logo
تسلل القمح الأوكراني المسروق إلى لبنان يثير ضجّة

تسلل القمح الأوكراني المسروق إلى لبنان يثير ضجّة

صوت لبنانمنذ 18 ساعات

جوزيان الحاج موسى - نداء الوطن
في لحظة إقليمية شديدة الحساسية، وبينما يرزح لبنان تحت وطأة أزمات اقتصادية، سياسية وسيادية متراكمة، تجد الدولة نفسها أمام اختبار جديد يتقاطع مع الجغرافيا السياسية العالمية. ففي أيار 2025، مُنعت السفينة الروسية «نيكولاي ليونوف» من دخول المياه اللبنانية وعلى متنها شحنة قمح تبلغ نحو 5,000 طن، بعد أن أعلنت السفارة الأوكرانية في بيروت أن هذه الشحنة «مسروقة من الأراضي الأوكرانية المحتلة». هذا التطور لم يكن تفصيلاً تقنياً فحسب، بل فتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات تتعلق بشرعية الاستيراد، الالتزام بالقانون الدولي، وشفافية الإجراءات اللبنانية في مرفأ بيروت، وسط تصاعد التجاذبات بين الغرب وروسيا، وانعكاساتها على دول الجوار.
السفارة الأوكرانية لـ «نداء الوطن»: «الشحنة نُهبت من برديانسك وتم تزوير منشأها»أكدت السفارة الأوكرانية في بيروت، في بيان رسمي، أن الشحنة تم تحميلها من ميناء برديانسك الأوكراني الواقع تحت الاحتلال الروسي، واعتبرت أن في ذلك «خرقاً فاضحاً للقانون الدولي واستغلالاً غير مشروع لموارد مستخرجة من أراضٍ محتلة». وفي تصريح خاص لـ «نداء الوطن»، أوضحت السفارة أن «السفينة دخلت بين 4 و6 أيار 2025 إلى ميناء تيمريوك الروسي حيث تم إصدار مستندات مزورة تفيد بأن منشأ الحبوب هو روسيا، وأنها حُمّلت من ميناء روسي، وذلك بهدف إخفاء مصدرها الحقيقي».
شحنة مزورة وتحقيق ميدانيفي مقابلة خاصة مع «نداء الوطن»، كشفت الصحافية كاترينا ياريسكو، المتحدثة باسم مركز «ميروتفوريتس» الأوكراني، أن السفينة الروسية «Nikolai Leonov» حُمّلت فعلياً في ميناء برديانسك وليس في تيمريوك كما تزعم الوثائق الرسمية. وأكدت أن المركز أجرى تحقيقاً ميدانياً بالتعاون مع منظمة KibOrg، تبيّن من خلاله أن السفينة أطفأت جهاز التتبع (AIS) أثناء وجودها في برديانسك، ما يدل على محاولة لإخفاء مسارها الحقيقي.
كما أظهر تحليل صور الأقمار الصناعية بتاريخ 2 أيار 2025 تطابقاً واضحاً بين السفينة الراسية في برديانسك و«نيكولاي ليونوف». وبحسب التحقيق، أصدرت السلطات الروسية مجموعتين من الوثائق: إحداهما تُظهر برديانسك كميناء تحميل، والثانية تذكر تيمريوك، ما يوضح نية التزوير. واحتفظ المركز بمحضر رسمي لإغلاق عنابر السفينة موقّع بخط يد القبطان فاليري بولديريف، يؤكد فيه أن التحميل تم في برديانسك.
رسائل قانونية وتحذيرات إلى لبنانتساءلت ياريسكو في حديثها: «إذا كانت روسيا صادقة في زعمها، فلماذا أُصدرت مستندات تشير إلى ميناء أوكراني؟ ولماذا لم تُعرض هذه الحقيقة على السلطات اللبنانية؟». وأضافت أن محاولة «غسيل المنشأ» فشلت بعد موجة تشكيك إعلامية في لبنان، أدت إلى منع السفينة من الرسو وتفريغ حمولتها، وإجبارها على التوجه نحو قبرص، حيث أغلقت جهاز التتبع مجدداً قبل أن تُرصد قرب ميناء الإسكندرية. وتوافق هذه النتائج ما كشفه الصحافي ماكسيم دودتشينكو من منظمة KibOrg، الذي أكّد أن السفينة نقلت الشحنة عبر تزوير ممنهج للوثائق والمواعيد، في أسلوب اعتادت روسيا استخدامه منذ العام 2014 لنقل الحبوب من أراضٍ محتلة.
مسارات مشبوهة تتكررأعادت ياريسكو التذكير بحادثة سفينة «Laodicea» التي وصلت إلى مرفأ طرابلس اللبناني في تموز 2022، محمّلة بشحنة من ميناء فيودوسيا في القرم، والتي أثارت احتجاجاً رسمياً من السفارة الأوكرانية آنذاك، قبل أن يؤكد مشروع «SeaKrime» التابع لـ «ميروتفوريتس» أن مصدرها منطقة محتلة. وأضافت: «منذ تلك الحادثة، لم يعد لبنان محطة مفضّلة للمهربين، وتحولت المسارات نحو طرطوس واللاذقية في سوريا، ثم إلى موانئ في مصر، إيران، واليمن».
… والمحاسبة مستمرةرغم الحرب، أكدت ياريسكو أن أوكرانيا تواصل زراعة وتصدير الحبوب بدعم مباشر من قواتها المسلحة، مع تحرّك قضائي متواصل بحق القباطنة المتورطين في نقل البضائع المنهوبة، مشيرة إلى توقيف قبطان السفينة USKO MFU في تموز 2024، وتوجيه تهم رسمية إليه. كما استشهدت بقرار المنظمة البحرية الدولية رقم 1183 (كانون الأول 2023) الذي دعا الدول الأعضاء إلى الامتناع عن التعامل مع موانئ تحت الاحتلال.
تحذير للمستوردين اللبنانيينوجهت ياريسكو رسالة تحذيرية إلى المستوردين اللبنانيين، قائلة: «التعامل مع سلع منهوبة يعرّضهم للمساءلة الدولية، ويضرّ بسمعتهم التجارية، وهي ليست أقل أهمية من الأرباح.» وأكدت أن السفينة «نيكولاي ليونوف» لا تزال راسية قبالة ميناء الإسكندرية، في انتظار مصير شحنة لم يُحسم بعد.
يوسف دحدوح» «تخلّيت عن الشحنة قانونياً»من جهته، أكد يوسف دحدوح، صاحب الشركة اللبنانية المستوردة، في مقابلة مع «نداء الوطن»، أن شحنة القمح تم استيرادها بشكل قانوني من روسيا، موضحاً: «نستورد القمح منذ ثلاث سنوات، وهذه أول مرة نواجه فيها مشكلة مماثلة. دوري ينتهي عند تسليم المستندات للوكيل البحري، والتحويل المالي لا يتم إلا بعد عبور السفينة مضيق البوسفور، ضماناً للسلامة». وأشار إلى أن نتائج الفحوصات الروسية سُلّمت إلى الزبائن اللبنانيين مثل شركة E.S، نافياً أي نية للتزوير أو التلاعب بالمنشأ.
جهة قانونية روسية معارضة: «لدينا الأدلة»في موازاة ذلك، أفادت جهة قانونية وحقوقية روسية معارضة، فضّلت عدم الكشف عن هويتها، لـ«نداء الوطن» بأنها تملك وثائق تؤكد استيلاء روسيا على كميات ضخمة من القمح الأوكراني، تتجاوز قيمتها نصف مليار دولار، جرى نهبها من مناطق محتلة أبرزها ميليتوبول. وبحسب الجهة، جرى نقل هذه الشحنات من ميناء فيودوسيا، وأُعيدت تعبئتها في عرض البحر لتضليل أنظمة التتبع، قبل أن تُشحَن عبر سفن، بينها «Nikolai Leonov» و«Laodicea»، مستخدمة أوراقاً مزوّرة.
مرفأ بيروت صامتحاولت «نداء الوطن» التواصل مع «الشركة المساهمة - الشركة التجارية الأولى»، المالكة للسفينة أو المرتبطة بشحنة القمح، لكنها امتنعت عن تقديم أي تعليق رسمي حتى لحظة إعداد هذا التقرير. كما حاولنا التواصل مع مسؤولين في مرفأ بيروت، لكنهم رفضوا بدورهم الإدلاء بأي تصريح.
أي طريق يسلكه لبنان؟تكشف قضية «نيكولاي ليونوف» ليس فقط عن شبهات قانونية مرتبطة بشحنة واحدة، بل عن مسار خطير يتقاطع فيه تهريب الموارد المنهوبة مع اختراقات ممنهجة للأسواق الدولية عبر أدوات التزوير والتضليل. في ظل تصاعد الضغوط الدولية على روسيا، وعودة ملف أوكرانيا إلى واجهة المواجهة بين موسكو والغرب، يجد لبنان نفسه أمام امتحان لا يمكن تجاهله. فبين التزامه بالاتفاقات الدولية من جهة، وضغوط تجارية وأزمات معيشية داخلية من جهة ثانية، يبقى القرار الحقيقي بيد الدولة اللبنانية، إما أن تختار الشفافية والاحترام الكامل للقانون الدولي، أو تُترك مرافئها ساحة مفتوحة للخرق والمساءلة. وفي ظل تعقيدات المشهد الإقليمي، لا مكان للمواقف الرمادية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تسلل القمح الأوكراني المسروق إلى لبنان يثير ضجّة
تسلل القمح الأوكراني المسروق إلى لبنان يثير ضجّة

صوت لبنان

timeمنذ 18 ساعات

  • صوت لبنان

تسلل القمح الأوكراني المسروق إلى لبنان يثير ضجّة

جوزيان الحاج موسى - نداء الوطن في لحظة إقليمية شديدة الحساسية، وبينما يرزح لبنان تحت وطأة أزمات اقتصادية، سياسية وسيادية متراكمة، تجد الدولة نفسها أمام اختبار جديد يتقاطع مع الجغرافيا السياسية العالمية. ففي أيار 2025، مُنعت السفينة الروسية «نيكولاي ليونوف» من دخول المياه اللبنانية وعلى متنها شحنة قمح تبلغ نحو 5,000 طن، بعد أن أعلنت السفارة الأوكرانية في بيروت أن هذه الشحنة «مسروقة من الأراضي الأوكرانية المحتلة». هذا التطور لم يكن تفصيلاً تقنياً فحسب، بل فتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات تتعلق بشرعية الاستيراد، الالتزام بالقانون الدولي، وشفافية الإجراءات اللبنانية في مرفأ بيروت، وسط تصاعد التجاذبات بين الغرب وروسيا، وانعكاساتها على دول الجوار. السفارة الأوكرانية لـ «نداء الوطن»: «الشحنة نُهبت من برديانسك وتم تزوير منشأها»أكدت السفارة الأوكرانية في بيروت، في بيان رسمي، أن الشحنة تم تحميلها من ميناء برديانسك الأوكراني الواقع تحت الاحتلال الروسي، واعتبرت أن في ذلك «خرقاً فاضحاً للقانون الدولي واستغلالاً غير مشروع لموارد مستخرجة من أراضٍ محتلة». وفي تصريح خاص لـ «نداء الوطن»، أوضحت السفارة أن «السفينة دخلت بين 4 و6 أيار 2025 إلى ميناء تيمريوك الروسي حيث تم إصدار مستندات مزورة تفيد بأن منشأ الحبوب هو روسيا، وأنها حُمّلت من ميناء روسي، وذلك بهدف إخفاء مصدرها الحقيقي». شحنة مزورة وتحقيق ميدانيفي مقابلة خاصة مع «نداء الوطن»، كشفت الصحافية كاترينا ياريسكو، المتحدثة باسم مركز «ميروتفوريتس» الأوكراني، أن السفينة الروسية «Nikolai Leonov» حُمّلت فعلياً في ميناء برديانسك وليس في تيمريوك كما تزعم الوثائق الرسمية. وأكدت أن المركز أجرى تحقيقاً ميدانياً بالتعاون مع منظمة KibOrg، تبيّن من خلاله أن السفينة أطفأت جهاز التتبع (AIS) أثناء وجودها في برديانسك، ما يدل على محاولة لإخفاء مسارها الحقيقي. كما أظهر تحليل صور الأقمار الصناعية بتاريخ 2 أيار 2025 تطابقاً واضحاً بين السفينة الراسية في برديانسك و«نيكولاي ليونوف». وبحسب التحقيق، أصدرت السلطات الروسية مجموعتين من الوثائق: إحداهما تُظهر برديانسك كميناء تحميل، والثانية تذكر تيمريوك، ما يوضح نية التزوير. واحتفظ المركز بمحضر رسمي لإغلاق عنابر السفينة موقّع بخط يد القبطان فاليري بولديريف، يؤكد فيه أن التحميل تم في برديانسك. رسائل قانونية وتحذيرات إلى لبنانتساءلت ياريسكو في حديثها: «إذا كانت روسيا صادقة في زعمها، فلماذا أُصدرت مستندات تشير إلى ميناء أوكراني؟ ولماذا لم تُعرض هذه الحقيقة على السلطات اللبنانية؟». وأضافت أن محاولة «غسيل المنشأ» فشلت بعد موجة تشكيك إعلامية في لبنان، أدت إلى منع السفينة من الرسو وتفريغ حمولتها، وإجبارها على التوجه نحو قبرص، حيث أغلقت جهاز التتبع مجدداً قبل أن تُرصد قرب ميناء الإسكندرية. وتوافق هذه النتائج ما كشفه الصحافي ماكسيم دودتشينكو من منظمة KibOrg، الذي أكّد أن السفينة نقلت الشحنة عبر تزوير ممنهج للوثائق والمواعيد، في أسلوب اعتادت روسيا استخدامه منذ العام 2014 لنقل الحبوب من أراضٍ محتلة. مسارات مشبوهة تتكررأعادت ياريسكو التذكير بحادثة سفينة «Laodicea» التي وصلت إلى مرفأ طرابلس اللبناني في تموز 2022، محمّلة بشحنة من ميناء فيودوسيا في القرم، والتي أثارت احتجاجاً رسمياً من السفارة الأوكرانية آنذاك، قبل أن يؤكد مشروع «SeaKrime» التابع لـ «ميروتفوريتس» أن مصدرها منطقة محتلة. وأضافت: «منذ تلك الحادثة، لم يعد لبنان محطة مفضّلة للمهربين، وتحولت المسارات نحو طرطوس واللاذقية في سوريا، ثم إلى موانئ في مصر، إيران، واليمن». … والمحاسبة مستمرةرغم الحرب، أكدت ياريسكو أن أوكرانيا تواصل زراعة وتصدير الحبوب بدعم مباشر من قواتها المسلحة، مع تحرّك قضائي متواصل بحق القباطنة المتورطين في نقل البضائع المنهوبة، مشيرة إلى توقيف قبطان السفينة USKO MFU في تموز 2024، وتوجيه تهم رسمية إليه. كما استشهدت بقرار المنظمة البحرية الدولية رقم 1183 (كانون الأول 2023) الذي دعا الدول الأعضاء إلى الامتناع عن التعامل مع موانئ تحت الاحتلال. تحذير للمستوردين اللبنانيينوجهت ياريسكو رسالة تحذيرية إلى المستوردين اللبنانيين، قائلة: «التعامل مع سلع منهوبة يعرّضهم للمساءلة الدولية، ويضرّ بسمعتهم التجارية، وهي ليست أقل أهمية من الأرباح.» وأكدت أن السفينة «نيكولاي ليونوف» لا تزال راسية قبالة ميناء الإسكندرية، في انتظار مصير شحنة لم يُحسم بعد. يوسف دحدوح» «تخلّيت عن الشحنة قانونياً»من جهته، أكد يوسف دحدوح، صاحب الشركة اللبنانية المستوردة، في مقابلة مع «نداء الوطن»، أن شحنة القمح تم استيرادها بشكل قانوني من روسيا، موضحاً: «نستورد القمح منذ ثلاث سنوات، وهذه أول مرة نواجه فيها مشكلة مماثلة. دوري ينتهي عند تسليم المستندات للوكيل البحري، والتحويل المالي لا يتم إلا بعد عبور السفينة مضيق البوسفور، ضماناً للسلامة». وأشار إلى أن نتائج الفحوصات الروسية سُلّمت إلى الزبائن اللبنانيين مثل شركة E.S، نافياً أي نية للتزوير أو التلاعب بالمنشأ. جهة قانونية روسية معارضة: «لدينا الأدلة»في موازاة ذلك، أفادت جهة قانونية وحقوقية روسية معارضة، فضّلت عدم الكشف عن هويتها، لـ«نداء الوطن» بأنها تملك وثائق تؤكد استيلاء روسيا على كميات ضخمة من القمح الأوكراني، تتجاوز قيمتها نصف مليار دولار، جرى نهبها من مناطق محتلة أبرزها ميليتوبول. وبحسب الجهة، جرى نقل هذه الشحنات من ميناء فيودوسيا، وأُعيدت تعبئتها في عرض البحر لتضليل أنظمة التتبع، قبل أن تُشحَن عبر سفن، بينها «Nikolai Leonov» و«Laodicea»، مستخدمة أوراقاً مزوّرة. مرفأ بيروت صامتحاولت «نداء الوطن» التواصل مع «الشركة المساهمة - الشركة التجارية الأولى»، المالكة للسفينة أو المرتبطة بشحنة القمح، لكنها امتنعت عن تقديم أي تعليق رسمي حتى لحظة إعداد هذا التقرير. كما حاولنا التواصل مع مسؤولين في مرفأ بيروت، لكنهم رفضوا بدورهم الإدلاء بأي تصريح. أي طريق يسلكه لبنان؟تكشف قضية «نيكولاي ليونوف» ليس فقط عن شبهات قانونية مرتبطة بشحنة واحدة، بل عن مسار خطير يتقاطع فيه تهريب الموارد المنهوبة مع اختراقات ممنهجة للأسواق الدولية عبر أدوات التزوير والتضليل. في ظل تصاعد الضغوط الدولية على روسيا، وعودة ملف أوكرانيا إلى واجهة المواجهة بين موسكو والغرب، يجد لبنان نفسه أمام امتحان لا يمكن تجاهله. فبين التزامه بالاتفاقات الدولية من جهة، وضغوط تجارية وأزمات معيشية داخلية من جهة ثانية، يبقى القرار الحقيقي بيد الدولة اللبنانية، إما أن تختار الشفافية والاحترام الكامل للقانون الدولي، أو تُترك مرافئها ساحة مفتوحة للخرق والمساءلة. وفي ظل تعقيدات المشهد الإقليمي، لا مكان للمواقف الرمادية.

تيننتي: لسنا الطرف المنفّذ للقرار 1701 بل الداعم لتطبيقه
تيننتي: لسنا الطرف المنفّذ للقرار 1701 بل الداعم لتطبيقه

IM Lebanon

time٢٩-٠٥-٢٠٢٥

  • IM Lebanon

تيننتي: لسنا الطرف المنفّذ للقرار 1701 بل الداعم لتطبيقه

كتبت جوزيان الحاج موسى في 'نداء الوطن': في وقت تترقّب فيه الأوساط ما ستؤول إليه مناقشات مجلس الأمن بشأن تجديد ولاية قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان في آب المقبل، تتزايد التساؤلات حول مصير 'اليونيفيل' ودورها المستقبلي في الجنوب، وسط تقاطعات سياسية إقليمية ودولية غير مسبوقة. إسرائيل تصعّد لهجتها منذ أشهر، متهمةً 'اليونيفيل' بالعجز عن مراقبة تحركات 'حزب الله' في جنوب الليطاني، وتطالب بتعديل جوهري في تفويض القوة الدولية. أما الولايات المتحدة، فترفع منسوب الضغط داخل أروقة الأمم المتحدة، ملوّحة بعرقلة التمديد ما لم يتم إدخال تغييرات تعتبرها 'جوهرية' لتحسين فعالية المهمة. في المقابل، تجد 'اليونيفيل' نفسها محاصرة بين تصاعد الهجمات الميدانية، وتقييد حركتها، وتزايد التوتر على الحدود. وفي مقابلة مع'نداء الوطن' يشرح المتحدث الرسمي باسم 'اليونيفيل'، أندريا تيننتي، التحديات الحالية، ويرد على الاتهامات، مؤكداً أن اليونيفيل ليست في موقع قرار بل تنفيذ، ضمن حدود واضحة يرسمها القرار 1701. تجديد الولاية والضغوط الدولية يؤكد تيننتي أن 'البعثة تخرج من مرحلة نزاع استمر خمسة عشر شهراً، لكنها لا تزال في قلب التوتر، إذ إن الجيش الإسرائيلي يحتفظ بوجود عسكري في بعض مناطق الجنوب اللبناني، فيما لا تزال الأسلحة منتشرة، والجهود مستمرة في ما يتعلق بملف نزع السلاح'. ويضيف: 'تترافق الوقائع الميدانية مع ضغوط متزايدة من بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مقاربات مغايرة من كل من إسرائيل ولبنان'. ويشدّد تيننتي على أن 'لبنان يطالب بالإبقاء على المهمة وفق تفويضها الحالي، في حين تدعو أطراف أخرى إلى إدخال تعديلات. لكن القرار النهائي يعود إلى الأعضاء في مجلس الأمن، ونحن، كـ 'يونيفيل'، لسنا طرفاً في هذه المداولات'. وحول ما يُشاع عن تهديد باستخدام الفيتو، يوضح: 'نسمع أحاديث غير رسمية، لكن لم نتلقّ أي إشارات رسمية حتى الآن. لا يزال أمامنا وقت طويل للنقاشات، ونحن حذرون في تصريحاتنا خلال هذه المرحلة'. الفيتو وحدود التفويض يردّ تيننتي بحزم على الانتقادات المتعلقة بعدم منع تسليح 'حزب الله': 'نحن لسنا الجهة المنفّذة للقرار 1701، بل نعمل لدعم الجيش اللبناني في تنفيذه. لا يمكننا الدخول إلى الممتلكات الخاصة أو مصادرة الأسلحة. وإذا عثرنا على أسلحة، نبلغ الجيش اللبناني، وهذا هو الحد الأقصى لصلاحياتنا'. ويشير إلى أن: 'الجنوب شهد بين 2006 و2023 واحدة من أطول فترات الاستقرار النسبي. ما حصل بعد تشرين الأول 2023 لا يلغي هذا الإنجاز'. العلاقة مع الجيش يؤكد تيننتي: 'الجيش اللبناني شريكنا الاستراتيجي. هو ملتزم، لكنه بحاجة إلى دعم إضافي. نحن ننسّق معه كل تحركاتنا. صحيح أن البعض يمنع دورياتنا بحجّة غياب الجيش، لكن هذا غير دقيق. القرار 1701 يخولنا تنفيذ دوريات مستقلة'. ويتابع: 'لدينا نحو 10 آلاف جندي، بينما الجيش لديه عدد أقل بكثير. من المستحيل تنفيذ كل التحركات معًا، ولكن الهدف على المدى البعيد هو أن يتسلّم الجيش اللبناني المهام'. حوادث الجنوب: توقيت حسّاس يقول تيننتي: 'في أيار وحده، حصلت عدة حوادث، لكنها ليست خارجة عن السياق العام. نحن ننفذ مئات الأنشطة يومياً، وبعض الحوادث ناتجة عن أعطال أو سوء فهم، وتُستغل أحياناً سياسياً أو إعلامياً. ويؤكد أن 'الدعم من الجيش اللبناني والسلطات لا يزال موجوداً، وآخرهم قائد الجيش الذي عبّر عن دعمه الكامل لمهمتنا واستقلاليتها'. ويشدد على أن المطلوب انسحاب إسرائيل من المناطق المحتلة، وعودة سلطة الدولة إلى الجنوب، ومن ثم الانتقال من وقف للأعمال العدائية إلى وقف إطلاق نار دائم'. ويشير تيننتي إلى أن 'اليونيفيل' هي 'ثاني أكبر جهة توظيف في الجنوب بعد الدولة. نحن ندعم السكان بخدمات طبية وإنسانية، وننفّذ مشاريع بنى تحتية، ونشغّل شركات محلية. المجتمع المحلي لا يزال داعماً لنا'. وبين الضغوط والوقائع الميدانية المتشابكة، تبرز ضرورة مراجعة تفويض 'اليونيفيل' ضمن معادلة تضمن استقلالها العملياتي من دون المسّ بسيادة لبنان، وتحافظ على ثقة المجتمع الجنوبي دون التنازل عن مقتضيات القرار 1701. فـ'اليونيفيل'، كما يقول تيننتي، ليست ضامناً عسكرياً، بل 'هي حكم جريح' لكنه حاضر، والبديل عن وجودها هو فراغ أمني خطير قد يفتح الأبواب أمام انفجار جديد، محلياً أو إقليمياً.

الضغط الأميركي مستمرّ على 'الحزب' لاحتواء إيران
الضغط الأميركي مستمرّ على 'الحزب' لاحتواء إيران

IM Lebanon

time٢٠-٠٥-٢٠٢٥

  • IM Lebanon

الضغط الأميركي مستمرّ على 'الحزب' لاحتواء إيران

كتبت جوزيان الحاج موسى في 'نداء الوطن': منذ إدراجه على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO) عام 1997، لم تتوقف الولايات المتحدة عن استخدام سلاح العقوبات المالية للضغط على 'حزب اللّه'، أبرز أذرع النفوذ الإيراني في المنطقة. وقد تصاعدت وتيرة هذه العقوبات بشكل ملحوظ خلال العقدين الأخيرين، خصوصاً بعد حرب تموز 2006، وبلغت ذروتها في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي انتهج سياسة 'الضغط الأقصى' على إيران ووكلائها. من الرمزية إلى الاستهداف المالي المنهجي في 15 أيار 2025، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن حزمة جديدة من العقوبات استهدفت أربعة أفراد، بينهم اثنان من كبار مسؤولي 'حزب اللّه' واثنان من المسهّلين الماليين، يقيمون في لبنان وإيران. وجاءت هذه الخطوة في إطار جهود وزارة الخزانة لتعطيل الشبكات المالية المرتبطة بـ 'الحزب'، عبر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC). والأفراد هم: – معين دقيق العاملي (العاملي) هو ممثل كبير لـ 'حزب الله' في قم بإيران وله علاقات مع كبار عملاء حزب الله وإدارة العلاقات الخارجية للحزب يعود تاريخها إلى عام 2001 على الأقل. شارك العاملي في تنسيق تسليم المدفوعات النقدية من إيران إلى كبار مسؤولي المالية في 'حزب الله' في لبنان الذين يعملون مباشرة مع مكتب الأمين العام الراحل حسن نصر الله. كان أحد هؤلاء المسؤولين، جهاد العلمي (العلمي)، مسؤولاً عن استلام وتوزيع التمويل. في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر وأثناء الصراع الذي أعقب ذلك في غزة في أواخر عام 2023 وأوائل عام 2024، نسق العاملي تسليم ما لا يقل عن 50000 دولار إلى العلمي في لبنان، والتي تم تحصيلها من إيران على الأرجح لنقلها إلى غزة. – فادي نعمة (نعمة) هو محاسب وشريك تجاري لرئيس وحدة المالية المركزية لحزب الله، إبراهيم علي ضاهر (ضاهر)، الذي أدرجه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في 11 مايو 2021، لدوره في الإشراف على الميزانية العامة لحزب الله وإنفاقه، بما في ذلك تمويل المجموعة لعملياتها الإرهابية وأنشطتها الخبيثة. وفي هذا الإطار، صرّح نائب وزير الخزانة مايكل فولكندر قائلاً: 'هذه الإجراءات تسلّط الضوء على الامتداد العالمي الواسع لحزب اللّه من خلال شبكة مموّليه وداعميه، بخاصة في طهران'. وتزامنت هذه العقوبات مع تصريحات للرئيس ترامب تشير إلى قرب التوصّل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، ما فُهم كرسالة مزدوجة تجمع بين الدبلوماسية والضغط المالي. الخلفية القانونية والمسار التصاعدي • 1997: إدراج 'حزب اللّه' على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO) من قبل وزارة الخارجية الأميركية. • 2001: بعد هجمات 11 أيلول، تمّ توسيع السلطات الممنوحة لوزارة الخزانة لتعقّب تمويل الإرهاب عبر قانون 'باتريوت آكت'. • 2015: قانون منع التمويل الدولي لـ 'حزب اللّه' (HIFPA)، أتاح توسيع دائرة الاستهداف لتشمل المؤسسات المصرفية التي تسهّل تعاملات 'الحزب'. • 2018: قانون مكافحة تمويل 'حزب اللّه' المعدّل (HIFPA 2.0)، الذي شدّد العقوبات على الجهات الداعمة له. • 2019: فرضت واشنطن عقوبات على نوّاب من 'الحزب' للمرة الأولى (من بينهم النائب أمين شري)، ما شكّل تحوّلاً نوعياً في العقوبات. الشبكة المالية لـ 'الحزب'… آلية معقدة ومتعددة المسارات ترتكز المنظومة المالية لـ 'حزب الله' على مجموعة من القنوات تشمل: • التحويلات المالية غير الرسمية عبر شبكات الحوالات. • أنشطة اقتصادية وتجارية خارجية، لا سيّما في أفريقيا وأميركا الجنوبية. • مؤسسات مالية واجتماعية داخل لبنان، بعضها يحمل غطاءً مدنياً وخيرياً. • دعماً مباشراً من إيران يُقدّر بمئات ملايين الدولارات سنوياً، وفق تقارير الاستخبارات الأميركية. وتشير وزارة الخزانة الأميركية إلى أن 'حزب اللّه' يستخدم شركات وهمية، ومسارات مالية سرية، وأشخاصاً يعملون كواجهة لتجنّب العقوبات ومواصلة التمويل. انعكاسات العقوبات على الداخل اللبناني في بلد يرزح تحت أزمة اقتصادية غير مسبوقة، لم تكن العقوبات الأميركية على 'حزب اللّه' مجرد مسألة جيوسياسية، بل انعكست بشكل ملموس على البيئة المالية والمصرفية: بعد إصدار HIFPA عام 2015، عمدت المصارف اللبنانية إلى قطع علاقاتها مع الحسابات المشتبه بها، ما أدّى إلى إغلاق بعض الجمعيات التابعة لـ 'الحزب' أو المقرّبة منه. وقد تعرّض بنك 'جمّال ترست' عام 2019 لعقوبات مباشرة، قبل أن يُقفل أبوابه لاحقاً. ومع تضييق الخناق على المصارف، توسّعت أنشطة 'اقتصاد الظل' المرتبطة بـ 'الحزب'، بما فيها تجارة النقد والمخدّرات وغسيل الأموال، كما توسّعت الشركات الصغيرة التابعة له في الضاحية والجنوب والبقاع. أمّا من جهة البيئة الشيعية فقد أثّرت العقوبات على حركة الدعم الاجتماعي التي ينفّذها 'الحزب' عبر مؤسّساته الخيرية، ما قلّص قدرته على الحفاظ على مستوى الرعاية السابق، وفتح الباب أمام استياء اجتماعي ضمن بيئته، ولو بقي محدوداً. وفي حديث لصحيفة 'نداء الوطن' مع السفير الأميركي فريدريك هوف من مركز المشاركة المدنية في كلية بارد، وهو وسيط سابق بين لبنان وإسرائيل في القضايا البحرية، اعتبر أن العقوبات الأميركية الأخيرة على 'حزب اللّه' تعبّر عن مقاربة أوسع للسياسة الخارجية الأميركية تجاه إيران والمنطقة، وتوجّه رسالة تتعدّى الملفّ النووي. العقوبات… رسائل تتجاوز النووي ورداً على سؤال حول كيفية تفسير العقوبات الأخيرة التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على 'حزب اللّه'، وإلى أي مدى تعكس تحوّلاً استراتيجياً في نهج واشنطن لمواجهة النفوذ الإيراني في لبنان والمنطقة، قال هوف: 'أعتقد أن العقوبات الجديدة على 'حزب اللّه' تعكس وجهة نظر واشنطن بأن أي علاقة جديدة قائمة على أسس واقعية مع إيران يجب أن تتناول قضايا تتجاوز الملفّ النووي. لقد كان دور إيران في المنطقة سُمًاً خالصاً، كما سيشهد العديد من اللبنانيين والسوريين والعراقيين واليمنيين. وقد تكون هذه العقوبات الجديدة بمثابة تذكير لإيران بأن أي اتفاق جديد مع الولايات المتحدة لا يمكن أن يقتصر على المسألة النووية فقط؛ وعلى إيران أن تضع حداً لممارستها المتمثلة في تقويض الدول في العالم العربي'. العقوبات ليست كافية وحدها… لكنها تعكس موقفاً واضحاً وفي ما يتعلق بقدرة هذه العقوبات على إحداث تغيير ملموس على الأرض في ظلّ التشابك العميق لـ 'حزب اللّه' ضمن البُنيتين السياسية والاقتصادية في لبنان، أشار هوف إلى أن 'التغيير الحقيقي والفعلي في لبنان سيحدث عندما يتخلّى قادة 'حزب اللّه' الجدد عن ذرائع 'المقاومة'، ويقرّون باحتكار الدولة اللبنانية السلاح، وربما يتطوّرون إلى حزب أو حركة سياسية لبنانية بحتة'. وأضاف: 'هذه العقوبات الجديدة لن تُحدث هذه النتائج بمفردها، لكنها تعكس رؤية واشنطن بأن جماعة مسلحة لبنانية تعمل كوكيل لإيران تُشكّل خطراً على جميع اللبنانيين، بمن فيهم أولئك الذين يدّعي حزب اللّه تمثيلهم'. رسائل إلى إيران و 'الوكلاء' تشكل العقوبات جزءاً من الاستراتيجية الأميركية لاحتواء النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، حيث لم يعد يُنظر إلى 'حزب اللّه' كحالة لبنانية محلية فحسب، بل كأداة عسكرية واقتصادية بيد طهران. ومن هذا المنطلق، تحمل العقوبات رسائل سياسية واضحة: إلى إيران، بأن التقدّم في أي مفاوضات مستقبلية لن يتمّ دون ضبط سلوك 'الوكلاء'؛ إلى لبنان، بأن واشنطن تراقب دور 'حزب اللّه' في تعطيل الإصلاحات وتحمّله مسؤولية التدهور المؤسّسي؛ وإلى المجتمع الدولي، بأن الحصار المالي لا يزال وسيلة ضغط فعّالة، شريطة أن يترافق مع تعزيز الشفافية والمساءلة في النظام المصرفي اللبناني. ورغم تصاعد العقوبات وتشديدها، لا يزال 'حزب اللّه' يحتفظ بقدرة تشغيلية وتنظيمية عالية. وقد أكد خبراء لصحيفة 'نداء الوطن' أن فعاليّة هذه العقوبات تعتمد على التنسيق الدولي، خصوصاً من الاتحاد الأوروبي ودول الخليج، وعلى قدرة السلطات اللبنانية على فرض رقابة صارمة على المؤسسات المالية، وخفض الاعتماد على القنوات غير الرسمية التي تغذي 'الاقتصاد الأسود'. لكنّ هذه العقوبات وحدها ليست كفيلة بتفكيك منظومة متجذرة منذ عقود، إذ يُرجّح أن يستمرّ 'الحزب' في تطوير آليات التفاف وتكيّف، بدعم مباشر من إيران وشبكات مالية دولية معقّدة. وتُظهر العقوبات الأميركية المستمرّة تصميم واشنطن على تقويض الدور المالي والعسكري لـ 'الحزب' في المنطقة، والتعامل معه كذراع إيرانية عابرة للحدود لا كفاعل لبناني داخلي. غير أن استمرار 'الحزب' في التمركز داخل بنى الدولة والمجتمع اللبناني، يجعل من أي عقوبات تحدياً يطول الكيان اللبناني بأكمله، لا 'الحزب' وحده. وفي ظل غياب حل سياسي شامل، تبقى العقوبات واحدة من أدوات الضغط القليلة المتاحة، لكنها لن تؤدي إلى تغيير حاسم ما لم تُستكمل بإصلاحات داخلية وتفاهمات إقليمية أوسع. تبرز أهمية العقوبات الأخيرة في سياق سياسي وأمني حساس، كونها تمثل امتداداً لمحاولات متكررة للضغط على 'حزب اللّه'، الذي نجح على مرّ السنوات في التكيّف مع مختلف القيود والعقوبات، بفضل بنية أمنية واستخبارية متماسكة مكّنته من الالتفاف على الإجراءات الدولية. العقوبات… ضرورة تُكملها مسارات أخرى ورغم أن هذه العقوبات تكتسب رمزية سياسية عالية، إلّا أنها لن تكون فعّالة بمفردها، ما لم تُستكمل بمسارين متكاملين: أولًا، المسار العسكري. ولا يمكن إضعاف 'حزب اللّه' فعلياً دون تفكيك قدرته العسكرية. فطالما بقي السلاح خارج سلطة الدولة، سيظل 'الحزب' قادراً على تجاوز القيود الدولية، مستفيداً من شبكات تهريب وتدفقات نقدية مباشرة من إيران، التي تتجاوز النظام المصرفي العالمي عبر إرسال الدعم بـ 'الكاش'. ثانيًا، المسار المالي والإصلاحي. ويتطلّب تحجيم قدرة 'الحزب' تمويلياً واتخاذ سلسلة من الخطوات الجذرية، تشمل: فرض السيادة الكاملة للدولة اللبنانية على أراضيها. واحتكار الدولة وحدها السلاح. وتنفيذ إصلاحات حقيقية في النظام المالي لمنع استغلال الثغرات، كقوانين السرية المصرفية التي قد تُستخدم كمنصات لتهريب الأموال. وضبط المعابر والحدود بشكل فعّال لمنع تدفّق الموارد بطرق غير شرعية. كما يجب على إيران، في حال كانت هناك نية فعلية للضغط عليها، أن تُمنع من الاستمرار في دعم الجماعات المسلحة خارج إطار الدولة في لبنان. فالعقوبات، بحدّ ذاتها، لا تكفي، بل ينبغي أن تكون جزءاً من مقاربة شاملة، تشمل تفكيك البنية المسلّحة غير الشرعية، والإصلاح المالي العميق، وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس سيادية ومحاسبية. بهذا المعنى، فإن استمرار العقوبات دون تحرّك داخلي وإقليمي داعم، قد يكرّس حلقة مفرغة من التصعيد دون نتائج ملموسة، فيما يظلّ لبنان يدفع الثمن من استقراره الاقتصادي والسياسي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store