
ما المنشآت الحيوية التي استهدفتها "الدعم السريع" في بورتسودان؟
تعرّضت 6 مناطق حيوية في مدينة بورتسودان شرقي السودان، الليلة الماضية، للقصف بمسيّرات، في تصعيد متواصل تشهده المدينة لليوم الثالث، وسط اتهامات ل قوات الدعم السريع بتنفيذ الهجمات التي أدت لانقطاع التيار الكهربائي وتعليق الرحلات الجوية.
وأظهرت خريطة لوكالة سند للرصد والتحقق الإخباري في شبكة الجزيرة، توزّع الهجمات على 6 مناطق ومنشآت حيوية، وبلغ محيط الاستهداف للمواقع الستة نحو 32 كيلومترا.
وشملت الأهداف التي تعرضت لأضرار جراء الهجمات: محطة كهرباء ميناء بشائر 2، ومحيط مطار بورتسودان الدولي، ومستودعات شركة النيل للبترول، وقاعدة فلامنغو العسكرية، وفندق كورال، بالإضافة إلى قصر الضيافة الحكومي.
من جهتها، أعلنت شركة كهرباء السودان عن استهداف محطة التحويل الكهربائية في بورتسودان بمسيّرات صباح اليوم، مما أدى إلى انقطاع تام للتيار الكهربائي، متهمة الدعم السريع بالوقوف وراء الهجوم.
وقالت الشركة، في بيان، إن ما حدث "يعد جزءا من استهداف ممنهج ومتكرر لمحطات الكهرباء"، وأشارت إلى أن ذلك ينعكس سلبا على خدمات المياه والصحة وغيرها من الخدمات الحيوية.
كما أعلنت سلطة الطيران المدني السودانية عن تعليق الرحلات الجوية من وإلى مطار بورتسودان الدولي حتى الساعة الخامسة مساء اليوم بالتوقيت المحلي، دون تقديم تفاصيل إضافية.
وأفادت تقارير إعلامية بتصاعد سُحب كثيفة من الدخان الأسود في سماء مدينة بورتسودان بعد الهجوم.
ووصف وزير الطاقة والنفط بالحكومة السودانية محيي الدين سعيد الهجوم بأنه "عملية إرهابية" تستهدف بنية تحتية مدنية، خاصة أن مستودعات بورتسودان تمد شمالي البلاد وشرقيها بالوقود، وهي مساحات شاسعة يسيطر عليها الجيش.
وفي وقت سابق اتّهمت السلطات السودانية قوات الدعم السريع بشن هجوم بمسيّرات على بورتسودان، المقر المؤقت للحكومة السودانية.
وتقع المستودعات على بُعد نحو 20 كيلومترا جنوب مدينة بورتسودان التي نزح إليها مئات الآلاف من المدنيين منذ بدء الحرب، كما انتقل إليها موظفو الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة العاملة في السودان.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
هل ينجح كامل إدريس في فتح الأفق السياسي بالسودان؟
الخرطوم- بعد أكثر من عامين من اندلاع الحرب في السودان ، لا يزال الانقسام والاستقطاب السياسي يُخيِّم على المشهد الداخلي، ويتوقع مراقبون أن يسعى رئيس الوزراء كامل الطيب إدريس المعين حديثًا، إلى توافق بين الفرقاء يسهم في حل الأزمة بالبلاد كما فعل سابقا، رغم صعوبة ذلك. ولم يكن الموظف الأممي كامل إدريس معروفا في الأوساط السياسية في بلاده، إلا بعد قيادته مبادرة للتوسط في الأزمة السودانية منتصف تسعينيات القرن الماضي، حيث جمع في جنيف بين الشيخ حسن الترابي عرّاب نظام حكم الرئيس السابق عمر البشير والراحل الصادق المهدي زعيم حزب الأمة ، وأبرز معارضي الحكومة آنذاك ولم يحقق اللقاء اختراقًا سياسيًا. ثم قاد إدريس مساعي لتحقيق مصالحة بين الفرقاء السودانيين عبر خطوات لبناء الثقة وإصلاح المناخ السياسي قبل أن يترشح لرئاسة السودان عام 2010. ورحّبت الأمم المتحدة و الاتحاد الأفريقي و الجامعة العربية بتعيين إدريس رئيسًا للوزراء، وعدت ذلك خطوة لاستعادة النظام الدستوري والحكم الديمقراطي في السودان، كما رحّبت به القوى السياسية المساندة للجيش. وبذَل الاتحاد الأفريقي جهودًا لتقريب مواقف الفرقاء السودانيين للتوافق على ترتيبات لعقد مؤتمر حوار سوداني- سوداني، لكن 3 جولات من مشاورات شملت الكتل والقوى السياسية لم تحقق تقدمًا. كما استضافت القاهرة مؤتمرًا للقوى السودانية في يوليو/تموز الماضي، ضم أطراف المشهد السياسي تحت سقف واحد لأول مرة، وصدر بيان في نهاية المؤتمر تحفّظت عليه بعض القوى. وساعدت ديناميات الحرب في تفكيك التحالفات وبناء أخرى جديدة، حيث تكتلت القوى المساندة للجيش في تحالف ضم قوى سياسية ومجتمعية عقد في بورتسودان في فبراير/شباط الماضي، وتبنّى رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وثيقة مشروع وطني أقرّها المؤتمر. وأدى تبني فصائل الجبهة الثورية وشخصيات، في تحالف تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم)، تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع إلى حل التحالف وميلاد تكتل جديد في 10 فبراير/شباط الماضي تحت اسم التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) واختار عبد الله حمدوك رئيسا له. وفي المقابل، اختارت قوات الدعم السريع وفصائل عسكرية وتنظيمات سياسية تحالفا جديدا نشأ في العاصمة الكينية نيروبي في فبراير/شباط الماضي، وأطلقت عليه اسم "تحالف السودان التأسيسي" وأقرت تشكيل حكومة موازية. وعقد تحالف "صمود" اجتماعا للأمانة العامة والآلية السياسية في العاصمة الأوغندية كمبالا برئاسة حمدوك اختتِم أمس السبت، وأقرّ الاجتماع رؤية تمنح الأولوية لإيقاف الحرب. وقال في بيان له إن "السعي لتحقيق الشرعية من قبل سلطة بورتسودان والتنافس عليها بتشكيل حكومات بواسطة الدعم السريع وحلفائه، أمر لا يخاطب الأولويات ولا يستجيب إلى احتياجات السودانيين". كما قرر الاجتماع التواصل مع كافة الأطراف لإطلاق عملية سياسية عبر مائدة مستديرة تقود إلى توحيد المواقف لإيقاف الحرب واعتماد خيار الحوار، والتوافق على مشروع وطني يطوي صفحة الحروب ويحافظ على وحدة السودان ويؤسس لدولة مدنية ديمقراطية. ويرى عضو الأمانة العامة لتحالف "صمود" ياسر عرمان، في منشور له، أن تعيين كامل إدريس على أساس الوثيقة الدستورية الجديدة يجعل منه موظفًا عند العسكر ولا سلطة له، "وهو ليس برئيس وزراء مدني بل هو رئيس وزراء حرب" على حد تعبيره. الفرص محدودة وعن فرص تحقيق توافق بين القوى السياسية، يعتقد الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم الصديق، أن تحقيق توافق كلي بين الفرقاء السياسيين صعب، لأن روح التنافس السياسي سائدة وراجحة، والأهم وضع القضايا الوطنية الكبرى في صدارة الاهتمامات ومشاركة الجميع وفق طاقاتهم ومنظورهم. ويقول الصديق للجزيرة نت إن التحدي هو مقدرة رئيس الوزراء إدريس على تقديم خطة جامعة تتوافق عليها القوى السياسية والمجتمعية. ويقترح أن يطرح إدريس برنامج وخطة عمل ودعوة الجميع للمشاركة فيها، تشمل وحدة واستقرار البلاد وإعادة الإعمار وعودة النازحين واللاجئين وإعلاء مؤسسات العدالة والقانون قبل الذهاب إلى انتخابات تحتكم فيها القوى السياسية للشعب. أما الباحث والمحلل السياسي خالد سعد، فيرى أن فرصة إدريس لتحقيق توافق وطني محدودة ما لم يتمكن من تجاوز التصورات حول كونه طرفا سياسيا وليس غطاء لمشروع عسكري تديره القيادة العسكرية بشكل مستقل أو بتحالف سياسي. ويقول سعد للجزيرة نت إن تاريخ إدريس كوسيط بين الفرقاء لا يمكن الاعتماد عليه نتيجة لحدوث متغيرات عميقة في المشهد، أبرزها أن التسوية صارت مرتبطة بوقف الحرب، كما تزداد الاستقطابات وتتعمق الانقسامات، حيث تصنع الحرب دينامية جديدة تجعل الأطراف أكثر تمسكًا بمواقفهم وأقل استعدادا لتقديم تنازلات. ويذهب إلى أن الطرف المتقهقر عسكريًا في الحرب يتمترس في مواقفه خشية فقدان توازن القوى في المساومات السياسية، ويبحث عن بدائل سياسية، كما ظهر في نشأة تحالف "تأسيس" الذي يعكس تشكل قوى سياسية مرتبطة بالحرب، مما يعقّد المشهد السياسي ويضيف أبعادا جديدة لأي تسوية مستقبلية.


الجزيرة
منذ 10 ساعات
- الجزيرة
30 شهيدا بغزة وتحذير أممي من كارثة مدمرة بسبب نقص الغذاء
أفادت مصادر طبية للجزيرة باستشهاد 30 فلسطينيا في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر اليوم الأحد، وفي الوقت نفسه تتواتر التحذيرات من تفاقم الكارثة في حال عدم إيصال المساعدات إلى الفلسطينيين المحاصرين. واستهدفت موجة جديدة من الغارات عدة مناطق في غزة من بيت لاهيا شمالا إلى خان يونس جنوبا. واستشهد 3 وأصيب آخرون في استهدفت تجمعا لفلسطينيين في منطقة مشروع بيت لاهيا. وتعرضت منطقة جباليا النزلة القريبة لغارات أسفرت إحداها عن استشهاد الصحفي حسان مجدي أبو وردة مديرِ وكالة "برق غزة" مع عدد من أفراد عائلته. وبذلك ارتفع عدد الشهداء الصحفيين إلى 220 منذ بداية حرب إسرائيل على غزة. وفي مدينة غزة استهدفت مسيّرة إسرائيلية مركبة مدنية عند دوار أبو مازن جنوب غرب المدينة مما أسفر عن شهيد ومصابين. وبالتزامن مع ذلك، تعرض المناطق الشرقية للمدينة، بما فيها حي الشجاعية ، لقصف جوي ومدفعي، وترافق ذلك مع عمليات نسف جديدة للمباني في حي التفاح المجاور من قبل قوات الاحتلال المتوغلة في تلك المناطق. وفي تطورات ميدانية أخرى، شيع فلسطينيون 5 شهداء من عائلة أبو عمرة في دير البلح وسط قطاع غزة، وقال مراسل الجزيرة إن الشهداء الخمسة، وهم 4 شبان ورجل مسن، استهدفتهم مسيّرة إسرائيلية عندما كانوا جالسين أمام منزلهم. كما ساتشهد فلسطيني وأصيب آخرون إثر قصف مسيّرة مسيرة نقطة شحن هواتف بمنطقة الحكر جنوب دير البلح. وقبل ذلك، استهدفت غارة إسرائيلية خيمة تؤوي نازحين في المدينة نفسها مما أسفر عن استشهاد 5 فلسطينيين من عائلة واحدة بينهم طفلان. وفي مخيم النصيرات القريب، شُيع من مستشفى العودة جثمان الشهيد أشرف أبو نار مدير العمليات في الدفاع المدني بغزة والذي استشهد مع زوجته في غارة إسرائيلية على منزلهما. وفي جنوب القطاع، قال مراسل الجزيرة إن الجيش الإسرائيلي كثف القصف الجوي والمدفعي على الأحياء الجنوبية والشرقية من خان يونس، بينما شهدت بلدة القرارة عمليات نسف لعدة منازل بالتزامن مع مواصلة قوات الاحتلال توغلها في البلدة. شيّع أهالي خان يونس جنوب قطاع غزة جثمان فلسطيني استشهد في غارة إسرائيلية على بلدة عبسان شرقي المدينة. وكانت إسرائيل استأنفت العداون على غزة في 18 مارس/آذار الماضي، ومنذ ذلك الوقت استشهد نحو 3800 فلسطيني وأصيب ما يقرب من 11 ألفا، بحسب بيانات وزارة الصحة في القطاع. على الصعيد الإنساني، قال برنامج الغذاء العالمي إن العائلات في غزة لا تزال على شفا المجاعة ووصف ما دخل حتى الآن إلى القطاع من المساعدات بأنه نقطة في محيط. وقالت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية للبرنامج التابع للأمم المتحدة لشبكة "سي بي إس" الأميركية، إن هناك حاجة إلى دخول الغذاء إلى غزة لتجنب "كارثة مدمرة". وأضافت ماكين أن الوضع في غزة كارثة، وأن شاحنات المساعدات التي دخلت للقطاع ليست سوى قطرة في بحر، مشيرة إلى وجود نصف مليون شخص داخل غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد. وقالت المسؤولة الأممية إنه لا توجد أي خطة إنسانية لإغاثة المحاصرين، مؤكدة أن المنظمة لم تشاهد أدلة على أن حركة حماس تستولي المساعدات الإنسانية. من جانبها، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن تدفق المساعدات بشكل مستمر وفعّال إلى قطاع غزة هو السبيل الوحيد لمنع تفاقم الكارثة الإنسانية الحالية. وأضافت الوكالة أن الحد الأدنى المطلوب يتراوح بين 500 و600 شاحنة مساعدات يوميًا، تديرها الأمم المتحدة، بما فيها الأونروا. وفي السياق، قالت مسؤولة الإعلام والاتصالات في منظمة أوكسفام غادة الحداد للجزيرة إن إسرائيل اتبعت سياسة التجويع كسلاح في حربها على غزة، مشيرة إلى أن كثيرا من التقارير ترد عن أطفال منهكين ومتعبين بسبب المعاناة من سوء التغذية. وأمس استشهد الطفل مصطفى ياسين (4 سنوات) في مدينة غزة نتيجة مضاعفات حادة ناجمة عن سوء التغذية والجفاف في ظل انقطاع المساعدات الإنسانية ومنع دخول شاحنات الإغاثة إلى المدينة وشمالي القطاع منذ أسابيع. وتواترت في الآونة الأخيرة حالات وفاة الأطفال بسبب المضاعفات الناجمة عن التجويع الذي يتعرض له السكان في قطاع غزة. وبعد أكثر من 80 يوما من منع إدخال المساعدات والمواد الغذائية، سمحت إسرائيل مساء الأربعاء الماضي بوصول 92 شاحنة فقط محملة بالطحين والمكملات الغذائية إلى وسط القطاع وجنوبه، بيد أن الأغلبية الساحقة من الجائعين هناك لم يحصلوا على شىء منها. وتحت غطاء إنساني، تسعى إسرائيل لتنفيذ خطة تزعم أنها تضمن إيصال مساعدات إلى جنوب قطاع غزة، بيد أن الأمم المتحدة ترفض الخطة الإسرائيلية وتحذر من مخاطرها، إذ ستؤدي إلى تهجير الآلاف وتعرضهم للاستهداف، كما أنها لا تلبي احتياجات سوى عدد محدود من المحاصرين.


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
هل يفتح الاتحاد الأفريقي صفحة جديدة مع السودان؟
على هامش قمة الجامعة العربية في بغداد أثارت تصريحات لافتة أدلى بها رئيس المفوضية الأفريقية محمود علي يوسف أبدى فيها تفاؤله بانتصارات الجيش السوداني حالة من الجدل بشأن تغيرات محتملة في موقف المؤسسة القارية من طرفي الصراع ببلاد النيلين. وتأتي هذه التصريحات في لحظة مفصلية من الحرب السودانية أعقبت تغييرات كبيرة على المستوى الميداني بتقدم القوات المسلحة السودانية في العديد من المحاور الإستراتيجية، في ظل فشل المبادرات المختلفة للدفع نحو تسوية سلمية. علاقة متوترة طبع التوتر علاقة الاتحاد الأفريقي والسودان منذ انقلاب أكتوبر/تشرين الأول 2021، والذي تلاه تعليق الاتحاد عضوية السودان ، معتبرا ما حدث "تغييرا غير دستوري للسلطة". وقد جاء هذا القرار ضمن سياسة الاتحاد الأفريقي الصارمة تجاه الانقلابات العسكرية في القارة، حيث شدد على ضرورة العودة إلى المسار الانتقالي المدني كشرط أساسي لأي انخراط رسمي مع السلطات السودانية. ومع اندلاع الحرب في السودان في أبريل/نيسان 2022 تزايدت المبادرات الأفريقية لكبح جماحها، وبرز منها إعلان الاتحاد "خارطة طريق" لحل الأزمة السودانية في مايو/أيار 2023 تضمنت 6 محاور رئيسية، منها الوقف الشامل لإطلاق النار، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وبدء حوار سياسي شامل، واستعادة النظام الدستوري. كما شُكلت في يناير/كانون الثاني 2024 لجنة رفيعة المستوى معنية بالسودان ضمت 3 شخصيات أفريقية بارزة برئاسة الممثل السامي للاتحاد الأفريقي لإسكات السلاح الدكتور محمد بن شمباس. لكن أحد أبرز ملامح العلاقة بين الاتحاد الأفريقي والسودان شكّلها الخلاف الحاد بين الأخير ورئيس المفوضية الأفريقية السابق موسى فكي محمد الذي وصفت ورقة صادرة عن مجموعة الأزمات الدولية إدارته لاستجابة المفوضية للحرب في السودان بـ"الفوضوية". وفي هذا السياق، اتهم الجيش السوداني فكي والمفوضية بالانحياز لصالح أطراف معينة، خصوصا بعد لقاءات مثيرة للجدل بين مسؤولي الاتحاد ومستشارين لقوات الدعم السريع، مما فاقم التوتر وأدى إلى "حرب بيانات" بين الخارجية السودانية والاتحاد الأفريقي. ويرى محللون أن هذه الاتهامات أضعفت مصداقية الاتحاد الأفريقي لدى الحكومة السودانية، وأدت إلى تراجع التعاون مع مبادراته، كما انعكست على فعالية اللجنة الرفيعة المستوى التي أخفقت في تحقيق تقدم ملموس بملف إيقاف الحرب. سياق متغير التوتر وعدم الثقة اللذان وسما علاقة المفوضية الأفريقية والسودان بين خريف 2021 ومطلع العام الحالي كانا سببا رئيسيا وراء المفاجأة التي رافقت تصريحات لافتة أدلى بها رئيس المفوضية الأفريقية محمود علي يوسف في 19 مايو/أيار الجاري عقب لقاء جمعه بعضو مجلس السيادة الانتقالي ورئيس وفد السودان إلى قمة الجامعة العربية في بغداد إبراهيم جابر. وفي إفادته أكد يوسف أن السودان يعد القلب النابض للقارة الأفريقية، مضيفا "نحن نستبشر خيرا ونتفاءل كثيرا بأن القوات المسلحة السودانية بدأت تسيطر على مناطق كثيرة"، معربا عن أمله في أن يتمكن السودان من استعادة مكانته الطبيعية ضمن محيطه الإقليمي والدولي. ورغم ما أثارته هذه الكلمات من جدل فإنها تأتي متطابقة مع ما أدلى به يوسف في مؤتمر صحفي بعد زيارته بورتسودان في أكتوبر/تشرين الأول 2024، حيث صرح بأن الحرب الحالية "فُرضت على السودان من قبل التمرد"، وأن بوادر "انتصار القوات المسلحة السودانية الآن واضحة". ولا يمكن فصل التصريحات الأخيرة لرأس المفوضية الأفريقية عن سياق شهد تحولا نوعيا في العلاقة بين المؤسسة القارية والحكومة السودانية خلال الأشهر الأخيرة. وهو ما يعزى إلى مجموعة من العوامل يأتي في مقدمتها التغير الذي تم في أعلى هرم قيادة المفوضية الأفريقية في فبراير/شباط من هذا العام بتولي وزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف رئاسة المفوضية ونائبته الجزائرية سلمى مليكة الحدادي. وتمثل تصريحات يوسف في بورتسودان -التي زارها باعتباره وزيرا لخارجية بلاده- نقلة في موقف الأخيرة. وكان الرئيس الجزائري عبد العزيز تبون صرح خلال استقباله رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان في يناير/كانون الثاني 2025 بوقوف بلاده إلى جانب السودان لتجاوز الظروف الصعبة "ومواجهة قوى الشر"، في ما اعتبره العديد من المراقبين إشارة إلى قوات الدعم السريع وداعميها الخارجيين. وكانت أصداء هذا التغيير إيجابية في السودان، حيث صرح وزير الخارجية السوداني السابق علي يوسف الشريف بسعادة بلاده بفوز يوسف برئاسة المفوضية، ووصف هذا التغيير بأنه "مفيد للسودان". بدوره، أبدى مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة في زيارته لجيبوتي في مارس/آذار الماضي ثقة السودان في قدرة القيادة الجديدة لمفوضية الاتحاد الأفريقي على تصحيح مسار المفوضية والقيام بدورها في إيجاد الحلول للقضايا الأفريقية. هذا الانفتاح السوداني على القيادة الجديدة للمفوضية الأفريقية يعزوه مراسل الشؤون الدبلوماسية والإقليمية لصحيفة ستاندارد الكينية موانغي ماينا إلى سعي القيادة السودانية بعد سنوات من الغياب إلى إصلاح العلاقات واستعادة مكانتها في الإيغاد والاتحاد الأفريقي. مقاربة جديدة ويشير العديد من المراقبين إلى أن انتخابات المفوضية في فبراير/شباط الماضي لم تسفر عن قيادة جديدة فحسب، بل كذلك عن مقاربة مختلفة في التعاطي مع الأزمات الأفريقية، ومن ضمنها الحرب المستعرة في السودان. وتعد هذه المقاربة امتدادا لنقاش واسع بشأن كيفية وجدوى تعاطي الاتحاد الأفريقي مع دول الانقلابات من خلال الأدوات التقليدية كتعليق العضوية وفرض العقوبات، حيث تشير -على سبيل المثال- ورقة صادرة عن مجموعة الأزمات الدولية المرموقة إلى نجاعة هذا النهج في أوائل هذا القرن في عدد من الحالات، وهو ما تضاءلت احتمالاته بشكل كبير حاليا. وفي السياق السوداني، تأتي هذه المقاربة كجزء من تحرك إقليمي شامل من تجلياته موقف مجلس السلم والأمن الأفريقي المطالب بإعادة فتح مكتب الاتصال التابع للاتحاد الأفريقي في بورتسودان في أكتوبر/تشرين الأول 2024 على الرغم من استمرار تجميد عضوية السودان ورفض الاتحاد الأفريقي الاعتراف بسلطة الانقلاب. هذا البحث عن أدوات أكثر واقعية وفاعلية ترافق مع إعلان رئيس المفوضية عن رفض الاتحاد الأفريقي للتدخلات الخارجية في الشأن السوداني، وضرورة البناء على الحلول الأفريقية لأزمات القارة، مما يشير -وفق العديد من المحللين- إلى رغبة في دور أكبر للتكتل القاري بالملف السوداني. ويتناغم هذا مع تصريحات يوسف لصحيفة "ميل آند غارديان" والتي انتقد فيها إبان حملته نهج المفوضية تجاه السودان، والذي وصفه بـ"عدم النجاح"، موضحا أن الأزمة السودانية ستكون من أولوياته، إلى جانب ملفات أخرى في القارة. هذه الرغبة تأتي في أعقاب عدد من المتغيرات، من أبرزها التقدم الكبير للجيش السوداني الذي عبر يوسف عن سعادته به، وكذلك ما أشارت إليه الدكتورة منى عبد الفتاح في مقال من أهمية الاستقرار في السودان وتأثير موقعه على دول شمال وشرق أفريقيا، إضافة إلى دول حوض النيل. وهكذا، فقد تجلى التخوف الأفريقي من تحول الحرب السودانية إلى سيناريوهات أكثر تعقيدا في رفض مجلس السلم والأمن الأفريقي إعلان الحكومة الموازية في السودان في مارس/آذار الماضي، وهو ما اعتبرته وزارة الخارجية في بيان لها دعما "للشعب السوداني ومؤسساته الوطنية". وضمن هذا السياق يأتي إعلان يوسف عن بدء حوار مع المجلس السيادي السوداني، لبحث الأزمة السياسية وسبل عودة السودان إلى العضوية الكاملة في الاتحاد التي وضعها قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان شرطا للانخراط في مساعي الحلول الأفريقية. ورغم السجال الحاد بشأن من يملك شرعية تمثيل الخرطوم في المؤسسات القارية والدولية فإن تصريح يوسف في بغداد يحمل وزنا سياسيا كبيرا، فهو يعني ضمنيا أن الاتحاد الأفريقي يعترف بوجود سلطة شرعية، ويرفض الدعوات التي تطالب بالتعامل مع السودان كدولة فاقدة للشرعية أو مفتوحة للتدخل الخارجي. هذا التوجه يعضده تصريح لرئيس الآلية الأفريقية المعنية بالسودان محمد بن شمباس الذي أوضح في لقاء على الجزيرة مباشر أن المجلس السيادي هو "السلطة التي يعمل معها الاتحاد الأفريقي"، داعيا الشعب السوداني إلى بناء سلطة "أكثر شرعية" في البلاد عبر عملية انتقالية شاملة. وفي إشارة إلى تغيرات في تعاطي الاتحاد الأفريقي مع الأزمة السودانية، كشفت "سودان تريبون" في 21 مايو/أيار الجاري عن مصادر داخل الاتحاد عن ترتيبات جارية بين المفوضية والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) بمشاركة مسؤولين من الأمم المتحدة لإنشاء آلية جديدة للملف السوداني برئاسة "إيغاد". ردود فعل وتداعيات وأثارت تصريحات يوسف حالة من الجدل في الساحة السودانية، حيث اعتبرها البعض دعما للجيش السوداني وتعزيزا لشرعيته في مواجهة خصومه العسكريين والسياسيين. وعلى الضفة الأخرى، قوبلت التصريحات برفض صريح من قوات الدعم السريع التي اعتبرتها في بيان "انحيازا سافرا" و"خرقا لقيم الحياد والموضوعية" التي يجب أن يتحلى بها الاتحاد الأفريقي، ووصفتها بأنها محاولة لتجيير موقف الاتحاد لصالح الجيش السوداني، كما حذرت من مغبة استمرار المفوضية في هذا النهج، معتبرة أن ذلك يتناقض مع دور الاتحاد كوسيط محايد. ويشير مراقبون إلى أن هذه التصريحات قد تزيد تمسك الطرفين بمواقفهما، مما سيضيف المزيد من التعقيدات أمام الوساطة الأفريقية. ورغم أن تصريحات رئيس المفوضية الأفريقية تشير إلى مقاربة جديدة في التعاطي مع الأزمة السودانية فإن القرار النهائي بشأن رفع تجميد عضوية السودان يتخذ حصريا بواسطة مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي يربط هذه الخطوة بتحقيق انتقال ديمقراطي مدني، وليس من صلاحيات رئيس المفوضية أو حتى المفوضية مجتمعة اتخاذ هذا القرار بشكل منفرد.