الدفاعية في المجال العسكرى والأمني، وكذلك علاقة النظام بالمجتمع وعلاقة البلد بحلفائها. على مستوى القدرات العسكرية ربما تعمل إيران على إعادة رسم خططها العسكرية والدفاعية، فمن جهة أثبتت منظومة الدفاع الجوى "أس-300" عدم جدواها وتحصل عليها إيران من روسيا، لذا ربما تعيد طهران النظر في جدوى تعاونها العسكرى مع روسيا، هذا فضلاً عن إعادة النظر في العلاقة بين موسكو وطهران كصديق. أظهرت روسيا تراجعاً واضحاً في دعمها لإيران، منذ الهجوم الإسرائيلي وحتى وقف إطلاق النار، حتى إن روسيا حينما حذرت من دخول طرف ثالث ويقصد هنا التدخل الأميركي لم تفعل شيئاً بعد الضربة الأميركية لفوردو، ومن ثم من المتوقع أن تتعالى الأصوات في داخل إيران لإعادة تقييم العلاقة مع روسيا كحليف موثوق. من جهة أخرى قد نجحت إسرائيل في تدمير مئات المنصات ومنشآت إنتاج الصواريخ، بما في ذلك معدات حيوية أساسية، لذا ستعمل إيران على إعادة تصنيع قدراتها الصاروخية لا سيما وأن الصواريخ الباليستية هي الأهم لدى طهران في ظل تقادم قدراتها العسكرية التقليدية. القضية الأهم والتي ستتضح مع بدء المحادثات بين إيران وواشنطن، هي القدرات النووية، ومن ثم القضايا محل التباحث ومنها مخزون اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة وتم الإعلان عن نقله من المنشآت النووية الإيرانية قبل الضربة الإسرائيلية والضربة الأميركية بعدها. ربما منح ترمب إيران الفرصة لنقل اليورانيوم، والذى يعني تدميره في تلك الضربة حصول أخطار بيئية وإشعاعية بالمنطقة، وهنا يثار التساؤل هل تم اتفاق ما بين إيران وترمب قبيل ضرب فوردو بشأن اليورانيوم المخصب، فأعطت إيران ترمب ما احتاج إليه من استعراض قوة؟ هل أخبر ترمب إيران بضرورة نقل اليورانيوم تحت حماية طرف ثالث مثل روسيا أو باكستان؟ هل أخفت إيران اليورانيوم بذاتها؟ لقد صرح رفائيل غروسى مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران لديها منشآت لم تهاجم من قبل إسرائيل وواشنطن، كما نتذكر حينما أعلنت إيران في أعقاب قرار الوكالة الدولية بإدانتها من قبل مجلس محافظي الوكالة أعلنت أنها أنشأت منشأة أخرى للتخصيب في مكان آمن، فضلاً أن هناك ثلاثة مواقع نووية تم العثور على آثار يورانيوم مخصب بها وهذه الأماكن سرية ولم تقدم إيران حتى الآن إجابة للوكالة الدولية حول هذه المواقع. بالطبع نقلت إيران بعض موادها المخصبة وأجهزة الطرد المركزي المتطورة إلى منشآت أخرى تحت الأرض قادرة على مواصلة تخصيب اليورانيوم. ومن المؤكد أنها ستحاول سراً بناء برنامج نووي عسكري واستئناف تطوير الصواريخ الباليستية، لا سيما وأن هذا النظام أدرك من مواجهاته مع إسرائيل وواشنطن أن تلك القدرات هي أهم أدواته العسكرية في الوقت الحالي. ومن ثم إذا بدأت المحادثات بين إيران وواشنطن متوقع أن تكون حول اليورانيوم المخصب بنسب عالية، وحول منظومة الصواريخ الباليستية التي عطلت إسرائيل جزءاً كبيراً منها عبر تدمير منصات إطلاق الصواريخ، ولكن هذه المرة من المحادثات دخلت إيران مرحلة الغموض النووي لا سيما مع ضرب المنشآت النووية ونقل اليورانيوم وقرار البرلمان الإيراني وقف التعاون مع الوكالة الدولية فطهران تعتبر أن قرار الإدانة للوكالة الدولية مهد للضربات الإسرائيلية لها كما أن الوكالة لم تدن إسرائيل. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في إيران يعتبر البعض أن وقف إطلاق النار مؤشر نصر لهم، لكن مع ذلك يسود نهج متشكك في أن يكون وقف إطلاق النار هو مهلة محددة حتى تتمكن إسرائيل من إعادة إمداد القوات، أو لإحداث فوضى داخلية، أو لتحديد مواقع القادة العسكريين، أو لاكتشاف الوكالة مواقع اليورانيوم المخصب. لن تتعافى إيران سريعاً مما لحق بقدراتها الصاروخية والنووية بل حتى فشلها الاستخباراتي والأمني، فقد هيمنت إسرائيل على الأجواء الإيرانية. الجانب الآخر لتداعيات المواجهات بين إيران وإسرائيل هو تأثير ما حدث على الداخل الإيرانى والعلاقة بين مؤسسات النظام وبعضها وبين النظام والمواطنين. ففي حين سجلت الهجمات الإسرائيلية منذ بدايتها أكبر اختراق أمني واستخباراتي لإيران من قبل إسرائيل، وهذه ليست المرة الأولى، فقد اغتيل إسماعيل هنية العام الماضى حينما كان ضيفاً على الأراضي الإيرانية ويقيم في إحدى الأماكن التي تحت حراسة الحرس الثورى. ومن ثم فلا بد من أن إجراءات خاصة بتعيين القيادات وعمليات المراقبة سيتم تطبيقها، فضلاً عن اتساع دائرة الشك في المواطنين الإيرانيين، وقد وافق أخيراً البرلمان الإيراني بالإجماع على قانون طوارئ لتشديد العقوبات وصولاً إلى الإعدام على التجسس والتعاون مع ما وصفه النواب بالحكومات المعادية وبخاصة إسرائيل والولايات المتحدة. تمت الموافقة على القانون بغالبية 248 صوتاً من دون امتناع أو معارضة. نصت المادة الأولى من القانون على أن "أي نشاط استخباراتي أو تجسس لمصلحة النظام الصهيوني أو الدول المعادية، بما في ذلك حكومة الولايات المتحدة، بما يتعارض مع أمن البلاد أو مصالحها الوطنية، يعتبر فساداً في الأرض" ويعاقب عليه بالإعدام بموجب قوانين العقوبات الإسلامية السارية، وشمل القانون كذلك أحكاماً إضافية للصحافيين والناشطين الذين يتشاركون المحتوى مع وسائل الإعلام الأجنبية، وتفرض عليهم عقوبات بالسجن ومنع دائم من العمل الحكومي. ومنذ المواجهات بين إيران وإسرائيل بدأت موجة من الاعتقالات طاولت موجة نشطاء المجتمع المدني وأفراد عائلات المتظاهرين الذين قتلوا خلال تظاهرات مهسا أمينى عام 2022. ستنعكس تأثيرات الهجمات الإسرائيلية على العلاقة بين الدولة والنظام فسيصبح القانون الجديد أداة لملاحقة عامة المواطنين والتي ستسوء إلى جانب أسباب أخرى عاشتها إيران في السنوات الأخيرة.