
سارة طالب السهيل تكتب : المرأة و التمييز في مجتمعنا (2-2)
نجاحات أردنية وتطلعات
حققت المملكة الأردنية نجاحات كبيرة في مجال حقوق المرأة بفضل جهود جلالة الملك عبد الله في تمكين المرأة، وجهود أصحاب الآراء الحرة والمستنيرة في مطالبتها بإقرار هذه الحقوق، وتفعيلها علي أرض الواقع، وهي محل شكر وعرفان وتقدير، لكن لا يزال الطريق طويلا، ويحتاج إلى الاستمرار في معارك النضال الشريف والوطني لإتمام هذه الحقوق.
فالحصاد المشرق لحقوق المرأة الأردنية قد سجل وفقا لتقرير "تمكين المرأة أولوية وطنية "والصادر عن اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، ومن أبرز الإنجازات أن أنعم جلالة الملك عبدالله على سيدات بوسام الملك للتميز بمناسبة عيد الاستقلال، وإنعامه باليوبيل الفضي على 40 سيدة من كافة المحافظات لإسهامهن في خدمة المجتمعات المحليات بالأردن.
احتل الأردن المرتبة الأولى عربيا بعدد الشركات المنضمة إلى المبادرة العالمية لتمكين المرأة اقتصاديا حيث ارتفع معدل المشاركة الاقتصادية للمرأة الأردنية إلى 14,8% عام 2024 مقارنة 13.5% العام الأسبق منه.
تحسن ترتيب الأردن علي مؤشر الفجوة الجندرية العالمي "التمكين السياسي "لعام 2024 ليصل إلى المرتبة 119 متقدما 9 مراتب عن عام 2023.
وشهد مجلس النواب العشرون أعلى نسبة تمثيل للمرأة بنجاح 27 امرأة يمثلن 19,6 من أعضاء المجلس، وذلك استجابة إلى تعديلات قانون الانتخاب كما أشار التقرير إلى ارتفاع مشاركة المرأة في الأحزاب إلى 44,5% وإن أربع نساء يترأسن لجاناً في مجلسي النواب والأعيان.
ولا شك في أن التعديلات الدستورية لعام 2022 كانت خطوة مهمة لإضافة مصطلح "الأردنيات "إلى الفصل الثاني من الدستور. والنص الصريح علي التزام الدولة بتمكين المرأة وحمايتها من العنف والتمييز.
إشكاليات عميقة
في قانون الأحوال الشخصية حبلي بالمشكلات، والتي تعصف بحقوق المرأة حال وقوع الطلاق، فالمادة 223 تمنح الأب الولاية علي الصغار تلقائيا حتى ولو تصرف بما يخالف صالح الطفل، في مقابل منح الحضانة للأم، لكنها حضانة منقوصة، حيث يمكن للأب أن يسلب الحصانة من الأم إذا تزوجت أو ظهر أنها غير مناسبة من وجهة نظر الأب بمزاعم انشغالها بعملها أو تشويه صورتها وسمعتها بما يستوجب معه سلب الحضانة.
كما يحتفظ الآباء بحق تحديد تعليم الأطفال واقامتهم وعلاجهم ومسؤولية حصولهم علي جواز سفر دولي لما لم تحصل الأم علي موافقة من المحكمة.
والحصول علي هذه الموافقة من المحكمة تتطلب إجراءات صعبة ومعقدة، وتواجه المرأة الحاضنة صعوبات في إدارة الشؤون الصحية لأطفالها خاصة عند إجراء العمليات الجراحية حيث تشترط بعض المشافي حضور الأب باعتباره صاحب الولاية، وقد يرفض الأب الحضور أو إمداد طليقته بموافقة خطية على جراء الجراحة من باب التعسف، فتلجأ الأم إلى المحاميين لاستصدار وصاية مؤقتة لإجراء الجراحة.
والحمد لله فان التعديلات علي قانون الأحوال الشخصية قد راع هذه المشكلة، وأباح للأم حق الموافقة على علاج أبنائها طبيا، ورغم ذلك فان بعض المشافي تتعنت في إعطاء هذا الحق للأم، وتصر على حضور الأب ضاربة عرض الحائط بالتعديلات على القانون.
لذلك لا بد من مخاطبة الجهات الطبية المسؤولة بتعميم الالتزام بالقانون الخاص بحق الحاضنة في علاجها أبنائها.
المرأة وسوق العمل
بالرغم من أن المرأة الأردنية تتصدر نسب مستويات التعليم المرتفعة 69.16%، يحتل الأردن المرتبة ال 66 في سلم تعليم المرأة عالميا، فان هذه النسب المشرفة لا يقابلها تمكين اقتصادي في سوق العمل حيث لا تتجاوز نسبتهن 14,2% من القوى العاملة، وهي نسبة ضئيلة لا تتناسب مع مستويات تعليمها العالي.
يرجع البعض ذلك إلى ارتفاع تكاليف الانتقال واستحواذه علي 30% من الراتب، ونقص الحضانات لرعاية الصغار وقت دوام الأم في عملها. غير أنني أعتقد أن مخرجات تعليم المرأة يفتقر إلى التدريب في ورش عمل تؤهلها لسوق العمل في القطاع الخاص وهو دور يمكن أن تقوم به الحكومة بالتعاون مع المنظمات الأهلية لإعادة تأهيل الخريجات لسوق العمل.
توصيات
* إيجاد مخارج قانونية لحل مشكلة الجنسية، ووقف مبررات التوطين لجمع شمل الأم بأبنائها وزوجها ومنحها الجنسية تحقيقا للمساواة التي كفلها الدستور الأردني .
* البدء في إنشاء ورش عمل ومراكز تأهيل لخريجات التعليمية بالأردن حتى يستوعب سوق العمل في المجال الخاص طاقتهم العملية والعلمية.
* إجراء تعديلات علي قانون الأحوال الشخصية لمنح الأم حق الولاية المشتركة مع الأب علي الأبناء، بدلا من تركيزها بيد الأب وحده.
* ابتكار نصوص تشريعية تمنع نزع حضانة الطفل من الأم بحكم قضائي إذا تزوجت، أو أقامت به خارج الوطن وفق شروط غير تعجيزية بما يحفظ حقوق الأب الاطمئنان علي أبنائه .
* تحسين أوضاع المرأة الريفية بتوفير المشروعات الصغيرة ودعمها من المصارف والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني، وتشكيل وعيها بحقوقها القانونية خاصة فيما يتصل بالميراث.
* تحقيق العدالة في الأجور والوظائف بين الإناث والذكور عبر وضع آليات لمراقبة أنظمة الشركات وجهات العمل الخاصة والحكومية وتوقيع غرامات علي من يخالف العمل بهذه الآليات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ 17 دقائق
- رؤيا نيوز
الحكومة تعتمد 18 مبنى تراثيا جديدا وتوثقها في سجل التراث العمراني
وافق مجلس الوزراء، على اعتماد 18 مبنى تراثيًا في كل من العاصمة ومعان والكرك، وتوثيقها وإدراجها في سجل التراث العمراني والحضري، وفق ما نشرت في الجريدة الرسمية، الأحد. ويأتي القرار استنادًا إلى الفقرة (ب) من المادة (5) من قانون حماية التراث العمراني والحضري رقم (5) لسنة 2005، وبناءً على تنسيب اللجنة الوطنية لحماية التراث العمراني والحضري. وتضمنت القائمة قصر الملك المؤسس عبدالله الأول في محافظة معان، والمسجد الحسيني، ودير اللاتين (المصدار)، وبيت يعيش (الجمعية الأردنية لحماية التراث) في محافظة العاصمة. وفي محافظة الكرك، شملت القائمة؛ ساحة قلعة الكرك بالمدينة القديمة، ومبنى مستشفى النساء العثماني في ساحة القلعة، ومبنى دائرة عدلية العثماني، ومبنى السجن/ مركز الحرب، ومبنى الاسطبل/ القاعة التراثية. وشملت أيضا؛ المسجد الحميدي، والجامع العمري بالكرك القديمة، وكنيسة القديس جرجيوس للروم الأرثوذكس والمباني الملحقة، وكنيسة اللاتين والمدرسة وسكن الراهبات، ومدرسة الكرك الثانوية، والمستشفى الإيطالي بالمدينة القديمة، ومبنى البلدية القديم، ومبنى مقام الخضر. وفي محافظة الطفيلة، قرية المطعن شاملة جميع المباني الواقعة ضمن حدود قطع الأراضي ذات الأرقام المتسلسلة من (701) إلى (751) من الحوض رقم (28) حي رقم (93) من أراضي منطقة الطيبة.


أخبارنا
منذ 18 ساعات
- أخبارنا
صالح سليم الحموري يكتب : الله يعين الملك
أخبارنا : في زمنٍ تتقاطع فيه الأزمات، وتتداخل المصالح، وتختلط الحقائق بالأكاذيب، يجد القادة في الوطن العربي والعالم أنفسهم أمام مسؤولية تاريخية غير مسبوقة. العالم اليوم لم يعد ساحة تحكمها قواعد واضحة أو منطق بسيط؛ بل صار أقرب إلى رقعة شطرنج تتحرك بيادقها من جهات متعددة، وبوتيرة متسارعة تجعل التنبؤ واستشراف المستقبل مغامرة محفوفة بالمخاطر. التقنيات تقفز بنا سنوات إلى الأمام، لكن القيم والأخلاق تتراجع بخطوات مقلقة إلى الخلف. السياسة تحوّلت إلى سباق محموم على النفوذ، والاقتصاد إلى ساحة صراع شرس بين القوى الكبرى، فيما تبقى الشعوب – دائمًا – هي من يدفع الثمن. في قلب هذا المشهد المعقّد، يقف الملك – أي ملكٍ يحمل همّ شعبه او رئيس دولة – أمام مسؤولية تتجاوز حدود إدارة الدولة، لتصبح مهمة الدفاع عن الوطن، وصون كرامة المواطن، والحفاظ على تماسك المجتمع وسط عواصف الفوضى العالمية. ولهذا نقول: الله يعين بعون الملك، فالمهمة لم تعد تقليدية، ولا الظروف عادية. اليوم، القائد لا يواجه ملفات داخلية فقط، بل يتعامل مع خريطة دولية مضطربة، تتبدل تحالفاتها وتُعاد صياغة قواعدها في لحظات. وفي خضم هذا الزخم، يبقى الأمل معقودًا على حكمة القيادة، وعلى وعي الشعوب بأن الأزمات لا تُواجه إلا بتكاتف الصفوف ووحدة الكلمة. وفي مشهد دولي لافت، يأتي لقاء الرئيس الأمريكي بالرئيس الروسي ليعكس طبيعة المرحلة: تفاوضٌ في العلن، صراعٌ في الكواليس، ومصالح متشابكة لا يعرف مآلها أحد. لقاء كهذا لا يُقرأ من زاوية السياسة فحسب، بل من زاوية تأثيره العميق على موازين القوى العالمية، وعلى مستقبل العلاقات الدولية، وعلى أمن واستقرار الشعوب. في عالمٍ يمضي على حافة الجنون، لا دواء له إلا عقلٌ راجح، وقلبٌ مخلص، وعزيمةٌ لا تلين. وإذا كانت الشعوب تتكئ على قادتها في المحن، فإن القادة يستمدون قوتهم من دعاء شعوبهم ووفائهم. الله يعين بعون الملك… عبد الله، أبو الحسين… وأنا، كمواطن بسيط، لا أملك إلا أن أقول: الله يعنيك ويحفظك.


الانباط اليومية
منذ 19 ساعات
- الانباط اليومية
هل نستطيع مواجهة إسرائيل فعلًا؟؟
الأنباط - مثّل رفض الأردن عام 2016 لصفقة القرن دلالة واضحة على قوة ديبلوماسية واختبارًا مهمًا للعلاقات الأردنية الأمريكية بعد فترة استقرار نسبي منذ معاهدة وادي عربة التي وُقعت عام 1994 بين الأردن وإسرائيل. وتبلورت القوة الديبلوماسية الأردنية أكثر عندما رفضت عمّان فكرة تهجير الفلسطينيين بشكل قاطع على لسان جلالة الملك في البيت الأبيض، ورافق ذلك تلويح من قبل وزارة الخارجية بخيار الحرب في حالة أقدمت إسرائيل على هذه الخطوة. هذه القوة الدبلوماسية لم تأتي صدفة، بل هي نتاج خبرة سياسية أسس لها الهاشميون منذ ما قبل الثورة العربية الكبرى، وتوجت اليوم بذكاء وديناميكية الملك عبد الله الثاني وقدرته على تغيير التصورات الغربية المشوهة عن مشاكل المنطقة، وقد ظهر ذلك مكثفًا من خلال التعامل الأردني مع العدوان الإسرائيلي على غزة. هذه القدرة الأردنية الديبلوماسية العالية تستند أيضًا إلى رواسخ عسكرية واجتماعية، فالأردن تاريخيًا يتبنّى عقيدة دفاعية عسكرية تقوم على الردع الدفاعي أكثر من الهجوم، والمعروف أن السياسة الدفاعية توفر مساحة أكبر للحركة الديبلوماسية، إذ لا يمكن أن تكون هجوميًا وتحصّل على هذا المستوى المرتفع من القبول الدولي. أما الرواسخ الإجتماعية الداعمة لهذه الديبلوماسية فتتمثل بوقوف العشيرة الأردنية بثبات خلف القيادة كإسناد قوي لديه خبرة في الدفاع عن الأرض مند مئات السنين، إضافة إلى أن العشائر الأردنية ترتبط بعلاقة متينة "باتجاهين" مع الجيش، وهذا يجعلها أحد نقاط الارتكاز في معادلة الردع الأردنية التي تدعم السياسي والدبلوماسي. وللتوضيح، يجب أن نتحدث عن عناصر القوة والضعف في أي مواجهة عسكرية محتملة مع إسرائيل، فرغم أن الأردن يملك قوة جوية جيدة ودفاعات جوية ممتازة، إلا أنه لا يمتلك تفوقًا جوّيًا أو ترسانة صاروخية هجومية كبيرة كالتي لدى إسرائيل، لكن في المقابل فأن لديه قوة ردع معتبرة مبنية على أربعة محاور رئيسية: أولًا، الدفاع الأرضي المعتمد على الطبوغرافيا والجغرافيا، حيث يشكل وادي الأردن والجروف الغربية مسرحًا لصد أي هجوم بري بالمدفعية والدروع وغيرها من وسائل الدفاع والتخفي. كما تشكل المسافات بين الحدود الغربية وأقاصي النقاط الحدودية باتجاه الشرق عمقًا استراتيجيًا، حيث يتراوح هذا العمق بين 250 كم في المنطقة الجنوبية و340 كم في المنطقة الشمالية، وهذا ما لا تملكه إسرائيل بالمناسبة؛ فأكبر مسافة كعمق بين الحدود الشرقية لإسرائيل والبحر الأبيض لا تتجاوز 120 كم. والعمق الاستراتيجي هذا مفيد للأردن، إذ يوفر خطوطًا وطرقًا داخلية تمنحه قدرة على التحشيد السريع والدفاع النقطي، بالإضافة إلى ميزة الاستفادة من الوقت في حال وقع هجوم. ثانيًا، القوات الخاصة، إذ أصبح الأردن أحد أهم الدول في مجال تدريب العمليات الخاصة، وتحول مركز الملك عبدالله لتدريب العمليات الخاصة (KASOTC) في عمّان إلى مرجع عالمي في إعداد قوات قادرة على التسلل، والاستطلاع الخاص، وتعطيل مراكز الثقل خلف الخطوط. وهذا مهم في إدارة أي مواجهة مع إسرائيل. ثالثًا: إلى جانب ذلك كله، يستند الأردن إلى شبكة تعاون عسكري وثيق مع الولايات المتحدة وأوروبا وحلفاء آخرين. فلديه اتفاقية التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة، ولديه وبرنامج دائم من التدريبات والمناورات العسكرية تشارك فيها عشرات الدول جعلت القوات المسلحة الأردنية والاستخبارات في تطور دائم. ورغم الانتقادات لهذا التحالف، إلى أن نجاح الأردن في جَمع كل هذه الخيوط في ظل التغير الواضح في المواقف الدولية إزاء سلوك إسرائيل يعتبر إنجازًا مهمًا. رابعًا: الخبرة التاريخية والذاكرة العملياتية من حروبٍ سابقة ومعارك وقعت ما بين 1948 و1967 ومعركة الكرامة 1968، دعك من المردود المعنوي لهذا التاريخ المشرّف من الانتصارات والذي يستثمر في سياق تعزيز الروح الوطنية ورفع الثقة بالقدرات. هذا المزيج يجعل أي محاولة لفرض أمر واقع على الأردن مغامرة محفوفة بالخسائر؛ فلدينا قيادة سياسية ذكية تدرك الإمكانيات الذاتية للجيش والقوى الأمنية وتؤمن بقدرته على استغلال عناصر قوة إضافية مثل الجغرافيا الوعرة، والتاريخ المُشرِّف، والتركيبة العشائرية. لا بد لنا أن ندرك قدراتنا وإمكانياتنا كما هي، فقد شاهدنا وتابعنا كيف حاول البعض تصغير أكتاف الأردن عسكريًا وسياسيًا على وقع إعلان نتنياهو لأحلامه في إقامة إسرائيل الكبرى، وتابعنا أن هناك من اعتبر طموحاته قدرًا لا مفر منه، وكأن الأردن دولة ضعيفة. نعم، هناك من فَرح بتصريحات نتنياهو في سبيل النكاية بالأردن ومواقفه وليس في سبيل دعوة الأردن لتطوير جاهزيته العسكرية والسياسية من باب الخوف عليه.