logo
عام التطهير

عام التطهير

الشروق٠٦-٠٤-٢٠٢٥
سمّى الجنرال المجرم دوغول عام 1962 l'an de grace، وقد عربها معرب مذكراته، مذكرات الأمل 'عام النعم' (مذكرات الأمل ص (333)، لأن هذا العام هو العام الذي تخلصت فيه فرنسا الصليبية المجرمة من مأزقها في الجزائر، فأنقذت اقتصادها، وماليتها، وعملتها من الموت » (ص 367) . فقد كانت مهددة بحرب أهلية، يكاد يرهقها الإفلاس ونسي العالم صوتها' . ( ص (333)، ولهذا اعتبر المجرم دو غول أن أكبر خدمة قدمها لفرنسا أنه خلّصها من المأزق الجزائري، كما اعترف لصديقه ووزیره آلان پیزفیت.
أما العبد لله، فإنني أعتبر العام 1962 عام التحرير والتطهير.
فأما التحرير، فلأن فرنسا المجرمة اعترفت مكرهة بأن زعمها الجزائر جزء من فرنسا 'إنما هو حديث خرافة، وحلم عاشت عليه قرنا وثلثا، واستيقنت أن الجزائر – كما قال وكتب إمامنا ابن باديس ليست فرنسا ولن تكون فرنسا، ولن تستطيع أن تصير فرنسا ولو أرادت…
وإذا كانت فرنسا قد راودتها عودة حلم 'الجزائر فرنسية' في عهد من شهد دوغول المجرم نفسه بحبه فرنسا، أعني بوتفليقة، فقد منّ الله علينا بالحراك المبارك، الذي قبر هذا الحلم نهائيا. وأما التطهير، ففي هذا العام المبارك، تخلصت الجزائر من ثلاث قنابل، لو بقيت في الجزائر لأحدثت فيها مشكلات عميقة سياسيا، ودينيا، ولغويا، واجتماعيا.
أولى هذه المشكلات، هي المستوطنون الفرنسيون المجرمون الذين كانوا يتمتعون في الجزائر على حساب أبنائها. ولأنهم أجرموا في حق شعبنا، خشوا أن ينتقم منهم، فحملوا ما خف وزنه وغلا ثمنه، وفروا عائدين إلى فرنسا، وقد قدر عددهم المجرم دوغول بـ 980 ألف. (مذكرات الأمل ص 380) . فلو بقي هذا 'الجرثوم' في وطننا، وفي يده أكثر من 85% من اقتصاد الجزائر، لكانوا أعوص مشكلة للجزائر دينيا، واجتماعيا، ولغويا.. ولكانوا 'مسمارا' في الجسم الجزائري، ولعانت وحدتنا الدينية واللغوية والاجتماعية… فالحمد لله حمدا كثيرا طيباً أن خلصنا من هذا 'السرطان'.
وأما المشكلة الثانية، فهي فرار الجالية اليهودية الخائنة، فهم فرنسيون جنسية بعد قرار وزير الداخلية الفرنسي المجرم هريميو، الذي منح اليهود المقيمين في الجزائر الجنسية الفرنسية في سنة 1870 من غير أن يطلبوها، وذلك تكثيرا للفرنسيين في الجزائر. فلما جاء النصر فروا مع الفرنسيين. وأما المشكلة الثالثة، التي تخلصنا منها، فهي هؤلاء الخونة الذين اتخذوا الفرنسيين أولياء، فخانوا دينهم، ووطنهم، وقتلوا 'إخوانهم، وناصروا الفرنسيين، وقد كان بعضهم أشد قسوة على الجزائريين من المجرمين الفرنسيين.. وإذا كانوا قد ابتغوا 'العزة' عند الفرنسيين، فقد رأينا المعاملة التي عوملوا بها من طرف الفرنسيين، لأن الخائن مكروه في جميع الأعراف الاجتماعية.
فعلينا، نحن الجزائريين، أن نعض على وحدتنا الدينية، واللغوية، وبهذين الوحدتين نحطم كل مؤامرات الأعداء. ونحمد الله- عز وجل- حمدا كثيرا، على هذا التحرير والتطهير من هذه الجراثيم والسموم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'موعدنا أمام الله للحساب' (2)!
'موعدنا أمام الله للحساب' (2)!

الشروق

timeمنذ 4 ساعات

  • الشروق

'موعدنا أمام الله للحساب' (2)!

لا شكّ أنّ المسؤولية الأولى عن ما يحصل في غزّة، هي مسؤولية الصهاينة وحلفائهم الذين لم يستطيعوا تركيع المجاهدين بالأسلحة المتطوّرة وبالعملاء والخونة، فراحوا يجوّعون المدنيين ليضغطوا على المجاهدين حتى يستسلموا ويلقوا بأسلحتهم.. إنّهم يريدون إحراج المقاومة أمام العالم! وقد انطلت حيلتهم على كثير من المغرضين الذين يتوجّهون بلومهم إلى المجاهدين الصامدين! ويحمّلونهم مسؤولية العدوان الصهيونيّ ومسؤولية الأطفال الذين يموتون جوعا بسبب حصار الصهاينة! المجاهدون يعانون ما يعانيه إخوانهم المدنيون، وأطفالهم يموتون جوعا كما يموت أطفال إخوانهم، وزوجاتهم يقضين نحبهنّ كما تقضي زوجات إخوانهم المدنيين نحبهنّ تحت القصف الصهيونيّ، ومن أمثلة قادة الجهاد الذين فقدوا أهليهم وأبناءهم في القصف الصهيونيّ، قائد كتيبة بيت حانون في كتائب القسّام، حسين فياض، الذي فقد زوجته وابنيه الاثنين في قصف صهيونيّ قبل أيام. المجاهدون لا ينعمون بالطّعام والشّراب وإخوانهم يجوعون، بل إنّهم يعانون ما يعانيه إخوانهم، وقد شهد العدوّ الصهيونيّ نفسه بعد تشريح جثة القائد يحيى السّنوار -تقبّله الله- أنّه لم يذق طعاما في الأيام الثلاثة التي سبقت استشهاده.. هذه هي الحقيقة ولكنّ أحفاد ابن سلول يأبون إلا ترويج الكذب والبهتان في حقّ أولياء الله المجاهدين. نعم، المسؤولية الأولى هي مسؤولية الصهاينة وحلفائهم.. لكن من يلوم عدوا صهيونيا كافرا فيما يفعل، واللهُ قد أخبر أنّه أشدّ النّاس عداوة للذين آمنوا؟! المسؤولية الأكبر –حقيقة وواقعا- هي مسؤولية حكام المسلمين الذين خذلوا أطفال غزّة وتركوهم للعدوّ الصهيونيّ يروّعهم ويقتلهم صبرا وجوعا، مسؤولية الحكّام جميعا، ومسؤولية حكّام مصر والأردن وسوريا في الدّرجة الأولى، لأنّ بلادهم تجاور فلسطين، خاصّة مصر التي تملك معبرا يربط بقطاع غزّة، وفي وسعها أن تحرج العدوّ الصهيونيّ، لكنّها مع كلّ أسف حيّرت الأمّة عندما ردّت قوافل الدّعم ومنها القافلة المغاربية (المغرب العربي) من الطّريق! حكّام المسلمين أثبت أكثرهم أنّهم غير معنيين بقضية غزّة ولا قضية فلسطين ولا بأيّ قضية أخرى من قضايا الأمّة، بخلاف قادة الصهاينة الذين لا يكتفون بالتفاني في خدمة المشروع الصهيونيّ في الأرض المحتلّة، حتى يتمادى بهم الأمر إلى الدّفاع عن حلفائهم في المنطقة، وها هو رئيس الوزراء الصهيونيُّ يهبّ لنجدة إخوانه الدروز في السويداء السورية، ويقصف محيط السويداء والعاصمة دمشق نصرة لإخوانه، وقد قالها قبل أيام بلسان فصيح صريح: 'لن نقف متفرّجين أمام ما يحدث لإخواننا في السويداء'.. فأين أين حكّام المسمين من إخوانهم في غزّة، والله يقول: ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ))؟! المسؤولية الأكبر بعد مسؤولية الحكّام، هي مسؤولية علماء الأمّة، في أن يجهروا بكلمة الحقّ، ويستنفروا الحكّام والشعوب لنجدة المروّعين المجوّعين في غزّة.. يجب على العلماء أن يبيّنوا حكم من يساهم في حصار المسلمين، وحكم من يسكت على حصارهم، وحكم من يخذلهم ولا يقدّم لهم يد المساعدة. العلماء يجب أن يذكّروا الحكام وكلّ من له مسؤولية في بلاد الإسلام أنّ فقهاء الأمّة قالوا إنّ من منع الطعام عن سجين عمدا، وكان السببَ في موته، فإنه يقتل به؛ لأنه يكون ظهر منه قصد موته. هذا فيمن يمنع الطّعام عن سجين يستحقّ السّجن؛ كيف بمن يمنعه عن مسلم لا ذنب له؟! وقد نُقل عن بعض الفقهاء أنّه لو مات أحد النّاس جوعا وجيرانه يعلمون به وهم يقدرون على إطعامه، فإنّ على جيرانه دفعَ ديته.. قال الإمام ابن قدامة –رحمه الله-: 'وإن مات جوعًا، وبه رمق، ولم يطعمه جيرانه مع قدرتهم، أثموا، ووجب عليهم ديته'، وقال: 'ومن اشتد جوعه حتى عجز عن طلب القوت، ففرض على كل من علم به أن يطعمه أو يدل عليه من يطعمه، صونا له عن الهلاك، فإن امتنعوا من ذلك حتى مات اشتركوا في الإثم، قال عليه الصلاة والسلام: 'ما آمن بالله من بات شبعان وجاره إلى جنبه طاو '، وقال -عليه الصلاة والسلام-: 'أيما رجل مات ضياعا بين أقوام أغنياء فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله''.. هذا في إنسان واحد يُترك حتى يموت جوعا، كيف بمن يسكت عن قتل العشرات والمئات جوعا وهو يرى ويسمع؟! هذا ما يفترض في علماء الأمّة أن يقولوه ويجهروا به، لكنّنا مع كلّ أسف نرى كيف أنّ الأزهر أخرج بيانا يندّد فيه بما يحصل من تجويع للمسلمين، لكنّه ما لبث أن حذف البيان.. أمّا هيئة كبار العلماء في بلاد الحرمين، فهي منشغلة بالحديث عن فضل الذّكر، وبفتاوى بعيدة كلّ البعد عن المأساة التي يعيشها المسلمون في غزّة! بعد الحكّام والعلماء؛ المسؤولية تقع على عواتق المسلمين جميعا، فليس يكفي المسلمين أن يقفوا عند حدّ إلقاء التبعة على كواهل الحكّام والعلماء، ثمّ يواصلوا حياتهم كأنّهم قد أدّوا ما عليهم، أو كأنّ شيئا لم يكن! نحن جميعا معنيون بمحنة إخواننا المسلمين في غزّة، وإذْ لم نستطع الجهاد بأنفسنا، فنحن مسؤولون أمام الله عن جهاد المال، وجهاد بالمال هو قرين الجهاد بالنفس في كتاب الله تعالى.. حتى من لا يملك فضلا من المال، مرتّبه أو أرباح تجارته بالكاد تكفيه في ضرورياته، هذا أيضا مخاطب بالإنفاق لنجدة إخوانه الجوعى في غزّة، لأنّ الله يقول: ((لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّون)). كيف بمن يملك مالاً يفضل عن حاجاته الأصلية؟ كيف بمن يتخوّض في مال الله بغير حقّ في الكماليات؟ كيف بمن يتخوّض في الشّهوات والمحرّمات؛ ؟! يقول الله –تعالى-: ((هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)). نحن الجزائريين خاصّة مسؤولون مسؤولية عظيمة أمام الله، لأنّه أتيحت لنا فرصة الإنفاق في سبيل الله، والجمعيات التي تجمع التبرّعات وتوصلها بأمانة إلى أهلنا في غزّة موجودة ومعروفة، بينها جمعية البركة التي أقاق نشاطها أولياء الصهاينة الأمريكان، فصنّفوها جمعية إرهابية! فالله الله أن تغلبنا نفوسنا على الإنفاق! نحن نعيش امتحانا، إمّا أن ننجح فيه نجاحا تغفر به ذنوبنا، أو نخسر خسرانا مبينا ربّما تحبط به أعمالنا.. كان التابعيّ أويس القرني –رحمه الله- إذا أمسى تصدق بما في بيته من الفضل من الطعام والثياب، ثم يقول: 'اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذني به، ومن مات عريانا فلا تؤاخذني به'. هناك -ولله الحمد- محسنون كثر في بلدنا الجزائر تداعوا للبذل والإنفاق، وسطروا من أروع النّماذج، ينبغي أن نتّخذهم لنا قدوة، أعرض من صنائعهم نموذجين: أحد الأفاضل كتب تجربته ليحرّك بها همم إخوانه في العطاء، فقال: 'أمّا تجربتي فسأشاركها تحفيزا للباذلين لعلهم يهبون من جديد، ومن باب ((إن تبدو الصّدقات فنعمّا هي))، ولأن الأمر جد ولا يعتبر البتة تبرعا أو تطوعا، بل هو واجب والتحفيز له والتحريض عليه مما لا يتم الواجب إلا به فيصبح من الواجبات، أقول: 'منذ جانفي 2024م، وأنا أقتسم مداخيل المكتب والمقاولة مع غزة بالسوية (50%)، وما شعرت بقلة، بل والله رأيت أثر البركة كما لم تكن من قبل'. والأعجب منه، محسن آخر من إخواننا الجزائريين، منذ انطلاق طوفان الأقصى قبل عامين، لم يصرف شيئا من مدخوله في غير دفع الإيجار ونفقة عيشه الضرورية، يبعث جميع ما بقي إلى إخواننا في غزّة، لدرجة أنّه لم يشتر منذ عامين حذاء جديدا يلبسه.. ((وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُون)).

وزير الاتصال يعزي في وفاة الكاتب الصحفي عبد المجيد كاوة – المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري
وزير الاتصال يعزي في وفاة الكاتب الصحفي عبد المجيد كاوة – المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري

التلفزيون الجزائري

timeمنذ 9 ساعات

  • التلفزيون الجزائري

وزير الاتصال يعزي في وفاة الكاتب الصحفي عبد المجيد كاوة – المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري

تقدم وزير الاتصال محمد مزيان اليوم الإثنين بأخلص عبارات التعازي وأصدق مشاعر المواساة لعائلة الفقيد خاصة وللأسرة الإعلامية كافة إثر وفاة الصحفي والكاتب عبد المجيد كاوة عن عمر ناهز 75سنة. وجاء في نص التعزية 'ببالغ الحزن وعميق التأثر، تلقى وزير الاتصال، السيد محمد مزيان، نبأ وفاة الصحفي والكاتب عبد المجيد كاوة، الذي وافته المنية اليوم الاثنين عن عمر ناهز 75سنة، بعد صراع طويل مع المرض'. الراحل تقلد عدة مناصب في مهنة الاعلام على غرار مدير جريدة الوحدة، مراسل دائم لجريدة Le quotidien d'oran، وكاتب عمود بجريدتي LE SOIR D'Algerie وAlgerie news. يمتلك الراحل في رصيده عدة مؤلفات، وأعمال أدبية نشرت عبر عديد المجلات المتخصصة داخل الوطن وخارجه. وبهذه المناسبة الأليمة، يتقدم وزير الاتصال، بأخلص عبارات التعازي، وأصدق مشاعر المواساة لعائلة الفقيد خاصة وللأسرة الاعلامية كافة، راجيا من المولى العلي القدير، أن يتغمده بواسع رحمته وغفرانه، ويلهم أهله وذويه جميل الصبر والسلوان. إنا لله وإنا اليه راجعون

النهي عن خذلان المسلم وقت حاجته للنصرة
النهي عن خذلان المسلم وقت حاجته للنصرة

الخبر

timeمنذ 11 ساعات

  • الخبر

النهي عن خذلان المسلم وقت حاجته للنصرة

الخذلان هو ترك الإعانة والنصر والإغاثة، وهو من الصفات الذميمة التي تستجلب الذل والهوان؛ ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره'. قال النووي رحمه الله: (وأما 'لا يَخْذُله'، فقال العلماء: الخَذْل: ترك الإعانة والنصر، ومعناه إذا استعان به في دفع ظالم ونحوه، لزمه إعانته إذا أمكنه، ولم يكن له عذر شرعي). إن تسليم المسلم أخيه المسلم لعدوه وتركه له لينفرد به دون خوف أو اعتبار لكثرة المسلمين لأنهم غثاء كغثاء السيل؛ فقلة من اليهود دنست الأقصى وتقتل المسلمين وأذاقتهم ألوانا من الذل والهوان على مرأى ومسمع من العالم كله عامة والإسلامي خاصة، ومع ذلك فلم نستطع أن نحمي إخواننا منهم وكأننا شاركنا في تسليمهم إليهم، وهذا ما نهانا عنه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: 'المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه –أي إلى عدوه– من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة'. خذلان المسلم لأخيه المسلم حرام شرعا، وقد عدّه ابن حجر الهيثمي من الكبائر، قال المُناوي: (خِذلان المؤمنِ حرام شديد التحريم؛ دنيويا كان، مثل أن يقدر على دفعِ عدو يريد البطش به، فلا يدفعه، أو أُخرويا كأن يقدر على نصحه من غيّه بنحوِ وعظ، فيترك). وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على نصرة المسلم لأخيه المسلم، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'انصر أخاك ظالما أو مظلوما'، قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال: 'تأخذ فوق يديه'. وللوقوع في الخذلان أسباب كثيرة، منها الافتراق والاختلاف في الدين، والاستعانة بغير الله، وطاعة الكافرين والمنافقين، والركون إلى الظالمين، والتكالب على الدنيا وكراهية الموت، والإغراق في اللهو وطلب الراحة، الجبن وسوء الرأي. ومِن أهم صور الخذلان ما يحدث لإخواننا في غزة من بطش وتجويع وتقتيل، ونحن نتفرج عليهم وكأن الأمر لا يهمنا، وإن خذلان المسلمين وعدم نصرتهم عند جهادهم لعدوهم، لاسيما عند اعتداء هؤلاء الأعداء على المسلمين، صفة مِن صفات المنافقين، قال الله تعالى فيهم: {وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون * الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين}. ونصرة المسلمين سبب لتفريج الكربات، فالجزاء من جنس العمل، ففي الصحيح قول نبينا صلى الله عليه وسلم: 'ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة'. قد يظن البعض من المسلمين أنه مادام مؤديا لأركان الإسلام ومحافظا على الصلوات الخمس في جماعة ومؤديا زكاة ماله للفقراء والمساكين ومداوما على تكرار الحج والعمرة ووصولا للرحم ونحو ذلك من الواجبات الشرعية تجعله في حل من نصرة أخيه المسلم في أي مكان، وهذا فهم خاطئ، وواجب على أهل العلم أن يصححوا هذه المفاهيم الخاطئة، وأن يذكروا المسلمين بأدنى حقوق الأخوة في الإسلام وبيان حكم الشرع في هذه النصرة. إن المسلمين في شتى بقاع الأرض، وبحكم الأخوة التي تجمعهم، ملزمون ومطالبون شرعا بأن ينصر ويؤازروا بعضهم بعضا، لاسيما حين تدعو لهذا ضرورة من ظلم أو استضعاف أو اعتداء خارجي أو نحو هذا. وهذا التناصر والتآزر من أعظم وأهم حقوق الأخوة بين المسلمين، كما أنه من مظاهر الولاء بينهم، ومقتضياته كذلك أن أولئك المسلمين المقهورين المظلومين لهم على إخوانهم المسلمين القادرين على نصرتهم حق النصرة والنجدة بكل الوسائل الممكنة، حتى يبرؤوا من محنتهم وينفكوا من أغلال الظلم الذي يكتنفهم، وهؤلاء المسلمون المستضعفون المظلومون يستنجدون بإخوانهم المسلمين في العالم صباحا ومساء، ومع الأسى والأسف لا تجد استغاثاتهم من المسلمين إلا الخذلان. لقد هان المسلمون أفرادًا وهانوا أممًا، يوم وهت أواصر الأخوة بينهم، ونظر أحدهم إلى الآخر نظرة استغراب وتنكُّرٍ، وأصبح الأخ يُنتقص أمام أخيه فيهز كتفيه ويمضي لشأنه كأن الأمر لا يعنيه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store