
عندما يطرق السرطان باب العائلة.. كيف تكون سندا حقيقيا للمريض؟
تلعب العائلة دورا جوهريا في تخفيف العبء النفسي والمعنوي والجسدي عن المريض، وتساهم في خلق بيئة داعمة وآمنة تعزز من فرصه في التحمل والاستجابة للعلاج.
الدعم العاطفي
أحد أهم أشكال الدعم هو الدعم العاطفي الذي يبدأ بالاستماع الفعّال دون أحكام أو مقاطعة. يجب أن يُسمح للمريض بالتعبير عن مشاعره بكل حرية، سواء كانت خوفا أو غضبا أو حزنا، دون محاولة التقليل من مشاعره أو دفعه قسرا نحو التفاؤل.
أحيانا، لا يحتاج المريض إلى حلول، بل إلى من يسمعه ويوجد إلى جانبه، فالحضور الجسدي وحده، من خلال لمسة أو عناق، يمكن أن يكون بليغا في تعبيره عن المساندة، كما أن التواصل المستمر ضروري، حتى وإن لم يظهر المريض رغبة دائمة في الحديث، فإن مكالمة بسيطة أو رسالة نصية قد تصنع فارقا كبيرا في يومه.
في حالات التأثر العميق أو الاضطراب النفسي، من المفيد كذلك تشجيع المريض أو أفراد أسرته على اللجوء إلى العلاج النفسي أو الاستشارات المتخصصة.
المساندة العملية
أما على الجانب العملي، فالعائلة تستطيع أن تخفف الكثير من الأعباء اليومية عن المريض عبر تقديم المساعدة المباشرة والملموسة. بدلاً من السؤال العام "هل تحتاج شيئًا؟"، من الأفضل أن تُعرض خدمات محددة، كإعداد الوجبات، أو المساعدة في الأعمال المنزلية، أو توصيله للمواعيد الطبية، أو حتى رعاية أطفاله إن وُجدوا.
التنظيم مهم في هذا السياق، ويمكن للعائلة استخدام أدوات إلكترونية أو جداول مشتركة لتنسيق المهام بين أفرادها، مثل تنظيم المواعيد الطبية، ومرافقة المريض، أو ترتيب الأدوار اليومية.
دعم مقدم الرعاية
ويجب ألا نغفل أهمية دعم مقدم الرعاية الأساسي، وهو في الغالب أحد أفراد الأسرة الذين يتحملون الجزء الأكبر من المسؤولية. هؤلاء بحاجة أيضًا إلى استراحة، ودعم نفسي، ومساعدة في المهام التي قد تكون مرهقة جسديا ونفسيا. وإن أمكن، قد تفكر الأسرة في تقديم مساعدات مالية مباشرة أو ربط المريض بمنظمات توفر دعما ماديا لتغطية تكاليف العلاج أو النقل أو الإقامة.
احترام الفروق النفسية
في هذا السياق، من المهم أن يُراعى التواصل المتوازن والمناسب لكل فرد داخل العائلة، إذ تختلف أنماط التكيف النفسي والتعامل مع المرض من شخص لآخر. فبعضهم يفضل الحديث المطول، وآخرون قد يفضلون الصمت أو العزلة المؤقتة. احترام هذه الفروق النفسية وتفضيلات كل فرد يعزز من قدرة الأسرة على تقديم الدعم الفعّال دون ضغط.
مشاعر متضاربة
على الجانب الآخر، لا بد من التوقف عند المشكلات النفسية التي تواجه العائلة نفسها، إذ قد تتعرض الأسرة لمجموعة من المشاعر المتناقضة والمؤلمة نتيجة التغير المفاجئ الذي يفرضه السرطان. ومن أبرز هذه المشاعر: الخوف والقلق، لاسيما بشأن مدى فعالية العلاج أو احتمال عودة المرض أو تقدّمه، فضلا عن الشعور بفقدان السيطرة حيال المستقبل.
كذلك يظهر الحزن بشكل واضح، سواء كحالة مستمرة من الاكتئاب أو كحزن على نمط الحياة السابق، أو الخوف من فقدان المريض. الشعور بالعجز حيال ما يمكن تقديمه، والإنهاك النفسي والجسدي بسبب أعباء الرعاية الطويلة، كلها مشاعر شائعة.
غضب وشعور بالذنب
ولا تُعد مشاعر الغضب والاستياء أمرا نادرا، فقد يشعر البعض بالغضب من المرض ذاته لأنه دمّر توازن حياتهم، أو يشعرون بالإحباط من صعوبة الأوضاع. وأحيانا، قد تظهر مشاعر الاستياء من المريض نفسه، رغم صعوبة الاعتراف بذلك، بسبب ضغوط الرعاية أو تغير الديناميكية الأسرية.
كما أن الشعور بالذنب يمثل تحديا كبيرا، إذ قد يشعر بعض أفراد العائلة بالذنب لأنهم لا يعانون مثل المريض، أو يعتقدون أنهم كان يمكنهم فعل شيء للوقاية من المرض، أو يندمون على تأثير المرض على بقية أفراد الأسرة أو على وظائفهم.
العزلة والتواصل
من التحديات الشائعة أيضًا شعور العائلة بالعزلة، سواء بسبب تراجع علاقاتهم الاجتماعية، أو شعورهم بأن لا أحد يفهم حقيقة ما يمرون به، أو بسبب غياب شبكة دعم كافية. كما أن التواصل بين أفراد الأسرة أو مع المريض ذاته قد يصبح معقدًا، خاصة في ما يتعلق بالمحادثات الصعبة أو المواضيع الحساسة.
هذه المشاعر والتحديات تختلف من عائلة لأخرى، لكن إدراكها والتعامل معها بوعي من خلال طلب الدعم المتخصص أو الانضمام إلى مجموعات دعم يمكن أن يحدث فرقا حقيقيا في إدارة هذه المرحلة.
إستراتيجيات التواصل
من المهم أن تعتمد العائلة أساليب تواصل فعّالة تُراعي حساسية المرحلة التي يمر بها المريض. ويبدأ ذلك بتهيئة بيئة آمنة ومريحة تسمح بالحوار الصادق، بعيدا عن الضوضاء والمشتتات.
وينبغي منح الجميع فرصة للتأمل دون استعجال الردود، لأن لحظات الصمت قد تحمل في طياتها كثيرًا من المعاني. ويُعد الاحترام المتبادل حجر الأساس في هذا التواصل، مع إدراك أن كل فرد يتفاعل مع الصدمة بطريقته الخاصة.
يمكن تحفيز الحديث من خلال طرح أسئلة مفتوحة مثل: "كيف كان شعورك اليوم؟"، دون الضغط على الطرف الآخر للكلام. كما أن الإنصات بعمق، والامتناع عن المقاطعة، والتعبير عن التعاطف دون إطلاق أحكام، كلها ممارسات ضرورية لبناء الثقة وتعزيز الترابط الأسري في مواجهة المرض.
الصدق والتوازن
الصدق من ركائز الحوار الصحي، لذلك يجب إبلاغ أفراد العائلة بالمعلومات حول التشخيص والعلاج بصورة واضحة ومناسبة لأعمارهم. وينبغي عدم التهرب من المواضيع الصعبة إذا كان هناك استعداد للحديث عنها، لكن تراعى الموازنة بين الصراحة وتقديم الأمل.
أيضًا، عند عرض المساعدة، من الأفضل أن تكون المساعدات واضحة ومحددة، مثل "هل أجهز لك وجبة غذاء اليوم؟" بدلًا من عرض عام. كذلك، يمكن اللجوء إلى الموارد المتاحة مثل الأخصائيين الاجتماعيين في المستشفى، أو مجموعات الدعم، أو استخدام أدوات مثل موقع "كيرنغ بريدغ" CaringBridge، وهو موقع لمنظمة غير ربحية يهدف إلى توفير بيئة داعمة وسرية لعائلات مرضى السرطان أثناء الرحلة الصحية أو العلاجية.
ويسمح بإنشاء موقع شخصي مجاني وآمن يُستخدم لمشاركة التحديثات الصحية، والصور، والرسائل التشجيعية مع الأصدقاء والعائلة في مكان مركزي، مما يخفف عنهم عبء إعادة التواصل الفردي مع كل شخص.
لا تقتصر أدوار الأسرة على العناية المباشرة بالمريض، بل تمتد لتشمل الدعم المعنوي والنفسي، والمساعدة في الأعمال اليومية، وتوصيل المريض لمواعيده، ومتابعة أدويته، أو تسهيل التواصل مع الفريق الطبي والتأمين الصحي.
وقد يتطلب الأمر أيضًا أن يتولى أحد أفراد العائلة مهمة "الدفاع عن المريض"، أي تمثيله في المواعيد الطبية، وطرح الأسئلة المهمة، والتأكد من احترام رغباته. كما أن الدعم يمكن أن يُقدَّم من أفراد يعيشون بعيدا جغرافيا، من خلال المكالمات أو تنسيق الخدمات أو حتى إجراء البحوث لمساعدته.
العودة للحياة
من المهم أيضا أن يُراعي الجميع حاجة المريض إلى الاستمرار في حياته اليومية بشكل طبيعي قدر الإمكان، وتذكيره بأنه لا يزال إنسانًا له اهتمامات وطموحات خارج المرض. ويمكن أن يكون للاحتفال بالمناسبات الصغيرة أو الحفاظ على الروتين اليومي أثر إيجابي في تعزيز إحساسه بالحياة.
وبالنسبة للأطفال داخل الأسرة، من المهم تقديم الشرح لهم بطريقة تناسب أعمارهم، ومنحهم دورا بسيطا إن أمكن، لإشراكهم في الدعم ولتقليل شعورهم بالخوف أو الارتباك.
وأخيرا فإن دعم عائلة مريض السرطان يتطلب وعيا عاطفيا، واستعدادا عمليا، ومرونة نفسية. وهو ليس دورا سهلا، لكنه ضروري وأساسي في رحلة العلاج والتأقلم.
ولا شك أن التحلي بالصبر، والحفاظ على التواصل الصادق، وتقديم الرعاية بمحبة، كلها عوامل قادرة على صنع فرق حقيقي في حياة المريض وكل من حوله.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 10 ساعات
- الجزيرة
مستشفيات غزة تسجل تصاعدا في حالات سوء التغذية عند الأطفال
مستشفيات غزة تسجل تصاعدا مستمرا في حالات سوء التغذية لا سيما في صفوف الأطفال، في ظل استمرار التجويع الممنهج والحصار الخانق الذي يمارسه جيش الاحتلال على سكان القطاع. اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
"الساكتون عن دم غزة خونة" غضب بالمنصات على التجويع وبتر أطراف 1000 طفل
شبكات تفاعل مغردون مع المأساة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، حيث كشفت وزارة الصحة الفلسطينية عن ارتفاع عدد الأطفال المبتورة أطرافهم إلى أكثر من 1000 طفل منذ بدء الحرب. اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
القلق.. العدو الخفي
"أولئك الذين لا يعرفون كيف يحاربون القلق، يموتون في سن صغيرة " [د. إليكيس كاريل]. يُعرف القلق بأنه الاضطراب والانزعاج وعدم الاستقرار النفسي، الذي يصاحبه إحساس بالضيق والحرج، نتيجة شعور الفرد بوجود خطر يتهدده. والشعور بالقلق استجابة طبيعية عندما نواجه وضعا فيه تهديد أو توتر، ولكن عندما تستمر هذه المشاعر القلقة أو تبقى من دون مبرر، عندئذ تتحول إلى مشكلة أكثر خطورة. يشعر الشخص المصاب بـ"اضطراب القلق" بقلق مبالغ فيه ولا يمكن السيطرة عليه، مما يصعب عليه التعامل مع الأنشطة والضغوط اليومية. ويعتبر القلق رد فعل طبيعي ينشأ من الضغط، وهو قد يساعد أي شخص على التعامل مع الأوضاع الصعبة. ولكن عندما يصبح مفرطا، فإنه يندرج تحت تصنيف اضطرابات القلق. جميعنا نشعر بالقلق والتوتر من الأحداث الكبرى، مثل الاختبارات، والزواج، وبدء وظيفة جديدة، وتربية الأبناء… لكن البعض يقلق حيال الأمور اليومية، وهذا القلق من شأنه أن يصعب الاسترخاء والنوم الجيد والطعام والاستمتاع بالحياة. وهناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تقودنا إلى التوتر، كصدمة كبيرة متمثلة في فقدان شخص عزيز، وربما يعود الأمر ببساطة إلى أننا نصبو إلى الكمال، فيضحي القلق أسلوبا للحياة. وعندما يتصاعد التوتر خارجا عن السيطرة، يمكن أن يتحول إلى نوبات هلع ورهاب، وحالات مثل اضطراب الوسواس القهري.. يعمي القلق أبصارنا، ويجعلنا نحلق وسط ضباب كثيف. وليس ثمة شك في أن دوام الشعور بالتوتر يضر بثقتنا، فالمستويات العالية من التوتر تسير جنبا إلى جنب مع سوء تقدير الذات ونقص الثقة، ولن ترتفع مستويات ثقتك سوى بالحد من توترك! يقول إبراهيم الفقي: "حين تقضي وقتك في القلق، فأنت فعليا تستعمل مخيلتك في صنع أشياء لا تريدها"… القلق ليس سوى مستقبل متخيل، واحتمالات تحققه ضئيلة للغاية، ويمكنه أن يؤثر تأثيرا كبيرا، ويفسد علينا اللحظات الجميلة. يُعرف القلق أيضا بأنه الشعور بالعجز في الحاضر، نتيجة توقع أشياء قد تحدث وقد لا تحدث في المستقبل.. يقول توماس كارلايل: "إننا لا يصح أن ننشغل بما يقع بعيدا عن نظرنا وعن متناول أيدينا، بل يجب أن نهتم فقط بما هو موجود بين أيدينا بالفعل". في بعض الأحيان يمكن أن تشبه عقولنا ازدحاما مروريا لأفكار مفرطة النشاط، تخص المواقف والأشخاص والأماكن والأشياء التي يجب فعلها، والهموم والمشاغل والمخاوف، كما أن أفعالنا واختياراتنا وصحبتنا، والمعلومات التي نشاهدها ونقرؤها، تسهم أيضا في الأشياء التي نفكر فيها، والتوتر الذي نختبره حينذاك. الحقيقة أن التعامل مع التوتر أبسط مما قد تظن! الأمر كله يعتمد على أفكارنا وأفعالنا اليومية، ويبدأ حين نصبح أكثر إدراكا لذواتنا. الفارق الأساسي بين التفكير الجيد والتفكير الخاطئ أن التفكير الجيد يتعامل مع الأسباب والمؤثرات، ويؤدي إلى التخطيط المنطقي والبناء، بينما يؤدي التفكير السيئ عادة إلى التوتر والقلق. القلق جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية، لكن إلى أي مدى تُعد هذه المشاعر سيئة؟ عند التعرض لأمر يحفز التوتر فإن الجسم يقوم بردة فعل تحذيرية، ثم ينتقل إلى المرحلة الثانية وهي المقاومة، وإذا ما استمر المحفز قد يؤدي ذلك إلى المرحلة الثالثة، وهي "متلازمة الإرهاق"؛ فعندما يستمر التوتر بلا انقطاع، ويتجاوز قدرة آليات التكيف في الجسم، تبدأ بالكف عن أداء وظائفها فتصل إلى مرحلة الإرهاق الكظري، ما يُضعف دفاعات الجسم بصورة كبيرة جدا، لدرجة لا يستطيع معها مواجهة تأثيرات التوتر، ويتم قمع الجهاز المناعي، فتبدأ أعضاء الجسم بإظهار أعراض مرضية بسبب التعرض الطويل لهرمونات التوتر. فالتوتر في الأساس هو عدم ارتياح، وقلق وخوف، وهذا يُلحق بنا ضررا كبيرا، وقد يصيبنا بالمرض، ويفسد علينا الأوقات التي ينبغي أن نستمتع بها، ويتغذى على صحتنا الجسدية والعقلية. "يقضي الناس معظم أوقات حياتهم يأكلهم القلق على أمور لن تحدث" [فرانكلين].. هذا لا يعني أن على المرء ألا يفكر ويخطط للغد، بل يجب عليه أن ينحي القلق جانبا. وصفة سحرية للتغلب على المواقف المقلقة يقدم لنا السيد ويليس كاريير وصفته السحرية، والتي اتبعها لأكثر من ثلاثين عاما، وهي طريقة بسيطة يمكن لأي شخص الاستفادة منها، وتتكون من ثلاث خطوات. الخطوة الأولى: اسأل نفسك: "ما أسوأ شيء يمكن أن يحدث إذا لم أتمكن من علاج هذه المشكلة؟". الخطوة الثانية: قم بإعداد نفسك لتقبُل أسوأ العواقب، عند الضرورة. الخطوة الثالثة: حاول بهدوء تحسين صورة أسوأ هذه العواقب التي تقبلتها بالفعل. بعض الإستراتيجيات للتخلص من القلق ابدأ في تغيير نظرتك إلى لحظات حاضرك، وانظر إليها باعتبارها أوقاتا ينبغي أن تعيشها، بدلا من أن تستغرق في الانشغال بالمستقبل. الرياضة اليومية: يحسن النشاط البدني من وظائف الجسم والدماغ. تعلم تقنية التنفس: تستطيع تقنيات التنفس مساعدتك في استعادة السيطرة على تنفسك كلما شعرت بالقلق. استمتع بالبساطة: إن الكثير من القلق الذي نواجهه في الحياة يكون نتيجة الشروط المفروضة في المجتمع، التي يجب علينا أن نتقيد بها. تحدَ أفكارك: إذا كنت تعاني من القلق، فقد تجد أنك تقفز بانتظام إلى الاستنتاجات الخاطئة. إن لحظة الحاضر هي أساس فهمك لشعورك بالذنب، ولشعورك بالقلق، وما يترتب عليهما من سلوكيات. عليك أن تتعلم كيف تعيش حاضرك، وألا تُضيع لحظات هذا الحاضر في خواطر تتعلق بالماضي والمستقبل، وتصيبك بالعجز والجمود وأخيرا.. قد يكون السؤال عن كيفية جعل القلق يختفي واحدا من أكثر الأسئلة التي تُطرح على الأخصائيين؛ وهذا أمر منطقي. ففي أحسن الأحوال، القلق ليس شعورا مريحا، وهو شعور طاغٍ في أسوأ الحالات. عندما نحس قلقا يبذل جسدنا جهدا كبيرا فيستنفد ذلك قوتنا. "القلق مضيعة للوقت، وكل ما يفعله هو سرقة البهجة من حياتنا، وإبقاؤنا مشغولين للغاية بفعل اللاشيء"… وهو يتألف من الأفكار التي نسمح بتدفقها عبر عقولنا. إن لحظة الحاضر هي أساس فهمك لشعورك بالذنب، ولشعورك بالقلق، وما يترتب عليهما من سلوكيات. عليك أن تتعلم كيف تعيش حاضرك، وألا تُضيع لحظات هذا الحاضر في خواطر تتعلق بالماضي والمستقبل، وتصيبك بالعجز والجمود. ليس بوسعك أن تحيا أي لحظة أخرى سوى لحظة الحاضر، ولكن بدلا من أن تدرك ذلك، تقوم بتضييع ذلك الحاضر في مشاعر الذنب والقلق التي لا جدوى منها. "إذا أردت التوقف عن القلق والبدء بالحياة، إليك هذه القاعدة: عدد نعمك وليس متاعبك" [ديل كارنيجي].