مكرم أحمد الطراونة يكتب: منصات التعليم .. فوضى وعشوائية
قبل حوالي عشر سنوات، بدأت منصات التعليم الإلكترونية بالظهور في الأردن، ورغم أنها واجهت تحديات حقيقية في بداياتها، خصوصا في مسائل الانتشار وإثبات الجدية والمنافسة، إلا أنها سرعان ما حجزت مكانها في أولويات الطلبة، خصوصا طلبة المرحلة الثانوية، والتوجيهي تحديدا.
ورغم تحديات الشمول الرقمي والوصول إلى الإنترنت في بعض البيئات النائية في الأردن، إلا أن تجربة المنصات الإلكترونية استطاعت أن تسهم، وإلى حد كبير، في ردم فجوة العدالة في التعليم، من حيث الحصول على تعليم جيد لجميع الطلبة، وبالتساوي، في وقت كان ينحصر فيه هذا النوع من التعليم في العاصمة عمان، وبعض المدن، إضافة إلى المدارس الخاصة المصنفة من الدرجة الأولى أو الثانية.
المنصات الرقمية، استطاعت استقطاب معلمين جيدين، وأتاحت تعليما جيدا للجميع، وبأسعار معقولة، أقل بكثير من كلف الدروس الخصوصية التي كانت رائجة كثيرا، والتي لم يكن هناك ما ينافسها سابقا ما جعل الإقبال عليها كبيرا.
رواج المنصات الرقمية بشكل كبير و"متفجر"، جاء متزامنا مع "أزمة كورونا" وما بعدها، بعد منح وزارة التربية والتعليم "شرعية" للتعلم عن بعد، فقد استطاعت المنصات أن توفر محتوى متنوعا، وفي جميع المساقات والتخصصات والمواضيع، ووفرت تقنيات تفاعلية عديدة، كاستخدام الفيديوهات، والاختبارات، وغيرها، لجعل التعلم أكثر جاذبية.
يضاف إلى هذا كله، أن المنصات أوجدت ما يمكن تسميته "المرونة" في الوقت والمكان، إذ يمكن للطلبة تلقي التعليم في أي وقت يناسبهم ومن أي مكان، فهم غير مقيدين بمكان وزمان معينين، ويمكن لهم جدولة التعلم حسب وقتهم. وربما القيمة الأكبر للمنصات، هي أنها دعمت التعلم الذاتي، ومنحت الطلبة التعليم حسب قدراتهم الفردية، وسرعتهم الخاصة، ما يعزز الفهم والاستيعاب.
هذا كله جيد وجميل، ويصب في مصلحة الطلبة وعملية التعليم ككل، ولكن لنعترف أن ممارسات عديدة صدرت عن تلك المنصات والمعلمين المنضويين تحتها، ما كان ينبغي لهم القيام بها، خصوصا أنهم يتصدون لعملية التعليم، ويدعون أن عملهم كله ينصب في خانة مصلحة الطلبة.
ورغم إقرار الحكومة نظام التعلّم الإلكتروني في المؤسسات التعليمية المدرسية لسنة 2024، في آذار (مارس) من العام الماضي، إلا أن ذلك لم يحل دون وجود فوضى في منصات التعليم، أولها أنها تحتكم إلى العشوائية، وتفتقر للتنظيم.
والمسألة الحساسة التي طرحتها هذه المنصات، وبعض المعلمين فيها، هو الادعاء الكبير بأنها بديل كامل عن مؤسسة التعليم الرسمية، وأنه يمكن الاكتفاء بها دون الحاجة لأي مرجعية أخرى، وهو ادعاء شائع سوف نعثر عليه بكل سهولة لو تصفحنا بعض تلك المنصات، ما يضرب بسمعة مؤسسة التعليم الرسمية الأردنية.
المنصات تتنافس فيما بينها، وقد أوجد هذا الأمر تباينا واضحا في جودة المادة المقدمة، خصوصا أن بعض التربويين صرحوا للإعلام أن نسبة من المشرفين على هذه المنصات ليسوا تربويين، وأن المحتوى الذي يتم تقديمه يشوبه العديد من الأخطاء.
نعلم أن المنصات تتنافس فيما بينها على الفوز بالطالب، ولكن ينبغي ألا يتم ذلك على حساب الطالب نفسه، خصوصا "الاستعراض" المقيت الذي يمارسه بعض معلميها، والذين يحاولون تسويق منتجهم بجميع الطرق، حتى أنهم يؤكدون بشكل قاطع لا مجال للشك فيه أنهم "يتوقعون الأسئلة"، وأنهم لا يمكن لهم أن يخطئوا، الأمر الذي أدى إلى إرباكات عديدة في امتحان التوجيهي، خصوصا العام الحالي، فقد ركن العديد من الطلبة لـ"تعهدات" هؤلاء المعلمين، ولم يستعدوا للامتحان بالشكل المطلوب.
منصات التعليم الإلكتروني بحاجة إلى ضبط رسمي، لكن قبل ذلك، فإن المنصات نفسها ومعلميها بحاجة إلى بعض التواضع، والاعتراف بأنهم ليسوا بديلا عن المدرسة ووزارة التربية والتعليم، بل هم مكملون لجهودها، وداعمون لعملية التعليم.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ 4 أيام
- سرايا الإخبارية
مكرم أحمد الطراونة يكتب: منصات التعليم .. فوضى وعشوائية
بقلم : قبل حوالي عشر سنوات، بدأت منصات التعليم الإلكترونية بالظهور في الأردن، ورغم أنها واجهت تحديات حقيقية في بداياتها، خصوصا في مسائل الانتشار وإثبات الجدية والمنافسة، إلا أنها سرعان ما حجزت مكانها في أولويات الطلبة، خصوصا طلبة المرحلة الثانوية، والتوجيهي تحديدا. ورغم تحديات الشمول الرقمي والوصول إلى الإنترنت في بعض البيئات النائية في الأردن، إلا أن تجربة المنصات الإلكترونية استطاعت أن تسهم، وإلى حد كبير، في ردم فجوة العدالة في التعليم، من حيث الحصول على تعليم جيد لجميع الطلبة، وبالتساوي، في وقت كان ينحصر فيه هذا النوع من التعليم في العاصمة عمان، وبعض المدن، إضافة إلى المدارس الخاصة المصنفة من الدرجة الأولى أو الثانية. المنصات الرقمية، استطاعت استقطاب معلمين جيدين، وأتاحت تعليما جيدا للجميع، وبأسعار معقولة، أقل بكثير من كلف الدروس الخصوصية التي كانت رائجة كثيرا، والتي لم يكن هناك ما ينافسها سابقا ما جعل الإقبال عليها كبيرا. رواج المنصات الرقمية بشكل كبير و"متفجر"، جاء متزامنا مع "أزمة كورونا" وما بعدها، بعد منح وزارة التربية والتعليم "شرعية" للتعلم عن بعد، فقد استطاعت المنصات أن توفر محتوى متنوعا، وفي جميع المساقات والتخصصات والمواضيع، ووفرت تقنيات تفاعلية عديدة، كاستخدام الفيديوهات، والاختبارات، وغيرها، لجعل التعلم أكثر جاذبية. يضاف إلى هذا كله، أن المنصات أوجدت ما يمكن تسميته "المرونة" في الوقت والمكان، إذ يمكن للطلبة تلقي التعليم في أي وقت يناسبهم ومن أي مكان، فهم غير مقيدين بمكان وزمان معينين، ويمكن لهم جدولة التعلم حسب وقتهم. وربما القيمة الأكبر للمنصات، هي أنها دعمت التعلم الذاتي، ومنحت الطلبة التعليم حسب قدراتهم الفردية، وسرعتهم الخاصة، ما يعزز الفهم والاستيعاب. هذا كله جيد وجميل، ويصب في مصلحة الطلبة وعملية التعليم ككل، ولكن لنعترف أن ممارسات عديدة صدرت عن تلك المنصات والمعلمين المنضويين تحتها، ما كان ينبغي لهم القيام بها، خصوصا أنهم يتصدون لعملية التعليم، ويدعون أن عملهم كله ينصب في خانة مصلحة الطلبة. ورغم إقرار الحكومة نظام التعلّم الإلكتروني في المؤسسات التعليمية المدرسية لسنة 2024، في آذار (مارس) من العام الماضي، إلا أن ذلك لم يحل دون وجود فوضى في منصات التعليم، أولها أنها تحتكم إلى العشوائية، وتفتقر للتنظيم. والمسألة الحساسة التي طرحتها هذه المنصات، وبعض المعلمين فيها، هو الادعاء الكبير بأنها بديل كامل عن مؤسسة التعليم الرسمية، وأنه يمكن الاكتفاء بها دون الحاجة لأي مرجعية أخرى، وهو ادعاء شائع سوف نعثر عليه بكل سهولة لو تصفحنا بعض تلك المنصات، ما يضرب بسمعة مؤسسة التعليم الرسمية الأردنية. المنصات تتنافس فيما بينها، وقد أوجد هذا الأمر تباينا واضحا في جودة المادة المقدمة، خصوصا أن بعض التربويين صرحوا للإعلام أن نسبة من المشرفين على هذه المنصات ليسوا تربويين، وأن المحتوى الذي يتم تقديمه يشوبه العديد من الأخطاء. نعلم أن المنصات تتنافس فيما بينها على الفوز بالطالب، ولكن ينبغي ألا يتم ذلك على حساب الطالب نفسه، خصوصا "الاستعراض" المقيت الذي يمارسه بعض معلميها، والذين يحاولون تسويق منتجهم بجميع الطرق، حتى أنهم يؤكدون بشكل قاطع لا مجال للشك فيه أنهم "يتوقعون الأسئلة"، وأنهم لا يمكن لهم أن يخطئوا، الأمر الذي أدى إلى إرباكات عديدة في امتحان التوجيهي، خصوصا العام الحالي، فقد ركن العديد من الطلبة لـ"تعهدات" هؤلاء المعلمين، ولم يستعدوا للامتحان بالشكل المطلوب. منصات التعليم الإلكتروني بحاجة إلى ضبط رسمي، لكن قبل ذلك، فإن المنصات نفسها ومعلميها بحاجة إلى بعض التواضع، والاعتراف بأنهم ليسوا بديلا عن المدرسة ووزارة التربية والتعليم، بل هم مكملون لجهودها، وداعمون لعملية التعليم.


جهينة نيوز
منذ 5 أيام
- جهينة نيوز
فى رسم وترسيم الدائره ؛
تاريخ النشر : 2025-07-02 - 09:57 am د. حازم قشوع عندما تعلم ان هناك من يرسم لك دائره لحيز قوامك فاحرص أن لا ينتهى رسم الدائرة بطريقه سريعه، فتكون عندها ضيقة و ستضع نفسك عند ذلك في حدود حركة محدودة، الأمر الذي يستوجب عليك الاجتهاد في رسمها حتى تكون حدود حركتك واسعة وكبيرة، وهذا ما يضع الأزمة فى دائرة الحل ولا يضعك في دائرة الأزمة وهي "الفلسفة السياسية" التي يمكنك إخراج نفسك من الأزمة نتيجة قدرتك على احتوائها، لكن العكس سيكون على غير ذلك إن كنت وضعت نفسك فى حدود الدائرة المحدودة الضيقة محدودة الحركة بما يجعلك أسيرا للحدث وليس الحدث أسيرا لك، وهذا ما يجعلك قادرا على تطويعه وخروجه من دائرتك الخاصه او العامه. وهى الوسيلة التى تم استخدمها في إيجاد حلول لمشاكل كانت كبيرة وبالغة التأثير وكان من الصعوبة التغلب عليها مثل أزمة كورونا او الكوفيد 19 التي واجهتها دول العالم وكانت عندئذ تجهل ما فيها، لكنها ذهبت للتعامل معها وفق استراتيجيات عمل التشابك الضمني حتى جعلت من الأزمة في متناول اليد والمشكله يمكن تطويعها، مع ان الازمه كانت كبيره جدا لدرجه ان معظم المجتمعات كانت لا تمتلك معلومات صحية ولا من حيث السلامة العامة للتعاطي مع هذه الأزمة لا فى باب العلوم الوقائية ولا فى بحر العلوم العلاجية، وهذا ما جعل مسالة التعاطي مع هذه الكارثة البيولوجية تشكل أزمة عميقة كونها سقطت على البشرية بسقوط حر كان يصعب استدراكها بطريقة نمطية أو باستخدام الوسائل الصحية الوقائيه المتوفرة، الى حين وصول العلوم المعرفية لاكتشافات تفيد تطبيق منظومة الاحتراز الوقائية او الوصول الى طريق علاج تضم عودة الأمور إلى طبيعتها العادية. وهذا ما جعل من الحلول فى البداية تقوم على الإجراءات الاحترازية التى تعمل للتخفيف من وطأة انتشار هذا الوباء ليتم من بعد ذلك حوصلته، وهذا ما كان يفيد من مسالة كسب الوقت حتى استطاعت مراكز صنع القرار فى العالم من التوصل لإجراءات طبيه وصحيه وقائية على أدنى تقدير وليست علاجية كما هو مأمول، بحيث تعمل هذه الحلول الوقائية على حماية البشرية من انتشار هذا الوباء والعمل على إيجاد مطعوم وقائي يعيد شريان مسالة الاجتماعات والتواصل الوجاهي من جديد تمهيدا لعودة الحياة إلى طبيعتها. وهي الدوافع التي جعلت من البشرية تعيش فى دائرة مفتوحة يتحرك فيها الجميع بمزيد من التنسيق والمشاركة من أجل الخروج من هذا التحدى الذى أوقف شرايين المعيشة في الكثير من مجالات الحياة، حتى توصلت البشرية في نهاية الأمر الى لقاحات وقائية لم تحسب نتائج تأثيرها حسب الأصول الطبية لتعود البشرية من جديد للتحرك الإيجابي والحراك السلبي إيذانا بعودة الحياة، وتدخل البشرية بعد هذه الصفحه فى حروب ظاهرها تقليدي كما شرق أوروبا وشرق المتوسط وباطنها عنوانه التسابق المعرفي ترسمها علاقة التضاد القائمة على الجيل الخامس برمزية "تك توك" الذى مازال البيت الأبيض يراهن على شرائه حتى لا يضع نفسه في الدائرة المعرفية الضيقه. لكن هذه الازمة ربما يتبعها أزمات قد تطال الابتعاد عن القيم الإنسانية التى حملتها الاديان السماوية، وأخرى لها علاقة بالمتغيرات المناخية التى قد تؤدى الى انهاء مسألة الإنحباس الضمني في المحيط المتجمد الشمالي وما سيتبعه من مآلاتها بيولوجية، وثالثة تتعلق بالهجرة الطوعية والتهجير القسرى وما ستحدثه من مغيرات اجتماعية، هذا إضافة إلى أزمات أخرى تتعلق بالعلوم المعرفية الخاصة بالذكاء الاصطناعي وتقديرات وصول العلوم المعرفية إلى أبعاد الجيل السادس وما يحمله هذا الجيل من متغيرات في إطار تسارع حركة الزمكان. وهي مسائل كلها تمتلك تحديات كبيرة من المهم بيان حالها أو الوقوف على ما تحمله من تبعات، وهذا ما يجعل الدول الاستهلاكية تتساءل عن الكيف التى سيتم فيها التعاطي مع المجهول أو الكيفية التى يمكن معها لهذه المجتمعات غير الصناعية وغير المعرفية من استدراك موضوعي لمجهول تجهله فى ظل حالة الاستخلاص الذي بينتها ظاهرة كوفد 19 على سبيل المثال، عندما اظهرت ان حياة البشرية كانت تمتلكها شركتين إحداهما صينيه والأخرى أمريكية لصناعة اللقاحات الوقائية حتى تمكنت هذه الشركات من تقديم لقاح من شأنه التخفيف من الأعراض وليس بإيجاد علاجات شافية، لتبقى البشرية تدور فى دائرة إدارة الأزمة وليس حلها. وهو البيان الذى من شأنه في النتيجة العامة من الحد من انتشار هذا الوباء بالحوصلة الضمنية فى المجتمعات ذات الحدود المعرفية الضيقة والتى راحت لتدخل نفسها في دائرة علمية محدودة تقوم على التعاطي مع المتغير بطريقه تقليديه وليس بطريقة استدراكية، الأمر الذي سيجعلها تستكين لما سيحدث ونسيت ما تعرضت له من أحداث وما رافقها من أعراض، وهذا ما جعلها تبتعد عن ظروف اعادة إنتاج قوامها لاستدراك المتغير القادم لكن بحله جديده والذي سيأتي بطريقة مباغته كما تشير القراءات ومن دون سابق إنذار، تماما كما حدث فى أزمة كوفيد فى عهد ترامب الأول وذلك بعد طي الصفحة الحالية مرحليا بالتزامن مع زيارة الملك عبدالله و نتنياهو لامريكا لبيان طريقة الحسم استعدادا لإنهاء مرحلة وتهيئة الجميع للدخول فى برنامج الدائره القطبيه القادمة وما ستحمله من تحديات، وهو ذات البرنامج الذي أجده بحاجة لاستدراك حسب ما وصف ذلك أحد السياسيين لبيان مآلات الأحداث عبر تشبيه القادم من أحداث بأجواء رسم وترسيم الدائره القادمة. تابعو جهينة نيوز على


أخبارنا
منذ 5 أيام
- أخبارنا
د. حازم قشوع يكتب : فى رسم وترسيم الدائره
أخبارنا : د. حازم قشوع عندما تعلم ان هناك من يرسم لك دائره لحيز قوامك فاحرص أن لا ينتهى رسم الدائرة بطريقه سريعه، فتكون عندها ضيقة و ستضع نفسك عند ذلك في حدود حركة محدودة، الأمر الذي يستوجب عليك الاجتهاد في رسمها حتى تكون حدود حركتك واسعة وكبيرة، وهذا ما يضع الأزمة فى دائرة الحل ولا يضعك في دائرة الأزمة وهي "الفلسفة السياسية" التي يمكنك إخراج نفسك من الأزمة نتيجة قدرتك على احتوائها، لكن العكس سيكون على غير ذلك إن كنت وضعت نفسك فى حدود الدائرة المحدودة الضيقة محدودة الحركة بما يجعلك أسيرا للحدث وليس الحدث أسيرا لك، وهذا ما يجعلك قادرا على تطويعه وخروجه من دائرتك الخاصه او العامه. وهى الوسيلة التى تم استخدمها في إيجاد حلول لمشاكل كانت كبيرة وبالغة التأثير وكان من الصعوبة التغلب عليها مثل أزمة كورونا او الكوفيد 19 التي واجهتها دول العالم وكانت عندئذ تجهل ما فيها، لكنها ذهبت للتعامل معها وفق استراتيجيات عمل التشابك الضمني حتى جعلت من الأزمة في متناول اليد والمشكله يمكن تطويعها، مع ان الازمه كانت كبيره جدا لدرجه ان معظم المجتمعات كانت لا تمتلك معلومات صحية ولا من حيث السلامة العامة للتعاطي مع هذه الأزمة لا فى باب العلوم الوقائية ولا فى بحر العلوم العلاجية، وهذا ما جعل مسالة التعاطي مع هذه الكارثة البيولوجية تشكل أزمة عميقة كونها سقطت على البشرية بسقوط حر كان يصعب استدراكها بطريقة نمطية أو باستخدام الوسائل الصحية الوقائيه المتوفرة، الى حين وصول العلوم المعرفية لاكتشافات تفيد تطبيق منظومة الاحتراز الوقائية او الوصول الى طريق علاج تضم عودة الأمور إلى طبيعتها العادية. وهذا ما جعل من الحلول فى البداية تقوم على الإجراءات الاحترازية التى تعمل للتخفيف من وطأة انتشار هذا الوباء ليتم من بعد ذلك حوصلته، وهذا ما كان يفيد من مسالة كسب الوقت حتى استطاعت مراكز صنع القرار فى العالم من التوصل لإجراءات طبيه وصحيه وقائية على أدنى تقدير وليست علاجية كما هو مأمول، بحيث تعمل هذه الحلول الوقائية على حماية البشرية من انتشار هذا الوباء والعمل على إيجاد مطعوم وقائي يعيد شريان مسالة الاجتماعات والتواصل الوجاهي من جديد تمهيدا لعودة الحياة إلى طبيعتها. وهي الدوافع التي جعلت من البشرية تعيش فى دائرة مفتوحة يتحرك فيها الجميع بمزيد من التنسيق والمشاركة من أجل الخروج من هذا التحدى الذى أوقف شرايين المعيشة في الكثير من مجالات الحياة، حتى توصلت البشرية في نهاية الأمر الى لقاحات وقائية لم تحسب نتائج تأثيرها حسب الأصول الطبية لتعود البشرية من جديد للتحرك الإيجابي والحراك السلبي إيذانا بعودة الحياة، وتدخل البشرية بعد هذه الصفحه فى حروب ظاهرها تقليدي كما شرق أوروبا وشرق المتوسط وباطنها عنوانه التسابق المعرفي ترسمها علاقة التضاد القائمة على الجيل الخامس برمزية "تك توك" الذى مازال البيت الأبيض يراهن على شرائه حتى لا يضع نفسه في الدائرة المعرفية الضيقه. لكن هذه الازمة ربما يتبعها أزمات قد تطال الابتعاد عن القيم الإنسانية التى حملتها الاديان السماوية، وأخرى لها علاقة بالمتغيرات المناخية التى قد تؤدى الى انهاء مسألة الإنحباس الضمني في المحيط المتجمد الشمالي وما سيتبعه من مآلاتها بيولوجية، وثالثة تتعلق بالهجرة الطوعية والتهجير القسرى وما ستحدثه من مغيرات اجتماعية، هذا إضافة إلى أزمات أخرى تتعلق بالعلوم المعرفية الخاصة بالذكاء الاصطناعي وتقديرات وصول العلوم المعرفية إلى أبعاد الجيل السادس وما يحمله هذا الجيل من متغيرات في إطار تسارع حركة الزمكان. وهي مسائل كلها تمتلك تحديات كبيرة من المهم بيان حالها أو الوقوف على ما تحمله من تبعات، وهذا ما يجعل الدول الاستهلاكية تتساءل عن الكيف التى سيتم فيها التعاطي مع المجهول أو الكيفية التى يمكن معها لهذه المجتمعات غير الصناعية وغير المعرفية من استدراك موضوعي لمجهول تجهله فى ظل حالة الاستخلاص الذي بينتها ظاهرة كوفد 19 على سبيل المثال، عندما اظهرت ان حياة البشرية كانت تمتلكها شركتين إحداهما صينيه والأخرى أمريكية لصناعة اللقاحات الوقائية حتى تمكنت هذه الشركات من تقديم لقاح من شأنه التخفيف من الأعراض وليس بإيجاد علاجات شافية، لتبقى البشرية تدور فى دائرة إدارة الأزمة وليس حلها. وهو البيان الذى من شأنه في النتيجة العامة من الحد من انتشار هذا الوباء بالحوصلة الضمنية فى المجتمعات ذات الحدود المعرفية الضيقة والتى راحت لتدخل نفسها في دائرة علمية محدودة تقوم على التعاطي مع المتغير بطريقه تقليديه وليس بطريقة استدراكية، الأمر الذي سيجعلها تستكين لما سيحدث ونسيت ما تعرضت له من أحداث وما رافقها من أعراض، وهذا ما جعلها تبتعد عن ظروف اعادة إنتاج قوامها لاستدراك المتغير القادم لكن بحله جديده والذي سيأتي بطريقة مباغته كما تشير القراءات ومن دون سابق إنذار، تماما كما حدث فى أزمة كوفيد فى عهد ترامب الأول وذلك بعد طي الصفحة الحالية مرحليا بالتزامن مع زيارة الملك عبدالله و نتنياهو لامريكا لبيان طريقة الحسم استعدادا لإنهاء مرحلة وتهيئة الجميع للدخول فى برنامج الدائره القطبيه القادمة وما ستحمله من تحديات، وهو ذات البرنامج الذي أجده بحاجة لاستدراك حسب ما وصف ذلك أحد السياسيين لبيان مآلات الأحداث عبر تشبيه القادم من أحداث بأجواء رسم وترسيم الدائره القادمة.