
إستراتيجية إسرائيلية جديدة تجاه لبنان وراء استهداف الضاحية
شكلت الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت فجر اليوم الثلاثاء نقلة نوعية في أهداف الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه لبنان منذ خروج اتفاق وقف إطلاق النار إلى حيز التنفيذ.
الغارة، بحسب الجيش الإسرائيلي، استهدفت حسن علي بدير المدرج في قائمة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وأجهزة الأمن كعنصر فاعل في "الوحدة 3900" في "حزب الله" و"فيلق القدس"، بادعاء أنه كان يخطط وينسق مع عناصر من الحزب لتنفيذ عملية ضد إسرائيليين في دولة أجنبية خلال فترة زمنية قصيرة.
وهذه هي الغارة الثانية في أقل من أسبوع على بيروت، وأثارت ردود فعل لبنانية ودولية بعد مقتل أربعة لبنانيين في الأقل بالمبنى المستهدف. وبينما اعتبرها اللبنانيون اختراقاً لاتفاق وقف النار واعتداء على سيادة الدولة، ادعت إسرائيل أنها بداية لتغيير في استراتيجيتها تجاه لبنان، ووصف وزير الخارجية جدعون ساعر العملية بأنها بمثابة استهداف قنبلة موقوتة كانت ستودي بحياة عشرات الإسرائيليين.
معادلة الردع والإحباط
ساعر هدد باستمرار عمليات سلاح الجو في لبنان وضد أي عمل يهدد إسرائيل ومواطنيها وحمل المسؤولية لدولة لبنان وحكومتها التي دعاها إلى العمل من أجل منع تنفيذ عمليات من أراضيها ضد إسرائيل ومواطنيها.
وبتنفيذ العملية تكون إسرائيل استبدلت معادلة "بيروت مقابل كل إطلاق صاروخ عليها" التي أعلنها وهدد بتنفيذها وزير الأمن يسرائيل كاتس بعد إطلاق الصواريخ الأخيرة على كريات شمونة، بمعادلة "بيروت مقابل كل تخطيط وتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية". ونفذت العملية بالتعاون بين الجيش وجهازي "شاباك" و"موساد" لتعكس ما وصفه أمنيون بالتغيير الاستراتيجي والعملياتي من الهجوم والردع إلى إحباط العمليات.
ويرى القائد السابق لمنظومة الدفاع الجوي العميد احتياط دورون غبيش أن الهجوم على الضاحية يعتبر نوعياً وقوياً ودقيقاً، "وهو يعبر عن تغيير في الاستراتيجية الإسرائيلية، بل إنه تغيير حتى في مفهومنا الأمني وعقيدتنا الأمنية. إسرائيل وبعد الانسحاب من لبنان عملت لتقويض قدرات 'حزب الله' والقضاء على مستودعات ومخازن الأسلحة، وفي عمليتها هذه أحبطت عملية خطرة جداً وانتقلت للعمل من الحسم والردع والتحذير إلى منع تنفيذ العمليات حتى في عمق بيروت، وهذا تغيير استراتيجي ونفذ على أرض الواقع في هذه العملية"، مشيراً إلى "بصمة إيرانية في مخطط استهداف الإسرائيليين".
من جهتها حاولت إسرائيل الترويج لدور جهاز الأمن الداخلي (شاباك) في تحديد المستهدف، لافتة إلى أن نشاطها في لبنان يعتمد أيضاً على عملاء نجحت في تفعيلهم خلال الفترة الأخيرة. وبحسب ما قال المسؤول السابق في "شاباك" إيلان لوطن، فإن إسرائيل تمكنت عبر معلومات استخباراتية دقيقة من إحباط عملية خطرة ربما جاء التخطيط لتنفيذها عشية عيد الفصح (العبري)، فلدى "حزب الله" وإيران والتنظيمات المعادية معلومات وافرة عن تجمع الإسرائيليين في دول معينة، مما يستدعي التشديد على تحذير الإسرائيليين خلال جولاتهم في الخارج من الاستهتار بالموضوع واتخاذ الحذر والحيطة، سواء بإخفاء ما يمكن أن يكشف عن يهوديتهم (قبعة المتدينين المعروفة باسم "كيبا") وعدم إطلاق شعارات كما يفعل بعضهم مثل "شعب إسرائيل حي"، معتبراً هو الآخر أن ثمة "بصمة إيرانية" واضحة في هذا المخطط.
وإزاء التقديرات الإسرائيلية باحتمال تنفيذ العملية عشية عيد الفصح العبري، رفعت تل أبيب حال الاحتياط في ممثلياتها وسفاراتها، لكنها في الوقت نفسه لم تصدر تعليمات بعدم السفر إلى دول معينة.
خيار المنطقة العازلة
وفي أعقاب تقديرات أجهزة الأمن والجيش بأن إطلاق الصواريخ سيستمر من قبل لبنان، وعلى رغم قناعة إسرائيل بأن "حزب الله" لا يقف خلف إطلاق الصواريخ خلال الأسبوعين الماضيين باتجاه كريات شمونة والمطلة، فإنها تضع الجبهة الشمالية تجاه لبنان ضمن أولوية أجندتها العسكرية وبحثت الخيارات الفضلى لضمان أمن الحدود والسكان.
وإلى جانب عمليات محددة كتلك التي استهدفت الضاحية الجنوبية فجر اليوم، طرحت الأجهزة الأمنية التساؤل حول ما إذا كان الوضع الحالي يكفي لضمان أمن الحدود والسكان، وناقشت ثلاثة خيارات للتعامل مع لبنان إذا ما تعرضت إسرائيل من جديد لقصف صاروخي، بعدما حسمت تل أبيب رفض قبول تحويل المنطقة إلى حرب استنزاف صاروخية، وتمثل الخيار الأول في البقاء على معادلة "بيروت أمام كل صاروخ" يطلق على إسرائيل، وهو خيار لا يحظى بالأكثرية لأنه يبقي المنطقة في حرب استنزاف، والثاني يكمن في العودة للقتال على أن تكون المرحلة الأولى منه توسيع منطقة انتشار الجيش وتعزيز المواقع الخمسة له في لبنان. أما الخيار الثالث الذي يحظى بدعم الأكثرية ويتجاوب مع مطلب رؤساء ومنتدى بلدات خط المواجهة، فهو إعادة السيطرة على منطقة عازلة في لبنان.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب مسؤول أمني، هناك نقاش حول إمكان توسيع المواقع الخمسة التي يسيطر عليها الجيش في لبنان مع تعزيز وحداته، فـ"غالبية عناصر الأجهزة الأمنية والجيش ترى أن السيطرة على منطقة عازلة وبقاء الجيش فيها الخيار الصحيح، إذ يضمن الأمن للسكان لأن المنطقة العازلة للجيش لا تفرض واقعاً أمنياً أفضل فحسب، بل تمنع كذلك إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان".
وبحسب تقديرات أمنيين وعسكريين، فإن إسرائيل ستعمل على فرض منطقة عازلة حتى قبل تعرضها لقصف صاروخي إذا ما حصلت على دعم أميركي لخطوتها، في وقت ما زال الصوت الداعي إلى الخيار الثاني بالعودة للقتال يحظى بدعم سكان الشمال وأمنيين وعسكريين سابقين يقودون حملة لحث القيادة على تنفيذه.
عودة للقتال والاغتيالات
في سياق جلسات تقييم الأوضاع عرضت على متخذي القرار توصية أعدها أمنيون وعسكريون سابقون وباحثون من مركز "علما"، المتخصص في دراسة التحديات الأمنية على الحدود الشمالية، توضح ضرورة تنفيذ عملين في آن واحد في حال أطلقت صواريخ مرة أخرى على إسرائيل، وهما شن هجوم واسع النطاق حتى بيروت وتجديد الاغتيالات لقادة الحزب السياسيين والعسكريين.
ووفق التوصية، فإن "على إسرائيل رفض تحويل جبهة الشمال إلى حرب استنزاف صاروخية، كما هي حال الجبهة الجنوبية تجاه غزة التي استمرت أعواماً طويلة. وإذا أطلقت صواريخ جديدة فعلى الجيش شن هجوم واسع النطاق على أهداف 'حزب الله' في بيروت على غرار الهجمات التي نفذت في منطقة الضاحية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2024".
أما الخطوة الثانية، بحسب التوصية، فهي تجديد عمليات الاغتيال، إذ "على إسرائيل استهداف شخصيات بارزة في 'حزب الله' ضمن القيادتين السياسية والعسكرية". وشملت القائمة المطروحة إلى جانب الاسم منصب كل شخصية في الحزب كالتالي:
في القيادة السياسية، الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم ورئيس المجلس التنفيذي علي دعموش ورئيس كتلة الوفاء والمقاومة في البرلمان محمد رعد ورئيس المجلس السياسي للحزب إبراهيم أمين السيد ورئيس المجلس القضائي في الحزب محمد يزبك ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط وفيق صفا.
أما الشخصيات العسكرية فهي رئيس الأركان محمد حيدر وقائد جبهة الجنوب هيثم علي طبطبائي (وفق ما هو مدرج في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية) ومسؤول "الوحدة 910" طلال حمية.
ويشدد معدو التوصية على أهميتها "لخلق ردع كبير يمنع 'حزب الله' من الاستمرار بإطلاق النار على إسرائيل وإلحاق الضرر بقدرة التنظيم على التعافي وإعادة تأهيل نفسه بعد الضربات القاسية التي تلقاها خلال العام الماضي".
وجاء في ورقة التوصية أن "الهجوم على قيادة المنظمة، إلى جانب عملية كبيرة على معقلها المركزي في بيروت، بمثابة رسالة لا لبس فيها مفادها بأن إسرائيل لن تتسامح مع استمرار إطلاق النار على أراضيها".
مسؤولون أمنيون كبار علقوا على التوصية بالقول إن "جميع الخيارات مطروحة على الطاولة إذا اتجه 'حزب الله' صوب أي تصعيد آخر".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 6 ساعات
- Independent عربية
السلطات السورية تسلم لبنان المتهم في خطف واغتيال مسؤول حزبي
في تطور لافت طرأ على خط العلاقات اللبنانية–السورية التي كثيراً ما اتسمت خلال أيام النظام السوري السابق بعدم التعاون، لا سيما في الملفات الأمنية، سلمت السلطات السورية الجديدة مشتبهاً به قال مصادر محلية إنه يدعى أحمد نون، ويعد أحد المتورطين الأساسيين في جريمة خطف وقتل باسكال سليمان المسؤول المحلي في حزب "القوات اللبنانية"، الذي يترأسه سمير جعجع. وذكر الجيش اللبناني في بيان أنه "بعد سلسلة اتصالات أجراها مكتب التعاون والتنسيق في الجيش مع السلطات السورية، تسلم المكتب المواطن (أ.ن.)، وهو أحد المتورطين الأساسيين في جريمة خطف المواطن باسكال سليمان وقتله بتاريخ السابع من أبريل (نيسان) 2024، وسُلم الموقوف إلى مديرية الاستخبارات في الجيش في موازاة متابعتها الأمنية للجريمة. والموقوف يتزعم عصابة خطف وسرقة وتزوير، وفي حقه عدد كبير من مذكرات التوقيف. وبوشر التحقيق معه بإشراف القضاء المختص". بعد سلسلة اتصالات أجراها مكتب التعاون والتنسيق في الجيش مع السلطات السورية، تسلم المكتب المواطن (ا.ن.)، وهو أحد المتورطين الأساسيين في جريمة خطف المواطن باسكال سليمان وقتله بتاريخ ٧ /٤ /٢٠٢٤، وتم تسليم الموقوف إلى مديرية المخابرات في الجيش في موازاة متابعتها الأمنية للجريمة.… — الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) May 24, 2025 ولم تقنع الرواية الرسمية الأولية حول ظروف مقتل سليمان الذي خطف مساء الأحد السابع من أبريل 2024 قبل أن يعلن مقتله خلال اليوم التالي، شريحة واسعة من اللبنانيين الذين شككوا في أن تكون الخلفية مجرد سرقة السيارة وعدُّوا أن ما حصل عملية اغتيال سياسية. ومن جهته، تحدث حزب "القوات اللبنانية" حينها في بيان رسمي عن أن ما حصل عملية اغتيال سياسي لحين ثبوت العكس، وفند ثلاثة عوامل جوهرية أدت إلى وقوعها، الأول وجود "حزب الله" بالصورة الموجود عليها داخل البلد (وذلك قبل اندلاع الحرب الأخيرة مع إسرائيل) وتعطيل دور الدولة وفعالية هذا الدور، أما العامل الثاني فهو الحدود السائبة، محملاً من يبقي الحدود سائبة مسؤولية هذه الجرائم، وثالثاً منع إدارات الدولة القضائية والأمنية والعسكرية من العمل في مناطق معينة، أو ضمن قضايا معينة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وكان الجيش اللبناني أعلن أن سليمان "قُتل من قبل الخاطفين أثناء محاولتهم سرقة سيارته في منطقة جبيل، وأنهم نقلوا جثته إلى سوريا"، مشيراً إلى أنه تم توقيف أربعة سوريين مشتبه فيهم بصورة رئيسة في القضية، واعترفوا بارتكابهم الجريمة. إلا أن تلك الرواية فتحت المجال لطرح تساؤلات حول قدرة "عصابة سورية" على تعقب ورصد أحد الأشخاص وإخراجه من البلاد بهذه السهولة، ولم توفر الاتهامات "حزب الله" الذي كان برأي كثر آنذاك يسيطر على الحدود اللبنانية-السورية، وكذلك كان يسيطر على منطقة القصير في العمق السوري، حيث تبين وجود المقر الرئيس لتلك العصابة التي سلمت جثة سليمان للأمن التابع للنظام السوري قبل نقلها إلى لبنان.


Independent عربية
منذ 7 ساعات
- Independent عربية
تعدد نقاط الخلاف يعوق تقدم المحادثات حول النووي الإيراني
عقدت إيران والولايات المتحدة أمس الجمعة في روما جولة خامسة من المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، وغادر وفدا البلدين من دون إحراز تقدم ملحوظ، لكنهما أبديا استعدادهما لإجراء محادثات جديدة. في ما يلي عرض من وكالة الصحافة الفرنسية لنقاط الخلاف المستمرة حول الملف النووي الإيراني على رغم وساطة سلطنة عمان. مشكلة التخصيب يشكل تخصيب اليورانيوم موضوع الخلاف الرئيس، إذ تشتبه الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وإسرائيل، العدو اللدود لإيران والتي يرى الخبراء أنها القوة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط، في نية طهران امتلاك سلاح نووي، لكن طهران تنفي أية طموحات نووية عسكرية. وتقول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران تخصب اليورانيوم راهناً بنسبة 60 في المئة، متجاوزة إلى حد بعيد سقف الـ3.67 في المئة الذي نص عليه اتفاق عام 2015 النووي مع القوى الغربية الكبرى الذي انسحبت منه واشنطن عام 2018. ورداً على الخطوة الأميركية، أعلنت ايران أنها غير ملزمة بعد ذلك مضمون الاتفاق. ويعتبر الخبراء أنه ابتداءً من نسبة 20 في المئة، قد تكون لليورانيوم المخصب استخدامات عسكرية، علماً أن التخصيب ينبغي أن يكون بنسبة 90 في المئة للتمكن من صنع قنبلة. وصرح الموفد الأميركي إلى الشرق الاوسط ستيف ويتكوف الذي يترأس وفد بلاده في المحادثات مع طهران الأحد الماضي، بأن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تسمح لإيران بأن تملك ولو واحداً في المئة من القدرة على التخصيب، وتؤكد إيران أن قضية التخصيب "خط أحمر" بالنسبة إليها. صراع الخطوط الحمراء وقال الباحث في مركز السياسة الدولية في واشنطن سينا توسي إن محادثات أمس أبرزت "صراع الخطوط الحمراء التي يبدو أنه لا يمكن تحقيق تقارب في شأنها". وتصر طهران على حصر المفاوضات بالمسألة النووية ورفع العقوبات عنها، جاعلة من ذلك مبدأ غير قابل للتفاوض. وعام 2018 اعتُبر الانسحاب الأميركي من الاتفاق الدولي حول الملف النووي مدفوعاً بصورة جزئية بعدم وجود إجراءات ضد برنامج إيران الباليستي الذي ينظر إليه على أنه تهديد لإسرائيل، حليفة واشنطن. وفي الـ27 من أبريل (نيسان) الماضي، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الولايات المتحدة إلى بلوغ اتفاق يحرم في الوقت نفسه إيران من أية قدرة على تخصيب اليورانيوم وتطوير صواريخ. واستبق محللون الأمر بالقول إن هذا الموضوع مطروح على جدول أعمال المحادثات، وكذلك دعم إيران لما يسمى "محور المقاومة" الذي يضم تنظيمات مسلحة معادية لإسرائيل أبرزها "حزب الله" في لبنان وحركة "حماس" الفلسطينية في غزة والمتمردون الحوثيون في اليمن. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) مواقف متناقضة ولا تخفي إيران استياءها من مطالب "غير عقلانية" من جانب الولايات المتحدة، فضلاً عن شكواها من مواقف متناقضة لدى المسؤولين الأميركيين. وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الشهر الماضي، "إذا واصلنا (سماع) مواقف متناقضة، فذلك سيطرح مشكلات" بالنسبة إلى المفاوضات. وتندد إيران بموقف واشنطن "العدائي" بعدما فرضت عقوبات جديدة عليها قبل عدد من جولات التفاوض. وفي هذا السياق، استهدفت الخارجية الأميركية الأربعاء الماضي قطاع البناء بحجة أن بعض المواد تستخدمها إيران في برامجها النووية والعسكرية والباليستية. ورأت الخارجية الإيرانية أن "هذه العقوبات تثير تساؤلات حول مدى جدية الأميركيين على الصعيد الدبلوماسي". ومع نهاية أبريل الماضي وقبل الجولة الثالثة من المفاوضات، فرضت واشنطن أيضاً عقوبات على قطاعي النفط والغاز في إيران. التهديد بقصف المنشآت وفي موازاة دعوته القادة الإيرانيين بإلحاح إلى التوصل لاتفاق، يتوعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بقصف إيران إذا فشل المسار الدبلوماسي. وحذر رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية الجنرال محمد باقري أمس من أن "أي توغل للولايات المتحدة في المنطقة سيؤول (بها) إلى مصير مماثل لما واجهته في فيتنام وأفغانستان". ونقلت شبكة "سي أن أن" الثلاثاء الماضي عن عدد من المسؤولين الأميركيين أن إسرائيل تستعد لتوجيه ضربات إلى المنشآت النووية الإيرانية، وحذرت طهران من أنها ستحمّل واشنطن مسؤولية أي هجوم اسرائيلي. وذكر موقع "أكسيوس" الأميركي أن ستيف ويتكوف أجرى مشاورات مع مسؤولين إسرائيليين أمس سبقت الجولة التفاوضية الخامسة. وكتبت صحيفة "كيهان" الإيرانية المحافظة المتشددة اليوم السبت أن "التنسيق بين ترمب ونتنياهو يفضي إلى مأزق في المفاوضات".


الشرق الأوسط
منذ 9 ساعات
- الشرق الأوسط
اتفاقات «الثنائي الشيعي» تلغي التنافس في 40 % من بلدات جنوب لبنان
حيّدت اتفاقات ثنائي «حركة أمل - حزب الله» (الثنائي الشيعي)، 40 في المائة من قرى وبلدات جنوب لبنان عن المعارك الانتخابية التي فرضت الحرب الأخيرة والاستهدافات الإسرائيلية إيقاعها على المنافسة في آخر جولات الانتخابات البلدية والاختيارية التي أقيمت السبت في محافظتي الجنوب والنبطية، وشوّش فيها المستقلون على جهود بُذلت لتعميم التزكيات في المحافظتين. وغابت المعارك والمنافسات في غالبية القرى الحدودية، خصوصاً المدمرة، التي تم تخصيص مراكز لاقتراع سكانها في مدينتي صور والنبطية. وفيما اختار مستقلون التنافس وفق أولويات إنمائية، وأخرى متصلة بملفات العودة إلى القرى وفرض الأمن وإعادة الإعمار، مَنَحَ ثنائي «أمل - حزب الله» الانتخابات عنواناً سياسياً، لا ينفصل عن المعركة الأخيرة مع إسرائيل، وتداعياتها المستمرة لجهة الاستهدافات الإسرائيلية المتواصلة للمنطقة. وقال النائب علي حسن خليل، المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، إن «هذا المشهد من الحضور الكثيف للجنوبيين في الانتخابات البلدية والاختيارية تعبير واضح عن تمسكهم بالأرض وعن إرادتهم القوية بكسر كل المشروع الذي حاول العدو الإسرائيلي رسمه للمنطقة من قتل الحياة فيها وعدم عودة الحياة للأرض». وشدد في تصريح على أن «الرد الشعبي على مخططات العدو كان عبر تزكية عدد كبير من البلديات في قرى الجنوب»، مشيراً إلى «أن هذا اليوم هو تأكيد على هذا الانتصار المعنوي للجنوبيين بعودتهم إلى أرضهم وعدم رضوخهم للتهديدات والاعتداءات اليومية التي يمارسها العدو، وتحديداً في قرى الحافة الأمامية». امرأة تحمل صورة زوجها الذي قتل في المعركة الأخيرة خلال اقتراعها في النبطية بجنوب لبنان (إ.ب.أ) وفي السياق نفسه، قال عضو هيئة الرئاسة في حركة «أمل»، النائب قبلان قبلان، في تصريح، إن «أهل الجنوب يتحدّون العدو بعد القصف بساعات والركام لم يرفع بعدُ، ويقولون له تستطيع أن تقصف وتقتل لكن لا تستطيع كسر إرادتنا»، مضيفاً أن «إرادة الشعب الجنوبي أقوى من سلاح العدو الإسرائيلي واعتداءاته». عضو هيئة الرئاسة في #حركة_أمل النائب الدكتور #قبلان_قبلان من مقر الماكينة الانتخابية المركزية لحركة أمل في #المصيلح - #جنوب_لبنان في مواكبة للانتخابات البلدية والإختيارية:«بعد القصف بساعات والركام لم يُرفع، أهل #الجنوب عم يقولوا للعدو بتقدر تقصف وتقتل لكن لن تستطيع كسر... — Kabalan kabalan (@kabalan_kabalan) May 24, 2025 وعلى ضفة «حزب الله»، قال النائب علي فياض، خلال جولة على مراكز الاقتراع البلدي في المنطقة الحدودية بمنطقة النبطية: «يُريد الإسرائيلي الجنوب، وخصوصاً المنطقة الحدودية، منطقة موت وفراغ اجتماعي وشلل اقتصادي»، مستطرداً: «لكن مجتمعنا يُصِّر على أن يُعيدها منطقة حياة وحضور اجتماعي وإعادة بناء اقتصادي». وتابع فياض: «لدينا ثقة مطلقة بخيارات مجتمعنا الجنوبي الذي أراد أن يعطي لصوته البلدي والاختياري بعداً مقاوماً، وأن يُضَمِّن خياره الإنمائي رسالة ثبات وصمود في وجه العدو الإسرائيلي وكل المتواطئين معه أو الراضخين لإملاءاته وإملاءات حلفائه، وأنه رغم كل الضغوطات التي يتعرض لها عسكرياً ومالياً وتهجيرياً، فإنه ماضٍ في تمسّكهِ بالمقاومة بوصفها خياراً سيادياً، وبالثنائي الوطني خياراً سياسياً». واستطاعت التوافقات أن تحيّد نحو 40 في المائة من قرى الجنوب، عن المنافسة الانتخابية. وأعلنت وزارة الداخلية والبلديات عن فوز 109 بلديات بالتزكية في محافظتي الجنوب والنبطية من أصل 272، فيما قالت الماكينات الانتخابية لـ«أمل» و«حزب الله» إن 89 بلدية (من أصل الـ109) تمت التزكية فيها بناء على توافقات الثنائي. وتوزعت البلديات الفائزة بالتزكية في الأقضية على الشكل التالي: في النبطية فازت 11 بلدية بالتزكية، وفي صور وصل عدد البلديات الفائزة إلى 39، وسجل فوز 11 بلدية في مرجعيون، و3 بلديات بالتزكية في حاصبيا، في حين سجل قضاء بنت جبيل فوز 15 بلدية بالتزكية منها مدينة بنت جبيل. أما في صيدا الزهراني فقد فازت 16 بلدية بالتزكية في حين فازت 14 بلدية بالتزكية في قضاء جزين. وحالت ترشيحات المستقلين والشخصيات اليسارية، دون التوصل إلى تزكيات في عدد من القرى، بالنظر إلى أن المعايير العائلية والسياسية المحلية تفرض إيقاعها في الانتخابات البلدية. ففي قضاء النبطية، بقي التنافس قائماً في 29 بلدية من أصل 40، أبرزها في مدينة النبطية التي شهدت منافسة بين «لائحة التنمية والوفاء» المدعومة من «الثنائي الشيعي» وعائلات، المؤلفة من 21 مرشحاً، و«لائحة النبطية تستحق» المؤلفة من 12 مرشحاً فقط، المدعومة من يساريين ومستقلين وبعض العائلات. كذلك شهدت بلدات مثل كفررمان والدوير وأنصار ودير الزهراني منازلات انتخابية حامية بطابع سياسي تنافسي، من دون استبعاد الاعتبارات المحلية عن المنافسة. مناصرة لـ«حزب الله» ترفع أصبعها بعد اقتراعها في الانتخابات البلدية والاختيارية بجنوب لبنان (أ.ب) في قضاء صور تركزت أبرز المعارك في مدينة صور، وهي أبرز معاقل «حركة أمل»، حيث لم تثمر المساعي بالوصول إلى التزكية، فشهدت المدينة منافسة بين لائحة مكتملة مدعومة من «الثنائي» ولائحة أخرى غير مكتملة مدعومة من ناشطين في منظمات المجتمع المدني. أما في قرى القضاء، فتركزت المعارك في القرى الكبرى تقريباً مثل معركة، بينما حسمت التزكية في معظم القرى الصغيرة. ويقول الجنوبيون إن المنافسات هنا تتخذ طابعاً محلياً إنمائياً مع بعض الاعتبارات السياسية في البلدات التي يوجد فيها المستقلون وبعض قوى اليسار، حيث أظهرت المنافسات تغيراً في المشهد الانتخابي في القضاء مع بروز لوائح مستقلة رفضت التزكيات. وكما في صور والنبطية، كذلك في أقضية بنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا (التي تضم بلدات حدودية مع إسرائيل)، حيث فرضت التزكية نفسها على عدد لا بأس به من البلديات سواء من خلال توافق وتحالف الثنائي الشيعي أو من خارجه. وفي مقابل هذه التزكيات والتوافقات شهدت بلدات وقرى أخرى في هذه الأقضية معارك انتخابية فرضتها المنافسات والاعتبارات العائلية من دون إغفال العوامل الحزبية والسياسية، لا سيما في حولا وعيترون وغيرها.