logo
هجرة الأطباء من مصر، مكسب مادي أم هرب من ظروف عمل قاسية؟

هجرة الأطباء من مصر، مكسب مادي أم هرب من ظروف عمل قاسية؟

BBC عربية٠٤-٠٥-٢٠٢٥

لا يتخيل الطبيب محمد محيسن العودة لممارسة الطب في مصر في وقت قريب، كان محمد من أوائل دفعته، عمل كطبيب مقيم في أحد المستشفيات الجامعية في مصر لسبع سنوات قبل أن يسافر إلى بريطانيا لاستكمال دراسته العليا في عام 2016، ثم قرر الاستقرار ومواصلة عمله هناك.
يعمل محيسن، حاليا كاستشاري لأمراض القلب في مستشفى "سومرست" التابعة لهيئة الصحة الوطنية البريطانية، ويقول في حديث مع بي بي سي إن السفر لم يكن هدفه من البداية، لكنه وجد ظروف العمل في مصر صعبة وطاردة.
ويضيف أن "ظروف عمل الأطباء سيئة للغاية، إضافة إلى ذلك نتعرض لاعتداءات متكررة، إذا مر علينا أسبوع دون التعرض لاعتداء كنا نحمد الله، إضافة إلى تعرضنا للضرب، كثيرا ما تعرضنا للشتم والإهانة من أهالي المرضى".
محمد واحد من آلاف الأطباء المصريين الذين هجروا الطب في مصر في السنوات الأخيرة، حيث يشتكي الأطباء من رواتب متدنية للغاية وبيئة عمل قاسية واعتداءات متكررة على الطواقم الطبية ونقص في فرص التدريب والتعلم.
وتشير الأرقام إلى أن أكثر من 60 في المئة من الأطباء المصريين باتوا يعملون بالخارج، بحسب وزارة الصحة المصرية، كما تتزايد أعداد الأطباء الذين يتقدمون باستقالاتهم من وزارة الصحة سنويا بغرض السفر، إذ يسافر أغلب الأطباء للعمل في دول الخليج، وبريطانيا، وألمانيا، وأمريكا.
وفي بريطانيا، يحتل الأطباء المصريون المركز الثالث في عدد الأطباء الأجانب العاملين بالنظام الوطني الصحي في المملكة المتحدة، حيث يبلغ عددهم نحو 4 آلاف طبيب.
"تجربة صعبة لكن علمتني"
يصف محمد سنوات عمله في الطب في مصر بالتجربة "الصعبة"، لكنه يقول إنه تعلم منها الكثير، ويضيف أن "الدخل المادي للطبيب حديث التخرج لا يكفيه حتى لشراء طعام من المستشفى خلال ساعات العمل، ليس لبناء أو بدء حياة، أهالينا يستمرون في دفع مصاريفنا حتى بعد تخرجنا من الجامعة"، وتابع أن رواتب الأطباء في مصر، أو حتى ظروف العمل لا يمكن مجرد مقارنتها براتب أي طبيب يسافر للعمل في الخارج".
يتذكر محيسن أنه في بداية عمله كان لا يعود لمنزله إلا مرة واحدة أسبوعيا، "في مصر كنت مقيماً في المستشفى كانت هناك غرفة فوق العناية المركزة كنا نعيش بها، في بداية عملي كنت أذهب إلى المنزل مرة واحدة في الأسبوع، وبعد نحو عامين أصبحت أذهب للمنزل مرتين".
إضافة إلى ذلك يتذكر محمد اعتداءات متكررة تعرض لها أو شهدها، حيث يقول: "طوارئ أي مستشفى حكومي أو جامعي هي مكان مرعب، في وقت ما كنت أعمل كنائب إداري وهو الشخص الذي يكون مسؤولا عن المستشفى بعد رحيل مدير المستشفى، أحيانا كنت أخبيء الأطباء خوفا على حياتهم، وفي إحدى المرات اضطررت للسفر لمدينة بورسعيد (نحو 220 كيلو مترًا بعيدا عن القاهرة) لإنقاذ طبيب من أهالي مريض تُوفي أثناء تلقيه العلاج".
ويفسر محيسن الاعتداءات المتكررة على الأطباء، بغياب نظام يحمي الأطباء والمرضى، ويقول: "الناس في مصر لا تثق في النظام، فالمريض يأتي فاقداً الثقة في المستشفى والطبيب والمنظومة الصحية بأكملها، أيضا لا أحد يعاقب على جريمة إهانة الأطباء والتعدي عليهم، يتم التعامل مع الاعتداءات على أنها أمر عادي"، كما يطالب محيسن بمسار واضح ومعروف يمكن لأهالي المرضي الشكوى من خلاله في حالة حدوث مشكلة، "حق المريض معرفة طرق المحاسبة، بدلا من صب الغضب على الأطباء".
رغم "صعوبة التجربة" يقول محيسن إنه تعلم منها الكثير، "فالضغط والعدد الكبير من المرضى الذي كان يتعامل معهم يوميا رفع من مهارته الطبية بشكل ملحوظ" كما يقول.
محاولات مبكرة للخروج
منذ التحاقها بكلية الطب تخطط الطبيبة نهى (اسم مستعار) للخروج من البلاد فور تخرجها، تعمل نهى الآن كمعيدة في إحدى الجامعات الخاصة، بعدما رفضت العمل كطبيبة في وزارة الصحة واختارت هذا المسار لأنه يوفر لها دخلا أعلى يمكنها من خلاله الادخار لإجراء امتحانات المعادلات اللازمة للسفر.
تقول نهى في حديث مع بي بي سي إن "ممارسة الطب في مصر صعبة، وأنا لا أريد أن أقضي حياتي كلها أعمل اليوم بأكمله فقط لأتمكن من توفير الحد الأدنى للحياة" .
وتتذكر نهى أنها فور تخرجها عملت كمساعدة في عدد من عيادات التجميل، تقول: "كنت أعمل لنحو 16 ساعة يوميا لأحصل على ما يوازي 20 دولارا في اليوم الواحد، وفي طريق عودتي للمنزل كنت استخدم المواصلات العامة، مهما كان الوقت متأخرا، حتى أتمكن من ادخار المبلغ".
وتبلغ رسوم امتحانات المعادلة التي تسعى نهى للتقدم لها للسفر إلى الولايات المتحدة نحو 1000 دولار، إضافة إلى تكاليف الدورات التدريبية والاختبارات التقييمية التي تحتاجها إلى السفر للعمل هناك.
تقول نهى إن غالبية زملائها من الأطباء إما يستعدون للسفر أو يفكرون في السفر، "حتى في الجامعة أشجع طلابي على إجراء اختبارات المعادلات اللازمة للسفر في وقت مبكر، وأخبرهم أن هناك طريقاً للخروج إذا كانت الظروف في مصر صعبة".
تشجيع حكومي
وبينما تتعالى التحذيرات من الارتفاع المستمر في أعداد الأطباء المصريين المهاجرين سنويا، وتأثيره على النظام الصحي بالبلاد، تشجّع الحكومة المصرية هذا الاتجاه، وتقول إنها تعمل على رفع رواتب الأطباء وزيادة أعداد الخريجين من كليات الطب لسد العجز في أعداد الأطباء بالداخل.
ويبلغ معدل الأطباء في مصر نحو 9 أطباء لكل 10 آلاف مواطن وهو أقل من نصف المعدل العالمي المحدد ب 23 طبيبا، بحسب النقابة العامة لأطباء مصر.
وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال مؤتمر صحفي إن الحكومة المصرية تعمل على زيادة عدد خريجي كليات الطب من نحو 10 آلاف طالب سنويا في الوقت الحالي إلى 29 ألف خريج سنويا بعد 6 سنوات.
وأضاف مدبولي: "إذا هاجر منهم 7 أو 8 آلاف طبيب سنويا، فهذا شيء جيد، أن يخرج جزء من شباب مصر وقوتها الناعمة للعمل بالخارج، ويحقق عائداً مالياً واقتصادياً، هذا يعود بالنفع على الدولة، نحن نرى ارتفاعاً في تحويلات المصريين بالخارج".
وأوضح مدبولي أن "هذا جزء من سياسة الدولة، أن نشجع شبابنا على السفر وإيجاد فرص عمل جيدة في كل مكان".
كما تقول الحكومة إنها أقرت قانون المسؤولية الطبية الذي شدد من عقوبة الاعتداء على الطواقم الطبية، وينظم عمل الأطباء ومسارات لشكوى المرضى في حال وقوع الأخطاء الطبية، كما يضع القانون تعريفات محددة للأخطاء الطبية.
زيادة الأعداد ليست حلا
على الجانب الآخر، تقول نقابة الأطباء في مصر إن الزيادة في أعداد خريجي كلية الطب دون توفير التدريب اللازم ومعالجة الأسباب التي تدفع الأطباء للسفر، هو أمر قد يفاقم المشكلة ولا يحلها.
ويقول نقيب الأطباء المصريين أسامة عبد الحي في حديث مع بي بي سي إن "أي زيادة في أعداد طلاب كليات الطب يجب أن تكون مشروطة بزيادة في فرص التدريب والتعليم، لأنه بدون التدريب ستضر هذه الزيادة بالنظام الصحي، وستؤثر على مهارة الطبيب، لأن هؤلاء الأطباء لن يتلقوا تعليما أو تدريبا كافيا، ولن يكون هناك إقبال على جذبهم للعمل من الدول الخليجية أو الأوروبية".
وأضاف عبد الحي: "حاليا نرى أطباء يهاجرون فور تخرجهم، وقبل حتى أن يبدأوا العمل في مصر، يعملون على الإعداد للشهادات المطلوبة للسفر وهم في مراحل الدراسة، ويسافرون فور التخرج".
ويطالب نقيب الأطباء بضرورة تحسين بيئة عمل الأطباء ومعالجة الأسباب التي تدفعهم للهجرة، ويقول إن الدخل المادي ليس هو السبب الوحيد لهجرة الأطباء، أيضا الاعتداءات المتكررة في المستشفيات من أهم أسباب هجرتهم، يجب تأمين المستشفيات وتحسين وتنظيم العمل فيها لتخفيف العبء على الأطباء، سيحسن ذلك من بيئة العمل ويقلل من الأسباب التي تدفع الأطباء للهجرة".
استمرار هجرة الأطباء المصريين بهذه المعدلات يطرح الكثير من التساؤلات حول مستقبل القطاع الصحي في مصر، ومدى تأثر حق المصريين في تلقي العلاج على أيدي أطباء يشعرون بالأمان والتقدير أثناء تأدية عملهم.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

غزة: انقطاع خدمات مراكز الخصوبة يؤجل أحلام الأمومة لأجل غير مسمى
غزة: انقطاع خدمات مراكز الخصوبة يؤجل أحلام الأمومة لأجل غير مسمى

BBC عربية

timeمنذ 2 ساعات

  • BBC عربية

غزة: انقطاع خدمات مراكز الخصوبة يؤجل أحلام الأمومة لأجل غير مسمى

في زاوية صغيرة من شقة مدمّرة في البلدة القديمة في غزة، يجلس محمد قرب زوجته نورة، ينظران بصمت إلى صور بالأبيض والأسود كانت على شاشة هاتف قديم. صور لأجنة مجمّدة كانت تمثّل لهما بداية حلم انتظراه طويلًا. محمد، شاب في الثلاثينات من عمره، كان يخضع للعلاج من مشكلة صحية تُعرف بـ"الخصية المعلّقة"، واحتفظ بعينة من سائله المنوي في أحد مراكز الإخصاب في غزة، بانتظار اللحظة المناسبة لتحقيق حلم الأبوة. أما نورة، من جهتها، فخاضت رحلة طويلة للعلاج من العقم، حتى استطاعت بعد سنوات من العلاج هي وزوجها، الخضوع لعملية حقن مجهري، انتهت بحمل في توأم، دام سبعة أشهر فقط. "داومنا أنا ومحمد على العلاج لمدة ثلاث سنوات حتى جاء تحليل الحمل إيجابيا ، وكان ذلك قبل شهرين فقط من بداية الحرب. لم تسعني الدنيا من الفرحة. فبعد أن أجريت عملية سحب بويضات وتم زراعة جنينين في رحمي والاحتفاظ بجنينين آخرين في مركز بسمة للإخصاب في غزة، قلت أخيرا تحقق حلمي. ولكن في اليوم الذي دخل فيه الإسرائيليون علينا، حدّثتني نفسي أن كل شيء انتهى". مثل آلاف الغزيين، اضطرت نورة وزوجها إلى النزوح مرارًا وسط أوضاع معيشية قاسية، شملت نقصًا حادًا في الغذاء والأدوية والفيتامينات الضرورية للحمل. فقدت نورة توأمها بعد سبعة أشهر إثر نزيف حاد. يقول محمد: "كنا نمشي كثيرا ونتنقل كثيرا من مكان لآخر، بالإضافة للقصف العشوائي الذي كان يثير الرعب في نفوسنا وخاصة لدى نورة وهي حامل. لن أنسى هذا اليوم أبدا. عانت من نزيف شديد ولم نستطع حتى توفير سيارة لنقلها للمستشفى، وفي النهاية تمكنا من نقلها عبر إحدى سيارات نقل القمامة، حتى وصلت للمستشفى وبدأ الإجهاض". وُلد أحد الجنينين ميتًا، أما الثاني فخرج حيّا، لكنه توفي بعد ساعات قليلة بسبب عدم توفر حضانات للخدج في غزة. "قالت لي إن الإجهاض تم بصورة وحشية في المستشفى. فلا أجهزة طبية متاحة ولا أطباء يستطيعون فعل شيء في ظل ما هو متاح"، يؤكد محمد. وفي مارس / آذار الماضي، اتهمت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة إسرائيل بأنها "هاجمت ودمّرت عمدا" مركز البسمة للإخصاب والذي يعد أكبر مركز للخصوبة في القطاع. وأصدرت اللجنة تحقيقا يقول إن السلطات الإسرائيلية "دمرت جزئيا القدرة الإنجابية للفلسطينيين في غزة عبر التدمير الممنهج لقطاع الصحة الإنجابية" مشيرة إلى أنها ارتكتبت بذلك "أعمال إبادة". كما أشار التقرير الذي أعدّته لجنة من الخبراء بتكليف من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى أن إسرائيل فرضت حصارا بشكل متزامن ومنعت المساعدات بما في ذلك الأدوية اللازمة لضمان سلامة الحمل والإنجاب ورعاية المواليد. وردا على التقرير، كانت البعثة الدائمة لإسرائيل لدى الأمم المتحدة قد أصدرت بيانا تقول فيه إنها "ترفض رفضا قاطعا هذه الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة". كما أدان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو التحقيق واصفا إياه بـ"السخيف والعار من الصحة". تم إنشاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2021 للتحقيق في جميع الانتهاكات المزعومة للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. حلم مؤجل إلى أجل غير معروف ورغم أن الأطباء قالوا إن نورة لا تزال لديها فرصة للحمل، فإن الواقع في غزة لا يمنح هذه الفرصة بسهولة. فقد توقفت جميع مراكز الإخصاب التسعة التي كانت موجودة في غزة، وكان مركز البسمة للإخصاب أكبرها من حيث الإمكانيات الطبية. تواصلت بي بي سي مع الجيش الإسرائيلي للتعليق عما يقوله مسؤولو المركز بشأن استهدافه، وقال الجيش الإسرائيلي "إنه لا يستهدف عمدا عيادات الإخصاب في غزة، ولا يسعى إلى الحد من إنجاب المدنيين في القطاع". وأضاف: "إن الادعاء بأن الجيش الإسرائيلي يقصف هذه المواقع عمدًا لا أساس له من الصحة، ويُظهر سوء فهم تام لهدف عملياته في غزة". وتعليقا على قصف مركز البسمة، أشار الجيش الإسرائيلي لبي بي سي إلى أنه لا يستطيع تأكيد وقوع الهجوم على المركز نظرا لعدم توافر معلومات كافية عن التاريخ المحدد للهجوم. وأشار الرد الإسرائيلي إلى أن قواته "تعمل وفقا للقانون الدولي وتتخذ الاحتياطات اللازمة لتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين". وفي هذا السياق، قال مسؤولو المركز لبي بي سي إنهم لم يتمكنوا من تحديد تاريخ وتوقيت القصف على المركز بسبب عدم تمكنهم من زيارته منذ أواخر نوفمبر / تشرين الثاني نظراً لظروف الحرب والهجمات المستمرة على القطاع، مشيرين إلى أنهم علموا بتدميره حين زاروه في أوائل ديسمبر / تشرين الأول عام 2023. قصة محمد ونورة ليست استثناءً، بل واحدة من عشرات القصص لنساء في غزة اصطدمن بالواقع ذاته. إسلام لُبّد، واحدة من هؤلاء النسوة، حملت بعد سنوات من المحاولات، لكنها لم تفرح بالحمل طويلًا. "بعد الحرب، لم يكن هناك أي استقرار. كل فترة قصيرة ننتقل من مكان إلى آخر. جسمي تعب، وحملي تعب معي"، هكذا تروي إسلام قصة فقدانها لجنينها بعد أشهر قليلة من الحمل الذي نتج عن عملية حقن مجهري أجرتها قبل الحرب. لا تملك الآن جنينًا مجمدًا ولا مكانًا تعيد فيه المحاولة. آمال خليل، هي الأخرى، خاضت رحلة علاجية طويلة استمرت ست سنوات قبل أن تتمكن من الحمل عبر الحقن المجهري وتضع طفلتها الأولى. كانت تحتفظ بجنين آخر في مركز الإخصاب، تخطط لزراعته هذا العام ليكون شقيقًا لطفلتها، لكن كما تقول: "كل شيء ضاع مع ضياع تدمير المختبر". "كنت أشعر أن هناك خطوة ثانية قريبة. كان عندي أمل في أخ له… ولكن الآن لا أخ ولا مركز". أما سارة خدري، فبدأت رحلتها مع الإخصاب عام 2020، ونجحت في تجميد أجنتها بعد مشوار صعب، وكانت أيضا تستعد لعملية الزرع، وتنتظر فقط اللحظة المناسبة، التي سبقتها الحرب. "أنا لا أستطيع حتى أن أبدأ مشوار الحقن المجهري. رأيت كل شيء ينهار وأنا في أول الطريق". "4000 جنين ذابوا في صمت" عن هذه الآمال المفقودة، تحدث لي الدكتور بهاء الغلاييني، مدير مركز بسمة للإخصاب، بنبرة لا تخلو من الحزن والذهول، وكأنه لا يصدق أن سنوات من العمل والعناية يمكن أن تختفي في لحظة. يقول الدكتور بهاء إن أهم ما كان في المركز حاضنتين تحويان نحو 4000 جنين مجمد وأكثر من 1000 عينة من السائل المنوي والبويضات، جميعها كانت تجسد أحلام الأمومة والأبوة لمئات النساء والرجال في غزة. "الحاضنتان اللتان دمرتا – وتكلفتهما أكثر من 10 آلاف دولار - كانتا مليئتين بسائل نيتروجيني يغمر العينات لحفظها وقبل قصف المركز بنحو أسبوعين، بدأ النيتروجين بالتناقص والتبخر". حاول مدير المختبر الدكتور محمد عجور – الذي نزح بدوره إلى جنوب غزة – التواصل مع مورد النتروجين في مستودع بمنطقة النصيرات في محاولة منه لإنقاذ العينات وإعادة ملئ الخزانات بالسائل المطلوب، غير أن شدة القصف حالت دون استطاعته الوصول إلى المركز لإعادة ملئ الحافظتين. يقول مدير المختبر الدكتور عجور متأسفا،"استطعت بصعوبة الوصول إلى مستودع غاز النتروجين في النصيرات وبالفعل استلمت أنبوبتين من الغاز وبقيتا معي، غير أنني لم أستطع الذهاب إلى المركز بسبب شدة القصف، وبعد نحو أسبوعين قصف المركز نفسه ولم تعد هناك حاجة أصلا لهذا الغاز." "أنا أتحدث عن 4000 جنين مجمّد، هذه ليست مجرد أرقام، بل أحلام لأشخاص انتظروا سنوات، وخضعوا لعلاجات وحقن مكثفة، وعلّقوا آمالهم على هذه الخزانات التي تحطمت في النهاية"، يقول الدكتور بهاء. ويقدّر الدكتور بهاء أن بين 100 إلى 150 امرأة فقدن فرصتهن الوحيدة أو شبه الوحيدة في الإنجاب، لأن كثيرات منهن لا يستطعن تكرار العملية. "هناك من هنّ في سن متقدمة، وهناك مريضات سرطان، وأخريات يعانين من أمراض مزمنة، أو تلقين جرعات عالية من منشطات التبويض لمرة واحدة. من الصعب جدًا أن يبدأن من جديد".

"لا أريد لابني أن يموت": لماذا أعاد الأردن 17 طفلا فلسطينيا لقطاع غزة؟
"لا أريد لابني أن يموت": لماذا أعاد الأردن 17 طفلا فلسطينيا لقطاع غزة؟

BBC عربية

timeمنذ 2 أيام

  • BBC عربية

"لا أريد لابني أن يموت": لماذا أعاد الأردن 17 طفلا فلسطينيا لقطاع غزة؟

تعيش نهاية في قلق دائم على حياة طفلها بعد أن أعيد من الأردن إلى قطاع غزة، بعد شهرين تقريبا من سفره ليتلقى العلاج. سافر محمد في الرابع من مارس/آذار الماضي مع 28 طفلاً آخرين، ضمن مبادرة ملكية أردنية لعلاج 2000 من أطفال غزة، أُعلن عنها خلال الهدنة التي بدأت منتصف يناير/كانون الثاني واستمرت نحو شهرين، قبل أن يُستأنف القتال. وفي مساء 12 مايو/أيار الجاري، أُبلغت نهاية وأهالي 16 طفلاً آخرين بأنهم سيُعادون جميعاً إلى قطاع غزة. وفي اليوم التالي، تم إجلاء مجموعة جديدة مكونة من أربعة أطفال مرضى من غزة إلى الأردن. تعترف العائلات بأنها تلقت رعاية جيدة خلال فترة تواجدهم في الأردن، إلا أنها تقول إن إعادة أطفالهم إلى غزة تمت على غير رغبتهم، وإن أطفالهم لم يستكملوا علاجهم، وهو ما تنفيه السلطات الأردنية مؤكدة أن الأطفال تلقوا الرعاية الطبية اللازمة واستكملوا علاجهم. "لا أريد لابني أن يموت" بصوت يخنقه البكاء تقول الأم إن طفلها محمد، المصاب بالربو وحساسية شديدة تجاه الطعام والروائح، لم يُكمل علاجه ولا يزال بحاجة إلى متابعة مستمرة. وتضيف أنهم خرجوا من مستشفى عمّان على أساس نقلهم إلى مكان سكني، لكنهم صُدموا بقرار إرجاعهم إلى غزة وسط الحرب، مما يعرض حياة طفلها لخطر كبير من جديد. "تركت أولادي وزوجي هنا، عاشوا الويل. كنت في الأردن وقلبي وعقلي معهم هنا. تحملنا كل ذلك حتى يتم علاج طفلي، فكيف يعيدوننا قبل أن يستكمل علاجه؟ وإلى ماذا نعود؟ إلى الجحيم والجوع والحاجة؟" تتساءل الأم. تتحدث عناية بينما تطغى أصوات المسيّرات الإسرائيلية على صوتها، وابنها يزحف نحو موقد مشتعل تستخدمه العائلة للطهي داخل الخيمة. "لا أريد لابني أن يبقى هنا، أنا وصلت لمرحلة في علاج ابني كنت راضية عنها، عودتنا هنا ستعيده لنقطة الصفر، لا أريد لابني أن يموت"، تنفجر نهاية في البكاء وهي تتحدث. "نيفين لن تنجو في خيمة" في إحدى خيام مخيم الشاطئ شمالي قطاع غزة، يحاول والدَا الطفلة نيفين أبو دقة، البالغة من العمر سبعة أشهر، تهدئتها. وُلدت نيفين خلال فترة الحرب وتُعاني من ثقب في القلب. خضعت لعملية جراحية ناجحة أثناء إقامتها في الأردن، غير أن والدتها، إيناس أبو دقة، تقول إن حالة نيفين الصحية "لم تتحسن بعد، وما زالت بحاجة إلى العلاج، ولن تتمكن من البقاء على قيد الحياة في ظل العيش داخل خيمة". تقول إيناس لبي بي سي: "وزن الطفلة لا يزداد؛ عمرها 7 أشهر، ووزنها لم يصل بعد إلى 4 كيلوغرامات. أي عارض صحي تتعرض له يؤدي إلى اختناقها وتغيّر لونها إلى الأزرق. حالتها خطيرة وقد تُهدد حياتها." لا تتوقف الطفلة الصغيرة عن البكاء، بينما تتساءل والدتها بقلق: "غادرنا خلال الهدنة، فكيف نعود الآن في ظل الحرب؟". بجوارها، يحكي والد الطفلة، هيثم أبو دقة، كيف عانى ليحصل على فرصة لعلاج ابنته بالخارج: "توجهت إلى كل المختصين، وإلى وزارة الصحة، تعبت بما فيه الكفاية، واصلت السعي، حتى ظهر اسمها للعلاج في مستشفى الأردن التخصصي". ويضيف الأب: "كان الأطباء يهتمون بها كثيرًا، لكن ابنتي لم تُكمل علاجها. فوجئتُ بقرار إعادتها من دون أي إنذار مسبق. كيف تعود إلى مكان يفتقر تمامًا إلى الرعاية الصحية، والحليب، وأبسط مقومات الحياة؟". أثار قرار إعادة الأطفال إلى قطاع غزة في ظل الحرب الكثير من التساؤلات، خاصة في ضوء تأكيد مسؤول في وزارة الصحة بالقطاع، تحدّث إلى بي بي سي بشرط عدم الكشف عن هويته، بأن الأطفال ما زالوا بحاجة إلى العلاج والرعاية المستمرة، محذرًا من أن إعادتهم في هذه الظروف تشكل خطرًا كبيرًا على حياتهم. "تثبيت للفلسطينيين على أرضهم" في الجانب الآخر، نفت الحكومة الأردنية في رد على أسئلة لبي بي سي "الادعاءات بطرد المرضى" مؤكدة أن قرار إعادة الأطفال اتُخذ بعد استكمال علاجهم في المستشفيات الأردنية. واعتبرت أن هذا القرار ينسجم مع موقف المملكة الداعم لبقاء الفلسطينيين على أرضهم ورفضها المشاركة بأي شكل في تهجيرهم. وقالت الخارجية الأردنية في ردها على بي بي سي إن "هؤلاء المرضى أُبلغوا منذ البداية عند مجيئهم إلى الأردن بأن فترة وجودهم مرهونة باستكمال العلاج، وأنهم سيعودون فور انتهاء علاجهم". وقالت إن الأردن لن يتمكن من استقبال دفعة جديدة من المرضى دون إعادة الدفعة الأولى لـ"أسباب سياسية ولوجستية"، مشيرة إلى أن المملكة استقبلت دفعة جديدة من المرضى "بعد يوم واحد من عودة المصابين والمرضى الذين تلقوا العلاج". وأكدت الخارجية الأردنية في ردها: "المرضى أخذوا وأعيدوا بنفس الظروف، فلم يؤتَ بهم في وقت رخاء وأعيدوا وقت حرب. نحن تبرعنا بعلاج مجموعة من الأطفال ورحبنا باستقبال عدد من ذويهم المرافقين لهم، وقد تمت معالجة هؤلاء الأطفال من الدفعة الأولى بينما بقي آخرون من ذات الدفعة لعدم انتهاء علاجهم". "عدنا خاويي الوفاض" في رحلة عودتهم، اشتكى أهالي الأطفال العائدين من الأردن من سوء معاملة الجانب الإسرائيلي، مشيرين إلى مصادرة جميع متعلقاتهم، بما في ذلك الأموال، والأدوية، وحليب الأطفال، والملابس. تقول نهاية: "كنّا وحدنا من دون أي تنسيق عندما وصلنا إلى معبر كرم أبو سالم، حيث تم تسليمنا للجيش الإسرائيلي، الذي بدأ بسبّنا وشتمنا وتهديدنا بالضرب". وتضيف "أخذوا كل شيء كان معنا، أموالنا وهواتفنا ولم يتركوا معنا أي شيء. تركنا كل متعلقاتنا في الحافلة التي عادت إلى الأردن". نقلت إيناس أبو دقة الشكوى نفسها، موضحة أن الجنود صادروا حتى الأدوية التي كانت بحوزتها، وقالت: "أخذوا حتى حليب الطفلة. لم أتمكن من إطعامها أثناء الطريق، والآن لا أستطيع شراء الحليب لها". لكن الجيش الإسرائيلي قال في رد لبي بي سي إنه "أثناء التفتيش الأمني للعائدين، عثر مع بعضهم على مبالغ نقدية غير مُصرّح عنها تتجاوز الحدود المسموحة، ومن ثم حُجزت الأموال المشتبه "باستخدامها في أعمال إرهابية" داخل قطاع غزة لحين اكتمال التحقيق بشأنها". لم يرد الجيش الإسرائيلي على استفسار بي بي سي بشأن مصادرة الهواتف والأغراض الشخصية، بما في ذلك حليب الأطفال، أو حول مزاعم سوء المعاملة. أدت الحرب المستمرة في غزة منذ أكثر من عام ونصف إلى تدهور حاد للمنظومة الصحية حيث توقفت العديد من مستشفيات القطاع عن تقديم خدماتها نتيجة القتال. بالإضافة إلى ذلك، يعاني القطاع من نقص حاد في الغذاء والأدوية والمستلزمات الطبية، مما جعل السفر للعلاج بالخارج حلما للآلاف من المرضى في القطاع. ويُعتقد أن هذه هي المرة الأولى منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 التي يُعاد فيها هؤلاء المرضى الذين تمكنوا من السفر للعلاج.

لوبي أدوية أميركا... الشركات تنتفض ضد ترامب وتوظف 1455 جماعة ضغط
لوبي أدوية أميركا... الشركات تنتفض ضد ترامب وتوظف 1455 جماعة ضغط

العربي الجديد

time١٤-٠٥-٢٠٢٥

  • العربي الجديد

لوبي أدوية أميركا... الشركات تنتفض ضد ترامب وتوظف 1455 جماعة ضغط

منذ توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمراً تنفيذياً، يوم الأحد، يعطي شركات الأدوية مهلة 30 يوماً لخفض أسعار أدويتها في الولايات المتحدة بنسب ما بين 59 و90% أو مواجهة عقوبات، والحديث يدور في الأوساط الأميركية حول حجم هذه الشركات وقوتها، واستثماراتها وصادراتها، وكيف سيتصدى "لوبي الدواء" في الولايات المتحدة لإدارة البيت الأبيض. وتعتبر أسعار الأدوية في الولايات المتحدة أعلى بثلاث مرات تقريباً من أسعارها في الدول المتقدمة الأخرى، وفقاً لبيانات الحكومة الأميركية ، وتزيد أسعار الأدوية ذات العلامات التجارية بأكثر من ثلاثة أضعاف. ويستند قرار ترامب إلى أن الحكومة الاتحادية تنفق مئات المليارات من الدولارات على الأدوية الموصوفة والحقن وعمليات نقل الدم والأدوية الأخرى كل عام عبر برنامج الرعاية الطبية، والتي تغطي نحو 70 مليوناً من كبار السن، ومن ثم فهي تتمتع بقدر كبير من السلطة في تحديد السعر الذي تدفعه مقابل الأدوية التي يغطيها برنامجي الرعاية الطبية "ميدي كير" و"ميديك أيد". ووصف اللوبي البارز المحتكر لتجارة الأدوية في أميركا قرار ترامب بأنه "اتفاق سيئ" للمرضى الأميركيين، وحذر من أن أي تهديدات لأرباحهم يمكن أن تؤثر على الأبحاث التي يقومون بها لتطوير أدوية جديدة، وهو ما سخر منه الرئيس الأميركي. ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" في 11 مايو/ أيار، عن مصادر في شركات صناعة الدواء قولها إن "فرض هذه السياسة سيلحق ضرراً كبيراً بقدرات الشركات على تمويل الأبحاث والتطوير". وقال أحد التنفيذيين من دون كشف اسمه إنّ "سياسات ضبط الأسعار بهذا الشكل ستقضي على قدرتنا على الابتكار في المستقبل". اقتصاد دولي التحديثات الحية ارتفاع التضخم في أميركا وسط ضغوط الرسوم الجمركية وتقول صحيفة وول ستريت جورنال إن هذا التوجه "قد يؤدي إلى انسحاب بعض الشركات من برامج التأمين الحكومية ويؤثر سلباً على الابتكار وتطوير العلاجات"، بعدما أثار قرار ترامب فرض سياسة "الدولة الأكثر تفضيلاً" في تسعير الأدوية "صدمة واسعة في أسواق الأدوية العالمية". وفي محاولة للحفاظ على أرباحها في الولايات المتحدة، قد تنسحب شركات الأدوية من الدول الأخرى التي تبيع منتجاتها فيها بأسعار أرخص، وفقاً لما قال الباحثان في جامعة جنوب كاليفورنيا داريوس لاكداوالا ودانا غولدمان، لموقع بي بي سي، أمس. وقال البيت الأبيض إن تطبيق قواعد تفرض تسعير الدولة الأكثر رعاية سيدفع وزير الصحة الأميركي روبرت كينيدي جونيور إلى أن "يتخذ تدابير عدوانية أخرى لخفض كلفة الأدوية الموصوفة بشكل كبير للمستهلك الأميركي وإنهاء الممارسات المناهضة للمنافسة". ويوضح محللون اقتصاديون لمجلة بارونز أن السياسة الجديدة ستعتمد في تسعير أدوية "ميدي كير" على مقارنة الأسعار في الولايات المتحدة مع تلك المعتمدة في دول مثل ألمانيا وكندا، وهو ما قد يؤدي إلى انخفاض حاد في تعويضات شركات الأدوية. وبحسب مسؤولين في شركات أدوية، قد تزيد الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب لتهديد الدول الأخرى التكاليف في صناعة الدواء. وكان ترامب قد صرّح سابقاً بأنّه سيفرض ضرائب على الأدوية المستوردة إلى الولايات المتحدة. وقالت مجموعة الضغط في قطاع الأدوية "فارما" إنّ "تحديد الحكومة للأسعار، بأي شكل من الأشكال، يضر بالمرضى الأميركيين"، وأضافت أنّه "لخفض تكاليف الأدوية على الأميركيين، يجب معالجة تزايد حصة تكاليف الأدوية التي تذهب إلى الوسطاء في النظام"، بحسب صحيفة فاينانشال تايمز. وأشار موقع ديلي بيست إلى أن قرار ترامب يعيد إحياء سياسة كان يعتزم تنفيذها خلال ولايته الأولى عام 2020، قبل أن يُوقفها قاض فيدرالي بسبب خلل في الإجراءات، ثم ألغيت نهائياً في عهد الرئيس السابق جو بايدن. هل تأثر لوبي الدواء؟ عقب قرار ترامب، حدث تراجع حاد لأسعار أسهم شركات الأدوية في أميركا وحول العالم، تحسباً لانخفاض أرباحها، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال. وجاء التراجع بعدما كشف ترامب، الأحد، عن سياسة جديدة بشأن الأدوية اعتبر أنها ستخفض أسعارها في الولايات المتحدة بنسبة تراوح بين 30 و80%. وسجلت أسهم الشركات الأميركية تراجعاً ملحوظاً، فحسب وكالة بلومبيرغ هبطت أسهم شركات "فايزر" و"ميرك" و"أمجين" ما بين 3% إلى 6%. وأكدت منصة ماركيت ووتش أن الإعلان أثار مخاوف المستثمرين من تقلص الهوامش الربحية وغياب الوضوح بشأن آليات التطبيق. وكان من بين أسهم شركات الأدوية العالمية المتراجعة أسهم إيلي ليلي (LLY)، وفايزر (PFE)، وأبفي (ABBV)، وميرك (MERK)، ونوفو نورديسكوالتي (NVO). وأكد موقع إنفيستوبيديا الاستثماري أن سبب عودة أسهم شركات الأدوية العالمية للارتفاع والقفز مجددا يرجع لتيقن المستثمرين من وجود عقبات ستواجه تنفيذ خطة ترامب لخفض أسعار الأدوية بقرار رئاسي. ووفق محللين في مجموعة سيتي غروب المصرفية، فإنّ تطبيق الأمر التنفيذي لترامب سيواجه "تحديات تطبيقية ورياحاً معاكسة محتملة في المحاكم"، وهو ما أدى إلى انتعاش أسهم الأدوية في وقت لاحق. سيارات التحديثات الحية خيبة أمل أميركية.. الاتفاق التجاري مع بريطانيا يضر بصناعة السيارات وقال روب سميث، محلل الرعاية الصحية والشريك الإداري في "كابيتال ألفا بارتنرز"، إن الأمر الجديد الذي أصدرته إدارة ترامب "يفتقر إلى أي نوع من تفاصيل السياسة الاقتصادية لخفض السعر، ما يجعل من الصعب تقييم احتمال تنفيذه". وتشكَّكَ كريس ميكينز، المحلل في شركة رايموند جيمس، في تنفيذ القرار قائلاً: "كلما كانت الإجراءات التنفيذية التي يقترحها ترامب أكثر ضخامة، كلما قل احتمال تنفيذها، حيث ستكون الطعون القضائية الناجحة أكثر احتمالاً". ويرى العديد من الخبراء الآخرين أن تنفيذ قرار ترامب يصطدم بعقبات قانونية وتشريعية، ويطرح تساؤلات حول مستقبل الاستثمار في قطاع الأدوية العالمي. حجم صناعة الأدوية في الولايات المتحدة هناك أكثر من 5000 شركة أدوية تعمل في صناعة الأدوية في الولايات المتحدة، التي تشكل أكبر سوق للأدوية في العالم، وقُدر حجم سوق الأدوية الأميركي عام 2023 بـ602.19 مليار دولار، مع توقعات تشير إلى نمو كبير يصل إلى 1.093.79 مليار دولار، وهو ما يعكس معدل نمو سنوي مركب قدره 6.15%. ويعود هذا النمو في المقام الأول إلى شيخوخة السكان، مع تركيز ملحوظ بنسبة 60% من استخدام الأدوية بين البالغين الذين تراوح أعمارهم بين 40 و79 عاماً. وهناك تقديرات أخرى تفيد بأن قيمة صناعة الأدوية في الولايات المتحدة تصل لأكثر من تريليون دولار، من بين 1.2 تريليون دولار هي قيمة صناعة الأدوية العالمية. ويشير تقرير إحصائي لموقع ماغنيتابا إلى أن سوق الأدوية الأميركي يلعب دوراً محورياً في الساحة العالمية، حيث يمثل نحو 30-40% من إجمالي السوق، ومن حيث المبيعات، يرتفع الرقم إلى نحو 45% من مبيعات الأدوية العالمية و22% من الإنتاج العالمي. وتشير التوقعات إلى أن سوق الأدوية قد يرتفع إلى 2.363.25 مليار دولار بحلول عام 2030، وهو ما يعكس الطلب القوي والحيوي على الأدوية في السنوات القادمة. ووفقاً للتقرير ذاته، استثمرت شركات الأدوية الأميركية نحو 102 مليار دولار في البحث والتطوير، للحلول الطبية، دون تحديد تاريخ هذه المساهمة، لكن تقديرات أخرى أشارت الى إنفاق 40 مليار دولار كل عام على البحث والتطوير. وحققت صناعة الأدوية الأميركية إيرادات تجاوزت 550 مليار دولار في عام 2021، ويبلغ متوسط معدل النمو السنوي لصناعة الأدوية في الولايات المتحدة 55.4%، بحسب موقع كروس، في فبراير/ شباط الماضي. ووفق هذه الإحصاءات، من المتوقع أن تنفق الولايات المتحدة ما بين 605 و635 مليار دولار على الأدوية في عام 2025. 1455 لوبي دواء بحسب إحصاءات شركة أوبن سيكريتس، واستناداً إلى بيانات من مكتب السجلات العامة بمجلس الشيوخ لعام 2025، يبلغ عدد جماعات الضغط التابعة لشركات الدواء الأميركية والمنتجات الصحية، 1455 جماعة ضغط. وأكبر جماعات ضغط هي البحوث الصيدلانية، ومصنّعو أميركا، وويرك وشركاه، وفايزر، وباير إيه جي. ويشير تقرير آخر لموقع ستاتيستا في فبراير/ شباط الماضي، إلى أنه في عام 2024 أنفق قطاع الأدوية والمنتجات الصحية في الولايات المتحدة أكبر مبلغ على جهود الضغط، بإجمالي نحو 293 مليون دولار، وفي العام نفسه، أنفق قطاع التأمين نحو 117.31 مليون دولار على جهود الضغط. ويقدر موقع الإحصاءات زيبيا أن أكبر خمس شركات دواء أميركية عملاقة ستدخل في صراع مع ترامب، هي: "جونسون آند جونسون" وأرباحها السنوية 82.1 مليار دولار، و"فايزر" وأرباحها 51.8 مليار دولار، و"روش" (63.5 مليار دولار)، و"نوفارتس" (47.5 مليار دولار)، و"ميرك وشركاه" (46.8 مليار دولار). ووفقاً لهذه الإحصاءات، تعد صناعة الدواء في الولايات المتحدة واحدة من أكبر الصناعات من حيث حجم السوق، ومن بين نحو 500 مليار دولار هي قيمة صناعة الأدوية الحيوية العالمية، تمثل صناعة الدواء في الولايات المتحدة ما يقرب من ثلث سوق الأدوية الحيوية العالمية، وتشكل شركات الأدوية الحيوية العشر الكبرى الأميركية ما يزيد عن 25% من السوق العالمية. ويوضح تقرير لموقع بوليتيكو، في إبريل/ نيسان الماضي، أن شركات الأدوية تهيمن على أكبر حجم للإنفاق على جماعات الضغط، وأن 17 من بين 29 شركة ومجموعة أدوية أنفقت 500 ألف دولار أو أكثر في الربع الأول من عام 2024 على جماعات الضغط. على سبيل المثال، نمت نفقات مجموعة فارما الصناعية للأدوية على جماعات الضغط بنسبة 20% في الربع الأول من عام 2024 مقارنة بالربع الأول من عام 2023، وأنفقت شركة نوفارتس 44% أكثر على الضغط في الربع الأخير مقارنة بعام 2023، لتقفز إلى قائمة أكبر عشرة منفقين على الضغط في مجال الصحة لأول مرة منذ سنوات. اقتصاد دولي التحديثات الحية قاضية أميركية تجمّد مؤقتاً خطط ترامب لتقليص الموظفين الحكوميين ويبلغ إجمالي الإنفاق في أميركا على الأدوية 118.549.436 دولاراً، وعدد جماعات الضغط مقارنة بنسبة الموظفين الحكوميين 1455 (قرابة 56%)، وتشكل شركات الأدوية العشر الأميركية الكبرى ما يزيد عن 35% من سوق الأدوية العالمية، وتولّد صناعة الأدوية العالمية إيرادات تزيد عن تريليون دولار سنوياً، وتوظف صناعة الأدوية في الولايات المتحدة أكثر من 1.3 مليون شخص، وذلك من بين أكثر من خمسة ملايين يعملون في صناعة الأدوية العالمية، بحسب موقع كروس ريفر ثيرابي، في فبراير الماضي. وتنفق الولايات المتحدة ما يزيد عن 323 مليار دولار على الأدوية الموصوفة طبياً كل عام، ويتصدر قطاع المنتجات الصيدلانية والصحية (مُصنّعو الأدوية وتجار المنتجات الطبية والمكملات الغذائية والغذائية)، باستمرار قائمة المنفقين في الحملات الانتخابية ونفقات جماعات الضغط. لذا ينفق مُصنّعو الأدوية وتجار المنتجات الطبية والمكملات الغذائية مبالغ طائلة للضغط على الحكومة الفيدرالية، وهو ما يخشى منه ترامب، خاصة إذا جرى التصويت في الكونغرس على قراراته، حيث يدعم اللوبي نواب الحزب الديمقراطي بنسبة 61% منهم، و55% من نواب الحزب الجمهوري، وفق مجموعة "دي شو للأبحاث".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store