logo
الدراما السعودية تنافس عربياً في تحليل المحتوى الرقمي

الدراما السعودية تنافس عربياً في تحليل المحتوى الرقمي

سعورس٠٩-٠٤-٢٠٢٥

وتضمنت تقرير النتائج الرئيسة رصدا للتحول في توازنات القوى داخل مشهد الإنتاج الدرامي محافظة الإنتاج في مصر على ريادتها بنسبة 21 % من المحتوى الرمضاني، وصعود المملكة العربية السعودية بقوة من خلال تصوير تسعة مسلسلات كبرى في الرياض ، والذي يشير إلى تطور كبير في هذه الصناعة. بينما ساهمت العراق في زيادة نشاطها الدرامي بنسبة 14 %، مما يؤكد على تنوع مصادر المحتوى هذا العام.
وقد استمر إنتاج المسلسلات المكونة من 15 حلقة، والتي مثلت 57 % من إجمالي عدد المسلسلات، مقارنةً بنسبة 43 % في العام الماضي، مما يشير إلى تفضيل الجمهور لأسلوب السرد المؤثر سريع الإيقاع، وفي الوقت نفسه، خاضت الإنتاجات الخليجية تجربة تقديم مزيج متنوع من الدراما الاجتماعية والإثارة والكوميديا، لتلبية تفضيلات الجمهور المتغيرة.
ويسلط التقرير الضوء على احتلال المنصات الرقمية مركز الصدارة، من خلال أعمال حصرية مثل «الشرنقة» على منصة و»وحوش»، و»الحلانجي»، مما يعزز التفاعل الرقمي، وتصدرت المسلسلات المصرية المناقشات عبر الإنترنت، حيث تمت الإشارة إلى تلك الأعمال بمعدل 72 ألف مرة، وبلغ عدد مرات الظهور لمتصفحي الإنترنت 18.6 مليار انطباع وسجلت 2.9 مليون تفاعل، مما يعكس التأثير الثقافي العميق للمحتوى الرمضاني. كما حصلت الإنتاجات الخليجية على 32 ألف إشارة، مما يوضح انتشار هذه الأعمال عبر الإنترنت والذي حقق خمس مليارات انطباع، و660,900 تفاعل، الأمر الذي يشير إلى وجود حوارات مكثفة على المنصات الرقمية، وظهور كبير وتفاعل نشط من الجمهور.
كما كان تداخل المواهب الفنية سمة مميزة لرمضان 2025، حيث ظهر الموسيقيون، وفنانو الكوميديا الارتجالية، والمؤثرون الرقميون في إنتاجات رئيسة. ففي المملكة العربية السعودية، شهد مسلسل «شارع الأعشى» تكاملاً قويًا مع «TikTok» من خلال صناع المحتوى الرقمي، بينما في مصر، لعب مغني الراب فليكس دورًا في مسلسل «ولاد الشمس»، وأدى فنان الكوميديا الارتجالية عبد الرحمن محمد دورًا رئيسًا في مسلسل «النوة».
وشهد الموسم أيضًا مناقشات كبرى على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أثارت بعض الأعمال الدرامية مثل «لام شمسية» الجدل حول التحرش بالأطفال، كما تعرض مسلسل «وحوش» لمساءلات قانونية.
ويستند التقرير إلى البيانات التي تم جمعها في الفترة من 20 فبراير إلى 24 مارس، والتي رصدت حالة الترقب قبل رمضان وزيادة التفاعل الأوَلِي. باستخدام أداة «Mention Analytics»، والذي تابع التقرير بدقة المناقشات عبر وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي وخدمات البث الرقمي لتقديم تحليل شامل لمشاعر الجمهور وتفاعله طوال فترة رمضان.
وفي تعليقها على هذه الدراسة، صرحت مي أباظة، بأن تقرير رمضان 2025 ليس مجرد تحليل للاتجاهات، بل هو أداة استراتيجية لاستطلاع السوق. لذلك قمنا بمسح دقيق لمنظومة الترفيه الرمضاني، واكتشفنا من خلاله التحولات التي طرأت على سلوك الجمهور واستهلاك المحتوى. إذ نقدم رؤانا المستندة إلى البيانات ميزة تنافسية واضحة تمكن قادة شركات الإنتاج الترفيهي من فهم ما يحدث في موسم رمضان، بل والتخطيط بشكل استباقي في المستقبل، والاستفادة من تحليلنا المواكب لوقت العرض لتحقيق أقصى قدر من التأثير وبناء علاقات دائمة مع الجمهور.
مضيفةً: «شهدنا هذا العام تطورًا في سرد الدراما الرمضانية. ولمسنا بشكل مباشر كيف أن الروايات المقنعة، المدعومة باستراتيجيات رقمية ذكية وموسيقى مؤثرة، أصبحت أهم عوامل النجاح وسط هذه المنافسة الشديدة. لم تعد الدعاية المبكرة وبناء استراتيجية والتأثير المشهود لوسائل التواصل الاجتماعي وتفضيل المحتوى الرقمي القصير مجرد اتجاهات، بل إنها قواعد المشاركة الجديدة، وهذا بالضبط ما سيشكل مستقبل سرد القصص الترفيهية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».
الانتشار الواسع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ل«شارع الأعشى»
يوميات رجل عانس حقق أرقاماً قياسية في تقرير المحتوى الرقمي
مسلسل «أم 44» تم تصويره في مدينة الرياض

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

القراءة المتربصة بين التاريخ والثقافة: تفكيك نقدي
القراءة المتربصة بين التاريخ والثقافة: تفكيك نقدي

سعورس

timeمنذ 4 أيام

  • سعورس

القراءة المتربصة بين التاريخ والثقافة: تفكيك نقدي

لم يكن هذا الشعور بسبب عضوية الدكتور وليد فحسب، بل لأنه رفعني بذكر اسمي مشكوراً في مقاله (القصيمي متمرد ساخط على المجتمع) الذي جاء تعقيباً على مقال (القصيمي وجرأة التنوير... فروسية فكر بلا سرج ولا لجام)، لكن سرعان ما تلاشى هذا الشعور، حين أدركت موقعي المتواضع، فأنا لست بمستوى الدكتور وليد، ولا أنتمي إلى أي ناد ثقافي أو جمعية أدبية، ولا أحمل أي ألقاب براقة يمكن أن تثير (رهبة الجماهير المثقفة). ثم جاءت لحظة الحقيقة الحاسمة عند مراجعتي لمقالي، فوجدته مجرد نقولات متفرقة، كان أبرزها (دفاع القصيمي عن نفسه أمام خصومه) وهو دفاع يكفي ولا يحتاج إلى إعادة تكرار. أما عن الدكتور وليد أبو ملحة، فإني أرى من المناسب أن يعود إلى كتاب «آفة الحرس القديم» الذي جمعه وأعده علي فايع الألمعي، فربما يجد فيه ما يخرجه من (ظلال الحرس القديم) وهو توجه تأكد لي عند تصفحي لأرشيفه، حيث تفاجأت بمقاله: «شارع الأعشى لا يشبهنا في شيء» الذي يهاجم فيه مسلسلاً مقتبساً عن رواية الدكتورة بدرية البشر «غراميات شارع الأعشى». في نهاية مقاله استخدم عبارة شديدة اللهجة كثيراً ما سمعتها من الحرس القديم: «ليس من حق أي كاتب أو صانع دراما أن ينقل الواقع كما يحب هو أن يكون...» بهذه الجملة، لم يكتف بممارسة الوصاية على المسلسل وكاتبه، بل امتدت إلى القنوات الفضائية نفسها، هل يذكركم هذا بشيء؟ بالنسبة إلي، تذكرت فتوى عام 2008 بقتل ملاك الفضائيات العربية التي استنكرتها وسائل الإعلام العالمية، كما تذكرت كتاب «الحداثة في ميزان الإسلام»، الذي قدم فيه المؤلف نفسه كمتحدث باسم مليار ونصف مسلم، مستخدماً قطعيات تشبه من يرى أنه «الممثل الوحيد للإسلام والنبوة والوحي»، وهي رؤية تجعل حتى «وثيقة مكة المكرمة 2019» عرضة للنقد من هؤلاء بحجة مألوفة نعرفها جيداً: «تمييع الدين وإضعاف الإسلام». لا أنوي تحميل الدكتور وليد أبوملحة وزر (الحرس القديم) فهو إنسان مستمتع بالحياة، والدليل متابعته الدقيقة لمسلسل «شارع الأعشى» رمضان الماضي، دون أن يغير القناة بحثاً عن دراما أكثر انسجاماً مع تحفظاته الدينية والفكرية، بل تابع بشغف، ثم اختتم الشهر بمقال استنكاري، وكأنه بعد الاستمتاع، قرر أن يتمضمض بمقال يندد بالمحتوى الذي تابع تفاصيله حتى النهاية! هذه الظاهرة تذكرني بمفهوم (الاستشراف)، الذي كتب عنه الدكتور فالح العجمي في مقاله (فئات المستشرفين...) بصحيفة اليوم 2017، كما كتب عنه الدكتور عبدالرحمن الشلاش في صحيفة «الجزيرة» بعنوان أشد قسوة، وفي رأيي، أن المستشرف أقرب إلى (متلازمة ستوكهولم) منه إلى (الوعي بتموضعه الفكري). بين البداوة والحضارة أعترف أنني أتعلم (التواضع العلمي والحلم الأخلاقي) من أمثال الدكتور وليد أبو ملحة، لذا أراعي وأتفهم (تعدد الأفهام) بين: (راعي الغنم المثقف) وهو الأقرب للبداوة من أمثالي، وبين (ابن المدينة المترف) وهو الأقرب للحضارة من أمثاله، فالبداوة التهامية تفرض علي (العفوية والصدق) دون حسابات (القراءة المتربصة) التي وصفها محمد زايد الألمعي بدقة حين قال (القراءة المتربصة أسوأ من عدم القراءة، فهي تعيد إنتاج جهلها بوهم أنها قرأت وفهمت، ومن ثم تورط قارئاً آخر في الوهم ذاته). القراءة المتربصة تاريخ طويل، والبحث في تراثنا العربي يكشف جذور (القراءة المتربصة)، التي تعود إلى زمن ابن قتيبة (213 - 276ه) فقد بدأ كتابه «عيون الأخبار» بتحذير واضح ضد هذا النوع من الفهم السطحي للنصوص، قائلاً «فإذا مر بك أيها المتزمت حديث تستخفه.. فاعرف المذهب فيه، وما أردنا به، واعلم أنك إن كنت مستغنياً عنه بتنسكك، فإن غيرك ممن يترخص فيما تشددت فيه محتاج إليه...» لكن هذه النزعة تفاقمت بعد (هجمة المغول 656ه) كمؤشر إلى (الانحطاط الحضاري)، فازدادت معها (سطوة القراءة المتربصة)، التي لا علاقة لها بالنقد الحقيقي، بل هي نوع من (الملاحقة الفكرية) للتراث العربي، بحيث لو استطاعت لحاربت (رسالة الغفران) لأبي العلاء المعري (ت 449ه)، وقبله التوحيدي (ت 414ه) وقبلهما الجاحظ (ت 255ه)، وحتى بعض كتب التفسير التراثية لن تسلم! من يقرأ التاريخ يرى كيف استهدفت هذه النزعة كتباً كثيرة، مثل «رسائل إخوان الصفا» في القرن الرابع الهجري، وحتى «الأغاني» لأبي فرج الأصفهاني (ت 356ه)، فكيف بالنواسي وديوانه (ت 198ه) الذي جمع أخباره ابن منظور (ت 711ه)، بل امتدت لعصور طويلة بدءاً من ابن المقفع (ت 142ه)، جابر ابن حيان (ت 200ه)، الكندي (ت 256ه)، الفارابي (339ه)، ابن الهيثم (ت 430ه)، ابن سيناء (427ه)، وابن رشد (595ه) وغيرهم كثير في التاريخ العربي. (لا نريد عودة الماضي) عزيزي القارئ، لا تدفع نفسك إلى تلك (الأوهام الفكرية)، ولا تتأثر بما عايشته خلال معرض الرياض الدولي للكتاب في سنوات مضت: شجار هنا، صراخ على دار نشر (ملحدة) هناك! حتى (طاش ما طاش) استعرض هذه الظواهر سابقاً. إنها (سنوات لا نريدها أن تعود) ونأمل لمن تأخر في تجاوزها أن يجد (شفاء عاجلاً)، ولمن خلصنا منها أن يزداد قوة وتمكيناً.

القراءة المتربصة بين التاريخ والثقافة: تفكيك نقدي
القراءة المتربصة بين التاريخ والثقافة: تفكيك نقدي

الوطن

timeمنذ 4 أيام

  • الوطن

القراءة المتربصة بين التاريخ والثقافة: تفكيك نقدي

الدكتور وليد أبو ملحة يعرف نفسه في تويتر/إكس بأنه (عضو جمعية كتاب الرأي) وهذا بلا شك لقب فخم فاخر مذهل في تميزه وعبقريته، يستحق أن يخلد في سجلات الإنجاز الثقافي! لحظة قراءتي لهذا التعريف، انتابتني قشعريرة مهيبة، ورهبة اعتزاز سمت بي إلى آفاق طه حسين والعقاد من العرب، وامرسون ومونتيني من العجم، وكدت أتوهم أنني أقف على منعطف تاريخي للثقافة العربية! لم يكن هذا الشعور بسبب عضوية الدكتور وليد فحسب، بل لأنه رفعني بذكر اسمي مشكوراً في مقاله (القصيمي متمرد ساخط على المجتمع) الذي جاء تعقيباً على مقال (القصيمي وجرأة التنوير... فروسية فكر بلا سرج ولا لجام)، لكن سرعان ما تلاشى هذا الشعور، حين أدركت موقعي المتواضع، فأنا لست بمستوى الدكتور وليد، ولا أنتمي إلى أي ناد ثقافي أو جمعية أدبية، ولا أحمل أي ألقاب براقة يمكن أن تثير (رهبة الجماهير المثقفة). ثم جاءت لحظة الحقيقة الحاسمة عند مراجعتي لمقالي، فوجدته مجرد نقولات متفرقة، كان أبرزها (دفاع القصيمي عن نفسه أمام خصومه) وهو دفاع يكفي ولا يحتاج إلى إعادة تكرار. أما عن الدكتور وليد أبو ملحة، فإني أرى من المناسب أن يعود إلى كتاب «آفة الحرس القديم» الذي جمعه وأعده علي فايع الألمعي، فربما يجد فيه ما يخرجه من (ظلال الحرس القديم) وهو توجه تأكد لي عند تصفحي لأرشيفه، حيث تفاجأت بمقاله: «شارع الأعشى لا يشبهنا في شيء» الذي يهاجم فيه مسلسلاً مقتبساً عن رواية الدكتورة بدرية البشر «غراميات شارع الأعشى». في نهاية مقاله استخدم عبارة شديدة اللهجة كثيراً ما سمعتها من الحرس القديم: «ليس من حق أي كاتب أو صانع دراما أن ينقل الواقع كما يحب هو أن يكون...» بهذه الجملة، لم يكتف بممارسة الوصاية على المسلسل وكاتبه، بل امتدت إلى القنوات الفضائية نفسها، هل يذكركم هذا بشيء؟ بالنسبة إلي، تذكرت فتوى عام 2008 بقتل ملاك الفضائيات العربية التي استنكرتها وسائل الإعلام العالمية، كما تذكرت كتاب «الحداثة في ميزان الإسلام»، الذي قدم فيه المؤلف نفسه كمتحدث باسم مليار ونصف مسلم، مستخدماً قطعيات تشبه من يرى أنه «الممثل الوحيد للإسلام والنبوة والوحي»، وهي رؤية تجعل حتى «وثيقة مكة المكرمة 2019» عرضة للنقد من هؤلاء بحجة مألوفة نعرفها جيداً: «تمييع الدين وإضعاف الإسلام». لا أنوي تحميل الدكتور وليد أبوملحة وزر (الحرس القديم) فهو إنسان مستمتع بالحياة، والدليل متابعته الدقيقة لمسلسل «شارع الأعشى» رمضان الماضي، دون أن يغير القناة بحثاً عن دراما أكثر انسجاماً مع تحفظاته الدينية والفكرية، بل تابع بشغف، ثم اختتم الشهر بمقال استنكاري، وكأنه بعد الاستمتاع، قرر أن يتمضمض بمقال يندد بالمحتوى الذي تابع تفاصيله حتى النهاية! هذه الظاهرة تذكرني بمفهوم (الاستشراف)، الذي كتب عنه الدكتور فالح العجمي في مقاله (فئات المستشرفين...) بصحيفة اليوم 2017، كما كتب عنه الدكتور عبدالرحمن الشلاش في صحيفة «الجزيرة» بعنوان أشد قسوة، وفي رأيي، أن المستشرف أقرب إلى (متلازمة ستوكهولم) منه إلى (الوعي بتموضعه الفكري). بين البداوة والحضارة أعترف أنني أتعلم (التواضع العلمي والحلم الأخلاقي) من أمثال الدكتور وليد أبو ملحة، لذا أراعي وأتفهم (تعدد الأفهام) بين: (راعي الغنم المثقف) وهو الأقرب للبداوة من أمثالي، وبين (ابن المدينة المترف) وهو الأقرب للحضارة من أمثاله، فالبداوة التهامية تفرض علي (العفوية والصدق) دون حسابات (القراءة المتربصة) التي وصفها محمد زايد الألمعي بدقة حين قال (القراءة المتربصة أسوأ من عدم القراءة، فهي تعيد إنتاج جهلها بوهم أنها قرأت وفهمت، ومن ثم تورط قارئاً آخر في الوهم ذاته). القراءة المتربصة تاريخ طويل، والبحث في تراثنا العربي يكشف جذور (القراءة المتربصة)، التي تعود إلى زمن ابن قتيبة (213 - 276هـ) فقد بدأ كتابه «عيون الأخبار» بتحذير واضح ضد هذا النوع من الفهم السطحي للنصوص، قائلاً «فإذا مر بك أيها المتزمت حديث تستخفه.. فاعرف المذهب فيه، وما أردنا به، واعلم أنك إن كنت مستغنياً عنه بتنسكك، فإن غيرك ممن يترخص فيما تشددت فيه محتاج إليه...» لكن هذه النزعة تفاقمت بعد (هجمة المغول 656هـ) كمؤشر إلى (الانحطاط الحضاري)، فازدادت معها (سطوة القراءة المتربصة)، التي لا علاقة لها بالنقد الحقيقي، بل هي نوع من (الملاحقة الفكرية) للتراث العربي، بحيث لو استطاعت لحاربت (رسالة الغفران) لأبي العلاء المعري (ت 449هـ)، وقبله التوحيدي (ت 414هـ) وقبلهما الجاحظ (ت 255هـ)، وحتى بعض كتب التفسير التراثية لن تسلم! من يقرأ التاريخ يرى كيف استهدفت هذه النزعة كتباً كثيرة، مثل «رسائل إخوان الصفا» في القرن الرابع الهجري، وحتى «الأغاني» لأبي فرج الأصفهاني (ت 356هـ)، فكيف بالنواسي وديوانه (ت 198هـ) الذي جمع أخباره ابن منظور (ت 711هـ)، بل امتدت لعصور طويلة بدءاً من ابن المقفع (ت 142هـ)، جابر ابن حيان (ت 200ه)، الكندي (ت 256هـ)، الفارابي (339هـ)، ابن الهيثم (ت 430هـ)، ابن سيناء (427هـ)، وابن رشد (595هـ) وغيرهم كثير في التاريخ العربي. (لا نريد عودة الماضي) عزيزي القارئ، لا تدفع نفسك إلى تلك (الأوهام الفكرية)، ولا تتأثر بما عايشته خلال معرض الرياض الدولي للكتاب في سنوات مضت: شجار هنا، صراخ على دار نشر (ملحدة) هناك! حتى (طاش ما طاش) استعرض هذه الظواهر سابقاً. إنها (سنوات لا نريدها أن تعود) ونأمل لمن تأخر في تجاوزها أن يجد (شفاء عاجلاً)، ولمن خلصنا منها أن يزداد قوة وتمكيناً.

البث الموسيقي الرقمي (Streaming 2.0): عودة الفنان إلى مركز صناعة الموسيقى
البث الموسيقي الرقمي (Streaming 2.0): عودة الفنان إلى مركز صناعة الموسيقى

الوطن

timeمنذ 6 أيام

  • الوطن

البث الموسيقي الرقمي (Streaming 2.0): عودة الفنان إلى مركز صناعة الموسيقى

شهد العقدان الأخيران تحوّلًا جذريًا في طريقة استهلاك الموسيقى، إذ تراجع جمهور الألبومات الملموسة، واتجه السواد الأعظم من المستمعين إلى استخدام منصات بث الموسيقى مثل YouTube، TikTok، Apple Music، Spotify، وAnghami. هذه المنصات غيّرت شكل الصناعة، وفتحت المجال أمام أي فنان للانتشار السريع، لكنها بالمقابل فرضت نموذجًا تتحكم فيه الخوارزميات والمنصات، لا الفنان ذاته. مع مرور الوقت، بدأ يتشكل وعيٌ جديد لدى الفنانين والمستقلين بضرورة استعادة السيطرة، لتبرز فكرة ما يُعرف بـ 'البث الموسيقي الرقمي 2.0' أو (Streaming 2.0). هذه المرحلة لا تعني فقط استخدام تقنية جديدة، بل تعني تغييرًا شاملًا في العلاقة بين الفنان والجمهور، وتحررًا من الوسائط التقليدية التي كانت تستحوذ على غالبية الأرباح والقرارات. في النموذج السابق، كان يتطلب من الفنان ملايين الاستماعات ليبدأ بجني دخل مقبول، وغالبًا ما تذهب نسبة كبيرة من العوائد إلى الشركات والمنصات. أما في البث الموسيقي الرقمي 2.0، فيحصل الفنان على مردود مباشر مقابل كل استماع فعلي أو تجربة موسيقية يقدمها، وهو ما يفتح الباب لتحقيق نموذج أكثر عدالة واستدامة، يعرف اليوم بـ 'توزيع الأرباح العادل'. الفرق الجوهري أن هذه المرحلة تقوم على تمكين الفنان لا على تسويقه فقط. بعض المنصات الحديثة باتت تسمح للفنان بأن يبيع عمله الموسيقي قبل طرحه العام، أو يقدّم عروضًا خاصة لجمهوره المخلص، أو يتحكم في بيانات مستمعيه ويستفيد منها في تطوير مشاريعه القادمة. وقد ظهرت نماذج واضحة لهذا التوجه في مشاريع رقمية تعتمد الملكية الجزئية للمحتوى، أو تتيح للفنانين تحديد قيمة استماعهم بأنفسهم. وفي هذا السياق، بدأت بعض المنصات الجديدة بتطبيق هذا النموذج بشكل فعلي، حيث أصبح بالإمكان أن يُطلق الفنان ألبومه مباشرة إلى جمهوره مقابل استماعات مدفوعة أو تذاكر رقمية، كما هو الحال في منصات مثل EVEN التي تتيح بيع نسخ حصرية وجمع بيانات الجمهور، أو Bandcamp التي تُعرف بدعمها المباشر للفنانين من خلال الدفع دون الحاجة إلى ملايين التشغيلات. كما ظهرت تجارب قائمة على Web3 مثل Opulous، التي تمنح الفنانين تحكمًا مباشرًا بمحتواهم وحقوقهم من خلال أنظمة لا مركزية تحفظ الملكية وتُنفذ التوزيع المالي تلقائيًا. وتدعم هذه المرحلة تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، الذي لا يهدد دور الفنان كما يظن البعض، بل يعزّز من قدرته على الابتكار، ويوفر عليه الوقت والجهد في الجوانب التقنية والتحليلية، فيتفرغ للإبداع الحقيقي. كما أن العقود الذكية وتقنيات Web3 بدأت تضمن حقوق الفنان وتُنفذ شروط التوزيع والدفع تلقائيًا دون وسيط. وبينما لا تزال العملات الرقمية خيارًا لا شرطًا، إلا أن بعض المنصات الناشئة بدأت بدمجها كوسيلة لتسهيل الدعم وبيع الحقوق الرقمية، خاصة في المشاريع التي تعتمد نموذج Web3. هذه النماذج، وإن كانت لا تزال في بداياتها، تحمل في طياتها وعدًا حقيقيًا بتغيير مستقبل الصناعة الموسيقية، خصوصًا في المجتمعات التي شهدت فترات من التهميش أو الاعتماد الكامل على المنتجين التقليديين. إن 'البث الموسيقي الرقمي 2.0' ليس مجرد مرحلة انتقالية، بل هو استعادةٌ للدور الطبيعي للفنان كمصدر للإبداع، ووسيلة لتأسيس صناعة موسيقية نزيهة تُكافئ القيمة لا الكم، وتعتمد على العلاقة المباشرة بين صاحب العمل وجمهوره، دون وسيط أو تحكم مركزي. بهذا المعنى، فإن مستقبل الموسيقى لا يُكتب فقط بأوتار العود أو نوتات البيانو، بل يُصاغ الآن أيضًا بشيفرات رقمية، وأدوات ذكية، ونماذج جديدة تمنح الفنان أخيرًا حقه الكامل. * سعود بن عبدالمجيد بن سعود، نائب رئيس جمعية الموسيقى.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store