
15 مليون درجة مئوية داخل صندوق .. هل ينتهي عصر الوقود الأحفوري؟
في تطور علمي مذهل، نجح العلماء في أوروبا في تحقيق إنجاز كبير في مجال الطاقة النووية الاندماجية، ما يعطي أملاً جديدًا للعالم في الحصول على مصدر طاقة نظيف ومستدام.
تم تحقيق هذا الإنجاز داخل جهاز يسمى "توكاماك"، وهو صندوق على شكل دونات تصل درجة الحرارة بداخله إلى حوالي 150 مليون درجة مئوية، وهي درجة حرارة تفوق بكثير تلك الموجودة في قلب الشمس، تم إجراء هذه التجربة الرائدة في فرنسا باستخدام مفاعل "WEST" التابع للمفوضية الفرنسية للطاقة الذرية والطاقات البديلة (CEA).
في 12 فبراير، تمكن مفاعل "WEST" من الحفاظ على بلازما الاندماج لأكثر من 22 دقيقة، محطمًا الرقم القياسي السابق لفترة استدامة البلازما في جهاز توكاماك، يُعد هذا التقدم علامة فارقة في طريق تطوير طاقة الاندماج النووي، حيث يظهر أن العلماء أصبحوا أكثر قدرة على فهم وإدارة البلازما لفترات أطول، مما يفتح الباب أمام إمكانية تحقيق اندماج نووي مستدام.
في ظل الأزمة العالمية للطاقة وارتفاع تكاليفها، بالإضافة إلى التحديات البيئية الناتجة عن استخدام الوقود الأحفوري، يبرز الاندماج النووي كحل واعد، ويعتمد الاندماج النووي على دمج ذرات الهيدروجين لإطلاق كميات هائلة من الطاقة دون انبعاثات كربونية ضارة، والميزة الرئيسية لهذه التقنية هي أنها تنتج طاقة نظيفة، حيث إن الناتج الوحيد للعملية هو الماء،مما يجعلها بديلاً صديقًا للبيئة.
ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر يتمثل في الحفاظ على الظروف القاسية المطلوبة لحدوث الاندماج، مثل الحفاظ على استقرار البلازما عند درجات حرارة مرتفعة للغاية. هذا الإنجاز الأخير في فرنسا يعد خطوة مهمة نحو التغلب على هذه التحديات.
تتنافس دول مثل الولايات المتحدة والصين واليابان في مجال أبحاث الاندماج النووي، لكن أوروبا تمكنت من تحقيق تقدم ملحوظ بفضل مفاعل "WEST". هذا التقدم لا يعزز فقط مكانة أوروبا كرائدة في هذا المجال، بل يساهم أيضًا في تطوير تقنيات التحكم في البلازما التي ستكون حاسمة لتشغيل المفاعل النووي الحراري التجريبي الدولي (ITER)، الذي يتم بناؤه حاليًا في فرنسا.
يُعتبر "ITER" أكبر مشروع اندماج نووي في العالم، وسيعتمد نجاحه بشكل كبير على الدروس المستفادة من تجارب مثل تلك التي أجريت في مفاعل "WEST". إذا نجح هذا المشروع، فقد يصبح الوقود الأحفوري شيئًا من الماضي في العقود القادمة.
التحديات المتبقية
على الرغم من التقدم الكبير، لا يزال هناك طريق طويل أمام العلماء لتحقيق اندماج نووي مستدام على نطاق تجاري.
وفقًا لتقرير صادر عن "نيو أطلس"، فإن التحدي الرئيسي لا يكمن في تحقيق الاندماج نفسه، بل في جعل التفاعل ذاتي الاستدامة وإنتاج طاقة صافية. يتطلب ذلك الحفاظ على بلازما عالية الطاقة مستقرة لمدة 10 ثوانٍ على الأقل، مع الوصول إلى درجات حرارة تتراوح بين 100 إلى 150 مليون درجة مئوية، وتطبيق ضغوط عالية في موقع التفاعل.
هل نحن على أعتاب عصر الطاقة اللانهائية؟
بينما يقترب العلماء من تحقيق حلم الطاقة النووية الاندماجية، لا يزال هناك حاجة إلى سنوات من البحث والتطوير لجعل هذه التقنية آمنة ومستقرة بالكامل. إذا تم التغلب على هذه التحديات، فقد تصبح الطاقة الاندماجية مصدرًا رئيسيًا للطاقة النظيفة، مما يساهم في إنهاء أزمة الطاقة العالمية ويقلل من الاعتماد على الموارد الملوثة للبيئة.
أوروبا أثبتت أننا أقرب من أي وقت مضى إلى تحقيق هذا الهدف، بفضل جهاز على شكل دونات قادر على الوصول إلى درجات حرارة هائلة. ومع ذلك، يبقى من غير المرجح أن تساهم تقنية الاندماج النووي بشكل كبير في تحقيق هدف انبعاثات الكربون الصفرية بحلول عام 2050، نظرًا للبنية التحتية المعقدة المطلوبة لتوليد هذه الطاقة على نطاق واسع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 7 أيام
- العين الإخبارية
بحث جديد يكشف عن مصدر طاقة نظيفة تكفي احتياجات البشر 170 ألف عام
ربما حان الوقت للبحث عن مصادر الهيدروجين في الأرض بدلًا من الاعتماد على الهيدروكربونات للحصول عليه. فقد لقى الهيدروجين قبولًا واسعًا كونه أحد مصادر الطاقة النظيفة التي من شأنها أن تساهم في الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، إضافة إلى أنه يدخل في العديد من الصناعات، مثل الأسمدة لتوفير المواد الغذائية لنحو نصف سكان العالم. لكن التحدي القائم هو الحصول عليه، والذي يتطلب تكلفة مرتفعة وآلات ومعدات كثيرة. لذلك، يبحث العلماء دائمًا عن طرائق فعّالة لإيجاد مصادر نظيفة للهيدروجين الطبيعي الذي تنتجه الأرض ويتراكم في قشرتها عبر الزمن الجيولوجي. وبالفعل أشارت مجموعة بحثية إلى انتشار البيئات الجيولوجية التي تحتوي على هذه المكونات على نطاق واسع عالميًا، وقدموا حلولًا من شأنها أن تساعد الصناعة على تحديد مواقع الهيدروجين الطبيعي لاستخراجه، ما يقلل الاعتماد على الهيدروكربونات. ونشروا نتائجهم في احتياج متزايد، لكن.. يعتمد إنتاج الهيدروجين اليوم على الهيدروكربونات، لكنه يتسبب في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية بنحو 2.4%. ويتوقع الخبراء زيادة الطلب العالمي على الهيدروجين من 90 مليون طن في عام 2022 إلى 540 مليون طن في 2050. وهذا يعني أنه إذا ظل الاعتماد على الهيدروكربونات، ستزداد كميات انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. حل وجد الباحثون حلًا لتلك المعضلة، وذلك عبر البحث عن غاز الهيدروجين الطبيعي، والذي تنتجه القشرة القارية للأرض بصورة طبيعية، وقد وجدوا أنّ القشرة الأرضية قد أنتجت ما يكفي من غاز الهيدروجين لتلبية احتياجات البشر من الطاقة لمدة 170 ألف سنة على الأقل. وهنا تجدر الإشارة إلى آليات توليد الهيدروجين الطبيعي، وهما آليتان رئيسيتان: تفاعلات الماء والصخور، التحليل الإشعاعي للماء عبر العناصر المشعة. وتعمل تلك التفاعلات على نطاقات زمنية مختلفة تتراوح من آلاف إلى ملايين السنين. ونجح الباحثون في تطوير استراتيجية استكشاف لأنظمة الهيدروجين، وهذا يشمل على تحديد كمية الهيدروجين المنتجة وأنواع الصخور والظروف التي تتواجد فيها، وكيفية انتقال الهيدروجين من الصخور إلى باطن الأرض، والظروف التي تدعم تكوين حقل غاز، وكذلك الظروف التي قد تُدمر الهيدروجين. هذا من شأنه أن يوفر الهيدروجين اللازم للاحتياجات البشرية، بعيدًا عن الطرائق الأخرى المتسببة في انبعاثات للغازات الدفيئة. aXA6IDE1NC41NS45MC4xNjMg جزيرة ام اند امز FR


صحيفة الخليج
١١-٠٥-٢٠٢٥
- صحيفة الخليج
خوارزمية جديدة لتخزين الهيدروجين تحت الأرض
أبوظبي: ميثا الانسي شارك باحثان من جامعة خليفة للعلوم والتكنلوجيا في أبوظبي، وهما الدكتور شمس كلام، زميل الدكتوراه، والدكتور محمد عارف، أستاذ مساعد، ضمن فريق بحثي طوّر معادلة رياضية للتنبؤ بامتصاص الهيدروجين في الطين الصفحي، حيث تعاونا مع باحثين من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في السعودية وجامعة بتروناس للتكنولوجيا في ماليزيا. يأتي هذا التعاون لتسهيل هذه العملية وجعلها أدق في سياق اهتمام الباحثين على مستوى العالم بالهيدروجين كوقود نظيف يُعَد بديلاً واعداً للوقود الأحفوري، حيث إن ثمَّة مشاكل تتعلق بالتخزين تعوق استخدام الهيدروجين كوقود على نطاق واسع. وقال الدكتور شمس: «شهد الهيدروجين اهتماماً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة من جانب مجتمع الطاقة العالمي باعتباره وقوداً نظيفاً، حيث يُعدّ ناقلاً وفيراً ومتجدداً للطاقة ويلبي المتطلبات المستقبلية المتعلقة بخفض نسبة الانبعاثات الكربونية ويقلل الاعتماد على الهيدروكربونات ويتيح مزايا بيئية واستراتيجية على السواء». ويشير الباحثون إلى إمكانية استخدام مكامن ميثان طبقة الفحم الحجري والغاز الصخري في تخزين الهيدروجين، تماماً كما جرت العادة على استخدامها في إنتاج الغاز الطبيعي، وتتميّز تكوينات الغاز الصخري بصفة خاصة بمعدلات امتصاص مرتفعة حتى عند درجات حرارة منخفضة، ما يعني أنها تستطيع تخزين كميات كبيرة من الهيدروجين عن طريق احتجاز الامتصاص على نحو آمن. وأنتج عمل الفريق البحثي نموذجاً جديداً يعتمد على البيانات ويستخدم أسلوباً ضمن أساليب التعلم الآلي يُعرَف باسم تعزيز التدرج وبيانات مستمدة من دراسات سابقة للتنبؤ بامتصاص الهيدروجين على سطح مادة الكيروجين العضوية المتوافرة داخل طبقات الطين الصفحي، ويستند النموذج إلى بيانات مستمدة من مُعلَّمات متنوعة كالضغط ودرجة الحرارة وكثافة الكيروجين، كما يُقدّم تقديراً سريعاً ودقيقاً لامتصاص الهيدروجين في موقع مُحتمَل، وقد قورِن النموذج بأساليب أخرى للتعلم الآلي وأثبت أنه الأكثر دقة، لا سيّما في حالة الأنواع المختلفة من الطين الصفحي.


صحيفة الخليج
١١-٠٥-٢٠٢٥
- صحيفة الخليج
دراسة: المصريون شيّدوا الأهرامات بـ «تقنية بركانية»
كشفت دراسة فرنسية أن المصريين القدماء استخدموا تقنيات متقدمة لتشييد الأهرامات قبل 4700 عام، منها نظام رفع هيدروليكي فريد. وأشار الباحثون من معهد «CEA» للتقنيات القديمة في فرنسا، إلى أن هرم زوسر قد يكون تم بناؤه باستخدام آلية تشبه تدفق الحمم البركانية، إذ كانت الكتل تُرفع عبر مركز الهرم باستخدام ضغط المياه، بدلا من سحبها على منحدرات كما كان يُعتقد سابقا. والعنصر الأهم في الدراسة هو اكتشاف عمود أسفل الهرم، يُرجح أنه استخدم كجزء من نظام لنقل الكتل الثقيلة إلى الأعلى بواسطة الماء، ما يدل على فهم هندسي متطور لم يكن منسوبا لتلك الحقبة، وفقا لموقع «Earth». قاد الدراسة د. كزافييه لاندرو، وفريق من علماء المياه، واستخدموا صور أقمار صناعية لرصد بنية حجرية يُحتمل أنها كانت سدا مائيا يُستخدم في التحكم بالفيضانات وتوجيه المياه نحو نظام الرفع داخل الهرم. وترجح الدراسة أن هذه التكنولوجيا ظهرت خلال نهاية ما يُعرف ب «الصحراء الخضراء»، وهي فترة مناخية شهدت وفرة بالأمطار والمياه، مما سمح باستخدام الأنظمة الهيدروليكية في بناء الهياكل العملاقة. وتعرض الدراسة سيناريو جديدا ومقنعا، يوضح كيف تمكنت حضارة قديمة من إنجاز ما بدا مستحيلا باستخدام التقنيات الحديثة.