logo
تحديات الدمج التعليمي في الأردن: بين الواقع والمأمول

تحديات الدمج التعليمي في الأردن: بين الواقع والمأمول

الغد١٢-٠٥-٢٠٢٥

تاله كساب*
في كل فصل دراسي، هناك طفل يجلس في زاوية الصف ويحلم بأن يكون جزءًا
من المجموعة، أن يُعامل كما يُعامل الآخرون، وأن يسمع صوته ويُرى جهده. التعليم
الدامج لا يتعلق فقط بالسياسات أو القوانين، بل هو قبل كل شيء موقف إنساني يؤمن
بأن لكل طفل، مهما كانت ظروفه، الحق الكامل في التعلم والنمو داخل مجتمع متقبل
وداعم.
اضافة اعلان
في الأردن، بدأت الدولة خطوات مهمة نحو تعزيز هذا المفهوم، فتبنّت
وزارة التربية والتعليم منذ سنوات مبادئ التعليم الدامج، وأطلقت استراتيجيات وطنية
مثل "الاستراتيجية الوطنية لتعليم الأشخاص ذوي الإعاقة 2020-2030"
(وزارة التربية والتعليم، 2020). هذه الجهود شكّلت أساسًا جيدًا، لكنها ما زالت
تحتاج إلى تفعيل حقيقي في المدارس والصفوف، حيث يواجه الميدان اليوم تحديات تعيق
تحقيق الدمج الشامل والفعّال واحدة من التحديات الكبرى التي يواجهها الدمج في الأردن هي غياب
الكوادر المتخصصة بشكل كافٍ كثير من المعلمين، رغم اجتهادهم، لم يتلقوا التدريب
الذي يمكّنهم من دعم الطلبة ذوي الإعاقة بطريقة تربوية مناسبة (عياصرة، 2019).
ونتيجة لذلك، يشعر بعض الأطفال بأنهم غير مفهومين أو غير قادرين على مجاراة
أقرانهم.
إلا أن التحدي الأعمق يتمثل في المواقف المجتمعية تجاه الإعاقة، حيث
لا تزال بعض الفئات تنظر إلى الطالب من ذوي الإعاقة باعتباره عبئًا أو حالة تستدعي
الشفقة. وعندما تنتقل هذه النظرة إلى بيئة المدرسة، فقد تتجلى في سلوكيات إقصاء أو
تنمر، ما يؤثر سلبًا على ثقة الطالب بنفسه وقدرته على التفاعل. وفي مثل هذه
الظروف، لا يعاني الطالب وحده، بل تمتد المعاناة لتشمل أسرته التي تكافح من أجل
حصوله على تعليم عادل وشامل.
في كثير من الأحيان، تفتقر المناهج الدراسية إلى المرونة اللازمة
لاستيعاب الفروقات الفردية بين الطلبة، خصوصًا أولئك من ذوي الاحتياجات الخاصة.
فهي تقدم بشكل موحد وجامد، دون مراعاة للتعديلات التربوية أو الأدوات المساعدة
التي قد تسهّل الفهم والاستيعاب. وبدلاً من أن تكون المناهج وسيلة لتحفيز النمو
الشخصي والمعرفي، تتحول في هذه الحالة إلى عبء إضافي يُثقل كاهل الطالب ويعيق
تقدمه.
في أحد فصول كتاب - التعليم الدامج عند مفترق
الطرق- والذي حرره الباحثان آلان دايسون
وآلان ميلوارد شُبّهت التحديات المعقدة بالفيل في الفصل الدراسي ذلك الأمر الضخم
الذي يدرك وجوده الجميع لكن يفضل تجاهله الجميع.
في السياق العربي عامة لا يزال هذا الفيل
حاضرا فكثير من السياسات تصاغ لتكون دامجة على الورق لكنها لا تترجم فعليا في
الصفوف المدرسية يعود التحدي الحقيقي إلى تهيئة النظام التعليمي ليس فقط قبول
الطفل داخل الصف.
ورغم كل ذلك، فإن الأمل لا يغيب. هناك معلمون يصنعون فرقًا حقيقيًا
رغم ضعف الموارد، وهناك مدارس بدأت تشق طريقها نحو الدمج الحقيقي، وهناك أصوات
بدأت تعلو تطالب بالتغيير. يرى كثير من التربويين أن الحل يبدأ من الإيمان بأن كل
طفل يستحق فرصة، ثم يتطلب تنسيقًا بين الوزارات المعنية، وتدريبًا حقيقيًا
للمعلمين، وتعديلات مرنة على المناهج، والأهم، بناء ثقافة مدرسية ومجتمعية قائمة
على الاحترام والتقبل. (UNESCO, 2017).
التعليم الدامج ليس حلمًا بعيدًا، بل هو حق. وبين واقع مليء بالتحديات
ومأمول يقترب كلما تعزز الإيمان بقيمة الإنسان، يمكن للأردن أن يكون نموذجًا
ملهمًا في تحقيق العدالة التعليمية للجميع وهذا ما يتم العمل عليه وأملنا أن نلمس
التغيير الحقيقي .
*أخصائية تربية خاصة – ماجستير تربية خاصة
للطفولة.
المراجع:
الأمم المتحدة.
(2006). اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
وزارة التربية والتعليم. (2020).
الاستراتيجية الوطنية لتعليم الأشخاص ذوي الإعاقة 2020-2030. عمان: وزارة التربية
والتعليم الأردنية
عياصرة، خالد. (2019). واقع تدريب
معلمي المدارس الحكومية على استراتيجيات التعليم الدامج في الأردن. مجلة التربية
الخاصة والتأهيل، 7(3)، 45-62
دكتور خالد عياصرة – أستاذ مشارك في
كلية العلوم التربوية جامعة عمان العربية
UNESCO. (2017). A Guide
for Ensuring Inclusion and Equity in Education. Paris: UNESCO
اقرأ أيضاً:

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جرش: محمية المأوى ملاذ للحياة البرية ونموذج للسياحة
جرش: محمية المأوى ملاذ للحياة البرية ونموذج للسياحة

رؤيا نيوز

timeمنذ 2 ساعات

  • رؤيا نيوز

جرش: محمية المأوى ملاذ للحياة البرية ونموذج للسياحة

تعد محمية المأوى في جرش من أبرز الوجهات البيئية في المملكة، لما تتميز به من تنوع حيوي وغطاء غابي وموقع مرتفع يطل على عمان وجبال السلط ونابلس واربد وجبل الشيخ. وقال مدير المحمية مصطفى خريسات، ' أنشئت المحمية عام 2010 بالشراكة بين مؤسسة الأميرة عالية بنت الحسين ومنظمة فيير فوت النمساوية، بدعم من صندوق أبو ظبي للتنمية على مساحة تتجاوز 1100 دونم، بهدف توفير بيئة آمنة للحيوانات البرية التي تعرضت لظروف قاسية '. وأضاف أن المحمية تحتضن حاليا 24 حيوانا مفترسا من بينها 18 أسدا إفريقيا، ونمران من فصيلة البنغال، ودبان من نوع يوري البني، وآخران من نوع الدب الآسيوي، مبينا أن هذه الحيوانات تم إنقاذها من مناطق نزاع أو تم تسليمها من مواطنين أو صودرت من حدائق حيوانات مخالفة. وأكد أن المحمية تهدف إلى إعادة تأهيل وتوطين الحيوانات المفترسة في بيئة مشابهة لبيئتها الطبيعية مع توفير الرعاية البيطرية والغذاء المناسب، كما تتيح للزوار مشاهدة هذه الحيوانات من خلال مساحات آمنة تلعب دورا مهما في رفع الوعي بمخاطر الاتجار بالحيوانات واقتنائها بشكل غير قانوني. وبين أن المحمية توفر بيئة مثالية للتدريب والتعليم العملي للطلبة والأطباء البيطريين من مختلف أنحاء المنطقة، ما يسهم في رفع كفاءاتهم في التعامل مع الحيوانات البرية وتأهيلها. وأكد أن المحمية مستمرة في جهودها لحماية البيئة وتعزيز الوعي البيئي مع تطوير برامجها لاستقطاب المزيد من الزوار والمهتمين بالحياة البرية في المملكة .

تعيين محمد كنانة مديرا للمركز الوطني لتطوير المناهج
تعيين محمد كنانة مديرا للمركز الوطني لتطوير المناهج

رؤيا نيوز

timeمنذ 4 ساعات

  • رؤيا نيوز

تعيين محمد كنانة مديرا للمركز الوطني لتطوير المناهج

قرر المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج، في جلسته الأخيرة، الموافقة على تنسيب رئيس المجلس، محي الدين توق، بتثبيت تعيين محمد كنانة مديرًا للمركز. وبحسب بيان صادر عن المركز الوطني لتطوير المناهج، فإن كنانة يتمتع بخبرة طويلة ومتنوعة في مجالات إعداد المناهج وتطويرها والتقويم التربوي، إذ يحمل درجة الدكتوراه في المناهج والتدريس (المناهج العامة)، والماجستير في المناهج والتدريس، والدبلوم العالي في صعوبات التعلم، بالإضافة إلى درجة البكالوريوس في اللغة العربية. وأوضحت أن كنانة شغل عدة مواقع قيادية في وزارة التربية والتعليم، منها: مدير مديرية الاختبارات، ومدير إدارة المناهج والكتب المدرسية، ومدير إدارة الامتحانات والاختبارات، كما ساهم في تأليف العديد من المناهج الدراسية وأدلة المعلمين، وأشرف على إعداد أدلة معايير ومؤشرات الأداء، ومناهج محو الأمية، إضافة إلى إشرافه على الاختبارات الوطنية لضبط نوعية التعليم والمسوحات الوطنية التقييمية، والعديد من البرامج التربوية، أبرزها برنامج تعويض الفاقد التعليمي. ويُعد المركز الوطني لتطوير المناهج الجهة المتخصصة بتطوير المناهج التعليمية من مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر، بما ينسجم مع متطلبات مجتمع المعرفة ويُلبي احتياجات التنمية المستدامة، وذلك وفقًا لأحدث النظريات والأساليب التربوية والعلمية.

كنانة مديرًا للمركز الوطني لتطوير المناهج
كنانة مديرًا للمركز الوطني لتطوير المناهج

الغد

timeمنذ 5 ساعات

  • الغد

كنانة مديرًا للمركز الوطني لتطوير المناهج

قرر المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج، في جلسته الأخيرة، الموافقة على تنسيب رئيس المجلس، الأستاذ الدكتور محي الدين توق، بتثبيت تعيين الدكتور محمد كنانة مديرًا للمركز. اضافة اعلان يتمتع الدكتور كنانة بخبرة طويلة ومتنوعة في مجالات إعداد المناهج وتطويرها والتقويم التربوي، حيث يحمل درجة الدكتوراه في المناهج والتدريس (المناهج العامة)، والماجستير في المناهج والتدريس، والدبلوم العالي في صعوبات التعلم، بالإضافة إلى درجة البكالوريوس في اللغة العربية. وقد شغل الدكتور كنانة عدة مواقع قيادية في وزارة التربية والتعليم، منها: مدير مديرية الاختبارات، ومدير إدارة المناهج والكتب المدرسية، ومدير إدارة الامتحانات والاختبارات. كما ساهم في تأليف العديد من المناهج الدراسية وأدلة المعلمين، وأشرف على إعداد أدلة معايير ومؤشرات الأداء، ومناهج محو الأمية، إضافة إلى إشرافه على الاختبارات الوطنية لضبط نوعية التعليم والمسوحات الوطنية التقييمية، والعديد من البرامج التربوية، أبرزها برنامج تعويض الفاقد التعليمي. ويُعد المركز الوطني لتطوير المناهج الجهة المتخصصة بتطوير المناهج التعليمية من مرحلة رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر، بما ينسجم مع متطلبات مجتمع المعرفة ويُلبي احتياجات التنمية المستدامة، وذلك وفقًا لأحدث النظريات والأساليب التربوية والعلمية. إن انضمام الدكتور محمد كنانة إلى المركز بصفته مديرًا يشكل إضافة نوعية تعزز من جهود المركز في تحقيق أهدافه الاستراتيجية الوطنية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store