
إيطاليا تُطالب بالتعويض من حقبة الاحتلال الليبي لها
وحيال هذا التصريح، الذي لا يخلو من إساءة مباشرة للذاكرة الوطنية الليبية، نؤكد ما يلي:
إن ترحيل المستوطنين الإيطاليين في عام 1970 لم يكن فعلًا عدائيًا ضد أُسر بريئة، بل كان إجراءً سياديًا مشروعًا اتخذته الدولة الليبية لتصفية آثار واحدة من أبشع التجارب الاستعمارية في التاريخ الحديث. لقد جاء ذلك القرار في سياق وطني، بعد عقود من الاحتلال الذي أُقيم على جماجم الليبيين وخراب وطنهم، ونهب مقدراتهم واستعبادهم في أرضهم. إن ما تحاول السيدة ريكوتي وأمثالها الترويج له هو قلبٌ وقحٌ للحقائق التاريخية. فالشعب الليبي لا يزال يحتفظ في ذاكرته الجماعية بجرائم الاحتلال الإيطالي، وعلى رأسها:
الإبادة الجماعية التي ارتكبتها قوات الاحتلال ضد المدنيين العزّل.
نصب المشانق في الميادين لإرهاب الأحرار، كما حصل مع شيخ الشهداء عمر المختار ورفاقه.
اغتصاب الأراضي بالقوة، وتحويلها إلى مزارع استعمارية على حساب الليبيين.
إحراق القرى والمزارع وتجريفها، وتهجير سكانها إلى المجهول.
نفي آلاف الليبيين إلى جزر إيطالية بعيدة مثل 'أوستيكا' و'بونزا'.
وذروة الفظائع كانت في معتقل العقيلة، حيث جُمع عشرات الآلاف من الليبيين، بينهم نساء وأطفال، في قلب الصحراء القاحلة، ليموتوا جوعًا ومرضًا وبردًا، بلا دواء أو مأوى.
إن من يستحق المطالبة بالتعويض هو الشعب الليبي لا غير، الذي دُمرت حياته لأكثر من ثلاثة عقود بفعل الاحتلال، لا المستوطنون الذين جاؤوا إلى أرض غير أرضهم ليستولوا عليها بقوة السلاح. لقد استطاع النظام الليبي السابق، رغم كل ما يُقال، أن يُجبر إيطاليا ورئيس وزرائها سيلفيو برلسكوني على الاعتراف الكامل بالحقبة الاستعمارية المظلمة، وتم توقيع اتفاقية صداقة تاريخية سنة 2008 تعهّدت بموجبها إيطاليا بتقديم تعويضات مالية وتنموية للشعب الليبي بقيمة 5 مليارات دولار، اعترافًا رسميًا بجرائمها. اليوم، وبعد أن رحلت 'الجدّات' وارتاح جيل الاحتلال من مشهد الحقيقة، تعود إيطاليا الرسمية وبعض جماعات الضغط داخلها، كالرابطة التي تمثلها ريكوتي، إلى نغمة الإنكار والنكران، وتذهب أبعد من ذلك بمحاولة المطالبة بتعويضات من ليبيا، وكأن المستعمِر هو الضحية! بل إن الحكومة الإيطالية نفسها بدأت في التنصل من التزاماتها القانونية التي صاغها برلمانها وصادقت عليها بروما وطرابلس. أمام هذا المشهد العبثي، نُحمّل الدولة الليبية ومؤسساتها السيادية مسؤولية الرد العاجل والحازم على هذا الخطاب المستفز، والقيام بحملة دبلوماسية وإعلامية تكشف للرأي العام الدولي من هو الجلاد ومن هو الضحية.
ختامًا، نؤكد أن التاريخ لا يُكتب بالتمنّي، ولا تُمسح الجرائم بالتصريحات. دماء الليبيين ليست للمساومة، وذاكرتهم ليست للبيع، والتاريخ لن يُزوّر ما دام هناك أحرار يتكلمون.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار ليبيا
منذ ساعة واحدة
- أخبار ليبيا
من أين سيأتي بالمال؟ الدبيبة يقدّم عرضًا خياليًّا لواشنطن يُثير الجدل
الدبيبة يعرض 70 مليار دولار لأميركا وسط تشكيك في قدرته على تمويلها ليبيا – سلطت صحيفتا 'ذا تنزانيان تايمز' التنزانية و'العرب' اللندنية، الضوء على عرض مالي 'ضخم' قدمه عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة طرابلس، خلال لقائه مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مسعد بولس، بهدف استقطاب واشنطن نحو شراكة استراتيجية في ليبيا. عرض استثماري بقيمة 70 مليار دولار أكد التقريران أن الدبيبة قدم عرضًا يتضمن مشاريع جاهزة بقيمة تقارب 70 مليار دولار، تغطي قطاعات حيوية مثل الطاقة، والمعادن، والكهرباء، والبنية التحتية، والاتصالات، وهي خطوة وُصفت بأنها 'محاولة جريئة' لجذب مشاركة أميركية كبيرة في جهود إعادة الإعمار داخل ليبيا، خاصة في الجنوب. تشكيك في مصادر التمويل نقل التقريران عن متابعين للشأن الليبي تشكيكهم في قدرة الدبيبة على توفير هذا التمويل، معتبرين أن رئيس الحكومة لا يعرف أصلًا من أين سيأتي بهذه الأموال، ما يجعل العرض أقرب إلى محاولة سياسية للفت انتباه إدارة ترامب، واستنساخ تجربة خليجية مماثلة. مناورة سياسية أم تحول استراتيجي؟ ورجّح المراقبون أن العرض يمثل مناورة لتحسين موقع الدبيبة أمام الولايات المتحدة، أكثر من كونه التزامًا فعليًا بمشاريع قابلة للتنفيذ، خاصة في ظل الغموض المحيط بالمصادر المحتملة لهذا التمويل، وغياب رؤية اقتصادية واضحة لدى حكومته. المرصد – متابعات


عين ليبيا
منذ 6 ساعات
- عين ليبيا
انفجار الأزمة بين ترامب وباول.. من يتحمل فاتورة تجديد مقر «البنك المركزي»؟
شهد مقر مجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن، أمس الخميس، حالة من التوتر والجدل العلني بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس المجلس جيروم باول، على خلفية تكلفة تجديد مقر البنك المركزي التي تجاوزت المليارات. جاء ذلك خلال جولة تفقدية لموقع البناء بحضور وسائل الإعلام، حيث أشار ترامب إلى أن تكلفة أعمال التجديد في المبنيين التاريخيين بلغت أكثر من 3.1 مليار دولار، متحدثًا عن ارتفاع التكلفة من 2.7 مليار إلى أكثر من 3.1 مليار. هذا التصريح أربك باول الذي رد قائلاً: 'لست على علم بذلك'. وأظهر مقطع فيديو متداول التوتر بين الرجلين، حيث أصر ترامب على صحة الرقم بينما نفى باول إعلان المجلس لأي رقم رسمي، قبل أن يتدخل مسؤول آخر لتأكيد الرقم المذكور. وحاول باول توضيح أن الرقم المذكور يشمل مبنى 'مارتن' الذي تم إنشاؤه قبل خمس سنوات، وليس جزءًا من مشروع التجديد الحالي. من جانبه، أكد ترامب للصحفيين أنه لا يرى ضرورة لإقالة باول رغم الانتقادات التي وجهها له مؤخرًا، واصفًا إياه بـ'الأحمق' سابقًا بسبب عدم استجابته لمطالب البيت الأبيض بخفض تكاليف الاقتراض، لكنه قال إنه يتوقع من باول اتخاذ القرار الصحيح في النهاية. في منشور له على منصة 'تروث سوشيال'، قال ترامب إن تكلفة التجديد بلغت 2.5 مليار دولار، معربًا عن أمله في إنجاز المشروع سريعًا، ومشيرًا إلى قدرة الاقتصاد الأمريكي على تحمل تجاوزات التكلفة. وكانت وسائل إعلام أمريكية قد سلطت الضوء على تجاوزات التكاليف في مشروع التجديد الذي استمر عدة سنوات، لكن موظفي المجلس دافعوا عن المشروع، مشيرين إلى التحديات غير المتوقعة التي واجهت العمل، مثل التعامل مع مواد سامة وارتفاع تكاليف المواد والعمالة. يُذكر أن المشروع يعد أول تجديد كامل لمبنيي مجلس الاحتياطي منذ نحو قرن من الزمن، مما يفسر حجم التحديات والتكاليف المترتبة عليه.


أخبار ليبيا
منذ 6 ساعات
- أخبار ليبيا
التقى المسؤولين في الشرق والغرب.. ماذا فعل مستشار ترامب في ليبيا؟
في خطوة وُصفت بالأهم منذ عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أجرى مستشاره للشؤون الإفريقية، مسعد بولس، زيارة إلى ليبيا أجرى خلالها سلسلة لقاءات رفيعة المستوى في العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي، في إطار ما قالت واشنطن إنه 'تحرك جاد لكسر الجمود السياسي في ليبيا'. الزيارة التي جاءت بعد أسابيع من تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن نية بلاده 'تحقيق تسوية سلمية شاملة في ليبيا'، شهدت لقاءات متعددة شملت قيادات تنفيذية وعسكرية واقتصادية، تعكس – بحسب مراقبين – ملامح خريطة طريق أمريكية قيد التبلور، هدفها إنهاء المرحلة الانتقالية الممتدة منذ أكثر من عقد. استهل بولس لقاءاته في طرابلس باجتماع مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، وعلّق على اللقاء قائلًا: 'ناقشنا أهمية استعادة الهدوء، ومنع العنف، ودفع الحوار السياسي قدمًا، بينما نعمل معًا على تعزيز التعاون الأمريكي-الليبي بما يعود بالنفع على الأمريكيين والليبيين. كما نتطلع إلى تنمية الصفقات التجارية بين بلدينا'. كما أجرى مستشار ترامب محادثات مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مسعود سليمان، أكد خلالها على أولوية التعاون في مجال الطاقة، قائلًا: 'استعرضنا السبل التي يمكن للولايات المتحدة من خلالها دعم أهداف ليبيا في إنتاج النفط والغاز، وأكدنا على الدور الحيوي الذي تضطلع به المؤسسة الوطنية للنفط في دعم اقتصاد ليبيا'. وفي خطوة ذات دلالة اقتصادية، حضر بولس مراسم توقيع اتفاقية بقيمة 235 مليون دولار بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة 'هيل إنترناشيونال'، مؤكدًا: 'تأتي هذه الشراكة دعمًا لجهود المؤسسة في التحديث وتعزيز إنتاج وتصدير الغاز'. وفي لقاء منفصل مع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، جدد بولس دعم بلاده للعملية السياسية، حيث قال: 'تباحثنا حول الجهود المبذولة لتحقيق السلام والاستقرار في طرابلس وجميع أنحاء ليبيا. وجددنا تأكيد دعم الولايات المتحدة لوحدة ليبيا ولدفع الحوار السياسي قدمًا على أساس التوافق'. وانتقل بولس إلى بنغازي حيث التقى القائد العام للجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، مشددًا على: 'دعم الولايات المتحدة للجهود الليبية لتوحيد المؤسسات وتعزيز السيادة ورسم طريق نحو الاستقرار والازدهار من خلال الحوار السياسي'. كما عقد اجتماعات مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، والمهندس بلقاسم حفتر، والفريق ركن صدام حفتر، وقال: 'تبادلنا الآراء حول جهود التنمية الاقتصادية وسبل تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين، كما ناقشنا أهمية دفع العملية السياسية والانتهاء من وضع ميزانية موحدة'. وأجرى بولس كذلك مباحثات منفصلة مع صدام حفتر لمتابعة زيارته السابقة إلى واشنطن، مشيرًا إلى: 'جددت التأكيد على التزام الولايات المتحدة بدعم وحدة ليبيا وسيادتها واستقرارها'. ولم تخلُ الزيارة من التنسيق مع الأمم المتحدة، حيث التقى بولس بالممثلة الخاصة للأمين العام، هانا تيتيه، وقال: 'تبادلنا وجهات النظر حول أهمية المضي قدمًا في العملية السياسية في ليبيا، في الوقت الذي يسعى فيه الليبيون إلى بناء مستقبل أكثر إشراقًا'. وكانت الإدارة الأمريكية قد كثفت جهودها مؤخرًا تجاه الملف الليبي، حيث صرّح ترامب بأن بلاده تسعى إلى تسوية شاملة، دون كشف تفاصيل محددة. في المقابل، أكّد بولس أن المرحلة الانتقالية في ليبيا 'أصبحت عبئًا على الاستقرار'، وأن 'تنظيم انتخابات شفافة' هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة. كما كشف عن لقاءات عقدت في واشنطن مع مسؤولين ليبيين ودوليين بهدف بلورة تصور لحكم موحد، يشمل جميع الأطراف، في ظل التنسيق المستمر مع كل من مصر وقطر لدفع العملية السياسية. ويرى مراقبون أن تحركات بولس تعبّر عن تقييم أمريكي جديد للمشهد الليبي، حيث رجّح المحلل السياسي عيسى عبد القيوم أن اللقاءات 'ستنعكس على ما ينقله بولس إلى البيت الأبيض، وربما تشير إلى إعادة ترتيب الأدوار السياسية في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل وجود رسائل غير مباشرة للدبيبة'. في المقابل، يرى الباحث السياسي فيصل الشريف أن التحرك الأمريكي 'تحكمه حسابات المصالح، لاسيما في قطاع الطاقة'، مرجّحًا أن تكون واشنطن بصدد 'إبرام صفقات أو تفاهمات تعزز نفوذها الاقتصادي في ليبيا'، في وقت لم تعد فيه المبادرات الأممية قادرة على إحداث اختراق في المسار السياسي. ويبقى التساؤل المطروح: هل تنجح هذه الجولة الأمريكية في إعادة الزخم للحوار الليبي، أم أن تعقيدات الداخل ستُبقي هذه الجهود رهينة الحسابات الإقليمية والدولية؟ يمكن قراءة الخبر من المصدر من هنا