logo
غزة.. بقلم صحافية!

غزة.. بقلم صحافية!

الجزيرةمنذ 4 ساعات

ليس سهلًا على فتاة اختارت أن تكون قويةً في كل استحقاق أن تكتشف في أعماقها مكامن الخوف التي خلفتها طبول الحرب، التي بقيت تدق على مدى أكثر من عام ونصف.
في كل صباح، تدخل مكتبها، تتابع أخبار غزة التي لا تنتهي؛ أحداث حمراء مضرجة بالدماء، ودموع تسيل من الشاشات كأنما هي نهر بلا ضفاف، وعداد يرتفع، ونحيب يعبر من غزة إلى لبنان عبر الأثير، ومنه إلى كل العالم بلا حدود ولا قيود ولا هوامش.
خبر عاجل ونشرة أخبار.. قصف مميت يتنقل وبيان إدانة يتيم.. وصاروخ بالستي قادم من اليمن أطلق عليه اسم "فلسطين"، هي وجبة دسمة ليوم طويل، تنتظر أن ينتهي بخبر عاجل تعلن فيه مذيعة شقراء مطبعة نبأ اندحار الاحتلال
تنتظر العنوان الساخن من مديرها، وتبتلع الخبر الذي سيتحول بعد قليل إلى نص يحبس أنفاس القراء.. تفكر أنها بحاجة إلى اختيار صورة عميقة بحجم الفاجعة، وجملة افتتاحية تمهد لحكاية موجعة جديدة. تدرك أن الكتابة عن القصف المتواصل والقتل المتواصل باتت عبئًا يتكرر كل يوم، وأن الطفل الذي يصرخ من تحت الركام لن يسكت في ذاكرتها. تسابق الوقت لتنقل التفاصيل، وتخبّئ بين السطور وجعًا شخصيًّا لا يمكن أن يذاع.
خبر عاجل ونشرة أخبار.. قصف مميت يتنقل وبيان إدانة يتيم.. وصاروخ بالستي قادم من اليمن أطلق عليه اسم "فلسطين"، هي وجبة دسمة ليوم طويل، تنتظر أن ينتهي بخبر عاجل تعلن فيه مذيعة شقراء مطبعة نبأ اندحار الاحتلال، بعد اقتحام الجيوش العربية كل الحدود، وفك الحصار، ودخول قوافل الصمود، وعودة الأهالي الذين أتعبهم النزوح، وحمل حقائب الذكريات إلى بيوتهم.. لكن النبأ لم يأتت بعد.
وبالانتظار.. تقرير واحد كان كفيلًا بأن تنتمي قلبًا وروحًا إلى غزة! هناك ما يقارب 400 تقرير آخر، شاهدت من خلالها جنازات، وتشييعًا، ومآتم لآلاف الشهداء، بحثت مع الأطفال عن ألعابهم التي بترت القذائف أطرافها تحت الركام.. تقارير أدخلتها إلى خيام الهاربين من الموت إلى موت أبشع، عايشت أنين الجائعين الذين يسكنون على قارعة الموت، وهم يزحفون تحت الشمس إلى أقرب تكية.. فتصيبها أصوات أواني الطعام الفارغة بالصداع، وأزيز القصف بالذعر حتى الهذيان من صمت يلف العالم.
وما بين تقرير وآخر، تمسك القلم كأنها تمسك نبض المدينة، تتلمس جراحها، تكتب بدمعها، لا بحبر عابر.. تسهر على حروف لا تنام، وتسائل الصور التي تصلها: هل مات هذا الطفل فعلًا؟ هل ستنجو شقيقته من بين الأنقاض؟ هل أكل الأطفال وجبة العشاء؟ ماذا عن محمد وسوسو الصغيرة وريم وليان؟ ماذا عن حجارة غزة وكل ما فيها؟
إعلان
وتسأل: كيف صمد هؤلاء كل هذا الوقت؟ كيف ثبتوا زهاء العشرين شهرًا من الألم والمآسي؟! لا بد أن قوةً إيمانيةً عظمى تحرك أرواحهم، وأن نورًا داخليًّا لا ينطفئ يضيء لهم الطريق في ظلام الحرب القاتم.
رحلة مؤلمة هي، لكنها مملوءة بالمسؤولية: تشاهد، تنقل، توثق، تحكي، وتعاني معهم.. تحيي بقلمها أو بأزرار هاتفها وبشاشة حاسوبها أصواتهم، وتحاول أن تمنحهم صوتًا آخر في وجه الصمت العالمي، رغم التعب ورغم الألم.
لكنها في كل مساء، حين تخلع عنها معطف القوة وتسدل الستائر على يوم آخر من المجازر، تجد نفسها تنهار أمام طفل أضاع أمه، ورضيع لا يجد الحليب، ومريض لم يضمد جرحه بعد، وأم أثكلها الفقد!.
هي غزة الألم والأمل.. غزة التي لا تنكسر؛ فعظامها كأغصان زيتون، ودماؤها رائحة غار، وفي قلبها مقام شهيد يحبو نحو الحرية، على ركبتي الزمن.. من الأمس وحتى تختم الرواية!

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"يمثل إرادتنا".. الخارجية الإيرانية تعلق على تصويت برلماني ضد الطاقة الذرية
"يمثل إرادتنا".. الخارجية الإيرانية تعلق على تصويت برلماني ضد الطاقة الذرية

الجزيرة

timeمنذ 37 دقائق

  • الجزيرة

"يمثل إرادتنا".. الخارجية الإيرانية تعلق على تصويت برلماني ضد الطاقة الذرية

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن مشروع قرار وقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية"يمثل إرادتنا، وردا على الهجمات غير القانونية علينا"، مؤكدا أنه من حق البرلمان أن يشعر بالريبة تجاه مواقف الوكالة الدولية. وجاء حديث بقائي للجزيرة بعد تصويت نواب البرلمان الإيراني اليوم الأربعاء لصالح مشروع قانون لتعليق التعاون مع وكالة الطاقة الذرية. وصوّت 221 نائبا من أصل 290 لصالح مشروع القانون، وامتنع نائب واحد عن التصويت، في حين لم يصوت أي نائب ضده، وفقا للتلفزيون الرسمي الإيراني. ووفق بقائي، فإن طهران كانت تتوقع إدانة واضحة وصارمة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية للاعتداء على منشآتها النووية، مشيرا إلى أن المدير العام للوكالة الدولية رافائيل غروسي مطالب بتوضيح موقف الوكالة تجاه الاعتداء على إيران. ووصف موقف وكالة الطاقة الذرية بأنه "لم يكن إيجابيا تجاه الهجمات علينا"، معربا عن قناعته بأن الوكالة هي المطالبة بالعمل على بناء الثقة تجاه طهران. وشدد بقائي على ضرورة حماية وتأمين منشآت إيران النووية وعلمائها بعد الضربات العسكرية وعمليات الاغتيالات التي استهدفت برنامجها النووي والقائمين عليه. وفي وقت سابق اليوم الأربعاء، نقل التلفزيون الإيراني عن رئيس مجلس الشورى (البرلمان) محمد باقر قاليباف قوله إن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية ستقوم بـ"تعليق التعاون مع الوكالة حتى يتم ضمان أمن منشآتنا النووية، وسيتقدم البرنامج النووي السلمي الإيراني بوتيرة أسرع". بدورها، نقلت وكالة إيسنا عن عضو هيئة الرئاسة في البرلمان علي رضا سليمي قوله إن مشروع القانون ينص على منع دخول مفتشي الوكالة إلى إيران ما لم يتم تأمين وضمان أمن المنشآت النووية الإيرانية. ويحتاج قرار البرلمان إلى مصادقة مجلس صيانة الدستور ، وهو الهيئة المخولة بمراجعة التشريعات، كما يتطلب الموافقة النهائية من المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني. وقبل أيام، توعد علي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني بمحاسبة غروسي عندما تنتهي الحرب، وكشف أن الولايات المتحدة في المراحل الأخيرة من المفاوضات -قبيل الحرب- لم تكن تسعى لحل القضايا، بل كانت تحاول فرض مطالب محددة على إيران. في المقابل، قال غروسي إن المجموعة الدولية لا يمكن أن تقبل انقطاع التفتيش في المنشآت النووية الإيرانية. وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الثلاثاء دخول اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيز التنفيذ عقب حرب بدأتها تل أبيب يوم 13 يونيو/حزيران الجاري بهدف معلن هو القضاء على البرنامجين النووي والصاروخي لطهران. وردّت إيران بسلسلة من الهجمات الصاروخية التي خلّفت دمارا غير مسبوق في عدة مدن إسرائيلية، في حين تدخلت واشنطن في الحرب، إذ شنّت ضربات على 3 مواقع نووية رئيسية في إيران أبرزها منشأة فوردو.

هل ينجح ترامب في انسحاب أميركي سريع من صراع إسرائيل وإيران؟
هل ينجح ترامب في انسحاب أميركي سريع من صراع إسرائيل وإيران؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

هل ينجح ترامب في انسحاب أميركي سريع من صراع إسرائيل وإيران؟

جوزيف ستيبانسكي – واشنطن في مناورة شديدة الخطورة، اختار الرئيس الأميركي دونالد ترامب المشاركة في قصف إيران ثم سعى بسرعة لتهدئة التوتر، مخلفا تساؤلات بشأن قدرة واشنطن على "الخروج النظيف" من هذا المأزق الدموي. ووفقا لمحللين تحدثوا لجوزيف ستيبانسكي من موقع الجزيرة الإنجليزي، لاتزال تساؤلات مقلقة قائمة حول جدوى التدخل العسكري الأميركي، حتى وإن تجنب ترامب اندلاع حرب أوسع. انضمت الولايات المتحدة إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران فجر الأحد الماضي، حيث أرسلت طائرات بي-2 الشبح لقصف 3 مواقع نووية إيرانية. ووصف ترامب هذا التحرك العسكري بأنه جزء من هدف واشنطن طويل الأمد لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي. إلا أن القصف أثار ردًّا انتقاميا، إذ أطلقت إيران صواريخ على قاعدة العديد الجوية في قطر يوم الاثنين. ومنذ ذلك الحين، أعلن ترامب وقف إطلاق نار بين جميع الأطراف وادعى أنه استطاع "إيقاف الحرب"، مشيرًا إلى أن القصف "وَحّد الجميع". لكن وسائل الإعلام شككت في ما إذا كان ترامب قد دمّر فعليًا المنشآت النووية الإيرانية كما زعم. وقد وجّه انتقادات لكلٍ من إيران وإسرائيل لانتهاكهما المبكر لوقف إطلاق النار. رغم البداية المتعثرة لوقف إطلاق النار، يبدو أن قادة إيران وإسرائيل التزموا بخطاب ترامب الداعي إلى السلام. فقد أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، عقب اتصال من ترامب، أن إسرائيل ستتجنب مزيدًا من الهجمات، بعدما "حققت أهداف الحرب كافة". في المقابل، أشاد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بـ"المقاومة البطولية" لبلاده، وأعلن احترام الهدنة والسعي لحماية المصالح الإيرانية عبر الدبلوماسية. لكن الخبراء يحذرون من أن الحديث عن السلام قد يُخفي تحديات أكبر في الأفق. صرح تريتا بارسي، نائب رئيس معهد كوينسي، للجزيرة أن تصريحات ترامب القاسية تجاه إسرائيل تكشف عن إحباط متزايد من حليف أميركا القديم، وأشار إلى أن فصل الولايات المتحدة عن حرب إسرائيل ضد إيران قد يكون أصعب مما يبدو. وقال بارسي "من الضروري أن ندرك أن إسرائيل لا تريد نهاية للقتال، ويبدو أن ترامب بدأ يدرك مدى تباعد مصالح أميركا وإسرائيل في هذا الملف". لطالما أشار مسؤولون إسرائيليون إلى أن عملياتهم تستهدف تغيير النظام الإيراني، وهو هدف كان ترامب قد دعمه الأسبوع الماضي لكنه تراجع عنه لاحقا. وصرّح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، الثلاثاء بأن "فصلًا مهمًا قد انتهى، لكن الحملة ضد إيران لم تنته". يرى بارسي أن موقف إسرائيل هذا يتباين مع موقف ترامب، رغم أن الأخير أبدى استعدادا أكبر من أسلافه لقول "لا" لإسرائيل. لكنه أضاف أن ترامب لم يتمكن من التمسك بهذا الرفض بشكل فعال، مشيرا إلى موقفه من وقف إطلاق النار في غزة. مع ذلك، يرى بارسي أن ترامب يتمتع بـ"مرونة لافتة" في قدرته على التدخل العسكري ثم التراجع عنه. فقد شنَّ غارات جوية ضد الحوثيين في اليمن لمدة 45 يومًا، لكنه أعلن وقفًا لإطلاق النار بحلول مايو/ أيار الماضي. مخاطر الغرق في المستنقع من جانبها، تبدو إيران حريصة على إيجاد مخرج من الصراع، إذ أكد محللون للجزيرة أن طهران تسعى لتجنب أي خطوات قد تعيد واشنطن إلى ساحة القتال. قبل الهجوم، كانت هناك محادثات بين واشنطن وطهران لتقليص برنامج إيران النووي. لكن الهجوم الإسرائيلي المفاجئ يوم 13 يونيو/ حزيران نسف تلك الجهود. تقول نِجار مرتضوي، الزميلة بمركز السياسات الدولية، إن إيران ما زالت منفتحة على العودة إلى طاولة المفاوضات، مضيفةً أن طهران طالما أكدت أن برنامجها النووي مدني الطابع. وأردفت "إذا قبل ترامب ذلك، فهناك إمكانية قوية للتوصل إلى اتفاق". غير أن ترامب لم يوضح على وجه التحديد ما الذي سيقبله، إذ وصف القصف بأنه "تدمير لكل المنشآت والقدرات النووية"، دون تمييز واضح بين الاستخدام المدني والعسكري. وقد ناقضت هذه التصريحات تقارير مسرّبة أشارت إلى أن البرنامج النووي الإيراني تضرر لكنه لم يُدمّر، ويمكن إعادة بنائه في غضون أشهر. لكن مرتضوي تعتقد أن إيران لن تجد أمامها سوى خيار العودة للتفاوض، ولو من موقع ضعف، مقترحة احتمال إنشاء "كونسورتيوم" إقليمي لمراقبة البرنامج. وقالت "البديل، أي الحرب، سيكون مدمرا للمدنيين، وقد يتحول إلى مستنقع مثل العراق أو أفغانستان". إستراتيجية ترامب بحسب سينا أزودي، أستاذ السياسة في جامعة جورج واشنطن، فإن خطاب ترامب عقب إعلان الهدنة قد يكشف نواياه، وقال "ترامب يريد أن يُنظر إليه على أنه الرئيس الذي استخدم القوة ثم أنهى الحرب بسرعة". وهو لا يرغب في الانجرار إلى صراع أوسع قد يغضب أنصاره من دعاة "أميركا أولًا". ويرى البعض أن هذه المقاربة منحت ترامب القدرة على إرضاء الصقور، دون استعداء معارضي التدخل العسكري. لكن أزودي حذر قائلًا: "من المستحيل التنبؤ بما سيحدث لاحقًا، نظرًا لأسلوب ترامب المتقلب". حتى الآن، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان ترامب سيستمر في دعوته للسلام بعد الهجوم. يواجه الرئيس الأميركي انتقادات حادة، خاصة بشأن فعالية الضربات على منشآت مثل فوردو، والتي يقول إنها "دُمرت بالكامل"، رغم شكوك وسائل الإعلام. إعلان وأشار أزودي إلى أن إيران نقلت كثيرًا من مخزون اليورانيوم قبيل القصف، مما يعني أن الأهداف المحققة لم تكن بالحجم الذي زعمه ترامب. كما أضاف أن الهجوم انتهك القانون الدولي، إذ استهدف منشأة خاضعة لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما قد يدفع إيران للانسحاب من معاهدة عدم الانتشار. وقال "نعم، قد يفتخر ترامب على منصة توث سوشال بأنه دمّر البرنامج النووي الإيراني، لكنك لا تستطيع قصف المعرفة. المادة الانشطارية باقية، والنية للخروج من المعاهدة باتت أقوى".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store