
قرار ترامب يوقظ مخاوف الانتحار والعنف الأسري بين نازحي العراق
شفق نيوز/ تسبب قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كانون الثاني 2025 قطع التمويل الأميركي الخارجي للعراق، في إيقاف عدد كبير من البرامج الإنسانية والخدمات الحيوية التي كانت تقدَّم في مخيمات النازحين واللاجئين في إقليم كوردستان والمناطق المتنازع عليها، الأمر الذي دفع العديد من المنظمات الإنسانية إلى إغلاق مراكزها وتسريح موظفيها، وترك آلاف من الحالات النفسية والاجتماعية دون رعاية أو متابعة.
وقال روناز تحسين علي، منسق الدعم النفسي والاجتماعي في مؤسسة SEED المحلية العاملة في مجال الحماية، إن المنظمة اضطرت مع توقف التمويل الأميركي إلى إغلاق جميع ملفات المشاركين والمشاركات الذين كانوا يتلقون الحماية والدعم النفسي".
وأضاف علي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز: "حاولنا إحالة أكبر عدد ممكن منهم إلى منظمات غير حكومية أخرى، لكن تلك المنظمات أيضًا أوقفت خدماتها وعملياتها بسبب توقف التمويل الدولي".
ونبه إلى أن المنظمة أوقفت تقديم الخدمات للحالات غير المصنفة كعالية الخطورة، مع الإبقاء على عدد قليل جدًا من الموظفين داخل المخيمات للتعامل مع الحالات الحساسة والخطرة من اللاجئين السوريين والنازحين الإيزيديين.
وأوضح أن "المانحين الرئيسيين لهذا المشروع الممول من قبل مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل DRL ومكتب السكان واللاجئين والهجرة وPRM التابعين لوزارة الخارجية الأمريكية."، مستدركاً: "لقد أغلقنا جميع مراكزنا داخل مخيمات اللاجئين والنازحين الإيزيديين بعد توقف التمويل الأميركي".
وأكد روناز أن نحو 100 مستفيد كانوا يتلقون خدمات الدعم النفسي شهريًا، الحياة في المخيمات مليئة بالضغوط، الناس مرّوا بالكثير، ولا توجد أي خصوصية؛ أفراد العائلة الواحدة يعيشون في خيمة واحدة، والخيم قريبة على بعضها للغاية".
وتابع: "حتى بعض الحالات لم نتمكن من إغلاقها، وان 50 موظفًا من المؤسسة في دهوك وجدوا أنفسهم بلا عمل بين ليلة وضحاها بعد إغلاق المكتب"، مبيناً أن عدد موظفي المؤسسة في السليمانية وأربيل ودهوك كان يصل إلى حوالي 300، كثير منهم من سكان المخيمات أنفسها، ولم يتبقَ اليوم سوى نحو 20 موظفًا فقط في المواقع الثلاثة.
من جانبه، قال السيد بوتان صلاح الدين أحمد، المدير الأعلى لمخيمات النازحين في مؤسسة بارزاني الخيرية، إن المخيمات الثلاثة في حسن شام، تُركت دون أي دعم من وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، رغم أنها مسؤولة عن النازحين من محافظة نينوى القاطنين في تلك المخيمات.
وأوضح أحمد، أن "الوزارة من المفترض أن توزع سلتين غذائيتين في الشهر، لكنها وزعت فقط سلتين منذ بداية عام 2025"، مردفاً: "لم توزع أي مستلزمات للنظافة، وهناك الكثير من الناس الآن يعانون من الجرب بسبب غياب مستلزمات النظافة".
وأشار إلى أن غالبية سكان هذه المخيمات يواجهون مشكلات أمنية، إذ لا يُسمح لهم بزيارة أو العمل في إقليم كوردستان، لكنهم أيضًا يخافون العودة إلى الموصل خشية اعتقالهم عند نقاط التفتيش والزجّ بهم في السجون، مما يجعلهم عالقين داخل المخيمات الواقعة في المناطق المتنازع عليها بين إقليم كوردستانالعراق ومحافظة نينوى.
وأكد أن وزارة الصحة العراقية حالياً لا تقدم أي خدمات صحية أو أدوية داخل هذه المخيمات، وقال: "ما زالت هناك مدارس، لكن يوجد نقص في عدد المعلمين".
وزاد بالقول: "خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي كانت تقدم فقط من قبل المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية، لكن بعد توقف تمويل هذه المنظمات، توقفت هذه الخدمات تمامًا، في وقت يعيش فيه النازحون في هذه المخيمات منذ ما يقرب من عقد كامل".
ولفت إلى أن حكومة إقليم كوردستان توفّر المياه للمخيمات، أما وزارة الهجرة العراقية فكان من المفترض أن توفّر الوقود للمولدات، لكنها لا تفعل ذلك، لذا فإن حكومة الإقليم توفّر الكهرباء لمدة 8 إلى 9 ساعات يوميًا".
وتابع: "الوزارة لا تحاول حل المشكلات الاجتماعية والأمنية التي تمنع هؤلاء النازحين من العودة إلى مناطقهم الأصلية"، مبيناً أن عدد المنظمات التي كانت تعمل في هذه المخيمات قبل توقف التمويل كان يتراوح ما بين 20 إلى 30 منظمة، تقدم خدمات متعددة، لكن العدد الآن انخفض إلى أقل من خمس منظمات ذات قدرات محدودة جدًا.
أما حسن إبراهيم خالد، المشرف السريري الأول في منظمة WCHAN التي تقدم خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي، فأوضح أن منظمته كانت تعمل في أربع مخيمات للاجئين السوريين بمشاريع ممولة من الاتحاد الأوروبي والحكومة الأميركية، وقال: "كنا نقدم 105 جلسة دعم نفسي فردي و120 جلسة جماعية شهريًا. وبعد توقف التمويل الأوروبي والأميركي، أُجبرنا على إغلاق جميع الحالات، وإحالة الحالات الحساسة والعالية الخطورة إلى مستشفى الأمراض النفسية في أربيل، ليتلقوا العلاج على نفقتهم الخاصة".
وأضاف: "فقط نحو 5% من المحالين قادرون على تحمّل كلفة المستشفى ومصاريف النقل من المخيم إلى أربيل"، مشيراً إلى أن WCHAN كانت المنظمة الوحيدة التي تتعامل مع الحالات الحساسة داخل المخيم، وأن جميع حالات محاولات الانتحار كانت تُحال إليها من قبل سكان المخيم والمنظمات الأخرى.
وتابع: "نتوقع أن ترتفع حالات الانتحار والعنف الأسري في المخيمات، لأن الحياة هناك صعبة جدًا، الناس مرّوا بالحرب والنزوح لسنوات طويلة، واليوم يواجهون انعدام فرص العمل، ومشاكل عائلية متزايدة بعد غياب المنظمات الإنسانية وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي". وأردف: "خدماتنا في هذه المخيمات كانت امتدادًا لمشروع MHPSS الذي بدأ منذ عام 2013".
وأعرب حسن عن خشيته من عدم قدرة السكان على بناء الثقة مع المستشفيات الحكومية بعد سنوات طويلة من تلقيهم هذه الخدمات عبر المنظمات، وقال: "المستشفيات الحكومية لا تمتلك القدرة على تقديم جلسات علاج نفسي فردية أو تقديم الأدوية والخدمات مجانًا".
وأوضح أن الناس يعانون من عنف قائم على النوع الاجتماعي، وصدمات، وعنف أسري، واكتئاب، وضغط نفسي وقلق، وهم اليوم أكثر توترًا بسبب تخلي المنظمات عنهم وتوقف الخدمات، مضيفًا: "لن يتمكنوا بعد اليوم من الوصول إلى خدمات مهنية في الصحة النفسية".
وبيّن حسن، أنه مع إغلاق كل المنظمات في المخيم، لم يتبقَ سوى إدارة المخيم فقط، بينما توقفت أنشطة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في إقليم كوردستان العراق، والمنظمات المعنية بحماية الطفل، والخدمات القانونية، والحماية.
وأكد: "لا توجد أي عيادات أو مراكز صحية داخل المخيمات، وسيتوجب على السكان السفر إلى أربيل أو دهوك أو مدن أخرى للبحث عن هذه الخدمات".
وأضاف أن "مع غياب كل فرص المساعدة داخل المخيم، سيضطر الناس أيضًا إلى التوجه نحو هذه المدن بحثًا عن فرص عمل لكي يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة دون أي دعم".
وبحسب تقارير موثوقة من مواقع رسمية مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID، فإن التغيرات في أولويات السياسة الخارجية الأميركية منذ مطلع عام 2025 دفعت إلى تقليص البرامج في العراق وسوريا لصالح مناطق أخرى، مما انعكس على توقف مشاريع حيوية في مجالات الحماية والتعليم والصحة النفسية، فيما كانت منظمات كـ SEED وWCHAN ومؤسسة بارزاني الخيرية تعتمد في معظم أنشطتها على التمويل الأميركي والأوروبي، ولم تستطع الاستمرار بعد قطع هذا التمويل، في ظل غياب شبه تام للدور الحكومي.
في غضون ذلك، حذّرت منظمات حقوقية، من بينها هيومن رايتس ووتش، من وقوع "كارثة إنسانية صامتة" داخل المخيمات العراقية، مع تفاقم الأزمات النفسية والاجتماعية وغياب الخدمات الأساسية، داعية المجتمع الدولي إلى عدم التخلي عن مسؤولياته تجاه المجتمعات الهشّة في العراق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 4 ساعات
- شفق نيوز
جواميس تغزو محيط مبنى الحكومة المحلية بكركوك وتلتهم كل أخضر (فيديو)
شفق نيوز/ في مشهد غير مألوف وسط إجراءات مشددة تحظر تربية المواشي والجواميس داخل المدن، شوهد قطيع من الجواميس يتجول بحرية قرب مبنى محافظة كركوك، المقر الرسمي للحكومة المحلية، غير آبه بالقرارات والتعليمات البلدية. وبينما يفترض أن تخلو المناطق الحضرية من هذا النوع من الحيوانات، كانت الجواميس تسرح وتمرح في أحد الشوارع المحيطة بمبنى المحافظة، متغذية على الأشجار والنباتات التي زرعتها بلدية كركوك ضمن حملات التجميل وزيادة المساحات الخضراء، والتي كلفت مبالغ مالية كبيرة من ميزانية المحافظة. في هذا الصدد، قال يوسف عبد الجبار، أحد سكان كركوك، لوكالة شفق نيوز، إن "هذا المشهد يعكس فوضى في تطبيق القوانين، إذ أن الجواميس تعود للتجول بحرية في أكثر الأماكن الرسمية حساسية، رغم وجود قرارات تمنع تربيتها داخل المدينة"، مضيفًا: "بلدية كركوك أنفقت الأموال لتجميل هذه المناطق، لكن ما نراه اليوم هو عودة مظاهر الإهمال". وفي السياق ذاته، أكد قائمقام كركوك، فلاح خليل، في تصريح للوكالة، أن "إدارة كركوك كانت قد منعت تربية الأغنام والجواميس داخل المدينة، وسوف يتم اتخاذ إجراءات قانونية بحق مالكي هذه المواشي، إضافة إلى حجزها". وأضاف أن "إجراءات مشددة صدرت مؤخرًا للحد من ظاهرة تربية المواشي داخل حدود المدينة، حفاظًا على النظام العام والمنظر الحضري". ويثير تواجد الجواميس في قلب المدينة تساؤلات حول مدى جدية تطبيق القوانين البلدية، خاصة في ظل شكاوى المواطنين من تراجع مستوى الخدمات، وعودة بعض الظواهر التي تُعدّ من سمات المناطق الريفية إلى مركز مدينة كركوك


شفق نيوز
منذ 6 ساعات
- شفق نيوز
قرار ترامب يوقظ مخاوف الانتحار والعنف الأسري بين نازحي العراق
شفق نيوز/ تسبب قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كانون الثاني 2025 قطع التمويل الأميركي الخارجي للعراق، في إيقاف عدد كبير من البرامج الإنسانية والخدمات الحيوية التي كانت تقدَّم في مخيمات النازحين واللاجئين في إقليم كوردستان والمناطق المتنازع عليها، الأمر الذي دفع العديد من المنظمات الإنسانية إلى إغلاق مراكزها وتسريح موظفيها، وترك آلاف من الحالات النفسية والاجتماعية دون رعاية أو متابعة. وقال روناز تحسين علي، منسق الدعم النفسي والاجتماعي في مؤسسة SEED المحلية العاملة في مجال الحماية، إن المنظمة اضطرت مع توقف التمويل الأميركي إلى إغلاق جميع ملفات المشاركين والمشاركات الذين كانوا يتلقون الحماية والدعم النفسي". وأضاف علي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز: "حاولنا إحالة أكبر عدد ممكن منهم إلى منظمات غير حكومية أخرى، لكن تلك المنظمات أيضًا أوقفت خدماتها وعملياتها بسبب توقف التمويل الدولي". ونبه إلى أن المنظمة أوقفت تقديم الخدمات للحالات غير المصنفة كعالية الخطورة، مع الإبقاء على عدد قليل جدًا من الموظفين داخل المخيمات للتعامل مع الحالات الحساسة والخطرة من اللاجئين السوريين والنازحين الإيزيديين. وأوضح أن "المانحين الرئيسيين لهذا المشروع الممول من قبل مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل DRL ومكتب السكان واللاجئين والهجرة وPRM التابعين لوزارة الخارجية الأمريكية."، مستدركاً: "لقد أغلقنا جميع مراكزنا داخل مخيمات اللاجئين والنازحين الإيزيديين بعد توقف التمويل الأميركي". وأكد روناز أن نحو 100 مستفيد كانوا يتلقون خدمات الدعم النفسي شهريًا، الحياة في المخيمات مليئة بالضغوط، الناس مرّوا بالكثير، ولا توجد أي خصوصية؛ أفراد العائلة الواحدة يعيشون في خيمة واحدة، والخيم قريبة على بعضها للغاية". وتابع: "حتى بعض الحالات لم نتمكن من إغلاقها، وان 50 موظفًا من المؤسسة في دهوك وجدوا أنفسهم بلا عمل بين ليلة وضحاها بعد إغلاق المكتب"، مبيناً أن عدد موظفي المؤسسة في السليمانية وأربيل ودهوك كان يصل إلى حوالي 300، كثير منهم من سكان المخيمات أنفسها، ولم يتبقَ اليوم سوى نحو 20 موظفًا فقط في المواقع الثلاثة. من جانبه، قال السيد بوتان صلاح الدين أحمد، المدير الأعلى لمخيمات النازحين في مؤسسة بارزاني الخيرية، إن المخيمات الثلاثة في حسن شام، تُركت دون أي دعم من وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، رغم أنها مسؤولة عن النازحين من محافظة نينوى القاطنين في تلك المخيمات. وأوضح أحمد، أن "الوزارة من المفترض أن توزع سلتين غذائيتين في الشهر، لكنها وزعت فقط سلتين منذ بداية عام 2025"، مردفاً: "لم توزع أي مستلزمات للنظافة، وهناك الكثير من الناس الآن يعانون من الجرب بسبب غياب مستلزمات النظافة". وأشار إلى أن غالبية سكان هذه المخيمات يواجهون مشكلات أمنية، إذ لا يُسمح لهم بزيارة أو العمل في إقليم كوردستان، لكنهم أيضًا يخافون العودة إلى الموصل خشية اعتقالهم عند نقاط التفتيش والزجّ بهم في السجون، مما يجعلهم عالقين داخل المخيمات الواقعة في المناطق المتنازع عليها بين إقليم كوردستانالعراق ومحافظة نينوى. وأكد أن وزارة الصحة العراقية حالياً لا تقدم أي خدمات صحية أو أدوية داخل هذه المخيمات، وقال: "ما زالت هناك مدارس، لكن يوجد نقص في عدد المعلمين". وزاد بالقول: "خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي كانت تقدم فقط من قبل المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية، لكن بعد توقف تمويل هذه المنظمات، توقفت هذه الخدمات تمامًا، في وقت يعيش فيه النازحون في هذه المخيمات منذ ما يقرب من عقد كامل". ولفت إلى أن حكومة إقليم كوردستان توفّر المياه للمخيمات، أما وزارة الهجرة العراقية فكان من المفترض أن توفّر الوقود للمولدات، لكنها لا تفعل ذلك، لذا فإن حكومة الإقليم توفّر الكهرباء لمدة 8 إلى 9 ساعات يوميًا". وتابع: "الوزارة لا تحاول حل المشكلات الاجتماعية والأمنية التي تمنع هؤلاء النازحين من العودة إلى مناطقهم الأصلية"، مبيناً أن عدد المنظمات التي كانت تعمل في هذه المخيمات قبل توقف التمويل كان يتراوح ما بين 20 إلى 30 منظمة، تقدم خدمات متعددة، لكن العدد الآن انخفض إلى أقل من خمس منظمات ذات قدرات محدودة جدًا. أما حسن إبراهيم خالد، المشرف السريري الأول في منظمة WCHAN التي تقدم خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي، فأوضح أن منظمته كانت تعمل في أربع مخيمات للاجئين السوريين بمشاريع ممولة من الاتحاد الأوروبي والحكومة الأميركية، وقال: "كنا نقدم 105 جلسة دعم نفسي فردي و120 جلسة جماعية شهريًا. وبعد توقف التمويل الأوروبي والأميركي، أُجبرنا على إغلاق جميع الحالات، وإحالة الحالات الحساسة والعالية الخطورة إلى مستشفى الأمراض النفسية في أربيل، ليتلقوا العلاج على نفقتهم الخاصة". وأضاف: "فقط نحو 5% من المحالين قادرون على تحمّل كلفة المستشفى ومصاريف النقل من المخيم إلى أربيل"، مشيراً إلى أن WCHAN كانت المنظمة الوحيدة التي تتعامل مع الحالات الحساسة داخل المخيم، وأن جميع حالات محاولات الانتحار كانت تُحال إليها من قبل سكان المخيم والمنظمات الأخرى. وتابع: "نتوقع أن ترتفع حالات الانتحار والعنف الأسري في المخيمات، لأن الحياة هناك صعبة جدًا، الناس مرّوا بالحرب والنزوح لسنوات طويلة، واليوم يواجهون انعدام فرص العمل، ومشاكل عائلية متزايدة بعد غياب المنظمات الإنسانية وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي". وأردف: "خدماتنا في هذه المخيمات كانت امتدادًا لمشروع MHPSS الذي بدأ منذ عام 2013". وأعرب حسن عن خشيته من عدم قدرة السكان على بناء الثقة مع المستشفيات الحكومية بعد سنوات طويلة من تلقيهم هذه الخدمات عبر المنظمات، وقال: "المستشفيات الحكومية لا تمتلك القدرة على تقديم جلسات علاج نفسي فردية أو تقديم الأدوية والخدمات مجانًا". وأوضح أن الناس يعانون من عنف قائم على النوع الاجتماعي، وصدمات، وعنف أسري، واكتئاب، وضغط نفسي وقلق، وهم اليوم أكثر توترًا بسبب تخلي المنظمات عنهم وتوقف الخدمات، مضيفًا: "لن يتمكنوا بعد اليوم من الوصول إلى خدمات مهنية في الصحة النفسية". وبيّن حسن، أنه مع إغلاق كل المنظمات في المخيم، لم يتبقَ سوى إدارة المخيم فقط، بينما توقفت أنشطة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في إقليم كوردستان العراق، والمنظمات المعنية بحماية الطفل، والخدمات القانونية، والحماية. وأكد: "لا توجد أي عيادات أو مراكز صحية داخل المخيمات، وسيتوجب على السكان السفر إلى أربيل أو دهوك أو مدن أخرى للبحث عن هذه الخدمات". وأضاف أن "مع غياب كل فرص المساعدة داخل المخيم، سيضطر الناس أيضًا إلى التوجه نحو هذه المدن بحثًا عن فرص عمل لكي يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة دون أي دعم". وبحسب تقارير موثوقة من مواقع رسمية مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID، فإن التغيرات في أولويات السياسة الخارجية الأميركية منذ مطلع عام 2025 دفعت إلى تقليص البرامج في العراق وسوريا لصالح مناطق أخرى، مما انعكس على توقف مشاريع حيوية في مجالات الحماية والتعليم والصحة النفسية، فيما كانت منظمات كـ SEED وWCHAN ومؤسسة بارزاني الخيرية تعتمد في معظم أنشطتها على التمويل الأميركي والأوروبي، ولم تستطع الاستمرار بعد قطع هذا التمويل، في ظل غياب شبه تام للدور الحكومي. في غضون ذلك، حذّرت منظمات حقوقية، من بينها هيومن رايتس ووتش، من وقوع "كارثة إنسانية صامتة" داخل المخيمات العراقية، مع تفاقم الأزمات النفسية والاجتماعية وغياب الخدمات الأساسية، داعية المجتمع الدولي إلى عدم التخلي عن مسؤولياته تجاه المجتمعات الهشّة في العراق.


شفق نيوز
منذ 8 ساعات
- شفق نيوز
تركمان العراق .. الانتخابات تضعهم على مفترق طرق بتنافس بين الجبهة والشيعة
شفق نيوز/ يُعدّ التركمان في العراق ثالث أكبر قومية بعد العرب والكورد، ما يجعلهم جزءًا راسخًا من النسيج التاريخي والحضاري للبلاد. ويُقدَّر عددهم غير الرسمي بين 2 إلى 3 ملايين نسمة، في ظل غياب إحصاء سكاني دقيق للقوميات، ويتوزعون على عدد من المحافظات الشمالية والوسطى، أبرزها كركوك، نينوى (تلعفر)، صلاح الدين (طوزخورماتو)، ديالى، وبغداد. وتُعدّ كركوك القلب الثقافي والسياسي للتركمان، وهي المدينة التي طالما اعتبروها "قدسهم القومي"، نظراً الى رمزيتها التاريخية و كثافتهم السكانية فيها. وقد كانت كركوك على مدى عقود مسرحًا للتنافس القومي والسياسي بين العرب والكورد والتركمان، في ظل نزاعات حول هويتها الإدارية والاقتصادية. وينقسم التركمان مذهبيًا إلى سُنّة وشيعة، وهو انقسام لم يؤثر تاريخيًا على وحدتهم القومية، لكنّه في بعض الفترات السياسية الأخيرة كان عاملاً مؤثرًا في مواقفهم وتحالفاتهم، خاصة بعد 2003، حيث خاض بعضهم في العمل السياسي ضمن أطر دينية، بينما حافظ آخرون على الانتماء القومي كهوية جامعة. شارك التركمان في العملية السياسية بعد عام 2003 عبر عدة قوى، منها الجبهة التركمانية العراقية، إضافة إلى أفراد انضموا لتحالفات وطنية أو مذهبية. لكنهم ظلوا يشتكون من "التهميش السياسي" و"غياب التمثيل العادل"، سواء في البرلمان أم في الحكومات المحلية، ولا سيما في كركوك حيث لم يحصلوا على منصب المحافظ منذ عام 2003. وقد تعرّض التركمان، خاصة في مناطق مثل تلعفر وطوزخورماتو، لاعتداءات خلال حقبة تنظيم داعش وما تلاها من اضطرابات أمنية، ما فاقم شعورهم بالمظلومية، ودفعهم للمطالبة بحماية دولية في بعض الأحيان، أو بحشد تركماني خاص لحماية مناطقهم. وفي السنوات الأخيرة، برزت حالة من الانقسام داخل البيت التركماني، بين من يتمسك بالجبهة التاريخية كممثل شرعي ووحيد، وبين قوى تركمانية جديدة بدأت تخوض غمار العمل السياسي من بوابات أخرى. ويقول رئيس جبهة تركمان العراق الموحد، محمد سمعان اغا في تصريح لوكالة شفق نيوز، إن التركمان في كركوك يخوضون الانتخابات بقائمة واحدة موحدة، تمثل الصوت الحقيقي للمكون". وأضاف: "هناك قائمة تركمانية واحدة فقط في كركوك، وهي جبهة تركمان العراق الموحد، تمثل التركمان بشكل موحد وشامل." لكن في المقابل، برز تحالف جديد تحت اسم "المنقذون"، يقوده السياسي عمار كهية، ويضم شخصيات سياسية مدعومة من فصائل الحشد الشعبي. كهية علّق على هذا المشروع في تصريح لوكالة شفق نيوز، أن "كركوك عاشت حالة من المخاض السياسي لتلد مشروعًا وطنيًا يحمل اسم (الإنقاذ)"، مردفا بالقول إنه "مشروع مكمل لأولئك الذين حملوا السلاح ودافعوا عن كركوك، ويعبّر عن طموحات الجماهير التي تنتخبهم، مستمدًا قوته من دعم الشعب ومن مساندة أصحاب القرار في بغداد." وأردف بالقول إن "التحالف جاء نتيجة غياب التمثيل الحقيقي للتركمان في الحكومة المحلية، وأنه يسعى لضمان حقوقهم، إلى جانب الشراكة العادلة مع بقية المكونات". هذا التباين في الرؤية فتح الباب أمام سجال واسع في أوساط الشارع التركماني حول الجهة التي تمثّلهم فعليًا، بين من يرى في الجبهة امتدادًا تاريخيًا لنضال التركمان، ومن يعتقد أن مشروع "المنقذون" هو الرد الواقعي على التهميش المتكرر. ويملك التركمان فرصة فريدة في المرحلة المقبلة إذا ما تمكنوا من تجاوز الخلافات وتوحيد الرؤية السياسية، ليثبتوا حضورهم كمكوّن وطني أصيل، لا يُقاس بالعدد فقط، بل بدورهم الحضاري والتاريخي في بناء العراق.