logo
مباحثات أميركية بريطانية بشأن السيطرة على جزر "تشاجوس" بالمحيط الهندي

مباحثات أميركية بريطانية بشأن السيطرة على جزر "تشاجوس" بالمحيط الهندي

الشرق السعودية٠٥-٠٢-٢٠٢٥

يناقش مستشار الأمن القومي البريطاني، جوناثان باول، مع نظيره الأميركي، مايك والتز، هذا الأسبوع، المصادقة على صفقة لتسليم جزر تشاجوس إلى موريشيوس مع الاحتفاظ بسيطرة الولايات المتحدة وبريطانيا على قاعدة عسكرية "سرية" في دييجو جارسيا، أكبر جزر الأرخبيل في المحيط الهندي، بموجب عقد إيجار مدته 99 عاماً، حسبما نقلت صحيفة "فاينانشيال تايمز".
ورغم أن الحكومة البريطانية والإدارة الموريشيوسية المنتخبة مؤخراً، وضعتا الاتفاق، فقد أبدت الولايات المتحدة اهتماماً وثيقاً بهذه القاعدة العسكرية المشتركة التي تقع على أكبر جزيرة مرجانية في الأرخبيل.
وأطلعت بريطانيا فريق الرئيس دونالد ترمب على الاتفاق، إذ قال أحد الأشخاص المطلعين على المحادثات، إن لندن "كانت تأمل أن يكون لدى الوكالات الأميركية ذات الصلة الوقت لمناقشة الصفقة قبل أن يلتقي باول مع والتز، لكن لم يكن من الواضح ما إذا كان النقاش بين الوكالات سيحدث في الوقت المناسب"، وفق الصحيفة.
وناقش وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، ونظيره البريطاني، ديفيد لامي، الاقتراح بإيجاز خلال مكالمتهما الهاتفية الأولى الأسبوع الماضي، والتي حذر خلالها روبيو من "التأثير الخبيث" للصين، ومن المقرر أن يخوضا في مزيد من التفاصيل عندما يلتقيان.
وكانت بريطانيا عرضت دفع نحو 90 مليون جنيه إسترليني سنوياً (112مليون دولار) لموريشيوس، مقابل عقد الإيجار الأولي لمدة 99 عاماً لجزيرة دييجو جارسيا، فيما تجنبت لندن تأكيد التسوية المالية رسمياً، وأصرت على أن التفاصيل "سرية".
موافقة موريشيوس
بدوره، أعرب رئيس وزراء موريشيوس، نافين رامجولام (77 عاماً)، عن دعمه للاتفاق الذي أعيد التفاوض عليه، الثلاثاء، في خطوة نظر إليها المسؤولون البريطانيون بشكل إيجابي.
ويتوقع المسؤولون الموريشيوسيون، أن يتم ذلك في مؤتمر ميونخ للأمن المقرر عقده الأسبوع المقبل، فيما قال مسؤولون بريطانيون، إن موريشيوس أعلنت 12 مارس المقبل، تاريخاً لـ "الاستقلال الوطني" مع إمكانية توقيع الاتفاق.
وأبلغ رامجولام، برلمان موريشيوس، بموافقة المملكة المتحدة على أن تتمتع موريشيوس بـ"السيادة الكاملة" على الجزر، وألا يتم تجديد عقد الإيجار الأولي للمملكة المتحدة لمدة 99 عاماً لدييجو جارسيا، إلا بموافقة البلدين.
وكان رامجولام رفض الاقتراح السابق الذي اتفقت عليه بريطانيا مع سلفه قبل توليه السلطة في انتخابات أجريت الخريف الماضي.
وقال إن الصفقة في عهد سلفه برافيند جوجنوث، سمحت لبريطانيا بتمديد الإيجار من جانب واحد لمدة 40 عاماً، مضيفاً أن الإيجار سيكون مدفوعاً مقدماً ومحمياً من التضخم، ما سيعززها بشكل كبير من حيث القيمة الحقيقية.
وأضاف رامجولام، أن "كلا البلدين ينتظران الآن ردود فعل الولايات المتحدة على الشروط الجديدة. الاتفاق جاهزة للتوقيع، الرئيس ترمب ليس ذئباً. ليرى ما إذا كان الاتفاق غير جيد أم لا. أنا لست في وضع يسمح لي بفرض جدول زمني عليه لإتمام الصفقة".
وتابع رامجولام، أنه "بموجب الاتفاق المنقح، سترتفع المدفوعات البريطانية إلى موريشيوس بموجب عقد الإيجار مع احتساب التضخم على فترة 99 عاماً، لتحل محل سعر ثابت سابق".
وقال: "يبدو أن شخصاً لا يعرف الرياضيات تفاوض على الصفقة السابقة (برافيند جوجنوث). سيتم تثبيت سعر صرف الدولار الأميركي لمدة 99 عاماً، أي طالب عادي في الصف الخامس أو السادس سيوافق على وجود نسب التضخم".
وشكك العديد من الأشخاص المطلعين على العملية في رواية رامجولام، قائلين إن النص البريطاني للاتفاق الأولي يشير إلى مدفوعات "مُفهرسة"، على الرغم من أنه لم يربطها بالتضخم على وجه التحديد.
ويمثل رامجولام وجوجنوث سلالتين متنافستين في السياسة الموريشيوسية، وقد اختلفا بشأن جزر تشاجوس منذ أن نالت موريشيوس استقلالها عن بريطانيا في عام 1968.
دييجو جارسيا، جزيرة نائية في المحيط الهندي، بها جنة من النباتات المورقة والشواطئ الرملية البيضاء، وتحيط بها المياه الزرقاء الصافية، لكنها ليست وجهة سياحية، إذ أنها محظورة على معظم المدنيين، لوجود قاعدة عسكرية بريطانية أميركية شديدة السرية فيها.
والجزيرة، التي تدار من لندن، هي في قلب نزاع إقليمي طويل الأمد بين بريطانيا وموريشيوس، إذ تقع دييجو جارسيا، التي تبعد حوالي 1000 ميل (1600 كيلومتر) على قوائم أكثر جزر العالم بعداً، بحسب ما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية BBC.
ولا توجد رحلات جوية تجارية إليها، كما أن الوصول إليها عن طريق البحر ليس أسهل، حيث تُمنح تصاريح القوارب فقط للجزر الخارجية للأرخبيل وللسماح بالمرور الآمن عبر المحيط الهندي.
ودييجو جارسيا تعد واحدة من حوالي 60 جزيرة تشكل أرخبيل تشاجوس أو إقليم المحيط الهندي البريطاني، آخر مستعمرةقامت المملكة المتحدة بفصلها عن موريشيوس في عام 1965، إذ تقع بين شرق إفريقيا وإندونيسيا.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بريطانيا تبدأ تأميم شركات السكك الحديدية
بريطانيا تبدأ تأميم شركات السكك الحديدية

الوئام

timeمنذ 3 ساعات

  • الوئام

بريطانيا تبدأ تأميم شركات السكك الحديدية

بدأت الحكومة البريطانية تنفيذ أولى خطواتها الحاسمة نحو إعادة تأميم قطاع السكك الحديدية، بإعادة شركة «ساوث ويسترن ريلويز» إلى الملكية العامة، في تحول تاريخي يعد الأول من نوعه منذ أكثر من ثلاثة عقود. وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة حزب العمال التي أعلنها رئيس الوزراء كير ستارمر لإصلاح منظومة النقل الوطني وتعزيز الخدمات العامة. وقالت وزيرة النقل البريطانية، هايدي ألكسندر، في بيان رسمي اليوم الأحد، إن هذا اليوم يمثل نقطة تحول مهمة في جهود الدولة لإعادة بناء قطاع السكك الحديدية، الذي عانى من 30 عاماً من التجزئة والخصخصة التي أثرت على جودة الخدمة. وأوضحت أن عملية إعادة التأميم لن تحدث بين ليلة وضحاها، لكنها بدأت بالفعل، مع التركيز على خدمة الركاب وتحسين أداء الشبكة. تعود جذور خصخصة شركات السكك الحديدية إلى منتصف التسعينيات في عهد حكومة المحافظين بقيادة جون ميجور، حيث تم فصل تشغيل القطارات عن إدارة البنية التحتية التي بقيت تحت إشراف الدولة. إلا أن ضعف أداء بعض شركات التشغيل دفع الحكومة مؤخراً لإعادة التفكير في هذا النموذج، خاصة بعد إدارة مؤقتة لأربع شركات من أصل 14 تحت الملكية العامة. وفي نوفمبر 2024، أقرت الحكومة تشريعات تسمح بإعادة تأميم مشغلي القطارات تدريجياً، إما عند انتهاء عقودهم أو في حال فشلهم في تقديم الخدمة المطلوبة، مع إنشاء هيئة جديدة تحت اسم «السكك الحديدية البريطانية العظمى» لإدارة الشبكة. وأوضحت الوزيرة أن الهدف من إعادة التأميم ليس فقط إلغاء هيمنة القطاع الخاص على أرباح السكك الحديدية، بل إعادة توجيه الخدمات لتخدم المصلحة العامة. ورغم أن التأميم ليس حلاً سحرياً، إلا أنه يمثل بداية حقيقية لمرحلة جديدة من التحديث والتطوير. وفي المقابل، استقبلت نقابات عمال السكك الحديدية الخطوة بترحيب واسع، معتبرة أن عودة القطاع إلى الملكية العامة تصحيح لمسار الخصخصة التي لم تحقق النجاح المرجو. وأكد ميك ويلان، الأمين العام لنقابة «آسلف»، أن هذه الخطوة تعيد السكك الحديدية إلى مكانها الطبيعي في خدمة المجتمع. ومن المتوقع أن تنضم شركتان إضافيتان إلى الملكية العامة بحلول نهاية عام 2025، مع انتهاء جميع عقود التشغيل الخاصة بحلول 2027، ما يُتوقع أن يوفر على الخزينة البريطانية حوالي 150 مليون جنيه إسترليني سنوياً من خلال إلغاء التعويضات المدفوعة لمشغلي القطاع الخاص. ويشار إلى أن مشغلي القطارات في كل من اسكتلندا وويلز مملوكان للدولة، حيث تُدار سياسات النقل بشكل منفصل عبر الحكومات المحلية. وعلى الرغم من هذه الخطوات الإيجابية، يواجه قطاع السكك الحديدية تحديات مستمرة، حيث تم إلغاء نحو 4% من خدمات القطارات خلال العام المنتهي في أبريل 2025، مما يعكس الحاجة الماسة إلى تحسينات مستمرة.

ماذا تعني إعادة تأميم شركة خاصة لتشغيل القطارات في بريطانيا؟
ماذا تعني إعادة تأميم شركة خاصة لتشغيل القطارات في بريطانيا؟

Independent عربية

timeمنذ 4 ساعات

  • Independent عربية

ماذا تعني إعادة تأميم شركة خاصة لتشغيل القطارات في بريطانيا؟

أصبحت شركة "ساوث ويسترن رايلويز" البريطانية اليوم الأحد أول شركة خاصة لتشغيل القطارات تعود إلى الملكية العامة، وذلك بموجب خطة حكومة حزب العمال لإعادة تأميم قطاع السكك الحديد المتردي. ومن المقرر إعادة تأميم جميع الشركات المشغلة للقطارات في بريطانيا خلال العامين المقبلين بناءً على السياسات التي أطلقها رئيس الوزراء كير ستارمر منذ عودة حزبه إلى السلطة في يوليو (تموز) الماضي بعد 14 عاماً في المعارضة. وكتب ستارمر على منصة "إكس"، "باتت (ساوث ويسترن رايلويز) خاضعة للملكية العامة. وهذه ليست إلا البداية"، وتعهد أن يعطي التأميم "الأولوية للركاب" مع "خدمات أفضل وعملية أسهل لشراء التذاكر وقطارات أكثر راحة". وقالت وزيرة النقل هايدي ألكسندر في بيان "اليوم هو لحظة فاصلة في عملنا لإعادة السكك الحديد إلى خدمة الركاب". ويعاني ركاب القطارات في بريطانيا إلغاءات متكررة للرحلات وارتفاع أسعار التذاكر وإرباكاً دائماً في شأن الخدمات التي يمكنهم الاستفادة منها. خصخصة عمليات السكك الحديد وجرت خصخصة عمليات السكك الحديد منتصف تسعينيات القرن الـ20 في عهد رئيس الوزراء المحافظ آنذاك جون ميجور، لكن شبكة السكك الحديد ظلت عامة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتخضع أربع من 14 شركة مشغلة في بريطانيا لإدارة الدولة بسبب أدائها الضعيف في السنوات الأخيرة، لكن كان يفترض أن يكون هذا حلاً موقتاً قبل العودة إلى القطاع الخاص. وفاز حزب العمال على المحافظين في انتخابات العام الماضي ليعود إلى "داونينغ ستريت" بتعهدات لإصلاح خدمات النقل في البلاد. "التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها" وأقر مشروع قانون في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 يسمح بإدخال الشركات الخاصة المشغلة للقطارات إلى الملكية العامة عندما تنتهي عقودها، أو قبل ذلك في حال سوء الإدارة، لتدار من قبل شركة "السكك الحديد البريطانية الكبرى". وقالت ألكسندر أن هذا من شأنه أن ينهي "30 عاماً من التشرذم"، لكنها حذرت من أن "التغيير لن يحدث بين عشية وضحاها". ومن المقرر إعادة شركتي تشغيل قطارات تخدمان بلدات ومدناً في شرق بريطانيا وجنوب شرقها إلى الملكية العامة أواخر عام 2025، وكذلك، من المقرر أن تنتهي جميع عقود الشركات الحالية بحلول عام 2027. وتفيد الحكومة بأن إعادة التأميم ستوفر ما يصل إلى 150 مليون جنيه استرليني (200 مليون دولار) سنوياً، إذ لن يتعين عليها دفع رسوم تعويض للشركات المشغلة للقطارات. وفي أبريل (نيسان) الماضي سمح البرلمان البريطاني للحكومة بتأميم شركة "بريطانيا للصلب" بعدما تراكمت خسارتها حتى قدرت بأكثر من 900 ألف دولار يومياً.

غاز كردستان... شراكات "منقوصة" وثروة محاطة برقابة 4 دول
غاز كردستان... شراكات "منقوصة" وثروة محاطة برقابة 4 دول

Independent عربية

timeمنذ 6 ساعات

  • Independent عربية

غاز كردستان... شراكات "منقوصة" وثروة محاطة برقابة 4 دول

في خطوة وُصفت بأنها الأضخم في تاريخ استثماراته بقطاع الطاقة وقع إقليم كردستان العراق اتفاقين بقيمة إجمالية تصل إلى 110 مليارات دولار مع شركتين أميركيتين في واشنطن لتطوير حقلين رئيسين للغاز الطبيعي في الإقليم. ومع أنها تنعش الآمال بتعزيز أمن الطاقة المحلي، لكنها تعيد وبقوة إشعال فتيل الخلاف المستعصي بين حكومتي بغداد وأربيل حول إدارة الثروات الطبيعية لتفتح الباب مجدداً أمام تساؤلات حول توقيتها وشرعيتها القانونية وجدواها الاقتصادية وما تفرزه من تداعيات جيوسياسية في ظل التجاذب القائم بين الولايات المتحدة وإيران. وشكَّل الـ19 من مايو (أيار) الجاري منعطفاً مهماً في مساعي إقليم كردستان إلى ترسيخ مكانته كلاعب في سوق الطاقة الإقليمية، ففي العاصمة الأميركية واشنطن، وتحديداً في مقر غرفة التجارة الأميركية، وضع رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني توقيعه على اتفاقين استراتيجيين مع شركتي (HKN Energy) و(Western Zagros) الأميركيتين، ويحمل اختيار مكان التوقيع دلالات سياسية واضحة تعكس رغبة أربيل في الحصول على دعم وغطاء أميركي لهذه الخطوة. ويستهدف الاتفاقان تطوير حقلين واعدين للغاز الطبيعي يقعان في منطقة كرميان التابعة لمحافظة السليمانية، وهي منطقة تخضع تقليدياً لنفوذ حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة بافل طالباني، الشريك الرئيس في حكومة أربيل التي يقودها الحزب "الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود بارزاني، وتقدر احتياطات الحقل الأول وهو حقل "كوردمير" بنحو 3.6 تريليون قدم مكعبة من الغاز، أما الحقل الثاني فهو حقل "طوبخانة" الذي يحوي ما يقدر بـ1.8 تريليون قدم مكعبة من الغاز. سجال جديد قديم تؤكد أربيل أن الهدف من الصفقة هو تعزيز وتأمين الحاجات المحلية المتزايدة، وأن نطاقها قد يتوسع مستقبلاً ليشمل مناطق أخرى من العراق، في محاولة لتصوير الصفقة على كونها ذات منفعة وطنية مشتركة، كما شددت على أنها امتداد لتفاهمات وعقود سابقة، وأن ما جرى هو مجرد "استبدال للشركات المنفذة ضمن الأطر القانونية"، وأن الشركتين المعنيتين تعملان بالفعل في الإقليم منذ سنوات. وأكدت أربيل أن هذا الحق في إدارة ثرواتها مكفول للإقليم دستورياً ككيان فيدرالي ضمن العراق الموحد، فيما عبر مسرور بارزاني عن امتعاضه مما وصفه بـ"تفسيرات خاطئة في بغداد من دون مبرر"، مؤكداً أن الخطوة تتماشى مع الحقوق الدستورية للإقليم، وأن حكومته ستستمر في تنفيذ هذه الحقوق. ولم تكد تمضي ساعات قليلة على الإعلان حتى جاء الرد سريعاً من بغداد عبر صدور بيان شديد اللهجة من وزارة النفط العراقية أعلنت فيه رفضها القاطع للخطوة، واعتبرتها مخالفة صريحة لقرارات سابقة أصدرتها المحكمة الاتحادية العليا، أعلى سلطة قضائية في البلاد، وشددت على أن أي استثمار في قطاع الطاقة يجب أن يمر حصراً عبر قنوات الحكومة الاتحادية. وجاء ذلك في ظل استمرار إخفاق الحكومتين في استئناف صادرات النفط من كركوك وحقول الإقليم المتوقفة منذ نحو عامين عبر ميناء جيهان التركي جراء الخلافات وألحقت خسائر تقدر بنحو 20 مليار دولار، عقب صدور حكم عام 2022 من المحكمة الاتحادية العراقية بعدم دستورية قانون النفط والغاز المعمول به في الإقليم، وألزم حكومة أربيل بتسليم إمداداتها إلى الحكومة الاتحادية، ليشكل الأساس القانوني الذي تستند إليه بغداد. تجاوز للصلاحيات ويثير المشهد القانوني المحيط بالاتفاقين جدلاً محموماً، ذلك أن صفة حكومة مسرور هي حكومة تصريف أعمال، وقد تأخر تشكيل الحكومة على رغم مرور سبعة أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية الكردية، ليبرز تساؤل جوهري حول مدى الصلاحيات القانونية الممنوحة لإبرام اتفاقات استراتيجية طويلة الأمد ذات قيمة مالية ضخمة. يشير خبراء قانونيون منهم رئيس منظمة "رونبين" لشفافية عمليات النفط والغاز يادكار كلالي إلى أن صلاحيات حكومة تصريف الأعمال، وفقاً للمادة 64 من الدستور العراقي، تنحصر في إدارة الشؤون اليومية للدولة ولا تمتد لتشمل اتخاذ قرارات استراتيجية أو إبرام اتفاقات تتطلب موافقة البرلمان. ويحذر كلالي من أن مثل هذه الاتفاقات قد تكون عرضة للإلغاء لاحقاً، كما أنها قد تواجه طعناً قانونياً أمام المحكمة الاتحادية، مستشهداً بحالات سابقة حدثت في عهد حكومة مصطفى الكاظمي. علاوة على ذلك يرى المحلل السياسي رواء موسى أن عقوداً بهذا الحجم تتطلب بالضرورة موافقة برلمان كردستان نفسه، حتى لو كانت الحكومة منتخبة وليست موقتة، مشيراً إلى أن "الحصول على موافقة البرلمان الكردستاني يتطلب تصويت 66 نائباً من أصل 100، وهذا لم يحدث"، مضيفاً أنه طالما لا يوجد دستور خاص بإقليم كردستان، فإنه يظل محكوماً بالدستور الاتحادي العراقي الذي يضع قيوداً على صلاحيات الإقليم في عقد اتفاقات دولية بصورة منفردة، بخاصة في قطاع استراتيجي كالطاقة". عودة على بدء هذه الشكوك والتحفظات القانونية تفتح الباب أمام احتمالات لجوء بغداد مجدداً إلى التحكيم الدولي أو المحاكم الدولية لمقاضاة الإقليم، كما حدث سابقاً في نزاعات نفطية أخرى، كما أنها قد تتحول إلى ورقة سياسية تستخدمها القوى المختلفة في بغداد لاستمالة الناخبين مع اقتراب موعد الانتخابات الاتحادية المقررة قبل نهاية العام الحالي عبر إظهار الحزم في الدفاع عن "حقوق العراق" وثرواته. ومع ذلك لا يستبعد البعض إمكان أن تغض بعض الأطراف مثل تيار رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني النظر عن هذه الإشكاليات وتتجنب التصعيد، أملاً في كسب ود ودعم القوى الكردية لضمان الفوز بولاية ثانية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لم تقتصر التساؤلات على الجوانب القانونية والسياسية، بل امتدت لتشمل الشركتين المعنيتين، فقد شككت بعض الآراء في الأهمية الفعلية لهذه الشركات وفي حجم التضخيم الإعلامي الذي رافق الإعلان عن الاتفاقين. ويشير الباحث القانوني قهرمان حسن إلى أن الاتفاق أبرم "مع شركات خاصة وليس مع الحكومة الأميركية بصورة مباشرة، مما يقلل من البعد الاستراتيجي الرسمي للصفقة"، مضيفاً أنها تثير شكوكاً حول المقار الفعلية والخبرة السابقة لهاتين الشركتين، ويلفت الانتباه إلى أن معظم شركات النفط والغاز العاملة في الإقليم تأسست تزامناً مع تطور قطاع النفط فيه، ولم يكن لكثير منها خبرة سابقة واسعة في هذا المجال قبل دخولها السوق الكردية. مراهنة محفوفة بالأخطار وتتوافق رؤية المحلل السياسي دلشاد أنور مع هذه الشكوك، إذ يرى أن القيمة المعلنة للعقدين تبدو "مبالغاً بها" بالنظر إلى حجم الحقلين المشمولين بالاتفاق، ويتساءل عن كيفية احتساب الأرباح والنفقات على مدى العقود الطويلة القادمة في ظل التقلبات المستمرة لأسعار الطاقة العالمية. ويضيف أنور أن أربيل ربما تحاول استغلال وجود مسؤول مقرب من إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في إحدى الشركتين للحصول على دعم أميركي، لكنه يحذر من خطورة "المقامرة" والمراهنة على إدارة ترمب التي لا يمكن التنبؤ بسياساتها. وتزداد الشكوك عمقاً مع الإشارة إلى تحقيق نشره مركز "ستاندر" للتحليل الاقتصادي الذي أشار إليه المتخصص الاقتصادي نبيل المرسومي، ويفيد هذا التحقيق بأن الشركتين لا تمتلكان مكاتب فعلية في الولايات المتحدة، وأن إحداهما مسجلة باسم جندي أميركي متقاعد، بينما الأخرى مسجلة بأسماء أشخاص غير معروفين، وليس لهما تأثير يذكر على دوائر صنع القرار في الحكومة الأميركية. ويذهب التحقيق إلى حد الإيحاء بأن ما جرى هو مجرد "تغطية لإضفاء الشرعية" على عمليات قد تكون أربيل هي المالك الرئيس فيها، بخاصة أن نشاط الشركتين يقتصر تقريباً على العمل داخل كردستان. رسائل واشنطن لطهران من زاوية أخرى يربط المراقبون الخطوة بالسياق الجيوسياسي الإقليمي والدولي المعقد، وبصورة خاصة عن علاقة الولايات المتحدة بكل من العراق وإيران، ويحمل الموقف الأميركي الرسمي، الذي بدا مسانداً لخطوة أربيل، في طياته رسائل سياسية موجهة إلى بغداد. وتذهب بعض القراءات إلى أن واشنطن تحاول من خلال دعمها لأربيل في ملف الطاقة، ممارسة نوع من الضغط على الحكومة العراقية لتقليل اعتمادها الكبير على الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء، حيث تعطي واشنطن العراق استثناءات متكررة من العقوبات المفروضة على طهران، مما يثير امتعاض دوائر أميركية ترى في ذلك "تقاعساً" من بغداد عن إيجاد حلول بديلة. وما يعزز هذا التوجه ما قاله وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، عندما شدد على ضرورة "ضمان الحكم الذاتي للأكراد" والسماح لهم بتأمين "شريان اقتصادي" خاص بهم، مع تأكيد أهمية احترام الشركات الأميركية العاملة في العراق واستقلالية الأكراد، وأشار إلى رفض بلاده استمرار "النفوذ الإيراني على بعض قطاعات الحكومة العراقية". ورقة لكبح بغداد هذه التصريحات فسرت على أنها تمثل تحولاً في السياسة الأميركية، أو في الأقل تكثيفاً للجهود، لمصلحة دعم الأكراد كأداة لمواجهة النفوذ الإيراني في العراق وإثناء بغداد عن الاعتماد المفرط على طهران في مجال الطاقة. وأشار الباحث قهرمان حسن إلى أن السياسة الأميركية التقليدية كانت تهدف إلى الحفاظ على إقليم كردستان ككيان فيدرالي مستقر ضمن عراق قوي وموحد، لكن يبدو أن هناك تحولاً نحو محاولة "مأسسة قطاع الطاقة" في الإقليم بهدف "قطع الأموال عن إيران"، وذلك عبر التركيز أولاً على تلبية الحاجات المحلية من الطاقة في كردستان، ثم استخدام أي فائض مستقبلي كأداة في المفاوضات مع بغداد. من ناحية أخرى يرى المحلل سردار عزيز أن هذا التحول قد يكون مرتبطاً بسياسة الرئيس الأميركي السابق ترمب التي ركزت على جذب الاستثمارات الخارجية إلى الولايات المتحدة وتشجيع الشركات الأميركية على الاستثمار في الخارج، لكنه يطرح تساؤلات حاسمة حول رد فعل بغداد المحتمل، وكيف سيكون الرد الأميركي إذا ما اعترضت بغداد بقوة، أو إذا مارست واشنطن ضغوطاً فعلية لدعم أربيل، محذراً من أنه إذا لم تتحقق هذه السيناريوهات، فقد تواجه العقود عقبات كبيرة وتتعقد العلاقة بين أربيل وبغداد بصورة أكبر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store