logo
إشاعة تسبَّبَت بطردي

إشاعة تسبَّبَت بطردي

إيلي عربيةمنذ 6 أيام

يوم دعاني نبيل لِشرب فنجان قهوة سويًّا، شعرتُ بالفخر والسعادة، لأنّ ذلك الزميل كان وسيمًا للغاية. للحقيقة، لَم أتصوّر أنّه مُهتمّ بي، فأنظاره كانت مُوجّهة لفتاة أخرى في الشركة، وقد حسَدتُها سرًّا. لِذا، قبِلتُ الدعوة بسرعة، وانتظرتُ أن تأتي فرصة نهاية الأسبوع بفارغ الصبر لتبدأ ما تخيّلتُها قصّة حبّ جميلة.
إلّا أنّ لقاءنا لَم يكن كما تصوّرتُه على الاطلاق، بل ظلَّ نبيل يتكلّم عن نفسه وقدراته ليس فقط المهنيّة، بل أيضًا الغراميّة. وبدا لي الوضع وكأنّه بحاجة إلى مُستمِعة لإنجازاته وليس لفتاة يُغازلها أو يتكلّم معها عن أمور رومانسيّة. هو لَم يسألني ولو سؤالًا واحِدًا عن نفسي، مع أنّني كنتُ قد تحضّرتُ لأُخبره بضع أمور مُهمّة عن حياتي وأفكاري وتطلّعاتي. إنتهى الموعد كما بدأ، وتركتُ المقهى وأنا أشعرُ بملَل عميق وخَيبة أمَل كبيرة. وحين انتهَت فرصة نهاية الأسبوع، تصرَّفَ نبيل في الشركة وكأنّ موعدنا كان ناجِحًا وعرَضَ عليّ أن نلتقي مُجدّدًا. ومع أنّ حماسي كان في أدنى درجاته، فقد قرّرتُ إعطاءه فرصة ثانية كَي لا أظلمه... ولأنّه كان بالفعل وسيمًا.
لَم يتغيّر شيء بتاتًا في ذلك اللقاء، بل زادَ نبيل تشاوفًا، فتركتُه يتكلّم لوحده بينما أخذتُ هاتفي وتفرّجتُ على فيديوهات، ولَم يُضايقه الأمر أبدًا! عدتُ إلى البيت مزعوجة للغاية، وقرّرتُ أنّ لا فائدة مِن مُتابعة رؤيته خارج الشركة. ولِذلك قلتُ له حين هو طلَبَ موعدًا جديدًا:
ـ إسمع يا نبيل، أنتَ شاب مُمتاز لكنّني لَم أشعُر أنّ هناك مِن أمور مُشتركة بيننا، فمِن الأفضل أن نبقى زملاء. عليكَ البحث عن صبيّة أخرى.
ـ ماذا؟!؟ هل تعنين ما تقولينَه؟!؟ لا أحَد كلّمَني هكذا مِن قَبل!
ـ لا داعٍ للانفعال، أقولُ لكَ إنّني لا أرى مِن سبب للخروج سويًّا مُجدّدًا. لَم يحصَل شيء بيننا لتستاء هكذا، صدّقني.
ـ أنتِ إنسانة مُتشاوِفة! أنظري إلى نفسكِ قليلًا! لستِ جميلة بالفعل، بل عاديّة للغاية! أنا أستحقّ أفضل منكِ.
ـ حسنًا... الحقّ معكَ... تستحقّ أفضل منّي، فاذهب وجِد غيري إذًا، المسألة حُلَّت.
ـ أنا آسِف... لَم أقصد ما قلتُه. تعالي نخرج سويًّا.
ـ قلتُ لكَ كلّا!
ـ حسنًا! ستندمين على ذلك، أيّتها الأفعى! فلا أحَد يرفضُني!
نظرتُ إليه بشفقة وضحكتُ في سرّي، لكنّني لَم أكن أعلَم أنّه يعني ما قالَه.
في البدء لاحظتُ أنّ البعض يتفاداني في العمَل، وأنّ زميلاتي المُقربّات صِرنَ مُحرجات للتواجد معي، خاصّة في فترة الاستراحة. لَم أفهَم السبب، لكنّ عقلي ابتكَرَ تفسيرات عديدة لا علاقة لها بأيّ أمر خطير. بعد ذلك، وجدتُ نفسي مُنعزِلة بطريقة شبه تامّة، إلى حين ناداني مُديري إلى مكتبه قائلًا:
ـ لستُ مسرورًا بعمَلكِ، يا آنسة.
ـ لماذا يا سيّدي؟ أقومُ بواجباتي على أكمَل وجه كما فعلتُ منذ قدومي إلى الشركة. ومِن فترة ليست بعيدة، تلقَّيتُ مِن جانبكَ تهاني حارّة ووعود بالترقية.
ـ لَم يكن الأمر كما اليوم، فلقد...
ـ أكمِل.
ـ لقد علِمتُ أمورًا عنكِ لا تُعجِبُني على الاطلاق، وأُفكِّر بالتخلّي عنكِ.
ـ تُريدُ فصلي؟!؟ لماذا؟!؟
ـ لأنّ أخلاقكِ لا تتماشى مع سياسة شركتنا.
ـ أخلاقي؟!؟ مِن حقّي أن أعلَم بما تتّهمُني!
ـ حسنًا... يُقال إنّكِ... أعني... إنّكِ تهوين الفتيات... أعني أنّكِ سحاقيّة.
ـ ماذا؟!؟ ما هذا الكلام الباطِل؟ وكيف تُصدِّق هذا الخبَر؟!؟ ومَن أطلقَه؟
ـ ليس مِن مهامي أن أُحقِّق بتفاصيل حياة موظّفِيّ الحميمة...
ـ لكن هذا ما تفعله سيّدي!
ـ ... إلّا أنّ مِن واجبي حماية سُمعة الشركة. أنتِ مطرودة.
خرجتُ مِن مكتبه باكية، وعندما رأيتُ نبيل يبتسِم بطريقة شنيعة، فهمتُ أنّه مَن أطلَقَ تلك الشائعة عنّي.
بدأتُ أجمَع أغراضي مِن مكتبي، حين دخلَت إحدى زميلاتي المُقرّبات وسألَتني عمّا يجري فأخبرتُها كلّ شيء. هي حزِنَت مِن أجلي وقالَت:
ـ نبيل هو الذي أخبَرَ الجميع أنّكِ سحاقيّة.
ـ طبعًا، ليُبرِّر رفضي له.
ـ للحقيقة، مِن الصعب رفض رجُل كنبيل، فأيّ فتاة طبيعيّة تتمنّاه!
ـ هذا لو كانت سخيفة وسطحيّة مثله! أبحثُ عن شاب مُثقّف ومُحِبّ وعاقِل، وإن كان أيضُا وسيمًا فذلك أفضل طبعًا. هذه هي جريمتي الوحيدة وأنتِ خذَلتِني كما فعَلَ باقي موظّفين الشركة. تصرّفتم وكأنّكم لا تعرفوني على الاطلاق. وبسبب صمتكم فقدتُ وظيفتي.
ـ مَن يرفض نبيل لو لَم يكن... أعني...
ـ الصبايا العاقِلات!
خرجتُ وأنا أبكي مِن الغضب ولَم أنظُر ورائي. لَم أقُل شيئًا لأهلي، لأنّ ذلك الموضوع لَم يكن ما نتناقَش به عادةً في العائلة. أخذتُ استراحة شهر قَبل أن أبدأ بالتفتيش عن وظيفة أخرى، وكانت تلك الفترة مُفيدةً لي حقًّا.
وجدتُ عمَلًا صدفةً في شركة كبيرة جدًّا ومُنافِسة للتي عمِلتُ فيها وطُردتُ منها، ومواصفاتي وخبرتي كانتا بغاية الأهمّيّة للمسؤولين فيها. لكن حين أجروا لي المُقابلة، سألَني المسؤول عن الموارِد الإنسانيّة لماذا توقّفتُ عن العمل لدى الشركة السابِقة. فأجبتُ بكلّ بساطة، عالمةً تمام العِلم أنّ باستطاعته الاتّصال بمديري السابِق وسؤاله. فقلتُ:
ـ لأنّ زميلًا لي شعَرَ بالامتعاض حين رفضتُه، فأطلَقَ عليّ إشاعة بشِعة وهي أنّني لا أهوى الرجال، بل النساء. والواقع أنّني لا أُريدُ مواعدة إنسان سخيف.
ـ يا لكِ مِن صبيّة قويّة لتقولي لي هذا!
ـ إنّها الحقيقة.
ـ حسنًا... لنُكمِل...
ـ قبَل أن نُكمِل يا سيّدي... أُريدُ معرفة موقفكم مِن تلك الشائعة التي أُطلِقَت حولي، فلستُ مُستعِدّة لتحمّل التنمّر مِن قِبَل أحَد.
ـ لا أظنّ أنّكِ مِن النوع الذي يسمَح لأحَد بالتنمرّ عليكِ، وأنا مُعجَبٌ بشخصيّتكِ وبسيرتكِ الذاتيّة إذ أنّكِ مُتعلِّمة وذات خبرة في مجال عمَلنا بالذات. إسمعي يا آنستي... هنا، لا نتدخّل في حياة موظّفينا الشخصيّة، بل نُركِّز على أدائهم ونتائجهم. سياستنا هي تقبّل كلّ الميول والأعراق والأديان وحتّى الإعاقات.
ـ مُمتاز... إلّا أنّني لستُ كما أُشيعَ عنّي يا سيّدي!
ـ هذا ليس مِن شأني. متّى تستطيعين بدء العمَل؟
إتّضَحَ أنّ العمَل في تلك الشركة كان مُثيرًا لوجود تحدّيات عديدة أحبَبتُها، لأنّها شكّلَت بالنسبة لي اختبارًا لِمهاراتي. كنتُ سعيدة لدرجة لا توصَف وأنا مُحاطةً بزملاء لا يتدخّلون بأمور بعضهم، بل يؤلّفون فريق عمَل مُتجانِس ومُتّحِد. حاوَلَ مُديري القديم استعادتي بعد أن علِمَ أين أعمَل، إلّا أنّني أجبتُه: "أنا آسِفة سيّدي، لكنّ أسلوبكَ ومناخ الشركة لا يتماشيان مع سياسة حياتي".
مرَّت حوالي السنة قَبل أن يُناديني المسؤول عن الموارِد الإنسانيّة إلى مكتبه ليسألَني:
ـ لقد تلقَّينا طلَبًا للتوظيف مِن شابّ كان يعمَل في المكان نفسه حيث كنتِ، وأوّد أن أسألكِ عنه وعن سيرته.
ـ إسمه نبيل م. وسيرته الذاتيّة مُمتازة ونحن بحاجة لموظّف مثله.
ـ يا إلهي!
ـ إنّه... إنّه الشابّ الذي رفضتُه وأطلَقَ تلك الشائعة ضدّي.
ـ ولهذا السبب سألتُكِ عنه.
ـ أعذرني سيّدي، لكن لو أنّه توظّفَ لدَيكم، سأضطّر لتقديم استقالَتي.
غادَرتُ مكتب الرجُل غاضِبة وبدأتُ أٌفكِّر جدّيًّا بِتَرك العمَل. كنتُ آسِفة حقًّا لأنّ وظيفتي الحاليّة أعطَتني كلّ ما إنتظرتُه وتمنَّيتُه، وكان مِن الواضح أنّ مواصفات نبيل تنطبِق على مُتطلبّات الشركة. ألن أتخلَّص مِنه أبدًا؟!؟ يا لَيتني لَم أقبَل دعوته لشرب القهوة في ذلك اليوم اللعين!
بعد حوالي الأسبوع، طُلِبتُ إلى مكتب المسؤول عن الموارِد الانسانيّة، وكَم تفاجأتُ بوجود نبيل عنده! جَلستُ بالقرب منه مِن دون أن أنظُر إليه بسبب غضبي العارِم، وإذا بالمسؤول يقول:
ـ لا داعٍ لأُعرِّفكما على بعضكما، أليس كذلك؟ أستاذ نبيل، أنتَ تسبّبتَ بطرد زميلتكَ في العمَل لِدوافع شخصيّة. لا تنكُر، فلقد تحقّقتُ مِن الأمر لدى زملائكَ الذين عرفوا الحقيقة بعد أن تفاخَرتَ أمامُهم بأنّكَ قادِر على الانتقام بِشراسة. أجل، لدَيّ طرق وسبُل عديدة لمعرفة ما أريدُه، خاصّة عندما يتعلّق الأمر بالشركات المُنافِسة.
ـ لا أدري عمّا تتكلّم!
ـ وتنوي المجيء إلى هذه الشركة عالِمًا تمام العِلم أنّ ضحيّتكَ تعمَل فيها، لماذا لَم تختَر شركة أخرى؟ أم لأنّكَ واثق مِن أنّكَ تستطيع تحطيم حياة زميلتكَ حين تشاء؟ وهل تتصوّر أنّنا نريد موظّفًا مثلكَ؟!؟ أرجو ألّا تكون قد تركتَ وظيفتكَ قَبل أن تأتي إلينا، لأنّكَ غير مرغوب بكَ هنا.
نظَرَ إليّ نبيل بغضب وقال: "أيتّها الفاجِرة!"، وخرَجَ بسرعة. بقيتُ صامِتة طوال الوقت، لأنّني لَم أتوّقَع حصول ما جرى على الاطلاق. شكرتُ الرجُل وعدتُ إلى عمَلي وبسمة عريضة على وجهي، لأنّني فهِمتُ أنّني وجدتُ مكانًا يحميني ويُقدّرني، ويُعطيني فرصة لأتحسنّ وأكبر.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

موظفو بنك ABC مصر يحتفلون بإطلاق تطبيق الهاتف المحمول الجديد للبنك «فيديو»
موظفو بنك ABC مصر يحتفلون بإطلاق تطبيق الهاتف المحمول الجديد للبنك «فيديو»

bnok24

timeمنذ 2 ساعات

  • bnok24

موظفو بنك ABC مصر يحتفلون بإطلاق تطبيق الهاتف المحمول الجديد للبنك «فيديو»

في مهرجان من المرح والتكنولوجيا والمشاعر الجيدة! احتفل موظفو بنك ABC مصر، بالمقر الرئيسي بالإطلاق المثير للتطبيق الجديد للهاتف المحمول للبنك بتقديم الهدايا، ولقطات من كشك الصور. وأعرب موظفو البنك عن سعادتهم بالتطبيق الجديد والبداية الرائعة لرحلة رقمية جديدة للبنك.

شيرين عبد الوهاب تعود إلى السينما بعد أكثر من 20 عامًا
شيرين عبد الوهاب تعود إلى السينما بعد أكثر من 20 عامًا

إيلي عربية

timeمنذ 4 ساعات

  • إيلي عربية

شيرين عبد الوهاب تعود إلى السينما بعد أكثر من 20 عامًا

اللحظة التي ينتظرها عشّاق شيرين عبد الوهاب ستبصر النور قريبًا جدًّا، وهي أن تعود إلى عالم السينما الذي كانت آخر مشاركة لها فيه مع فيلم «ميدو مشاكل»، الذي عُرِضَ عام 2003، أي منذ 22 عامًا. فقد أعلن القيّمون على فيلم «المشروع X»، أنّ الأغنية الدعائيّة له سوف تكون بصوتها، الأمر الذي أسعد جمهور النجمة من مختلف الدول العربيّة. وسيتمّ عرض هذا الفيلم في 21 مايو الجاري، وهو من تأليف وإخراج بيتر ميمي، ويشارك في بطولته كلّ من كريم محمود عبد العزيز، وياسمين صبري، وإياد نصّار، وعصام السقا، وأحمد غزّي، إلى جانب عدد من نجوم الشاشة الآخرين. والجدير ذكره، أنّ شيرين عبد الوهاب عانت من أزمات عدّة في السنوات الأخيرة، أحدثها، خلافها مع مدير صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعيّ، والذي تقدّمت ببلاغ رسميّ ضدّه لاستعادة سيطرتها على صفحاتها بعدما منعها من ذلك، حيث إنّه رفض تسليمها كلمات المرور الخاصّة بها إلّا مقابل مبالغ ماليّة إضافيّة. وعلى الفور، أجرت الجهات المسؤولة التحريّات اللازمة لكشف ملابسات الواقعة، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتهم، وضمان استعادة الفنانة السيطرة على حساباتها الرسمية.

توقٌ إلى الحرّية!
توقٌ إلى الحرّية!

إيلي عربية

timeمنذ 5 ساعات

  • إيلي عربية

توقٌ إلى الحرّية!

تكشف الفنّانة الفلسطينية - الأميركية ساج عيسى عن كنوز دفينة من الماضي، وتنسج سردية جديدة تربط الماضي بالحاضر بذكريات، ومشاعر، وأسئلة للتأمّل. قبل معرضها "لا تأمل شيئاً من بئر جافّة" في آرت دبي بالتعاون مع غاليري طبري آرت سبيس، كانت ساج عيسى مليئة بالقصص والتأمّلات، تتجلّى بوضوح في أعمالها. تقول: "يضمّ هذا المعرض مجموعة من اللوحات، والأعمال الخزفية، ومنحوتة معدنية كنت أعمل على تطويرها على مدار العام الماضي. تحمل الألوان التي استخدمتها طابعاً تأمّلياً ذاتياً، تتداخل عبر كلّ وسيط لاستحضار أصول مشتركة ـ عالم ومنظر طبيعي يربطها جميعاً". ينبع عملها بالسيراميك من رحلة قامت بها العام الماضي إلى فلسطين، عندما سافرت لظروف عائلية طارئة. أثناء وجودها هناك، أسرها منظر قرية عائلتها في بيتين، وتحديداً مصنع فخار يعود للقرن العاشر، وهو اليوم مغطى بحقل من أشجار الزيتون. وتوضح قائلةً: "بينما كنت أتجوّل في الأرض، اكتشفتُ شظايا فخارية مدفونة في التربة ـ شظايا من القرن العاشر، وقد تحقّق منها عالم آثار لاحقاً. أثار هذا الاكتشاف تساؤلات لديّ: ما معنى الحفاظ على القطع الأثرية القديمة حقاً؟ من يقرّر مصيرها؟ في كثير من الأحيان، تُحفظ هذه القطع خلف الزجاج أو تُنسى في مخازن المؤسّسات، وتُكتَم قصصها". استحوذ معرضها على قلب وروح تلك البقايا التي وجدتها في هذا الموقع، مما أعطى الأشياء شكلاً وهيئة جديدين، حيث قامت بدمج شظايا القرن العاشر هذه في أوعية من الطين. ومن الأمثلة على ذلك Landscape Amphoras حيث يتمّ إعادة صهر القطع ودمجها لإبتكار شيءٍ جديد، يحتوي على قطعة من الماضي بداخله. وأوضحت قائلة: "القطع المتبقية موجودة في وعاء زجاجي منفوخ يدوياً بعنوان "إن لم آخذها أنا، فسيأخذها غيري"، في إشارة إلى أقوال أحد المستعمرين من جهة، وإلى ممارسات إستخراج الآثار من قبل الجهات التي تزيل القطع الأثرية من سياقاتها لإيوائها في المؤسسات"، من جهة أخرى. هذا النهج يمنح المشاهد فرصة للتساؤل حول أهمية التاريخ في اللحظة الحالية، كما وتتضمّن أسماء كلّ قطعة من قطعها رسالة خفية ـ في بعض الأحيان تجد جذورها في جدل سياسي فيأتي عملها كإجابةٍ أو ردٍّ عليه، بينما في أحيانٍ أخرى يمكن أن تكون مستمدّة من الشعر أو من نوع نباتي معين. "الأسماء أو العناوين، بالنسبة لي، هي أكثر من مجرّد تسميات ـ فهي تحمل معنىً وثقلاً مجازياً وتشكّل نقطة الدخول إلى المشهد العاطفي أو المفاهيمي للقطعة". متأرجح بين الذاكرة والفقدان، يتشكّل عملها الفنّي من الفظائع التي تشهدها يومياً، والتي ظلّت مخفية، مكتومة، وغير معلنة. يصبح عملها الفنّي وسيلةً للحوار مع المشاهدين، حيث تُعيد الألوان، والأسماء، والمواد، إلى الأذهان قصةً أعمق عن الناس، والأماكن، والانتماء، والامتلاك. وعندما سُئلَتْ عن رسالتها للمشاهدين، قالت: "نحن أكثر من مجرّد صراعاتنا، وقصصنا تتجاوز الحزن بكثير. حتى في مواجهة فظائع لا تُصدّق، يستحقّ الفلسطينيون حرية الحلم، والتخيل، والإبداع، متجاوزين حدود المعاناة"

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store