
رحيل المؤرخ المعروف الدكتور سالم النويدري
مثّل رحيل المغفور له بإذنه تعالى الدكتور سالم النويدري صدمة لأبناء المجتمع البحريني. ويعد رحيله خسارة كبيرة؛ فهو ابن البحرين البار الذي أفنى عمره ومعظم أوقاته في البحث والكتابة والتأليف وبصورة خاصة في مجال التاريخ والتراجم.
ولد في مدينة المنامة في العام 1945م ودرس في مدارسها، والتحق بعد تخرجه من المدرسة الثانوية بسلك التدريس.
واصل دراسته الجامعية فحصل على ليسانس في الآداب (قسم اللغة العربية والعلوم الإسلامية) من جامعة بيروت العربية في العام 1971م، ودبلوم الدراسات الإسلامية العليا من معهد الدراسات الإسلامية بالقاهرة في العام 1976م، ودبلوم عام في التربية من جامعة عين شمس بالقاهرة في العام 1977م، ودبلوم خاص في التربية من جامعة عين شمس بالقاهرة في العام 1983م. ونال درجة الدكتوراه عن مجموعة الأعمال المنجزة في الدراسات التوثيقية من الأكاديمية العالمية في لندن بالعام 2003م.
وشارك في عدد من الفعاليات واللقاءات التربوية محليًا وإقليميًا، كما قام بتأليف وتعديل الكتب الدراسية بمشاركة زملاء في القطاع التربوي في مملكة البحرين.
ومن بين هواياته المفضلة نظم الشعر وإلقاؤه في المحافل العامة ونشره في الصحافة المحلية. وله العديد من الأبحاث والدراسات التراثية والتاريخية المنشورة في بعض المجلات المتخصصة. وساهم مساهمة كبيرة في قيامه بإلقاء المحاضرات التاريخية والتراثية والدينية في المنتديات والمراكز الثقافية العامة في مملكة البحرين.
تم اختياره عضوًا في اللجنة الاستشارية للغة العربية والتربية الإسلامية في الفترة من 1979م إلى 1982م. كما تم اختياره عضوًا في لجنة تطوير مناهج التربية الإسلامية في المعهد الديني الجعفري التابع لوزرة التربية والتعليم في مملكة البحرين.
وساهم في مجال التأليف فأصدر في العام 1992م موسوعة 'أعلام الثقافة الإسلامية في البحرين خلال 14 قرنًا' المكونة من ثلاثة مجلدات. وأصدر في العام 1994م كتاب 'أسر البحرين العلمية: أنسابها، وأعلامها، وتاريخها العلمي والثقافي'. كما أصدر في العام 2001م كتابًا في غاية الأهمية عنوانه 'الكلمة السواء: بحث حول الإسلام والمسيحية'. وشهد العام 2002م إصداره 'ديوان ديك العرش'.
كان عضوًا فاعلًا في فريق العمل الخاص بكتابة 'موسوعة تاريخ البحرين'، وهي الموسوعة التي أشرف عليها الدكتور محمد حسن كمال الدين حين كان وزير دولة.
وقد تمكن فريق العمل من إنجاز الموسوعة المكونة من تسعة مجلدات، وتكفل الدكتور سالم النويدري بإعداد المجلد الثاني المكون من 329 صفحة ووثق فيه جميع مناطق البحرين المتمثلة في المدن والقرى والجزر المتناثرة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد البحرينية
منذ 5 أيام
- البلاد البحرينية
لماذا تسعى دول الخليج والعربي وآسيا الوسطى لتعزيز العلاقات بين المنطقتين؟
استعدادًا لقمة مجلس التعاون ودول آسيا الوسطى التي ستُعقد في أوزبكستان في مايو 2025، يطرح السؤال نفسه: ماذا تهدف إليه هذه الدول من خلال تعزيز العلاقات بين المنطقتين؟ وما هي الفرص المتاحة؟. تمثل القمة القادمة الحلقة الثانية التي تجمع الطرفين، بعد انعقاد الأولى في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في عام 2023. وقد أسفرت أول قمة عن صدور خطة عمل مشتركة تغطي الفترة من 2023 إلى 2027، تضمنت عددًا من المحاور الأساسية التي تنظم العلاقة بين دول مجلس التعاون ونظرائها في آسيا الوسطى. وكان أول محور هو الحوار السياسي - الأمني، الذي تناول قضايا مختلفة، من بينها سبل التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، سواء على أساس ثنائي يجمع المنطقتين، أو على أساس دولي من خلال منظمة التعاون الإسلامي. فقد بذلت دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهودًا كبيرة للتصدي لتحدي الإرهاب على مدى السنوات الـ25 الماضية، شملت منع تمويل وتسليح وتدريب الإرهابيين. ومع ذلك، فإن وضع تلك الجهود تحت مظلة تعاونية من شأنه أن يعزز كفاءتها، وذلك بسبب قدرة المنظمات الإرهابية على عبور الحدود السياسية، تهربًا من جهود أي دولة تعمل بمعزل عن تنسيق مع الدول الصديقة. وعلى الصعيد الاقتصادي-الاستثماري، عبّر الطرفان عن رغبة في إحداث قفزة نوعية في حجم التبادل التجاري بين المنطقتين، في ظل وجود فرص متعددة في مجال الطاقة، لا سيما الطاقة المتجددة. فإحدى نقاط القوة لدى دول آسيا الوسطى تكمن في ثرواتها الطبيعية، خصوصًا المعادن النفيسة التي تُستخدم في البطاريات الحديثة، والتي أصبحت حلقة محورية في سلسلة توليد وتفعيل الطاقة النظيفة. ومن الجانب الخليجي، فإن دول الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية طورت قدرات متقدمة في مجال رسم وتنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية، وبالتالي فإن التعاون مع دول آسيا الوسطى يُعد أمرًا منطقيًا ضمن سلاسلها التنموية. وأحد أسباب رغبة الطرفين في تنمية العلاقات في مختلف الأبعاد هو التجانس الثقافي والقيمي بينهما. إذ يُعد الإسلام التيار الديني المهيمن في المنطقتين، وقد انتشر إلى آسيا الوسطى وترسخ أساسًا بفعل التجارة والدعوة السلمية خلال القرون الوسطى. ونتيجة لذلك، يشعر سكان المنطقتين بألفة وأمان عند السفر من دولتهم إلى إحدى دول المنطقة الأخرى، وقد شهدت الحركة السياحية بين الخليج وآسيا الوسطى نموًا كبيرًا خلال السنوات العشر الماضية. ومهّد هذا التبادل البشري لتوسيع إطار التعاون ليشمل التعليم والرياضة والإعلام وشؤون الشباب، وتخطط دول المنطقتين لتحقيق المزيد من المكاسب في هذا السياق. ومثل هذا التبادل يُولّد الثقة بين الطرفين، وهي من أهم العوامل التي تدفع دول الخليج العربي لاختيار دول آسيا الوسطى شريكًا في مجال الأمن الغذائي، الذي يُعد ملفًا حساسًا للغاية. فقد أظهرت أزمات مثل جائحة كوفيد - 19 والحرب الروسية - الأوكرانية أهمية تنويع مصادر المواد الغذائية للدول الخليجية، التي تواجه صعوبات في تحقيق الاكتفاء الذاتي زراعيًا، بسبب المناخ الصحراوي، وشح الأراضي الصالحة للزراعة، وندرة المياه الجوفية. وقد دفع ذلك الدول الخليجية إلى الاستثمار في القطاعات الغذائية لدى دول آسيا الوسطى، بالإضافة إلى الاستثمار في القطاع المكمل لذلك، وهو الشبكات اللوجستية. فعلى سبيل المثال، أعلنت الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا عن استثمارات جديدة في الموانئ لدى تلك الدول على بحر قزوين. في ضوء ما سبق، يتضح أن العلاقة بين دول مجلس التعاون وآسيا الوسطى ليست مجرد تقارب دبلوماسي مؤقت، بل هي توجه استراتيجي طويل الأمد، يستند إلى مصالح متبادلة وتكامل في الموارد والرؤى. ومن خلال البناء على ما تحقق منذ قمة جدة، تُعد قمة سمرقند المقبلة فرصة حقيقية لترسيخ شراكة متعددة الأبعاد، تجمع بين الأمن والتنمية والهوية الثقافية المشتركة. وإذا ما وُضعت الآليات المناسبة لمتابعة التنفيذ وتجاوز العوائق البيروقراطية، فإن هذه العلاقة مرشحة لتصبح نموذجًا يُحتذى به في التعاون بين التكتلات الإقليمية المتقاربة في التطلعات والتحديات.


الوطن
١٧-٠٤-٢٠٢٥
- الوطن
رسائل من غزة '2'
بدر علي قمبر في كل يومٍ نتنفس فيه الخير، تدور خواطرنا حول بعض السطور والمشاعر التي لا تنفكّ عن أذهاننا كلما نُعايش مجمل الظروف التي يعيشها المسلمون في أنحاء الأرض، وبخاصة تلك الظروف الصعبة المُزرية التي لا تليق بكرامة الإنسان ومكانته وصونه في الشريعة الإسلامية. أحوال أهلينا في غزة مازالت هي المسيطرة على تفكيرنا، وبخاصة لأولئك الذين فهموا حقيقة وجودهم على هذه الأرض، وفهموا مقاصد العيش ومعاني خلافة الله تعالى في الأرض. فليس كل تفكيرٍ يتعلّق بهم، وليس كل شعورٍ يُصبّ في صالحهم، فهناك البعض مازال يفكر في منحًى آخر، منحى (النفوس المريضة) التي تفكر في المشاعر السلبية، وإثارة الشكوك في مناحي الحياة. غزة اليوم مازالت تعطينا دروساً في الأمل، وفي تنفّس العطاء، وفي استنشاق أجواء الآخرة. لمَ لا، وهم مازالوا صامدين على أرضهم، يذودون عن حياض الإسلام والمسلمين، يدافعون عن كرامتهم وعن أرضهم المباركة التي ذكرها المولى الجليل في القرآن الكريم. فهي رسالة عزة وصمود، لكل مسلمٍ لم يستطع حتى هذه اللحظة أن يعرف لغزة مكانتها في نفسه، أو أن يعيد التفكير في قضية «فلسطين» المنسية، التي أُعيدت إلى الأذهان مرة أخرى، وأُعيد تاريخها المنسي ليكون شعاراً لأبنائنا الصغار حتى ينشؤوا على معاني العزة وحب الإسلام، الذي لولا حبه، لما كنا نستنشق عبير السعادة. فالسعادة الحقيقية إنما تتمثل في محافظتنا على المعاني السامية التي حثنا عليها ديننا الحنيف، وأن نتمسك بهويتنا، ونتمسك بالقيم الإسلامية التي نعيش تحت ظلالها، ونعلم أبناءنا على سوانحها السامية. رسالة «العزة» والثبات على مبادئ الإسلام، هو الفخر الحقيقي للمسلم، ويجب عليه أن يعتز بها، لا أن يتجرّد تفكيره منها، ويفصل عيشته عن «مقومات الإسلام وقيمه السامية»، فذلك -لعمري- توجهٌ سلبيٌّ عقيم، قد يردي بصاحبه إلى متاهات الشرود الذهني، والانعكاس عن الثبات على طريق الاستقامة، التي يسلك فيها المسلم طريق الصراط المستقيم، ولا يحيد عن الطاعات التي تقرّبه إلى الخطوة الأولى للفردوس الأعلى. ولو تأملنا معاني الهداية، نجدها في دعواتنا التي نكررها في الصلاة كل يوم في سورة الفاتحة: «اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ»، وإن زاغ المرء عنها، تذكّر قوله تعالى: (فاستقيموا إليه واستغفروه). وجاء سفيان الثقفي رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم، وقال له: قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «قل آمنت بالله، ثم استقم». رسالة ذلك الأب الجريح الصامد الصابر، الذي فقد في لحظة واحدة ستة من أبنائه، وصلى عليهم الجنازة، وقد استُشهدوا وهم في طريقهم (لعمل الخير) في سيارتهم التي كانوا يستقلّونها ليُقدّموا المساعدات لغيرهم، وقد كانوا، ومنذ بداية الحرب، في شعلة من النشاط والعمل الخيري ليُقدّموا وجبات الطعام للأسر في غزة. العظة هنا أن الأبوين، وفي مسير حياتهما، يعانيان الكثير من أجل أن يربّيا أبناءهما، ويزرعا فيهم القيم السامية، ويُضيّقا على أنفسهما من أجل أن يتعلّم أبناؤهما أفضل تعليم، ومن أجل أن يُؤدّوا أمانتهم في هذه الحياة، فيُربّوا الأجيال على معاني الهداية، ويُمهدوا لهم سبل الخير من أجل أن يُساهموا في رفعة ونهضة الأوطان. ولعل النتاج الحقيقي في نهاية المطاف، هو ما كتبه الله تعالى لهم وهم في بطون أمهاتهم. وقد تأتي لحظة خاطفة، لحظات الفقد المريرة، يحسّ فيها الأبوان أنهما قد أحسنا الزرع، بثمارٍ يانعةٍ عاشوا أثرها في عمرٍ متقدم، وهذا ما يتمناه كل الآباء، وفي المقابل قد يعتري قلبهما الحنون، إحساس الخوف والوجل وعدم الرضا، من علاماتٍ غير مستساغة، ظهرت ملامحها في الأبناء وقد كبروا وكبرت معهم أحلامهم. من هنا، فإن الدعاء هو الفيصل في كل مقام؛ الدعاء بالخير والهداية لهم. رددوا دائماً أدعية القرآن الكريم للذرية: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِن أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً). وقال تعالى: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ). رسالة من غزة، أن لا ننساهم ولو للحظة واحدة من «الدعاء»، وأن لا نفتر عن مناصرتهم بما نستطيع، فقد اشتدّ بهم الكرب، وعظم الخطب، وليس لهم سوى المولى الكريم، ودعواتنا الصادقة، بأن يرفع عنهم المولى الكريم ما هم فيه من البلاء والمحنة، وأن يستر عوراتهم، ويؤمّن روعاتهم، وأن يحفظهم بعينه التي لا تنام. نسأل الله تعالى أن يكتب لهم الخير حيثما كان، وأن يعجل بزوال هذه الغمة عنهم، وعن أمتنا الإسلامية جمعاء، وأن يفك الحصار عنهم، وأن ترجع غزة كما كانت آمنة شامخة عزيزة إلى أيديهم، وأن تُعمر بالخير، وتعود الحياة السعيدة إلى جنبات حياتهم، وأن يُعوّضهم الرحمن خيراً عن كل فقد، ويجمعهم بأحبتهم في الفردوس الأعلى. ومضة أملرسائل الحياة لا تتوقف، وفي كل يوم يرسل لك المولى عز وجل رسالة جديدة، تُعيدك إلى صوابك، وتحذّرك من أعاصير الحياة، وتكشف لك الحقائق المستورة، لتضع حدّاً لبعض المسالك.


البلاد البحرينية
١٦-٠٤-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
د. احمد بن سالم باتميرا سلطنة عمان دولة آمنة للدول والشعوب الأربعاء 16 أبريل 2025
هي لا تختار أن تكون دولة وساطة أو دولة مفاوضات، لكن الآخرين يسعون لها أن تكون كذلك لما عرف عنها من مبادئ أساسية لم تتغير في نظامها السلطاني وحكمتها 'التسامح، التفاهم، التعايش'، وهي رسالة السلام التي أطلقتها سلطنة عمان للعالم. وأيضًا لكونها دولة لا تتدخل في شؤون الآخرين، ولا تشارك في النزاعات أو إثارة الفتن أو الحروب وغيرها، دولة لها فلسفة سلمية دبلوماسية منذ التاريخ، حتى أن أهلها دخلوا الإسلام طواعية، لذا فإن منهاجها وسياستها ودبلوماسيتها تدعو وتعزّز وتخلق عقيدة السلام والحوار والتعايش بين الأديان وبين الدول والشعوب. واليوم لا يختلف أحد على أن لعُمان هذه المكانة، وهذه الثقافة، والأرضية التي تجعل منها بلدًا آمنًا للحوار والتفاوض، لما لها من تاريخ وحضارة ومكانة يشهد لها الجميع، وكانت ولا تزال على نفس النهج والتواصل الحضاري مع الأمم والدول والحضارات والشعوب ولمن يبحث عن السلام والأمان والاستقرار الاجتماعي والنفسي والاقتصادي والمالي والاستثماري. فخيار السلام مدرسة سلطانية عمانية باقتدار، وعبر التاريخ نجحت كل الاجتماعات، إذا كانت النوايا والأهداف واضحة، وما بقي منها هو الاستثناء الذي لم يحل بسبب التدخلات الخارجية، والاضطرابات النفسية لبعض الدول، فالعنف لا يولد إلا العنف والخراب والدمار والوفيات، وتكلفة الحروب أكثر بكثير من تكلفة السلام. لذا نأمل أن يعم السلام والأمان الكرة الأرضية عمومًا، وأن تتفرّغ الإنسانية للعيش والإبداع والازدهار والتقدم في كل المجالات، فالعالم المضطرب الذي نعيشه اليوم بأمس الحاجة إلى السلام والتسامح وخلق بيئة وواحة للاستقرار والوئام، والنأي بالنفس عن الصراعات والحروب والفتن. ومن هنا، فإن العالم مطالب بالتدخل لوقف الحرب في غزة وفلسطين، وفي السودان، وفي أوكرانيا، وفي كل بقعة توجد فيها حروب أو نزاعات سواء حدودية أو سياسية أو اقتصادية، فاليوم نحن أمام صراعات مختلفة سيبرانية وصحية، ثم تحولت لاقتصادية وضرائب، وغدا موجة أخرى لا يمكننا مواجهتها لقوة رياحها السريعة التي ستخترق العالم بأكمله، فالصراع الحالي والقادم صراع نفوذ وعقيدة، واليوم النموذج انكشف وسقطت الأقنعة، وعرفت الدول والشعوب مكانتها، ومن معها ومن ضدها، ولغة المصالح أيضًا لا مكان لها في القاموس الجديد، إلا ما ندر! ومع ذلك تبقى سلطنة عمان على نفس النهج الإسلامي والسياسي الذي تؤمن به، وتفرض احترامها إقليميًّا ودوليًّا، وساحة للحلول لا للنزعات، وأنها لا تتردد في بذل جهودها الخيرة ومساعيها الحميدة للإسهام في حل أية خلافات أو منازعات بين طرفين أو أكثر، خصوصًا عندما تطلب منها الأطراف ذلك. وكما قال وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في إحدى زياراته لسلطنة عمان بأن مسقط 'لا تبيع ولا تشتري بالقضية الفلسطينية وأن بوصلتها ثابتة'، وهذا ما تؤكده السلطنة في كل مواقفها المعلنة وغيرها. فهذا نهج اختطته هذه البلاد، ليس طارئًا أو آنيًّا أو وليد التحولات الجيوسياسية في المنطقة والعالم، لكنه إيمان حقيقي وراسخ لها بالعقل والحكمة، لذا اختارت طهران وواشنطن أن تكون مسقط هي التي تحتضن مفاوضات السلام بين الجانبين، والتي تحتاج دائمًا إلى رعاية ونهج ورؤية وتمهيد للحوار ومعادلة لا يعرفها إلا العمانيون، وهي ليست سهلة ولكنها ليست مستحيلة أيضًا على الدول الأخرى! واليوم ترى سلطنة عمان أن هناك حاجة ماسة لترسيخ السلم والأمن الدوليين، لتعيش الشعوب باستقرار من خلال تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف المتنازعة لإبرام اتفاقيات سلام ومعاهدات تعزز الاستقرار الإقليمي والدولي، فأهلًا بالجميع في دولة شعارها التعايش والتسامح وفي قبلة الحوار والسلام وهي أيضًا آمنة للدول والشعوب للاستثمار فيها بكل حرية وأمان.. والله من وراء القصد.