
بطلقة إيران… هزمت أمريكا والكيان
يقال في الحروب، ان الانتصار يسجل دائماً باسم صاحب الطلقة الأخيرة، وهي كلمات اختصرت مافعلته إيران بمعركة استمرت 12 يوما واجهت خلالها كياناً غاصباً مدعوماً من امريكا وغالبية الدول الأوروبية، ويبتعد العرب عن مواجهته بسبب اسطورة عمل على إشاعتها تحت عنوان، الجيش الذي لا يقهر والقبة الحديدة التي لا تخترق والموساد صاحب العمليات السرية والدقيقة، بهدف زرع الخوف حتى يتمكن من تحقيق مشروعه بابتلاع الشرق الاوسط قبل اصطدامه بطهران.
بدأت الحرب بأسلوب اعتاد الكيان على ممارسته مع الرافضين لجرائمه وأطماعه من خلال استغلال المفاوضات بين واشنطن وطهران ليوجه ضرباته للعمق الايراني من خلال غارات جوية ، اعلن بان الهدف منها القضاء على البرنامج النووي الايراني وقتل جميع علماء الطاقة النووية وقادة الاجهزة الامنية وصولا الى تغيير النظام بعد اغتيال المرشد الاعلى السيد علي الخامنئي كما كانت تخطط تل ابيب، وبعلم واطلاع مباشر من قبل ادارة الرئيس الامريكي ترامب الذي شارك بخداع القيادة الايرانية باصراره على التمسك بالمفاوضات ورفضه أمام وسائل الإعلام منح الموافقة للكيان بمهاجمة الجارة الشرقية، ليخرج بعدها الرئيس الأمريكي 'منتشيا' بالنصر يتبادل التهاني مع نتنياهو معتقدا بان العملية انتهت، واجنحة إيران كسرت وسترضخ لجميع مطالب تل ابيب وواشنطن.
لكن المفاجأة… ايران وبعد ساعتين امتصت الصدمة وعادت للواجهة بإمتلاك زمام المبادرة واصدرت قياداتها اوامر بتعيين بدلاء عن القيادات العسكرية الذين اغتالهم الكيان، والمباشرة بالرد على الهجوم بموجات من الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية التي ارعبت الكيان لدى وصولها إلى تل ابيب بسرعة غير متوقعة، متجاوزة صورايخ القبة الحديدية التي يتفاخر الكيان بوجودها لحماية مستوطناته، وحتى طوق الحماية الذي حاولت بعض الدول العربية صناعته في اجوائها فشل بالتصدي لتلك الصورايخ، التي اصابت اهدافها بدقة جعلت نتنياهو يقف 'مذهولا' ودفعت ترامب للتراجع عن تصريحات الفرح والشماتة بايران، وجعلته يخرج علينا عبر شاشات التلفاز بعشرات التصريحات المتناقضة خلال اقل من 24 ساعة، فمرة يهدد ايران واخرى يلوم نتنياهو وبعدها يتحدث عن ضرورة ايقاف التصعيد، وحينما ادرك بان المعركة ذاهبة باتجاه هزيمة الكيان الإسرائيلي قرر استهداف المفاعلات النووية، بطريقة الحيلة والغدر، لان ترامب قبل يومين من تنفيذ الطائرات الامريكية عملياتها ضد المنشات النووية منح طهران مهلة اسبوعين من اجل العودة للمفاوضات وايقاف الحرب، لكنه لم يلتزم بالمهلة التي حددها بنفسه، لاسباب عديدة ابرزها ضغوطات اللوبي الصهيوني في امريكا ومحاولاته لانقاذ الكيان من الصواريخ الإيرانية التي اظهرت تفوقاً على حسابات نتنياهو وخططه الحربية.
هنا…. حققت إيران اول انتصاراتها في الحرب، لان الضربة الامريكية كانت اعترافاً رسميا من ترامب بهزيمة نتنياهو وكيانه، وتأكيدًا واضحا على فشل الآلة العسكرية الإسرائيلية بمواجهة التفوق الايراني رغم الحصار المفروض عليها منذ نحو 40 عاما، وحتى تكتمل قصة الهزيمة اتضحت بان الضربة الامريكية كانت شكلية والمنشات الايرانية لم تتضرر والصدمة الاكثر وقعا على اسرائيل، اعلان إيران بان اليورانيوم المخصب نقل لاماكن اكثر امناً قبل ايام من الحرب، ليحاول بعدها ترامب التقليل من اهمية التصريحات الإيرانية واقناع نتنياهو بان المفاعلات النووية دمرت بالكامل، وحربه على طهران حققت أهدافها ولا داعي لاستمرارها، بالمقابل.. ايران اشهرت ورقة جديدة بالحرب ونفذت تهديداتها باستهداف القواعد الامريكية في المنطقة، ودشنتها بمهاجمة قاعدة العديد بدولة قطر، وهو ماجعل ترامب يبحث عن مخرج من هذه الحرب التي تورط فيها بسبب نتنياهو، لان ايران اثبتت جديتها واستعدادها لمهاجمة جميع المصالح الامريكية في الخليج والمنطقة اذا استمرت واشنطن بدعم الكيان، فكان اتفاق وقف اطلاق النار بطلب امريكي ورغبة اسرائيلية ووساطة قطرية.
صحيح… ان الحرب انتهت بهزيمة تاريخية للكيان الغاصب وخسائر كبيرة أصابت بنيته التحتية ودمرت منشاته النفطية ومحطات الكهرباء والمطارات وحتى معاهد الابحاث ومنها معهد ويزمان للابحاث التكنولوجية لم يسلم من الصواريخ الايرانية، إضافة لهزة كبيرة باقتصاده جعلت الراي العام في الداخل الاسرائيلي يصاب بخيمة امل من تصرفات حكومته، لكن المواجهة بين طهران وتل ابيب لم تسجل فصولها الأخيرة، والنار مازالت تحت الرماد، لان نتنياهو يدرك بان بقاء ايران النووية سيمنعه من تنفيذ مشروع مايسمى بالشرق الاوسط الجديد ورسم خارطة من النيل الى الفرات على أرض الواقع، كذلك ايران تؤمن بضرورة الاحتفاظ بقدراتها الصاروخية وملفها النووي باعتباره السلاح الوحيد الذي يضمن سلامتها امام المخططات الامريكية والاسرائيلية، وقوتها التي تستطيع من خلالها مساندة حركات التحرر على ارض فلسطين، فطهران التي خسرت سوريا وضعفت لديها جبهة جنوب لبنان لا يمكنها التنازل عن سلاحها الوحيد حتى لو كلفها القتال لأخر جندي في نظامها.
الخلاصة: ان إيران حققت ماعجز عنه العرب في صراعهم مع الكيان منذ اكثر من ستين عاما، ودمرت اسطورة الجيش الذي لا يهزم وكشفت للعالم والعرب خاصة، ضعف اسرائيل وهشاشة نظامها، واثبتت بالدليل القاطع بان شعارات السلام ودعوات التطبيع مجرد خطوات لابتلاع الشرق الاوسط وجعله تابعا لإسرائيل وخاضعا لقرارها، اما على الجانب الاخر اظهرت إيران تماسكا بجبهتها الداخلية وضربت مثالا بالتكاتف خلال الازمات، ولعل موقف المعارضة في الخارج المساند للنظام بمواجهة الكيان وعدوانه وتعاون المواطنين الذي احبط مخططات العملاء الذين استخدمتهم اسرائيل كورقة داخلية، دليل لا يقبل الشك على نجاح القيادة الايرانية بتجاوز الفخ الذي نسجت خيوطه واشنطن وتل ابيب رغم خسارتها العديد من قياداتها العسكرية وعلماء الطاقة النووية وتضرر محدود في البنى التحتية… اخيراً.. السؤال الذي لابد منه… هل هناك نصر اخر غير الذي حققته إيران بطلقتها الأخيرة؟….

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 5 ساعات
- شفق نيوز
فيديو.. تصعيد على الحدود العراقية: طائرات مسيّرة تخترق الأجواء الإيرانية والدفاعات الجوية تتصدى
أفاد مصدر أمني، ليل الأربعاء الخميس، بأن الدفاعات الجوية الإيرانية أسقطت طائرات مسيّرة "مجهولة الهوية" بالقرب من مدينة عبادان (المحمرة) جنوب غربي البلاد، على مقربة من الحدود مع العراق. ووفق مشاهد مصوّرة حصلت عليها وكالة شفق نيوز، أطلقت وحدات الدفاع الجوي الإيرانية نيرانًا مكثفة باتجاه ثلاث طائرات مسيرة على الأقل، كانت تحلّق في أجواء مدينة عبادان، وسُجّل سقوط واحدة منها داخل منطقة "الخرم" ضمن حدود ناحية السيبة العراقية، المحاذية للحدود الإيرانية. وقال مصدر أمني في البصرة، إن "المشاهد الميدانية التي وثقها المواطنون في السيبة تظهر تأهبًا أمنيًا واستنفارًا كبيرًا منذ الساعة التاسعة من مساء الأربعاء وحتى بعد منتصف الليل"، مشيرًا إلى أن عمليات التصدي ما تزال متواصلة من الجانب الإيراني. وأوضح أن "التحليق الكثيف للمسيّرات في المنطقة، أعقبه استنفار أمني على الجانب العراقي أيضًا، تحسبًا لأي تطور محتمل أو خرق للأجواء العراقية". تأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه المنطقة حالة من الهدوء الحذر بعد إعلان عن وقف إطلاق نار بين اسرائيل وإيران، في أعقاب تصعيد مسلح غير مسبوق، تضمن ضربات جوية نفذتها واشنطن على ثلاث منشآت نووية إيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان. الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن عقب الهجوم أن "البرنامج النووي الإيراني قد تم تدميره كليًا"، مؤكدًا أن الطائرات الأميركية "أصابت أهدافها بدقة عالية". لكن تقييمات استخباراتية أميركية سرّبت لاحقًا شككت في هذا الادعاء، معتبرة أن الضربات "أخّرت" البرنامج النووي لبضعة أشهر فقط، دون تدمير مخزون اليورانيوم أو أجهزة الطرد المركزي بشكل كامل.


موقع كتابات
منذ 5 ساعات
- موقع كتابات
بطلقة إيران… هزمت أمريكا والكيان
يقال في الحروب، ان الانتصار يسجل دائماً باسم صاحب الطلقة الأخيرة، وهي كلمات اختصرت مافعلته إيران بمعركة استمرت 12 يوما واجهت خلالها كياناً غاصباً مدعوماً من امريكا وغالبية الدول الأوروبية، ويبتعد العرب عن مواجهته بسبب اسطورة عمل على إشاعتها تحت عنوان، الجيش الذي لا يقهر والقبة الحديدة التي لا تخترق والموساد صاحب العمليات السرية والدقيقة، بهدف زرع الخوف حتى يتمكن من تحقيق مشروعه بابتلاع الشرق الاوسط قبل اصطدامه بطهران. بدأت الحرب بأسلوب اعتاد الكيان على ممارسته مع الرافضين لجرائمه وأطماعه من خلال استغلال المفاوضات بين واشنطن وطهران ليوجه ضرباته للعمق الايراني من خلال غارات جوية ، اعلن بان الهدف منها القضاء على البرنامج النووي الايراني وقتل جميع علماء الطاقة النووية وقادة الاجهزة الامنية وصولا الى تغيير النظام بعد اغتيال المرشد الاعلى السيد علي الخامنئي كما كانت تخطط تل ابيب، وبعلم واطلاع مباشر من قبل ادارة الرئيس الامريكي ترامب الذي شارك بخداع القيادة الايرانية باصراره على التمسك بالمفاوضات ورفضه أمام وسائل الإعلام منح الموافقة للكيان بمهاجمة الجارة الشرقية، ليخرج بعدها الرئيس الأمريكي 'منتشيا' بالنصر يتبادل التهاني مع نتنياهو معتقدا بان العملية انتهت، واجنحة إيران كسرت وسترضخ لجميع مطالب تل ابيب وواشنطن. لكن المفاجأة… ايران وبعد ساعتين امتصت الصدمة وعادت للواجهة بإمتلاك زمام المبادرة واصدرت قياداتها اوامر بتعيين بدلاء عن القيادات العسكرية الذين اغتالهم الكيان، والمباشرة بالرد على الهجوم بموجات من الطائرات المسيرة والصواريخ البالستية التي ارعبت الكيان لدى وصولها إلى تل ابيب بسرعة غير متوقعة، متجاوزة صورايخ القبة الحديدية التي يتفاخر الكيان بوجودها لحماية مستوطناته، وحتى طوق الحماية الذي حاولت بعض الدول العربية صناعته في اجوائها فشل بالتصدي لتلك الصورايخ، التي اصابت اهدافها بدقة جعلت نتنياهو يقف 'مذهولا' ودفعت ترامب للتراجع عن تصريحات الفرح والشماتة بايران، وجعلته يخرج علينا عبر شاشات التلفاز بعشرات التصريحات المتناقضة خلال اقل من 24 ساعة، فمرة يهدد ايران واخرى يلوم نتنياهو وبعدها يتحدث عن ضرورة ايقاف التصعيد، وحينما ادرك بان المعركة ذاهبة باتجاه هزيمة الكيان الإسرائيلي قرر استهداف المفاعلات النووية، بطريقة الحيلة والغدر، لان ترامب قبل يومين من تنفيذ الطائرات الامريكية عملياتها ضد المنشات النووية منح طهران مهلة اسبوعين من اجل العودة للمفاوضات وايقاف الحرب، لكنه لم يلتزم بالمهلة التي حددها بنفسه، لاسباب عديدة ابرزها ضغوطات اللوبي الصهيوني في امريكا ومحاولاته لانقاذ الكيان من الصواريخ الإيرانية التي اظهرت تفوقاً على حسابات نتنياهو وخططه الحربية. هنا…. حققت إيران اول انتصاراتها في الحرب، لان الضربة الامريكية كانت اعترافاً رسميا من ترامب بهزيمة نتنياهو وكيانه، وتأكيدًا واضحا على فشل الآلة العسكرية الإسرائيلية بمواجهة التفوق الايراني رغم الحصار المفروض عليها منذ نحو 40 عاما، وحتى تكتمل قصة الهزيمة اتضحت بان الضربة الامريكية كانت شكلية والمنشات الايرانية لم تتضرر والصدمة الاكثر وقعا على اسرائيل، اعلان إيران بان اليورانيوم المخصب نقل لاماكن اكثر امناً قبل ايام من الحرب، ليحاول بعدها ترامب التقليل من اهمية التصريحات الإيرانية واقناع نتنياهو بان المفاعلات النووية دمرت بالكامل، وحربه على طهران حققت أهدافها ولا داعي لاستمرارها، بالمقابل.. ايران اشهرت ورقة جديدة بالحرب ونفذت تهديداتها باستهداف القواعد الامريكية في المنطقة، ودشنتها بمهاجمة قاعدة العديد بدولة قطر، وهو ماجعل ترامب يبحث عن مخرج من هذه الحرب التي تورط فيها بسبب نتنياهو، لان ايران اثبتت جديتها واستعدادها لمهاجمة جميع المصالح الامريكية في الخليج والمنطقة اذا استمرت واشنطن بدعم الكيان، فكان اتفاق وقف اطلاق النار بطلب امريكي ورغبة اسرائيلية ووساطة قطرية. صحيح… ان الحرب انتهت بهزيمة تاريخية للكيان الغاصب وخسائر كبيرة أصابت بنيته التحتية ودمرت منشاته النفطية ومحطات الكهرباء والمطارات وحتى معاهد الابحاث ومنها معهد ويزمان للابحاث التكنولوجية لم يسلم من الصواريخ الايرانية، إضافة لهزة كبيرة باقتصاده جعلت الراي العام في الداخل الاسرائيلي يصاب بخيمة امل من تصرفات حكومته، لكن المواجهة بين طهران وتل ابيب لم تسجل فصولها الأخيرة، والنار مازالت تحت الرماد، لان نتنياهو يدرك بان بقاء ايران النووية سيمنعه من تنفيذ مشروع مايسمى بالشرق الاوسط الجديد ورسم خارطة من النيل الى الفرات على أرض الواقع، كذلك ايران تؤمن بضرورة الاحتفاظ بقدراتها الصاروخية وملفها النووي باعتباره السلاح الوحيد الذي يضمن سلامتها امام المخططات الامريكية والاسرائيلية، وقوتها التي تستطيع من خلالها مساندة حركات التحرر على ارض فلسطين، فطهران التي خسرت سوريا وضعفت لديها جبهة جنوب لبنان لا يمكنها التنازل عن سلاحها الوحيد حتى لو كلفها القتال لأخر جندي في نظامها. الخلاصة: ان إيران حققت ماعجز عنه العرب في صراعهم مع الكيان منذ اكثر من ستين عاما، ودمرت اسطورة الجيش الذي لا يهزم وكشفت للعالم والعرب خاصة، ضعف اسرائيل وهشاشة نظامها، واثبتت بالدليل القاطع بان شعارات السلام ودعوات التطبيع مجرد خطوات لابتلاع الشرق الاوسط وجعله تابعا لإسرائيل وخاضعا لقرارها، اما على الجانب الاخر اظهرت إيران تماسكا بجبهتها الداخلية وضربت مثالا بالتكاتف خلال الازمات، ولعل موقف المعارضة في الخارج المساند للنظام بمواجهة الكيان وعدوانه وتعاون المواطنين الذي احبط مخططات العملاء الذين استخدمتهم اسرائيل كورقة داخلية، دليل لا يقبل الشك على نجاح القيادة الايرانية بتجاوز الفخ الذي نسجت خيوطه واشنطن وتل ابيب رغم خسارتها العديد من قياداتها العسكرية وعلماء الطاقة النووية وتضرر محدود في البنى التحتية… اخيراً.. السؤال الذي لابد منه… هل هناك نصر اخر غير الذي حققته إيران بطلقتها الأخيرة؟….


موقع كتابات
منذ 5 ساعات
- موقع كتابات
هل كسبت إيران لعبة الحرب؟!
أعلن يوم 24/6/ 2025 وقف أطلاق النار بين إسرائيل وايران رغم الخروقات البسيطة التي حدثت من قبل الطرفين ، بعد أن خاضوا حرب خاطفة وسريعة بدأت يوم 13 / من شهر حزيران الجاري ، والغريب في الأمر أن وقف أطلاق النار جاء بطلب من الرئيس الأمريكي ترامب نفسه! الذي كان قد أمر قبل يومين! يعني يوم الاحد الفائت الموافق 22/ من هذا الشهر بضرب المفاعلات النووية الايرانية ( فوردو – نتنز – أصفهان) وتم التنفيذ بنجاح حسب اعلان المتحدث الرسمي للبيت الأبيض! . ومثلما لم تثني الضربة المفاجأة الأولى التي نفذتها إسرائيل مساء يوم 13/ حزيران والتي أدت الى قتل صفوة من القادة العسكريين من الجيش الايراني والحرس الثوري وعدد من العلماء المسؤولين عن البرنامج النووي ، حيث استطاعت ايران أن تلتقط أنفاسها بسرعة لترد بقوة وقسوة وتحرك صواريخها الباليستية والفرط الصوتية الى إسرائيل ، ولم تسلم مدينة اسرائيلية من الصواريخ الإيرانية ، كما تم استهداف (مطار بن غورين) الذي خرج من الخدمة ! وهذا الاستهداف مهم جدا لكون المطارات تمثل سيادة الدولة! . ومما لا شك فيه ، أن الضربات الايرانية أربكت الداخل الاسرائيلي وخلقت غضبا شعبيا عارما وضاغطا ومطالبا حكومة نتنياهو بضرورة وقف اطلاق النار! . نعود بالقول فأن ضرب المفاعلات النووية الايرانية لم يثني أيران أيضا ويعجّزها ، فأعلنت بان كافة المصالح الامريكية بالمنطقة تعتبر أهداف للصواريخ الايرانية! ، وبالفعل سرعان ما نفذت تهديدها باستهداف ( قاعدة العديد) في قطر ، ولكن بعد ان اخبرت أمريكا وقطر بذلك!!، حسب ( قواعد اشتباك) متفق عليها ومعمول فيها في الحروب ، وتم استهداف القاعدة بصواريخ وقعت على حدود القاعدة الخارجية! ، وكانت تلك الضربة رسالة واضحة وقوية فهمتها أمريكا وباقي دول المنطقة بما فيهم إسرائيل نفسها ، بان أيران قادرة على كل شيء وانها اذا وعدت نفذت وعدها وتهديدها!. وبعد ان توقع العالم بان القيامة ستقوم بعد هذا الاستهداف رغم رمزيته! ، واذا بالعالم يتفاجأ بإعلان وقف أطلاق النار يوم 24/6! . ومما لا شك فيه ، فهناك المزيد من الأسئلة تطرح نفسها في هذه الحرب الخاطفة ، كيف بدأت وكيف توقفت فجأة!؟ ، والحروب عندما تبدأ وتنتهي لا بد من ان يكون هناك طرف منتصر وطرف خاسر ، والسؤال هو : من الذي انتصر في المعركة ؟ هل انتصرت اسرائيل أم أيران؟ ، فمثلما لا يوجد ملامح انتصار حقيقي وواضح لأحد اطراف المعركة ! بالمقابل أيضا لا توجد ملامح لهزيمة واضحة لدى احد الأطراف! ، فكل طرف يدعي بأنه هو المنتصر! ، لا سيما أن الطرفان كانا يتبادلان الضربات ضربة بضربة ، عندها نسأل ما الذي جرى اذاً ؟ وهل سيتم بعدها الجلوس الى طاولة المفاوضات؟ ، فالمعروف أنه وبعد نهاية كل حرب ومعركة تجلس الأطراف المحاربة للتفاوض؟ فكيف سيكون شكل التفاوض؟ لا سيما لم يعرف بوضوح من هو الخاسر ومنه المنتصر؟ ثم أين ستكون المفاوضات؟ ومن هو الطرف الثالث الذي سيرعى الاتفاق والتفاوض؟ هل هي أمريكا نفسها الشيطان الأكبر ؟ ام روسيا أو الصين؟ ، وهنا نكرر القول لا بد من أن يكون في المفاوضات ، غالب وهناك مغلوب تملى علية الشروط ، كما حدث مع العراق بعد حرب الكويت ومفاوضات خيمة صفوان!!؟ ، ثم بماذا نفسر تصريح الرئيس الامريكي ترامب بان هناك مستقبل عظيم ينتظر ايران وإسرائيل في حال وقف اطلاق النار؟ وهل ستاتي أيران الى المفاوضات بنفس الشروط التي تريدها أمريكا منها وهي ( صفر يورانيوم ، وصفر صواريخ بالستية)؟ ، ونسأل أيضا ، وهل أن لقاء وزير خارجية أيران عراقجي قبل يومين مع الرئيس الروسي بوتين ، دفع بإيران بالموافقة على إيقاف العمل بالبرنامج النووي ، على ان يكون التخصيب في روسيا ؟ لا سيما وأن موضوع تخصيب اليورانيوم خارج إيران كان موضوع نقاش في المفاوضات التي جرت قبل الحرب؟ ، وهل وافقت أمريكا وإسرائيل على ذلك؟ وكيف ستثق أمريكا واسرائيل بروسيا وهم يعرفونها هي صديقة وحليفة لإيران؟ ، وهم ضمن المحور الثلاثي ( الصين – روسيا – ايران)؟ ، ام أن ضغط الشارع الاسرائيلي على نتنياهو هو الذي أدى الى وقف الحرب؟ ، بعد أن قلبت الصواريخ الايرانية حياتهم الى جحيم لاسيما وأن إسرائيل في كل الحروب التي خاضتها مع العرب ( 1948 – 1956 – 1967 – 1973 ) لم تصل طلقة واحدة! الى داخل المدن الإسرائيلية؟ ، هذا أذا أستثنينا ال ( 39) صاروخ التي ضربت إسرائيل أبان عهد الرئيس العراقي السابق! ، فهل كل هذه الأسباب دفعت بالطرفين الى الموافقة على وقف أطلاق النار، أم هناك أسباب أخرى ستكشف مستقبلا؟ . وتبقى الأسئلة قائمة لنسأل هنا : هل أن هذه الحرب الخاطفة ، هي النهاية المرسومة ضمن توصيف شكل الشرق الأوسط الجديد الذي ارادته إسرائيل وأمريكا ؟ وهل هذا يعني انتهاء الهلال الشيعي في المنطقة؟ ، وسيتم تحجيم أيران وحصرها ضمن رقعتها الجغرافية ، والقضاء على كل أذرعها بالمنطقة؟ ، مقابل ان تحصل على كافة أموالها المجمدة والتي تقارب ال 120 مليار دولار! ، مع وعود بان تفتح صفحة جديدة من التعاون مع أمريكا!! ، لا سيما وان ايران أعلنت وقبل بدأ الحرب بانها مستعدة بان تسمح للشركات الأمريكية بالاستثمار في أيران بعشرات المليارات من الدولارات!؟ ، ثم ماذا بشأن اذرع ايران في المنطقة ( العراق – لبنان- اليمن ) ، فهل ستتخلى عنهم ايران مقابل مكاسب مالية ضخمة ووعود بأمن وامان وسلام وازدهار وتطور؟، وبعد أن يتحول الشيطان الأكبر الى الصديق الأكبر!؟ لا سيما وأن ايران معروفة بأنها تفكر بمصالحها القومية والسياسية وتضعها بالأعتبار الأول ، وهذا من حقها! ، وعلينا أن لا ننسى القاعدة الأساسية في عالم السياسة بانه ( لا عداوات دائمة ، ولا صداقات دائمة ، بل هناك مصالح دائمة) ، وبالتالي ما المانع أمام مصالح إيران القومية والسياسية العليا ، أن تكسب أمريكا ، وان تتخلى عن أذرعها بالمنطقة ان كانوا في ( العراق أو لبنان أو اليمن )!! . الذي نريد أن نقوله أن أسرار هذه الحرب لا أحد يعرفها؟ ولا احد يعرف كيف بدأت؟ وهل حدد لها هذا الموعد لتنتهي؟ وهل وافقت أيران ان توقف الحرب امام مكاسب مالية ضخمة ورفع الحصار المفروض عليها منذ عام 1980 !؟ تبقى في الحروب أسرار ليس بالضرورة أن يعرفها العالم . وبالتالي ومن وجهة نظري المتواضعة أرى ان ايران هي المنتصرة في لعبة الحرب هذه ، مهما كان نوع الاتفاق معها! ، فموضوع البرنامج النووي وتخصيب اليورانيوم والوصول الى صناعة القنبلة النووية وتهديد المنطقة بها وإسرائيل تحديدا! وما الى ذلك ، أرى أن إيران عرفت كيف تلعب بهذه الأوراق بذكاء عالي تحسد عليه!. فهي بالأكيد بعد وقف اطلاق النار ، ستسترجع كافة أموالها المجمدة والمهم والأهم من كل ذلك هو رفع الحصار المفروض عليها منذ 45 عاما!؟ بدون التخلي عن تخصيب اليورانيوم بل سيكون في دولة أخرى ويكون لأغراض سلمية! ، وهذا المهم لدى إسرائيل وامريكا والغرب ودول المنطقة! أن لا يكون هناك أي برنامج نووي حربي! . أخيرا نقول: تبقى الكثير من الحقائق غائبة ، وليس كل ما يعرف من أسرار الحروب يقال ويعلن عنه ؟ ، ففي كل حرب هناك اسرار واتفاقات ، وأخيرا أن كل شعوب العالم تكره الحروب وتريد السلام والعيش بأمان ، أن كانت أيران أو إسرائيل أو العراق.