
11.9 مليون ملف تعريفي تروي قصصاً لإنقاذ المرضى
هدى الطنيجي (أبوظبي)
كشفت منصّة «ملفّي» التي تربط جميع مرافق الرعاية الصحية تقريباً في أبوظبي، عن وجود أكثر من 11.9 مليون ملف تعريفي خاص بكل مريض، تدعم 52.377 مستخدماً معتمداً، بمن فيهم الأطباء والممرضون والمهنيّون الصحيون المساعدون، عبر 3.006 مرافق رعاية صحية، ما يعزّز دورها كحجر أساس في نظام الرعاية الصحية في الإمارة.
«ملفّي»، أول منصّة لتبادل المعلومات الصحية (HIE) في المنطقة، تلعب دوراً أساسياً في تمكين المتخصّصين في الرعاية الصحية من الوصول الفوري إلى معلومات المرضى المهمّة.، ومن خلال تمكين القرارات الطبية المستنيرة، تعزز ملفّي رعاية المرضى، وتحسّن نتائجها، وبالتالي تسهم في إنقاذ الأرواح. ويتجلى التأثير الحقيقي للمنصّة بصورة أفضل في قصص المرضى الذين تم تطوير علاجهم من خلال قدراتها.
إنقاذ الأرواح
وقالت الدكتورة حكمية مناد، اختصاصية الطب الباطني – مستشفى ميدكلينيك المعمورة: في بعض الأحيان، لا تنبع أعمق قصص المرضى من الابتكارات المتطورة، بل من القدرة على تجميع التاريخ الطبي الشامل للمريض، وذلك تشخيصاً لما قد يبقى مخفياً. ففي إحدى الحالات المشهودة، زار مريض يبلغ من العمر 68 عاماً العيادة، وكان المريض يشعر بتوعّك خفيف من دون ظهور أي أعراض خطيرة.
وذكر أنه مع الاطلاع على السجلات الطبية للمريض عبر «ملفي» عن فحص دم أجري قبل عامين يشير إلى انخفاض مستويات الهيموغلوبين، وهو تفصيل ربما كان ليمرّ من دون أن يُلاحظه أحد لولا «ملفّي»، وأكّدت فحوصات المتابعة انخفاضاً كبيراً في مستويات الهيموغلوبين، حيث أشارت إلى احتمال وجود نزف في الجهاز الهضمي، وأدّى تنظير القولون الذي أجري في الوقت المناسب إلى التشخيص المبكر لسرطان القولون، أي في مراحله الأولى، ويُبرز هذا المثال كيف أنّ الوصول إلى السجلات الطبية الشاملة من خلال منصّة مثل «ملفي» يُمكنه أن يكشف عن حالات خفيّة، ما يُتيح تدخلاً في الوقت المناسب لإنقاذ حياة المريض.
الرعاية المُتخصّصة
وقال الدكتور رانجيث بوتامال، استشاري أمراض القلب في مستشفى الأهلية: يبدأ الطب المُتخصّص بالوصول إلى المعلومات الحيويّة، ما يُمكّن مُقدمي الرعاية من توفير رعاية دقيقة وفريدة تُضاهي رعاية المريض نفسه. ففي حالة، وصل رجل يبلغ من العمر 38 عاماً فاقداً للوعي إثر نوبة قلبيّة حادّة، وبينما استعاد الإنعاش القلبي الرئوي نبضات قلب المريض، كشفت نتائج الفحوصات المخبرية عن جلطة دموية كبيرة وتباطؤ في تدفق الدم إلى القلب.
وذكر أنه في الظروف العادية، كان من المفترض إعطاء المريض أدوية مُعالجة للجلطات. ولكن من خلال الوصول إلى «ملفّي»، تم اكتشاف إصابة المريض في الرأس قبل فترة وحدوث نزف داخلي، وهما تفصيلان مهمّان لم يخطر على بال المريض أن يتحدّث عنهما بنفسه. وقد حال هذا دون توسيع نطاق العلاج الذي كان من المُحتمل أن يُلحق الضرر بالمريض، ما أتاح اتباع نهج مُصمّم خصيصاً أدّى في النهاية إلى شفائه التام. وتُؤكّد هذه الحالة أيضاً أهمّية تبادل المعلومات الصحية لضمان اتخاذ قرارات مستنيرة وحماية سلامة المرضى.
تجنّب الحساسية
من جانبها، أشارت فاطمة العامري ممرضة في إحدى المنشآت الطبية بأبوظبي، إلى أن الوصول إلى التاريخ الطبي للمريض قد يُحدث فرقاً كبيراً، خاصةً عندما يتعلّق الأمر بتحديد ومنع ردود الفعل التحسسية الشديدة. وقد تجلى هذا بوضوح في حالة مريضة سرطان مُسنة، عانت من المرض الخبيث لسنوات عدّة، ووُصف لها باراسيتامول لتخفيف آلامها. ورغم عدم إبلاغها عن أي حساسية معروفة، فإن سجلاتها الطبية عبر «ملفّي» أكدت على وجود حساسية مُسجلة سابقاً تجاه مسكّنات الألم، وهو سهو كان من الممكن أن يُسبّب في ردّ فعل تحسّسي خطير. وقد تم تعديل خطة علاجها على الفور، ما ضمن سلامتها وجنّبها المزيد من المضاعفات. وتُؤكد هذه الحالة كذلك الدور الأساسي لـ«ملفي» في توفير إمكانية الوصول إلى سجلات المرضى المُفصّلة، وتحسين جودة الرعاية، وتمكين اتخاذ قرارات مستنيرة في مجالات مُعقّدة مثل علم الأورام.
رعاية أسرع
وقالت الدكتورة شانكار أيابان كوتي، استشاري جراحة الأعصاب في مستشفى إن إم سي التخصصي: إنه بالنسبة للمرضى الذين يواجهون صعوبة في التعامل مع العلاج الطبي، فإنّ الوصول السلس إلى سجلاتهم الصحّية لا يُخفّف من قلقهم فحسب، بل يُمكّن مُقدمي الرعاية الصحية أيضاً من توفير رعاية أسرع وأكثر أماناً وأكثر معرفة. ومن الحالات العديدة الأخرى، أراد أحد المرضى إجراء استشارة جراحية بشأن إصابة دماغية تم تشخيصها سابقاً في مؤسسة طبية أخرى، لكنّه نسيّ إحضار صورة الشعاعية الحديثة. ومن خلال تطبيق «ملفّي»، استطاع الدكتور الوصول إلى صور الرنين المغناطيسي وتاريخه الطبي، وكشفت الإصابة عن أنّها ورم كهفي حميد، ما ألغى الحاجة إلى الجراحة. ولم يخفّف هذا التشخيص الذي أنجز في الوقت المناسب من قلق المريض فحسب، بل سمح له أيضاً بالمضي قدماً في حياته ومن دون أي تأخير غير ضروري. ويوضح هذا المثال مدى أهمية منصّة تبادل المعلومات الصحية في تقليل الفحوصات المكررة، وتقليل التعرض للإشعاع، وضمان رعاية فعالة وعالية الجودة.
وذكرت أنه في عالم يمكن أن تكون فيه المعلومات الدقيقة وفي الوقت المناسب هي الفيصل بين الحياة والموت، تعمل منصّات تبادل المعلومات الصحية على إحداث تحول في سبل تقديم الرعاية الصحية. ومن خلال تمكين الوصول السلس إلى سجلات المرضى الشاملة، تُمكّن هذه المنصّات المتخصصين بالرعاية الصحية من اتخاذ قرارات سليمة وتستند إلى البيانات، وبالتالي تجنب المخاطر غير الضرورية، وتقديم رعاية شخصية بثقة. فمن الكشف عن الحالات الخفيّة إلى منع العلاجات الضارّة، تُظهر هذه الحالات الواقعية التأثير العميق للرعاية الرقمية «المتّصلة» على نتائج المرضى. ومع استمرار تطوّر الرعاية الصحية، أصبحت الأدوات مثل منصّة «ملفّي» بمثابة ركائز أساسية في بناء أنظمة صحّية أكثر أماناً وذكاءً وكفاءة وتعطي الأولوية لما هو أكثر أهمية، أي سلامة ورفاهية المرضى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاتحاد
منذ 7 أيام
- الاتحاد
«عدي».. طفل من غزة يتلقى علاجاً ينقذ حياته في أبوظبي
هدى الطنيجي (أبوظبي) أعلن مستشفى ياس كلينك – مدينة خليفة، بالتعاون مع مركز أبوظبي للخلايا الجذعية (ADSCC)، تعافي الطفل «عدي» البالغ من العمر 11 عاماً، فلسطيني من غزة، بعد 7 أشهر من التنويم والعلاج المكثّف، تخللتها عملية زراعة نخاع العظم ناجحة، أنهت معاناته مع مرض جيني نادر يُعرف بنقص إنزيم DADA-2. ويأتي ذلك في إطار الجهود الإنسانية التي تقودها دولة الإمارات في ظل توجيهات القيادة الرشيدة لدعم الأشقاء في غزة، وتقديم الرعاية الطبية والصحية التي يحتاجون إليها في مستشفيات الدولة. وكان «عدي» قد وصل إلى المستشفى في حالة حرجة، وظلّ لفترة طويلة في وحدة العناية المركزة للأطفال (PICU)، يتلقى رعاية دقيقة من فريق طبي متعدّد التخصّصات، وبفضل التنسيق والدعم الكبير من إدارة المستشفى ودائرة الصحة – أبوظبي، تم تسهيل قدوم شقيقته من غزة، والتي كانت المتبرعة المتوافقة في عملية الزراعة. الرعاية الدقيقة وقالت الدكتورة ميسون آل كرم، المدير التنفيذي للشؤون الطبية في مستشفى ياس كلينك: «لقد جسّدت هذه الحالة كل معاني العمل الطبي الإنساني، من التشخيص المعقّد إلى الرعاية الدقيقة والزراعة الناجحة، وما أنجزه الفريق يعكس مدى التزامنا بحياة الإنسان، بصرف النظر عن مكانه أو ظروفه». فريق طبي وقد أُديرت هذه الحالة من قبل فريق رعاية متكامل شمل أطباء العناية المركزة للأطفال، جراح أطفال، أطباء أنف وأذن وحنجرة، وأخصائي الأمراض المعدية، كما تسلط هذه الحالة الضوء على أهمية وجود فريق تمريض قوي قادر على التعامل مع مثل هذه الحالات عالية الخطورة، حيث كان لتنسيقهم وخبراتهم السريرية دور محوري في رعاية الطفل خلال فترة علاجه الطويلة والمعقدة. شكراً رئيس الدولة وقد وجَّه الطفل عدي الجدبة الشكر إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ومستشفى ياس كلينك – مدينة خليفة، ومركز أبوظبي للخلايا الجذعية (ADSCC). مرض وراثي قالت الدكتورة مانسي ساشديف، الاستشارية في أمراض الدم وزراعة نخاع العظم للأطفال في مستشفى ياس كلينك – مدينة خليفة، والتي كانت الطبيبة المشرفة على الحالة: «إن إجراء زراعة نخاع العظم بشكل عاجل كان ضرورياً لإنقاذ حياة (عدي)، ومن دونها لم يكن ليتمكن من النجاة، وكان معرضاً للوفاة نتيجة عدوى خطيرة تهدد حياته». وأضافت: «كان يعاني مرضاً وراثياً نادراً جداً تسبب له في التهابات متكررة وخطيرة، وانخفاضاً في المناعة، وضعفاً في وظيفة نخاع العظم، بالإضافة إلى التهابات في الأوعية الدموية، ولم يكن هناك علاج جذري لحالته سوى زراعة نخاع العظم». من جهته، قال الدكتور غوفيند، رئيس وحدة العناية المركزة للأطفال: «ما مرّ به هذا الطفل كان استثنائياً من جميع النواحي، ورغم كل التحديات، لم يفقد عزيمته، لقد ألهمنا جميعاً، وكان خروجه من المستشفى لحظة مؤثرة وملهمة لكل فرد منّا». نقص المناعة قال خالد الجدبة، والد الطفل «عدي»: «إن (عدي) كان يعاني منذ طفولته نقص المناعة، حيث اتجهنا بداية إلى منظمة الصحة العالمية في غزة، والتي عرضت حالته على عدد من المستشفيات في الخارج، حيث كانت حالته تسوء، ونتيجة لصعوبة الوصول إلى الخدمات الطبية المطلوبة لعلاج حالته، ومع بدء الحرب في 7 أكتوبر ساء الوضع، حيث كنّا في حالة غير مطمئنة لعدم توافر المنشآت الطبية والتخصصات المطلوبة لرعايته». وأضاف: «اتجهنا مرة أخرى إلى منظمة الصحة العالمية، والتي قامت باستكمال الأوراق الخاصة بنقل (عدي)، ولله الحمد تم نقله إلى دولة الإمارات، بالتحديد إلى مستشفى ياس كلينك، حيث تلقى رعاية طبية دقيقة، ليتقرر إجراء عملية زراعة نخاع عظم، ليتم إجراء الفحوص المطلوبة مع أفراد أسرته كافة، واتضح من تطابقه مع شقيقته (دعاء)، والتي قدمت هي الأخرى من غزة بتوجيهات من المعنيين في الدولة، وقام فريق طبي بإجراء العملية، ولله الحمد نجحت بفضل من الله والفريق الطبي»، متقدماً بالشكر الجزيل إلى دولة الإمارات وإدارة المستشفى ودائرة الصحة في أبوظبي على جهودهم في إنقاذ حياة «عدي». رحلة علاج قالت زهرة الجدبة، والدة عدي: «كانت رحلة علاج ابني (عدي) طويلة، إلا أن تم نقلنا إلى دولة الإمارات التي أجرى خلالها عملية زراعة نخاع عظم بعد أن أصبحت ابنتي (دعاء) جاهزة للتبرع لشقيقها، وندعو الله أن يتمم شفاؤه، ونتقدم بالشكر الجزيل إلى دولة الإمارات والقائمين على المستشفى». وقالت دعاء الجدبة، المتبرعة لشقيقها «عدي»: «بفضل الله، ودولة الإمارات، تم نقلنا من غزة إلى الإمارات من أجل زراعة نخاع عظم لأخي (عدي)، بعد أن أصبحت المتبرعة المتوافقة في عملية الزراعة، جداً سعداء بالنتيجة ونشكر الدولة الإنسانية والقائمين على علاج (عدي)».


الاتحاد
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- الاتحاد
المدير التنفيذي للصحة الرقمية في دائرة الصحة - أبوظبي لـ«الاتحاد»: الذكاء الاصطناعي يرسم آفاقاً واعدة لمستقبل القطاع الصحي
هدى الطنيجي (أبوظبي) أكد إبراهيم الجلاف، المدير التنفيذي للصحة الرقمية في دائرة الصحة - أبوظبي، أن قطاع الرعاية الصحية يشهد تحولاً ملحوظاً مدفوعاً بالتزام متواصل بالاستفادة من القدرات الاستثنائية التي يقدمها الذكاء الاصطناعي وتقنيات الصحة الرقمية، التي تعيد تشكيل مسارات تقديم الرعاية لتكون في متناول كل من يحتاج إليها، وتتسم بطابع شخصي أكبر وفق نموذج يتنبأ بالمرض، ويستبق حدوثه. وذكر أن هذه التقنيات تبشر مع استمرارها بالتطور بإمكانات أكبر لتحسين النتائج العلاجية للمرضى، وتبسيط سبل تقديم الرعاية الصحية، وترسيخ دعائم نظام صحي أكثر مرونة. وقال إبراهيم الجلاف، في حواره مع «الاتحاد»: إن هذه التطورات تدفع نحو تحول نوعي في الرعاية الصحية العالمية، وتحقيق التكامل بين الذكاء الاصطناعي والصحة الرقمية ليس مجرد تطور تكنولوجي، بل هو تحول جوهري في سبل تقديم الرعاية لأفراد المجتمعات، وعبر قدرات البيانات، سنتمكن من تعزيز كفاءة الرعاية الصحية ووضعها في الوقت ذاته بمتناول كل من يحتاج إليها وفق أسلوب عادل وشامل. الذكاء الاصطناعي قال إبراهيم الجلاف: يبشر الذكاء الاصطناعي بقدرات جديدة كلياً في تشخيص الأمراض تجعل من اكتشاف إصابات، مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والاضطرابات العصبية، أمراً أكثر سرعة ودقة، في حين يمكن لخوارزميات تعلّم الآلة تحليل كميات ضخمة من البيانات في غضون ثوانٍ معدودة، وتحديد أنماط تساعد كوادر الرعاية السريرية من اتخاذ قرارات مستنيرة سريعاً، لذلك فإن هذه القدرات السباقة لا تحسّن من التشخيص المبكر فحسب، بل تمكّن كوادر القطاع الصحي والمرضى أيضاً من اتخاذ قرارات مدروسة وأكثر دقة، وفي أبوظبي، يتيح إدخال أدوات الذكاء الاصطناعي بما يشمل ملفات تعريف المخاطر التنبئية للمرضى لكوادر الرعاية الصحية تحديد الأفراد ذوي المخاطر المرتفعة للإصابة بأكثر من 14 مرضاً، يما يتيح لهم تصميم الرعاية بشكل مسبق وتجنب انتظار الإصابة بالمرض. وأضاف: بعيداً عن أهميته في تحسين دقة التشخيص، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً حيوياً أيضاً في مجال الطب الشخصي، إذ تستفيد أنظمة الذكاء الاصطناعي من البيانات الجينية والسريرية والمرتبطة بأنماط الحياة لتصميم خطط علاجية شخصية للمرضى، وتحسين نتائجهم الصحية الإيجابية مع الحد من الحاجة لإجراءات غير الضرورية، هذا التحول من الرعاية التي تستجيب للمرض إلى تلك التي تستبق حدوثه يعزز من دقة الرعاية الطبية، ويحد استخدام منهجية التجربة والتعلم، بما يقود في نهاية المطاف لتحسين النتائج بالنسبة لأفراد المجتمع. أكاديمية الذكاء الاصطناعي أشار إبراهيم الجلاف، إلى أنه خلال نسخة عام 2024 من أسبوع أبوظبي العالمي للرعاية الصحية، أطلقت دائرة الصحة - أبوظبي بالتعاون مع جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي و«كور24» أكاديمية عالمية للذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية. وتعمل هذه الأكاديمية على صقل مهارات كوادر الرعاية الصحية وتسهم في البحوث الطبية العالمية بالاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، ونجحت حتى اليوم بتعزيز مهارات أكثر من 3 آلاف مهني صحي في الإمارة، وتحسين قدراتها في الذكاء الاصطناعي وكفاءتها في التقنيات المتطورة. الصحة الرقمية ذكر إبراهيم الجلاف، أن تقنيات الصحة الرقمية أسهمت في تيسير سبل الوصول للرعاية الضرورية، حيث تضع تقنيات التطبيب عن بعد والاستشارات الافتراضية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، الرعاية عالية الجودة في متناول المناطق التي تفتقر للخدمات الصحية الأساسية، في حين تمكّن الأجهزة القابلة للارتداء وأدوات مراقبة الحالة الصحية للمرضى من تتبع الصحة بشكل مباشر، وتركز هذه الابتكارات على التحول من العلاج إلى الوقاية، وتمكّن أفراد المجتمع من امتلاك زمام السيطرة على صحتهم. وأشار إلى أنه تعمل أدوات أداء المهام الإدارية المدعومة بالذكاء الاصطناعي تبسيط العمليات من خلال أتمتة المهام الروتينية مثل حجز المواعيد وإدارة السجلات، ليتمكن الموظفون من توجيه تركيزهم نحو رعاية المرضى. وقال: في أبوظبي، يعمل تطبيق «صحتنا» على تحسين سبل الوصول للرعاية الصحية من خلال توحيد السجلات الطبية، ومعلومات العافية، والبيانات الجينية ضمن منصة واحدة، ويحتوي تطبيق الهواتف المتحركة على مدقق الأعراض المعتمد على الذكاء الاصطناعي، وخاصية حجز المواعيد، والاستشارات عن بعد، ضمن مرافق الرعاية الصحية للقطاع الخاص بأبوظبي، في حين يوفر الوصفات الطبية واستعراض السجلات الطبية للفرد وأسرته بشكل يسير، ومن خلال دعم إدارة الصحة الاستباقية، يقلل «صحتنا» من الحاجة لزيارات متكررة للمستشفيات، ويحسن بذلك من سبل الوصول للرعاية وكفاءتها. استدامة الرعاية الصحية قال إبراهيم الجلاف: بينما تتبنى أنظمة الرعاية الصحية الذكاء الاصطناعي وتواصل تحولها الرقمي، تبرز الاستدامة كمحط تركيز رئيسي للقطاع، حيث تساعد التحليلات التنبؤية المدعومة بالذكاء الاصطناعي المستشفيات في الحد من النفايات وتحسين استغلال الموارد وتقليل البصمة الكربونية، في حين تكتسب ابتكارات الرعاية الصحية المستدامة مزيداً من الاهتمام، مثل الأجهزة الطبية القابلة للتحلل الحيوي وأنظمة المستشفيات الموفرة للطاقة، عبر مراعاة الاستدامة في ابتكارات الرعاية الصحية، يضمن القطاع استفادة المرضى والكوكب ككل من التطورات التكنولوجية. مستقبل الصحة ذكر إبراهيم الجلاف، أنه تبقى منهجية الرعاية التي تركز على المريض الأساس الذي يقوم عليه مستقبل الرعاية الصحية، كما أن إدخال التقنيات الرقمية، مثل الأجهزة القابلة للارتداء، والتحليلات التنبئية القائمة على الذكاء الاصطناعي، ومنصات الصحة الرقمية يجعل من الوصول للرعاية الصحية أمراً أكثر سهولة، وتغدو الرعاية وفق نموذج يستبق حدوث المرض، وتمكّن الأجهزة القابلة للارتداء المراقبة المستمرة، وتتيح الكشف المبكر والتدخل المباشر قبل تفاقم حالة المريض. وأشار إلى أن مستقبل الرعاية الصحية يعتمد على البيانات، ويركز كلياً على المريض، وذلك من خلال توفير مجموعة من الخدمات الرقمية المُخصصة والمُصممة لتلبية احتياجات جميع السكان، ويضمن التحول إلى نموذج الرعاية الصحية الاستباقية وضع صحة أفراد المجتمع أولاً على الدوام، تزامناً مع تعزيز سلاسة رعاية المريض وسهولة وصوله لها. وأضاف: «تؤسس الابتكارات التكنولوجية العالمية فرصاً قيمة لتعزيز الصحة على نطاق واسع، ونحن في أبوظبي ملتزمون بضمان تطبيق تلك الابتكارات بشكل يعود بالفائدة على أفراد المجتمع». وتحتفي جائزة للابتكار خلال أسبوع أبوظبي العالمي للصحة بالأفراد والمؤسسات الذي يبتكرون حلولاً جديدة في الذكاء الاصطناعي والصحة الرقمية والتقنيات الطبية، ويتخطون الحدود المألوفة نحو رسم ملامح جديدة كلياً لرعاية المرضى على مستوى العالم». وقال: بينما يبشر الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية بآفاق واعدة لمستقبل القطاع الصحي، يتعين على صناع السياسات ومزودي الرعاية الصحية والباحثين وخبراء التكنولوجيا التعاون لتأسيس أطر عمل تضمن أمان وسلامة وموثوقية هذه الأدوات وتوافرها بأسلوب عادل ومستدام. وتؤكد خطة التنمية المستدامة 2030 قدرة التكنولوجيا على تسريع وتيرة تقدم البشرية. وأشار إلى أنه من خلال تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي بأسلوب مسؤول وشامل، يمكننا تحقيق الرؤية المتمثلة بوضع الرعاية الصحية التنبؤية والشخصية وعالمية المستوى في متناول الجميع وبالاستفادة من التكنولوجيا، تستهدف المرحلة الجديدة في القطاع الصحي ضمان حياة صحية مديدة لأفراد المجتمع.


الاتحاد
٢٦-٠٤-٢٠٢٥
- الاتحاد
11.9 مليون ملف تعريفي تروي قصصاً لإنقاذ المرضى
هدى الطنيجي (أبوظبي) كشفت منصّة «ملفّي» التي تربط جميع مرافق الرعاية الصحية تقريباً في أبوظبي، عن وجود أكثر من 11.9 مليون ملف تعريفي خاص بكل مريض، تدعم 52.377 مستخدماً معتمداً، بمن فيهم الأطباء والممرضون والمهنيّون الصحيون المساعدون، عبر 3.006 مرافق رعاية صحية، ما يعزّز دورها كحجر أساس في نظام الرعاية الصحية في الإمارة. «ملفّي»، أول منصّة لتبادل المعلومات الصحية (HIE) في المنطقة، تلعب دوراً أساسياً في تمكين المتخصّصين في الرعاية الصحية من الوصول الفوري إلى معلومات المرضى المهمّة.، ومن خلال تمكين القرارات الطبية المستنيرة، تعزز ملفّي رعاية المرضى، وتحسّن نتائجها، وبالتالي تسهم في إنقاذ الأرواح. ويتجلى التأثير الحقيقي للمنصّة بصورة أفضل في قصص المرضى الذين تم تطوير علاجهم من خلال قدراتها. إنقاذ الأرواح وقالت الدكتورة حكمية مناد، اختصاصية الطب الباطني – مستشفى ميدكلينيك المعمورة: في بعض الأحيان، لا تنبع أعمق قصص المرضى من الابتكارات المتطورة، بل من القدرة على تجميع التاريخ الطبي الشامل للمريض، وذلك تشخيصاً لما قد يبقى مخفياً. ففي إحدى الحالات المشهودة، زار مريض يبلغ من العمر 68 عاماً العيادة، وكان المريض يشعر بتوعّك خفيف من دون ظهور أي أعراض خطيرة. وذكر أنه مع الاطلاع على السجلات الطبية للمريض عبر «ملفي» عن فحص دم أجري قبل عامين يشير إلى انخفاض مستويات الهيموغلوبين، وهو تفصيل ربما كان ليمرّ من دون أن يُلاحظه أحد لولا «ملفّي»، وأكّدت فحوصات المتابعة انخفاضاً كبيراً في مستويات الهيموغلوبين، حيث أشارت إلى احتمال وجود نزف في الجهاز الهضمي، وأدّى تنظير القولون الذي أجري في الوقت المناسب إلى التشخيص المبكر لسرطان القولون، أي في مراحله الأولى، ويُبرز هذا المثال كيف أنّ الوصول إلى السجلات الطبية الشاملة من خلال منصّة مثل «ملفي» يُمكنه أن يكشف عن حالات خفيّة، ما يُتيح تدخلاً في الوقت المناسب لإنقاذ حياة المريض. الرعاية المُتخصّصة وقال الدكتور رانجيث بوتامال، استشاري أمراض القلب في مستشفى الأهلية: يبدأ الطب المُتخصّص بالوصول إلى المعلومات الحيويّة، ما يُمكّن مُقدمي الرعاية من توفير رعاية دقيقة وفريدة تُضاهي رعاية المريض نفسه. ففي حالة، وصل رجل يبلغ من العمر 38 عاماً فاقداً للوعي إثر نوبة قلبيّة حادّة، وبينما استعاد الإنعاش القلبي الرئوي نبضات قلب المريض، كشفت نتائج الفحوصات المخبرية عن جلطة دموية كبيرة وتباطؤ في تدفق الدم إلى القلب. وذكر أنه في الظروف العادية، كان من المفترض إعطاء المريض أدوية مُعالجة للجلطات. ولكن من خلال الوصول إلى «ملفّي»، تم اكتشاف إصابة المريض في الرأس قبل فترة وحدوث نزف داخلي، وهما تفصيلان مهمّان لم يخطر على بال المريض أن يتحدّث عنهما بنفسه. وقد حال هذا دون توسيع نطاق العلاج الذي كان من المُحتمل أن يُلحق الضرر بالمريض، ما أتاح اتباع نهج مُصمّم خصيصاً أدّى في النهاية إلى شفائه التام. وتُؤكّد هذه الحالة أيضاً أهمّية تبادل المعلومات الصحية لضمان اتخاذ قرارات مستنيرة وحماية سلامة المرضى. تجنّب الحساسية من جانبها، أشارت فاطمة العامري ممرضة في إحدى المنشآت الطبية بأبوظبي، إلى أن الوصول إلى التاريخ الطبي للمريض قد يُحدث فرقاً كبيراً، خاصةً عندما يتعلّق الأمر بتحديد ومنع ردود الفعل التحسسية الشديدة. وقد تجلى هذا بوضوح في حالة مريضة سرطان مُسنة، عانت من المرض الخبيث لسنوات عدّة، ووُصف لها باراسيتامول لتخفيف آلامها. ورغم عدم إبلاغها عن أي حساسية معروفة، فإن سجلاتها الطبية عبر «ملفّي» أكدت على وجود حساسية مُسجلة سابقاً تجاه مسكّنات الألم، وهو سهو كان من الممكن أن يُسبّب في ردّ فعل تحسّسي خطير. وقد تم تعديل خطة علاجها على الفور، ما ضمن سلامتها وجنّبها المزيد من المضاعفات. وتُؤكد هذه الحالة كذلك الدور الأساسي لـ«ملفي» في توفير إمكانية الوصول إلى سجلات المرضى المُفصّلة، وتحسين جودة الرعاية، وتمكين اتخاذ قرارات مستنيرة في مجالات مُعقّدة مثل علم الأورام. رعاية أسرع وقالت الدكتورة شانكار أيابان كوتي، استشاري جراحة الأعصاب في مستشفى إن إم سي التخصصي: إنه بالنسبة للمرضى الذين يواجهون صعوبة في التعامل مع العلاج الطبي، فإنّ الوصول السلس إلى سجلاتهم الصحّية لا يُخفّف من قلقهم فحسب، بل يُمكّن مُقدمي الرعاية الصحية أيضاً من توفير رعاية أسرع وأكثر أماناً وأكثر معرفة. ومن الحالات العديدة الأخرى، أراد أحد المرضى إجراء استشارة جراحية بشأن إصابة دماغية تم تشخيصها سابقاً في مؤسسة طبية أخرى، لكنّه نسيّ إحضار صورة الشعاعية الحديثة. ومن خلال تطبيق «ملفّي»، استطاع الدكتور الوصول إلى صور الرنين المغناطيسي وتاريخه الطبي، وكشفت الإصابة عن أنّها ورم كهفي حميد، ما ألغى الحاجة إلى الجراحة. ولم يخفّف هذا التشخيص الذي أنجز في الوقت المناسب من قلق المريض فحسب، بل سمح له أيضاً بالمضي قدماً في حياته ومن دون أي تأخير غير ضروري. ويوضح هذا المثال مدى أهمية منصّة تبادل المعلومات الصحية في تقليل الفحوصات المكررة، وتقليل التعرض للإشعاع، وضمان رعاية فعالة وعالية الجودة. وذكرت أنه في عالم يمكن أن تكون فيه المعلومات الدقيقة وفي الوقت المناسب هي الفيصل بين الحياة والموت، تعمل منصّات تبادل المعلومات الصحية على إحداث تحول في سبل تقديم الرعاية الصحية. ومن خلال تمكين الوصول السلس إلى سجلات المرضى الشاملة، تُمكّن هذه المنصّات المتخصصين بالرعاية الصحية من اتخاذ قرارات سليمة وتستند إلى البيانات، وبالتالي تجنب المخاطر غير الضرورية، وتقديم رعاية شخصية بثقة. فمن الكشف عن الحالات الخفيّة إلى منع العلاجات الضارّة، تُظهر هذه الحالات الواقعية التأثير العميق للرعاية الرقمية «المتّصلة» على نتائج المرضى. ومع استمرار تطوّر الرعاية الصحية، أصبحت الأدوات مثل منصّة «ملفّي» بمثابة ركائز أساسية في بناء أنظمة صحّية أكثر أماناً وذكاءً وكفاءة وتعطي الأولوية لما هو أكثر أهمية، أي سلامة ورفاهية المرضى.