logo
كيف وأين ولماذا قتل بيليه الفلسطيني؟ أسرة سليمان العبيد تروي لبي بي سي تفاصيل اللحظات الأخيرة من حياته

كيف وأين ولماذا قتل بيليه الفلسطيني؟ أسرة سليمان العبيد تروي لبي بي سي تفاصيل اللحظات الأخيرة من حياته

شفق نيوزمنذ 2 أيام
"قبل أن يغادر سألته: ستقطع كل هذه المسافة سيراً على قدميك؟ قال نعم.. لدينا أطفال أريد أن أطعمهم، ثم نهض لصلاة الفجر واستمع لسورة الكهف مرتين، واصطحب سبحته وهمّ بالمغادرة، شعرت بنخزة في قلبي فبدلاً من أن أقوله له: الله يسهل عليك، قلت له: سليمان متروحش"، لكنه كان مصمماً، وغادر.
هذه تفاصيل المحادثة الأخيرة التي دارت بين لاعب الكرة الشهير سليمان العبيد وزوجته قبل مقتله بساعات قرب نقطة توزيع مساعدات، إذ تضيف الزوجة في حديثها مع برنامج "يوميات الشرق الأوسط" المذاع عبر راديو بي بي سي: "بعدها بساعات وصلني خبر أنه مصاب إصابة خطرة، لم يريدوا إخباري بنبأ مقتله دفعة واحدة، لكنني شعرت".
وتروي الزوجة: "لم تقو قدماي على حملي، أصبحت ثقيلة ثقل الخبر الذي أشعر به يحوم حولي، ظللت أردد: بدي أروح أشوف جوزي.. أشوف أبو عيالي، راح يجيب لقمة عيش، واستشهد! ليش؟"، ثّمّ انفجرت باكية قبل أن تلتقط أنفاسها وتختم حديثها: "أنا بناشد محمد صلاح ياخدنا يسفرنا برة، ولادي يتعلموا ويصيروا مثل أبوهم، وابني نسيم يخلفه في الملاعب".
قنبلة كواد كابتر
طراد العبيد شقيق اللاعب الراحل كان معه في لحظات حياته الأخيرة وشهد مقتله بعينيه، ويقول: "في الخامسة فجراً تحركنا معاً لنقطة توزيع المساعدات الأمريكية، كنا عشرة أشخاص أنا وسليمان وابن عمي وأبناء أخي، وفور وصولنا اتخذنا كل الإجراءات الأمنية المطلوبة والتي اعتدنا عليها، اتخذنا من جبل صغير ساتراً يحمينا، فوجئنا بطائرة كواد كابتر تقترب منا بشدة وقامت بتصويرنا ثم انصرفت، قبل أن تعود إلينا لتداهمنا من خلف الجبل وأسقطت قنبلة كواد كابتر على سليمان مباشرة".
ويضيف: "أُصِبت بشظية في رقبتي، وأصبحت أنزف فقمت بسحب الشظية وربطت قطعة من ملابسي على الجرح كي يتوقف النزيف، وتحركت باتجاه سليمان فوجدت إصابته الرئيسية في صدره والدم ينفجر منه، فضلاً عن إصابة أخرى في قدمه، ما أدى لمقتله على الفور، وأُصيب أيضاً في نفس الواقعة أربعة من أبناء أخي ونقلوا إلى المستشفى المعمداني لتلقي العلاج".
ومضى يستذكر بلسان مثقل: "في هذه اللحظة لم يصبني انهيار، هذه كلمة مرفهة للغاية مقارنة بما شعرت به". ويصف: "صرت أطلع فيه مش مستوعب أنه استشهد.. صرت أصرخ فيه يا خو قوم.. يا خو بدنا نشرد، صح إن الموت مفيش عليه كبير، بس لسه بدري عليك يا سليمان.. بدري عليك.. رحمة الله عليك يا سليمان".
طراد العبيد لم يتوقف عند حد استذكار لحظات مقتل شقيقه أمام عينيه، بل ذهب لأبعد من ذلك بكثير، لذكريات طفولتهما معاً قائلاً: "أنا اللي علمت سليمان مهارات لعب كرة القدم، أراه أمامي الآن.. حينما كنت أصحبه إلى الملعب وأضع له الحواجز باستخدام الحجارة وأدربه على الركض والترقيص من بينها، وكيف نسدد الهدف من زوايا مختلفة، وما هو البلانتي وكيف يرفعه، وكيف يشوط الفاول، علمته هذه المهارات واحدة تلو الأخرى ويوما بعد يوم حتى أصبح بيليه الفلسطيني هنا من قلب ملعب كلية غزة، وفي نفس الملعب سأعلم ابنه كما علّمته، وكما أخرجت للملاعب بيليه الفلسطيني، سأخرج لهم أسطورة من ظهر الأسطورة إن شاء الله".
"محمولاً على الأكتاف"
ميرفت سليمان العبيد، شقيقة اللاعب الراحل تحدّثت في تصريحات لبرنامج الشرق الأوسط المذاع عبر راديو بي بي سي كيف حولت الحرب حياة شقيقها رأساً على عقب، من لاعب كرة مرفه ميسور الحال لنازح يبحث عن مساعدات إنسانية ليفي بأبسط متطلبات الحياة لأبنائه الخمسة.
وقالت: "لم يهتم بحاله أحد، الغلاء والعمولات كانا يلتهمان مرتب شقيقي مطلع كل شهر وساءت الأمور أكثر وأكثر مع امتداد عمر الحرب، وارتفاع الأسعار والعمولات أكثر أصبح راتبه يكفي أطفاله طعاماً فقط ليوم واحد. سليمان مرّت عليه فترات قهرية غاية في الصعوبة دفعته لاستبدال الركض في الملاعب بالركض في سبيل الحصول على مساعدات، وبدلاً من أن كان يحمل على الأعناق بعد تحقيقه لبطولة رياضية أو إحرازه لهدف، حمل على الأكتاف قتيلاً غارقاً في دمه".
واختتمت تصريحاتها قائلة: "بالرغم من كل هذا لم يترك مجال كرة القدم، لأن الكرة هي معشوقته، وروحه معلقة بالبقاء في الملاعب، كان يتدرب مع نفسه ولم ينس أبداً أنه لاعب كرة، لكن كل هذا التفاني والإخلاص وكل هذه الشهرة والنجومية لم تنفع بشئ ولم تدفع عنه شر الاحتياج، لماذا وصل أخي لهذا الحد من العوز؟ سليمان كان كبير وعزيز النفس، وكان لا يعتمد على أحد سوى على الله، لم يكن هذا أبدا المصير الذي يستحق".
نسيم العبيد نجل اللاعب الراحل تحدث إلينا عن كل ما تبقى له من والده قائلا: "لم يتبق لي منه سوى حلمه بأن أصبح خليفته في الملاعب، لاعب كرة مشهور يشار له بالبنان، كان يتمنى أن أسافر معه واتفوق تعليمياً ورياضياً. سأعيش طوال حياتي المقبلة كي أحقق له ما كان يتمناه، سأكمل مسيرته حتى يقولوا اللي خلف مماتش، لكن هذا لا يعني أنني استوعبت وهضمت فكرة أنه لم يعد موجوداً، وكثيراً ما أردد: أبوي مماتش".
وأضاف: "عقلي فقد القدرة على الاستيعاب، لم استوعب أبداً ما حصل لوالدي، والدي نجم الكرة الشهير الذي لعب مباريات في الكثير من دول العالم قتل بهذه الطريقة! والدي الذي كان يركض في الملاعب مات وهو يركض خلف حفنة من المساعدات! والدي الذي لم أفوت له مباراة طوال حياتي، كنت أحضر معه كل مبارياته، واهتف باسمه بعد كل هدف يحققه، واحتفل معه بكل بطولة يحرزها لم يبق لي منه سوى ذكريات أنه ذهب لنقطة توزيع مساعدات كي لا أموت أنا وإخوتي جوعا! نحن لا نريد شيئا نريد فقط أن نراه واقفا على قدميه.. يتنفس ويتحدث.. أن يكون بخير".
عماد هاشم مدرب ومحاضر فلسطيني تابع للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يقول: "قمت بتدريب سليمان مرتين؛ الأولى في نادي غزة الرياضي والثانية في نادي خدمات الشاطئ، وبالنسبة لي هو الوحيد الذي يستحق لقب اللاعب المثالي من بين كل من قمت بتدريبتهم من لاعبين، كان شخصية فريدة الطراز، محب وعاشق لكرة القدم لدرجة التفاني، هو وبحق بيليه الفلسطيني، لأنه كان هدّافاً بالفطرة، كانت الكرة تحبه وتطاوعه، ورغم كبر سنه حاز المركز الأول في الاختبارات البدنية عندما أجريناها في نادي خدمات الشاطئ آخر مرة، وعلى المستوى الشخصي كان سليمان اجتماعياً وخدوماً، وطوال الحرب كان يقدم خدماته في مساعدة الناس على النزوح بمنطقة دير البلح".
ويضيف: "خبر استشهاده كان فاجعة لنا كرياضيين، لكنني أحمد الله أنه مكننا من أن نواري جثمانه الثرى ونشيعه بطريقة تليق به، لأن الحصول على مقبرة في هذه الأيام أمر ليس بالسهل، فالأمر مكلف جداً من الناحية المادية كما أن المقابر امتلأت عن بكرة أبيها ولم يعد هناك متّسع لجثة جديدة.
وأكمل المدرب قبل أن يفصح عن مكان دفن الجثمان قائلاً: "تم دفنه في مقبرة الشيخ رضوان شمال غرب مدينة غزة، لأنه لا يوجد متسع في المقبرة الرئيسية لمدينة غزة والموجودة شرقاً".
تغريدة صلاح
وتطرق هاشم لتغريدة اللاعب العالمي محمد صلاح عن مقتل سليمان العبيد قائلاً: "هذه التدوينة هي التي عرفت العالم بما تعرض له سليمان، الكل نعاه دون أن يذكر السبب، وحده صلاح فعلها فعرف العالم كيف وأين ولماذا قتل اللاعب الفلسطيني سليمان العبيد".
واستدرك قائلاً: "لكن ما نأمله ونطمح له هو أن تكون تغريدة صلاح سبباً في أن يلتفت العالم لمعاناة الرياضيين في غزة، وأن تفعل الاتحادات الرياضية شيئاً من أجلنا حتى لا يلقى أحدنا نفس المصير، فجميعنا من مدربين ولاعبين لم يعد يشغلنا سوى هم تأمين لقمة العيش لأطفالنا، أنا شخصياً لو كلفني الذهاب لنقطة توزيع المساعدات أن أضحي بحياتي من أجل توفير الطحين لأبنائي سأفعل كما فعل العبيد".
وبالعودة للحديث عن بيليه الفلسطيني وطموحاته وأحلامه قال المدرب: "سليمان كان يحلم بأن يكون مدرباً فذاً كما كان لاعباً ماهراً، وكثيراً ما كان يحلم بأن يشهد الموسم الكروي 2023 – 2024 وداعه للملاعب كهداف كي يبدأ مسيرته في التدريب. لم يكن يعلم أنه سيودع الدنيا بأكملها، ولكنني أعده في حال انتهت الحرب وأنا من بين الأحياء سأقيم له حفل تأبين ضخم يليق بفخامة اسمه وجميل ذكراه".
وبحسب أحدث البيانات الرسمية، فقد بلغ عدد ضحايا مجتمع الرياضة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 نحو 808 رياضيين، وفق ما أعلن عنه اتحاد الإعلام الرياضي الفلسطيني، من بينهم 421 لاعب كرة قدم، ونحو نصفهم من الأطفال.
وكانت اللجنة الأولمبية الفلسطينية قد أفادت أن شهر يونيو/ حزيران وحده شهد مقتل 115 رياضياً، ليرتفع الإجمالي في حينه إلى 615.
وتشير جمعية الإعلام الرياضي الفلسطيني إلى تدمير ما لا يقل عن 273 منشأة رياضية خلال الحرب، وهو ما يعكس الأثر العميق للنزاع على البنية التحتية الرياضية في غزة وعلى مستقبل آلاف الشبان من مختلف الفئات الرياضية.
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قد قال، إنه لم يتم العثور على سجلات تتعلق بسليمان العبيد، المعروف بـ"بيليه الفلسطيني"، مشيراً إلى أن الجيش يطلب مزيداً من المعلومات والتفاصيل للتحقق من ملابسات وفاته. ويأتي هذا الرد في أعقاب التدوينة التي نشرها النجم المصري محمد صلاح، التي أثارت جدلاً واسعاً حول ظروف مقتل اللاعب الفلسطيني.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عن الإرث الإبداعي للراحل لصنع الله إبراهيم
عن الإرث الإبداعي للراحل لصنع الله إبراهيم

موقع كتابات

timeمنذ 17 ساعات

  • موقع كتابات

عن الإرث الإبداعي للراحل لصنع الله إبراهيم

قبل أيام قليلة غادرنا الكاتب المناضل صنع الله إبراهيم عن عمر 88 سنة، والذي كتب العديد من الروايات التي حملت تجربته النضالية والحياتية بأسلوبه مميز، فهو ولد في القاهرة 1937 وتوفي فيها صباح 13 آب/أغسطس 2025. وعندما زار ستوكهولم في بداية التسعينات، قوبل بترحيب من قبل المثقفين العرب وكان أكثرهم العراقيون وقليل من المصريين وجلهم من أعضاء السفارة المصرية، بدا أكثر انسجاماً مع العرب والعراقيين وكنا نستمع اليه بشغف عن تجربته السياسية التي أولاها أهمية واعتقالعه في زمن جمال عبد الناصر وكان منشرح الخاطر وروى أعاجيب من الإرهاب والتعذيب بالشوم الثقيلة (الهراوات).. والتي راح ضحية الضرب بها المناضل الأديب الناقد شهدي عطية الشافعي! وعن التعذيب الرهيب من قبل الضابط سيء السمعة اللواء حمزة البسيوني، وكتابه الأشهر في أدب السجون 'سجن الواحات' الذي ضم ممارسات رهيبة حقاً لما تعرض له خيرة مفكري ومثقفي وكتاب مصر.. ثم استغرق في محاضرته عن حكم السادات واتفاقية كامب ديفد وتبادل الزيارات مع إسرائيل التي اعتبرها صنع الله إبراهيم بداية التراجع العربي ..وحاول بعض أفراد السفارة تبريرها باعتبارها نتيجة التحرير في حرب اكتوبر! وفي الحقيقة بدا صنع الله إبراهيم نحيلاً وصوته لا يكاد يصل الأسماع وبرر ذلك بصحته المتدهورة، ولم أقدّر وقتها أنه سيعيش خمس سنوات على الأكثر، لذا أن يعيش قرابة تسع عقود مفعمة بنشاط كتابي وإبداعي أعتبرها حالة نادرة لولا أن داهمه الالتهاب الرئوي الحاد الذي قضى عليه.. وأذكر حين تطرق عن صحته واسمه قال: أتيت الى الدنيا نحيلا ضعيفاً مفزعاً واحتار أهلي باختيار اسم مناسب؛ ولكونه أتى على تلك الهيئة المريبة سماه والده صنع الله متمنياً له أن يعيش! درس الحقوق لكن اندفاعه للصحافة كان الأهموهو ما يتناسب مع توجهه الشيوعي ضمن 'حدتو'، وكانت بدايته المهنية مع وكالة الأنباء المصرية ثم الألمانية الديمقراطية وعاش تجربة التصوير السينمائي في موسكو ليقفل راجعا عام 1974 وليتفرغ لشؤونه الكتابية الخاصة بعد عام.. وليبرز ضمن أهم كتاب الرواية العرب بل وقسم من أعماله اختيرت ضمن أهم مائة رواية عربية.. رواية شرف 1997 جائت بالتسلسل الثالث ضمن افضل الروايات العربية.. ناهيك عن روايات أخرى سامقة المكانة مثل 'ذات' عام 2013 التي تحولت الى مسلسل بطلته بنت اسمها ذات و 'وردة' و 'بيروت بيروت' و 'العمامة والبقعة' و 'نجمة اغسطس' و 'امريكانلي' و'الجليد وبرلين' و'التلصلص| و'تلك الرائحة' وغيرها.. عالج صنع الله إبراهيم الواقع المصري الذي طغى على جل رواياته ضمن معالجات سردية ثقافية وسياسية وتوثيقية تعكس التطورات في مصر وباسلوب يميل الى السخرية تؤرخ الأحداث وخاصة السياسية منها..كما أن الكثير منها مرتبط بسيرته الذاتية ووتجربته المريرة في السجن أيام الحقبة الناصرية! ورواية 'شرف' التي بطلها الشاب شرف تمثل إنموذجاً عاماً لكتاباته لما تتضمنه من نقد اجتماعي وسياسي وقد أثارت الجدل حولها، حيث تدور أحداثها في سجن مصري، حين قتل شرف أجنبياً حاول الاعتداء عليه، وتكشف عن فساد المنضومة القضائية والأمنية المتواطئة، ضمن سرد روائي متماسك معزز بوثائق ومقتطفات من الصحف الحقيقية!! وهذه الرواية تمثل نظرة صنع الله إبراهيم للأدب الملتزم بقضايا الأنسان التي هي انعكاس لقضايا ومنظومات البلد السياسية والثقافية التي ينخرها الفساد! لذا ليس من الغريب ان تحظى باهمية كبيرة لكونها تسلط الأضواء عن المسكوت عنه في النقد المصري والعربي ولا غرابة في أن تكون وأحدة من أفضل ثلاث روايات على رأس مائة رواية عربية! حاز صنع الله ابراهيم على جائزة ابن رشد للفكر الحر عام 2004 جائزة كفافيس للادب عام 2017 رفض جائزة الدولة التكريمية عام 2003

"أطفالنا يموتون"، أمهات سودانيات يستنجدن تحت الحصار في الفاشر
"أطفالنا يموتون"، أمهات سودانيات يستنجدن تحت الحصار في الفاشر

شفق نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • شفق نيوز

"أطفالنا يموتون"، أمهات سودانيات يستنجدن تحت الحصار في الفاشر

تجلس النساء في مطبخ جماعي بمدينة الفاشر السودانية المحاصرة في أجواء يخيم عليها اليأس. وتقول إحداهن لبي بي سي: "أطفالنا يموتون أمام أعيننا". وتضيف المرأة: "لا نعرف ماذا نفعل. إنهم أبرياء، ليست لهم أي علاقة بالجيش أو قوات الدعم السريع. معاناتنا أسوأ مما يمكن أن تتصوري". أصبح الطعام في المدينة نادراً جداً، كما أن الأسعار ارتفعت بشكل هائل، لدرجة أن المبلغ الذي كان يكفي لشراء وجبات أسبوع كامل، أصبح لا يكفي الآن إلا لشراء وجبة واحدة، بينما تدين منظمات الإغاثة الدولية ما تصفه بـ"الاستخدام الممنهج للتجويع كسلاح حرب". وحصلت بي بي سي على لقطات نادرة لأشخاص ما زالوا محاصرين في المدينة، أرسلها لنا ناشط محلي والتقطها مصوّر مستقل. BBC يخوض الجيش السوداني قتالاً ضد قوات الدعم السريع منذ أكثر من عامين، بعد أن تصاعد الخلاف بين قادتهما، الذين نفذوا انقلاباً مشتركاً على الحكومة المدنية قبل ذلك. وتُعد مدينة الفاشر، في إقليم دارفور غربي البلاد، إحدى أكثر جبهات القتال دموية. إضافة إلى ذلك، تفاقمت أزمة الجوع مع تفشي الكوليرا في مخيمات النازحين بسبب القتال، الذي تصاعد هذا الأسبوع ليشهد إحدى أعنف هجمات قوات الدعم السريع على المدينة حتى الآن. وشددت قوات الدعم حصار المدينة المستمر منذ 14 شهراً، بعد أن فقدت السيطرة على العاصمة الخرطوم في وقت سابق من هذا العام، وكثفت معركتها للسيطرة على الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور. وفي شمال ووسط البلاد، حيث استعاد الجيش أراضٍ من قوات الدعم السريع، بدأت المساعدات الغذائية والطبية في تخفيف معاناة المدنيين، لكن الوضع يظل كارثياً في مناطق النزاع غربي وجنوبي السودان. حول المتطوعون في "مطبخ الخير" الجماعي الإغاثي بالفاشر أواخر الشهر الماضي، بقايا الفول السوداني بعد استخراج زيته، المعروفة محلياً باسم "أمباز"، إلى وجبات يقتات عليها الناس. والأمباز، هي مادة تُستخدم عادة كعلف للحيوانات. في بعض الأحيان يمكن العثور على الذرة الرفيعة أو الدخن، وهو نوع من الحبوب شبيهة بالذرة، لكن في يوم التصوير قال مدير المطبخ: "لا يوجد دقيق ولا خبز". وأضاف: "وصلنا الآن إلى مرحلة أكل الأمباز. نسأل الله أن يفرج عنا هذه الكارثة، لم يعد هناك شيء في السوق يمكن شراؤه". وجددت الأمم المتحدة مناشدتها لوقف إنساني للقتال لإدخال قوافل الغذاء إلى المدينة، وكرر مبعوثها إلى السودان، شيلدون ييت، هذا الأسبوع دعوته للطرفين المتحاربين للالتزام بالقانون الدولي. ومنح الجيش السوداني الإذن لشاحنات المساعدات بالتحرك، لكن الأمم المتحدة لا تزال تنتظر الرد الرسمي من قوات الدعم السريع. وقال مستشارون في قوات الدعم السريع إنهم يعتقدون أن الهدنة ستُستغل لإدخال الطعام والذخيرة إلى "الميليشيات المحاصرة" التابعة للجيش داخل الفاشر. كما زعموا أن قواتهم وحلفاءهم بصدد إنشاء "ممرات آمنة" لتمكين المدنيين من مغادرة المدينة. ويستطيع بعض عمال الإغاثة في الفاشر الحصول على مبالغ نقدية طارئة عبر نظام مصرفي رقمي يعمل في البلاد، لكن قيمتها لا تكفي لسد حاجات الناس. وقالت ماتيلد فو، مديرة حملات المُناصرة في المجلس النرويجي للاجئين إن "الأسعار في الأسواق ارتفعت بشكل هائل"، موضحة أن "اليوم، خمسة آلاف دولار [3680 جنيهاً إسترلينياً] تكفي لوجبة واحدة فقط لـ1500 شخص في يوم واحد. وقبل ثلاثة أشهر، كان المبلغ نفسه يكفيهم لأسبوع كامل". ويقول الأطباء إن الناس يموتون جراء سوء التغذية، وعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات واضحة، إلا أن تقريراً صادراً عن مسؤول صحي إقليمي يقدّر أن العدد تجاوز 60 شخصاً الأسبوع الماضي. ولا يمكن للمستشفيات استيعاب الأعداد المتزايدة من الحالات، إذ لم يبق منها سوى القليل قيد التشغيل، بعد أن تضررت جراء القصف وأصبحت تعاني نقصاً في الإمدادات الطبية اللازمة لعلاج الجوعى والمصابين بالقصف المستمر. ويقول الدكتور إبراهيم عبد الله خاطر، طبيب الأطفال في مستشفى السعودي، إن هناك "العديد من الأطفال المصابين بسوء التغذية في المستشفى، لكن للأسف لا توجد أي عبوات من الغذاء العلاجي"، مشيراً إلى أن خمسة أطفال يعانون سوء تغذية حاد في القسم، ولديهم أيضاً مضاعفات طبية. وأضاف: "إنهم ينتظرون موتهم". وفي أزمات الجوع، يكون من يموتون أولاً هم الأكثر ضعفاً، والأقل صحة، أو من يعانون أمراضاً مزمنة. وقال الطبيب في رسالة صوتية إن "الوضع بائس للغاية، كارثي للغاية. أطفال الفاشر يموتون يومياً بسبب نقص الطعام والدواء. للأسف، المجتمع الدولي يكتفي بالمشاهدة". وأصدرت منظمات إغاثة دولية عاملة في السودان بياناً عاجلاً هذا الأسبوع، أكدت فيه أن "الهجمات المستمرة، وعرقلة وصول المساعدات، واستهداف البنية التحتية الحيوية، تمثل استراتيجية متعمدة لكسر السكان المدنيين عبر الجوع والخوف والإرهاق". وأضاف البيان أن "التقارير المتداولة عن تخزين الغذاء لاستخدامه عسكرياً تزيد من معاناة المدنيين". وتابع أنه "لا يوجد ممر آمن للخروج من المدينة، فالطرق مغلقة، ومن يحاولون الفرار يتعرضون لهجمات، وفرض ضرائب في نقاط التفتيش، وتمييزاً مجتمعياً، والموت". وفر مئات الآلاف في الأشهر الأخيرة، كثير منهم من مخيم زمزم للنازحين على أطراف الفاشر، الذي استولت عليه قوات الدعم السريع في أبريل/نيسان. ويصل الفارون إلى مدينة طويلة، الواقعة على بعد 60 كيلومتراً غرب الفاشر، منهكين ومصابين بالجفاف، ويروون قصصاً عن العنف والابتزاز الذي تعرضوا له على الطريق من مجموعات موالية لقوات الدعم السريع. وقد تكون الحياة بالنسبة للفارين أكثر أماناً في المخيمات المزدحمة، لكنها مهددة بالأمراض – أخطرها الكوليرا. وينتج المرض عن المياه الملوثة، وأودى بحياة المئات في السودان، نتيجة تدمير البنية التحتية للمياه، ونقص الغذاء والرعاية الطبية، وتفاقم بسبب الفيضانات في موسم الأمطار. BBC وعلى عكس الفاشر، يتمكن عمال الإغاثة في طويلة من الوصول لمن يحتاجهم، لكن إمداداتهم محدودة، بحسب جون جوزيف أوشيبي، منسق المشاريع الميدانية في منظمة "التحالف للعمل الطبي الدولي". ويوضح أوشيبي لبي بي سي: "لدينا نقص في مرافق النظافة الشخصية، ونقص في الإمدادات الطبية للتعامل مع الوضع. نحن نحشد الموارد لمعرفة أفضل طريقة للاستجابة". ويقدّر سيلفان بانيكو من منظمة أطباء بلا حدود أن هناك ثلاثة لترات فقط من المياه للفرد يومياً في المخيمات، وهو "أقل بكثير من الحد الأدنى للاحتياجات الأساسية، ما يضطر الناس للحصول على المياه من مصادر ملوثة". تستلقي زبيدة إسماعيل إسحاق في خيمة العيادة، وهي في شهرها السابع من الحمل، وتبدو نحيلة ومنهكة. قصتها تشبه قصصاً كثيرة، إذ هربت من الفاشر، واعتُقل زوجها على يد مسلحين تعرضوا لهم وهم في الطريق إلى طويلة، بينما أُصيبت ابنتها في رأسها. وأصيبت زبيدة بالكوليرا بعد وصولها إلى المخيم، وتقول: "نشرب الماء دون غليه. لا يوجد من يجلب لنا الماء. منذ أن جئت إلى هنا لم يبق لدي أي شيء". وفي الفاشر، نسمع مناشدات لطلب المساعدة من النساء المتجمعات في مطبخ الإغاثة. وتقول إحدى النساء، فايزة أبكر محمد: "تعبنا وأُنهكنا. نريد رفع الحصار. حتى لو أسقطوا الطعام جواً، أو أي شيء – لقد أُنهكنا تماماً".

كيف وأين ولماذا قتل بيليه الفلسطيني؟ أسرة سليمان العبيد تروي لبي بي سي تفاصيل اللحظات الأخيرة من حياته
كيف وأين ولماذا قتل بيليه الفلسطيني؟ أسرة سليمان العبيد تروي لبي بي سي تفاصيل اللحظات الأخيرة من حياته

شفق نيوز

timeمنذ 2 أيام

  • شفق نيوز

كيف وأين ولماذا قتل بيليه الفلسطيني؟ أسرة سليمان العبيد تروي لبي بي سي تفاصيل اللحظات الأخيرة من حياته

"قبل أن يغادر سألته: ستقطع كل هذه المسافة سيراً على قدميك؟ قال نعم.. لدينا أطفال أريد أن أطعمهم، ثم نهض لصلاة الفجر واستمع لسورة الكهف مرتين، واصطحب سبحته وهمّ بالمغادرة، شعرت بنخزة في قلبي فبدلاً من أن أقوله له: الله يسهل عليك، قلت له: سليمان متروحش"، لكنه كان مصمماً، وغادر. هذه تفاصيل المحادثة الأخيرة التي دارت بين لاعب الكرة الشهير سليمان العبيد وزوجته قبل مقتله بساعات قرب نقطة توزيع مساعدات، إذ تضيف الزوجة في حديثها مع برنامج "يوميات الشرق الأوسط" المذاع عبر راديو بي بي سي: "بعدها بساعات وصلني خبر أنه مصاب إصابة خطرة، لم يريدوا إخباري بنبأ مقتله دفعة واحدة، لكنني شعرت". وتروي الزوجة: "لم تقو قدماي على حملي، أصبحت ثقيلة ثقل الخبر الذي أشعر به يحوم حولي، ظللت أردد: بدي أروح أشوف جوزي.. أشوف أبو عيالي، راح يجيب لقمة عيش، واستشهد! ليش؟"، ثّمّ انفجرت باكية قبل أن تلتقط أنفاسها وتختم حديثها: "أنا بناشد محمد صلاح ياخدنا يسفرنا برة، ولادي يتعلموا ويصيروا مثل أبوهم، وابني نسيم يخلفه في الملاعب". قنبلة كواد كابتر طراد العبيد شقيق اللاعب الراحل كان معه في لحظات حياته الأخيرة وشهد مقتله بعينيه، ويقول: "في الخامسة فجراً تحركنا معاً لنقطة توزيع المساعدات الأمريكية، كنا عشرة أشخاص أنا وسليمان وابن عمي وأبناء أخي، وفور وصولنا اتخذنا كل الإجراءات الأمنية المطلوبة والتي اعتدنا عليها، اتخذنا من جبل صغير ساتراً يحمينا، فوجئنا بطائرة كواد كابتر تقترب منا بشدة وقامت بتصويرنا ثم انصرفت، قبل أن تعود إلينا لتداهمنا من خلف الجبل وأسقطت قنبلة كواد كابتر على سليمان مباشرة". ويضيف: "أُصِبت بشظية في رقبتي، وأصبحت أنزف فقمت بسحب الشظية وربطت قطعة من ملابسي على الجرح كي يتوقف النزيف، وتحركت باتجاه سليمان فوجدت إصابته الرئيسية في صدره والدم ينفجر منه، فضلاً عن إصابة أخرى في قدمه، ما أدى لمقتله على الفور، وأُصيب أيضاً في نفس الواقعة أربعة من أبناء أخي ونقلوا إلى المستشفى المعمداني لتلقي العلاج". ومضى يستذكر بلسان مثقل: "في هذه اللحظة لم يصبني انهيار، هذه كلمة مرفهة للغاية مقارنة بما شعرت به". ويصف: "صرت أطلع فيه مش مستوعب أنه استشهد.. صرت أصرخ فيه يا خو قوم.. يا خو بدنا نشرد، صح إن الموت مفيش عليه كبير، بس لسه بدري عليك يا سليمان.. بدري عليك.. رحمة الله عليك يا سليمان". طراد العبيد لم يتوقف عند حد استذكار لحظات مقتل شقيقه أمام عينيه، بل ذهب لأبعد من ذلك بكثير، لذكريات طفولتهما معاً قائلاً: "أنا اللي علمت سليمان مهارات لعب كرة القدم، أراه أمامي الآن.. حينما كنت أصحبه إلى الملعب وأضع له الحواجز باستخدام الحجارة وأدربه على الركض والترقيص من بينها، وكيف نسدد الهدف من زوايا مختلفة، وما هو البلانتي وكيف يرفعه، وكيف يشوط الفاول، علمته هذه المهارات واحدة تلو الأخرى ويوما بعد يوم حتى أصبح بيليه الفلسطيني هنا من قلب ملعب كلية غزة، وفي نفس الملعب سأعلم ابنه كما علّمته، وكما أخرجت للملاعب بيليه الفلسطيني، سأخرج لهم أسطورة من ظهر الأسطورة إن شاء الله". "محمولاً على الأكتاف" ميرفت سليمان العبيد، شقيقة اللاعب الراحل تحدّثت في تصريحات لبرنامج الشرق الأوسط المذاع عبر راديو بي بي سي كيف حولت الحرب حياة شقيقها رأساً على عقب، من لاعب كرة مرفه ميسور الحال لنازح يبحث عن مساعدات إنسانية ليفي بأبسط متطلبات الحياة لأبنائه الخمسة. وقالت: "لم يهتم بحاله أحد، الغلاء والعمولات كانا يلتهمان مرتب شقيقي مطلع كل شهر وساءت الأمور أكثر وأكثر مع امتداد عمر الحرب، وارتفاع الأسعار والعمولات أكثر أصبح راتبه يكفي أطفاله طعاماً فقط ليوم واحد. سليمان مرّت عليه فترات قهرية غاية في الصعوبة دفعته لاستبدال الركض في الملاعب بالركض في سبيل الحصول على مساعدات، وبدلاً من أن كان يحمل على الأعناق بعد تحقيقه لبطولة رياضية أو إحرازه لهدف، حمل على الأكتاف قتيلاً غارقاً في دمه". واختتمت تصريحاتها قائلة: "بالرغم من كل هذا لم يترك مجال كرة القدم، لأن الكرة هي معشوقته، وروحه معلقة بالبقاء في الملاعب، كان يتدرب مع نفسه ولم ينس أبداً أنه لاعب كرة، لكن كل هذا التفاني والإخلاص وكل هذه الشهرة والنجومية لم تنفع بشئ ولم تدفع عنه شر الاحتياج، لماذا وصل أخي لهذا الحد من العوز؟ سليمان كان كبير وعزيز النفس، وكان لا يعتمد على أحد سوى على الله، لم يكن هذا أبدا المصير الذي يستحق". نسيم العبيد نجل اللاعب الراحل تحدث إلينا عن كل ما تبقى له من والده قائلا: "لم يتبق لي منه سوى حلمه بأن أصبح خليفته في الملاعب، لاعب كرة مشهور يشار له بالبنان، كان يتمنى أن أسافر معه واتفوق تعليمياً ورياضياً. سأعيش طوال حياتي المقبلة كي أحقق له ما كان يتمناه، سأكمل مسيرته حتى يقولوا اللي خلف مماتش، لكن هذا لا يعني أنني استوعبت وهضمت فكرة أنه لم يعد موجوداً، وكثيراً ما أردد: أبوي مماتش". وأضاف: "عقلي فقد القدرة على الاستيعاب، لم استوعب أبداً ما حصل لوالدي، والدي نجم الكرة الشهير الذي لعب مباريات في الكثير من دول العالم قتل بهذه الطريقة! والدي الذي كان يركض في الملاعب مات وهو يركض خلف حفنة من المساعدات! والدي الذي لم أفوت له مباراة طوال حياتي، كنت أحضر معه كل مبارياته، واهتف باسمه بعد كل هدف يحققه، واحتفل معه بكل بطولة يحرزها لم يبق لي منه سوى ذكريات أنه ذهب لنقطة توزيع مساعدات كي لا أموت أنا وإخوتي جوعا! نحن لا نريد شيئا نريد فقط أن نراه واقفا على قدميه.. يتنفس ويتحدث.. أن يكون بخير". عماد هاشم مدرب ومحاضر فلسطيني تابع للاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يقول: "قمت بتدريب سليمان مرتين؛ الأولى في نادي غزة الرياضي والثانية في نادي خدمات الشاطئ، وبالنسبة لي هو الوحيد الذي يستحق لقب اللاعب المثالي من بين كل من قمت بتدريبتهم من لاعبين، كان شخصية فريدة الطراز، محب وعاشق لكرة القدم لدرجة التفاني، هو وبحق بيليه الفلسطيني، لأنه كان هدّافاً بالفطرة، كانت الكرة تحبه وتطاوعه، ورغم كبر سنه حاز المركز الأول في الاختبارات البدنية عندما أجريناها في نادي خدمات الشاطئ آخر مرة، وعلى المستوى الشخصي كان سليمان اجتماعياً وخدوماً، وطوال الحرب كان يقدم خدماته في مساعدة الناس على النزوح بمنطقة دير البلح". ويضيف: "خبر استشهاده كان فاجعة لنا كرياضيين، لكنني أحمد الله أنه مكننا من أن نواري جثمانه الثرى ونشيعه بطريقة تليق به، لأن الحصول على مقبرة في هذه الأيام أمر ليس بالسهل، فالأمر مكلف جداً من الناحية المادية كما أن المقابر امتلأت عن بكرة أبيها ولم يعد هناك متّسع لجثة جديدة. وأكمل المدرب قبل أن يفصح عن مكان دفن الجثمان قائلاً: "تم دفنه في مقبرة الشيخ رضوان شمال غرب مدينة غزة، لأنه لا يوجد متسع في المقبرة الرئيسية لمدينة غزة والموجودة شرقاً". تغريدة صلاح وتطرق هاشم لتغريدة اللاعب العالمي محمد صلاح عن مقتل سليمان العبيد قائلاً: "هذه التدوينة هي التي عرفت العالم بما تعرض له سليمان، الكل نعاه دون أن يذكر السبب، وحده صلاح فعلها فعرف العالم كيف وأين ولماذا قتل اللاعب الفلسطيني سليمان العبيد". واستدرك قائلاً: "لكن ما نأمله ونطمح له هو أن تكون تغريدة صلاح سبباً في أن يلتفت العالم لمعاناة الرياضيين في غزة، وأن تفعل الاتحادات الرياضية شيئاً من أجلنا حتى لا يلقى أحدنا نفس المصير، فجميعنا من مدربين ولاعبين لم يعد يشغلنا سوى هم تأمين لقمة العيش لأطفالنا، أنا شخصياً لو كلفني الذهاب لنقطة توزيع المساعدات أن أضحي بحياتي من أجل توفير الطحين لأبنائي سأفعل كما فعل العبيد". وبالعودة للحديث عن بيليه الفلسطيني وطموحاته وأحلامه قال المدرب: "سليمان كان يحلم بأن يكون مدرباً فذاً كما كان لاعباً ماهراً، وكثيراً ما كان يحلم بأن يشهد الموسم الكروي 2023 – 2024 وداعه للملاعب كهداف كي يبدأ مسيرته في التدريب. لم يكن يعلم أنه سيودع الدنيا بأكملها، ولكنني أعده في حال انتهت الحرب وأنا من بين الأحياء سأقيم له حفل تأبين ضخم يليق بفخامة اسمه وجميل ذكراه". وبحسب أحدث البيانات الرسمية، فقد بلغ عدد ضحايا مجتمع الرياضة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 نحو 808 رياضيين، وفق ما أعلن عنه اتحاد الإعلام الرياضي الفلسطيني، من بينهم 421 لاعب كرة قدم، ونحو نصفهم من الأطفال. وكانت اللجنة الأولمبية الفلسطينية قد أفادت أن شهر يونيو/ حزيران وحده شهد مقتل 115 رياضياً، ليرتفع الإجمالي في حينه إلى 615. وتشير جمعية الإعلام الرياضي الفلسطيني إلى تدمير ما لا يقل عن 273 منشأة رياضية خلال الحرب، وهو ما يعكس الأثر العميق للنزاع على البنية التحتية الرياضية في غزة وعلى مستقبل آلاف الشبان من مختلف الفئات الرياضية. وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قد قال، إنه لم يتم العثور على سجلات تتعلق بسليمان العبيد، المعروف بـ"بيليه الفلسطيني"، مشيراً إلى أن الجيش يطلب مزيداً من المعلومات والتفاصيل للتحقق من ملابسات وفاته. ويأتي هذا الرد في أعقاب التدوينة التي نشرها النجم المصري محمد صلاح، التي أثارت جدلاً واسعاً حول ظروف مقتل اللاعب الفلسطيني.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store