
قطار مسقط صلالة.. مستقبل التنمية
إن الطريق المؤدي لمحافظة ظفار (جنة الخير)، رغم التطوير الكبير فيه، لا يزال يشهد حوادث مأساوية تؤدي إلى فقدان أرواح بريئة، خاصة في الجزء غير المزدوج المُمتد قرابة 400 كم.
وفيما تبذل الدولة جهودًا مستمرة لتوسعة الطرق وتطويرها وتقنين السرعة وتركيب الرادارات الثابتة والمتحركة، تظل الحاجة قائمة لحلول جذرية وآمنة وعصرية. ومن هنا تبرز فكرة مشروع "القطار الرابط بين مسقط وصلالة" كخيار وطني إستراتيجي.
وهناك عدة فوائد يمكن جنيها من مشروع القطار الذي سيربط بين مسقط وصلالة منها تفادي مخاطر حوادث السيارات والحافلات الناتجة بسبب التعب والإرهاق نتيجة السفر الطويل أو أخطاء السيارات الأخرى سواء كانت رحلات فردية أم جماعية أو حتى التهور أحياناً، خاصة في موسم الخريف الذي يستقطب السياح من الدول المجاورة الشقيقة ومن دول العالم.
كما سيعمل القطار على توفير خدمة نقل الركاب والبضائع معًا براحة وسرعة، وكذلك سيتيح نقل المركبات والبضائع بين مسقط وصلالة، وسيسهم ذلك في خفض تكاليف الشحن والنقل التجاري. هذا فضلا عن توفير فرص كبيرة لتشغيل الشباب العماني في الخدمات اللوجستية مثل بيع التذاكر، وتقديم خدمات الضيافة للمسافرين، وخدمات الأمن والسلامة. وأعمال صيانة القطارات والتقنيات المرتبطة بها. وتوفير خدمات الإمدادات، المطاعم والمقاهي، سيارات الأجرة والنقل من المحطات وإليها.
وسيحفز المشروع المدن الواقعة على جانبي الطريق، فالقطار سيتوقف في محطات رئيسية بالمدن الرئيسية وكذلك بعض الولايات حسب مسار الطريق، مما يعزز الحركة التجارية والخدمية فيها، وأيضاً السياحة الداخلية لمُشاهدة بقية الولايات في الطريق إلى جنوب عمان.
ويمكن جني العديد من الفوائد الاستراتيجية لمشروع القطار، التي تتجاوز مجرد النقل لتشكل رافعة للتنمية الوطنية الشاملة. فمن أبرز هذه الفوائد تعزيز التكامل الوطني من خلال ربط شمال السلطنة بجنوبها، مما يسهم في ترسيخ اللحمة الوطنية، إضافة إلى تخفيف الضغط على الطرق العامة وتقليل الازدحام وتكاليف صيانة الطرق البرية. كما يوفر القطار جاهزية عالية للطوارئ والكوارث عبر إمكانية نقل الإمدادات أو المسافرين بسرعة وفعالية. ويُعد المشروع أيضًا محفزًا قويًا للاستثمار المحلي والإقليمي، حيث تنشط المدن والمحطات الواقعة على طول المسار من خلال استثمارات في قطاعات كالفنادق، والمستودعات، والخدمات، والمطاعم. كما يسهم القطار في زيادة إنتاجية الأفراد من خلال توفير الوقت وتقليل الإرهاق، فضلًا عن فتح آفاق لربط اقتصادي مستقبلي مع دول الخليج من خلال الارتباط بمشروع القطار الخليجي الموحد، بما يعزز التبادل التجاري والسياحي. وإضافة إلى ذلك، يُعد المشروع خطوة نحو تشغيل منظومة نقل حديثة ومستدامة، بفضل كونه وسيلة صديقة للبيئة تسهم في تقليل انبعاثات الكربون ودعم الاقتصاد منخفض الانبعاثات، إلى جانب دوره في دعم التوسع العمراني المستقبلي من خلال تشجيع نشأة مدن جديدة على طول مساراته. أما من حيث التمويل والتشغيل، فإن المشروع يمكن تنفيذه عبر نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) القائم على التصميم والتشغيل ثم النقل، حيث تتولى شركة عالمية مختصة تمويل وبناء وتشغيل المشروع لسنوات وفقًا للعقد، على أن يُسلّم للدولة لاحقًا مع استمرار خدمات الصيانة، مما يجنّب الميزانية العامة أعباء مالية مباشرة ويوفر لها دخلًا من العوائد التشغيلية خلال فترة الامتياز. وبذلك يتضح أن مشروع ربط مسقط بصلالة بالقطار ليس مجرد وسيلة نقل، بل هو مشروع وطني استراتيجي يدمج بين الأمان، والتنمية، والتشغيل، والاستثمار، والتكامل الوطني.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
منذ 5 أيام
- جريدة الرؤية
حلقة عمل لإعداد خارطة طريق وطنية للاقتصاد الدائري
مسقط- الرؤية عقدت وزارة الاقتصاد، الإثنين، حلقة العمل الثانية حول "مشروع احتساب فجوة الاقتصاد الدائري في سلطنة عُمان"، وذلك بحضور سعادة الدكتور ناصر بن راشد المعولي وكيل وزارة الاقتصاد، وعدد من أصحاب السعادة والمختصين من الجهات الحكومية والقطاع الخاص، بهدف إعداد خارطة طريق وطنية للاقتصاد الدائري. بدأت حلقة العمل بكلمة الوزارة من تقديم أحمد بن سعيد السيابي مدير عام السياسات والبرامج الاقتصادية بوزارة الاقتصاد، أكد فيها أن الحلقة تهدف إلى استعراض ومناقشة النتائج الأولية لاحتساب خط الأساس لفجوة الاقتصاد الدائري في مختلف القطاعات، وطرح بعض المبادرات المصاحبة للمشروع مثل البرامج التدريبية والمنصة التفاعلية المقترحة لاستعراض نتائج ومخرجات المشروع، بالإضافة إلى تقديم نماذج أولية لتأثير تطبيق سياسات الاقتصاد الدائري على المؤشرات البيئية والاقتصادية بما فيها مؤشرات فرص العمل. وأشار السيابي في كلمته إلى أهمية الاقتصاد الدائري في ضوء التحولات العالمية المتسارعة لمواجهة آثار التغير المناخي، والاستغلال غير المستدام للموارد. بالإضافة إلى توجهات رؤية عمان 2040 الاستراتيجية لمحور "البيئة المستدامة" بتحقيق التوازن بين الأبعاد البيئية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال حماية الموارد الطبيعية وضمان استدامتها، ليس فقط لتقليل الانبعاثات، ولكن كضرورة ملحة لدعم التنويع الاقتصادي وتعزيز النمو واستحداث فرص عمل جديدة في مجالات الطاقة المتجددة وإدارة الانبعاثات وإعادة التدوير. وفي إطار هذه التوجهات، تسعى سلطنة عُمان لتحقيق الحياد الصفري ضمن أولوياتها الوطنية، كما تبنت نهج التحول التدريجي الى الاقتصاد الأخضر والدائري، وتنويع مصادر الطاقة المتجددة بهدف الوصول إلى اقتصاد مستدام منخفض الكربون بما يدعم تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والمحافظة على الموارد للأجيال القادمة. وتتمثل أهمية الاقتصاد الدائري بدوره المحوري في تعزيز الاستدامة، وكفاءة استغلال الموارد وتقليل الهدر وإعادة التدوير كنموذج مستدام بدلاً من النموذج التقليدي القائم على استنزاف الموارد. وتضمنت حلقة العمل تقديم عروض مرئية لعرض تطورات دراسة احتساب فجوة الاقتصاد الدائري في سلطنة عمان وعرض ومناقشة النتائج الأولية للمشروع. كما شارك الحضور في مجموعات نقاشية لعرض ومناقشة نماذج وسيناريوهات قياس تأثير تطبيق استراتيجيات وسياسات الاقتصاد الدائري على الأثر البيئي وفرص العمل. وتأتي حلقة العمل لاستكمال حلقات التشاور والتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية والقطاع الخاص والقطاع الأكاديمي والمجتمع المدني، بشأن تعزيز دور الاقتصاد الدائري في سلطنة عُمان. حيث تبنت وزارة الاقتصاد بالتعاون مع الشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة "بيئة"، ومؤسسة سيركل ايكونومي Circle Economy Foundation، مشروع "احتساب فجوة الاقتصاد الدائري في سلطنة عمان".


الشبيبة
منذ 5 أيام
- الشبيبة
مشروع احتساب فجوة الاقتصاد الدائري في سلطنة عُمان
الشبيبة - العمانية نظمت وزارة الاقتصاد اليوم حلقة العمل الثانية حول 'مشروع احتساب فجوة الاقتصاد الدائري في سلطنة عُمان" التي تهدف إلى إعداد خارطة طريق وطنية للاقتصاد الدائري. ووضح سعادةُ الدكتور ناصر بن راشد المعولي، وكيل وزارة الاقتصاد أن مشروع احتساب فجوة الاقتصاد الدائري في سلطنة عُمان يعد الأول من نوعه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في إطار حرص سلطنة عُمان على تحقيق الحياد الصفري على 2050. وقال سعادتُه في تصريح صحفي له إن هذا المشروع الوطني المهم يهدف إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة أبرزها تحديد خط الأساس الوطني لقياس فجوة الاقتصاد الدائري ومقارنتها ببعض الدول وتصميم خارطة طريق للاقتصاد الدائري في سلطنة عُمان، وتمكين القدرات الوطنية وتعزيزها في مجال الاقتصاد الدائرة للقطاعين العام والخاص. وأكد سعادةُ الدكتور ناصر المعولي على أن المشروع سوف يحقق تنمية اقتصادية مستدامة منخفضة الكربون وسيسهم في إيجاد فرص استثمارية جديدة في مجالات متجددة تتعلق بالطاقة البديلة، والاقتصاد الأخضر. وكان أحمد بن سعيد السيابي مدير عام السياسات والبرامج الاقتصادية بوزارة الاقتصاد قد ألقى كلمة في بداية حلقة العمل أكد فيها على أن الحلقة تهدف إلى استعراض ومناقشة النتائج الأولية لاحتساب خط الأساس لفجوة الاقتصاد الدائري في مختلف القطاعات، وطرح بعض المبادرات المصاحبة للمشروع مثل البرامج التدريبية والمنصة التفاعلية المقترحة لاستعراض نتائج ومخرجات المشروع بالإضافة إلى تقديم نماذج أولية لتأثير تطبيق سياسات الاقتصاد الدائري على المؤشرات البيئية والاقتصادية بما فيها مؤشرات فرص العمل. وتم خلال الحلقة تقديم عروض مرئية لعرض تطورات دراسة احتساب فجوة الاقتصاد الدائري في سلطنة عُمان وعرض ومناقشة النتائج الأولية للمشروع. كما شارك الحضور في مجموعات لعرض ومناقشة نماذج وسيناريوهات قياس تأثير تطبيق استراتيجيات وسياسات الاقتصاد الدائري على الأثر البيئي وفرص العمل. وتأتي حلقة عمل اليوم لاستكمال حلقات التشاور والتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية والقطاع الخاص والقطاع الأكاديمي والمجتمع المدني، بشأن تعزيز دور الاقتصاد الدائري في سلطنة عُمان. حيث تبنت وزارة الاقتصاد بالتعاون مع الشركة العُمانية القابضة لخدمات البيئة "بيئة"، ومؤسسة سيركل ايكونومي ، ومشروع 'احتساب فجوة الاقتصاد الدائري في سلطنة عُمان. وتتمثل أهمية الاقتصاد الدائري بدوره المحوري في تعزيز الاستدامة، وكفاءة استغلال الموارد وتقليل الهدر وإعادة التدوير كنموذج مستدام بدلا من النموذج التقليدي القائم على استنزاف الموارد.


جريدة الرؤية
١٥-٠٧-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
قطار مسقط صلالة.. مستقبل التنمية
علي بن حبيب اللواتي إن الطريق المؤدي لمحافظة ظفار (جنة الخير)، رغم التطوير الكبير فيه، لا يزال يشهد حوادث مأساوية تؤدي إلى فقدان أرواح بريئة، خاصة في الجزء غير المزدوج المُمتد قرابة 400 كم. وفيما تبذل الدولة جهودًا مستمرة لتوسعة الطرق وتطويرها وتقنين السرعة وتركيب الرادارات الثابتة والمتحركة، تظل الحاجة قائمة لحلول جذرية وآمنة وعصرية. ومن هنا تبرز فكرة مشروع "القطار الرابط بين مسقط وصلالة" كخيار وطني إستراتيجي. وهناك عدة فوائد يمكن جنيها من مشروع القطار الذي سيربط بين مسقط وصلالة منها تفادي مخاطر حوادث السيارات والحافلات الناتجة بسبب التعب والإرهاق نتيجة السفر الطويل أو أخطاء السيارات الأخرى سواء كانت رحلات فردية أم جماعية أو حتى التهور أحياناً، خاصة في موسم الخريف الذي يستقطب السياح من الدول المجاورة الشقيقة ومن دول العالم. كما سيعمل القطار على توفير خدمة نقل الركاب والبضائع معًا براحة وسرعة، وكذلك سيتيح نقل المركبات والبضائع بين مسقط وصلالة، وسيسهم ذلك في خفض تكاليف الشحن والنقل التجاري. هذا فضلا عن توفير فرص كبيرة لتشغيل الشباب العماني في الخدمات اللوجستية مثل بيع التذاكر، وتقديم خدمات الضيافة للمسافرين، وخدمات الأمن والسلامة. وأعمال صيانة القطارات والتقنيات المرتبطة بها. وتوفير خدمات الإمدادات، المطاعم والمقاهي، سيارات الأجرة والنقل من المحطات وإليها. وسيحفز المشروع المدن الواقعة على جانبي الطريق، فالقطار سيتوقف في محطات رئيسية بالمدن الرئيسية وكذلك بعض الولايات حسب مسار الطريق، مما يعزز الحركة التجارية والخدمية فيها، وأيضاً السياحة الداخلية لمُشاهدة بقية الولايات في الطريق إلى جنوب عمان. ويمكن جني العديد من الفوائد الاستراتيجية لمشروع القطار، التي تتجاوز مجرد النقل لتشكل رافعة للتنمية الوطنية الشاملة. فمن أبرز هذه الفوائد تعزيز التكامل الوطني من خلال ربط شمال السلطنة بجنوبها، مما يسهم في ترسيخ اللحمة الوطنية، إضافة إلى تخفيف الضغط على الطرق العامة وتقليل الازدحام وتكاليف صيانة الطرق البرية. كما يوفر القطار جاهزية عالية للطوارئ والكوارث عبر إمكانية نقل الإمدادات أو المسافرين بسرعة وفعالية. ويُعد المشروع أيضًا محفزًا قويًا للاستثمار المحلي والإقليمي، حيث تنشط المدن والمحطات الواقعة على طول المسار من خلال استثمارات في قطاعات كالفنادق، والمستودعات، والخدمات، والمطاعم. كما يسهم القطار في زيادة إنتاجية الأفراد من خلال توفير الوقت وتقليل الإرهاق، فضلًا عن فتح آفاق لربط اقتصادي مستقبلي مع دول الخليج من خلال الارتباط بمشروع القطار الخليجي الموحد، بما يعزز التبادل التجاري والسياحي. وإضافة إلى ذلك، يُعد المشروع خطوة نحو تشغيل منظومة نقل حديثة ومستدامة، بفضل كونه وسيلة صديقة للبيئة تسهم في تقليل انبعاثات الكربون ودعم الاقتصاد منخفض الانبعاثات، إلى جانب دوره في دعم التوسع العمراني المستقبلي من خلال تشجيع نشأة مدن جديدة على طول مساراته. أما من حيث التمويل والتشغيل، فإن المشروع يمكن تنفيذه عبر نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) القائم على التصميم والتشغيل ثم النقل، حيث تتولى شركة عالمية مختصة تمويل وبناء وتشغيل المشروع لسنوات وفقًا للعقد، على أن يُسلّم للدولة لاحقًا مع استمرار خدمات الصيانة، مما يجنّب الميزانية العامة أعباء مالية مباشرة ويوفر لها دخلًا من العوائد التشغيلية خلال فترة الامتياز. وبذلك يتضح أن مشروع ربط مسقط بصلالة بالقطار ليس مجرد وسيلة نقل، بل هو مشروع وطني استراتيجي يدمج بين الأمان، والتنمية، والتشغيل، والاستثمار، والتكامل الوطني.