logo
حرب الصور بين«عربات جدعون» وحادث واشنطن

حرب الصور بين«عربات جدعون» وحادث واشنطن

صحيفة الخليجمنذ 7 ساعات

إنها حرب الصور تشتعل من جديد.ارتفعت نبرة الغضب في مراكز صنع القرار الأوروبية تنديداً بتواصل حربي الإبادة والتجويع على الشعب الفلسطيني المحاصر.
شاركت في تظاهرة الغضب دول أوروبية عديدة لم يعهد عنها اتخاذ مواقف على هذه الدرجة من الحدة ضد الدولة العبرية.
تطرقت الاحتجاجات السياسية والدبلوماسية إلى فرض عقوبات اقتصادية لا تحتمل على إسرائيل بالنظر إلى أن الاتحاد الأوروبي شريكها التجاري الأول وضرورة مراجعة الشراكة الاستراتيجية معها لإخلالها الفادح بالبند الثاني، الذي ينص على ضرورة الالتزام بحقوق الإنسان.
في الوقت نفسه بدأت دول أوروبية عديدة تتأهب للاعتراف بالدولة الفلسطينية. بدا مأزق الحكومة الإسرائيلية مستحكماً ومصير رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو موضع تساؤل وشك.
خسرت إسرائيل حرب الصور تماماً وبدت منكشفة أخلاقياً وسياسياً. ارتفعت أصوات عديدة في الغرب، تدعم إسرائيل ولا تناهضها، تقول إن نتنياهو صار عبئاً على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، وعلى الدولة العبرية نفسها.
بدأت تتناثر في الجو العام إشارات عن ضيق قطاعات واسعة من حركة «لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى» المؤيدة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحرب لا أفق سياسي لها، أو نهاية.
طرح على نطاق واسع سؤال إذا ما كان ممكناً أن يمضي نتنياهو في توسيع العمليات العسكرية، التي يطلق عليها «عربات جدعون» دون اكتراث بالمعارضات المتصاعدة في صفوف حلفائه التقليديين..
بصياغة أخرى لنفس السؤال: هل اقتربت نهاية نتنياهو؟ في ذروة أزمته المستحكمة وجد طوق إنقاذ مؤقتاً لكنه فعال، في حادث واشنطن.
تبدت أمامه فور إطلاق الرصاص على اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن فرصة سانحة ليتمركز أمام حلفائه وخصومه معاً ك«ضحية» لمعاداة السامية لا ك«مجرم حرب» صدرت بحقه مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية.
لم يتورع عن اتهام القادة الأوروبيين، الذين انتقدوا سياساته ومواقفه اللا إنسانية في غزة، بمسؤولية الاغتيال والتحريض على كل ما هو يهودي وإشاعة جو من الكراهية ضد إسرائيل!
التهمة نفسها وجهها لمعارضيه الإسرائيليين، كأن لحظة تصفية الحساب قد حانت. لم يفلت رئيس حزب الديمقراطيين اليساري يائير جولان من تهجماته مذكراً بما قاله قبل أيام من أن «إسرائيل في طريقها لتصبح دولة منبوذة بين الأمم على غرار جنوب إفريقيا سنوات الفصل العنصري».
كل من يعارضه هو معاد للسامية. بدوره حمله وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير مسؤولية حادث واشنطن متهماً إياه ب«الخيانة».
لماذا التركيز على «جولان» بالذات؟ لأنه- أولاً- رمز عسكري كلمته مسموعة في المؤسسة العسكرية، شغل سابقاً موقع نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي وكاد أن يعين رئيساً للأركان. ولأنه- ثانياً- بدا الأكثر حسماً من بين القادة العسكريين السابقين في وصف حرب غزة بالفاشلة، قائلاً بالحرف «إن الجنود يقتلون الأطفال الفلسطينيين كهواية»!
لم يتوقف نتنياهو ومن معه لدقيقة واحدة للبحث في الأسباب الحقيقية لحادث واشنطن بعيداً عن نظرية «العداء للسامية»، التي يتم استدعاؤها بمناسبة أو من دون مناسبة لتسويغ أشد الجرائم توحشاً ضد الإنسانية.
ما لم يجرؤ أحد على قوله، إنها مسؤولية السياسات العدوانية والإبادات الجماعية.
لم يكن الشاب الأمريكي من أصل لاتيني إلياس رودريجز عربياً أو مسلماً، لكنه تأثر بمشاهد التقتيل والتجويع، التي تجري أمام الكاميرات في غزة.
لا يوجد دليل واحد على أن وراء الحادث عملاً منظماً، كل ما هو متهم به أنه هتف، «الحرية لفلسطين». إنه حادث فردي، لكنه مرشح للتكرار في أماكن أخرى إذا ما استمرت آلة التقتيل الإسرائيلية في حصد الأرواح وإذلال البشر بالتجويع، كأنهم لا يستحقون الحياة.
حسب توقع وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر فإن «استهداف البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية سوف يستمر»، دون أن يعتذر هو عن إطلاق رصاص إسرائيلي على سفراء أوروبيين وعرب في مخيم جنين بالضفة الغربية قدموا إليه لمعاينة الأوضاع الإنسانية المزرية، التي بات عليها.
جرى استدعاء السفراء الإسرائيليين في عواصم عديدة لإبداء الاحتجاج على الجريمة المروعة، التي تمثل خرقاً فاضحاً للقوانين والأعراف الدولية.
من حيث المبدأ العام انتهاك حياة المدنيين جريمة حرب ضد الإنسانية، إلا أنه لا تصح المقارنة بين حادث اغتيال دوافعه فردية وحرب إبادة لشعب بأكمله، حتى أن دولاً أوروبية أطلقت على إسرائيل «دولة الإبادة».
بعد حادث واشنطن جرت تعبئة إعلامية وسياسية عكسية بذريعة أنها تتعرض لموجة جديدة من العداء للسامية.
تبارى القادة الغربيون في إدانة حادث الاغتيال بالعبارات نفسها، وأنه مدفوع بالعداء للسامية لا كردة فعل على همجية القوة وخرق كل القواعد القانونية والإنسانية.
جرت اتصالات بين نتنياهو وترامب، الذي وصف الحادث ب«الفظيع» متعهداً بالتصدي لمظاهر العداء للسامية وثقافة الكراهية.
كان حادث واشنطن بتوقيته وسياقه داعياً للتساؤل عن مدى وحدود التوظيف السياسي، الذي قد يسعى إليه نتنياهو لإعادة ترتيب أوراقه دون التراجع عن أولوياته في طلب ما يسميه «النصر المطلق» في عملية «عربات جدعون». في لحظة استحكام الضغوط الأوروبية قال «إن أصدقاءنا يؤيدوننا، لكنهم يتحفظون أن تحدث مأساة إنسانية». أبدى استعداداً محدوداً لوقف نار مؤقت وإدخال بعض المساعدات الإنسانية.
إثر حادث واشنطن من المتوقع أن يمضي قدماً في عملية «عربات جدعون» بذريعة أنها لازمة لأمن إسرائيل وشروطها لوقف إطلاق النار!.. إنه اختبار أخلاقي وسياسي جديد في حرب الصور والمصائر.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تظاهرات حاشدة في بولندا قبل انتخابات رئاسية حاسمة
تظاهرات حاشدة في بولندا قبل انتخابات رئاسية حاسمة

صحيفة الخليج

timeمنذ 25 دقائق

  • صحيفة الخليج

تظاهرات حاشدة في بولندا قبل انتخابات رئاسية حاسمة

وارسو - ف ب شارك عشرات الآلاف من الأشخاص في وارسو الأحد في تظاهرتين مضادتين كبيرتين دعماً للمرشحَين للانتخابات الرئاسية البولندية المقررة الأحد المقبل. ويتنافس رئيس بلدية العاصمة المؤيد للاتحاد الأوروبي رافال ترزاسكوفسكي والمدعوم من الحكومة الوسطية في بولندا، مع المؤرخ القومي كارول ناوروكي. وردد أنصار ناوروكي خلال مسيرتهم أناشيد وطنية ودينية ورفعوا لافتات تدعو إلى وقف الهجرة. وقال ناوروكي أمام الحشد: «التغيير آت. سوف ننتصر!». وقال بيوتر سلابي، وهو موظف في قطاع المال في مدينة برزيميسل في جنوب شرق بولندا شارك في مسيرة «من أجل بولندا» التي دعا إليها ناوروكي: «أنا بولندي، ولذلك سأصوت للمرشح الذي يضمن مستقبلنا ويشكل قوة موازية للحكومة الحالية». كذلك قال بيوتر نوفاك، وهو تقني من وارسو يبلغ 41 عاماً: «لدينا حكومة تنتمي إلى الخارج. يريدون اعتماد اليورو، وسنفقد سيادتنا». وقدّر المنظمون عدد المشاركين في المسيرة التي قادها ناوروكي بنحو 200 ألف شخص، فيما أعلن رئيس الوزراء دونالد توسك أن 500 ألف شخص شاركوا في المسيرة المؤيدة لترزاسكوفسكي. لكن، قدر تحليل نشرته مؤسسة «أونيت» الإعلامية عدد المشاركين في مسيرة ناوروكي بـ 70 ألفاً، وفي مسيرة ترزاسكوفسكي بما يصل إلى 160 ألفاً. وأظهرت نتائج استطلاعات الرأي أن المرشحَين سيحققان تعادلاً تاماً الأحد المقبل، مع حصول كل منهما على 46,3% من نوايا التصويت. وفاز ترزاسكوفسكي البالغ 53 عاماً، في الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت في 18 أيار/مايو بفارق ضئيل جداً، إذ حصل على 31% من الأصوات في مقابل 30% لناوروكي البالغ 42 عاماً. ويملك الرئيس البولندي سلطة نقض القوانين، ما أعاق حكومة توسك في عهد الرئيس القومي الحالي أندريه دودا. الليل والنهار ويشكل فوز ترزاسكوفسكي دفعاً قوياً لتوسك الذي شغل في السابق منصب رئيس المجلس الأوروبي وعاد إلى السلطة في بلاده في الانتخابات البرلمانية عام 2023. أما فوز ناوروكي المؤيد للرئيس الأمريكي دونالد ترامب فيرجح أن يُطيل أمد الجمود السياسي في الدولة الواقعة في وسط أوروبا والتي تضم 38 مليون نسمة، ما قد يؤدي إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة، بحسب خبراء. كذلك، قد يهدد فوز ناوروكي الدعم البولندي القوي لأوكرانيا مع معارضته انضمام كييف إلى حلف شمال الأطلسي، وتنديده بالمنافع الممنوحة لمليون لاجئ أوكراني في بولندا. ورأى رجل الأعمال كورنيك إيريك البالغ 52 عاماً أن التصويت لترزاسكوفسكي هو «السبيل الوحيد للمضي نحو أوروبا» وليس روسيا. وقال لوكالة فرانس برس: «الاختيار بين المرشحين مثل الاختيار بين الليل والنهار، ونحن نختار النهار». وشارك الرئيس الروماني المنتخب نيكوسور دان الوسطي المؤيد للاتحاد الأوروبي والذي سيؤدي اليمين الدستورية الاثنين في بلاده، بالمسيرة المؤيدة لترزاسكوفسكي. وفاز دان هذا الشهر على منافسه القومي جورج سيميون الذي شنّ حملة ضد «السياسات العبثية» للاتحاد الأوروبي وأراد قطع المساعدات عن أوكرانيا.

أكسيوس: ساعر حذر نتنياهو من "خطأ" وقف مساعدات غزة
أكسيوس: ساعر حذر نتنياهو من "خطأ" وقف مساعدات غزة

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 44 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

أكسيوس: ساعر حذر نتنياهو من "خطأ" وقف مساعدات غزة

ونقل الموقع عن مسؤول إسرائيلي، أن إصرار الحكومة على مواصلة العمليات العسكرية دون اعتبار للكلفة السياسية، يضر بمكانة إسرائيل الاستراتيجية. وقال المسؤول إن إسرائيل أصبحت معزولة تقريبا عن معظم شركائها التقليديين بسبب موقفها في الحرب وسلوكها حيال القضايا الإنسانية. كما أفاد موقع أكسيوس أن جدعون ساعر رأى أن إسرائيل ستضطر للرضوخ واستئناف المساعدات بغزة تحت الضغط. ووفقا لأكسيوس، فقد تصاعدت الضغوط بشدة في وقت سابق من هذا الشهر عندما شنّت الحكومة الإسرائيلية عملية واسعة في غزة وتدميرها بالكامل، بدلا من قبول صفقة لتحرير الرهائن وإنهاء الحرب. وطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكبار مساعديه، بنيامين نتنياهو بضرورة إنهاء الحرب والسماح بدخول المساعدات، مع أن ترامب لم يعلن معارضة ترامب، على عكس القادة الآخرين في الغرب مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

إسبانيا: يجب النظر في فرض عقوبات على إسرائيل لوقف الحرب في غزة
إسبانيا: يجب النظر في فرض عقوبات على إسرائيل لوقف الحرب في غزة

البيان

timeمنذ ساعة واحدة

  • البيان

إسبانيا: يجب النظر في فرض عقوبات على إسرائيل لوقف الحرب في غزة

دعا وزير خارجية إسبانيا، خوسيه مانويل ألباريس، المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات على إسرائيل لإجبارها على إنهاء الحرب في غزة. وقال ألباريس في مقابلة مع إذاعة فرانس إنفو: "يجب على المجتمع الدولي أن ينظر في هذا الخيار لإجبار إسرائيل على إنهاء الحرب في غزة." وأضاف قائلا: "يجب أن ننظر في فرض عقوبات، في الأمد القصير جدا، لوقف هذه الحرب التي لا طائل منها - ولإيصال المساعدات الإنسانية على نطاق واسع، وبدون تدخل، وبشكل حيادي، حتى لا تقرر إسرائيل من يمكنه الحصول على الغذاء ومن لا يمكنه ذلك."

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store