logo
"معاوية"

"معاوية"

الغد١٠-٠٣-٢٠٢٥

في كل عام، يشهد شهر رمضان المبارك إنتاجات درامية ضخمة تتناول قضايا اجتماعية وتاريخية ودينية، ومن بين هذه الأعمال، يبرز هذا العام مسلسل 'معاوية' كواحد من أكثر المسلسلات إثارة للجدل، ليس فقط بسبب تناوله لشخصية تاريخية محورية في التاريخ الإسلامي؛ بل أيضًا بسبب الإسقاطات السياسية التي يعكسها في ظل حالة الاستقطاب الطائفي التي يعيشها العالم الإسلامي اليوم.
اضافة اعلان
يتناول المسلسل شخصية معاوية بن أبي سفيان، أحد أبرز الشخصيات في التاريخ الإسلامي، ومؤسّس الفرع السفياني من الدولة الأموية. وتبدأ أحداث المسلسل مع الفتنة الكبرى التي أعقبت مقتل الخليفة عثمان بن عفان، والصراع الذي نشأ بين علي ومعاوية، والذي انتهت جولته بتنازل الحسن وقيام دولة بني أُميّة. هذه الفترة التاريخية تُعد من أكثر الفترات حساسية في التاريخ الإسلامي؛ حيث انقسم المسلمون إلى فرق ومذاهب، وبدأت بذور الانقسام الطائفي الذي ما زال يلقي بظلاله على العالم الإسلامي حتى اليوم. فبينما يُنظَر إلى معاوية في بعض الأوساط السنية كرمز للدهاء السياسي، والحكمة، فإنه يُنتقد بشدة في أوساط أخرى بسبب خروجه على خليفة عصره علي بن أبي طالب؛ وبالتالي فإن تقديم شخصية معاوية في المسلسل قد يُفسَّر على أنه محاولة لتبني وجهة نظر مُعيَّنة، أو الانحياز إلى رواية تاريخية محددة.
لا يمكن فصل أي عمل درامي يتناول التاريخ الإسلامي عن الواقع السياسي والاجتماعي الذي يُعرَض فيه، فمسلسل 'معاوية' يأتي في وقت يشهد فيه العالم الإسلامي انقسامات طائفية حادة بين طوائف المسلمين من سنة وشيعة وإباضية، وتمثل شخصيات القرن الهجري الأول والموقف منها أهم ملامح الخلاف الطائفي وبالتالي السياسي.
ومنذ الإعلان عن إنتاج المسلسل؛ ثار جدل محموم على منصات التواصل الاجتماعي وفي الأوساط الثقافية والدينية، فهناك من يرى أن العمل يساهم في تسليط الضوء على فترة تاريخية مُهمّة، ويمثل مقاربة لفهم جذور الانقسام الإسلامي؛ بينما يعتبره آخرون محاولة لإعادة إنتاج رواية تاريخية مدفوعة بأجندة لتذكي من الخلافات في بعض المجتمعات العربية والإسلامية، وتخدم أجندات سياسية حاضرة.
فالأوساط الشيعية، ترى في المسلسل أنه يُروِّج لرؤية مُنحازة للتَّاريخ الإسلامي، ويتجاهل الروايات الأخرى- في المصادر السُّنِّية والشيعيَّة- التي تنتقد شخص معاوية ودوره في الفتنة الكبرى.
في المقابل، يرى البعض في الأوساط السُّنية أن المسلسل يُعيد الاعتبار لشخصية مُعاوية، ويبرز دوره في تأسيس دولة عربية إسلامية قوية بعد فترة من الفوضى، ويرى آخرون أنَّ العمل لا يستحق هذا الاهتمام والجدل.
وتبرُز هنا تساؤلات حول دور الفن في تناول القضايا التاريخية الحسّاسة، وهل يمكن للفن أن يكون مُحايِدًا في تقديم رواية تاريخية، أم أنه دائِمًا ما يعكس وجهة نظر مُعيَّنة؟ وهل يُمكن للأعمال الدرامية أن تُسهم في تقريب وجهات النظر بين الطوائف الإسلامية، أم أنها في العادة تزيد من حِدة الخِلاف والانقسام؟
ويبقى هذا المسلسل عملًا دراميًّا يثير نِقاشًا طوال الشهر الفضيل- تغلب عليه العاطفة والانحياز المُسبق- حول قضايا تاريخية وسياسية معقدة وبعيدة في الزمان، وقلّ أن خلت الدراما التاريخية من تَحيُّزٍ وانتقائية، فأحداث التاريخ لم تصل في معظمها بروايات قطعية، بل اختلف الناس في أسانيدها وفي تأويل مُتونها وفي المقابلة بين مختلفها.
ولربما تمنَّيت أن يَكتب النَّص الدرامي لهذا العمل الضخم شُيوخ المؤرخين من أهل العلم والتحقيق ليستند المسلسل على أصح الرِّوايات، ويقدِّم مُساهمة في التّخفيف من غُلواء الانقسامات الطائفية والسياسية وأثقال التاريخ، ويكتب الرِّواية الأكثر إنصافا لتلك الأحداث، مِمّا يُعزّز الوحدة ويُخفِّف الانقسام؛ ولكنني أخشى أن هذا لن يقدِّم ولن يؤخِّر كثيرًا في حالة الاستقطاب الحاد، وطُغيان العاطفة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وقفة مع مسلسل معاوية
وقفة مع مسلسل معاوية

الدستور

time٢٣-٠٣-٢٠٢٥

  • الدستور

وقفة مع مسلسل معاوية

د. شفيق طه النوبانيلا شك أن لمسار التاريخ وأحداثه دورا بالغ الأهمية في تحقق الواقع في شكله القائم، بل إن من الممكن أن نقول إن الواقع محصلة لمسار التاريخ بصورة أو بأخرى، كما أن للدقة في سرد التاريخ أهمية كبيرة في تحقيق فهم أفضل للواقع، غير أن ما يبدو أهم من ذلك كله الوعي بالتاريخ، لا سيما إذا كان هذا الوعي وعيا جمعيا يسهم في تشكيل الاتجاهات والمذاهب على تنوعها واختلافها. والناظر في العمل الدرامي التلفزيوني «معاوية» الذي عرض على إحدى شاشات إم بي سي مؤخرا سيجد أن هذا العمل لا يبتعد عن مسار الوعي بالتاريخ، كما لا يبتعد عن سرد التاريخ ورواياته المتعددة في مرحلة مثلت مفترق طرق بالنسبة للمراحل التاريخية التي لحقتها.إن هذا الوعي بالتاريخ سيجعلنا نفهم ما انتقده الكثيرون من متابعي هذا العمل الدرامي، لا سيما تلك الاعتراضات التي ارتبطت بالأزياء ومواقع التصوير بما فيها من قصور لا تمثل الحقبة التاريخية التي ينقلها العمل، فوعي المرحلة يفترض أن يربط خلافة معاوية الذي استطاع أن يحقق العديد من المنجزات لصالح الخلافة العربية الإسلامية يَفترض أن معيشته كانت في قصور ضخمة لا تعوزها ملامح المدنية التي بدت من خلال الحدائق الملحقة بقصره، لا سيما أنه يقطن في دمشق التي احتكت بحضارات أخرى كانت قد بسطت سيطرتها على المنطقة قبل مجيء الإسلام. وقد كان من الطبيعي أن يبدو معاوية بصورة حاكم ذي ملابس فخمة.لا نستطيع أن نحدد بالضبط دوافع إنتاج هذا العمل الدرامي، غير أن من الطبيعي أن نحاول قراءة أي عمل فني ضمن الأدوات المتاحة من خلال المتابعة والتحقيق. والناظر في مسلسل معاوية سيحتار في هدف العمل الدرامي؛ هل كان تسويغا للمرحلة التاريخية ومواقف أعلامها البارزين بطبيعة الحال، أم كان تمجيدا لشخصية على حساب شخصية أخرى، أم سردا تاريخيا يحاول أن يتقصى أكبر درجات الدقة؟ ولعلي لا أجانب الصواب إذا قلت إن العمل جمع بين هذه الملامح جميعها.خلال متابعة العمل من أوله إلى آخره سيجد الناظر أن السرد التاريخي يغلب على مشاهده بصورة عامة، فقد أبرزت الشاشة سنة ومكان المشاهد التاريخية مرات عديدة بكتابة التاريخ في الأسفل، ولعل التحرز في تناول مرحلة الفتنة هو الذي دفع إلى ذلك على الرغم مما فيه من إضعاف للملمح الفني في إخراج العمل، إذ بدا تتبّعا تاريخيا في كثير من الأحيان، غير أن هذا السرد التاريخي لم يمنع بطبيعة الحال من افتراض العديد من المشاهد التي لا بد فيها من الدخول إلى حيوات الشخصيات اليومية، كما هو الحال مثلا في حديث معاوية مع جواريه اللواتي اقتربن منه في حياته الشخصية.هذا ما يقودنا إلى شكل إبراز شخصية معاوية، فتصوير المشاهد التي جاءت مع جاريته أثناء خلوتهما لم تكن لتخدم حشمة الشخصية في أثناء تقديمها، ولعل في هذا التقديم شيئا من نزع هذه السمة عن الشخصية على الرغم من أنه قُدم في بداية العمل على أنه من كتبة الوحي. ولا شك أننا هنا لا نسعى إلى القيام بدور الرقابة على العمل الفني، لكننا نحاول أن نبرز الصورة التي قدمها المسلسل للشخصية. والحقيقة أن مثل هذه المشاهد لا تنفصل عن المعطى التسويغي في هذا العمل، فقد بدا معاوية في مراحل حياته الأولى شخصية عصبية بعض الشيء، إذ دخل على مجلس علي بن أبي طالب أثناء ولاية عثمان بن عفان، وحمّل عليا ومن معه مسؤولية أي مكروه يصيب عثمان بعد ذهابه إلى دمشق موافقا قول علي بأن كلامه تهديد له ولمن في مجلسه، وإذا كان في ذلك شيء من نزع سمة الاتزان في شخصية معاوية، فإنه ينطوي على قدر من نزع سمة أقرب إلى القدسية في شخصية علي. وهو بلا شك مما لا يتلاءم مع تقديم شخصية منسجمة من أول العمل إلى آخره. هل أراد مقدمو العمل أن يبرزوا حدة الموقف وعصبية الشخصية حتى يسوغوا مسلكها فيما بعد؟والحقيقة أن العمل لم ينجح في تمجيد شخصية معاوية حتى المشاهد الأخيرة منه، إذ بدا منافحا عن تولية ابنه يزيد الخلافة على الرغم من اعتراض العديد من ذوي المكانة في المجتمع الإسلامي في ذلك الحين. وهو يزيد الذي قُدم في المسلسل نفسه في مراحل شبابه على أنه شاب غير متزن بالصورة الكافية، إذ لم تبد رجاحة عقله في أكثر من مشهد، بل إن مشهدا رمزيا بدا واضح الدلالات أبرز ذلك في الحلقة الأخيرة على الرغم من وصوله إلى مرحلة الرشد، إذ هزمه معاوية في المبارزة قبل أن يقود الجيش المسلم بهدف فتح القسطنطينية.لا شك أننا لسنا في موضع الحكم على أي شخصية من هذه الشخصيات الإسلامية العظيمة التي قادت فتوحات كبرى، وسّعت من خلالها رقعة انتشار الثقافة الإسلامية وأسست لحضارة راقية قامت بدور عظيم على مدى التاريخ، كما أفسحت المجال للتنوع في إطار واسع للثقافة الإسلامية، غير أننا مطالبون بتقديم أعمال منسجمة في داخلها، متماسكة في طرحها، فارتباكنا الذي لا يمكننا أن نتجاوزه في تناول مرحلة الفتنة يتطلب منا جهدا أكبر في صياغة الأعمال الفنية التي تتناول هذه المرحلة، إذا كان لا بد من تناولها، فالناظر في شخصية معاوية سيلحظ هذا الارتباك في رسم الشخصية، إذ لم تبد متسقة عبر العمل كله، بل إن أدوات مقدمي العمل في تقديم الشخصيات كانت محدودة كثيرا ما تقتصر على الأزياء دون الأداء، هذا إذا ما استثنينا دور عثمان بن عفان الذي أداه باقتدار أيمن زيدان.

معاوية: المسلسل والتاريخ
معاوية: المسلسل والتاريخ

عمون

time٢٠-٠٣-٢٠٢٥

  • عمون

معاوية: المسلسل والتاريخ

اتابع كما غيري مسلسل معاوية..الذي اثار ويثير قصص وقضايا وابعاد عن شخصية القائد الكبير معاوية بن أبي سفيان..وانت تتابع المسلسل تلاحظ ان هناك أشياء ومواقف لا بد ان يقف رجال العلم والدين والسياسة عندها حتى يتبين الغث من السمين.. لكنني هنا لا بد ان اتوقف عند محطات جميلة وعظيمة للخليفة الأموي معاوية فقد قالت عنه امه هند بنت عتبه ذات يوم عندما قال لها احد الأعراب ان هذا الفتى سيسود قومه ذات يوم .. فالتفتت اليه وقالت لا خير فيه اذا كان سيسود قومه فقط.. وكان له ما كان. انه معاوية الذي اسلم قبل والديه..وكان كاتب الوحي..ودانت له الدنيا اميرا وخليفة للمسلمين فامتدت الفتوحات في عهده فهو الذي فتح قيسارية وفتح عسقلان وبنى اسطول المسلمين البحري الاول وامتد الى قبرص وهزم الروم في معركة ذات الصوراي وحطم سيادتهم على البحر الابيض المتوسط وامتد الى القسطنطينية..ومدن اخرى.. ومعاوية بن أبي سفيان باني الدولة الأموية تتفق او تختلف معه لكن لا بد انك تعرف انه داهية العرب وصاحب الحلم والعقل وهو القائل : لا اضع سيفي حيث يكفيني سوطي ولا اضع سوطي حيث يكفيني لساني .ولو ان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت اذا مدوها خليتها واذا خلوها مددتها.

MBC ترد على جدل مشهد وفاة النبي بمسلسل «معاوية»
MBC ترد على جدل مشهد وفاة النبي بمسلسل «معاوية»

خبرني

time١٩-٠٣-٢٠٢٥

  • خبرني

MBC ترد على جدل مشهد وفاة النبي بمسلسل «معاوية»

خبرني - قالت مجموعة MBC إن مسلسل "معاوية" هو عمل تاريخي يوثق واحدة من أكثر الحقب إثارة للجدل في التاريخ الإسلامي. وأكد بسام البريكان، مدير عام التواصل المؤسسي والعلاقات العامة والمسؤولية الاجتماعية في مجموعة MBC، أن صُنّاع العمل حرصوا على تقديم معالجة دقيقة وعميقة تستند إلى مختلف المصادر والروايات دون الانحياز إلى طرف دون آخر. وأوضح البريكان أن المسلسل استعرض وجهتي النظر اللتين اختلف حولهما المؤرخون فيما يخص الأحداث التي أعقبت استشهاد الخليفة عثمان بن عفان، موضحًا أن البعض رأى ضرورة تثبيت أركان الحكم أولًا ثم الأخذ بالقصاص، بينما يرى آخرون أن القصاص كان يجب أن يسبق تثبيت الحكم. وشدد على أن العمل ترك الحكم للتاريخ دون فرض رؤية أحادية على المشاهد. وعن الانتقادات التي وُجهت للمسلسل بخصوص عدم التوسع في بعض الأحداث الكبرى، أوضح البريكان أن العمل ركز بشكل أساسي على سرد الدراما الخاصة بشخصية معاوية بن أبي سفيان، وهو ما يفسر عدم الخوض الموسع في أحداث لم يكن لمعاوية دور مباشر فيها. وفيما يتعلق بمشهد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أوضح أن المسلسل لم يتجاهل هذا الحدث الجلل، بل أشار إليه باختصار بما يتناسب مع حضور معاوية في تلك المرحلة، حيث كان كاتبًا للوحي ولم يكن حينها فاعلًا في مجريات الأحداث السياسية الكبرى. العمل الذي كتبه الصحفي خالد صلاح، وتم إنتاجه بميزانية ضخمة تقدر بنحو 100 مليون دولار، جاء برعاية مجموعة قنوات MBC، وتم تصوير أغلب مشاهده في استوديوهات "كارتاغو فيلم" بمدينة الحمامات في تونس، إلى جانب مواقع أخرى مثل المهدية والمنستير والنفيضة. وعقب تأجيل دام لعامين منذ أن كان مقررًا عرضه في رمضان 2023، قررت الشركة المنتجة طرحه رسميًا ضمن السباق الرمضاني الحالي 2025، ليحظى بمتابعة واسعة واهتمام خاص من المشاهدين في الوطن العربي، خاصة أنه يقدم معالجة درامية بلغة عربية فصحى صرفة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store