كيف نستعد لمستقبل يعمل فيه الروبوت إلى جانب الإنسان في البيت والعمل؟
عمون - لم تعد ثورة الروبوتات مجرّد فرضية أكاديمية؛ فھي تعید تشكیل بیئة العمل من المستشفیات إلى المستودعات وحتى مناطق الكوارث، ومع توسّع دور الآلات الذكیة في أماكن تعُرف بأنھا عالیة المخاطر، یبرز سؤال جوھري هو كیف نصُمِّم روبوتاتٍ قادرة على كسب ثقة البشر وحتى تعزیزھا؟
روبوتات تشاركية في الحياة اليومية
ما يسُمى الروبوت التشاركي (COBOT) يندمج في أنشطة یومیة حول العالم؛ من المراكز الطبیة ومحاور الخدمات اللوجستیة وحتى في المنازل، ففي المستودعات أصبح تحریك ونقل البضاعة أكثر أماناً وانخفض عدد الإصابات، وفي شركة أمازون، تتنقّل روبوتات Proteus بشكل ذاتي حاملةً عربات ثقیلة وسط العاملین دون تعطیل مساراتھم، أما في الصین، فتتقدّم روبوتات إطفاء الحرائق إلى المواقع الخطرة قبل البشر لتحمي طواقم الإنقاذ.
ھذه التقنیات تجاریة ولیست مجرّد نماذج تجریبیة؛ إذ باتت فوائدھا الاقتصادیة واضحة من حیث رفع الكفاءة ودعم البشر في الأعمال المرھقة، غیر أنّ بناء الأسس الاجتماعیة للثقة في تلك الآلات لا یزال أمامه وقت على ما یبدو.
الأمان مقابل السرعة.. سد فجوة الابتكار والثقة
المعضلة الكبرى الیوم تكمن في التفاوت بین أمرین، الأول تسارع الابتكار في مجال الروبوتات من جھة، والثاني بطء التشریعات المنظمة له.
وخلافاً لروبوتات الصناعة التي تعمل خلف حواجز لضمان الأمان، یتنقّل ما یسمى الروبوت التشاركي في بیئة یعمھا البشر ومتغیّرة، ما یفرض دمج عوامل الأمان، والموثوقیة، والإدراك المجتمعي في آن واحد.
وقطع الاتحاد الأوروبي شوطاً أبعد مع قانون الذكاء الاصطناعي الذي یصنّف الأنظمة حسب مستوى المخاطر، ویلزم الروبوتات التفاعلیة بتقییم المطابقة ورقابة ما بعد السوق، أما في الولایات المتحدة فما تزال المسؤولیات موزّعة بین وكالات مثل OSHA وFDA و FAA، فیما یعتمد المطوّرون على معاییر طوعیة مثل 13482 ISO أو 61508 IEC لسدّ فجوات تنظیمیة.
بناء الثقة بالتجربة والأدلة
لن تكفي وعود الابتكارات لتحصیل ثقة الجمھور؛ فالثقة یجب أن تتأسس على أدلة مقنعة تتعلق بالسلامة، والواقعیة أي قابلة للتنفیذ، فمتطلبات الثقة في روبوت یعمل كطبیب جراح یختلف تماماً عن روبوت یعمل على نقل الطلبة من مبنى الى آخر في حرم جامعي، لذلك شرعت مبادرات دولیة مثل "IEEE"، و"299 ISO/TC" للأخلاقیات في وضع مؤشرات لقیاس سلامة الروبوت في ظل سلوك بشري متغیّر، وحمایة الخصوصیة لبیانات المستشعرات والتعرّف الصوتي، إلى جانب تحصین الأمن السیبراني في الأنظمة المتصلة، فضلاً عن القدرة على تفسیر قرارات الروبوت.
شركة صينية تعرض روبوتاً "يمارس فنون الدفاع عن النفس"
عرضت شركة الروبوتات الصينية Unitree، روبوت G1 الشبيه بالبشر، الذي يقوم ببعض حركات الكونغ فو، في مقطع فيديو نُشر قبل أيام، يمكن رؤية الروبوت بحجم الطفل.
لكن معظم ھذه المعاییر لا تزال اختیاریة لأنھا تفتقر إلى آلیات إنفاذ، بینما قلما تعُلن نتائج ھذه الاختبارات على الملأ.
وقال خبیر سلامة الروبوتات والمؤسِّس الشریك في شركة reasonX Labs، أمير صديقي، إن "الثقة تبُنى على أساسات ومعاییر دقیقة من السلامة والأمن والخصوصیة والموثوقیة".
من الصناديق السوداء إلى الأنظمة الشفافة
ویختبر باحثون وشركات مفھوم (Trustworthiness Cases)؛ وھي وثائق مُحكمة على غرار "حالات السلامة في صناعة الطیران" تسرد الافتراضات ووسائل الحمایة وأنماط الفشل وخطط تخفیف الضرر، اعتمدتھا وكالة "ناسا" الأميركية، وھیئات الطیران البریطانیة، ویعمل مركز أبحاث الذكاء الاصطناعي الألماني (DFKI) على إتاحتھا في المركبات تحت الماء، في حین تطبقّ برامج في كالیفورنیا النھج ذاته على روبوتات التوصیل وأذرع الرعایة المنزلیة، ویعدّ المعیار 4600 UL من الأطر الشاملة لتقییم تلك الحالات.
الطريق إلى الأمام: يجب أن نتمهل لكي نسُرِع!
لا نحتاج إلى وقف مسیرة الروبوتات، بل إلى استثمار واسع في الحوكمة، تتمثل في ضرورة وجود معاییر قابلة للقیاس، وتدقیقات مستقلة، وتواصل شفاف مع الجمھور، خاصة أن حادث روبوت الأمن (نایتسكوپ) الذي دهس طفلاً في ستانفورد عام 2016، وواقعة ھیجان روبوت "Unitree H1" عام 2025 أثناء الاختبار، تعني أنّ الإخفاقات واردة رغم حساب كل شيء.
ومن أبرز الروبوتات التي تعمل في مجالات مختلفة، Moxi الذي يعمل في مجال المستشفیات، ونفذ 500 ألف عملیة توصیل وساعد في خفض أعباء الممرّضات.
أما الروبوت Cray X Exosuit فيعمل في مجال الخدمات اللوجستیة، ويساعد على دعم الظهر وتقلیل الإصابات.
ويعمل الروبوت Proteus في مجال المستودعات التي تشهد تنقّلاً آمناً لنحو 750 ألف روبوت بین العمال.
ويؤدي الروبوت Unitree B2 مهمة تقییم مخاطر الحرائق عن بعُد، وله دور في حمایة رجال الإطفاء.
الخلاصة
ستغُیّر الروبوتات حیاتنا الیومیة، لكنّ تحوّلاً دون ثقة یعني ھشاشةً مستمرة، ويجب الإصرار على أنظمة ذكیة وقابلة للمساءلة وقابلة للتفسیر وآمنة، حتى نطلق العنان لكامل إمكانات ھذه الموجة التقنیة دون أن نجني عواقب غیر مقصودة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 3 ساعات
- عمون
رصد ظاهرة انفجار نجمي من سماء الإمارات
عمون - من المهندس محمد شوكت عودة - رصد مرصد الختم الفلكي مساء أمس السبت ظاهرة فلكية تم اكتشافها مساء يوم الخميس 12 يونيو، تتمثل بظهور نجم لامع في السماء تمت تسميته (AT 2025nlr)، وهو يقع في مجموعة "السبع" الواقعة في النصف الجنوبي من السماء، ويعتقد بأنها ظاهرة "نوفا" أي انفجار لأحد النجوم، وتشير التوقعات المبدئية أن هذا النجم يقع قريبا منا في مجرة درب التبانة، وما يميز هذه الظاهرة بأن لمعان النجم حاليا كبير نسبيا، إذ أنه من القدر الثامن، وهذه ظاهرة لا تتكرر كثيرا، وهذا يعني أنه يمكن رؤية النجم باستخدام منظار صغير من مكان مظلم. هذا وقد تلقى مرصد الختم الفلكي طلبا مساء الأمس من أحد المراصد العالمية لرصد النجم وإجراء أرصاد ضوئية له لتحديد لمعانه وذلك باستخدام عدة مرشحات ضوئية، واستجابة لذلك وجه مرصد الختم الفلكي تلسكوبه الرئيس نحو النجم، وأجريت له عدة أرصاد ضوئية، وقد وجد بأنه يلمع بالقدر 7.7 باستخدام مرشح تحت أحمر، وبالقدر 8.2 بمرشح أخضر، وبالقدر 8.3 بمرشح أزرق. وتمت إرسال هذه النتائج إلى جهات عالمية تعنى بمتابعة هذه الظواهر. وهناك اهتمام عالمي بالظاهرة، وقد طلب من المراصد العالمية رصد النجم لمدة عشرين يوما من الآن مع ضرورة إرسال النتائج بشكل عاجل، لما تشكله هذه الأيام الأولى للظاهرة من أهمية علمية في تحليل وفهم الظاهرة بشكل دقيق. وتبرز أهمية موقع مرصد الختم كون الظاهرة في منطقة بعيدة نسبيا في نصف الكرة الجنوبي، وبالتالي لا يمكن رصد الظاهرة من شمال الكرة الأرضية ومنها أوروبا ومعظم الولايات المتحدة حيث تتواجد الكثير من المراصد الفلكية. وقد تم اكتشاف هذا النجم من قبل برنامج عالمي باسم (All Sky Automated Survey for SuperNovae [ASAS-SN])، وبرنامج المسح الآلي الشامل للسماء لرصد المستعرات العظمى هو برنامج آلي لرصد المستعرات العظمى (السوبرنوفا) وغيرها من الظواهر الفلكية العابرة، ويقوده فريق من علماء الفلك في جامعة ولاية أوهايو، ويضم البرنامج 20 تلسكوبًا روبوتيا موزعة في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي، ويستطيع مسح السماء بأكملها تقريبًا مرة واحدة يوميًا. - الصورة الأولى تم التقاطها من مرصد الختم الفلكي وتبين النجم في المنتصف. - الصورة الثانية التحليل الضوئي للنجم كما تم إجراؤه من مرصد الختم الفلكي. - الصورة الثالثة صورة من الإعلان الرسمي عن الظاهرة وفيها بعض المعلومات حول النجم. - الصورة الرابعة تبين الأرصاد العالمية التي تم إرسالها لهذا النجم لغاية الآن، وتبلغ ثلاثة أرصاد فقط، واحد منها من مرصد الختم من الإمارات.

عمون
منذ 5 ساعات
- عمون
الأكاديميين والعلماء العرب يهنئ الدكتورة ميسون السليم على إنجاز علمي
عمون - أكد اتحاد الأكاديميين والعلماء العرب – بصفته منارة فكرية تجمع النخبة العلمية في الوطن العربي، ومنصة عربية للنهوض بالبحث العلمي والتكامل المعرفي – اعتزازه العميق بنشر دراسة علمية محكّمة للدكتورة ميسون عيسى أحمد السليم، رئيسة المجلس الأكاديمي للمرأة العربية، إحدى الهيئات المتخصصة المنبثقة عن الاتحاد، في مجلة اتحاد الجامعات العربية للبحوث في التعليم العالي، المجلد 45 – العدد الثاني (يونيو 2025). ويأتي هذا الإنجاز العلمي النوعي تتويجًا للدور الريادي الذي يضطلع به المجلس الأكاديمي للمرأة العربية ضمن هيكلة الاتحاد، بوصفه ذراعًا معرفيًا واستراتيجيًا يُعنى بتعزيز الحضور العلمي النسوي في الوطن العربي، وتقديم إسهامات بحثية ترتكز على أصالة الفكر العربي وانفتاحه على المعايير الأكاديمية الدولية. وقد جاءت الدراسة تحت عنوان: "فاعلية المهارات البيولوجية لدى النساء الأردنيات وعلاقتها بالإعداد والتطوير القيادي: مدخل إلى القيادة النسوية" وقدّمت من خلالها الباحثة مقياسًا علميًا مبتكرًا باسم CEPIC–HERO، يقيس عشر مهارات بيولوجية ذات أثر مباشر على تكوين المرأة القيادية، وأثبتت الدراسة أن تفعيل هذه المهارات يفسّر 57% من التغير في إعداد وتطوير القيادات النسائية، في سابقة علمية غير مسبوقة في الأدبيات العربية. إن الاتحاد، إذ يُبارك هذا الإنجاز المتميز، يؤكد إيمانه العميق بدور المرأة الأكاديمية العربية كفاعل رئيسي في صياغة خطاب علمي مستنير، ويجدد التزامه بدعم الطاقات البحثية الرائدة ضمن أذرعه المعرفية، وفي مقدمتها المجلس الأكاديمي للمرأة العربية، الذي يواصل ترسيخ حضور المرأة في ميادين الإنتاج العلمي، والمساهمة في صناعة مستقبل عربي قائم على المعرفة والعدالة والتمكين.

عمون
منذ 5 ساعات
- عمون
تهنئة مدير أدوات الاحتراف لنشر دراسة علمية في أبرز المجلات العربية
عمون - يتقدم المركز الإعلامي في مؤسسة أدوات الاحتراف للتدريب وبناء القدرات بأحرّ التهاني والتبريكات إلى المدير العام للمؤسسة، الدكتورة ميسون عيسى أحمد السليم، بمناسبة نشر دراستها العلمية المحكّمة في مجلة اتحاد الجامعات العربية للبحوث في التعليم العالي، وذلك ضمن المجلد الخامس والأربعين، العدد الثاني، الصادر في يونيو 2025. وتعد المجلة من أبرز المجلات العلمية المحكمة في العالم العربي، إذ تصدر عن اتحاد الجامعات العربية الذي يضم أكثر من 300 جامعة ومؤسسة تعليم عالٍ عربية، وتُعنى بنشر الدراسات الرصينة التي تسهم في تطوير التعليم والقيادة والتنمية المؤسسية. عنوان الدراسة: "فاعلية المهارات البيولوجية لدى النساء الأردنيات وعلاقتها بالإعداد والتطوير القيادي: مدخل إلى القيادة النسوية" وقد مثّلت هذه الدراسة إنجازًا نوعيًا على المستوى العربي، حيث طوّرت الباحثة من خلالها مقياسًا علميًا متخصصًا باسم CEPIC–HERO، لقياس عشر مهارات بيولوجية تؤثر في التكوين القيادي للمرأة. وأظهرت النتائج أن تفعيل هذه المهارات يفسّر 57% من التغير في إعداد وتطوير القيادات النسائية، في سابقة بحثية تشكل إضافة استراتيجية للخطاب العلمي والتمكيني على حد سواء. وتعتز مؤسسة أدوات الاحتراف بهذا الإنجاز الذي يجسد رسالتها في دعم البحث التطبيقي النوعي، ويكرّس موقعها كمؤسسة وطنية رائدة في مجال القيادة والتمكين وبناء القدرات. رابط الاطلاع على الدراسة: