logo
مؤشر مديري المشتريات

مؤشر مديري المشتريات

الشرق الأوسطمنذ 3 أيام

في عالم تتسارع فيه التحولات الاقتصادية، وتتعدد فيه مصادر المعلومات والإشارات الاستثمارية، يبرز مؤشر مديري المشتريات بوصفه إحدى أكثر الأدوات رصانة وعمقاً في استقراء اتجاهات الاقتصاد، ليس بوصفه انعكاساً آنياً للواقع فحسب، بل كعين تستشرف ملامح ما المستقبل، فهذا المؤشر، الذي يُستخرج شهرياً من استطلاعات ميدانية تُوجّه إلى مسؤولي المشتريات في كبريات الشركات، لا يعتمد على الحسابات اللاحقة ولا على البيانات الجامدة، بل على تفاعلات حية ومباشرة مع السوق، تُقاس من خلال 5 محاور دقيقة: الطلبيات الجديدة، الإنتاج، التوظيف، تسليم الموردين، والمخزون، ومن خلال نمذجة إحصائية متقدمة، يُنتج المؤشر رقماً مركباً يُشير إلى ما إذا كان الاقتصاد يتوسع أم ينكمش، بناءً على القراءة المحورية البالغة خمسين نقطة، تعد الخط الفاصلَ بين النمو والانكماش، فما هي خصائص مؤشر مديري المشتريات؟ وكيف أثبتت الأحداث التاريخية جدواه؟ وكيف تستفيد منه الحكومات والشركات والمستثمرون في اتخاذ القرارات؟
إن توقيت ومضمون مؤشر مديري المشتريات هما أكبر ما يميّزه، ففي زمن تُعلن فيه المؤشرات الرسمية بعد أشهر من وقوع الحدث، يجيء مؤشر مديري المشتريات ليُعلن عن التوجه الاقتصادي قبل أن تبدأ الحكومات بتدوين ملاحظاتها، وقبل أن تتحرك البنوك المركزية في مساراتها النقدية، ومن هنا، لم يكن غريباً أن تثبت التجربة التاريخية لهذا المؤشر أنه أكثر من مجرد أداة تحليل، بل رادار اقتصادي بالغ الحساسية، لطالما رصد الخلل قبل أن تتضح ملامحه الكاملة.
فعلى سبيل المثال، وحين تهاوت الأسواق العالمية في عام 2008، لم يكن العالم قد استوعب بعد حجم الكارثة المالية التي ستعصف بالنظام المصرفي الدولي، لكن المؤشر، في صيف ذلك العام، بدأ يُرسل إشارات متوالية بانكماش حاد في الطلبيات والإنتاج، سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا، وتراجعت قراءاته إلى ما دون الخمسين نقطة (وهو الحد الفاصل بين النمو والانكماش)، حتى قبل أن يُعلن إفلاس بنك «ليمان براذرز»، وفي الصين، حيث يعتمد الاقتصاد على التصدير الصناعي، سجل المؤشر تراجعاً صاعقاً في أواخر عام 2008، ما دلّ على أن الركود بات عالمياً، قبل أن تعلن المنظمات الدولية ذلك رسمياً بشهور.
وفي مطلع عام 2020، وبينما كانت وسائل الإعلام لا تزال تتعامل مع فيروس «كورونا» كحادثة محلية في (ووهان)، أطلق المؤشر أول إنذاراته من قلب الاقتصاد الصيني، ففي فبراير (شباط)، تهاوت قراءته إلى أدنى مستوياتها التاريخية، في إشارة إلى شللٍ شبه تام في النشاط الصناعي، ولم تمضِ أسابيع حتى بدأت المؤشرات الأوروبية والأميركية تلحق بها، مؤكدة بذلك المؤشر بوصفه أول شاهد على حالة التباطؤ العالمي في تلك الجائحة، وكانت هذه القراءات حينها سبباً في استعجال الحكومات التي لم تكن لتتحرك بتلك السرعة لولا المؤشرات الصريحة التي قدمها هذا المقياس.
ولا يقتصر دور المؤشر على مراقبة النشاط العام، بل يمتد إلى التقاط إشارات التضخم قبل أن يظهر في مؤشرات الأسعار الاستهلاكية، ففي عامي 2021 و2022، حين بدأت أسعار المواد الخام بالارتفاع نتيجة اختناقات سلاسل الإمداد، عكست مكونات مؤشر مديري المشتريات هذا التحول بوضوح، من خلال ارتفاع أسعار المدخلات وزيادة زمن تسليم الموردين، ما دفع البنوك المركزية الكبرى إلى إعادة تقييم سياساتها النقدية والبدء في رفع أسعار الفائدة، حتى قبل أن يظهر التضخم الكامل في بيانات المستهلكين.
ولأن السياسات الاقتصادية لا تُبنى على الانطباعات، بل على القراءات الدقيقة، فقد أصبح المؤشر جزءاً أصيلاً في عمليات صنع القرار لدى صناع السياسات، خصوصاً في فترات الغموض أو التحول، فحين يترنح قطاع الخدمات مثلاً، ويُظهر المؤشر تراجعاً في التوظيف أو الطلب، تُعاد صياغة أولويات الإنفاق العام، وتُوجّه الموارد نحو دعم القطاعات المتأثرة، أما في زمن الانتعاش، فيكون المؤشر بمثابة تأكيد مبكر لجدوى سياسات التحفيز، ما يمنح صانع القرار ثقة إضافية في الاستمرار أو التوسعة.
على الجانب الآخر، لا يغفل المستثمرون عن قراءة هذا المؤشر، إذ يُعد من الإشارات المفضّلة لدى الأسواق المالية لاتخاذ القرارات المرتبطة بالأسهم والسندات والعملات، إذ إن استمرار نمو الطلب وتوسع الإنتاج يعني غالباً زيادة في الأرباح التشغيلية، فيُترجم ذلك مباشرة إلى حركة في أسعار الأسهم، كما أن تراجع المؤشر في دولة ما قد يدفع المستثمرين إلى تقليل تعرضهم لذلك السوق، أو البحث عن أسواق بديلة تُظهر قراءاتٍ أكثر تفاؤلاً.
إن المتابع للاقتصاد بشكل عام، يدرك أن مؤشر مديري المشتريات يتجاوز وظيفته الظاهرية كمقياس لحركة الاقتصاد، فهو أداة تحليل متقدمة، ومحرّك للقرار، ومؤشرٌ على الاتجاهات قبل أن تتحول إلى واقع، وهو بذلك يعد مرآة للاقتصاد لا في انعكاسه فقط، بل في استبصاره، وفي قراءته للمجهول، وفي منحه لأولئك الذين يُصغون إليه إمكانية التفاعل مع الزمن الاقتصادي لا في أعقابه، بل في لحظته وما قبلها، ولا غنى لصانعي السياسات أو المستثمرين عن الاطلاع بشكل مستمر على هذا المؤشر.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مدبولي يؤكد اتجاه الحكومة لبيع بنك القاهرة بعد انتهاء عمليات التقييم
مدبولي يؤكد اتجاه الحكومة لبيع بنك القاهرة بعد انتهاء عمليات التقييم

العربية

timeمنذ 23 دقائق

  • العربية

مدبولي يؤكد اتجاه الحكومة لبيع بنك القاهرة بعد انتهاء عمليات التقييم

قال رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، اليوم الأربعاء، إن الحكومة تعتزم بدء إجراءات طرح بنك القاهرة للبيع بعد أن تنتهي عمليات التقييم للبنك. وشهدت الأشهر الماضية موافقة البنك المركزي المصري على قيام بنك الإمارات دبي الوطني بعملية الفحص النافي للجهالة لبنك القاهرة تمهيدا لشراء حصة قد تصل إلى 60% من البنك، وفق مصادر تحدثت في مارس الماضي لمراسلة قناة "العربية Business" من القاهرة، فهيمة زايد. وأشارت المصادر إلى أنه لا يوجد تقييم واضح للبنك، وأن ما تردد من أرقام بشأن التقييم هو مجرد تسريبات. وترددت أقوال بين المحللين في السوق تفيد بأن تقييم بنك القاهرة في صفقة البيع يتراوح بين 1 و1.5 مليار دولار، وتشهد السوق انتقادات لهذه القيمة رغم أنه لم تؤكد جهة رسمية صحة هذا التقييم من عدمه. وتم تقييم بنك القاهرة عام 2008 من قبل البنك الأهلي اليوناني بملياري دولار. وسيتباين التقييم بشكل كبير بين عامي 2008، و2025، وفق سعر الصرف البالغ في عام 2008 الذي كان نحو 5.5 جنيه للدولار، مقابل نحو 50 جنيها للدولار حالياً. وارتفع صافي ربح بنك القاهرة بنسبة 45% إلى 3.4 مليار جنيه في الربع الأول من العام الحال ، مقارنة بـ2.4 مليار جنيه خلال الفترة المماثلة من العام الماضي، نتيجة تحسن نتائج أعمال البنك في مختلف القطاعات، من أبرزها قطاعات التجزئة المصرفية، والخزانة، وائتمان الشركات، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة. كما سجل البنك أرباحًا قبل الضرائب بلغت 4.9 مليار جنيه مصري، مقارنة بـ3.6 مليار جنيه في الربع الأول من عام 2024، بمعدل نمو سنوي 36%، وهو ما يعكس الأداء التشغيلي القوي للبنك واستمرارية تحسن مؤشرات الربحية وبلغت أرباح بنك القاهرة خلال العام الماضي نحو 12.4 مليار جنيه بنمو 84%، وارتفع إجمالي الأصول بنحو 20% إلى 483 مليار جنيه بنهاية العام الماضي. ويبلغ رأس ماله المدفوع 19 مليار جنيه والمرخص به 50 مليار جنيه. تأسس بنك القاهرة عام 1952 كشركة مساهمة مصرية، وانتقلت ملكيته بعد ذلك إلى الدولة، ويُعد ثالث أكبر بنك حكومي في مصر بعد بنكي الأهلي ومصر. ومنذ تحقيقه خسائر ضخمة في عام 2007 وامتلاكه محفظة قروض كبيرة متعثرة، نُقلت ملكيته إلى بنك مصر، بعدد أسهم 400 مليون سهم بقيمة اسمية 4 جنيهات للسهم، ونقلت ملكيته إلى بنك مصر حينئذ بقيمة 1.6 مليار جنيه فقط. وقام بنك مصر بتنقية محفظة القروض الخاصة ببنك القاهرة، ومنذ فترة قصيرة نقلت الملكية من بنك مصر إلى شركة مصر المالية، التابعة لبنك مصر.

الأهلي يتراجع بأمر جماهيره.. شعاره الجديد بـ «التصويت»
الأهلي يتراجع بأمر جماهيره.. شعاره الجديد بـ «التصويت»

عكاظ

timeمنذ 29 دقائق

  • عكاظ

الأهلي يتراجع بأمر جماهيره.. شعاره الجديد بـ «التصويت»

/*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} تسبب الغضب الجماهيري في إعلان مجلس إدارة شركة النادي الأهلي التراجع عن فكرة اعتماد التصميم الجديد للهوية البصرية للنادي، الذي تم اعتماده رسمياً في الهيئة السعودية للملكية الفكرية، كما تم عرضه في سماء محافظة جدة أثناء مسيرة الفريق الاحتفالية بتحقيق دوري أبطال آسيا للنخبة في الرابع من مايو الجاري. وأعلن النادي الأهلي مساء اليوم عبر بيان صحفي عن تنفيذ خطة إستراتيجية شاملة لتحديث الهوية المؤسسية والبصرية للنادي، تشمل مشروع تطوير شعار جديد للنادي، وطرح تصويت للجماهير عبر موقع النادي للمشاركة في اختيار التصميم الجديد للشعار. وأكد النادي أن هذه الخطوة تُجسد توجهه المؤسسي والطموح نحو التميز محلياً ودولياً، ومواصلة تنفيذ إستراتيجيته لتحديث هويته المؤسسية والبصرية، في مشروع شامل ينطلق ضمن مسار «تحولي طموح» أُطلق في نوفمبر 2024. وأشار إلى أن المشروع يستهدف تجديد الصورة الذهنية وتعزيز أدوات الهوية بما يعكس طموحات النادي نحو الريادة، ويأتي متماشياً مع قرار وزارة التجارة القاضي بمنع استخدام شعار الدولة الرسمي «السيفين والنخلة» في الأنشطة التجارية. أخبار ذات صلة وأوضح الأهلي أنه أسند المشروع لشركات محلية وعالمية متخصصة في تطوير الهوية، واستعرض عبر مراحل متعددة تصاميم ختامية خضعت لدراسات دقيقة، إلا أن أياً منها لم يحظَ بموافقة اللجنة المختصة في النادي، ما أدى إلى إعادة التقييم وفتح الباب من جديد لمشاركة جماهير النادي في صياغة هوية تعبّر عن تاريخه ورؤيته المستقبلية. وشدد النادي على أن اختيار الهوية الجديدة لن يكون مجرد شعار، بل سيمثل مرآة للقيم والتطلعات، مؤكداً أن التصميم النهائي سيُعلن خلال الأسابيع القادمة، بعد جمع الملاحظات وفتح باب التصويت الجماهيري عبر الموقع الإلكتروني. واعتبر الأهلي هذه الخطوة مبادرة نوعية على مستوى الأندية الرياضية في المملكة، مؤكداً أنها تعكس إيمانه العميق بأهمية مشاركة جماهيره في رسم ملامح المستقبل.

افتتاح فعاليات النسخة الـ 55 من معرض الشرق الأوسط للساعات والمجوهرات
افتتاح فعاليات النسخة الـ 55 من معرض الشرق الأوسط للساعات والمجوهرات

مجلة سيدتي

timeمنذ ساعة واحدة

  • مجلة سيدتي

افتتاح فعاليات النسخة الـ 55 من معرض الشرق الأوسط للساعات والمجوهرات

افتتح الشيخ عبد الله بن سالم بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة، ظهر اليوم الأربعاء الموافق 28 مايو 2025، فعاليات النسخة الـ 55 من معرض " الشرق الأوسط للساعات والمجوهرات" الذي تستمر فعالياته حتى الأول من يونيو المقبل. ويُعد المعرض الذي يقام تحت رعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الحدث الأكبر من نوعه على أجندة المعارض التجارية المتخصصة في دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة، وينظمه مركز إكسبو الشارقة بدعم من غرفة تجارة وصناعة الشارقة بمشاركة واسعة لأكثر من 500 عارض وأكثر من 1800 من كبار المصممين والصناع والمتخصصين يمثلون كبرى الشركات والعلامات التجارية العالمية في مجال الساعات والذهب و الأحجار الكريمة وقطع المجوهرات الثمينة والنادرة. كما يمتد المعرض على مساحة إجمالية تبلغ 30 ألف متر مربع، ويمثل منصة مثالية لعقد الصفقات وتعزيز الشراكات والتعرف على أحدث الاتجاهات في مجال التصميم، وفي مختلف الجوانب المتعلقة بسوق الذهب وتجارة الساعات والمجوهرات محليًّا وعالميًّا. المشاركون بمعرض الشرق الأوسط للساعات والمجوهرات تجدر الإشارة إلى أنه تشارك في هذه النسخة من المعرض لأول مرة أجنحة تمثل عارضين من روسيا، المكسيك، تنزانيا، مصر، إلى جانب مجموعة من الشركات و العلامات التجارية الرائدة في صناعة الساعات وتصميم المجوهرات من الإمارات، الهند، إيطاليا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، سنغافورة، الصين، اليابان، تركيا، السعودية، البحرين، لبنان، تعرض أحدث تصاميمها الحصرية لعام 2025 إلى جانب مشغولات تبرز خبرات المصممين وتنافسهم على تحقيق نقلات نوعية في تصميم الذهب والمعادن الثمينة. المعرض يسجل رقمًا قياسيًّا في غينيس وقد شهد المعرض في هذا العام تسجيل رقم قياسي جديد في موسوعة غينيس للأرقام القياسية ، من أحد العارضين المحليين عن أطول عقد ألماس في العالم بطول 108 أمتار، مكوّن من أكثر من 600 ماسة مصنّعة مخبريًّا وذهب وردي عيار 18 قيراطًا. وعلى هامش المعرض تُنظم مجموعة من البرامج وورش العمل والأنشطة المتخصصة في عالم صناعة الذهب والمجوهرات، والتي ستقدم للمشاركين الفرصة لتطوير مهاراتهم وأعمالهم وزيادة معارفهم حول آخر مستجدات وتطورات هذه الصناعة على النطاق العالمي، والاطلاع على أحدث الأجهزة والتقنيات والمعدات المستخدمة في تصميم المجوهرات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store