
اشتداد التّجاذبات حول غزة
وفي هذا الإطار، عمدت المؤسسة العسكرية، في الأسابيع الأخيرة، إلى تسريب تقارير تُظهر للجمهور الإسرائيلي واقعاً صادماً، تتصدّره مشاهد جنود يجمعون تبرّعات مالية لشراء خوذات، سعر الواحدة منها لا يتعدّى الـ300 دولار وآباء يشترون لأبنائهم معدّات يؤكّدون أنّ الجيش لا يوفّرها لهم، فيما المعدّات والآليات تتعطّل بسبب الاستخدام المفرط والتآكل. أمّا الوحدات القتالية، فتقاتل بوسائل بالية من دون أيّ حماية فعّالة من الرصاص والقذائف الصاروخية. كما تتحدّث تقارير عن إنهاك الجنود وتعبهم وتوجّههم إلى الانتحار والتهرّب، في ظلّ غياب حافزية الالتحاق بالاحتياط والاستدعاءات واللجوء المفرط إلى عيادات الطبّ النفسي.
فهل في ذلك تهويل ومبالغة؟ الواقع لا؛ بل هذا ما يجري فعلًا على الأرض ويتمّ لأسباب مختلفة تظهيره علناً، خصوصاً من جانب الجيش وهو ما يطرح السؤال عن خلفية تلك الفضائح؟ صار واضحاً أنّ المؤسسة العسكرية غاضبة على اتخاذ قرار احتلال مدينة غزة، رغم معارضتها له وتحفّظاتها عليه وهو ما يُعدّ من الحالات الاستثنائية في تاريخ بلورة القرارات الأمنية – العسكرية في إسرائيل. لكنّ الجيش الذي فقد مصداقيّته بعد فشله في توقّع هجوم السابع من أكتوبر وإخفاقه في التصدّي له، لم يَعُد صوته مسموعاً في الغرف المغلقة.
مع ذلك، يعلي الجيش صوته للتأكيد أنّ «القدرة القتالية باتت منهارة» وأنّ توسيع العمليات العسكرية وأيّ خطط احتلال كبيرة، ستكون «كارثية». ومن هنا، كانت رسالة رئيس الأركان، إيال زامير، لدى اتخاذ القرار وبعده الإحاطة الإستراتيجية، واضحة جدّاً: الجيش بحاجة إلى استراحة، استعداداً «لِما هو أعظم».
ووفقاً لزامير، فإنّ «الجيش كرجلٍ جريح يقف على قدميه ويحتاج إلى إعادة تأهيل»، أي وقف القتال في غزة، وإلغاء خطط احتلال المدينة، والدفع نحو مسار تسووي ديبلوماسي؛ فيما يجب التركيز مسبقاً وبشكل عاجل على تهديدات كبرى باتت تلوح في الأفق: إيران و«حزب الله»، اللّذان سيسعيان إلى تغيير نتائج المواجهة معهما. وكما يرد من مصادر عسكرية إسرائيلية، فإنّ إسرائيل تدرك أنّ الكلمة الأخيرة في الحرب ضدّ إيران والحزب، لم تُقلْ بعد.
في المقابل، ترفض المؤسسة السياسية بقيادة نتنياهو توجّه الجيش وتسعى إلى السيطرة على قراره وجعله أداة تنفيذية للسياسة وليش شريكاً إستراتيجياً كما كان الحال من قبل. ويفسّر ذلك السّجال الأخير والمستمرّ بين وزير الأمن يسرائيل كاتس المدفوع من نتنياهو وزامير الذي يقف خلفه كبار ضباط الأركان وتحديداً بعد قرارات ترقية الضباط ومناقلاتهم والتي رفض كاتس تمريرها، لأنّ «السلطة لي والقرار لي»، كما قال.
على خطّ موازٍ، تجري محاولة إنعاش المسار التفاوضي في القاهرة، بدعم أميركي – مصري – قطري، وإنْ كان من المبكر تقدير ما سينتج من ذلك، خصوصاً أنّ المسألة الآن لا تتعلّق فحسب بصيغة هدنة مؤقّتة واتفاق جزئي، بل بوقف إطلاق نار مستدام وتبادل أسرى دفعة واحدة وانتشار قوات عربية ودولية لحفظ الأمن، وترتيبات لليوم الذي يلي وقف الحرب. وإذ لا توجد مؤشرات إلى تقارب حقيقي حول النقاط الجوهرية وعلى رأسها مصير «حماس»، نزع السلاح من غزة، وطبيعة الحكم في القطاع ما بعد الحرب، يَظهر، ممَّا يتسرّب من المحادثات، أنّ الحركة تبدي، للمرّة الأولى، مرونة تجاه وجود قوات دولية وعربية في غزة، مع قبول حكومة انتقالية، وإن كانت تتحفّظ على مسألة «نزع» السلاح.
إذاً، يمضي المسار التفاوضي في موازاة الخيار العسكري، بينما لا تزال النتيجة، إلى الآن، غامضة، وإنْ كان كلّ طرف يضغط لتحسين تموضعه وتوجّهاته: الجيش الإسرائيلي عبر الكشف عن التآكل والإنهاك واللّاجهوزية بما يفيد مسار الوصول إلى تسويات؛ حكومة نتنياهو عبر الدفع في اتجاه التصعيد والتمّسك بالاحتلال؛ والوسطاء من طريق إخراج مبادرات يمكن أن تجد ليونة و«تفهمّاً» لدى «حماس».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
منذ 25 دقائق
- سيدر نيوز
حزب الله يحذر من شبح 'حرب أهلية' يلوح في الأفق، والحكومة اللبنانية تصف التصريحات ب'غير المقبولة'
حذر حزب الله اللبناني، الجمعة، من أن شبح الحرب الأهلية يلوح في الأفق وأنه لن تكون هناك 'حياة' في لبنان إذا سعت الحكومة إلى مواجهة الحزب المدعوم من إيران أو القضاء عليه. وتريد الحكومة اللبنانية السيطرة على أسلحة الحزب، وفقاً لخطة مدعومة من الولايات المتحدة في أعقاب الحرب الإسرائيلية ضد لبنان التي تقول إسرائيل إنها تستهدف فيها حزب الله، الذي تأسس قبل أربعة عقود بدعم من الحرس الثوري الإيراني. لكن الحزب يقاوم الضغوط لنزع سلاحه، مشيراً إلى إن ذلك لا يمكن أن يحدث حتى تُنهي إسرائيل ضرباتها و'احتلالها' للقطاع الجنوبي من لبنان الذي كان معقلا لحزب الله. وقال، نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله اللبناني، في خطاب متلفز: 'هذا وطننا جميعاً. نحن نعيش بكرامة معاً ونبني سيادته معاً، وإلا فلن يكون للبنان حياة إذا وقفتم مع الجانب الآخر وحاولتم مواجهتنا وإبادتنا'. ورداً على ذلك، قال رئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، إن تصريحات قاسم تحمل تهديداً ضمنياً بالحرب الأهلية، واصفاً إياها بأنها 'غير مقبولة'. وقال سلام، عبر منشور على حسابه على منصة أكس (تويتر سابقاً)، نقلاً عن مقابلة له مع صحيفة الشرق الأوسط: 'لا يُصرّح لأي طرف في لبنان بحمل السلاح خارج إطار الدولة اللبنانية'. وقد كلفت الحكومة اللبنانية، الأسبوع الماضي، الجيش بحصر الأسلحة بيد قوات الأمن التابعة للدولة فقط، وهي الخطوة التي أثارت غضب حزب الله. واتهم قاسم الحكومة بتنفيذ 'أمر أمريكي إسرائيلي للقضاء على المقاومة، حتى لو أدى ذلك إلى حرب أهلية وصراع داخلي'. غير أن رئيس الحكومة اللبنانية سلام نواف قال على منصة أكس إن 'الحديث عن أن الحكومة اللبنانية تنفذ مشروعا أميركياً إسرائيلياً هو حديث مردود … قراراتنا لبنانية صرف، تصنع في مجلس وزرائنا ولا احد يمليها علينا'. وأضاف: 'اتفاق الطائف ميثاقنا وهو ينص بشكل صريح على 'بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بقواها الذاتية'. حوار محتمل كما قال نعيم قاسم إن حزب الله وحركة أمل، حليفته الشيعية، قررا تأجيل إقامة أي احتجاجات في الشوارع. وأوضح: قاسم، أنه 'لا يزال هناك مجال للنقاش والتعديلات والتوصل إلى حل سياسي قبل أن يتصاعد الوضع إلى مواجهة لا يريدها أحد'. لكنه قال: 'إذا فُرض علينا، فنحن مستعدون، وليس لدينا خيار آخر… عندها، ستكون هناك احتجاجات في الشوارع، في جميع أنحاء لبنان، وستصل إلى السفارة الأمريكية'. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، تأجج الصراع بين حزب الله وإسرائيل، والذي خلّف دماراً واسعاً في أجزاء من لبنان، عندما أطلق الحزب النار على مواقع إسرائيلية على طول الحدود الجنوبية تضامناً مع حركة حماس الفلسطينية في بداية حرب غزة. ووجهت إسرائيل ضربات موجعة لحزب الله خلال العامين الماضيين، مما أسفرعن مقتل العديد من كبار قادته، بمن فيهم زعيمه السابق حسن نصر الله، و5000 من مقاتليه، فضلاً عن تدمير جزء كبير من ترسانته، بحسب وكالة رويترز. ورغم وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نوفمبر/تشرين الثاني، تقول إسرائيل إنها ستواصل هجماتها على الأهداف العسكرية لحزب الله حتى يتم نزع سلاحه. ولا يزال حزب الله وحركة أمل يتمتعان بنفوذ سياسي، إذ أنهما دوماً ما يُعيّنان وزراء في الحكومة، ويسيطران على المقاعد الشيعية في البرلمان. ولكن، ولأول مرة منذ سنوات، فقدا الاثنان 'الثلث المعطل' في المناصب الوزارية الذي كان يُمكّنهما في السابق من نقض قرارات الحكومة. وكان رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، قد زار بيروت هذا الأسبوع، وأجرى محادثات مع نعيم قاسم وكذلك مع رئيس الجمهورية اللبناني، جوزاف عون. وقد أعربت إيران عن معارضتها لخطة الحكومة لنزع السلاح، وتعهدت بمواصلة تقديم الدعم.

القناة الثالثة والعشرون
منذ 36 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
كاتس للرئيس عون: أنت المسؤول المباشر عن تطبيق سيادة لبنان ووقف إطلاق النار
خاطب وزير الدفاع يسرائيل كاتس الرئيس اللبناني جوزف عون، مساء اليوم الجمعة، في بيان، أعلن فيه ايضا تنفيذ الجيش الإسرائيلي هجمات في جنوب لبنان ضد بنى تحتية لحزب الله في المنطقة. وكتب الوزير كاتس على موقع اكس: "لن نغير سياسة فرض أقصى العقوبات، ولن نسمح بظهور تهديدات ضد سكان الشمال وجميع مواطني إسرائيل. واضاف : "أوجه رسالة مباشرة للرئيس اللبناني عون: نعتبرك والحكومة اللبنانية المسؤول المباشر عن تطبيق سيادة لبنان والحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار. لن نعود إلى واقع السابع من أكتوبر، وسنواصل العمل بقوة ضد أي انتهاك". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ 36 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
السنيورة: بندقية حزب الله أصبحت موجهة إلى صدور اللبنانيين
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب... قال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، فؤاد السنيورة، الجمعة، إن "لجوء حزب الله إلى العنف سيعود بالضرر على كل لبنان"، مشيرا إلى أن الحزب "فقد مبررات التمسك بالسلاح، وبات يوجهه إلى صدور اللبنانيين". وأوضح السنيورة، في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية": "على نعيم قاسم (الأمين العام لحزب الله) تلقف يد الحكومة اللبنانية الممدوة إلى حزب الله والانضواء في إطار الدولة". وأضاف أن: "حزب الله فقد كل مبررات التمسك بالسلاح وعليه العودة إلى العقل والمنطق"، متابعا: "السلاح عبء على حزب الله". كما أكد أن: "بندقية حزب الله أصبحت موجهة إلى صدور اللبنانيين منذ العام 2006". وأشار إلى أنه "لا حل أمام حزب الله سوى الانضمام إلى خط الدولة"، مؤكدا أن "لجوء حزب الله إلى العنف سيعود بالضرر على كل لبنان". ولفت إلى أن: "الغالبية اللبنانية بما فيها بيئة حزب الله ترفض الحرب الأهلية". وبين أن: "هناك رفضا كبيرا في لبنان للمواقف الإيرانية ولتهديدات حزب الله"، موضحا: "ليس غريبا أن يتزامن تصعيد حزب الله مع زيارة لاريجاني (أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني)". واعتبر السنيورة أن: "اتهامات حزب الله للقرار اللبناني بالانصياع إلى الرغبات الأميركية معيبة". كما طالب رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق من "أصدقاء لبنان الضغط على إسرائيل لتنفيذ انسحابها الكامل". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News