logo
ورش الاستشراق في المجتمعات المعاصرة.. رؤى وملاحظات

ورش الاستشراق في المجتمعات المعاصرة.. رؤى وملاحظات

الجزيرةمنذ 2 أيام

شكل موضوع الاستشراق -ماضيًا وحاضرًا- مجالًا جدليًّا بامتياز؛ فمنذ ستينيات القرن الماضي، وبعدما كتب الراحل إدوارد سعيد كتاب "الاستشراق.. المفاهيم الغربية للشرق"، وكتب غيره من الباحثين والأكاديميين في هذا الميدان، تكرر طرْح السؤال: ما الداعي للعودة لموضوع استهلك وأُشبع دراسةً وبحثًا.
بيد أن التحولات العالمية الراهنة أعادت فتح النقاش من جديد في موضوع الاستشراق، خصوصًا بعد تنظيم دولة قطر فعاليات كأس العالم في سنة 2022.
ومع اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والأحداث الكبرى في فلسطين المحتلة بعد عملية طوفان الأقصى، دخل العالم مرحلة اللايقين، وبدأ التشكيك في القيم والمعايير والقوانين التي لم يعد لها معنى في ظل الانحياز اللامعقول في تطبيقها على دول الجنوب، ومنها الدول والمجتمعات العربية والإسلامية، واستثناء دول أخرى كأوكرانيا، ومحاباة مطلقة للكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة.
ولم يعد ممكنًا التغاضي عن هذه الأحداث، وعدم ربطها بالسياق المحتدم الذي أحيا مقولات صراع الحضارات بدل حوار الحضارات، ومقولات "نحن وهُم"، ونظرية المؤامرة، والحروب الصليبية.
بين الدكتور عصام نصار في ورقته المعنونة بـ "فلسطين في الاستشراق التوراتي" كيف تلاعب المؤرخون الصهاينة بإيعاز من السياسيين في كتابة سردية بعيدة عن الوقائع، تدعي زورًا وبهتانًا أن أرض فلسطين لم تكن أرضًا لشعب
في هذا السياق المتموج والمتوتر، نظمت وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي في قطر، بمعية شركاء آخرين في الدولة، المناظرة الدولية الأولى في موضوع "المؤتمر الدولي للاستشراق" يومي 26 و27 أبريل/ نيسان بالدوحة، وهي الندوة الدولية التي تهدف إلى تجاوز الثنائيات القاتلة، أو "الهويات القاتلة" كما عبر عن ذلك "أمين معلوف" في كتابه.
بل إن الندوة تسعى إلى إطلاق حوار علمي وأكاديمي بين المتخصصين وصناع السياسات العمومية عربيًا وعالميًا، بهدف تجسير الفجوات وتجاوز الأحكام النمطية والكليشيهات المقيتة.
وطيلة يومين من النقاش والحوار بين أزيد من ثلاثمئة من الأكاديميين والعلماء والباحثين من 50 دولة من كل أنحاء العالم، في مواضيع تستأثر باهتمام خاص، كالاستشراق الصهيوني والفرنسي والأميركي والروسي والصيني والأوروبي، علاوة على طرح مفاهيم مثل الاستغراب والاستشراق المعكوس على حد تعبير "جلال العظم".
ولعل ما ميز هذه الندوة الدولية الأولى هو الطابع المناظراتي الذي هيمن على كل الجلسات؛ فالمتدخلون والحضور يتجادلون في المفاهيم والنظريات ووجهات النظر، وكل ما يهم الاستشراق في سياقه الأور-أميركي، أو في دول الجنوب، أو في العالمين؛ العربي والإسلامي.
تستوقفنا تيمة الاستشراق الصهيوني من خلال كتابة تاريخ دولة فلسطين، حيث بين الدكتور عصام نصار في ورقته المعنونة بـ "فلسطين في الاستشراق التوراتي" كيف تلاعب المؤرخون الصهاينة بإيعاز من السياسيين في كتابة سردية بعيدة عن الوقائع، تدعي زورًا وبهتانًا أن أرض فلسطين لم تكن أرضًا لشعب، بل كانت أرضًا بدون شعب.
وقد بين المحاضر عصام ذلك من خلال رسم الخرائط الطبوغرافية المزورة، وانتحال التاريخ المحلي بدعوى وجود كيان لليهود في سنين غابرة، وهو ما فنّده المحاضر بالوثائق التاريخية المضادة، التي تتحدث عن تاريخ فلسطين ومدنها، كحيفا ونابلس وعكا، في عصور ما قبل الميلاد وما بعده.
بين عدد من الأكاديميين أنه يصعب، من الناحية المنهجية والعلمية، دراسة مجتمعات بخلفيات وبراديغمات مغايرة لهذه المجتمعات؛ فالحرية في السياق العربي الإسلامي هي حرية مسؤولة، وليست حرية مطلقة أو عبثية تضر بالفرد والمجتمع
لم يكن الاستشراق الأميركي ليختلف عن صنوه الصهيوني، لأنهما يشتركان في الخلفية والرؤية والبراديغم؛ لكن ما ميز الاستشراق الأميركي المعاصر هو الاعتماد على ما تنتجه مراكز الأبحاث (Think Thanks) من تقارير وتوصيات، تهم مجمل الحياة المجتمعية والسياسية والفكرية للمجتمعات العربية والإسلامية، لعل من بينها تقارير وزارة الخارجية الأميركية حول "حرية الأديان" في العالم، والتي دائمًا ما تقدم نتائج مشكوكًا في صحتها، من قبيل أن أغلب الدول العربية والإسلامية تعمل من خلال القوانين والتشريعات على خنق الحريات الفردية والدينية والجماعية، وكذا خنق حرية الأقليات والإثنيات.. وهو ما تصدى له الباحثون في دحض هذه النتائج غير المبنية على وقائع ملموسة.
بالمقابل، فقد بين عدد من الأكاديميين أنه يصعب، من الناحية المنهجية والعلمية، دراسة مجتمعات بخلفيات وبراديغمات مغايرة لهذه المجتمعات؛ فالحرية في السياق العربي الإسلامي هي حرية مسؤولة، وليست حرية مطلقة أو عبثية تضر بالفرد والمجتمع. وثانيًا، لا يمكن أن نستخلص نتائج تتماشى مع السياق الأميركي أو الأوروبي في مسألة الحرية والمسؤولية والدين والقوانين وما إلى ذلك.
وقد أشار العديد من المتدخلين إلى أن هذا الجدل، الذي ساوق مفهوم الحرية، وجد مثله في السياق الأورو-أميركي، وطرحت بشأنه العديد من التحفظات، لعل آخرها ما صدر عن الرئيس الأميركي "دونالد ترامب" من منعه بشكل قانوني لحق المتحولين جنسيًّا والمثليين، فقد قال إنه لا يمكن القبول بأنصاف رجال أو أنصاف إناث؛ فإما أن تكون ذكرًا أو تكون أنثى.
ولعل هذا المثال يبين مدى حجم الهجوم المجاني الذي عانت منه دولة قطر إبان تنظيمها كأس العالم في العام 2022، عندما رفضت أن يتم إشهار رموز تثمّن المثلية والمتحولين جنسيًّا.
ختامًا، يمكن القول إن الندوة الدولية الأولى للاستشراق، التي أطلقتها الأستاذة "لولوة الخاطر"، وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي، تعد حدثًا علميًا وأكاديميًا متميزًا وسمَ سنة 2025.
وقد تبين من خلال أشغال المؤتمر، الذي استغرق يومين في الدوحة، أنه حقق نجاحًا منقطع النظير لما وفره من جو نقاشي قلما حضر في الملتقيات والمنتديات العالمية، والتي تعجز عن تجسير الهوة بين النخب السياسية والأكاديمية من جهة، وبين الجمهور من طلاب وباحثين وإعلاميين وعموم المهتمين.
فغالب المنتديات الكبرى إما تكون في دوائر مغلقة، لا تحضرها إلا نخب معينة، ويقل فيها الحوار، وتحضر فيها التوصيات والينبغيات.. بينما مناظرة الاستشراق في نسختها الأولى حققت هذا التلاقح الخلاق بين مختلف الفاعلين.
ولهذا يمكننا القول إن الندوة بهذا الشكل قد أعادت التفكير في موضوع يبدو قديمًا، لكنه ما زال متجددًا، وسيبقى كذلك ما دامت الأحكام النمطية والصور الجاهزة، والأحكام غير المتزنة والراسخة في اللاوعي والذاكرة الجمعية والفردية، تدفع في اتجاه الصدام والقطيعة والعنف والكراهية.
وعلى أمل أن يتجدد اللقاء في السنة المقبلة في النسخة الثانية من مناظرة الاستشراق، بأسئلة جديدة وبمحاور مبدعة، وبحوار جدلي مع أكاديميين من شتى بقاع الأرض، اختُتمت فعاليات مؤتمر كانت الحاجة ماسّة إليه في ظلّ التحديات التي يعرفها الوطن العربي مشرقًا ومغربًا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مقال بغارديان: أوروبا لن تتفق أبدا بشأن إسرائيل لكن يمكنها مساعدة غزة
مقال بغارديان: أوروبا لن تتفق أبدا بشأن إسرائيل لكن يمكنها مساعدة غزة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

مقال بغارديان: أوروبا لن تتفق أبدا بشأن إسرائيل لكن يمكنها مساعدة غزة

نشرت غارديان البريطانية مقالا يفيد بأن أوروبا لن تتوحد في سياستها تجاه إسرائيل ، ومع ذلك يمكنها التصرف من أجل تغيير مسار الحرب على قطاع غزة ، خاصة أن أوروبا هي أكبر شريك تجاري لإسرائيل. وقالت كاتبة المقال ناتالي توتشي إن العلاقة التجارية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل تمنحه نفوذا يمكّنه من اتخاذ إجراءات عملية، وترى أن الحرب الإسرائيلية لا تتعلق بأمن إسرائيل أو تحرير "الرهائن"، بل بإعادة الاحتلال والطرد الجماعي للفلسطينيين. وأشارت إلى أن الضمير الأوروبي بدأ يستيقظ على جرائم الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحتى أكثر الداعمين لإسرائيل يجدون حاليا صعوبة متزايدة في تبرير هذه الجرائم. أسباب اليقظة المتأخرة وتساءلت عن أسباب هذه اليقظة المتأخرة والبطيئة، ورأت أن ذلك ربما يكون بسبب العدد الكبير من القتلى الفلسطينيين في غزة، أو ربما لتعرض آلاف الأطفال لخطر الموت من الجوع وسوء التغذية، أو احتراق المدنيين أحياء، أو خطط إسرائيل لإعادة احتلال قطاع غزة واستعماره مجددا وطرد الفلسطينيين، أو ربما بسبب إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على دبلوماسيين، من بينهم أوروبيون، في الضفة الغربية ، أو الهتافات العنصرية في مسيرة برعاية الدولة في القدس مثل "الموت للعرب" و"لتُحرق قراهم". ورجحت أن تكون الإجابة مزيجا من كل ما سبق، إضافة إلى إدراك أن الضغط المبدئي على إسرائيل لن يأتي من واشنطن بالتأكيد. ومهما كانت الدوافع، تقول الكاتبة، فإن أوروبا أصبحت تقترب من نقطة تحول، وتطوي صفحة سوداء من تواطؤها في حرب إسرائيل المستمرة منذ نحو 20 شهرا على غزة. مواقف مختلفة ثم استعرضت توتشي المواقف المختلفة للدول الأوروبية تجاه إسرائيل، مثل اعتراف بعضها بدولة فلسطين العام الماضي، ودعمها لفلسطين في المحافل الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة. ومثل مواصلة أقلية من الدول الأوروبية تقديم دعم غير مشروط لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، وعدم تأييدها لوقف إطلاق النار والتهدئة إلا في ربيع 2024، حتى بعد أن غيّرت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن -المؤيدة بشراسة لإسرائيل- موقفها. وأشارت إلى أن أغلبية من الدول الأوروبية ظلت صامتة طوال الحرب على غزة، لكنها بدأت الآن تتحرك، إذ أوقفت المملكة المتحدة مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة الثنائية مع إسرائيل. وأصبحت فرنسا أكثر صخبا ونشاطا، ليس فقط في مساعيها الدبلوماسية لحل الدولتين، بل أيضا من خلال تلميحها إلى إمكانية فرض عقوبات محددة على إسرائيل. ووصفت الكاتبة هذه الخطوات بأنها صغيرة ومؤقتة، لكنها تشير إلى تغير في الوتيرة والموقف. الخطوة الأهم وذكرت أن الخطوة الأهم حتى الآن من الاتحاد الأوروبي تتمثل في تحركه لتعليق الامتيازات التجارية التفضيلية لإسرائيل بموجب اتفاقية الشراكة بين الطرفين. وقالت من المهم التوضيح أن تعليق هذه الامتيازات لا يُعد عقوبة، إذ إن العقوبات (مثل الحظر أو القيود التجارية) تتطلب إجماعا بين الدول الأعضاء، ومن الصعب تصور أن جميع الدول الـ27 ستتفق على ذلك. كما أن تعليق الاتفاقية بالكامل أيضا يتطلب إجماعا، وهو أمر مستبعد. لكن تعليق الامتيازات التجارية التفضيلية، تقول توتشي، أي الامتناع عن منح إسرائيل ميزات بموجب الاتفاقية، يقع ضمن نطاق سياسة التجارة الأوروبية، ويحتاج فقط إلى "أغلبية مؤهِلة"، وهي 15 دولة من جملة 27 تمثل 65% من سكان الاتحاد. وأشارت إلى أن التبادل التجاري بين الطرفين يمكن أن يستمر، ولكن دون التسهيلات التي يتضمنها منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ عام 2000. المستحيل تحوَّل إلى محتمل وعلقت بأن ما كان يُعد مستحيلا في الماضي، أصبح اليوم احتمالا واقعيا، إذ يقوم الاتحاد الأوروبي حاليا بمراجعة مدى امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب الاتفاقية. وأشارت إلى أنه من اللافت أن الطلب الرسمي بإجراء المراجعة لم يأتِ من دولة مؤيدة للفلسطينيين، مثل إسبانيا أو أيرلندا، ولا حتى من فرنسا، بل من هولندا، المعروفة تاريخيا بدعمها لإسرائيل، والتي تقودها حكومة يمينية. وقالت إن تعليق المزايا التجارية التفضيلية لإسرائيل ربما لن ينهي الحرب في غزة فورا، لكنه سيكون أول إجراء ملموس من المجتمع الدولي لفرض ثمن على إسرائيل مقابل جرائمها. وفي نهاية المطاف، فإن فرض مثل هذه الأثمان هو السبيل الوحيد لإحداث تغيير، حسب تعبيرها.

ناشط يهودي: هكذا قلبت 6 أشهر بالضفة الغربية كل المفاهيم الصهيونية
ناشط يهودي: هكذا قلبت 6 أشهر بالضفة الغربية كل المفاهيم الصهيونية

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

ناشط يهودي: هكذا قلبت 6 أشهر بالضفة الغربية كل المفاهيم الصهيونية

كتب الناشط اليهودي الأميركي سام شتاين أنه نشأ كغيره من أقرانه على النظر إلى إسرائيل باعتبارها دولة معصومة من الخطأ، لكن العيش بين الفلسطينيين علّمه حقائق جوهرية عن واقع الاحتلال. ويروي هذا الناشط، في مقاله بموقع 972+، تجربته التي بدأت من التحاقه ببرنامج "ميخينا" (برنامج تحضيري عسكري إسرائيلي) في إحدى المستوطنات غير الشرعية في كتلة غوش عتصيون جنوب القدس ، وانتهى به مقيما بين الفلسطينيين في مسافر يطا ، وهي مجموعة قرى فلسطينية في تلال جنوب الخليل ، عانى أهلها من عنف المستوطنين والجيش من أجل تهجيرهم من أراضيهم. يقول سام شتاين "أول مرة سمعت كلمة "احتلال" كانت عندما تذمر حاخام من سكان مستوطنة ألون شفوت غير الشرعية من تقييد وصول الإسرائيليين إلى الحرم القدسي الشريف"، قائلا "إسرائيل محتلة من قبل العرب". كان سماع شتاين لطالب فلسطيني يدرس معه في كلية هانتر بنيويورك، يشكو من كون الدراسة في نيويورك تتطلب منه الحصول على تصاريح إسرائيلية لعبور الأردن، مما جعله يدرك التناقض بين حياة اليهود وحياة الفلسطينيين بعد أن كان يظن بسذاجة أنهم يتعايشون كجيران. وبعد سبع سنوات من عام "الميشنا"، عاد سام شتاين إلى إسرائيل وفلسطين، ولكن بفهم عملي لاحتلال الضفة الغربية وإدراك لواجب الانخراط في نشاط ملموس ضد الاحتلال، مما جعله ينضم إلى "كل ما تبقى"، وهي جماعة شعبية غير هرمية من يهود الشتات ملتزمة بالعمل المباشر ضد الاحتلال. سافر شتاين بانتظام إلى الضفة الغربية، وانضم إلى المزارعين الفلسطينيين في حقولهم، ورافق الرعاة مع قطعانهم، وشارك في الاحتجاجات ضد عنف الدولة الإسرائيلية، ووثق مع ناشطين آخرين هجمات المستوطنين والتوغلات العسكرية "على أمل أن يردع وضعنا المتميز في نظر الدولة بعض العنف"، كما يقول. وبعد انضمام شتاين إلى منظمة "حاخامات من أجل حقوق الإنسان" منسقا ميدانيا، قرر الانتقال للعمل بدوام كامل في مسافر يطا، وكما يقول "وضعت كل ما أملكه في سيارتي وانطلقت جنوبا نحو مسافر يطا، ولمدة ستة أشهر عشت بين أولئك الذين قيل لي إنهم سيقتلونني في أول فرصة". ولخص شتاين تجربته هذه في خمس نصائح وجهها إلى أولئك الذين نشؤوا على المخاوف نفسها التي نشأ عليها، خاصة أن مسافر يطا تواجه حملة هدم تهدد بمحو سكانها من الأرض الوحيدة التي يعرفونها. 1- عليك تجاهل اللافتات الحمراء كان المدير في الميشنا يشير دائما إلى أن اللافتات الحمراء، التي تحدد مداخل المنطقة "أ"، الخاضعة رسميا للسيطرة الفلسطينية الكاملة، تعلن أن دخول المواطنين الإسرائيليين "غير قانوني" و"خطر على حياتهم"، وهو يدعي أن "هذا هو الفصل العنصري الحقيقي"، متحسرا على استبعاد الإسرائيليين المزعوم من هذه المناطق. ولاحقا، يقول الناشط إنه أدرك أن الفلسطينيين لم يقصدوا استبعاده، وأنهم لم يكونوا يمتلكون سلطة فعلية على هذه المساحات، كما أدرك أن هذه القيود لا تهدف إلى حماية الإسرائيليين، بل إلى تعزيز نظام وثقافة الفصل العنصري من خلال الحواجز النفسية. 2- مستوطنو البؤر الاستيطانية لا يمثلونك ويحذر شتاين من ينصحهم أولئك الذين يقضون عصر السبت في استخدام الهواتف لتنسيق الهجمات على الفلسطينيين، ويذكّرهم بأن الرجال الذين يديرون البؤر الاستيطانية ليسوا مثل الحاخامات الذين درّسوهم، ووصفهم بأنهم متطرفون أيديولوجيون "يستخدمون تقاليدنا كسلاح ويدوسون على الشريعة". 3- الجيش يكذب ومع أن معظم اليهود والإسرائيليين نشؤوا على أن الجيش الإسرائيلي معصوم من الخطأ، فإن شتاين يؤكد لهم أن الجيش يكذب ويختلق الواقع جملة وتفصيلا، كما يختلق خيالات لا أساس لها من الصحة، وهو شاهد ذلك بنفسه، كما يقول. وضرب الكاتب مثالا بتراجع إسرائيل مرارا وتكرارا عن رواياتها الرسمية، كما حدث في أعقاب اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة ، وقال إن على العالم اليوم، في الوقت الذي ترتكب فيه إسرائيل إبادة جماعية في قطاع غزة خلف جدار من الرقابة، أن ينطلق من أن كل كلمة رسمية تصدر من الجيش كذبة. علمتني التجارب في مسافر يطا أن أقوى ترياق للدعاية هو الوقوف مع المضطهدين والمهمشين، لا بناء على فكرة زائفة من التعايش، بل على التزام مشترك بالعدالة والتحرير بواسطة سام شتاين 4- الاحتلال يعمل على مدار الساعة وصف أحد الناشطين الاستجابة للعنف في مسافر يطا بأنها "لعبة طريفة"، حيث كانت مكالمة الطوارئ الصباحية تطلق يوما جديدا من الركض السريع بين البؤر الساخنة وتوثيق الفظائع، مما استطاع الكاتب أن يتكيف معه -كما يقول- لمّا اتضح له أن مجرد وجوده كان يقلق الجنود الإسرائيليين بشدة. 5- التضامن الحقيقي هو الحل وينبه شتاين إلى أن اندماجه في المجتمع الفلسطيني أظهر له قبضة الاحتلال القاسية، و"علمتني التجارب هناك أن أقوى ترياق للدعاية هو الوقوف مع المضطهدين والمهمشين، لا بناء على فكرة زائفة عن "التعايش"، بل على التزام مشترك بالعدالة والتحرير". وخلص سام شتاين إلى أن ساعة من الاستماع الصادق لزميل يتحدث في الجامعة كانت هي المحطة الأولى نحو إدراكه التجربة الفلسطينية، وهو الآن يقدم تجربته بعد 6 أشهر قضاها مع الفلسطينيين في مسافر يطا آملا أن يساعد آخرين نشؤوا مثله على كسر جدار الخداع.

منسق إغاثة: المساعدات من إسرائيل لقطاع غزة حيلة دعائية قاتلة
منسق إغاثة: المساعدات من إسرائيل لقطاع غزة حيلة دعائية قاتلة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

منسق إغاثة: المساعدات من إسرائيل لقطاع غزة حيلة دعائية قاتلة

قال إياد عماوي، وهو منسق منظمات غير حكومية محلية في قطاع غزة ، إنه شعر باليأس عند سماع أنباء عن إطلاق جنود إسرائيليين النار على الباحثين عن الطعام، مؤكدا أن هذا ليس حلا لمعاناتهم. وذكر عماوي -في مقال بصحيفة غارديان- أن جنودا إسرائيليين أطلقوا النار قبل يومين فقتلوا شخصا وأصابوا 48 بجروح عندما استهدفوا حشدا هائلا من الفلسطينيين الجائعين الذين وصلوا بعناء إلى نقطة توزيع المساعدات الوحيدة في رفح جنوبي قطاع غزة، بحثا عن المساعدة التي تقدمها مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من قبل إسرائيل. وكتب منسق الإغاثة أن ما تفعله مؤسسة غزة الإنسانية ليس سوى حملة علاقات عامة، تروج بها للوهم بأن المساعدات بدأت تدخل القطاع بطريقة مجدية، "ولكن ما علمناه هو أن المؤسسة وزعت ثماني شاحنات من الطعام فقط يوم الأربعاء" الماضي. وأشار الكاتب إلى أن جمعية خيرية أميركية، تدعى "رحمة العالمية"، كانت لديها طرود غذائية لم تتمكن من إدخالها إلى القطاع، فسمحت لمؤسسة غزة الإنسانية بأخذها، لكنها اتهمتها باستخدام شعارها دون إذن في توزيع المساعدات، وصرحت "رحمة" بأنها تعارض العمل مع "مؤسسة غزة الإنسانية" بسبب استخدامها متعاقدين أمنيين مسلحين. و"بصفتي عامل إغاثة -يقول الكاتب- أرى أن هذا ليس حلا مستداما للحصار الشامل الذي فرضته إسرائيل علينا. إن دخول المساعدات غير المشروط بإشراف وكالات الأمم المتحدة هو الحل الوحيد". وذكر الكاتب أن الكارثة التي يعيشها أهل غزة منذ 19 شهرا لا تصدق، وأن حجم المعاناة والألم يفوق الوصف لأن الناس يسيرون في الشوارع دون طعام ولا ماء صالح للشرب، وسط تضخم خانق ورفوف فارغة. ومع أن عمال الإغاثة نذروا أنفسهم لرعاية سكان غزة تحت الاحتلال الإسرائيلي الوحشي والقصف لأكثر من 600 يوم، فإن إسرائيل أظهرت نيتها ​​في تطهير القطاع عرقيا من جميع الفلسطينيين بالحظر الشامل لجميع أنواع المساعدات الإنسانية والطبية، وإغلاق المعبر الإنساني الوحيد كرم أبو سالم منذ مارس/آذار الماضي. وخلص المنسق الإغاثي إلى أن قطاع غزة يحتاج إلى ما لا يقل عن 500 أو 600 شاحنة يوميا لتلبية احتياجاته الإنسانية، وأن وجود عدد قليل من المراكز العاملة في جنوب القطاع لا يغني عن مئات مراكز التوزيع التابعة لبرامج ومؤسسات الأمم المتحدة التي اضطرت إلى وقف عملياتها بسبب الحصار. وختم الكاتب بالقول إن هناك حاجة ملحة لوقف هذه الإبادة الجماعية والسماح بدخول المساعدات دون قيد أو شرط، مؤكدا أن تخفيف هذه الأزمة لن يكون إلا من خلال توزيع وكالات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، لا من خلال إسرائيل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store