
أنس الشريف وزملاؤه... مرايا الدم في غزة
قناة الجزيرة
في غزة محمد قريقع بزميله مراسل قناة الكوفية محمد صبح، والقصف الإسرائيلي، سوى عشر دقائق. تبادلا خلالها أطراف الحديث عن آخر تطورات الاستهداف في حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، وخطاب رئيس حكومة الاحتلال
بنيامين نتنياهو
، ثم غادر كل منهما إلى خيمته، ولم تكن تفصلهما سوى بوابة مستشفى الشفاء وبضعة أمتار. بعد بث مباشر على القناة، ناقلًا آخر التطورات، شعر صبح فجأة بألم في قدمه وسقط أرضاً عند الساعة الحادية عشرة وعشرين دقيقة مساء الأحد 10 أغسطس/آب 2025، وسط دخان كثيف حجب الرؤية وصراخ متعال في الخارج. أدرك أن قصفاً قريباً قد وقع. حاول النهوض مراراً، لكنه كان يسقط في كل مرة.
يقول محمد صبح لـ"العربي الجديد": "كانت ليلة صعبة وعصيبة. عندما دخلت المستشفى، رأيت أنس الشريف ومحمد قريقع ممددين على الأرض مع بقية الزملاء. كان الوجع في القلب أكبر من إصابة قدمي. كنت أنظر إلى جثامينهم أثناء علاجي، وأتساءل: لماذا يُحرقون؟ هؤلاء الزملاء يستحقون التكريم لا الحرق. تذكرت اللحظات التي جمعتني بمحمد قريقع، وجلوسنا في المقهى وحديثه الدائم عن أطفاله وأحلامه".
ذلك المساء، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ستة صحافيين، هم أنس الشريف ومحمد قريقع وإبراهيم ظاهر ومحمد نوفل ومؤمن عليوة ومحمد الخالدي، باستهداف خيمتهم أمام مستشفى الشهداء في مدينة غزة، لينضموا إلى 232 صحافياً وعاملاً في المجال الإعلامي استشهدوا منذ بدء
العدوان على قطاع غزة
في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
أنس الشريف صوت غزة الذي لم يصمت
كان صوت مراسل قناة الجزيرة أنس الشريف يصل إلى كل بيت فلسطيني وعربي، ناقلاً وجع الناس وصمودهم. لم يترك هو ورفاقه الشهداء، محمد قريقع ومؤمن عليوة وإبراهيم ظاهر ومحمد نوفل ومحمد الخالدي، الميدان الذي استشهدوا فيه. بقع دمائهم المتناثرة على الأرض والجدران، وبقايا طعامهم وفرشهم، ظلت شاهدة على مجزرة دموية، شبيهة بالمجازر التي وثقوها بعدساتهم. في وصيته التي نشرت بعد استشهاده، كتب الشريف: "يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهد وقوة لأكون سنداً وصوتاًً لأبناء شعبي. عشت الألم في كل تفاصيله، وذقت الوجع والفقد مراراً، ورغم ذلك لم أتوان يوماً عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف. أوصي بفلسطين، درة تاج المسلمين ونبض قلب كل حر في هذا العالم".
لم يتوقف الاحتلال عن التحريض عليه، إذ هدد أكثر من مرة، وتعرض منزله للقصف، كما استهدف والده فاستشهد في ديسمبر/كانون الأول 2023، وعاشت عائلته تحت وقع تهديدات مستمرة. بعد أن أثار مقطع بكائه على الهواء، متأثراً بما يتعرض له الفلسطينيون من تجويع في غزة، صدى واسعاً على منصات التواصل، نشر المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي فيديو تحريضياً ضده. يقول شقيقه محمود لـ"العربي الجديد": "شعرنا أن الاحتلال ينوي استهدافه. ورغم التهديدات، بقي أخي في خيمته المعروفة للجميع ولم يختبئ. كان صوتاً لغزة ووجعها وألمها. الناس كانوا يترددون على خيمته ليطرحوا أسئلتهم ومناشداتهم، وكان يعمل على إيصالها للعالم". في آخر حديث بينهما، ناقشا تهديد الاحتلال بالسيطرة على غزة والنزوح، فأكد أنس أنه لن يغادر حتى لو خرج كل أهله. عرضت عليه مؤسسات أممية السفر مع عائلته خلال الحرب، لكنه رفض، مفضّلاً البقاء لنقل جرائم الاحتلال وقصص الناس، وجعل ظهوره على "الجزيرة" مرآة لما يجري.
محمد قريقع… حكاية يتم مضاعف
عصرَ الأحد، غادر محمد قريقع منزله إلى خيمة طاقم الجزيرة بجانب سور مجمع الشفاء الطبي عند الرابعة، وكان يفترض أن يعود في الحادية عشرة والنصف. مع تأخره، بدأت زوجته هالة موسى بالاتصال به، لكن بلا رد. اتصلت بأصدقائه، ثم تلقت اتصالات من أقرباء أثارت مخاوفها. هرعت إلى المستشفى لتجد زوجها مسجىً أمامها، كان جسده محترقاً بدمائه. أطفاله الثلاثة، زين (8 سنوات) وزينة (5 سنوات) وسند (سنتان)، ظنوا أن أمهم ستعود ومعها والدهم، لكنهم استقبلوها وحيدة، تحمل خبر اليتم. محمد، الذي عاش يتيم الأب، فقد والدته نعمة التي استشهدت بالاجتياح الإسرائيلي لمستشفى الشفاء عام 2024. بعد بحث مرير عنها، وجدها مقتولة على درج، وجسدها قد تحلل جزئياً. تحكي زوجته لـ"العربي الجديد": "ظل متأثراً باستشهاد أمه، لم يتقبل الرحيل. كان ولدها الوحيد، وكانت كل حياته".
ومنذ بداية الحرب تفرق قريقع عن زوجته وأطفاله الذين نزحوا لجنوب القطاع، فيما بقي هو ينقل وجع غزة، ولم ير طفله سند الذي ولد في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلا خلال اتفاق التهدئة في يناير/ كانون الثاني 2025، بعد عودة النازحين، ليخفف عنه لقاء العائلة الفراغ الذي اكتوى به قلبه بعدما قتل الاحتلال أمه. تتذكر زوجته: "كان سعيداً، شعر أن الحياة عادت له، خاصة حين رأى سند لأول مرة". وبالرغم من العودة، إلا أن العمل في ذروة الحرب والأحداث المتسارعة، غيّب قريقع عن عائلته، تعلق زوجته بصوت مليء بالحسرة والحزن: "كان دائما منشغلا بالعمل، وحين كان يجلس معنا كان يشعرنا بحنانه.
إعلام وحريات
التحديثات الحية
غزة تودّع شهودها والعالم يطالب بالعدالة
محمد نوفل… كاميرا ترافق الصديق حتى الشهادة
محمد نوفل، أحد مصوري طاقم "الجزيرة"، كان صديق طفولة للشهيد أنس الشريف، وجاره في مخيم جباليا. عملا معاً طوال الحرب، ونادراً ما عادا لمنزليهما. والده، المصوّر المخضرم رياض نوفل، يقول لـ"العربي الجديد": "من شدة انشغاله بالعمل، كان يأتي لزيارتنا مرات قليلة. زارني الجمعة وجمعتنا مائدة غداء، ثم عاد وزارني السبت. ضحكنا ولعب مع حفيدي، كنا نناديه بكنيته المفضلة: أبا يحيى. كانت روحه خفيفة ويحب المزاح. توفيت أمه قبل شهر، وكانت كل شيء بحياته، ومن شدة حزنه غاب عن المنزل ثلاثة أيام، ولم يستطع الدخول إليه".
قبل استشهاد محمد عن 24 عاماً، فقد رياض نوفل نجله عمر الذي استشهد في 7 أكتوبر/تشرين أول 2024، ولديه أربعة أبناء وست بنات، وجميعهم تعلموا مهنة التصوير. يقول: "لدي استديو تصوير في منزلي. الكل أحب التصوير وتعلمه. لكن محمد كان جدياً في حبه وشغفه، وصداقته مع أنس الشريف جعلته زميلاً له؛ رافقه طوال الحرب، ورغم أننا كنا ننزح، إلا أنهما لم يفترقا".
بنى له والده شقة قبل الحرب وعقد قرانه، لكن تلك الفرحة لم تكتمل بسبب الحرب، ويقول والده وهو يحاول حبس دموعه: "لم يكتمل النصيب". في المقبرة، بخطه الجميل خط رياض نوفل اسم نجله الشهيد على ورقة كانت شاهداً لقبره، كما خط أسماء شهداء المجزرة.
محمد الخالدي… طموح قُطع قبل أن يكتمل
محمد الخالدي كان بعيداً عن الخيمة المستهدفة، لكن شظية أصابته وأحدثت نزيفاً داخلياً أودى بحياته عن 37 عاماً. لحظة الاستهداف، كان والد الخالدي يتابع آخر تطورات الأحداث عبر إحدى الإذاعات التي تنقل عبر أثيرها التلفزيون العربي، وعندما أذاع خبر عاجل نبأ استهداف خيمة الصحافيين، أحس باستشهاد نجله. لم تمر دقائق كثيرة حتى تلقى اتصالاً من أبناء شقيقه الموجودين في المستشفى، وأكدوا له ما كان يشعر به. عمل الخالدي مع منصة ساحات التركية وموقع ميدل إيست آي، وكان يطمح لأن يصبح "يوتيوبر". يقول والده: "كان يدرك خطورة المهنة، لكن أصر على تقديم رسالة صادقة. كان لديه أسلوبه الخاص وطموح كبير للسفر والتطور".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
اعتقالات خلال إضراب للضغط على الحكومة الإسرائيلية لإبرام اتفاق تبادل أسرى مع حماس
بدأت صباح الأحد فعاليات الإضراب الذي دعت إليه عائلات الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، للضغط على الحكومة الإسرائيلية لإبرام صفقة تبادل مع حركة حماس تؤدي للإفراج عنهم. وقالت هيئة البث الإسرائيلية إنّ أولى فعاليات الإضراب الشامل بدأت بإغلاق مئات النساء القسم الشمالي من شارع أيالون الحيوي وسط مدينة تل أبيب، فيما تعرّض متظاهرون للاعتقال. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "لن نجعل الحكومة تضحي بالمختطفين (الأسرى)". وانضم عدد من الشركات الخاصة والبلديات والمنظمات في أنحاء دول الاحتلال إلى الإضراب، ومن المتوقع أن تنضم جهات أخرى في وقت لاحق اليوم، وفق الهيئة. ودعا المتظاهرون الحكومة الإسرائيلية إلى إنهاء الحرب في غزة على الفور والتوسط في اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين والتراجع عن قرارها الأخير بتوسيع عملياتها العسكرية في مدينة غزة. بدورها، قالت وكالة أسوشييتد برس إن المتظاهرين أغلقوا الطرق في مختلف أنحاء إسرائيل، بما في ذلك طريق سريع رئيسي في تل أبيب، ملوحين بالأعلام الإسرائيلية الزرقاء والبيضاء وأعلام صفراء ترمز إلى التضامن مع الأسرى. واعتُقل 38 متظاهراً إسرائيلياً، وفقاً لبيان لشرطة الاحتلال، أكّدت فيه أنه "في الأماكن التي تتحول فيها التظاهرات إلى أعمال شغب، سيُعتقل المحتجون". انقسام إسرائيلي وإن كانت غالبية إسرائيلية تؤيد وقف الحرب مقابل استعادة الأسرى المحتجزين لدى حماس، وفقاً لاستطلاعات رأي مختلفة، إلا أن الانتقادات الشديدة الموجهة من جانب وزراء الائتلاف الحاكم إلى المتظاهرين لم تتوقف؛ إذ أدان نائب رئيس الكنيست، ورئيس لجنة المالية، حانوخ ميلفيتسكي، التظاهرات، معتبراً أنها "أعمال شغب داعمة لحماس"، كما كتب في حسابه على منصة إكس. ولفت ميلفيتسكي إلى أنه كما حدث الأمر في التاريخ، وهذه المرة أيضاً: "يهود، إسرائيليون يخربون البلاد في محاولة لمنع تدمير حماس. في تاريخنا كان هناك أشخاص مثل هؤلاء وقد تغلبنا عليهم. وهكذا سنفعل هذه المرة". أمّا وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، فادعى في حسابه على منصة إكس أن "الشعب الإسرائيلي استفاق صباح اليوم على حملة شريرة ومضرة تقوّي حماس، تدفن المختطفين في الأنفاق، وتحاول جر دولة إسرائيل إلى الاستسلام أمام أعدائها، وتعرض أمنها ومستقبلها للخطر". ووصف الإضراب بأنه "أقل من المتوقع، كما تطالب جهات سياسية ذات مصالح ضيقة". وأضاف: "كما يبدو إلى الآن، على الرغم من الحملة الإعلامية الصبيانية عديمة المسؤولية وسلسلة المسؤولين السياسيين ذوي المصالح، الحملة بعون الله ليست واسعة وتضم عدداً قليلاً من الأشخاص". وأضاف: "دولة إسرائيل لم تتوقف، ولم تُضرب (..) في العموم بضعة أشخاص اختاروا المس بروتين يوم مواطني إسرائيل، إذ يقومون في الأثناء بإغلاق الشوارع أمامهم وهم في طريقهم لأعمالهم". ورد متظاهرون في القدس على أقوال سموتريتش، معلنين خلال التظاهرة: "نقول للكذّاب سموتريتش أن ثمة مئات الآلاف من المشاركين في الإضراب ويتوزعون على أكثر من 300 نقطة في أرجاء البلاد. وأن أكثر من مئة بلدية انضمت للمشاركة. على دولة إسرائيل إنهاء الحرب وإطلاق سراح جميع المختطفين"، وفقاً لتصريحات نقلتها صحيفة "يسرائيل هيوم". أمّا وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، فهاجم هو الآخر المتظاهرين، مشيراً إلى أن "التظاهرة اليوم قد اُنتجت في كابلان (ساحة كابلان في تل أبيب حيث انطلقت منذ عام 2023 احتجاجات ضد الانقلاب القضائي الذي قادته حكومة نتنياهو، وقبلها ضد الأخير بسبب قضايا الفساد التي تورط فيها)، وهي استمرار للإضرابات وتشجيع الرفض قبل 7 أكتوبر"، واصفاً المتظاهرين بأنهم "الاشخاص أنفسهم الذين أضعفوا حينها إسرائيل، ويحاولون فعل ذلك الآن". واعتبر أن الإضراب "يقوّي حماس ويبعد إعادة المختطفين. وكما هو واضح، سيتهمون عقب ذلك دولة إسرائيل (بإفشال المفاوضات)، وهكذا تبدو جولة سياسية وقحة على أظهر المختطفين". تقارير عربية التحديثات الحية حرب الإبادة على غزة | إضراب في إسرائيل وتحضير لتهجير سكان مدينة غزة من جهتها، اعتبرت وزيرة المواصلات، ميري ريغيف، أن "الانتصار في الحرب يكون في الوحدة. هذا الصباح رأينا مجدداً القلة التي قررت الانقسام، وتحويل التضامن مع المختطفين الأعزاء إلى حملة سياسية. إنهم يحرقون الشوارع ويمسون بالبنى التحتية. وبدلاً من تقوية شعب إسرائيل والمختطفين يقوّون ويعززون حماس". من جهته، ردّ "مقر عائلات المختطفين"، ويقصد بهم الأسرى والمحتجزون في غزة، على إدانات الوزراء، مشيراً في بيان له إلى أنه "ندعو وزراء الليكود وأعضاء الكنيست للتوقف عن الإساءة والتشهير والمس بعائلات المختطفين، وبالمختطفين أنفسهم، وبالغالبية العظمى من شعب إسرائيل"، داعياً الأعضاء والوزراء إلى الانضمام للإضراب من أجل "إظهار التضامن غير المسبوق الممتد من دان (مركز إسرائيل) حتّى إيلات (جنوباً)، وأن يكونوا شركاء في الفعل الصهيوني الوطني الأكثر أهمية على الإطلاق، وهو استعادة الأسرى فوراً". وأضاف المقر: "بإمكانكم مواصلة الاختباء خلف المراوغة والحسابات السياسية، ولكنكم لن تتمكنوا من التنصل من المسؤولية. هذا اليوم سيؤرخ في الذاكرة القومية الإسرائيلية، من اختار الوقوف مع العائلات ومن أدار ظهره لها. انتهت الأعذار". أخبار التحديثات الحية احتجاج أمام منزل مدير مؤسسة غزة الإنسانية في فيرجينيا: مجرم حرب من جهته، قال رئيس المعارضة الصهيونية، يئير لبيد، في صفحته على منصة "إكس"، إن "الاتهامات الجديدة النكراء من جانب الوزراء للمضربين والمحتجين من أجل المختطفين هي أنهم يدعمون حماس.. ألا تخجلون؟ لم يكن ثمة أحد قوّى حماس وعززها أكثر منكم. لقد مررتم لها ملايين الدولارات بالحقائب، وعززتموها على مدى سنوات. وقع المختطفون في أسرها خلال ولايتكم. الأمر الوحيد الذي سيضعف حماس حقاً هو إسقاط حكومة الحقد الفاشلة هذه. إن الأمر الوحيد الذي يقوي الدولة هو الروح الرائعة لأولئك الأشخاص الذين خرجوا اليوم من بيوتهم من أجل التضامن الإسرائيلي". إلى ذلك، دعا عضو الكنيست، بني غانتس، إلى تقوية العائلات، معتبراً أن "مهاجمة عائلات المختطفين، بينما أنت المسؤول عن أن أولادهم في أسر حماس منذ عامين، إنما يضعفنا ويقسّمنا. دعمنا هو ما يقوينا ويقويهم".


العربي الجديد
منذ 7 ساعات
- العربي الجديد
قتل أنس الشريف وزملائه: هل انتهى زمن الثقة العمياء بإسرائيل؟
في 10 أغسطس/آب الحالي، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ستة صحافيين، هم أنس الشريف ومحمد قريقع وإبراهيم ظاهر ومحمد نوفل ومؤمن عليوة ومحمد الخالدي، باستهداف خيمتهم أمام مستشفى الشهداء في مدينة غزة، لينضموا إلى 232 صحافياً وعاملاً في المجال الإعلامي استشهدوا منذ بدء العدوان على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. أقر جيش الاحتلال بقتل مراسل "الجزيرة" أنس الشريف حصراً، ونشر ما زعم أنها "أدلة" على أنه "قيادي في حركة حماس تظاهر بصفة صحافي في شبكة الجزيرة"، واتهمه بأنه كان يقود "خلية تابعة للحركة ومسؤولاً عن تنسيق هجمات صاروخية ضد مدنيين إسرائيليين وقوات الجيش". لكن، كما أوضح مراسل الشرق الأوسط، ماثيو دوران، في موقع هيئة البث الأسترالية (إيه بي سي)، كان من الخطأ أن يتوقع الجيش الإسرائيلي أن تُستقبل هذه المزاعم من دون نقاش، ولا سيما أن استهداف الصحافيين يُعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي. تقرير دوران نشرته "إيه بي سي"، أكبر هيئة بث في أستراليا، التي لطالما وُصفت بالانحياز لإسرائيل. فقد تعرضت الهيئة لانتقادات حادة لإظهارها تحيزاً في تغطيتها للعدوان الإسرائيلي، كذلك طردت صحافية لنشرها تقريراً ينتقد إسرائيل، مع سياسات تمنع استخدام مصطلحات مثل "جرائم حرب"، و"إبادة جماعية"، و"تطهير عرقي"، "فصل عنصري"، أو "احتلال" لوصف جرائم إسرائيل في غزة والضفة الغربية المحتلة. وأشار التقرير إلى أن التشكيك في أي تصريحات إسرائيلية عما ترتكبه في غزة أصبح واسع الانتشار، حتى إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد مؤتمرات صحافية نادرة لمواجهة ما أسماه "حملة أكاذيب عالمية". وأضاف التقرير أن "عقلية 'ثقوا بنا' فقدت قوتها منذ زمن بعيد بعد 22 شهراً من الموت والدمار في غزة". يذكر أن إسرائيل تنكر غالبية الأخبار الواردة من غزة بزعم أنها "دعاية لحماس"، بينما تمنع وسائل الإعلام الأجنبية من الدخول إلا تحت إشراف جنود في مناطق محددة، بهدف إظهار أجزاء من القطاع تعزز روايتها للعالم. ولطالما وُجهت لإسرائيل اتهامات باستهداف الصحافيين الفلسطينيين، ما أدى إلى استشهاد 238 عاملاً في المجال الإعلامي. سلطات الاحتلال برّرت ذلك من خلال دعاية تتهمهم بالإرهاب، فيما لفتت صحيفة ذا غارديان البريطانية إلى أن المسؤولين الإسرائيليين قدّموا مراراً روايات مضللة ومتغيرة، وأكدت منظمة مراسلون بلا حدود أن الأدلة التي اعتمدت عليها إسرائيل لتبرير اغتيال أنس الشريف مليئة بالتناقضات. إعلام وحريات التحديثات الحية أنس الشريف وزملاؤه... مرايا الدم في غزة ولا يقف الأمر عند هذا الحد، إذ كُلّفت وحدة خاصة في جيش الاحتلال الإسرائيلي تحديد الصحافيين الذين يمكن تشويه سمعتهم واتّهامهم بأنهم مقاتلون؛ لاستهدافهم والتقليل من حدّة الغضب الدولي إزاء قتل العاملين في مجال الإعلام في قطاع غزة، وفقاً لما كشفته مجلة 972+ الإلكترونية ومنصة لوكال كول الإخبارية. وأفاد التقرير، المنشور الخميس الماضي، بأن "خلية إضفاء الشرعية" (legitimisation cell) أُنشئت بعد عملية طوفان الأقصى التي نفذها المقاومون الفلسطينيون في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لجمع معلومات يمكنها تعزيز صورة إسرائيل ودعم المساندة الدبلوماسية والعسكرية من الحلفاء الرئيسيين، وذلك استناداً إلى ثلاثة مصادر استخبارية. وبحسب التقرير، ففي حالة واحدة على الأقل، شوّهت الوحدة المعلومات عمداً لوصف صحافي زوراً بأنه مقاتل، وهي صفة تعني فعلياً في غزة حكماً بالإعدام. وقالت مصادر استخبارية لـ"972+" إن "خلية إضفاء الشرعية" عملت على تقويض عمل الصحافيين الفلسطينيين، وكذلك مكانتهم المحمية بموجب القانون الدولي. ونُقل عن أحد المصادر قوله إن الضباط كانوا متحمسين لإيجاد عامل في الإعلام يمكن ربطه بـ"حماس"، لاقتناعهم بأن الصحافيين في غزة "يشوّهون سمعة إسرائيل أمام العالم". وأضاف المصدر أنه في حالة واحدة على الأقل شوّهت الوحدة الأدلة لاتهام مراسل زوراً بأنه مقاتل متخفٍّ، على الرغم من أن هذه الصفة أُزيلت قبل إصدار أمر بالاغتيال، وقال أحد المصادر: "كانوا متحمّسين لوضعه على قائمة الأهداف، واعتباره إرهابياً، ليقولوا إن مهاجمته مبرّرة. قالوا: في النهار هو صحافي، وفي الليل قائد فصيل. كان الجميع متحمّساً، لكن حدثت سلسلة من الأخطاء وتجاوزات للإجراءات"، وأضاف المصدر نفسه: "في النهاية، أدركوا أنه كان بالفعل صحافياً، فحذف اسمه من قائمة الأهداف".

العربي الجديد
منذ 12 ساعات
- العربي الجديد
قصف إسرائيلي يستهدف محطة كهرباء حزيز جنوبي العاصمة اليمنية صنعاء
استهدف قصف إسرائيلي اليوم الأحد، محطة كهرباء حزيز جنوبي العاصمة اليمنية صنعاء، ما أدى إلى خروج بعد المولدات عن الخدمة. وقالت قناة المسيرة التي يديرها الحوثيون، إن "عدواناً" استهدف محطة كهرباء في جنوب صنعاء دون أن تذكر مصدر "العدوان" الذي أشارت إليه. وأضافت القناة نقلاً عن مصدر في الدفاع المدني أنّ "العدوان استهدف مولدات الكهرباء بمحطة حزيز، ما أدى إلى خروجها عن الخدمة"، مشيراً إلى أن طواقم الدفاع المدني نجحت في إخماد الحريق الذي نجم عن استهداف المحطة. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مهاجمة أهداف قرب صنعاء تشمل "بنى تحتية للطاقة يستخدمها الحوثيون"، وقال إن الهجمات "تأتي في سياق الرد على هجمات استهدفت إسرائيل بالمسيّرات والصواريخ". كما قالت القناة 12 الإسرائيلية، إن البحرية الإسرائيلية شنت هجوماً على محطة كهرباء جنوبي العاصمة اليمنية صنعاء. وكان مراسل "العربي الجديد" قد أفاد بأنّ انفجارات عنيفة هزت صباح اليوم الأحد العاصمة اليمنية صنعاء، فيما قالت وكالة رويترز نقلاً عن سكان، إنهم سمعوا دوي انفجارين على الأقل. من جهته، قال مدير محطة حزيز الكهربائية على حسين العلايا، بحسب ما نقلت "المسيرة"، إنّ "العدوان الذي تعرضت له المحطة دليل على فشل العدو الإسرائيلي وتخبطه"، مؤكداً أن استهداف منشأة حيوية تمد المواطنين والمستشفيات بالطاقة يعد جريمة مخالفة للقانون الدولي الإنساني. ونشر عضو المكتب السياسي لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) على حسابه بمنصة إكس : "عدو مجرم ومفلس، لا يستهدف إلا المرافق الخدمية والأعيان المدنية: كهرباء، مياه...". وأعلنت جماعة الحوثيين، صباح الخميس الماضي، استهدافها مطار بن غوريون في تل أبيب بصاروخ فرط صوتي، متوعدة بتصعيد عملياتهم حتى وقف العدوان على قطاع غزة ورفع الحصار عنه. وفي بيان مصور بثته قناة المسيرة، أفاد المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، بتنفيذ "عملية عسكرية نوعية استهدفت مطار اللد في منطقة يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع فلسطين2"، مؤكداً أن "العملية حققت هدفها بنجاح وتسببت في هروب الملايين من الصهاينة الغاصبين إلى الملاجئ وتعليق حركة المطار". وعلى غرار العمليات السابقة للحوثيين، أكد سريع أن استهداف مطار بن غوريون مجدداً يأتي "انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني ومجاهديه، ورداً على جرائم الإبادة الجماعية والتجويع التي يقترفها العدو الصهيوني في قطاع غزة"، قاطعاً وعداً للفلسطينيين بأن "نبقى معكم وإلى جانبكم بعون الله حتى النصر بكل إمكاناتنا المتاحة". وفيما عبّر الحوثيون عن ثقتهم بأن "الفصائل الفلسطينية ستحبط خطة العدو باحتلال غزة وتهجير أهلها بإذن الله تماماً كما أفشلوا بحجارة داوود عمليته العسكرية العدوانية"، تعهدوا للفلسطينيين بتصعيد "عملياتنا الإسنادية حتى وقف العدوان عليكم ورفع الحصار عنكم". أخبار التحديثات الحية اليمن: إيقاف شحنة طائرات مسيّرة قادمة من الصين إلى الحوثيين وتشن جماعة الحوثيين، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، هجمات منتظمة بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة والزوارق البحرية على سفن إسرائيلية وأخرى مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، وتستهدف أيضاً مواقع إسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، في إطار ما تصفه بـ"الرد على حرب الإبادة المستمرة ضد غزة". وتتعرّض مواقع في اليمن بين الحين والآخر لغارات إسرائيلية، كان آخرها في 21 يوليو/ تموز الماضي، حين شن جيش الاحتلال غارات على ميناء الحُديدة بزعم استهداف مواقع تابعة لجماعة الحوثيين.