logo
تحدّى المؤسسة الدينيّة وانتقد 'خروج الثورة من المساجد'، ماذا نعرف عن الشاعر السوري أدونيس؟

تحدّى المؤسسة الدينيّة وانتقد 'خروج الثورة من المساجد'، ماذا نعرف عن الشاعر السوري أدونيس؟

سيدر نيوز١٢-٠٤-٢٠٢٥

Getty Images
قليلون هم المثقفون العرب الأحياء القادرون على إثارة الجدل الحادّ في كل مرّة يُذكر فيها اسمهم. أدونيس هو قطعاً من هذه القلّة، إن لم يكن أكثرهم إثارةً للجدل على الإطلاق.
إلى جانب اعتباره من قبل كثيرين أحد أهمّ الشعراء العرب الحاليين، فقد ظلّ منذ ستينيات القرن الماضي شخصية محورية في الفكر العربي المعاصر، قادرة دوماً على إثارة الإعجاب الشديد والنقد القاسي، في آنٍ واحد.
وقد ارتبط اسم أدونيس على المستوى الشعبي خلال العقد الماضي بجائزة نوبل التي يتم ترشيحه إليها بانتظام منذ عام 1988، من دون أن يفوز بها. وبعد فوزه بجائزة 'غوته' الألمانية عام 2011 كأول أديب عربي، بات اسمه مطروحاً بشكل أكبر للحصول على نوبل، حتى أصبح الأمر أشبه بـ'ميم' يتناقلها الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي كل عام في موعد إعلان الفائزين بالجائزة العالمية.
وفي السنوات الأربع عشرة الماضية، ازدادت حدّة الاستقطاب حول الموقف من أدونيس على خلفية تعليقاته على الثورة السورية منذ بداياتها، لا سيما بعد مخاطبته بشار الأسد في يونيو/ حزيران 2011 في رسالةٍ مفتوحة نشرها في جريدة السفير اللبنانية، اعتبره فيها رئيسا منتخبا ذا شرعيّة.
قبل أن يتبع ذلك تصريحاته الشهيرة حول أن الثورة 'لا يمكنها أن تخرج من المسجد'.
وفي الآونة الأخيرة، عاد أدونيس إلى واجهة السجال مجدداً، بعد مشاركته في تظاهرة في باريس تندد بمجازر الساحل السوري – علما أن أدونيس هو ابن الساحل وينتمي إلى الطائفة العلويّة.
كذلك، كان قد صرّح، في أعقاب سقوط النظام السوري في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بـ'ضرورة تغيير المجتمع وليس النظام فقط'.
هذه المواقف وغيرها مثّلت استفزازاً لكثيرين من الذين لم يتمكنوا من التصالح مع الشاعر، متهمين إياه تارةً بالإسلاموفوبيا وتارةً بالطائفية.
إلا أنّ موقع أدونيس في قلب السجالات في العالم العربي ليس جديداً، بل عمره من عمر مسيرته الفكرية المُطارَدة منذ البداية بفكرة الحداثة وبتحدّي الموروثات، حتى أصبح بالنسبة للبعض 'هادماً للمقدسات' يستحق التحيّة على شجاعته في نقد الثقافة الإسلامية خصوصاً، وفي نظر البعض الآخر متبنياً لنظرة اختزالية إلى الشرق والإسلام.
هاجس 'الحداثة'
وُلد علي أحمد سعيد إسبر في قرية قصابين في ريف اللاذقية عام 1930، وأعاد اختراع نفسه مبكراً (عام 1947) باعتماد اسم أدونيس الذي يرمز إلى التجديد والبعث الأسطوري. وسيظلّ وفياً لمعنى الاسم الذي استعاره من إله الخصب والموت والبعث في الميثولوجيا المشرقية ما قبل الإسلام.
بعد تجربة قصيرة له في السجن في سوريا، بسبب عضويته في الحزب السوري القومي الاجتماعي، غادر أدونيس عام 1956 إلى العاصمة اللبنانية بيروت حيث شهد 'ولادته الثقافية' كما يقول.
أما 'الولادة الكونية'، فكانت في باريس التي وصل إليها عام 1960، قبل أن ينشر بعدها بعامٍ واحد كتاب 'أغاني مهيار الدمشقي' الذي مثّل محطة مفصلية في تطوّر القصيدة العربية الحديثة. كما يُعدّ عملاً تأسيسياً لما يُعرف اليوم بـ'القصيدة الحديثة' في الشعر العربي.
تزوج أدونيس من خالدة سعيد، وهي ناقدة أدبية سوريّة مشهورة.
كما أن أشهر أعماله الأدبية التي تلت كانت 'الكتاب' الذي صدر في ثلاث أجزاء بين عامي 1995 و2002، و'هذا هو اسمي' (1971).
جاءت مسيرة أدونيس الفكرية مدفوعةً بمهمة واضحة: تشكيل حداثة عربية تتحرر من قيود التقليد الثابت. ومن خلال شعره الرائد ومؤلفاته، كان أدونيس دائماً يؤكد أن ركود العالم العربي يعود إلى تراثه الفكري والديني الذي يراه 'مقاوماً بطبيعته للتغيير'.
وفي أعماله المهمة مثل 'مقدمة للشعر العربي' و'الثابت والمتحول' (1974)، قدم أدونيس أطروحته التي تمحورت حول 'ضرورة القطيعة المعرفية مع الماضي من أجل تحديثٍ حقيقي'.
وعلى العكس من مفكرين آخرين سعوا إلى الإصلاح من داخل الإسلام، جادل أدونيس بأن بنية الحضارة الإسلامية — إبستمولوجيتها (نظامها المعرفي) ولاهوتها السياسي— كانت 'غير متوافقة مع الحداثة'.
وظلّ أدونيس منذ ستينيات القرن الماضي، على الرغم من بعض التغيرات في آرائه تبعاً للأحداث السياسية المحيطة به، ملتزماً بنقد المؤسسة الدينية في العالم العربي.
'تسييس الدين هو نوع من تحويل الشمس إلى فرن'
والجدير بالذكر أن أدونيس يحرص دائماً على التفريق بين أمرين: الإسلام كعقيدة (أي الإسلام كدين في جوهره الروحي والنصّي)، وبين اللاهوت البشري الإسلامي (أي كل ما أُنتِج لاحقاً من تفسيرات وتأويلات وفِقه وكلام وفلسفة من قِبل البشر، أي العلماء والفقهاء والمفسرين على مرّ التاريخ).
ويركّز نقده على الثاني.
في مقابلة حديثة معه نُشرت في فبراير/ شباط 2025، يقول أدونيس: 'ليس للإسلام العربي على الأقل، مستقبل، على مستوى الحضارة والإبداع الحضاري، لكنه سيظل قائماً في أنظمة متعفنة وفي مؤسسات أكثر تعفناً وفي ممارسات مهينة للإنسان عقلاً وفكراً وحياة. هكذا سيظل قائماً أمثولة وأضحوكة في الآن ذاته للعالم كله. وهو ما يريده الحلف الأمريكي – الأوروبي. أن يظل المسلمون العرب غارقين في همومهم المنعزلة كلياً عن الإنسان وعن الحاضر البشري الخلاق. أن يظلوا غارقين في وقاحة الاستهلاك وفي نزاعاتهم المذهبية – القبلية'.
قبل هذه التصريحات بحوالي 50 عاماً، تحديداً عام 1973 تاريخ صدور كتابه الأشهر 'الثابت والمتحوّل'، عمل أدونيس على تطوير رؤية نقدية للثقافة العربية، مستنداً إلى مفهوم الصراع بين قوتين رئيسيتين:
'الثابت' ويمثل كل ما هو جامد وتقليدي ومرتبط برؤية مغلقة للعالم، بما في ذلك التفسيرات الدينية المتشددة والأطر الفكرية الراسخة التي تعيق أي تحوّل. و'المتحوّل' وهو ما يجسّد الديناميكية والإبداع والانفتاح على الحداثة، بخاصة في مجالات الفكر والأدب والفن.
يرى أدونيس أن سيطرة 'الثابت' على حساب 'المتحوّل' شكلت عائقاً أمام التطور الفكري والإبداعي في الثقافة العربية، مما أدى إلى انغلاقها أمام الحداثة.
قوبل هذا الكتاب الذي صدر في أربعة أجزاء، بإشادة من جهة بسبب جرأته، لكنه واجه أيضاً انتقادات متعددة، بخاصة من قبل المفكرين المحافظين.
في المقابلة الحديثة مع مجلة 'البعد الخامس' اللبنانية الثقافية، يكرر أدونيس نقده للإسلام السياسي قائلاً: إن 'تسييس الدين هو نوع من تحويل الشمس إلى فرن، هو تشويه لا للدين وحده، وإنما للإنسان ذاته، وللألوهة ذاتها'.
ويرى أن 'الثورة الإسلامية حتى اليوم تتمثل في الخروج كلياً من عالم الفقه. الفقه حوّل الدين إلى أمر ونهي، ومحا فضاءاته الروحية الخلّاقة العالية التي حاول المتصوفون أن يؤسسوا لها'.
وكرر المطالبة بـ'سلطة إسلامية حرة لا تستمد حريتها من الفقه وإنما تستمدها من الوحي ذاته: من الكتاب الإلهي'.
'بيان 5 حزيران'
لطالما رأى نقاد أن نقد أدونيس للواقع العربي والإسلامي يتسم بـ'الثقافوية' لأنه يركز بشكل أساسي على العوامل الثقافية والتراثية كأسباب رئيسية للتخلف والانحطاط، متجاهلاً إلى حد كبير العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تلعب دوراً محورياً في تشكيل هذا الواقع.
فهو مثلا يقول: 'يعيش الإسلام، بوصفه ديناً وثقافة معاً، مأزقاً تاريخياً لم يعرف حتى في ظلمات الخلافة العثمانية. لا خروج من هذا المأزق الذي يفرغ من كل بعد روحي أو فكري خلّاق، إلا بقراءة جديدة، غير فقهية، ترقى في عمقها وآفاقها في ضوء التجربة التاريخية، وعلى الأخص في ضوء مفهوم الناسخ والمنسوخ الذي وضعه الوحي نفسه في تجاوز كامل للكتب الفقهية والتي أصبحت جزءاً من الماضي، تخطّتها التجربة التاريخية الحيّة'.
ويضيف أنه 'دون ذلك، سيبقى المسلمون مجرد أداة، مجرد سلطة، مجرد كم بشري يعيش على هامش الإبداعات الكونية'.
رؤيته هذه تحيل إلى مواقف قديمة لديه تتخذ منحاً شبيهاً.
ففي أعقاب هزيمة الجيوش العربية في حرب الـ 1967 العربية –الإسرائيلية، نشر أدونيس 'بيان 5 حزيران' الذي أكد فيه أن 'العدو الذي هزمنا ليس عدو الخارج، بل هو عدو الداخل'، داعياً إلى 'مواجهة الهزيمة بواسطة ثورة فكرية وثقافية شاملة تعيد النظر بالإنسان العربي ذاته'.
ويرى المؤرخ اللبناني فواز طرابلسي في كتابه 'زمن اليسار الجديد' (2023)، أن أدونيس 'سيظلّ يغزل على هذا المنوال (النقد الثقافوي) بمنوعات شتى، ومعظمها في عداء للحركات الشعبية، بحجة أن الثورة لا يجوز أن تقتصر على السياسية، وعليها أن تكون ثورة ثقافية'.
'لقد استفاقت شيعية أدونيس'
Google
ولعلّ من أشهر السجالات التي طبعت تاريخ الفكر العربي، كان سجال المفكر السوري الماركسي الراحل صادق جلال العظم مع أدونيس في ثمانينات القرن الماضي، على خلفية حدثين أحدهما سياسي – وهو إطاحة الثورة الإيرانية بحكم الشاه في عام 1979 – أما الثاني فكان ثقافيا تمثل في صدور كتاب 'الاستشراق' للمفكر الفلسطيني-الأمريكي إدوارد سعيد الذي وجه فيه نقداً للصورة النمطية الثابتة للشرق والإسلام التي رسخها مفكرون غربيون تاريخياً.
وأبدى أدونيس إعجابه بالثورة الإسلامية في إيران، وكتب قصائد مديح لها.
وفي كتابه 'ذهنية التحريم' (1992)، رأى العظم أن أدونيس، وتحت تأثير إعجابه بتلك الثورة، مثّل نموذجاً لـ'الاستشراق المعكوس'.
وكان العظم يعتقد أن المفكر الفلسطيني-الأمريكي إدوارد سعيد وقع في كتابه الشهير 'الاستشراق' (1978) في الخطأ ذاته الذي ينتقده في نظرية الاستشراق، حيث 'تبنى رؤية المستشرقين ذاتها ولكن بصورة معكوسة'.
فكما أن 'الاستشراق الأكاديمي الغربي يقوم على ميتافيزيقيا الفوارق الجوهرية والثابتة بين الشرق والغرب، يعيد بعض المفكرين العرب إنتاج هذه الميتافيزيقيا في صورة مقلوبة، حيث يصبح الإسلام هو المحرك الأساسي للتاريخ العربي، متجاهلين العوامل الاقتصادية والاجتماعية'، بحسب العظم.
وبنظر العظم، انتقل أدونيس من الدعوة إلى القطيعة التامة مع الموروث الديني في الستينيات إلى الدفاع عن الأيديولوجيا الإسلامية كمحرك للتاريخ.
وفي كتاباته في تلك المرحلة، كان أدونيس يرفض مفاهيم القومية والعلمانية والاشتراكية باعتبارها غريبة على 'الكلّ الإسلامي'، فيما يؤكد 'تفوّق الشرق بروحانيته على الغرب المادي'.
كما تبنى أدونيس في ذلك الوقت، بحسب قول العظم، رؤية للحداثة ترتكز على الإبداع بوصفه جوهراً ميتافيزيقياً خارج عن التاريخ والصيرورة. وفي رؤيته للإبداع، يضفي أدونيس عليه 'صفات تكاد تجعله مفهوماً إلهياً، حيث يتماهى مع تجربة صوفية شرقية تتجاوز حدود التقنية والعقلانية الغربية'، كما يرد في كتاب 'ذهنية التحريم'.
وهكذا بالنسبة للعظم، يعيد أدونيس إنتاج الاستشراق الغربي ولكن من منظور شرقي معكوس، يرسّخ ثنائية الشرق والغرب بدلاً من تفكيكها.
وفي مقابلة مع العظم عام 2013، كرّر العظم العبارة التي قالها في مرحلة ما بعد الثورة الإسلامية: 'لقد استفاقت شيعية أدونيس'، مبرراً قوله بأن أدونيس نظم قصيدة مدح بالمرشد الأعلى السابق للجمهورية الإسلامية روح الله الخميني.
ويضيف أن أدونيس 'دافع عن ولاية الفقيه وليس عن الثورة. هو نظّر بلغة النبوّة والإمامة والفقه الشيعي. كما كتب أن الإمامة هي استمرار لوحي النبوة'.
الموقف من الثورة السورية
إذا كان موقف أدونيس من الإسلام والثقافة العربية قد أثار الجدل لفترة طويلة، فإن موقفه من الثورة السورية كان الأكثر إشكاليةً على المستوى الشعبي.
عندما اجتاحت الاحتجاجات العالم العربي في 2011، رفض أدونيس تأييد الثورة السورية بشكل كامل، مؤكداً من جديد على ضرورة العلمانية ومحذراً من الثورات التي تقودها القوى الإسلامية.
ويقول صادق جلال العظم عام 2013 تعليقاً على مقولة أدونيس الشهيرة إن 'الثورة لا تخرج من المساجد': 'ولكن من بنى مساجد أكثر من أي عهد في سوريا؟ عهد البعث. أدونيس يريدهم أن يخرجوا من السينمات والمسارح. ولكن من أقفل دور السينما في دمشق؟ عهد البعث. إذا كان يريدهم أن يخرجوا من المرافق الثقافية المتقدمة، واضح أنه لم يبق شيء إلا الجوامع ليتجمع فيها الناس'.
وفي مقابلة عام 2019، أعتبر أدونيس الربيع العربي 'قد فشل' بعدما كان متفائلاً به في البداية.
كما جادل أدونيس أيضاً بأنه 'لكي تكون الثورة حقيقية، يجب أن تقترح رؤية تغييرية تؤدي إلى مجتمع أفضل'.
بدلاً من ذلك، هو يرى أن الانتفاضات أدت إلى 'نتائج أسوأ من الأنظمة التي سعت إلى استبدالها'.
وانتقد حركات المعارضة لكونها 'تعكس' الاستبداد الذي سعت إلى الإطاحة به، وأعرب عن أسفه لعدم وجود تحول ثقافي وأيديولوجي أوسع يصاحب التغييرات السياسية.
كما انتقد عجز حركات المعارضة العربية عن تحدي العقيدة الدينية، ولا سيما 'فشلها في الدعوة إلى فصل الدين عن الدولة وتحرير المرأة من القيود الدينية'.
في المقابلة الحديثة معه المذكورة سابقاً، قال أدونيس إن 'تغيير السلطة وحدها أو النظام السياسي لا معنى له إلا إذا اقترن بمشروع لتغيير المجتمع نحو الأفضل – في مزيد من الحرية ومن تعميق البناء الاجتماعي على القيم المدنية الإنسانية المشتركة، في معزل كامل عن الدين'.
وأضاف لقد 'تعبت سورية من كونها ظلاً في صحراء الأسد وآله، والآن ظلاً في صحراء الخلافة العثمانية بعباءتها الأردوغانية'.
وبعد ظهوره أخيراً في تظاهرة في باريس للتنديد بالمجازر التي شهدها الساحل السوري، عادت إلى الواجهة اتهامات قديمة لأدونيس بالطائفية.
في مقابلة تلفزيونية معه عام 2019 يقول أدونيس، إن صورة العلويين 'مشوّهة وهي صورة سياسية مفروضة عليهم فرضاً. فهم كفئة أو كجماعة إسلامية، يجب ألا ننظر إليهم عبر هذه الصورة السائدة'.
'ثم العلويون كغيرهم من الأفراد، فيهم السيئ وفيهم الصالح. إنما ما كان يهمني هو العمق الفكري الذي قاموا عليه. والعمق الفكري المرتبط بالعمق الروحي هو نظرتهم إلى الوجود. ونظرتهم إلى الوجود قامت على مفهوم مستقى من الفلسفة اليونانية، ثم أعطوها بعداً إسلامياً: إنها العلاقة بين المعنى والصورة. هذا الوجود له معنى، لكن هذا المعنى يتجلى في صور متنوعة'.
كما أكد في المقابلة نفسها أن 'الديمقراطية لا تعني مجرد التصويت أو الانتخاب بحرية، إنها تعني أولا الاعتراف بالآخر المختلف، بحقوقه الكاملة في جميع الميادين وعلى مختلف الصعد. إنها في ما وراء مفهومات الأقلية والأكثرية. فهذه مفهومات لا تنظر إلى الإنسان المواطن من زاوية الانتماء إلى مجتمع واحد، بل من زاوية الانتماء إلى إثنية أو مذهب أو طائفة أو قبيلة'.
وأضاف أن 'الإنسان بإنسانيته لا بإثنيته أو مذهبه أو كونه من الأقلية أو من الأكثرية ووفقاً لهذه المبادئ لا يمكن (..) المسلمون أن يكونوا ديمقراطيين. إنهم اثنان: متبوع أو تابع في كل شيء'.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المرحلة الذهبية للتفاهة
المرحلة الذهبية للتفاهة

المدن

timeمنذ 10 ساعات

  • المدن

المرحلة الذهبية للتفاهة

في نفوس الجماعات والأفراد، حنينٌ دائم إلى مرحلة معينة تشّكل في نظرهم ذروة الازدهار: مرحلة خيالية غالباً، حيث الحياة تشبه "نهراً طويلاً هادئاً" على اسم الفيلم الفرنسي الساخر. الإسلاميون بمختلف مشاربهم يحنّون وأحياناً يطمحون إلى فرض مرحلة بعينها من تاريخ الحضارة الإسلامية الغنيّ، كنموذج أوحد من تصوّرهم عن الإسلام. أتباع الديانات الأخرى لديهم أيضاً تهويماتهم عن عصور ذهبية غابرة، أوهام قد تدفع بهم إلى احتلال أرض الآخرين ولو بعد آلاف السنين كي يتحقق الوعد الإلهي القاطع. البشر قادرون على تبرير كل شيء: الجشع، والأنانية وحتى الإجرام المقدّس! تمرّ هذه الفكرة في رأسي بعد ظهر يوم جمعة، بعد أسبوع طويل من العمل والجلوس في مكتب مزدحم. لسنوات كان لي مكتبي الخاص المنعزل الذي رتبته كما أريد، وأضفت إليه إبريق غلي الشاي الكهربائي، والعسل للتحلية، وأنواعاً عديدة من شاي ما بعد الظهيرة. هذا المكتب الذي انطبعت جدرانه المصفرّة في ذاكرتي، صار ملجئي حيث كنت أمضي ساعة أو ساعتين كل يوم لإعادة ترتيب العالم، كما يقول شاعر فرنسي، أو لبرمجة أفكاري وتنظيمها. ويا له من ترف أن يكون لك مكان مرّ عليه زملاء وأصدقاء كثر قبل أن يرحلوا جميعاً ويتركوه لك وحدك. بقيت لسنوات أغلق الباب على نفسي في ذلك المكتب، محاولةً ألا أزعج زميل التعليم في قسم اللغة الإسبانية في المكتب المجاور، والذي يدفن رأسه دوماً في حاسوبه من دون أن ينطق بكلمة واحدة. هذه العزلة المقدسة ورفقة زملاء أعزاء طويلة، دفعتني إلى تحمّل الفقر الماديّ بسبب الراتب القليل، لكني أحببت عملي ومكاني وكرهت التنقّل، لأننا في الغربة نتشبث بالأماكن القليلة التي فيها شبه من أماكننا الأصلية. لكن الوفاء في النظام الرأسمالي عملة صدئة لا تُصرف، لذلك قررت هجر ذاك المكتب أخيراً، مُجبرةً، إذ لا وقت لديّ الآن أمضيه مع صور فروغ فرخزاد وعمر الشريف وفاتن حمامة وجان بول سارتر وسيمون دوبوفوار، متنقلّة كل يوم بين قراءة الصحف بالعربية وتحضير الصفوف بالفرنسية ومتابعة الشؤون الإدارية بالإنكليزية. رحلتي في عالم العمل الأميركي بدأت معكوسة: عشت مرحلة التقاعد قبل الدخول الفعلي إلى ثقافة العمل والجينز المسموح به يوم الجمعة فقط. أنتِ في مرحلة العبودية المختارة، قال لي صديق، عبودية قاومتها طويلاً قبل الوقوع في سجنها. هل كانت تلك العزلة مرحلتي الذهبية؟ لا أحب التفكير في ذلك! أريد أن أفكّر ككل التقدميين الحمقى بأن مرحلتي الذهبية تنتمي إلى المستقبل لا إلى الماضي. على أي حال يا لتلك الفكرة العقيمة! ترامب يصرخ كل يوم في التلفزيون بأنه سيعيد أميركا إلى عظمتها مجدداً، واليمينيون الأوروبيون يحلمون بعودة الفاشية إلى بلدانهم أو بعهد "الرجال الكبار" قبل مرحلة قتل الأب المتمثلة بقطع رؤوس الملكية. يحلم اليمينيون بالماضي كما تحلم العجوز بعودة الصبا، فيما يعيش التقدميّون مرحلة أمل مراهقة مستمرة. أما الواقع فلا يأبه حقاً، فهو موجود في مكان ما بعيداً من الصراخ البشريّ المزعج المواكب له. ساعات طويلة تمرّ كل يوم: برامج ونماذج وأوراق وذكاء اصطناعي وقوانين الولاية والمدارس ووجع الرقبة وأخبار العالم العربي المخيفة. ساعات أحاول فيها استدراج ذاكرتي إلى مرحلة ذهبية وأفشل تماماً، الـ"هنا والآن" أقوى من أي استرسال في ذكريات بعيدة أو خيالات عن المستقبل. الفواتير والاتصالات الضرورية ومتابعة شؤون الأولاد والدراسة والعمل لا تترك ترف التفكير في أي شيء آخر. وحده القلق زائرُ دائم يطرق الباب آخر الليل حين ينتهي كل شيء، وأفشل في إطفاء دماغي المتوثب. هل سأصبح يوماً فأرة مكتب؟ موظّفة مثالية تحمل كوب القهوة في الصباح وملفاتها آخر النهار؟ هل هذا ما أردته حقاً؟ أجيب نفسي: بل هذا ما كان ممكناً بعدما لفظتنا تلك الأوطان العنيفة. هل عشتُ مرحلة ذهبية؟ لا بد أن المرحلة الذهبية تبدأ بالاعتراف بالواقع والسعي إلى تحسينه أولاً. قدماي مغروستان في الرمال المتحركة، وأعرف بأنه في العمل كما في السياسة، لا عدو دائماً ولا صديق دائماً. بالعودة إلى الصديق الذي تحدّث عن العبودية المختارة، فقد سألني: على اعتبار أننا نعيش اليوم مرحلة ذهبية، فما هو عنوانها؟ أجبته ضاحكة: المرحلة الذهبية للتفاهة!

بينالي الفنون الإسلامية يسلط الضوء على التراث الإسلامي
بينالي الفنون الإسلامية يسلط الضوء على التراث الإسلامي

الديار

timeمنذ 2 أيام

  • الديار

بينالي الفنون الإسلامية يسلط الضوء على التراث الإسلامي

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب تحت عنوان "وما بينهما"، في كانون الثاني الماضي، فعاليات الدورة الثانية من "بينالي الفنون الإسلامية" في مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، بتنظيم من "مؤسسة بينالي الدرعية". ويشكل البينالي الذي يستمر حتى 25 أيار الجاري، منصة ثقافية وفنية تجمع بين الفن والمعرفة، وتسعى لتعميق التأمل في العلاقة بين التحولات الاجتماعية والثقافية والفنون الإسلامية. وضم البرنامج الثقافي المصاحب للبينالي سلسلة من اللقاءات والمحاضرات وتسليط الضوء على قضايا الهوية، والتاريخ، والتراث المعماري في العالم الإسلامي. تناولت هذه اللقاءات موضوعات متعددة، منها ممارسات الترميم والصيانة في مكتبة الفاتيكان، وتاريخ مكتبة الخالدية في القدس وما تحتويه من مخطوطات نادرة، بالإضافة إلى الإرث المكتوب في التقاليد الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة. وشمل البرنامج محاضرة "السماء والأرض وعشرة آلاف شيء"، التي استعرض خلالها المصور، بيتر ساندرز، العلاقة العميقة بين الإسلام والصين عبر العصور، وورشة عن "صناعة البلاط الخزفي المستوحى من بيوت جدة التاريخية"، وجلسة "لماذا يؤلف الفنانون الكتب؟"، بمشاركة فنانات مثل فاطمة عبد الهادي، وآلاء يونس، وتمارا كالو، وحياة أسامة. وسلطت هذه الجلسة الضوء على الكتاب كوسيلة فنية مبتكرة، تتجاوز الطباعة لتصبح مساحة للتفكير البصري، والتجريب، والحميمية، حيث تشكل كتب الفنانين امتداداً لأعمالهم وتفتح أمام الجمهور تجربة فنية مختلفة وتفاعلية. ومن أبرز جلسات "لقاءات البينالي" لهذا العام، جلسة بعنوان "مشاريع محلية تعنى بالتراث الثقافي الإسلامي"، التي تجمع نخبة من المهتمين بصون التراث السعودي، مثل سارة العبدلي، وفواز المحرج، وطيب الطيب، وعبد الله القاضي. كما تعقد جلسة أخرى بعنوان "البيت الحرام: بحث في الكعبة المشرفة" للكاتب والفنان السعودي، علي القريشي، وتتناول الكعبة من منظور تاريخي ومعماري، وتسرد تطورها ورمزيتها في العالم الإسلامي. ويقدم البينالي أيضاً ورشاً تفاعلية مثل "بينالي بعد المدرسة"، و"بينالي بعد العمل"، وفعاليات أسبوعية متنوعة تشمل "خميس الطهي"، و"أيام السبت للرسم"، و"أمسيات السينما". ويشارك في البينالي هذا العام أكثر من 30 مؤسسة دولية من دول متعددة بينها السعودية، وفلسطين، ومصر، وسلطنة عمان، وفرنسا، وإيطاليا، والولايات المتحدة، وإندونيسيا، والبرتغال. ويضم البينالي أكثر من 500 قطعة أثرية وفنية موزعة على 7 أقسام رئيسية هي: البداية، المدار، المقتني، المظلة، المكرمة، المنورة، المصلى.

فيديو مسرّب لنجل بشار الأسد... رقص بطريقة غريبة وهذا ما قاله ممثل سوريّ!
فيديو مسرّب لنجل بشار الأسد... رقص بطريقة غريبة وهذا ما قاله ممثل سوريّ!

ليبانون 24

timeمنذ 2 أيام

  • ليبانون 24

فيديو مسرّب لنجل بشار الأسد... رقص بطريقة غريبة وهذا ما قاله ممثل سوريّ!

نشر الممثل السوري سامر المصري فيديو مسرّب عبر خاصية "ستوري" عبر حسابه على "انستغرام"، لنجل الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وهو يرقص داخل ملهى ليليّ بطريقة غريبة. وعلّق المصري على الفيديو قائلا: "لولا لطف الله كان هيدا حكمنا شي 40 سنة". A post shared by Mohamed almasri (@nahfaat_syria)

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store