
في حال انسحاب واشنطن... هل أوروبا قادرة على سد الفراغ العسكري في أوكرانيا؟
تحدث دبلوماسيون وخبراء عن السيناريوهات المحتملة في حال قررت الولايات المتحدة الانسحاب من دعم أوكرانيا، مشيرين إلى أنّ هذه السيناريوهات تراوح بين وقف الولايات المتحدة المساعدات المباشرة لكييف مع السماح للدول الأوروبية بنقل معلومات استخبارية وأسلحة أميركية بالغة الأهمية إلى كييف، وصولاً إلى احتمال حظر نقل أي تكنولوجيا أميركية، بما في ذلك المكونات أو البرمجيات المستخدمة في الأسلحة الأوروبية.
وقال محللون ودبلوماسيون لوكالة "أسوشيتد برس" الأميركية إنّ أي سحب للمساعدات العسكرية الأميركية قد "يُحدث صعوبات بالغة للقارة الأوروبية". إذ ستعتمد قدرة كييف على مواصلة القتال على "الإرادة السياسية الأوروبية لحشد المال والأسلحة، وعلى سرعة سد الثغرات التي تركتها واشنطن".
وأوضح دبلوماسي أوروبي، تحدّث شريطة عدم الكشف عن هويته، أنّه "لو كان الأمر سهلاً، لكانت أوروبا قد بدأت بالفعل بالقيام بالأشياء من دون الولايات المتحدة".
ولم يتم حتى الآن إقرار أي حزمة مساعدات أميركية جديدة منذ تولي الرئيس الأميركي، دونالد ترامب منصبه، على الرغم من أنّ الدول الأوروبية مجتمعة قدّمت مساعدات لأوكرانيا تفوق ما قدمته واشنطن، بحسب معهد "كيل" الألماني، الذي أشار إلى أنّ أوروبا أسهمت بنحو 157 مليار دولار، متجاوزة الولايات المتحدة بنحو 26 مليار دولار، رغم تفوق واشنطن الطفيف عندما يتعلق الأمر بالمساعدات العسكرية.
وفي هذا السياق، شدّد الخبراء على أنّ إيجاد مصادر تمويل إضافية لتمويل أوكرانيا ممكن، عبر وسائل مثل مصادرة الأصول الروسية المجمدة، غير أنّ "المال ليس هو ما تستخدمه لإطلاق الرصاص"، كما قال المستشار الخاص في مؤسسة البحوث الاستراتيجية في باريس فرانسوا هايسبورغ.
بدوره، أشار توماس جومارت، مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، إلى أنّ "الخطأ الكبير" الذي ارتكبته أوروبا تمثل في إجراء تخفيضات عسكرية واسعة بعد الحرب الباردة، وفي الافتراض الخاطئ بأن "هذه الحرب بدأت عام 2022 لا في 2014"، عندما ضمّت موسكو شبه جزيرة القرم.
وفي مواجهة هذا الواقع، كثّف الأوروبيون جهودهم لتأمين الأسلحة لأنفسهم ولأوكرانيا، على الرغم من معاناتهم من قيود في القدرة الإنتاجية، وصناعة دفاعية مجزأة، واعتماد طويل الأمد على الولايات المتحدة. اليوم 12:40
اليوم 12:07
ويرى الخبراء أنّ "بعض الطاقة الإنتاجية الإضافية قد تأتي من أوكرانيا نفسها"، بعد أن "كثّفت تصنيع الذخائر والطائرات المسيّرة منذ بدء الحرب، إلاّ أنّ استبدال الأسلحة الأميركية المتطورة، خصوصاً الدفاعات الجوية، سيكون مهمة أكثر صعوبة"، وفق ما نقل موقع شبكة "abcnews" الأميركي.
وقال دوغلاس باري، الذي يعمل في معهد الدراسات الاستراتيجية الدولية في لندن، إنّ عدد القتلى الأوكرانيين كان ليكون أعلى من دون أنظمة "باتريوت" الأميركية للدفاع الجوي، التي تحمي سماء أوكرانيا.
وفي المقابل، أشار باري إلى أنّ فرنسا وإيطاليا زودتا كييف بنظام الدفاع الجوي "أستر سامب/تي"، موضحاً أنّ "القضية ليست الجودة، بل الكمية"، بالنظر إلى تفوق القاعدة الصناعية الدفاعية الأميركية والمخزونات العسكرية الكبيرة للولايات المتحدة.
أمّا على صعيد السياسة، فحذر خبراء من أنّ التحولات الحادة في السياسة الخارجية الأميركية قد تعني أن "لا شيء مستبعد"، إذ أشار باري إلى أنّ السيناريو الأسوأ قد يشمل فرض حظر على صادرات الأسلحة الأميركية ونقلها، ما "قد يمنع الدول الأوروبية من شراء أو تقديم معدات تحتوي على مكونات أو برمجيات أميركية لأوكرانيا".
وفي السياق ذاته، حذر هايسبورغ من أنّه "عندما تتوقف الولايات المتحدة عن كونها حليفاً، وتصبح عدواً، فإنّ الأمر مختلف تماماً"، لافتاً إلى أنّ مثل هذه الخطوة قد تُلحق ضرراً كبيراً أيضاً بقطاع الدفاع الأميركي، عبر إثارة الشكوك حول إمكانية الاعتماد على الأسلحة الأميركية.
من جهته، أشار ماثيو كرونيغ، نائب رئيس مركز سكوكروفت للاستراتيجية والأمن التابع للمجلس الأطلسي، إلى أنّ قدرات حيوية مثل المراقبة والاستطلاع "الأعلى مستوى"، باستخدام الأقمار الاصطناعية، "لا تستطيع سوى الولايات المتحدة توفيرها".
وعلى الرغم من أنّ مدى تبادل المعلومات الاستخبارية بين واشنطن وكييف ليس واضحاً بالكامل، إلا أنّ الخبراء رجّحوا أن تكون هذه المعلومات "قد مكّنت القوات الأوكرانية من تعزيز انتشارها ورصد تحركات القوات الروسية في الوقت الحقيقي، ما ساعد على توجيه الضربات البعيدة المدى".
في المقابل، لفت الخبراء إلى أنّ سياسة ترامب دفعت الزعماء الأوروبيين إلى إدراك ضرورة تحمل مسؤولياتهم الدفاعية، بغض النظر عمن يشغل البيت الأبيض، ما يستلزم استثماراً أكبر في الدفاع، والعمل المشترك على توسيع الإنتاج العسكري، وبناء الثقة في تبادل المعلومات الاستخبارية.
وختم جومارت بالقول: "هذه المسألة لا تتعلق بالشهرين أو العامين المقبلين، بل بالعقدين المقبلين".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


تيار اورغ
منذ ساعة واحدة
- تيار اورغ
ملفات معابر التهريب شمالاً الى الواجهة
الديار: جهاد نافع- مقتل الشاب محمد وليد اليوسف، في بلدة الكنيسة في وادي خالد، اعاد الى الواجهة ملف التهريب عبر المعابر غير الشرعية في وادي خالد بين لبنان وسورية، وهو ملف شائك وحساس، بصعب حله نتيجة التشابك الحدودي والنسيج الاجتماعي المتداخل بين سكان وادي خالد والقرى الحدودية السورية، والروابط العشائرية اللبنانية - السورية. في الساغات الفائتة، وعند معبر حدودي غير شرعي في بلدة الكنيسة، وعلى خلفية تهريب اشخاص وفق روايات محلية متداولة، اقدم عم اليوسف على اطلاق النار على ابن شقيقه فارداه قتيلا، واثارت الجريمة بلبلة في بلدة الكنيسة ووادي خالد، فيما سارعت وحدات الجيش اللبناني والاجهزة الامنية الى تطويق الحادثة، وباشرت الاجهزة الامنية المختصة تحقيقاتها وجمع الادلة وملاحقة العم القاتل لتوقيفه. قضية المعابر غير الشرعية باتت تفوق الـ 30 معبرا، وقد ازدهرت عبرها عمليات التهريب على انواعها من عمليات تهريب البشر الناشطة بشكل غير مسبوق، الى تهريب بضائع مختلفة. أخطر ما في هذه العمليات، هي تهريب الاشخاص لقاء بدل مادي يفوق احيانا الالف دولار على الشخص الواحد حسب اهميته المعنوية، فيما البدل المادي العادي يتراوح بين المئة دولار الى مئتي دولار امريكي، والمتسللون خلسة يسددون المال على ضفتي الحدود لشبكات التهريب في سورية وفي لبنان ... يضاف الى هذا الملف الخطر، ملف تهريب الاسلحة المختلفة التي انخفضت اسعارها، ويحقق تجار الاسلحة ثروات هائلة، جراء تهريب اسلحة يبتاعونها من سورية باسعار منخفضة، وتباع في لبنان باسعار مضاعفة ... ولا تقتصر مخاطر المعابر غير الشرعية على التهريب، فقد بات الكثير منها مصيدة للمواطنين الذين يعبرون خلسة الى الاراضي اللبنانية، نتيجة الغام لا تزال مزروعة على طول الحدود بين لبنان وسورية، وقد سقط عدد كبير من الضحايا، بسبب هذه الالغام، وعدد لا يستهان به بترت اعضاء منهم جراء الدوس على الغام مزروعة للحد من التسلل عبر هذه الحدود. وحدات الجيش اللبناني المنتشرة في المناطق الحدودية، تواصل دورياتها لضبط الحدود، غير انها تحتاج الى مزيد من العديد لتوسيع مروحة الانتشار على مدى الحدود الشمالية، رغم ان اجراءات انجزها الجيش لضبط الحدود، إلا ان المعابر غير الشرعية تبقى ناشطة والتهريب قائم ومتفاقم وشبكات التهريب تعمل في ظل كل الظروف المخيمة على المنطقة.


بنوك عربية
منذ 3 ساعات
- بنوك عربية
رسمياً.. الجزائر تنضم لبنك التنمية الجديد لبريكس
بنوك عربية بدأت الجزائر الإجراءات العملية للإنضمام رسمياً إلى بنك التنمية الجديد لمجموعة بريكس وذلك بعد أشهر من إعلان الرئيس عبد المجيد تبون عن قرار الانضمام إلى هذا البنك. وأعلنت السفارة الجزائرية في البرازيل، أن السفير عبد العزيز بن علي الشريف، أودع وثيقة الانضمام الرسمي للجزائر إلى بنك التنمية الجديد لمجموعة البريكس، حيث سلمها الى أمين الشؤون الاقتصادية والمالية بوزارة الخارجية البرازيلية وممثل البرازيل لدى مجموعة بريكس السفير ماوريسيو كافالهو ليريو. وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن الرئيس الجزائري أنه بلاده توجه اهتمامها في الوقت الحالي للانضمام إلى بنك بريكس الذي لا يقل أهمية عن مجموعة البنك الدولي، بحسب تعبيره، وقدر مساهمة الجزائر المالية بمبلغ 1.5 مليار دولار. وجاءت خطوة الجزائر هذه فيما تُكثّف دول مجموعة بريكس جهودها للدفاع عن التعددية، في ظل الحرب التجارية التي يشنّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على دول العالم وخصوصا الصين، القوة الاقتصادية الأبرز في مجموعة الدول الناشئة هذه، علماً أن من المقرر أن يعقد رؤساء الدول قمة في ريو يومي 6 و7 يوليو/تموز القادم. وهذا العام، تتولى البرازيل الرئاسة الدورية لمجموعة بريكس التي تضم، إضافة إلى الصين، كلا من روسيا والهند وجنوب إفريقيا والسعودية ومصر والإمارات وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران. ومن المزمع أن تنعقد القمة في وقت حرج للاقتصاد العالمي، إذ يتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل النمو العالمي إلى 2.8% هذا العام، وهي نسبة تم خفضها مع الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب والإجراءات الانتقامية التي اتخذتها دول أخرى. وقال كبير المفاوضين البرازيليين ماوريسيو ليريو الشهر الماضي إن 'الوزراء المعنيين كانوا يتفاوضون، قبل القمة، على إعلان يهدف إلى إعادة تأكيد مركزية النظام التجاري متعدد الأطراف وأهميته'. وأضاف للصحافيين أن مجموعة بريكس التي تمثل ما يقرب من نصف سكان العالم و39% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ستسعى إلى ترسيخ مكانتها مدافعة عن التجارة القائمة على قواعد في مواجهة الإجراءات الأحادية 'من أينما أتت'، على حد تعبيره.


IM Lebanon
منذ 4 ساعات
- IM Lebanon
سوريا تحتفي برفع العقوبات الأميركية: فرصة ذهبية
كتبت سعاد جروس في 'الشرق الأوسط': رحَّب السوريون بمختلف القطاعات الرسمية والخاصة برفع الولايات المتحدة رسمياً العقوبات الاقتصادية، التي كانت مفروضة على سوريا، واعتبرت «وزارة الخارجية» أنها «خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح» سياسياً، ورأها محللون مؤشراً اقتصادياً يبشر بأيام «ذهبية غير مسبوقة آتية» للاقتصاد السوري، بعد 14 عاماً من الصراع والانهيار على كل المستويات. وأثنت وزارة الخارجية السورية في بيان على قرار الحكومة الأميركية برفع العقوبات المفروضة على سوريا وشعبها لسنوات طويلة. ورأت أنه «خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح للتخفيف من المعاناة الإنسانية والاقتصادية في البلاد»، معربة عن «تقديرها لجميع الدول والمؤسسات والشعوب التي وقفت إلى جانبها»، ومؤكدة أن «المرحلة المقبلة ستكون مرحلة إعادة بناء ما دمّره النظام البائد واستعادة مكانة سوريا الطبيعية في الإقليم والعالم». أيام ذهبية آتية كشف رجل الأعمال السوري، ورئيس «غرفة تجارة دمشق»، عصام غريواتي، لـ«الشرق الأوسط» عن زيارة مرتقبة الشهر المقبل لوفد مستثمرين أميركيين. وقال: «فرص الاستثمار في سوريا كبيرة لا سيما في مجال التكنولوجيا، ومجال إعادة الإعمار والمقدر حجمها بأكثر من 400 مليار دولار أميركي، بما يعنيه ذلك من فرص تشغيل لسنوات عدة مقبلة». لافتاً إلى زيارات كثيفة لوفود المستثمرين من دول عدة إلى دمشق، لا سيما دول الخليج العربي والمغتربين السوريين، وقيامهم بدراسة جدية واقع الاستثمار في سوريا. ورأى غريواتي، وهو أحد المستثمرين المغتربين الذين عادوا إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد، ولا تزال عائلته وأعماله في لوس أنجليس، أن استخدام الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، صلاحياته بتجميد العقوبات، يبشر برفع كامل لقوانين العقوبات عبر التصويت لاحقاً، حيث تمثل الخطوة الأميركية «فرصة كبيرة» للسوريين كونها تتيح «فرصة انفتاح كامل تبشر بأيام ذهبية غير مسبوقة قادمة للاقتصاد السوري» من حيث إمكانية عودة السفارات والمصارف والشركات الأجنبية إلى سوريا، وجذب المستثمرين الأجانب والعرب والمغتربين، وحضور البنك الدولي لتشجيع ودعم الاستثمار، وما يرافق ذلك من خلق بيئة اقتصاد حر تنافسي وتوفير فرص عمل، إضافة إلى توفر المواد اللازمة للإنتاج والبضائع والسلع الاستهلاكية وانخفاض الأسعار. كما عبَّر غريواتي عن ثقته بسوريا وقيادتها الجديدة، مؤكداً أن عودة المستثمرين المغتربين «واجب وطني». ووفق وزارة الخزانة الأميركية، يشمل قرار رفع العقوبات إلزام الحكومة السورية الجديدة بعدم توفيرها ملاذاً آمناً لمنظمات إرهابية وضمانها الأمن لأقليات دينية وإثنية. وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية، أمس (الجمعة)، بشكل متزامن، إعفاء لمدة 180 يوماً من تطبيق «قانون قيصر»، لضمان عدم عرقلة العقوبات للاستثمار الأجنبي في سوريا، ما يمنح الشركات ضوءاً أخضر لمزاولة الأعمال في البلاد. وفرض القانون الصادر عام 2020 عقوبات صارمة على مقربين من الأسد، وعلى كل كيان أو شركة تتعامل مع السلطات السورية. وطال كذلك قطاعات البناء والنفط والغاز، وحظر على واشنطن تقديم مساعدات لإعادة الإعمار. بعيد اندلاع النزاع المدمر الذي بدأ عام 2011 باحتجاجات سلمية قمعها الأسد بالقوة، فرضت الولايات المتحدة قيوداً شاملة على التعاملات المالية مع البلاد، وشدّدت على أنها ستفرض عقوبات على كل مَن ينخرط في إعادة الإعمار طالما أن الأسد في السلطة. وعرقلت الحرب والعقوبات تأهيل مرافق وبنى تحتية خدمية، وجعلت التعاملات مع القطاع المصرفي السوري مستحيلة. وجاء رفع العقوبات الأميركية، الذي تلاه رفع الاتحاد الأوروبي الأسبوع الحالي لكل العقوبات عن سوريا، في وقت تحاول السلطات دفع عجلة التعافي الاقتصادي، وقال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في بيان الجمعة، إن من شأن الإعفاء من العقوبات أن «يسهل توفير خدمات الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي وتمكين استجابة إنسانية أكثر فعالية في جميع أنحاء سوريا». دلالات سياسية رئيس مركز «النهضة للأبحاث والدراسات» بدمشق، عبد الحميد توفيق، رأى في رفع العقوبات بشكل شامل لمدة زمنية محددة «خطوة عملية تكتيكية في الاستراتيجية الأميركية المقبلة في المنطقة» من شأنها أن تمكن سوريا من كسر المشروع الإيراني في الشرق الأوسط عموماً حتى الآن، وتقليص حجم الدور الروسي في سوريا الآن ومستقبلاً، وإمكانية تقليص التفاعل الاقتصادي السوري مع الصين، جميعها عناوين تصب في المصلحة الاستراتيجية الأميركية. وقال توفيق: «هذه الخطوات تتناغم مع مساعي الجانب التركي الذي يعلم جيداً أن الاستقرار في العلاقة السورية ـ الأميركية ولو من حيث الشكل يمنحه الكثير من الفرص لخدمة مصالحه في المنطقة». وأشار عبد الحميد توفيق إلى دلالة سياسية «لافتة» بشمول القرار الأميركي، الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، ووزير الداخلية أنس خطاب، ما يكشف عن اهتمام أميركي بطبيعة الشخصيتين القياديتين في «هيئة تحرير الشام» سابقاً، لافتاً إلى أن ذلك يمنح السلطة السورية الجديدة «فرصة حقيقية لكي تخطو خطوات متقدمة فيما يتعلق بتلبية المطالب الأميركية»، التي لا تقتصر على الوضع الداخلي السوري بل مرتبطة بقضايا أخرى على رأسها «مكافحة الإرهاب» و«محاربة تنظيم (داعش)» والتخلص من السلاح الكيماوي، فضلاً عن العلاقة مع إسرائيل، سواء كانت على قاعدة «الاتفاق الإبراهيمي» أو اتفاق سلام بشكل ثنائي. ولم يستبعد توفيق أن يحصل ذلك لاحقاً بعد أن تستقر السلطة السورية أمنياً واقتصادياً وسياسياً. إجراءات كبيرة وسريعة ورغم التفاؤل برفع العقوبات، فإن آثارها المباشرة قد تكون محدودة في الوقت الراهن، ويتعين على السلطات تهيئة بنية حاضنة للاستثمار بحسب الخبير الاقتصادي، أيهم أسد، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن تعليق العقوبات بهذا الشكل الشامل سيكون له تأثيرات إيجابية كثيرة على الاقتصاد السوري، ولكن لتحقيق ذلك على الحكومة السورية أن تتخذ إجراءات كبيرة وسريعة اقتصادياً وأمنياً وسياسياً، للاستفادة من فرصة الستة أشهر التي منحها القرار، أبرزها تعديل قوانين الاستثمار الداخلية، ودعم المنتجين الوطنيين، واستيراد المواد الأوّلية، وإعادة دراسة الرسوم الجمركية والضرائب لبناء بيئة «أعمال داخلية»، وتخفيف الإجراءات البيروقراطية واشتراطات ترخيص إنشاء الشركات، وتهيئة بيئة عمل إلكتروني، وتوفير قاعدة بيانات للمستثمرين. كما أكد أيهم أسد ضرورة العمل على دعم استقرار الأمن بالبلاد بشكل كامل، ومعالجة ملف الفصائل غير المنضبطة في بعض المناطق السورية، وإزالة عوامل الخوف الأمني والعسكري من نفوس المستثمرين لتشجيعهم على دخول الاقتصاد السوري.