
الصين لا تعوّل على الحلفاء في أي صراع محتمل حول تايوان
الولايات المتحدة تضغط على اليابان وأستراليا
لتوضيح دورهما في مثل هذه الحالة. وكان وكيل وزارة الدفاع الأميركية لشؤون السياسات، إلبريدج كولبي، قد دفع بهذه المسألة خلال محادثات جرت في الآونة الأخيرة مع مسؤولي الدفاع في كلا البلدَين. وذكر كولبي على منصة إكس (تويتر سابقاً)، أن وزارة الدفاع تركز على تنفيذ سياسة "أميركا أولاً" التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاستعادة الردع بما يتضمن "حثّ الحلفاء على
زيادة إنفاقهم الدفاعي
وغير ذلك من الجهود المتعلقة بدفاعنا الجماعي".
حلفاء الصين
في تعليقها على ذلك، اعتبرت وسائل إعلام صينية، أن الدول التي تقف إلى جانب الصين قليلة. وذكرت أن كوريا الشمالية هي الحليف الوحيد للصين بموجب معاهدة تاريخية. وتُلزم المعاهدة التي أُقرّت في عام 1961 الجانبين باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمواجهة أي دولة أو تحالف دول يهاجم أياً منهما. أيضاً وصفت باكستان بأنها الأخ الحديدي للصين. ولفتت تلك الوسائل إلى أنه نظراً لعلاقتها غير القابلة للإصلاح تقريباً مع الهند، قد تُفكر باكستان جدياً في الاستعانة بالصين من أجل المساعدة في
مواجهة الهند
في أسوأ السيناريوهات. ومع ذلك، اعتبرت وسائل إعلام صينية أن انضمام باكستان إلى حرب لمساعدة الصين ضد الولايات المتحدة، وهي مُقدِّم رئيسي للمساعدات لباكستان، أمرٌ مستبعدٌ للغاية. أيضاً أشارت إلى روسيا باعتبارها الشريك الاستراتيجي الأكثر فائدة للصين. ويتجلى تقارب البلدين في مناوراتهما الجوية والبحرية المنتظمة. ولكن لماذا قد تختار روسيا التورط في صراع في مضيق تايوان إذا لم تقدم الصين لها مساعدة عسكرية في حرب أوكرانيا؟
لين وي: الصين لديها الكثير من الحلفاء والأصدقاء لكنها لا تعول عليهم في أي حرب
وتتزامن هذه التساؤلات مع فشل التصويت على عزل نواب المعارضة الموالين للصين في برلمان تايوان، إذ رفض الناخبون في تايبيه، نهاية الأسبوع الماضي، حملة سحب الثقة الجماعية التي استهدفت نواب المعارضة في المجلس التشريعي التايواني، مما يمثّل انتكاسة كبيرة للزعيم التايواني وليام لاي تشينغ تي، وحزبه الديمقراطي التقدمي الحاكم، بينما يمنح حزب كومينتانغ فرصة في تعزيز حضوره وتأثيره في المشهد السياسي بالجزيرة. أيضاً يأتي ذلك عقب تصعيد الجيش الصيني مناوراته العسكرية حول تايوان، وتهديداته المباشرة والصريحة لقادة الجزيرة بالسحق في حال أصروا على فكرة الانفصال عن البر الرئيسي الصيني.
في السياق، يقول الباحث في معهد جيانغ شي للدراسات السياسية لين وي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الصين لديها الكثير من الحلفاء والأصدقاء سواء في محيطها أو في العالم الخارجي، لكنها لا تعول عليهم في أي حرب قد تخوضها من أجل استعادة تايوان، لأنها تدرك أن لكل دولة حساباتها الخاصة، وهي لا تجبر أحداً على الدخول في لعبة الاستقطاب بين القوى الكبرى. ويوضح بأن الصين هي الدولة الوحيدة التي لم توقع على اتفاقية دفاع مشترك مع أي دولة أخرى، وهذا يبرز العقلية الصينية التي لا تؤمن بالحروب ولا تسعى لها، وتدعو بشكل دائم ومتكرر إلى حل الخلافات بين الدول عبر قنوات الحوار. ولكن في الوقت نفسه، تعزز الصين قدراتها الدفاعية والهجومية، وقد تمكنت خلال العقد الأخير من تطوير ترسانتها العسكرية بما يتناسب مع الحروب العصرية القائمة على الكفاءة والقدرات التكنولوجية.
ولفت إلى أن الصين مع وصولها إلى هذا المستوى من التطور العسكري والتقني، لا تعول على أحد، ولا تربط أهدافها بمواقف دول أخرى. على سبيل المثال: في ما يتعلق بتايوان، حددت بكين مبكراً الخطوط الحمراء في هذه المسألة، وهي تعتبر أن إعلان الانفصال من قادة الجزيرة في أي وقت، يعد إيذاناً ببدء حرب لاستعادة تايوان بالقوة، بغض النظر عن من يدعمها أو يقف إلى جانبها.
في توضيح طبيعة التحالف بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية، يرى الباحث في الشأن الكوري بجامعة تايبيه الوطنية فيكتور وانغ، في حديث مع "العربي الجديد"، أن دعم الصين لكوريا الشمالية باعتبار الأولى شريان الحياة الاقتصادي لبيونغ يانغ في ظل تشديد الحصار وفرض العقوبات الأممية عليها بسبب برنامجها النووي، لا يعني بالضرورة أن تحرّك كوريا الشمالية جيشها للقتال إلى جانب الصين، وإن كانت الأخيرة قد فعلت ذلك في خمسينيات القرن الماضي، عندما أرسل الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ، جيشه للدفاع عن الشيوعيين ضد القوى الرأسمالية في الحرب الكورية (1950 ـ 1953).
فيكتور وانغ: الصين كان لديها تحفظ شديد على إرسال جنود كوريين شماليين للقتال إلى جانب الجيش الروسي
خلافات بكين وبيونغ يانغ
ويضيف وانغ أنه على الرغم من إشادة كلا البلدين بصداقتهما التاريخية في كل مناسبة، واعتبارها صداقة الدم، ولكن في الحقيقة هناك الكثير من الخلافات بين الجانبين، وغالباً ما تقع العلاقة بينهما فريسة للحسابات الداخلية والجيوسياسية، وكذلك المصالح الخاصة. وعادة ما تتجلى هذه الخلافات في مقاربة المسألة النووية في شبه الجزيرة الكورية، أيضاً الصين كان لديها تحفظ شديد على إرسال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، جنوده للقتال إلى جانب الجيش الروسي في حربه ضد أوكرانيا.
أما في ما يخص روسيا، فالأمر ببساطة قائم على مصالح استراتيجية لها علاقة بالحسابات الجيوسياسية، وبالرغم من متانة العلاقات بين بكين وموسكو لكنها لا ترتقي إلى حد الدفاع المشترك، الصين لم ترسل جيشها إلى روسيا، واكتفت بدعم نظام بوتين عبر القنوات الدبلوماسية والاقتصادية. ومع ذلك حافظت بكين على هامش من الحياد في بعض الملفات المتعلقة بالحرب. وبالطبع سوف تتصرف موسكو بالمثل في حال خاضت الصين حرباً لاستعادة تايوان.
يشار إلى أن تسجيلات صوتية مسرّبة منسوبة لترامب، حصلت عليها شبكة سي أن أن الأميركية، أخيراً، كشفت أنه هدّد الصين خلال حملته الانتخابية في أحد اللقاءات الخاصة التي عقدها مع عدد من كبار المتبرعين لحملته. وقال إنه وجّه تهديداً للرئيس الصيني شي جين بينغ، بأنه في حال أقدمت الصين على شنّ هجوم ضد تايوان، فإن الولايات المتحدة ستقصف بكين ردّاً على ذلك"، وأضاف: "أعتقد أنّني مجنون لكنّنا لم نواجه أي مشاكل".
تقارير دولية
التحديثات الحية
أميركا تجسّ نبض حلفائها حول تايوان: تجنّب مواجهة مباشرة مع الصين

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 16 ساعات
- العربي الجديد
"إكس" تجرد فرانشيسكا ألبانيز من علامة التوثيق الزرقاء
أزالت منصة إكس (تويتر سابقاً) شارة التوثيق الزرقاء من حساب المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيز المعروفة بانتقادها العلني لجرائم إسرائيل في قطاع غزة، بعد التماس قدمته منظمة UN Watch المناصرة للاحتلال التي تتخذ من جنيف مقراً لها. وجاء في الرسالة التي وجّهتها هذه المنظمة إلى مالك "إكس" إيلون ماسك وفريقه القانوني، في 31 يوليو/تموز الماضي، أن استمرار توثيق حساب ألبانيز يتعارض مع العقوبات الأميركية المفروضة عليها . ورضخت المنصة التي أزالت شارة التوثيق في 4 أغسطس/آب الحالي. وهلّل مدير UN Watch التنفيذي، هليل نوير، لهذه الخطوة التي وصفها بـ"الإنجاز الكبير"، وقال إن "إزالة علامة التوثيق توصل رسالة واضحة: من يدعم الإرهابيين ويستهدف مسؤولين أميركيين سيدفع الثمن". ومنذ اندلاع الحرب على غزة، برزت فرانشيسكا ألبانيز صوتاً أممياً مؤثراً في مواجهة الإبادة الجماعية التي مارستها ولا تزال إسرائيل في القطاع المحاصر والمنكوب. وكثيراً ما انتقدت، بلا تحفظ، الجرائم والمجازر الوحشية التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في غزة. تقارير دولية التحديثات الحية فرانشيسكا ألبانيز معاقبة أميركياً... قمع أي صوت منتقد لإسرائيل من جهتها، نددت واشنطن بما وصفته بـ"حملة حرب سياسية واقتصادية" ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، وفرضت، الشهر الماضي، عقوبات على ألبانيز، وذلك بعد حملة ضغط أميركية فاشلة لإجبار الهيئة الدولية على عزلها من منصبها. شملت العقوبات الأميركية تجميد أصول ألبانيز في الولايات المتحدة، ومنعها من دخول البلاد، وحظر التعامل المالي معها. UN Watch التي قادت الحملة ضدها، أكدت أنها ستواصل الضغط على المؤسسات الأميركية لضمان تنفيذ العقوبات بشكل كامل. وقال نوير في تصريحات نقلها الموقع الرسمي للمنظمة: "نُخطر كبرى الشركات الأميركية من هارفارد إلى بيبال، ومن إنستغرام إلى Airbnb، بضرورة قطع العلاقات معها. لا منصات، ولا دفعات مالية، ولا محاضرات. وسنواصل الضغط الإعلامي والقانوني".


العربي الجديد
منذ 3 أيام
- العربي الجديد
الصين لا تعوّل على الحلفاء في أي صراع محتمل حول تايوان
أثير الكثير من التكهنات أخيراً حول أي من القوى الفاعلة في منطقة المحيطين قد تتدخل في حال اندلاع حرب بين الصين والولايات المتحدة في مضيق تايوان، خصوصاً عقب تواتر تقارير بأن الولايات المتحدة تضغط على اليابان وأستراليا لتوضيح دورهما في مثل هذه الحالة. وكان وكيل وزارة الدفاع الأميركية لشؤون السياسات، إلبريدج كولبي، قد دفع بهذه المسألة خلال محادثات جرت في الآونة الأخيرة مع مسؤولي الدفاع في كلا البلدَين. وذكر كولبي على منصة إكس (تويتر سابقاً)، أن وزارة الدفاع تركز على تنفيذ سياسة "أميركا أولاً" التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاستعادة الردع بما يتضمن "حثّ الحلفاء على زيادة إنفاقهم الدفاعي وغير ذلك من الجهود المتعلقة بدفاعنا الجماعي". حلفاء الصين في تعليقها على ذلك، اعتبرت وسائل إعلام صينية، أن الدول التي تقف إلى جانب الصين قليلة. وذكرت أن كوريا الشمالية هي الحليف الوحيد للصين بموجب معاهدة تاريخية. وتُلزم المعاهدة التي أُقرّت في عام 1961 الجانبين باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمواجهة أي دولة أو تحالف دول يهاجم أياً منهما. أيضاً وصفت باكستان بأنها الأخ الحديدي للصين. ولفتت تلك الوسائل إلى أنه نظراً لعلاقتها غير القابلة للإصلاح تقريباً مع الهند، قد تُفكر باكستان جدياً في الاستعانة بالصين من أجل المساعدة في مواجهة الهند في أسوأ السيناريوهات. ومع ذلك، اعتبرت وسائل إعلام صينية أن انضمام باكستان إلى حرب لمساعدة الصين ضد الولايات المتحدة، وهي مُقدِّم رئيسي للمساعدات لباكستان، أمرٌ مستبعدٌ للغاية. أيضاً أشارت إلى روسيا باعتبارها الشريك الاستراتيجي الأكثر فائدة للصين. ويتجلى تقارب البلدين في مناوراتهما الجوية والبحرية المنتظمة. ولكن لماذا قد تختار روسيا التورط في صراع في مضيق تايوان إذا لم تقدم الصين لها مساعدة عسكرية في حرب أوكرانيا؟ لين وي: الصين لديها الكثير من الحلفاء والأصدقاء لكنها لا تعول عليهم في أي حرب وتتزامن هذه التساؤلات مع فشل التصويت على عزل نواب المعارضة الموالين للصين في برلمان تايوان، إذ رفض الناخبون في تايبيه، نهاية الأسبوع الماضي، حملة سحب الثقة الجماعية التي استهدفت نواب المعارضة في المجلس التشريعي التايواني، مما يمثّل انتكاسة كبيرة للزعيم التايواني وليام لاي تشينغ تي، وحزبه الديمقراطي التقدمي الحاكم، بينما يمنح حزب كومينتانغ فرصة في تعزيز حضوره وتأثيره في المشهد السياسي بالجزيرة. أيضاً يأتي ذلك عقب تصعيد الجيش الصيني مناوراته العسكرية حول تايوان، وتهديداته المباشرة والصريحة لقادة الجزيرة بالسحق في حال أصروا على فكرة الانفصال عن البر الرئيسي الصيني. في السياق، يقول الباحث في معهد جيانغ شي للدراسات السياسية لين وي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الصين لديها الكثير من الحلفاء والأصدقاء سواء في محيطها أو في العالم الخارجي، لكنها لا تعول عليهم في أي حرب قد تخوضها من أجل استعادة تايوان، لأنها تدرك أن لكل دولة حساباتها الخاصة، وهي لا تجبر أحداً على الدخول في لعبة الاستقطاب بين القوى الكبرى. ويوضح بأن الصين هي الدولة الوحيدة التي لم توقع على اتفاقية دفاع مشترك مع أي دولة أخرى، وهذا يبرز العقلية الصينية التي لا تؤمن بالحروب ولا تسعى لها، وتدعو بشكل دائم ومتكرر إلى حل الخلافات بين الدول عبر قنوات الحوار. ولكن في الوقت نفسه، تعزز الصين قدراتها الدفاعية والهجومية، وقد تمكنت خلال العقد الأخير من تطوير ترسانتها العسكرية بما يتناسب مع الحروب العصرية القائمة على الكفاءة والقدرات التكنولوجية. ولفت إلى أن الصين مع وصولها إلى هذا المستوى من التطور العسكري والتقني، لا تعول على أحد، ولا تربط أهدافها بمواقف دول أخرى. على سبيل المثال: في ما يتعلق بتايوان، حددت بكين مبكراً الخطوط الحمراء في هذه المسألة، وهي تعتبر أن إعلان الانفصال من قادة الجزيرة في أي وقت، يعد إيذاناً ببدء حرب لاستعادة تايوان بالقوة، بغض النظر عن من يدعمها أو يقف إلى جانبها. في توضيح طبيعة التحالف بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية، يرى الباحث في الشأن الكوري بجامعة تايبيه الوطنية فيكتور وانغ، في حديث مع "العربي الجديد"، أن دعم الصين لكوريا الشمالية باعتبار الأولى شريان الحياة الاقتصادي لبيونغ يانغ في ظل تشديد الحصار وفرض العقوبات الأممية عليها بسبب برنامجها النووي، لا يعني بالضرورة أن تحرّك كوريا الشمالية جيشها للقتال إلى جانب الصين، وإن كانت الأخيرة قد فعلت ذلك في خمسينيات القرن الماضي، عندما أرسل الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ، جيشه للدفاع عن الشيوعيين ضد القوى الرأسمالية في الحرب الكورية (1950 ـ 1953). فيكتور وانغ: الصين كان لديها تحفظ شديد على إرسال جنود كوريين شماليين للقتال إلى جانب الجيش الروسي خلافات بكين وبيونغ يانغ ويضيف وانغ أنه على الرغم من إشادة كلا البلدين بصداقتهما التاريخية في كل مناسبة، واعتبارها صداقة الدم، ولكن في الحقيقة هناك الكثير من الخلافات بين الجانبين، وغالباً ما تقع العلاقة بينهما فريسة للحسابات الداخلية والجيوسياسية، وكذلك المصالح الخاصة. وعادة ما تتجلى هذه الخلافات في مقاربة المسألة النووية في شبه الجزيرة الكورية، أيضاً الصين كان لديها تحفظ شديد على إرسال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، جنوده للقتال إلى جانب الجيش الروسي في حربه ضد أوكرانيا. أما في ما يخص روسيا، فالأمر ببساطة قائم على مصالح استراتيجية لها علاقة بالحسابات الجيوسياسية، وبالرغم من متانة العلاقات بين بكين وموسكو لكنها لا ترتقي إلى حد الدفاع المشترك، الصين لم ترسل جيشها إلى روسيا، واكتفت بدعم نظام بوتين عبر القنوات الدبلوماسية والاقتصادية. ومع ذلك حافظت بكين على هامش من الحياد في بعض الملفات المتعلقة بالحرب. وبالطبع سوف تتصرف موسكو بالمثل في حال خاضت الصين حرباً لاستعادة تايوان. يشار إلى أن تسجيلات صوتية مسرّبة منسوبة لترامب، حصلت عليها شبكة سي أن أن الأميركية، أخيراً، كشفت أنه هدّد الصين خلال حملته الانتخابية في أحد اللقاءات الخاصة التي عقدها مع عدد من كبار المتبرعين لحملته. وقال إنه وجّه تهديداً للرئيس الصيني شي جين بينغ، بأنه في حال أقدمت الصين على شنّ هجوم ضد تايوان، فإن الولايات المتحدة ستقصف بكين ردّاً على ذلك"، وأضاف: "أعتقد أنّني مجنون لكنّنا لم نواجه أي مشاكل". تقارير دولية التحديثات الحية أميركا تجسّ نبض حلفائها حول تايوان: تجنّب مواجهة مباشرة مع الصين


العربي الجديد
منذ 5 أيام
- العربي الجديد
أبو كيلة السلفادور... "الرئيس الكول" ولعنة النجاعة الأمنية على الديمقراطية في أميركا اللاتينية
في واحدة من أبرز الانتكاسات الديمقراطية في أميركا (الوسطى) اللاتينية، تواصل السلفادور (نحو 6 ملايين نسمة) بقيادة رئيسها الشاب نجيب أبو كيلة الانزلاق نحو نظام سلطوي مغلف بعباءة "التجديد"، ومدعوم بشعبية صاعدة لدى أقصى اليمين في الغرب والقارة. أبو كيلة، الذي انتُخب في 2019، أعاد صياغة الحكم: لا سيادة قانون، لا تداول سلميا للسلطة، ولا مؤسسات مستقلة. ومع التعديلات الدستورية التي أقرّتها الجمعية التشريعية، اليوم الجمعة، بإلغاء الحد الأقصى للفترات الرئاسية ، وتمديد الولاية من 5 إلى 6 سنوات، وإلغاء جولة الإعادة، بدأ تمهيد الطريق لتُسلِّم البلاد طواعية لرجل واحد، ضمن قائمة دول الجنوب التسلطية، حيث ديمومة المتسلط تُسوّق بوصفها "ضرورة قومية"، وعن قصد تخلط مفاهيم بقاء الدولة ببقاء "الرجل القوي"، أي نظام الحكم. جاءت التعديلات، التي صوّت لها 57 نائباً مقابل 3 فقط، تتويجاً لتحركات بدأها نجيب أبو كيلة منذ 2021، حين أقال بعض القضاة في المحكمة الدستورية وعيّن موالين له، ودفع المحكمة العليا لتفسير الدستور بما يسمح بإعادة ترشحه، رغم وضوح النصوص الدستورية. المعارضة وصفت ما يجري بـ"التقويض الصريح للديمقراطية"، لكن أبو كيلة يرد بلغة واحدة: "الأمن أولاً". أخبار التحديثات الحية نجيب أبو كيلة مرشحاً لرئاسة السلفادور مدى الحياة تسلطية بنسخة رقمية يصفه أنصاره بـ"الرئيس الكول": شاب، كاريزمي، يتحدث بلهجة الشارع، يرتدي الكاجوال، ويدير الدولة من هاتفه عبر منصة إكس (تويتر سابقاً). لكنه يمارس سلطة مطلقة. أطلق "الحرب على العصابات"، فاعتُقل أكثر من 80 ألف شخص؛ كثيرون منهم دون محاكمات، واحتُجزوا في سجون ضخمة تُدار بعقلية الإذلال الجماعي، وسط انتقادات منظمات حقوق الإنسان الدولية عن التعذيب والإخفاءات القسرية. انخفاض معدلات الجريمة بشكل غير مسبوق استخدمه نجيب أبو كيلة لتبرير قمعه وتوسيع سلطته. شعاراته بسيطة وفعّالة: "الأمن أهم من الحرية"، "لن ننتظر العدالة البطيئة"، "لن نُحكم من نخب فاسدة". وفي جزء من بروباغندا القوة، نشر أبو كيلة في فبراير/ شباط 2023 فيديو يُظهر نقل نحو ألفي سجين إلى "مركز احتجاز الإرهاب" بملابسهم الداخلية، منكّسي الرؤوس، ما أظهره "رئيسا قويا"، وبصيغة مسرحية ديستوبية، حقق ملايين المشاهدات. اللافت أن هذه الممارسات لم تُقابل بإدانة تُذكر من العواصم الغربية، بل تحوّل أبو كيلة إلى ملهم لدوائر اليمين الشعبوي في الغرب. في غواتيمالا وهندوراس، جارتي السلفادور، ترتفع شعبية الرجل بما يقلق ساسة البلدين، وهو ما ينسحب على الإعجاب المتنامي بأبو كيلة في أنحاء الجنوب الأميركي أيضاً حتى بات البعض يطلق على ذلك مسمى "تيار البوكيليز"، أو ما يسمى بالإسبانية النموذج البوكيلي إلموديلو بكيلي el modelo Bukele. من السلفادور إلى الغرب: صدى الشعبوية الكاتب والمستشار السياسي السابق للحكومة الإيطالية جوليانو دا إمبولي، رأى في كتابه زمن المفترسين (2024) (Le temps des prédateurs) ، أن نجيب أبو كيلة لم يعد ظاهرة محلية، بل نموذج الحاكم الشعبوي في عصر ما بعد الحقيقة. "كل شيء عرض. لا سياسة، بل استعراض دائم"، يقول إمبولي. الخطر، كما يشير، أن التأثير بات معكوساً: الأفكار الديمقراطية لم تعد تُصدّر من بروكسل ونيويورك، بل تُستورد من الهامش. أبو كيلة و(الرئيس الأرجنتيني خافيير) ميلي، و(الرئيس الأميركي دونالد) ترامب، و(الرئيس البرازيلي السابق جايير) بولسونارو يقدمون نموذجاً هجيناً للحكم: خلق الفوضى وإدارتها. في أوروبا، يُنظر إلى تجربة أبو كيلة حلّاً لأزمات الجنوب الإيطالي و"الغيتوهات" الفرنسية وغيرها. حتى اليمين الصهيوني-الديني في دولة الاحتلال الإسرائيلي أظهر إشارات إعجاب بأبو كيلة (الذي لم يبد أي تعاطف مع القضايا العربية وقضية فلسطين تحديداً)، لأنّ سياساته الأمنية وترويجه للعقاب الجماعي على أنه وسيلة ردع تتقاطع مع خطاب حكومة الاحتلال الإسرائيلي تجاه فلسطينيي غزة والضفة الغربية. وفي أميركا، أصبح رمزاً جمهورياً في قضايا الأمن والهجرة، حتى وُصف بـ"ترامب أميركا الوسطى"، لكن بنجاعة أكبر. فالسياسي لم يعد موظفاً في نظام دستوري، بل مسوّقاً عبقرياً يدير السلطة كما يُدار منتج في حملة إعلانات. كما قال مهندسو "كامبريدج أناليتيكا": "لبيع الكوكاكولا في السينما، ارفع درجة الحرارة". أبو كيلة، بدوره، يرفع درجة الغضب ويُشعل المشاعر الجماعية، فيزداد ولاء الجمهور. المفترسون الجدد دا إمبولي يسمّي هؤلاء بـ"المفترسين": من خارج الطبقة السياسية التقليدية وبراغماتيين يستخدمون التكنولوجيا والهيمنة العاطفية لتغيير السياسة. لا يهتمون بالدستور، بل يخلقون الفوضى ليبقوا في السلطة، ويقدمون "القوة" على أنها حلّ سحري. السياسة تتحول إلى عرض حي على المنصات. المواطن يُحفَّز، يُغضب، يُقهر، ويُستثمر عاطفياً. مشاهد إذلال المعتقلين أو "منشار" ميلي في الأرجنتين ليست انزلاقات، بل أدوات حكم. وهنا يكمن الخطر: ما يُجرب في بلدان صغيرة لا يبقى هناك. إذا نجح أبو كيلة في فرض "الاستقرار بالقوة"، فإن النموذج يُستنسخ في مراكز القرار الغربي تحت شعارات براقة، وبقدرة محكمة على توليد الفوضى وإدارتها. نجيب أبو كيلة.. الفلسطيني "الكول" صعود أبو كيلة يحمل قصة فريدة. وُلد عام 1981 في سان سلفادور، لعائلة من أصول فلسطينية من بيت لحم جنوبي الضفة. بدأ مع اليسار، ثم انفصل وأسّس حزبه "الأفكار الجديدة". قدّم نفسه وجها جديدا: لا خطب، بل تغريدات؛ لا مؤتمرات، بل فيديوهات. لكن هذا التجديد سرعان ما تحوّل إلى حكم سلطوي يرفض الانتقاد ويقمع الصحافة. في 2022، أعلن حالة الطوارئ، واعتقل الآلاف، وجعل من بيتكوين عملة رسمية. في فبراير/ شباط 2024، شارك في مؤتمر المحافظين الأميركيين CPAC واستُقبل بوصفه بطلا. ترامب وصفه بـ"الملهم"، ودعاه إلى "تعليق القانون ليوم واحد". الصدمة لم تكن في الإعجاب الأميركي، بل في عجز الليبراليين عن تسميته باسمه: استبداد مغلف بشعبوية رقمية. الخطر يتسلل ما يُجرّب في بلد صغير يُستنسخ سريعاً. هذه هي القاعدة. أبو كيلة، مثل ميلي وترامب وبولسوونارو، لا يحكم بالمؤسسات بل بالمشاعر والصدمة. "المفترس" لا يحترم الفصل بين السلطات، بل يطحنها في ماكينة دعاية لا تتوقف. وإذا اعتقدت الديمقراطيات الغربية أنها محصنة، فإن نموذج أبو كيلة يثبت العكس: السلطة المطلقة لا تحتاج لانقلاب، بل لزعيم كاريزمي، منصة تواصل، وخوف من الجريمة. في السلفادور، كما في العالم، صار الخوف بوابة الاستبداد، والإعجاب بالديكتاتور "الفعّال" وقوداً لعودة الأنظمة الشمولية في وسط وجنوب أميركا اللاتينية، بحلّة كاجوال... و"كول".