
الذكاء الاصطناعي التوليدي تحت المجهر: تسريبات خفية تهدد خصوصية الشركات والموظفين
بلبريس - ياسمين التازي
بدأت أصوات التحذير تتعالى من المخاطر التي تنطوي عليها الاستخدامات اليومية لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث باتت المعلومات الحساسة التي يدرجها المستخدمون تشكل تهديداً مباشراً لأمن الشركات وخصوصية الأفراد، في حال وقعت في الأيدي الخطأ.
تقرير حديث صادر عن شركة "هارمونيك" كشف أن 8.5 في المائة من طلبات الموظفين إلى منصات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وCopilot، تضمنت بيانات حساسة، أبرزها معلومات متعلقة بالفوترة وبيانات المصادقة الخاصة بالعملاء.
ويحذر التقرير من أن الانتشار السريع لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي لم يواكبه وعي كافٍ بالمخاطر الأمنية المصاحبة له، سواء من قبل المستخدمين أو من قبل المنظمات. فقد أصبح تسرب البيانات، وإن بشكل غير مقصود، من أكثر التهديدات شيوعاً في هذا السياق.
وتعليقاً على هذه المعطيات، قالت آنا كولارد، نائبة الرئيس الأول لاستراتيجية المحتوى والتوعية بشركة KnowBe4 Africa، إن الكثير من المستخدمين لا يدركون خطورة المعلومات التي يشاركونها مع الذكاء الاصطناعي، مضيفة: "ليس الأمر متعلقاً فقط بالأسماء أو عناوين البريد الإلكتروني؛ بل قد يصل الأمر إلى مشاركة خطط الأداء، وسجلات العملاء، وتوقعات العمل، وأحياناً استراتيجيات داخلية حساسة."
وأشارت كولارد إلى أن سهولة التفاعل مع الذكاء الاصطناعي وودّيّته الظاهرة تشجع المستخدمين على الكشف عن تفاصيل قد لا يبوحون بها في بيئة عمل تقليدية، كالإحباطات المهنية أو أدوات العمل أو حتى ديناميكيات الفريق، ما يجعل هذه المعلومات عرضة للاستغلال من قبل مجرمي الإنترنت ووسطاء البيانات، الذين قد يستخدمونها في حملات تصيد أو سرقة هوية أو هندسة اجتماعية متقدمة.
وأضافت أن ضعف الضوابط الأمنية على بعض المنصات، حتى في غياب نية خبيثة من المطورين، كافٍ لوقوع تسريبات كارثية. مشيرة إلى أن "الموظفين الذين يزودون أدوات الذكاء الاصطناعي ببيانات الشركة، قد يعرضون مؤسساتهم بالكامل للخطر، بما في ذلك معلومات العملاء، والعمليات التشغيلية، وخطط المنتجات، وهي بيانات تهم المنافسين والمهاجمين والجهات الرقابية على حد سواء."
ولتفادي هذه الانزلاقات، توصي الخبيرة بضرورة تدريب الموظفين على الاستخدام الآمن لأدوات الذكاء الاصطناعي، ووضع حدود واضحة لما يمكن مشاركته. كما شددت على ضرورة تنفيذ ضمانات تقنية حقيقية، تتجاوز السياسات الورقية، وتقيّد الوصول إلى هذه الأدوات أو تحصر استخدامها ضمن منصات خاضعة لموافقة المؤسسة.
كما دعت كولارد إلى اعتماد مبدأ "الخصوصية حسب التصميم" عند تبني الذكاء الاصطناعي داخل الشركات، من خلال استخدام منصات تحترم الخصوصية على مستوى المؤسسات، وتثبيت امتدادات متصفح تمنع إدخال البيانات الحساسة.
وفي السياق ذاته، شددت على ضرورة مواءمة استخدام الذكاء الاصطناعي مع قوانين حماية المعطيات والمعايير الأخلاقية، داعية إلى اعتماد المعيار الدولي ISO/IEC 42001، الذي يحدد ضوابط إنشاء وتحسين نظام إدارة الذكاء الاصطناعي (AIMS) داخل المؤسسات.
في ظل تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي، يبدو أن التحدي الأكبر اليوم لا يكمن في قدرات هذه الأدوات، بل في كيفية استخدامها الآمن، بما يضمن حماية المعلومات وتفادي الانزلاق نحو تسريبات غير محسوبة العواقب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بلبريس
منذ 9 ساعات
- بلبريس
زلزال في مجلس الرباط: توقيف مدير المصالح وفضيحة رخصة مطعم تطيح بكبار المسؤولين
بلبريس - ياسمين التازي عرف مجلس جماعة الرباط هزة قوية، بعد أن أقدمت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، أول أمس (الثلاثاء)، على توقيف مدير المصالح، فور عودته من مهمة رسمية بالخارج، فيما استُقدم لاحقاً كل من رئيس القسم الاقتصادي ورئيس قسم التعمير إلى مقر الفرقة للتحقيق في ملف معقد ومثير. وكشف مصدر مطلع لـ"الصباح" أن المعني بالأمر كان في مهمة دبلوماسية رسمية بياوندي، عاصمة الكاميرون، ولدى نزوله بمطار محمد الخامس الدولي، أخبر بأنه مطلوب للتحقيق في إطار أبحاث تُشرف عليها النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط، في قضية تتعلق بـتسيير شؤون بلدية العاصمة. ورجحت المصادر أن يكون ملف التعمير في قلب العاصفة، خصوصاً بعد الجدل الكبير الذي أثير حول منح ترخيص مشبوه لمطعم فاخر وسط الرباط، يشتبه في أنه تم بطرق تدليسية، رافقتها اختلالات جسيمة قد ترقى إلى مستوى الجنايات. وأفادت المعطيات أن الفرقة الوطنية كانت قد قامت بزيارة سرية لمقر الجماعة قبل أسبوع، حيث استمعت إلى عدد من المسؤولين، خصوصاً من لهم صلاحيات الترخيص، وقامت باستجواب معمق حول مسار منح بعض التراخيص، والجهات التي تولت التفويض والتوقيع، في محاولة لكشف خيوط الشبكة. ويجري التحقيق في تكتم شديد، إذ رفض المسؤولون المستجوبون سابقاً إبلاغ زملائهم بتفاصيل الجلسات الأمنية، كما انقطعت أخبار المسؤولين الثلاثة منذ استقدامهم، وهو ما يُرجح، حسب مصادر 'الصباح'، أنهم موضوعون رهن الحراسة النظرية. واعتبر مصدر مسؤول أن توقيف مدير المصالح، اليد اليمنى لعمدة الرباط، يمثل ضربة موجعة لرئاسة المجلس، خصوصاً أنه كان يُكلف بتمثيل العاصمة في لقاءات دولية مهمة، من بينها زيارات إلى جيبوتي والكاميرون. كما يُعد اسمه من أبرز الأسماء التي أثارت جدلاً واسعاً في تقارير المجلس الأعلى للحسابات، بعدما تبين أنه شغل منصبه دون التوفر على المؤهل العلمي المطلوب، وهي الملاحظة التي لم تُترجم إلى أي إجراء من طرف عمدة المدينة، رغم تنبيهات الجهات الرقابية. ويظل المسؤولون الموقوفون، حسب نفس المصدر، في خانة المشتبه فيهم، في انتظار قرار النيابة العامة بعد استكمال التحقيقات، في قضية قد تفتح الباب على مصراعيه لمحاسبة رؤوس أخرى داخل الجماعة.


بلبريس
منذ 20 ساعات
- بلبريس
فضيحة المحروقات: اليماني يكشف أرباحاً فاحشة بـ80 مليار ويطالب بتدخل فوري
دعا الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إلى مراجعة أسعار بيع المحروقات في السوق المغربية، مشيرًا إلى أن الأسعار الحالية للغازوال والبنزين تتجاوز الأثمان المفترضة وفق المعايير المعتمدة قبل تحرير القطاع. وأوضح اليماني أن القاعدة الحسابية التي كانت سارية قبل تحرير الأسعار تشير إلى أن سعر لتر الغازوال يجب ألا يتجاوز 9.06 درهم، وسعر لتر البنزين 10.67 درهم خلال النصف الأول من شهر يونيو الجاري. هذه الأسعار تأخذ بعين الاعتبار التكاليف الحقيقية، بما في ذلك أسعار المحروقات في السوق الدولية، وسعر صرف الدولار، وتكاليف التوزيع، والضرائب، وهامش ربح الموزعين. وأكد اليماني لـ"بلبريس" أن كل سنتيم يضاف إلى هذه الأسعار المحتسبة يمثل ربحًا إضافيًا غير مبرر للفاعلين في السوق، مشيرًا إلى أن الأرباح "الفاحشة" التي جناها هؤلاء تجاوزت 80 مليار درهم منذ نهاية عام 2015. كما انتقد اليماني انتشار تجارة "الديبووات" التي تبيع المحروقات بأسعار أقل بأكثر من درهم مقارنة بالمحطات الرسمية، متسائلاً عن مصدر هذه المنتجات وعن دور السلطات في مراقبة هذه السوق الموازية. وتساءل عن إجراءات الحكومة لمعالجة الاختلالات في قطاع المحروقات، خاصة بعد توقف إنتاج شركة سامير وتبعات تحرير الأسعار، معربًا عن استغرابه من تجاهل السلطات لمسائل الجودة والمخزون وانتشار التجارة غير المنظمة. وختم تصريحه بالتأكيد على أن المحروقات ليست سلعة عادية، بل تؤثر مباشرة على القدرة الشرائية للمواطنين وعلى الاقتصاد الوطني، داعيًا إلى سياسة أكثر شفافية ورقابة صارمة لضبط السوق وحماية المستهلكين.


بلبريس
منذ يوم واحد
- بلبريس
تلاعبات في 'أوراش' تقود إلى متابعة رئيس جمعية بإمنتانوت
بلبريس - ليلى صبحي أنهى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بإمنتانوت التحقيقات التمهيدية في ملف يهم شبهة تبديد أموال عمومية مرتبطة بتمويل مشروع ضمن البرنامج الحكومي 'أوراش'، بعدما شملت الأبحاث رئيس جمعية محلية ورئيس جماعة ترابية بالمنطقة. وحسب ما أوردته يومية 'الصباح'، فإن النيابة العامة خلصت إلى تكييف الأفعال موضوع الشكاية على أساس جنح وليس جنايات، ما دفعها إلى إحالة الملف على الجهة المختصة بالمحكمة الابتدائية، حيث تقرر عقد أولى الجلسات بتاريخ 23 يونيو الجاري. وبينما تم توجيه تهمة خيانة الأمانة لرئيس الجمعية، ومتابعته في حالة سراح مقابل أداء كفالة مالية قدرها 15 ألف درهم، تقرر عدم متابعة رئيس الجماعة في هذا الملف، مع الإشارة إلى أنه يواجه ملفات أخرى تتعلق بتدبيره لمصالح الجماعة الترابية التي يرأسها. وتعود فصول القضية، بحسب 'الصباح'، إلى شكاية تقدم بها محامٍ نيابة عن موكله، تتضمن اتهامات لرئيس الجمعية بتبديد دعم مالي قدره 200 ألف درهم، خُصص له في إطار برنامج 'أوراش' بهدف خلق 20 منصب شغل مؤقت لفائدة شباب الجماعة. غير أن التحقيقات كشفت عن وجود تلاعبات خطيرة في لوائح المستفيدين، تضمنت أسماء أقارب ومعارف من خارج المدينة، بينهم ابنه وشقيقه المقيمان بكل من كلميم والعيون، واللذين استفادا من تعويضات مالية دون قيامهما بأي عمل فعلي. كما تضمنت الشكاية اتهامات لرئيس الجماعة باستغلال البرنامج في توظيف عدد من المستفيدين للقيام بأشغال خاصة، من بينها بناء مسكن لقريب له، وهو ما يتعارض مع الأهداف الاجتماعية المسطرة في إطار دعم 'أوراش'. وقد استندت الشكاية، وفق ذات المصدر، إلى تصريحات شهود وأسماء مدونة ضمن لوائح العمال المفترض استفادتهم، بغية التحقق من مدى التزام المعنيين ببنود دفتر التحملات واستعمال الاعتمادات في محلها. هذا ومن المرتقب أن تتابع المحكمة أطوار هذه القضية خلال جلسات مقبلة، وسط ترقب من المتابعين المحليين لمسار هذه المحاكمة، وما قد تفضي إليه من مخرجات تخص تدبير الدعم العمومي وبرامج الإدماج الاجتماعي في عدد من الجماعات القروية.