
لحظة عرفان ملكي برياضة تتحدى الصعاب
إستمع للمقال
لطالما ارتبطت رمزية العرش العلوي المجيد بنبل التقدير وجود التكريم وتوشيح أسماء أبلت البلاء الحسن لصالح الوطن على مر السنين، فجاء الاستقبال الملكي اليوم للبؤات الأطلس من طرف جلالة الملك محمد السادس ليشكل حدثا استثنائيا يحمل من الدلالات ما يتجاوز مجرد تكريم رياضي عابر.
ففي خضم الاحتفالات الرسمية بعيد العرش المجيد، وحين تسلط الأضواء على المؤسسات والرموز الكبرى للدولة، اختار عاهل البلاد أن يجعل من الرياضة النسوية، وتحديدا كرة القدم النسوية، محور لحظة وطنية استثنائية تحتفي بالكفاءات النسائية المغربية في كل المجالات بما فيها الرياضية.
فأن يتم استقبال لاعبات المنتخب الوطني النسوي في حضرة العرش وفي قلب اللحظة السياسية الكبرى التي ترمز إلى البيعة وتجدد الولاء، فهذا المشهد ليس فقط تكريما للجهد الرياضي الذي بذله المنتخب الوطني النسوي في كأس العالم للسيدات، ولا مجرد احتفاء بصعود تاريخي إلى نهائي كأس إفريقيا، لكنه تكريس لرؤية ملكية حريصة على إحداث القطيعة مع نظرة التهميش التي لاحقت الرياضة النسوية لعقود طويلة.
ولم يكن الاستقبال الملكي مجرد التفاتة رمزية سامية فحسب، لكنه يتجاوز ذلك إلى اعتباره رسالة سياسية وثقافية ومجتمعية في آن واحد، فحين يولي جلالة الملك هذه المكانة لمنتخب نسوي، فإننا نكون أمام لحظة تربوية وسياسية ذات أبعاد استراتيجية تفتح الباب على مصراعيه لإعادة التفكير في بنية الرياضة الوطنية من زاوية الإنصاف والمساواة، ومنح الفتاة المغربية المكانة التي تستحقها في كل مجالات الإبداع والتميز، بدءا من المؤسسات الرياضية ووصولا إلى مراكز القرار لم لا.
لقد استطاعت لبؤات الأطلس أن يحجزن لأنفسهن موقعا ليس بالهين في ذاكرة الشعب المغربي من خلال أداء بطولي لفت الأنظار، لكن الأهم أنهن فرضن على مؤسسات الدولة أن تعيد النظر في السياسات العمومية الرياضية، التي طالما ميزت الذكور على حساب الإناث، لا فقط من حيث الميزانيات والدعم، بل حتى من حيث الاهتمام الإعلامي والدعائي والتشجيع المجتمعي، إذ جاء الاستقبال الملكي كتتويج لمسار من الإصرار والتحدي، ومسح الغبار عن مساحات من النسيان والإقصاء، ما يعكس إدراكا ملكيا ساميا بضرورة دمج الرياضة النسوية في المشروع الوطني الكبير للتنمية والنهضة المجتمعية، بما يجعل منها أداة للتمكين والمشاركة والتغيير، وهنا لا بد من استحضار الأثر التربوي والنفسي الذي سيخلفه هذا التقدير على آلاف الفتيات المغربيات اللواتي سيرين في اللبؤات مثالا وقدوة ونموذجا يُحتذى به، لا فقط في الملاعب، لكن في ما هو أكبر وأسمى من ذلك وهو كسر القيود الذهنية والاجتماعية التي لطالما حاصرتهن.
وإذا كان هذا التكريم الملكي يحمل في إشاراته السامية طابع الوفاء لما حققته اللبؤات من إنجازات، فإنه في الآن نفسه دعوة صريحة لمختلف الفاعلين السياسيين والرياضيين والمدنيين إلى إعادة ترتيب الأولويات، وجعل الرياضة النسوية مكونا أساسيا لا يستهان به في الاستراتيجية الرياضية الوطنية، وأن الاهتمام الملكي هو الموجه الأساسي لسن سياسات عمومية واضحة المعالم في المدى القريب والمتوسط، من خلال الاستثمار في البنية التحتية، وفي التكوين، وفي الدعم المالي، وفي العمل على تغيير العقليات واعتماد المناهج المدرسية والبرامج الإعلامية التي تشجع على الرياضة بما فيها النسوية.
إن الرسالة الملكية واضحة وبينة اليوم، فلا تنمية بدون إنصاف، ولا إنصاف بدون تمكين حقيقي للنساء في كل المجالات، بما فيها الرياضة، فمن المعيب اليوم أن يظل مستوى الدعم والتمويل المخصص للفرق النسوية في المغرب في مستويات هزيلة، رغم أن التجربة أثبتت أن الأداء النسوي المغربي اليوم قادر على منافسة أكبر الفرق العالمية حين ترصد له كل الإمكانيات.
يمكن القول أن هذا الاستقبال الملكي قد حرك مشاعر الفخر الوطني لدى عموم المغاربة وخاصة المغربيات، لكنه في الآن نفسه زلزل بنية فكرية تقليدية تعتبر أن الرياضة هي امتياز ذكوري خالص، كما ساهم هذا الاستقبال الملكي في الوقت نفسه، في فتح نقاش مجتمعي حول كل الأدوار الجديدة التي يمكن للمرأة المغربية أن تلعبها متى توفرت الإرادة والدعم والمؤسسات، فأن تحمل اللبؤات القميص الوطني في محافل عالمية بكرامة وندية، وأن يُستقبَلن من طرف جلالة الملك شخصيا، فذلك عنوان على مغرب جديد يُراد له أن يكسر كل الأغلال التي قيدت طموحات نسائه طويلا.
إن الاستقبال الملكي للبؤات الأطلس في سياق احتفال الأمة المغربية بعيد العرش المجيد، هو لحظة تجسيد متينة للاعتراف الملكي بالرياضة الوطنية كأداة للتحرر والتمكين، والعرش كرمز للوحدة والاستمرارية. وهو كذلك، دعوة لكل المؤسسات الوطنية المعنية إلى الالتقاط الذكي لهذه الإشارة الملكية وتحويلها إلى فعل يومي، وإلى إرادة سياسية شجاعة تنقلنا من منطق 'الاستثناء التكريمي' إلى منطق 'التمكين المؤسساتي'.
إنها لحظة جمعية دافقة يتوجب أن تخلد لا فقط في ذاكرة الرياضة المغربية، بل في أجندة السياسات العمومية، باعتبارها تحولا نوعيا في التقدير السياسي للمجهود النسوي، وفي تصحيح مسار رياضة وطنية لطالما نسيت نصف مجتمعها، لأن اللبؤات المغربيات الأصيلات أثبتن أنهن جديرات بالتكريم، وبالاحتفاء، فهل نكون نحن، مجتمعا ومؤسسات، جديرين بلبؤاتنا في قادم الأيام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مراكش الآن
منذ 3 ساعات
- مراكش الآن
كأس العالم لكرة القدم لأقل من 17 سنة.. المنتخب الوطني يخوض تجمعا إعداديا مغلقا بسلا
يخوض المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم لأقل من 17 سنة، ابتداء من اليوم الاثنين، تجمعا إعداديا مغلقا بمركب محمد السادس لكرة القدم بالمعمورة، وذلك استعدادا لكأس العالم المقبلة لهذه الفئة بقطر. وذكر بلاغ للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أن هذا التجمع الإعدادي، الذي يمتد إلى غاية 22 غشت الجاري، يأتي للوقوف على الجاهزية البدنية والتقنية للاعبين. ولهذه الغرض، وجه الناخب الوطني، نبيل باها، الدعوة إلى ثمانية وعشرين لاعبا للمشاركة في هذا التجمع الإعدادي المغلق. وفيما يلي لائحة اللاعبين الذين تم توجيه الدعوة إليهم: 1-شعيب بلعروش… أكاديمية محمد السادس لكرة القدم 2-سفيان الإدريسي… أكاديمية محمد السادس لكرة القدم 3-إلياس أوزال… أكاديمية محمد السادس لكرة القدم 4-أنس شروق… أكاديمية محمد السادس لكرة القدم 5-إلياس حيداوي… أكاديمية محمد السادس لكرة القدم 6-وليد ابن صالح… أكاديمية محمد السادس لكرة القدم 7-أدم جوط… أكاديمية محمد السادس لكرة القدم 8-يونس البياضي… نهضة بركان 9-عبد الغفور غوراري… نهضة بركان 10-ياسر الحفري… نهضة بركان 11-بلال سقراط… نهضة بركان 12-أيمن طهري… نهضة بركان 13-سفيان كلول… نهضة بركان 14-هشام أزروال… الوداد الرياضي 15-محمد منصف… الوداد الرياضي 16-محمد رضا بلحمر… الوداد الرياضي 17-عبد السلام أنان… الوداد الرياضي 18-زكرياء أعماري… الفتح الرياضي 19-حمزة بوهادي… الفتح الرياضي 20-أحمد موهوب… الفتح الرياضي 21-عبد العالي الداودي… الفتح الرياضي 22-يحيى إيغيز… الرجاء الرياضي 23-أنس بن عمر… الرجاء الرياضي 24-نزار بوطيبي… الرجاء الرياضي 25-وليد لغريسي… المغرب الفاسي 26-صبري بارع… المغرب التطواني 27-إدريس أيت الشيخ… مركز شيبو 28-يحيى الرمود… الجيش الملكي


ناظور سيتي
منذ 20 ساعات
- ناظور سيتي
الهلال الرياضي النسوي يعلن الحصيلة ويطلق نداء استغاثة للمؤسسات الاقتصادية
المزيد من الأخبار الهلال الرياضي النسوي يعلن الحصيلة ويطلق نداء استغاثة للمؤسسات الاقتصادية ناظورسيتي: محمد العبوسي في أجواء مشحونة بالتحديات والطموحات، عقد نادي الهلال الرياضي الناظوري لكرة القدم النسوية، مساء السبت 2 غشت 2025، جمعه العام العادي، بحضور مكثف ضم مكونات المكتب المديري، المنخرطين، ممثلي العصبة الوطنية لكرة القدم النسوية وعصبة الشرق، إلى جانب شخصيات رياضية وجمعوية، إضافة إلى دعم ملحوظ من أبناء الجالية المغربية بالخارج. الافتتاح كان له طابع رمزي خاص، حيث استهل الجمع بالاستماع للنشيد الوطني المغربي، تزامنا مع احتفالات المملكة بعيد العرش المجيد في ذكراه السادسة والعشرين. بعدها، ألقى طارق هرواش، رئيس النادي، كلمة افتتاحية وجّه من خلالها شكره لكل من ساند الفريق في مسيرته المتواصلة وسط إكراهات مادية متزايدة. طارق هرواش لم يخف مخاوفه من أن تظل تضحيات المكتب المديري هي الصمام الوحيد لبقاء الفريق ضمن صفوة كرة القدم النسوية، مؤكدا أن استمرار هذا الوضع قد يهدد مسار الفريق ما لم تتدخل المؤسسات البنكية والاقتصادية والسلطات الوصية لدعم النادي بميزانيات قادرة على تثبيت موقعه. الجمع لم يخل من لحظات وفاء وتقدير، حيث تم تكريم عدد من أبناء الجالية المغربية عرفانا بمساهماتهم في دعم الهلال الناظوري، كما حظي اللاعب السابق نور الدين هرواش بتكريم خاص تقديرا لمسيرته الرياضية الحافلة. وفي ختام الجمع، وجه رئيس النادي نداءً مفتوحا لكل الفاعلين المحليين والوطنيين من أجل الانخراط في المشروع الرياضي للنادي، معتبرا أن الهلال النسوي لم يعد فقط فريق مدينة، بل أصبح واجهة رياضية تُمثّل طموحات منطقة بأكملها. واختتمت أشغال الجمع بتلاوة برقية ولاء وإخلاص مرفوعة إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله. الجمع مر سريعا إلى جدول أعماله، حيث تم عرض التقريرين الأدبي والمالي أمام الحضور. وبالرغم من محدودية الموارد، تمّت المصادقة عليهما بالإجماع، نظرا لما حققه الفريق من أداء لافت في البطولة الاحترافية. غير أن ذلك لم يمنع رئيس النادي من التعبير عن قلقه الشديد بشأن مستقبل الفريق، في ظل غياب دعم مالي يوازي حجم الطموحات والمستوى الذي بات ينافس فيه الفريق على الصعيد الوطني.طارق هرواش لم يخف مخاوفه من أن تظل تضحيات المكتب المديري هي الصمام الوحيد لبقاء الفريق ضمن صفوة كرة القدم النسوية، مؤكدا أن استمرار هذا الوضع قد يهدد مسار الفريق ما لم تتدخل المؤسسات البنكية والاقتصادية والسلطات الوصية لدعم النادي بميزانيات قادرة على تثبيت موقعه.الجمع لم يخل من لحظات وفاء وتقدير، حيث تم تكريم عدد من أبناء الجالية المغربية عرفانا بمساهماتهم في دعم الهلال الناظوري، كما حظي اللاعب السابق نور الدين هرواش بتكريم خاص تقديرا لمسيرته الرياضية الحافلة.وفي ختام الجمع، وجه رئيس النادي نداءً مفتوحا لكل الفاعلين المحليين والوطنيين من أجل الانخراط في المشروع الرياضي للنادي، معتبرا أن الهلال النسوي لم يعد فقط فريق مدينة، بل أصبح واجهة رياضية تُمثّل طموحات منطقة بأكملها. واختتمت أشغال الجمع بتلاوة برقية ولاء وإخلاص مرفوعة إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله.


الألباب
منذ يوم واحد
- الألباب
مقاطعة أنفا تحتفل بعيد العرش بفعاليات رياضية كبرى تحت شعار 'نهضة رياضية برؤية وطنية'
الألباب المغربية/ ع. ب في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى السادسة والعشرين لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده على عرش أسلافه المنعمين، نظمت مقاطعة أنفا سلسلة من الأنشطة المتنوعة التي جمعت بين الطابع الرياضي والثقافي والاجتماعي، في تعبير حي عن روح الوفاء والولاء للعرش العلوي المجيد. وبالمناسبة، احتضنت القاعة المغطاة محمد امجيد ببوركون، يوم الجمعة فاتح غشت 2025، فعاليات الملتقى الرياضي الرابع تحت شعار: 'نهضة رياضية برؤية وطنية'. حيث شكل الملتقى مناسبة لتكريم الفرق المتوجة في نهائيات الدوري الرمضاني الذي شمل عدة رياضات، حيث تم توزيع الجوائز والميداليات على الفرق الفائزة، في أجواء احتفالية زرعت الفرح في قلوب الأطفال والشباب المشاركين واستقطبت جمهورا غفيرا من عشاق الرياضة. كما كان للأطفال المنتمين للجمعيات حيز كبير من هذه التظاهرة، حيث شاركوا في الاستعراضات والعروض المصاحبة، بحضور أولياء أمورهم الذين واكبوا هذا الحدث الرياضي والاجتماعي بكل فخر واعتزاز. وجسد الملتقى جو يسوده الاعتزاز والانتماء، مجسدًا المعاني السامية لعيد العرش المجيد، ومعززًا لروح المواطنة والعمل المشترك من أجل نهضة رياضية حقيقية في خدمة الأجيال الصاعدة. واختتمت سلسلة الأنشطة بسهرة فنية حاشدة احتضنها المركب الثقافي أنفا، عرف حضور جماهيري كبير من مختلف أحياء المقاطعة. وأحيى السهرة عدد من الفنانين البارزين، من بينهم حميد المرضي وعبيدات الرمى الصداقة.