logo
نانسي عجرم... ملامح غنائية لا تُشبه أحداً

نانسي عجرم... ملامح غنائية لا تُشبه أحداً

العربي الجديدمنذ 19 ساعات
تُراهن
المغنية اللبنانية
نانسي عجرم على أسلوبها الغنائي المتفرّد، الذي يمزج بين الشقاوة والدلال والرومانسية، مع لمسات درامية أنثوية مشبعة ببراءة طفولية. هذا المزيج، الذي بات سمة متأصلة في شخصيتها الفنية، يتكرّس بوضوح في ألبومها الجديد "نانسي 11". ورغم أن الألبوم لا يحمل كثيراً من المفاجآت، إلا أنه يستند إلى مقومات شكّلت ملامح عجرم الغنائية، وأسّست لحضورها الخاص.
وكما اعتاد جمهورها، تواصل صاحبة "آه ونص" الرهان على البساطة، سواء في اختياراتها الموسيقية والغنائية، أو حتى في إطلالاتها. وتُشكّل التباينات بين الوداعة والمرح، أو الرقة والجرأة، خطوطاً عامة في تحديد هوية أغانيها، ما يجعلها تختار ما يتماشى مع طريقتها الخاصة، من دون أن تركض خلف موجات الموضة الغنائية.
في هذا الألبوم، تتعاون نانسي عجرم مع عدد من الملحنين الجدد، من أبرزهم عزيز الشافعي وعطار، وقدّم كل منهما لحناً مميزاً. وفي هذا الإطار، تخوض المغنية تجربة جديدة في اللون الشعبي المصري، لكن بنمط مختلف، يمتاز بإيقاعه السريع وطابعه العصري، الذي يمزج بين الموسيقى الشرقية والبديلة، ويُقارِب أسلوب الراب، مع نكهة سلطنة واضحة في نهاية اللازمة "آه يا سيدي". اللافت هنا هو توظيف الإيقاعات الإلكترونية والمؤثرات الصوتية، مع دخول طبلة المقسوم في الجزء الأخير، ما يخلق تقاطعاً متناغماً بين التقليدي والتقني.
هذا المزاج يتجلّى بوضوح في الأغنية التي كتبها مصطفى حدوتة ولحّنها عطار، وقد تكون من أكثر أغنيات الألبوم رواجاً، رغم صدورها المتأخر. يستمر هذا التوجه الشعبي، لكن بدرجة أقل تطرفاً، في أغنية "يا قلبو"، إذ تبرز طبلة المقسوم مجدداً، وتتداخل الأصوات المبرمجة مع الأكورديون، في نمط يذكّر بأغاني نانسي الأولى مثل "أخاصمك آه"، وإن اتخذت الأغنية هنا منحى أحدّ في التعبير، كأنها شكوى مفعمة بالعاطفة، وليس دلالاً.
جانب آخر من الألبوم يتناول الحب من منظور درامي، كما في أغنية "لغة الحب" من ألحان وليد سعد وكلمات محمد رفاعي. تبدأ الأغنية بصيغة صادمة: "بكرهك دي يعني بحبك"، لتعبّر عن التناقضات التي تعيشها بعض النساء في الحب، وتكشف من خلالها نانسي عن مفاتيح لفهم انفعالات المرأة، وربما تطرح الصورة التي يفضّلها الرجل الشرقي، إذ الحيرة جزء من اللعبة العاطفية. لحن الأغنية يمضي في خط الرومانسية الحالم الذي ميّز نانسي عجرم، ويعيد التذكير بأعمال وليد سعد في ذروة نجاحه مطلع الألفية. ويُضفي مقام النهاوند شيئاً من الشجى، بينما تمزج الموسيقى بين الروك والبوب، وتلعب الوتريات دوراً تعبيرياً، خاصة مع تصاعد الغيتار الكهربائي. أما الأغنية الثانية لسعد، "أنا تبعني؟"، فهي امتداد لأغاني عجرم ذات الطابع الدرامي العاطفي، كـ"إنت إيه"، وتُجسّد دور الأنثى في الحب بجمالياته وتقلّباته.
توزعت أغاني الألبوم بين اللهجتين اللبنانية والمصرية، وكان للأخيرة النصيب الأكبر بسبع أغان. تظهر نانسي عجرم في الأغاني اللبنانية بصيغتين: رومانسية، كما في "بدي قول بحبك"، التي لا تشبه "لون عيونك" في لحنها، لكنها تتقاطع معها في المزاج، إذ تعتمد على إيقاع الـ"آر أند بي" ولمسة من الـ"سوفت روك"، ما يوحي بحالة رومانسية ثنائية، تعززها إطلالتها في الكليب بفستان أبيض وتلميحات لخاتم الارتباط. يُعبّر هذا النمط عن تطلّع الفتيات لعلاقات تُتوّج بالزواج، ويتناسب مع الأداء الصوتي الرقيق والحالم لنانسي.
وفي "انسى" (كلمات وألحان سليم عساف)، تلامس الأغنية مرحلة النضج العاطفي، فـ"كل شي بيهون وإنت حدي"، ويُجسّد اللحن هذا القرب بأسلوب الروك بالاد مع لمسة "آر أند بي"، ما يكرّس صورة نانسي الأنثوية المرهفة، والمتطورة غنائياً. أما "غيرانين"، فتتناول الحب المحاط بالغيرة، على مقام النهاوند، مع توزيع بسيط يُحاكيه ظهور نانسي العفوي في الفيديو، وتُعزز الطبلة الإيقاع الراقص، في عمل يخلو من المؤثرات التقنية، ما يمنحه نقاءً صوتياً، ويُبرز صوت الدربكة والأكورديون أدواتٍ للتعبير الطبيعي.
لكن سرعان ما يعود وجه الدلال والشقاوة في "على علمي"، رابع الأغاني باللهجة اللبنانية، فتسخر من غيرة حبيبها المفاجئة، بخطاب فتاة مرحة متحرّرة، وبموسيقى خفيفة تمزج بين الغيتار والأكورديون.
بقية أغاني الألبوم تعزز صورة نانسي عجرم المرحة، المُغرية بالشقاوة، وأبرزها "طراوة" (ألحان محمد يحيى)، بتوزيع طارق مدكور، الذي عملت نانسي عجرم معه في بداياتها. الأغنية تستعيد روح بدايات الألفية، بإيقاع المقسوم ووتريات بسيطة وأكورديون، مع لمسات غيتار خفيفة توزّع الأجواء كضربات فرشاة على لوحة فنية، فتُذكّرنا بـ"آه ونص" لكن بحركة أقل.
أما أغنيتا عزيز الشافعي، فهما من أبرز مفاجآت الألبوم كونهما أول تعاون معه. "جاني بالليل" تمضي في مسار راقص شرقي على مقام الكرد، بمذاق سبعيني وألفيني في آن، وتوزيع مدكور يُعيدنا إلى أواخر التسعينيات، بإيقاع شعبي لافت. أما "أنا هفضل أغني"، فهي تجسيد واضح لشخصية نانسي عجرم الفنية، تمزج بين العصرية وتراث نجمات الزمن الجميل مثل شادية وسعاد حسني، وكأن نانسي، في هذه الأغنية، تستحق لقب "سندريلا البوب العربي".
منذ بدايتها في أواخر التسعينيات، وخصوصاً في ألبومها الأول "محتجالك"، الذي لحّن معظمه شاكر الموجي، بدا أن نانسي عجرم تعرف تماماً ما تريد؛ فقدّمت بصوتها أغنية "يا واد يا تقيل" لسعاد حسني، وكأنها منذ ذلك الوقت كانت تؤسس لشخصية غنائية واضحة المعالم. والآن، مع "نانسي 11"، تؤكد أنها نجحت في رسم ملامح لا تُشبه أحداً، وتُواصل مشوارها بثقة، ضمن حدود إمكانياتها، ووفق رؤيتها الخاصة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نانسي عجرم... ملامح غنائية لا تُشبه أحداً
نانسي عجرم... ملامح غنائية لا تُشبه أحداً

العربي الجديد

timeمنذ 19 ساعات

  • العربي الجديد

نانسي عجرم... ملامح غنائية لا تُشبه أحداً

تُراهن المغنية اللبنانية نانسي عجرم على أسلوبها الغنائي المتفرّد، الذي يمزج بين الشقاوة والدلال والرومانسية، مع لمسات درامية أنثوية مشبعة ببراءة طفولية. هذا المزيج، الذي بات سمة متأصلة في شخصيتها الفنية، يتكرّس بوضوح في ألبومها الجديد "نانسي 11". ورغم أن الألبوم لا يحمل كثيراً من المفاجآت، إلا أنه يستند إلى مقومات شكّلت ملامح عجرم الغنائية، وأسّست لحضورها الخاص. وكما اعتاد جمهورها، تواصل صاحبة "آه ونص" الرهان على البساطة، سواء في اختياراتها الموسيقية والغنائية، أو حتى في إطلالاتها. وتُشكّل التباينات بين الوداعة والمرح، أو الرقة والجرأة، خطوطاً عامة في تحديد هوية أغانيها، ما يجعلها تختار ما يتماشى مع طريقتها الخاصة، من دون أن تركض خلف موجات الموضة الغنائية. في هذا الألبوم، تتعاون نانسي عجرم مع عدد من الملحنين الجدد، من أبرزهم عزيز الشافعي وعطار، وقدّم كل منهما لحناً مميزاً. وفي هذا الإطار، تخوض المغنية تجربة جديدة في اللون الشعبي المصري، لكن بنمط مختلف، يمتاز بإيقاعه السريع وطابعه العصري، الذي يمزج بين الموسيقى الشرقية والبديلة، ويُقارِب أسلوب الراب، مع نكهة سلطنة واضحة في نهاية اللازمة "آه يا سيدي". اللافت هنا هو توظيف الإيقاعات الإلكترونية والمؤثرات الصوتية، مع دخول طبلة المقسوم في الجزء الأخير، ما يخلق تقاطعاً متناغماً بين التقليدي والتقني. هذا المزاج يتجلّى بوضوح في الأغنية التي كتبها مصطفى حدوتة ولحّنها عطار، وقد تكون من أكثر أغنيات الألبوم رواجاً، رغم صدورها المتأخر. يستمر هذا التوجه الشعبي، لكن بدرجة أقل تطرفاً، في أغنية "يا قلبو"، إذ تبرز طبلة المقسوم مجدداً، وتتداخل الأصوات المبرمجة مع الأكورديون، في نمط يذكّر بأغاني نانسي الأولى مثل "أخاصمك آه"، وإن اتخذت الأغنية هنا منحى أحدّ في التعبير، كأنها شكوى مفعمة بالعاطفة، وليس دلالاً. جانب آخر من الألبوم يتناول الحب من منظور درامي، كما في أغنية "لغة الحب" من ألحان وليد سعد وكلمات محمد رفاعي. تبدأ الأغنية بصيغة صادمة: "بكرهك دي يعني بحبك"، لتعبّر عن التناقضات التي تعيشها بعض النساء في الحب، وتكشف من خلالها نانسي عن مفاتيح لفهم انفعالات المرأة، وربما تطرح الصورة التي يفضّلها الرجل الشرقي، إذ الحيرة جزء من اللعبة العاطفية. لحن الأغنية يمضي في خط الرومانسية الحالم الذي ميّز نانسي عجرم، ويعيد التذكير بأعمال وليد سعد في ذروة نجاحه مطلع الألفية. ويُضفي مقام النهاوند شيئاً من الشجى، بينما تمزج الموسيقى بين الروك والبوب، وتلعب الوتريات دوراً تعبيرياً، خاصة مع تصاعد الغيتار الكهربائي. أما الأغنية الثانية لسعد، "أنا تبعني؟"، فهي امتداد لأغاني عجرم ذات الطابع الدرامي العاطفي، كـ"إنت إيه"، وتُجسّد دور الأنثى في الحب بجمالياته وتقلّباته. توزعت أغاني الألبوم بين اللهجتين اللبنانية والمصرية، وكان للأخيرة النصيب الأكبر بسبع أغان. تظهر نانسي عجرم في الأغاني اللبنانية بصيغتين: رومانسية، كما في "بدي قول بحبك"، التي لا تشبه "لون عيونك" في لحنها، لكنها تتقاطع معها في المزاج، إذ تعتمد على إيقاع الـ"آر أند بي" ولمسة من الـ"سوفت روك"، ما يوحي بحالة رومانسية ثنائية، تعززها إطلالتها في الكليب بفستان أبيض وتلميحات لخاتم الارتباط. يُعبّر هذا النمط عن تطلّع الفتيات لعلاقات تُتوّج بالزواج، ويتناسب مع الأداء الصوتي الرقيق والحالم لنانسي. وفي "انسى" (كلمات وألحان سليم عساف)، تلامس الأغنية مرحلة النضج العاطفي، فـ"كل شي بيهون وإنت حدي"، ويُجسّد اللحن هذا القرب بأسلوب الروك بالاد مع لمسة "آر أند بي"، ما يكرّس صورة نانسي الأنثوية المرهفة، والمتطورة غنائياً. أما "غيرانين"، فتتناول الحب المحاط بالغيرة، على مقام النهاوند، مع توزيع بسيط يُحاكيه ظهور نانسي العفوي في الفيديو، وتُعزز الطبلة الإيقاع الراقص، في عمل يخلو من المؤثرات التقنية، ما يمنحه نقاءً صوتياً، ويُبرز صوت الدربكة والأكورديون أدواتٍ للتعبير الطبيعي. لكن سرعان ما يعود وجه الدلال والشقاوة في "على علمي"، رابع الأغاني باللهجة اللبنانية، فتسخر من غيرة حبيبها المفاجئة، بخطاب فتاة مرحة متحرّرة، وبموسيقى خفيفة تمزج بين الغيتار والأكورديون. بقية أغاني الألبوم تعزز صورة نانسي عجرم المرحة، المُغرية بالشقاوة، وأبرزها "طراوة" (ألحان محمد يحيى)، بتوزيع طارق مدكور، الذي عملت نانسي عجرم معه في بداياتها. الأغنية تستعيد روح بدايات الألفية، بإيقاع المقسوم ووتريات بسيطة وأكورديون، مع لمسات غيتار خفيفة توزّع الأجواء كضربات فرشاة على لوحة فنية، فتُذكّرنا بـ"آه ونص" لكن بحركة أقل. أما أغنيتا عزيز الشافعي، فهما من أبرز مفاجآت الألبوم كونهما أول تعاون معه. "جاني بالليل" تمضي في مسار راقص شرقي على مقام الكرد، بمذاق سبعيني وألفيني في آن، وتوزيع مدكور يُعيدنا إلى أواخر التسعينيات، بإيقاع شعبي لافت. أما "أنا هفضل أغني"، فهي تجسيد واضح لشخصية نانسي عجرم الفنية، تمزج بين العصرية وتراث نجمات الزمن الجميل مثل شادية وسعاد حسني، وكأن نانسي، في هذه الأغنية، تستحق لقب "سندريلا البوب العربي". منذ بدايتها في أواخر التسعينيات، وخصوصاً في ألبومها الأول "محتجالك"، الذي لحّن معظمه شاكر الموجي، بدا أن نانسي عجرم تعرف تماماً ما تريد؛ فقدّمت بصوتها أغنية "يا واد يا تقيل" لسعاد حسني، وكأنها منذ ذلك الوقت كانت تؤسس لشخصية غنائية واضحة المعالم. والآن، مع "نانسي 11"، تؤكد أنها نجحت في رسم ملامح لا تُشبه أحداً، وتُواصل مشوارها بثقة، ضمن حدود إمكانياتها، ووفق رؤيتها الخاصة.

جديد نانسي عجرم... ليس أفضل توقيت
جديد نانسي عجرم... ليس أفضل توقيت

العربي الجديد

timeمنذ 4 أيام

  • العربي الجديد

جديد نانسي عجرم... ليس أفضل توقيت

رغم الحملة الترويجية الضخمة التي رافقت إصدار ألبوم نانسي عجرم الجديد، يبدو أن الظروف لم تكن لصالح صاحبة "يا سلام" هذه المرة، لأسباب عدّة، أبرزها كثافة الإصدارات الغنائية التي تملأ السوق العربي حالياً، إلى جانب الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة التي تحيط في المنطقة. طوال الأشهر الماضية، حضرت نانسي عجرم بقوة نجمةً في لبنان وخارجه. لم تهدأ وتيرتها حتى قبيل إطلاق ألبومها الحادي عشر. إلا أنها ربما لم تُوفّق حين قرّرت طرح عمل يضم 11 أغنية دفعة واحدة، في ظل حالة التشبع والاستهلاك الغنائي السائدة. وكان من الأفضل طرح عدد محدود من الأغاني، كما يفعل معظم المغنين الآن، حتى نهاية الصيف، ضمن خطة تسويقية مدروسة تحمي هذه الأعمال من الإخفاق وتراجع الاستماعات. تزامن صدور الألبوم مع تصاعد الأوضاع الأمنية في محافظة السويداء جنوبي سورية، ما انعكس سلباً على متابعة الألبوم، خصوصاً في لبنان وسورية والعالم العربي. وبسبب ذلك، تراجعت نسب الاستماع ومشاركة الأغاني على وسائل التواصل الاجتماعي، رغم محاولات فريق الفنانة الإعلامي دعم الألبوم عبر نشر فيديوهات كلمات الأغاني بديلاً للكليبات المكلفة، في ظل معلومات تشير إلى إمكانية تصوير بعض الأغاني لاحقاً بطريقة الفيديو كليب، كما حصل مع أغنية "ورانا جية". يضم الألبوم أربع أغانٍ باللهجة اللبنانية وسبعاً باللهجة المصرية. في لبنان، تعاونت نانسي مع سليم عساف في "انسى"، وكريم عبده في "بدي قول بحبك"، ونبيل خوري في "غيرانين"، وأدّت "على كلمي" من كلمات جيلبير أبي ناصيف وألحان ريان برجي. لكن هذه الأغاني لم تأتِ بجديد، فالتوزيع الموسيقي بدا مستهلكاً، والكلمات عادية، ما أضعف من فرص الألبوم في المنافسة والتجديد، خصوصاً مع اعتماد عجرم على موزّع واحد، هو قائد فرقتها، ما جعل الألحان تتسم بالتكرار. مع ذلك، من المبكر إصدار حكم نهائي على الألبوم، خصوصاً إذا حققت الأغاني المصرية انتشاراً جماهيرياً. سبع أغانٍ باللهجة المصرية تعاونت فيها مع الملحنَين عزيز الشافعي ووليد سعد، فيما كتب تامر حسين ثلاثاً منها. ومن أبرز ما جاء في الألبوم أغنية "طراوة" من كلمات عليم وألحان محمد يحيى، وأغنية "سيدي يا سيدي" ألحان عطار، التي تبدو مؤهلة لتحقيق نجاح مستقبلي لما تحمله من توزيع موسيقي متجدد وكلمات مختلفة تنقل عجرم إلى مسار فني جديد، وهي بأمسّ الحاجة إليه في ظل المنافسة الشرسة على منصات الموسيقى. من المتوقع أن تُصوَّر بعض أغاني الألبوم لاحقاً على طريقة الفيديو كليب بهدف دعم هذه الإصدارات، ومحاولة لتحقيق النجاح المرجو، لكن من الواضح أن نانسي عجرم بالغت في عدد الأغاني وأخطأت في توقيت الإصدار. رغم ذلك، تظل أجندتها الفنية مليئة بالحفلات حتى نهاية الصيف.

الوشم في حياة نساء عربيات: من طقوس قديمة إلى لغة حديثة للحرية
الوشم في حياة نساء عربيات: من طقوس قديمة إلى لغة حديثة للحرية

BBC عربية

time٢٥-٠٧-٢٠٢٥

  • BBC عربية

الوشم في حياة نساء عربيات: من طقوس قديمة إلى لغة حديثة للحرية

عندما قررت رنا، فور تخرجها من الجامعة، أن تترك بلدتها الصغيرة في إحدى محافظات دلتا النيل وتنتقل إلى القاهرة بحثاً عن فرصة عمل، واجهت عاصفة من الرفض. والدها، تحديداً، رأى في خطوتها تحدياً مباشراً، ليس فقط للتقاليد التي نشأت فيها العائلة، بل له هو شخصياً، كأب ورب للأسرة. وبعد عام واحد، كانت رنا قد بدأت حياتها الجديدة في العاصمة، واستقلت مادياً ومعنوياً. لم تخبر أحداً حين توجهت إلى أحد استوديوهات الوشم في وسط البلد. اختارت كلمة واحدة فقط، نُقشت بخط عربي دقيق على معصمها الأيسر: "حرية". جذور تاريخية عميقة لكن رنا لم تكن الوحيدة التي خطّت على جسدها كلمات تؤكد هويتها وما يمثل ذاتها، فللوشم جذور عميقة في الهوية العربية. مأثور الشعر والكلام منقوش على الأجساد "كلما نظرتُ إلى المرآة، أتذكر جدتي"، بهذه الكلمات تصف فاطمة، وهي سيدة أمازيغية من جبال الأطلس، العلاقة العاطفية التي تربطها بالوشم الذي يزيّن ذقنها منذ طفولتها. قالت لنا "هذا الوشم نقشته لي قريبة لنا، وكانت جدتي هي من اختارته. كانت تقول لي إنه يحميني من العين، ويزين وجهي كما تفعل الأقراط." لطالما شكّل الوشم في مجتمعات الأمازيغ والبدو وسيلة للتعبير عن الهوية والانتماء، وطقس عبور اجتماعياً وجسدياَ. وتشير الباحثة خديجة زيني في دراسة نشرتها في دورية دراسات شمال أفريقيا إلى أن "الوشم لم يكن مجرد زينة، بل جزءاً من نظام رمزي يُظهر موقع المرأة داخل الجماعة... كما كانت العلامات والرموز المستخدمة في الوشم أداة لحفظ الذاكرة، والتعبير عن المعتقدات، والدفاع عن الجسد من قوى الشر." وفي المجتمعات البدوية في سيناء، مثلاً كانت النساء يشمن الشفة والخدود وأطراف الأيدي، في ممارسات تتجاوز الزينة إلى ما يُشبه العلامات الطقسية. ووفقاً لما دوّنه عدد من الرحالة والباحثين الأوروبيين في أواخر القرن التاسع عشر، من بينهم جورج شتايندورف، فإن "نساء سيناء كن مغرمات بالوشم، يشمن الشفة والخدود وظهر اليدين حتى المرفق، في ممارسات تجمع بين الزينة والرمز الطقسي." لكن هذه التقاليد لم تسلم من التحول. إذ ساهمت النظرة الدينية الرافضة للوشم، المستندة إلى تفسيرات فقهية تعتمد تفسيرات لحديث "لعن الله الواشمة والمستوشمة"، في تراجعه داخل هذه المجتمعات. وبمرور الوقت، خفتت مظاهره، خاصةً مع التوسع الحضري وتصاعد الخطاب الديني المحافظ. عودة بصيغة جديدة واليوم، تعود الممارسات المرتبطة بالوشم في شكل جديد، لا كتعبير جماعي قبلي، بل كفعل فردي خاص. وشمٌ لا يختار له المجتمع مكانه ولا رمزه، بل تختاره المرأة لتعلن عبره عن حريتها، ذاكرتها، أو حتى جرحها الذي اختارت أن يُرى. تقول علياء فضالي، وهي فنانة وشم مصرية، لبي بي سي: "الناس بحاجة إلى أن تفهم أن الوشم ليس مجرد رسمة على الجسم... لكنه طاقة تشجع وتداوي". بدأت علياء رحلتها مع الوشم وهي في سن المراهقة، برسم تجريبي على يديها وعلى جلد ثمار الموز. ومع الوقت، تحوّلت هوايتها إلى استوديو محترف. أما نانسي قمح، وهي فنانة وشم لبنانية، فتقول لبي بي سي إنها وجدت نفسها في هذا الفن: "كنت أحب الرسم، وأحب التصميم والإبداع... شعرت إن الوشم هو أكثر شيء يعبر عني." بدأت نانسي مسيرتها داخل صالون نسائي صغير تتعدد فيه الأنشطة التجميلية للنساء. بدأت عملها في الخارج، ثم عادت إلى بلدها لبنان، حيث قررت أن يكون الوشم هو عملها الوحيد، وأصرت على أن تكرس وقتها وجهدها للتميز فيه وتقول نانسي إنها واجهت في البداية تشكيكاً في قدراتها لمجرد كونها امرأة. وقالت "الناس يعتقدون أن الرجل لمجرد أنه رجل سيكون أكثر دقة عند العمل في تنفيذ وشم يبقى على الجسم طوال العمر". غير أن ذلك لم يحبطها أو يثنيها عن عزمها، بل أنها الآن أصبحت ترسم الرشوم على أجساد الرجال والنساء على حد سواء. الحبر والندبة: الوشم بوصفه فعلاً علاجياً تتعدد دوافع النساء للحصول على وشم، لكن دوافع التشافي تتكرر بكثافة. تقول دينا، وهي فنانة وشم لبنانية، تخصص جهودها لوشم النساء فقط، لبي بي سي: "أنا لا أشعر أنني أرسم لهن وشماً فقط. أثناء جلسة الوشم أسعر أنني في جلسة علاج لمن أدق لها الوشم." وتضيف أن ألم الوشم الخفيف غالباً ما يكون دافعًا للبوح: "تشعر المرأة أنها ترتاح مع وخزات الوشم الخفيفة، تشعر أن الشيء السلبي المؤلم يخرج من جسمها ويحل محله شيء جميل." وتقول علياء: "الكثير من الناس تدق الوشم لتغطية آثار عمليات جراحية أو حوادث. الوشم يجعلهم يستعيدوا الثقة في أجسامهم ويرتدوا ما يرتاحون له من الثياب". وتروي علياء عن سيدة كانت تخفي ذراعها بسبب آثار حريق، لكنها بعد الوشم استطاعت أن تكشف عن ذراعيها دون خجل. دينا أيضاً تؤكد هذا البعد العلاجي، وتستحضر حالات نساء متعافيات من السرطان، قمن بوشم مناطق في الجسد غيّرتها الجراحة أو المرض. ومن أبرز القصص التي تمثل هذه الحالة، قصة عفاف، وهي امرأة اختارت أن تضع على جسدها عبارة واحدة: "أنا بطلة حياتي". قالت عفاف لبي بي سي عن وشمها الذي رسمته نانسي قمح: "هل تعلمين عند مشاهدة فيلم، كثيرا ما نشاهد بطلاً ينقذ الموقف والآخرين. أنا أشعر أنني هذه البطلة، أنا أنقذت نفسي. أنا تصالحت مع ذاتي وأنقذتها، وأحقق لها أحلامها". رموز القوة: من الفينيق إلى اللوتس بين السر والعلن تختلف علاقة النساء بوشومهن؛ فبعضهن يحتفظ بها سراً، والبعض الآخر يفخر بها علناً. تقول نانسي إن النساء المحجبات كنّ من أوائل زبوناتها، لأنهن يبحثن عن فنانة وشم تفهم خصوصيتهن. تقول "أحياناً لا ترغب الفتاة المحجبة خاصة أن تعرف أسرتها أنها رسمت وشماً. أنا أحترم رغبتها ونختار موضعاً للوشم بعيد عن الأنظار". أما علياء، فتقول إن النساء أصبحن اليوم أكثر رغبة في إظهار وشومهن، لا إخفائها. وتضيف: "الآن أصبحت أرى الناس، سواء كانوا رجالاً أو نساء، خاصة النساء، يفخرون بإبداء الوشم ويتباهون به." قصص تترك أثراً ما بعد الحبر تقول علياء: "الوشوم هدية مني لنفسي... كل وشم على جسمي يقويني ويذكرني برسالة مني لنفسي." وتضيف أن الوشم" ليس مجرد رسم على الجسد للزينة. الوشم طاقة تمنحك القوة، طاقة تقول لك إنك قادر على النهوض والمواصلة. الوشم رسالة لا تعرف كيف توصلها للناس، وتستخدم ما خُط ورُسم على جسدك لإيصالها." وفي المجمل، يبدو أن الوشم أصبح لدى قطاع من النساء العربيات أداة لبناء علاقة جديدة مع الجسد، علاقة فيها تصالح مع الألم والندوب، وفيها تأكيد على الحضور والاختيار. لا تزال بعض المجتمعات تنظر للوشم بريبة أو رفض، لكن الأصوات التي تسعى لإعادة تعريفه كفعل فردي، جمالي، وعلاجي، باتت أعلى وأكثر تأثيراً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store