
مجاعة غزة والعجز الدولي
برغم المفاوضات غير المباشرة التي تستضيفها الدوحة منذ أشهر برعاية وسطاء دوليين، على رأسهم الولايات المتحدة الأميركية، يؤسفني القول إنه لا يبدو في الأفق أي حل قريب للحرب في قطاع غزة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وميليشيا «حماس».
العالم كله في وادٍ وإسرائيل وحدها في وادٍ، العدوان لم يترك حجراً على حجر، ولم يفرق بين مسجد أو كنسية، واستهدف الجميع، وبلغ جيش الاحتلال الإسرائيلي من التوحش مداه، وبات سلاح التجويع الذي يمارسه بحق مئات الآلاف من المشردين أكثر فتكاً من الرصاص.
ووفقاً للتقارير الإعلامية ووصفها لما يحدث على أرض الواقع، فإن مشاهد المأساة لا يمكن تصورها، حيث يتساقط الجياع في الشوارع مغشياً عليهم من الإنهاك، ويبحث الناس عن عشب صالح للأكل فلا يجدونه، والأطفال يموتون بسبب سوء التغذية، بحسب ما أعلن مجمّع الشفاء الطبّي منتصف الأسبوع الماضي أنّ 21 طفلاً توفّوا خلال 72 ساعة فقط «بسبب سوء التغذية والمجاعة». ما تبثه الفضائيات وما تنقله من تقارير ميدانية دفعت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى القول: إن الأهوال التي يشهدها قطاع غزة بسبب الحرب، خصوصاً على صعيد أعداد القتلى والدمار الواسع النطاق، «لا مثيل لها في التاريخ الحديث، وأن سوء التغذية يتفاقم، والمجاعة تقرع كل الأبواب».
وقال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني إن غزة «أصبحت جحيماً على الأرض ولا يوجد فيها مكان آمن»، مضيفاً: «نحن أمام كارثة غير مسبوقة»، وهو ما أكَّده أيضاً بطريرك القدس للاتين بييرباتيستا بيتسابالا، في أعقاب عودته من غزة، حيث قال: إن الوضع الإنساني في القطاع الذي يعاني سكانه نقصاً حاداً في الغذاء «غير مقبول أخلاقياً». لا أرغب في الاسترسال ونقل المزيد من التفاصيل الموثقة لمنظمات أخرى لها مصداقيتها مثل المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان الذي يرى أنه «يتم استدراج المدنيين إلى مراكز المساعدات الإنسانية لإعدامهم، ما يشكل نمطاً وحشياً من أشكال الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل».
إزاء هذا الوضع المأساوي، حذّرت أكثر من مئة منظمة غير حكومية دولية في بيان لها من خطر تفشّي «مجاعة جماعية» في غزة، في الوقت الذي اتهمت فيه المفوضية العليا للأمم المتحدة لحقوق الإنسان الجيش الإسرائيلي بقتل أكثر من ألف شخص عند نقاط توزيع المساعدات منذ نهاية مايو.
وأعلن العديد من زعماء العالم رفضهم القاطع لهذه الانتهاكات التي يندى لها جبين الإنسانية، من بين هؤلاء ملك بلجيكا الأمير فيليب الذي اعتبر ما يجري في قطاع غزة «عاراً على الإنسانية»، مضيفاً: أنه لعقودٍ طويلة، كان القانون الدولي يمثل أساساً موثوقاً تعتمد عليه الدول، أما اليوم، فقد أصبح هذا الأساس موضع تساؤل علني، وعندما يُداس القانون الدولي، تعمّ العالم الفوضى ويُفتح الباب أمام العنف.
على صعيد الموقف الإماراتي، وفي خطوة هدفها دعم الأشقاء في مواجهة الحصار والتجويع، تتحرك الإمارات بدوافعها الإنسانية لتسير قوافل الغذاء والدواء نحو الملايين المشردين في الخيام بعد أن نزحوا عن ديارهم المدمرة، عبر إرسال «سفينة خليفة» للمساعدات الإنسانية، ضمن عملية «الفارس الشهم 3» إلى قطاع غزة، وهي أكبر سفينة مساعدات إنسانية ترسلها دولة الإمارات حتى الآن، حيث تبلغ حمولتها الإجمالية 7166 طناً من المساعدات الغذائية والطبية والإغاثية المتنوعة، ليصل إجمالي المساعدات التي تم إرسالها إلى القطاع 77266 طناً.
كما أدانت الإمارات و9 دول أخرى، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، مصادقة الكنيست الإسرائيلي على إعلان فرض «السيادة الإسرائيلية» على الضفة الغربية، في قرار خارق للقانون الدولي، وانتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن التي تؤكد جميعها بطلان الإجراءات التي تهدف إلى شرعنة الاحتلال، والأكثر من ذلك أنه ينسف عملياً حل الدولتين، ويجهض الحلم المشروع للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة على أرضه.
إنه من دواعي الأسف الشديد أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، طوال ما يقارب عامين، يتحدى إرادة المجتمع الدولي ويضع المنطقة برمتها على برميل من البارود. وما يحدث في الأراضي المحتلة أصبح فوق الاحتمال، ولم يعد أمام المجتمع الدولي من سبيل سوى سرعة اتخاذ القرارات والخطوات العملية أمام التعنت الإسرائيلي الذي يتعمد إطالة أمد الأزمة ويقوض كافة جهود السلام الإقليمية والدولية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- العين الإخبارية
لليوم الخامس على التوالي.. الإمارات تنفذ الإسقاط الجوي رقم 58 في غزة
واصلت دولة الإمارات، لليوم الخامس على التوالي، تنفيذ عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات الإنسانية فوق قطاع غزة. يأتي ذلك ضمن عملية "طيور الخير" بالتنسيق مع المملكة الأردنية الهاشمية٫ الهادفة إلى إيصال الدعم الإغاثي العاجل إلى المناطق المتضررة والتي يصعب الوصول إليها براً. وشهد اليوم تنفيذ عملية الإسقاط الجوي رقم 58، ضمن عملية "الفارس الشهم 3"، والتي تؤكد التزام دولة الإمارات الثابت بدعم الشعب الفلسطيني، والتخفيف من حدة الظروف الإنسانية الصعبة في القطاع، في ظل التحديات الأمنية المستمرة. وبذلك، ارتفع إجمالي المساعدات التي تم إسقاطها منذ بدء المبادرة إلى أكثر من 3787 طن من المواد الغذائية والإغاثية، عبر 197 طائرة، ما يعكس استمرارية الجهد الإنساني الإماراتي للوصول إلى الفئات الأكثر تضرراً. بالتزامن مع ذلك، دخلت اليوم إلى قطاع غزة 41 شاحنة مساعدات إماراتية عبر مختلف المعابر البرية، من ضمنها 12 شاحنة محمّلة بالمواد الطبية المقدّمة إلى منظمة الصحة العالمية، وشاحنات محمّلة بالمواد الغذائية الأساسية، في إطار تعزيز الاستجابة الإنسانية المتكاملة ودعم القطاعين الصحي والغذائي في غزة. وأكدت دولة الإمارات التزامها بمواصلة تقديم الدعم العاجل، والعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، بما يجسّد نهجها الإنساني الراسخ ودورها الريادي في دعم الشعوب المتضررة حول العالم. aXA6IDgyLjI0LjIxOC4yNDQg جزيرة ام اند امز FI


الاتحاد
منذ ساعة واحدة
- الاتحاد
الإمارات تنفذ عملية الإنزال الجوي الـ58 للمساعدات وتُدخل 41 شاحنة جديدة إلى غزة
واصلت دولة الإمارات، لليوم الخامس على التوالي، تنفيذ عمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية فوق قطاع غزة، بالتنسيق مع المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، وذلك ضمن عملية «طيور الخير»، الهادفة إلى إيصال الدعم الإغاثي العاجل إلى المناطق المتضررة والتي يصعب الوصول إليها براً. وشهد اليوم تنفيذ عملية الإنزال الجوي الـ 58، ضمن عملية «الفارس الشهم 3»، والتي تؤكد التزام دولة الإمارات الثابت بدعم الأشقاء الفلسطينيين، والتخفيف من حدة الظروف الإنسانية الصعبة في القطاع، في ظل التحديات الأمنية المستمرة. بذلك، ارتفع إجمالي المساعدات التي تم إنزالها جواً، منذ بدء المبادرة، إلى أكثر من 3787 طناً من المواد الغذائية والإغاثية، عبر 197 طائرة، ما يعكس استمرارية الجهد الإنساني الإماراتي للوصول إلى الفئات الأكثر تضرراً. بالتزامن مع ذلك، دخلت اليوم إلى قطاع غزة 41 شاحنة مساعدات إماراتية عبر مختلف المعابر البرية، من ضمنها 12 شاحنة محمّلة بالمواد الطبية المقدّمة إلى منظمة الصحة العالمية، وشاحنات محمّلة بالمواد الغذائية الأساسية، في إطار تعزيز الاستجابة الإنسانية المتكاملة ودعم القطاعين الصحي والغذائي في غزة. وتواصل دولة الإمارات تقديم الدعم العاجل، والعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، بما يجسّد نهجها الإنساني الراسخ ودورها الريادي في دعم الشعوب المتضررة حول العالم.


البوابة
منذ 2 ساعات
- البوابة
كندا تعلن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين سبتمبر المقبل
أعلن رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، الأربعاء، أن كندا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين رسميًا خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة في سبتمبر المقبل، في خطوة وصفها بأنها ضرورية للحفاظ على حل الدولتين وتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط. وقال كارني في بيان صدر من أوتاوا إن كندا ظلت ملتزمة لعقود بحل الدولتين، لكن هذا النهج 'لم يعد قابلاً للاستمرار' في ظل تدهور فرص تحقيقه بشكل خطير، مشيرًا إلى تصاعد الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية، واستمرار عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، إضافة إلى الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة. وأوضح كارني أن قرار كندا يستند إلى التزامات السلطة الفلسطينية بتنفيذ إصلاحات جوهرية، بينها إصلاح نظام الحكم وإجراء انتخابات عامة في 2026 'لا يمكن لحماس أن تشارك فيها'، إلى جانب نزع سلاح الدولة الفلسطينية المستقبلية. وأكد رئيس الوزراء الكندي أن بلاده ستكثف دعمها للسلطة الفلسطينية عبر تعزيز الحكم الديمقراطي والمستقر، لافتًا إلى أن كندا خصصت بالفعل أكثر من 340 مليون دولار كمساعدات إنسانية لمعالجة الأوضاع الإنسانية المتدهورة في غزة، بينها 30 مليون دولار كمخصصات جديدة لدعم المدنيين الفلسطينيين و10 ملايين دولار لتعزيز الاستقرار في الضفة الغربية. وشدد كارني على أن كندا ستواصل دعمها الثابت لحق إسرائيل في الأمن والسلام، مؤكدًا أن قيام دولة فلسطينية مستقرة وقابلة للحياة 'يمثل المسار الوحيد لتحقيق سلام دائم في المنطقة'. كما دعا حركة حماس إلى الإفراج الفوري عن جميع الرهائن الذين اختطفتهم خلال هجوم 7 أكتوبر 2023، ونزع سلاحها بالكامل. واختتم كارني بيانه بالتأكيد على أن كندا ستعمل مع شركائها الدوليين على وضع 'خطة سلام ذات مصداقية' تحدد الترتيبات الأمنية والسياسية اللازمة، وتضمن إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة بالقدر المطلوب.