
مسرور بارزاني مهندس الأزمات – دور رئيس حكومة إقليم كردستان العراق في خلق الأزمات مع بغداد
يُعتبر مسرور بارزاني، رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، شخصية محورية في العلاقات المعقدة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية في بغداد. لكنها باتفاق الجميع محورية من السلبي فمنذ توليه منصب رئيس الوزراء في إقليم كردستان عام 2019، ارتبطت سياساته الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى تعاملاته الدبلوماسية، بتفاقم الخلافات مع الحكومة المركزية.
كيف إسهمت سياسات بارزاني الابن في خلق أزمات مع بغداد، على صعيد الجوانب الاقتصادية والمالية والدبلوماسية التي تتعارض في غالبيتها مع الدستور العراقي وتثير استياء الحكومة الاتحادية.
الصراع حول النفط والموازنة
تُعد إدارة الموارد النفطية واحدة من أبرز نقاط الخلاف بين إقليم كردستان وبغداد، حيث اتّبعت حكومة إقليم كردستان تحت قيادة مسرور بارزاني سياسات اقتصادية أثارت جدلاً دستورياً.
إبرام عقود نفطية مستقلة: منذ عام 2007، أقرّ إقليم كردستان قانون الموارد الطبيعية الخاص به، وبدأ في إبرام عقود نفطية مع شركات دولية دون موافقة الحكومة الاتحادية.
هذه الخطوة اعتبرتها بغداد (بمختلف الحكومات التي تولت إدارة البلاد) غير دستورية، استناداً إلى المادة 130 من الدستور العراقي التي تحصر صلاحيات تطوير الحقول النفطية وتسويقها بوزارة النفط الاتحادية، لكن مسرور بارزاني واصل هذه السياسة، حيث وقّع في الآونة الأخيرة عقوداً مع شركات أمريكية (بالشكل فقط لكنها كردية التبعية ) بقيمة 110 ملايين دولار، مما أثار استياء بغداد التي رأت في ذلك تحدياً مباشراً لسلطتها.
عدم تسليم إيرادات النفط: على الرغم من الاتفاقيات التي تُلزم إقليم كردستان بتسليم إيرادات النفط إلى الحكومة الاتحادية مقابل حصة من الموازنة الوطنية، إلا أن الإقليم فشل في الالتزام بهذا الشرط.
بيان صادر عن وزارة المالية العراقية أكد أن إقليم كردستان لم يسلم إيرادات النفط والضرائب والجمارك، مما دفع الحكومة الاتحادية إلى تبليغ حكومة بارزاني الابن بانه استنفد كامل حصة الإقليم من الموازنة الثلاثية وبالتالي انعكس هذا على تمويل رواتب موظفي الإقليم.
عدم الالتزام بالشفافية المالية: فوفقاً لوثائق وزارة المالية الاتحادية وديواني الرقابة المالية فقد بلغت الإيرادات الإيرادات النفطية وغير النفطية التي حصل عليها إقليم كردستان خلال عامي 2023 و2024 اكثر من 19 ترليون و938 مليار دينار عراقي ورغم هذا الحجم الكبير من الإيرادات، لم تُعد حكومة الإقليم إلى الحكومة الاتحادية سوى ما نسبته 3% من إجمالي تلك الإيرادات، مما يعني أن ما تبقى بحوزة حكومة إقليم كردستان يتجاوز 19 ترليون و339 مليار دينار.
هذه الأرقام كلها وحسب تصريحات الأحزاب الكردية تجري من دون أي رقابة او ادنى قدر من الشفافية فلا يعرف اين تصرف وأين توضع وباي حساب بنكي .
الاعتماد على الارتباط الدولية:
تركيا : حكومة إقليم كردستان، تحت قيادة بارزاني، عمّقت اعتمادها على تركيا كشريك تجاري رئيسي، حيث بلغ حجم التجارة بين الطرفين 2.5 مليار دولار في عام 2017. تصدير النفط عبر خط أنابيب تركيا دون موافقة بغداد أثار نزاعات قانونية، خاصة بعد قرار محكمة التحكيم الدولية في باريس عام 2023 الذي أكد أن تركيا انتهكت معاهدة مع العراق بتصدير نفط الإقليم. هذا القرار أدى إلى إغلاق خط الأنابيب، مما زاد من الأزمة الاقتصادية في الإقليم.
اللوبيات المدفوعة الثمن والنشاطات الدبلوماسية المبالغ فيها:
من خلال تأسيس وادامة لوبيات سياسية في الولايات المتحدة وعدد من الدول الاوربية الاوربية وتكثيف الزيارات الى العواصم العربية سعى مسرور بارزاني إلى تعزيز العلاقات الدولية لإقليم كردستان، لكن هذه الجهود واجهت انتقادات من بغداد بسبب تجاوزها للدستور الذي يحصر السياسة الخارجية بالحكومة الاتحادية.
بغداد اعتبرت هذه الخطوة محاولة لتدويل النزاع الداخلي، مما يتعارض مع المادة 110 من الدستور التي تجعل السياسة الخارجية من اختصاص الحكومة الاتحادية.
تكريس الصورة الدولية للإقليم: حكومة إقليم كردستان، تحت قيادة بارزاني الابن، روّجت للإقليم كـ'العراق الآخر' من خلال حملات علاقات عامة وتأسيس وسائل اعلام وتكليف اعلاميين ومحللين لتكريس أربيل كواحة للديمقراطية بالضد من ( نظام بغداد الفاشل) مما أثار استياء بغداد التي ترى في ذلك محاولة لتقويض السيادة الوطنية. هذه الجهود تمت بالتوازي مع إبرام عقود اقتصادية مستقلة مع دول أجنبية، مما زاد من التوترات.
التعارض مع الدستور العراقي
الدستور العراقي لعام 2005 يحدد نظاماً اتحادياً يمنح إقليم كردستان درجة كبيرة من الحكم الذاتي، لكنه يحصر صلاحيات معينة بالحكومة الاتحادية. سياسات بارزاني أثارت اتهامات بتجاوز هذه الحدود:
المادة 130: تؤكد هذه المادة أن إدارة الموارد النفطية تتم بالتنسيق بين الحكومة الاتحادية والأقاليم. إبرام عقود نفطية مستقلة من قبل إقليم كردستان يُعتبر انتهاكاً لهذا النص.
المادة 110: تحصر السياسة الخارجية بالحكومة الاتحادية. الاجتماعات الدبلوماسية المستقلة التي يجريها بارزاني تُعدّ تجاوزاً لهذا النص.
المادة 114 و115: تنصان على إدارة الجمارك بالتنسيق مع الإقليم، مع إعطاء الأفضلية للأقاليم في الصلاحيات غير الحصرية. لكن عدم تسليم الإقليم لإيرادات الجمارك والضرائب أدى إلى اتهامات بانتهاك الدستور.
ردود فعل بغداد وتداعيات الأزمات
ردّت الحكومة الاتحادية في بغداد على سياسات بارزاني بإجراءات صارمة:
ابلاغ حكومة بارزاني الابن في ايار 2025، انها لن تتمكن من تمويل رواتب موظفي إقليم كردستان بسبب عدم التزام الإقليم بتسليم إيرادات النفط والضرائب، وعدم توطين رواتب الموظفين.
الدعاوى القضائية: رفعت وزارة النفط العراقية دعوى قضائية ضد حكومة إقليم كردستان بسبب عقودها النفطية المستقلة مع شركات أمريكية، معتبرة إياها خرقاً للدستور.
سياسات مسرور بارزاني لم تؤد فقط إلى توترات مع بغداد، بل أثارت أيضاً تحديات داخلية في إقليم كردستان:
الاستياء الشعبي: سوء الإدارة الاقتصادية وتراجع إيرادات النفط أديا إلى تأخير دفع رواتب الموظفين، مما تسبب في احتجاجات واسعة في الإقليم.
الإصرار على تنفيذ مشاريع اقتصادية معينة مع استمرار الرفض الشعبي لها مثل مشروع ( حسابي) وخصصة قطاع الكهرباء
الانقسامات السياسية: الانقسامات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية والمماطلة في تشكيل الحكومة وانعقاد برلمان كردستان المنتخب.
الاحتماء خلف مظلومية موظفي الإقليم ورواتبهم ومحاولة اظهار ان المتسبب في تأخير رواتبهم هي الحكومة الاتحادية.
يُظهر دور مسرور بارزاني في إدارة إقليم كردستان نهجاً يعتمد على تعزيز الاستقلال الاقتصادي والسياسي للإقليم، لكنه يتسبب في أزمات متكررة مع بغداد نتيجة التجاوزات الدستورية. سياساته النفطية المستقلة، عدم الالتزام بتسليم الإيرادات، والنشاطات الدبلوماسية المستقلة أدت إلى تصعيد التوترات، مما أثر سلباً على الاقتصاد الكردي والعلاقات مع الحكومة الاتحادية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اذاعة طهران العربية
منذ ساعة واحدة
- اذاعة طهران العربية
نمو صادرات خوزستان بنسبة 24% خلال شهرين
وأوضح بهروز قره بيكي، مدير جمارك المحافظة، أن الكمية المصدرة من البضائع بلغت 4 ملايين و615 ألف طن، بزيادة قدرها 11% عن نفس الفترة من العام الماضي. كما أشار إلى أن حجم الواردات من جمارك المحافظة خلال الشهرين الماضيين بلغ 3 ملايين و385 ألف طن، بقيمة مليار و92 مليون دولار، مما يعكس زيادة بنسبة 37% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، ولكن مع انخفاض قدره 16% في الكمية. وفيما يتعلق بالصادرات إلى العراق، أفاد قره بيكي بأن الكمية المصدرة بلغت مليون و642 ألف طن بقيمة 380 مليون و296 ألف دولار، مع تسجيل انخفاض بنسبة 7% في القيمة وزيادة بنسبة 3% في الوزن مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وأضاف أن جمارك خوزستان أصدرت خلال الشهرين الماضيين 56 بيان كارنيه تير (بيانات التجارة الدولية) بوزن 834 طنًا، مما يمثل زيادة بنسبة 24% في العدد و33% في القيمة مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وتستهدف صادرات خوزستان بشكل رئيسي دول العراق والصين والإمارات العربية المتحدة وتركيا وسلطنة عمان والهند وأفغانستان والكويت وغانا، حيث تشمل السلع الأكثر تصديراً الغاز الطبيعي والبروبان والبولي إيثيلين والبنتان وسبائك الصلب والغاز المسال وحديد التسليح والكودايوريا والهيدروكربونات والرافينات.


الأنباء العراقية
منذ ساعة واحدة
- الأنباء العراقية
النجف الأشرف.. تشكل لجنة تحقيقية بمشاريع كاميرات المراقبة في المحافظة
النجف الاشرف – واع - حيدر فرمان أعلنت محافظة النجف الاشرف، اليوم الاثنين، عن تشكيل لجنة تحقيقية على مشاريع كاميرات المراقبة غير الكفوءة بالمحافظة، فيما اشارت الى ان أكثر من 400 كاميرا مراقبة معطلة. وقال رئيس مجلس محافظة النجف الأشرف حسين العيساوي، لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "مجلس المحافظة، وبناءً على دوره الرقابي، شكّل لجنة تحقيقية برئاسة رئيس اللجنة الأمنية وممثل عن قيادة الشرطة وهيئة الإعمار للتحقيق في الإخفاقات التي حدثت في المشروعين الأول والثاني للكاميرات ". واضاف، أن "عدد الكاميرات التي جهزت بها محافظة النجف الاشرف في وقت سابق بلغ أكثر من 770 كاميرا"، موضحا أن "أكثر من 400 كاميرا معطلة وغير كفوءة". واشار العيساوي الى أن "مجلس المحافظة حريص على أن تكون الكاميرات لها دور فعّال في حفظ الأمن في النجف الأشرف، أسوة بباقي المحافظات"، لافتا الى أن "المحافظة تفتقد الى مشروع الكاميرات التي تعمل بشكل جيد ". وذكر العيساوي، أن "جميع الكاميرات في المشروعين الأول والثاني غير كفوءة كونها غير قادرة على تصوير رقم العجلة والوجه"، مشيراً إلى "وجود مشروع ثالث للكاميرات في طور الإعلان بقيمة 5 مليارات ونصف المليار دينار من قبل هيئة الاعمار ليكون مجموع ما تم صرفه أكثر من 14 مليار دينار".


الأنباء العراقية
منذ ساعة واحدة
- الأنباء العراقية
البنك المركزي: السيولة متوفرة واحتياطياتنا تتجاوز 100 مليار دولار
بغداد ـ واع – وسام الملا أكد البنك المركزي، اليوم الاثنين، ان السيولة متوفرة بالكامل، فيما اشار الى ان الاحتياطات تجاوزت 100 مليار دولار. وقال مدير عام دائرة الاستثمارات في البنك محمد يونس، لوكالة الأنباء العراقية (واع): إن "السيولة متوفرة بالكامل، سواء بالدينار العراقي أو الدولار الأمريكي، ولا توجد أي شحة في هذا الجانب"، مشيراً إلى أن "احتياطيات البنك المركزي تجاوزت 100 مليار دولار، بالإضافة إلى امتلاك العراق احتياطياً كبيراً من الذهب يفوق 163 طناً". وأضاف يونس أن "البنك المركزي ليس جهة استثمارية، بل يُعنى بإدارة احتياطيات النقد الأجنبي في العراق"، مبيناً أن "الهدف من هذه الاحتياطيات ليس تحقيق الأرباح، بل ضمان تحقيق عوائد معقولة". وتابع أن "الاحتياطي يُدار وفق سياسات مدروسة تستند إلى معايير أمان عالية، ويُستثمر في أدوات مالية آمنة تحقق عوائد مقبولة"، مؤكداً أن "العراق يسير في مسار اقتصادي جيد".