تفاوت باستعداد الطلاب للامتحانات الرسمية: كرامي لم تراع ظروفنا
لكن ما تقوله كرامي من خلف مكاتب الوزارة، ينقضه طلاب الجنوب والبقاع والضاحية والشمال، وحتى طلاب المدارس الخاصة في بيروت. فمنهم من لم يُنهِ المواد الأساسية، ومنهم من درسها على عجل، ومنهم من لم يراجع الدروس كما يجب، ولا يعرف إن كان قد اكتسب المهارات المطلوبة أم اكتفى بإنهاء "البرنامج" شكلياً. هكذا، يبدو أن الامتحان هذا العام لا يختبر فقط التحصيل العلمي، بل قدرة الطلاب على النجاة من عام دراسي أقرب إلى حقل ألغام.
"نحنا تلاميذ الخاص هيك، الله يعين الرسمي"
في بيروت، تنقسم صورة الواقع التربوي: طلاب أنهوا المنهج "نظريًا" وفق ما تقتضيه التقارير الرسمية، وآخرون يلهثون في اللحظات الأخيرة لاستدراك ما فاتهم، وسط شعور عام بأن الاستعدادات تجري على عجل، ومن دون عمق كافٍ.
غابريال لبّس، الطالب في ثانوية جبران غسان تويني، يلخّص المشهد لـ"المدن" بقوله: "الاستعدادات جيدة من حيث الشكل، لكن الواقع مختلف تماماً. الدروس ضُغطت بطريقة غير طبيعية. مواد تحتاج إلى شهر من الشرح والتحليل، أنهيناها بأسبوع واحد. ركّزنا بشكل أساسي على المواد العلمية، فيما تمّ تهميش المواد التي تعتمد على الحفظ والفهم. صحيح أننا أنجزنا البرنامج، لكن ذلك حصل عن طريق التكثيف والحشو. ما جعلنا نصل إلى الامتحانات ونحن منهكون ذهنياً وغير واثقين من مدى إتقاننا للمضمون".
أما إليانور فريج، من مدرسة لور مغيزل، فتؤكد أن الدروس لم تُستكمل كما يجب. وتقول: "العديد من الدروس لم تُشرح بالكامل، خصوصاً في مادة الرياضيات، حيث لم يتمكن أستاذ المادة من تغطية بعض المحاور الأساسية".
وتأتي شهادة رين جمعة، من مدرسة العاملية، لتُظهر حجم الإرباك والضغط المتراكم على الطلاب. تقول بغصّة: "عشنا عاماً دراسياً خانقاً من بدايته حتى نهايته. ألغوا حصص الفراغ، وأضيفت إلينا حصص مكثّفة فقط لنتمكن من إنهاء البرنامج بأي ثمن. ورغم كل ذلك، ما زلنا غير مستعدين. وإن كنّا نحن، طلاب المدارس الخاصة، نعاني بهذا الشكل، فكيف هو حال طلاب الثانويات الرسمية؟"، تسأل. وتتهم الوزارة بأنها "زادت علينا الدروس، بدل أن تأخذ في الاعتبار ظروفنا. يبدو أن الوزيرة لا تريد إلا أن تسقطنا".
الجنوب: التعليم بين القصف والمنصات
في جنوب لبنان، لا تزال الحرب تُلقي بثقلها على اليوميات المدرسية كما على تفاصيل العيش. هناك، لا يعلو صوت فوق صوت النجاة، حيث تزامن الدرس مع الغارات، فيما المراجعة الحالية للامتحانات تسير على وقع التحليق المنخفض للطيران الإسرائيلي.
زهراء حامية، طالبة في ثانوية كفرحتى الواقعة في إقليم التفاح، توجز واقع التعليم في جملة واحدة: "أنهينا المنهج، لكن لم نحلّ أي دورة تدريبية تقريباً. كل الوقت خُصّص للشرح فقط، ولم يتسنّ لنا التأكد من استيعابنا. نحن غير مستعدّين للامتحانات".
أما في بلدة عين إبل، فقد اضطرت مدرسة "القلبين الأقدسين" إلى اعتماد التعليم من بُعد بشكل شبه دائم منذ اندلاع الحرب، فيما نُقل قسم من طلابها إلى فرع آخر في البوشرية ببيروت. تقول أندريا حاج: "نعم، أنهينا البرنامج، لكن معظمنا لا يشعر بالجهوزية. هناك تفاوت كبير في المستوى بين الطلاب، خصوصاً بين من واصل تعلّمه من بعد ومن اضطر للنزوح أو واجه انقطاعات مستمرة في الإنترنت".
يذهب علي حجاج من دير أنطار والطالب في مدرسة "مبرة علي الجمال"، إلى أبعد من ذلك، متحدّثًا عن واقع لا يمكن تجاهله: "نلجأ إلى معهد خاص خارج المدرسة كي نتمكن من فهم المواد الأساسية، لأن الوقت لم يكن كافيًا، ولم نتمكن من حلّ التمارين. كنا نأمل بإقرار المواد الاختيارية هذا العام، لكننا تفاجأنا بالعكس. فوق ذلك، لا تزال الأجواء الأمنية متوترة. في بعض الأيام، نُضطر إلى مغادرة المنزل فجأة بسبب القصف. كيف يمكن أن نكون مستعدّين في ظل هذا المشهد؟".
البقاع: الضغط نفسه، والإجابات الناقصة
في البقاع، لا يختلف المشهد كثيرًا عن الجنوب، وإن كان القصف أقل حضورًا. المدارس الرسمية هناك حاولت أن تجاري الضغوط، لكن الوقت كان خصمها الأول.
رنيم موسوي، الطالبة في ثانوية تمنين التحتا الرسمية، تروي لـ"المدن" تجربة مليئة بالركض في الوقت الضائع: "الأساتذة بذلوا جهدًا كبيرًا، لكن الوقت لم يسعفهم. كنا نحاول اللحاق بالمواد الأساسية، وفي النهاية لم نتمكن من إنهاء مادة التاريخ، خصوصاً القسم المتعلق بالعالم العربي".
أما مريم حلاني، من ثانوية الإمام الجواد، فتعبّر عن خيبة أمل مشتركة بين طلاب كثر، إذ تقول: "كنا ننتظر هذا العام أن تُعتمد المواد الاختيارية، تخفيفًا للضغط، لكن حصل العكس تمامًا. لم أتمكن من حل أي دورة تدريبية، وأنا غير مستعدة. كمية المواد ضخمة، والضغط لا يُحتمل".
الشمال: من التفاوت إلى التناقض
في شمال لبنان، ينقسم المشهد التربوي على صورتين متناقضتين: مدارس رسمية بالكاد تلتقط أنفاسها وهي تلاحق المنهج المتراكم، ومدارس خاصة أنهت برامجها براحة تامة، كأنها في بلد آخر لا تعنيه الأزمات.
شيماء شحادة، الطالبة في ثانوية البداوي الرسمية للبنات، تصف واقع مدرستها الذي لا يختلف كثيراً عن مدارس الأطراف المهملة، فتقول: "كل فرع من الفروع الأربعة لم يتمكن من إنهاء مواده الأساسية، سواء في الاقتصاد أو الرياضيات أو الفيزياء. نلجأ إلى حصص إضافية، للتعويض ونأمل أن تكون الامتحانات رحيمة، لأننا لم نُمنح الفرصة الكافية للاستعداد الكامل".
في مقابل هذا التعب، تبرز تجربة آدم ضناوي، الطالب في مدرسة "العبير"، الذي يقول ببساطة: "أنهينا كل المواد براحة تامة، دون أي ضغوط تُذكر. لا نواجه مشكلات، ونحن جاهزون للامتحانات".
هذا التفاوت الفادح بين طلاب الشمال، وإن بدا تفصيلاً موضعياً، إلا أنه يعكس حقيقة أن لا عدالة تعليمية في لبنان. فالمكان الذي وُلد فيه الطالب، أو المدرسة التي التحق بها، يحددان مسبقاً فرص نجاته من عبء المنهج ومن احتمال السقوط في الامتحانات. وبين طلاب ما زالوا يسعون لتعويض ما فاتهم، وآخرين درسوا "براحة تامة"، يصبح الامتحان الموحد، مجرّد قناع لإخفاء الفوارق الطبقية التي باتت تهيمن على كل زاوية من زوايا التعليم.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
وزير الأوقاف: مصر بكل مؤسساتها في ظهر أشقائنا في فلسطين دعمًا لصمودهم
استقبل الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، اليوم الاثنين، ، الدكتور محمود الهباش، قاضي قضاة فلسطين – مستشار الرئيس الفلسطيني للشئون الدينية والعلاقات الإسلامية، والشيخ الدكتور محمد مصطفى نجم، وزير الأوقاف والشئون الدينية الفلسطيني، بمسجد مصر بالعاصمة الإدارية الجديدة. وكان برفقتهما كلٌّ من: القاضي أحمد حسين، من علماء المسجد الأقصى المبارك – القدس؛ والقاضي محمد صبري، من علماء المسجد الأقصى المبارك – القدس؛ والقاضي عبد الله العسيلي، من علماء الحرم الإبراهيمي الشريف، وعدد من القضاة والعلماء من القدس والخليل ومدن فلسطينية أخرى، وذلك بحضور عدد من قيادات وزارة الأوقاف. الشعب الفلسطيني ضرب المثل في الصمود وفي كلمته، أكّد وزير الأوقاف، أن الشعب الفلسطيني ضرب المثل في الصمود، والصبر، والتحمّل، مشددًا على أنه لا بديل عن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية، وأن مصر بكل مؤسساتها في ظهر أشقائها في فلسطين، دعمًا لنضالهم المشروع، ومساندة لصمودهم التاريخي في مواجهة آلة البطش والعدوان. إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة وأوضح وزير الأوقاف، أن الموقف المصري بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ثابت في دعم الحقوق الفلسطينية، وضرورة إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، لما يشكّله من معاناة إنسانية شديدة، مؤكدًا أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية، والطبية، والإغاثية، والتصدي الحازم لكافة الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين، لا سيما ما يحدث في المسجد الأقصى المبارك. مواجهة محاولات التهجير من جانبه، وجّه الدكتور محمود الهباش، قاضي قضاة فلسطين – مستشار الرئيس الفلسطيني للشئون الدينية والعلاقات الإسلامية، الشكر والتقدير للرئيس عبد الفتاح السيسي على دعمه الصادق للقضية الفلسطينية منذ بداية الحرب، مؤكدًا أن مصر، بقيادتها وشعبها، تمثل عمقًا عربيًّا وأخلاقيًّا لفلسطين، وأن الرئيس يتابع القضية الفلسطينية باهتمام بالغ، ويقف بكل شرف ضد محاولات التهجير. حرب إبادة كما أعرب عن عميق شكره وتقديره لوزير الأوقاف، مشيرًا إلى أن هموم فلسطين هي هموم كل غيور على الأمة، ومؤكدًا أن ما يجري في الأراضي الفلسطينية هو حرب إبادة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، تتجلّى في الانتهاكات المتكررة بالمسجد الأقصى، وهدم آلاف البيوت والمنشآت الصناعية والتجارية. وأضاف الهباش، أن فلسطين قدّمت الشهداء بأرقام ضخمة جدا، سُجِّل منهم رسميًّا نحو 56 ألفًا فقط، لافتًا إلى أن هناك أبراجًا انهارت بالكامل على ساكنيها، ومدنًا مُسِحت من على الخريطة، وعدة آلاف من الأسر الفلسطينية لقوا ربهم شهداء أبرار بفعل المجازر الإسرائيلية ولم تسجل أسماؤهم ولم توثق مما يجعل العدد الفعلي للشهداء أكبر بكثير من الأرقام المعلنة، مؤكدًا: "نحن صامدون، وماضون في طريقنا، ولدينا يقينٌ لا يتزعزع بأن الله ناصرُنا". مصر صمام أمان للأمة العربية والإسلامية من جهته، أعرب الدكتور محمد مصطفى نجم، وزير الأوقاف والشئون الدينية الفلسطيني، عن تقديره البالغ لمصر قيادةً وشعبًا، مؤكدًا أن مصر بتاريخها وقوتها تمثّل صمام أمان للأمة العربية والإسلامية، مشيدًا بمواقفها التاريخية المشرفة، ومؤكدًا: "مصر هي بلاد الحضارة الضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، وقد وقفت في الصف الأول دائمًا بجانب فلسطين وشعبها". وختم: «عادةً، أيُّ محتلٍّ يزعم أن الأرض أرضه، لكننا صابرون ومرابطون على أرض وطننا الحبيب، ونؤمن بأن النصر قريب بإذن الله»، موجّهًا التحية إلى مصر حكومةً وشعبًا، ومؤكدًا أن كل أطياف الشعب المصري على قلب رجل واحد في دعم القضية الفلسطينية ورفض التهجير والعدوان.


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
الحوثيون: ناقلة البضائع "ماجيك سيز" معرضة لخطر الغرق بعد استهدافها
ذكرت "سكاي نيوز عربية" عبر صفحتها الرسمية على موقع "اكس" بأن ميليشيا الحوثيين أفادت بأن ناقلة البضائع " ماجيك سيز" معرضة الآن لخطر الغرق بعد استهدافها في البحر الأحمر. و قال الناطق العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع ، في وقت سابق من اليوم، إن قواتهم نفذت عملية عسكرية بـ11 طائرة مسيرة وصاروخا استهدفت مطار اللد ومواقع أخرى. وذكر سريع: نفذنا عملية نوعية بـ 11 صاروخا ومسيرة على مطار اللد وميناء أسدود ومحطة كهرباء عسقلان وميناء إيلات. وأضاف المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية الموالية للحوثيين يحيى سريع: دفاعاتنا الجوية تصدت بعون الله للعدوان الصهيوني على بلدنا وأفشلت مخطط استهداف عدد من المدن. وتابع: "أجبرنا تشكيلات قتالية مشاركة في العدوان على مغادرة الأجواء ، بعدد من صواريخ أرض- جو محلية الصنع".


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
مظاهر التسامح الديني قبل الهجرة النبوية وبعدها.. الإفتاء توضحها
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما هو ردُّكم على من يقول: إنَّ الإسلام كان يدعو للتسامح والتعايش الديني قبل الهجرة، أمَّا بعد الهجرة فتحوَّل لفاشية لا تقبل التعايش؟ وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن ما يثار من شبهات تزعم أن المرحلة المدنية لم تكن على قدر التسامح الذي كانت عليه المرحلة المكية إنما هي ناجمةٌ عن غيابٍ عن وقائع السيرة النبوية، وجهلٍ بأحداثها، أو تعصبٍ مقيتٍ تعامَى أصحابُه عن الحقائق التاريخية التي لا يسع منصفًا إنكارُها؛ فلقد حرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم منذ اللحظات الأولى له في المدينة على نشر السماحة والتعاون بين ساكنيها، ويتضح هذا جليًّا في المعاهدة التي عقدها النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع اليهود، كما كان صلى الله عليه وآله وسلم حَسَنَ المعاشرةِ والتعاملِ مع أهل الكتاب؛ يعطيهم العطايا، ويهدي إليهم، ويعود مرضاهم، ويتفقد محتاجيهم، ويقوم لجنائزهم، ويحضر ولائمهم، وكان يقترض منهم؛ حتى توفي صلى الله عليه وآله وسلم ودرعه مرهونةٌ عند يهودي في المدينة. تسامح النبي مع المشركين وأِشارت الى أن تسامح النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد الهجرة لم يقتصر على أهل الكتاب، بل تعداهم إلى المشركين أيضًا، مع أنهم كثيرًا ما تآمروا عليه صلى الله عليه وآله وسلم وأرادوا قتله؛ حتى أخرجوه من بلده مكة المكرمة وهي أحبُّ بلاد الله إليه، ثم حاربوه بعدَ ذلك في بدرٍ وأحدٍ والخندقِ، وقتلوا آل بيته وأصحابه رضي الله عنهم، وصدُّوه عن البيت الحرام، ومع ذلك كلِّه فقد كان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يعاملهم بالحسنى، ويأبى الدعاء عليهم، وقابلهم في مكة بالعفو العام ليعلم الجميع بأن التسامح مبدأ إسلامي لا يتغيير.